الفتى الذهبي
03-18-2010, 11:57 AM
فهد عامر الأحمدي - الرياض
فكرة هذا المقال خطرت ببالي أثناء كتابة مقال أمس الذي استعرضت فيه نماذج لشخصيات غربية وأجنبية مهووسة بأهرامات الجيزة (لدرجة تأسيس طوائف دينية وأديان وضعية تتمحور حولها) .. فهناك مثلا الأمريكي "ادجار كيثى" الذي ادعى قدسية الهرم الأكبر وطالب أتباعه (الذين يتجاوز عددهم 13 مليونا) بالحج إليه باعتباره صرحا إلهيا ومخزنا للعلوم القديمة... وهناك "مجموعة الروزاكشين " التي يبلغ عدد أفرادها أربعة ملايين شخص ويعتقدون أنهم من سلالة الفراعنة ... وهناك أيضا طائفة الرمز 11/11 اليهودية التي تعتقد أن الهرم الأكبر هو الأثر الوحيد الباقي من عالم ماقبل الطوفان ويخفي أسرار العهد القديم ... أما أفراد "جمعية دمنهور" الايطالية فيعتقدون أنهم احفاد الملك خوفو وأنهم الأحق بامتلاك الهرم الأكبر ... في حين يعتقد أفراد الشراينزا الفرنسية أن مخلوقات فضائية بنت الأهرامات وعلّمت البشر أسرار الزراعة وبناء الحضارات ... وهذه الأيام هناك عالم آثار أمريكي يدعى لارى هاندر يحاول إقناع مديرية الآثار المصرية بأن مزامير داود مدفونة تحت الهرم وان استخراجها سيحقق السلام للعالم كله !!!
... ولكن في المقابل ؛ يجب أن نتذكر جيدا أن علاقة "الغربيين" بالأهرامات لا تقارن من حيث التاريخ والجغرافيا بعلاقتها مع العرب والمسلمين .. وبالتالي نحن أيضا لدينا الكثير من المجانين والمهوسيين والمغامرين الذين بنوا أحلامهم المجنونة حول أهرامات الجيزة ..
فها هو القزويني مثلا يدعي ان في الاهرامات "ما لا يوصف من الذهب" وانها بنيت لحماية كنوز المعرفة القديمة من آثار "الطوفان" وأن السعيد من يعثر عليها .. أما الخليفة المأمون فتملكته قناعة بوجود "لفائف الحكمة القديمة" داخل الهرم فأمر بضربه بالمنجنيقات ثم أمر بنقبه بالمعاول حتى يئس جنوده وكادوا يتمردون عليه .. ومجرد ادعاءات كهذه تؤجج في كل مرة شائعات شعبية تدعي العثور على كنوز قارون أو خاتم سليمان أو مزامير داود أو حتى اكتشاف مدخل الى جوف الأرض حيث يعيش الجن والشياطين ... !!
وفي الحقيقة ما من كتاب في تراثنا العربي والإسلامي إلا حاول تقديم فرضية خيالية وربما خارجة عن المنطق بخصوص الأهرامات وسبب بنائها .. فالبعض مثلا افترض أنها معابد لتبجيل السماء، وآخرون ادعوا أنها مستودعات للعلوم والحكم، وفئة ثالثة قالوا إنها مجرد مخازن للحبوب والغلال، في حين اقترب آخرون من الحقيقة وقالوا إن الأهرامات ذاتها تجسيد للمقاييس الكونية وإنها بنيت حسب مواقع النجوم المسماة أورسا الصغرى وأورسا الكبرى !
... أيضا لا ننسى أن بعض المؤرخين العرب نسبوا بناء الأهرامات إلى شداد بن عاد، وآخرون نسبوه إلى يوسف وإدريس عليهما السلام، وفئة ثالثة إلى سويرد بن سلهوق ورابعة إلى الإسكندر الأكبر.. فقد جاء عن ابن كثير مثلا أن سويرد بن سلهوق (أحد حكام مصر قبل الطوفان) حلم بأن الأرض أصابها خراب كبير بسبب الطوفان فأمر ببناء الأهرامات لحفظ "تراث الأجداد" ونفائس الحكمة ولكن نفس الرواية نسمعها في مواضع أخرى تنسب الى ملك يدعى شوندين ثم الى إدريس عليه السلام بعد حلم مشابه…
كل هذه الافتراضات (تعيدنا نقطة إلى الصفر) وتذكرنا بحقيقتين أراهما أهم من الأهرامات ذاتها:
الحقيقة الأولى: هي عدم جدوى كثير من فرضيات التراث القديمة (كونها مجرد آراء تنظيرية أو اعتقادات شخصية أو حتى اقتباسات من الاسرائيليات لا تعتمد على أبحاث ميدانية أو أدلة احفورية)!
أما الثانية : فهي أن الأهرامات ذاتها ستبقى من حقائق الدنيا القليلة التي لم / ولن يكف الجدل حولها حتى قيام الساعة (لأسباب تاريخية وثقافية بل وإنشائية يصعب التوفيق بينها) !!
... والآن أيها السادة ؛ من منكم يعرف أين ذكر بناء الأهرامات في القرآن؟
http://www.alriyadh.com/2010/03/18/article507681.html
فكرة هذا المقال خطرت ببالي أثناء كتابة مقال أمس الذي استعرضت فيه نماذج لشخصيات غربية وأجنبية مهووسة بأهرامات الجيزة (لدرجة تأسيس طوائف دينية وأديان وضعية تتمحور حولها) .. فهناك مثلا الأمريكي "ادجار كيثى" الذي ادعى قدسية الهرم الأكبر وطالب أتباعه (الذين يتجاوز عددهم 13 مليونا) بالحج إليه باعتباره صرحا إلهيا ومخزنا للعلوم القديمة... وهناك "مجموعة الروزاكشين " التي يبلغ عدد أفرادها أربعة ملايين شخص ويعتقدون أنهم من سلالة الفراعنة ... وهناك أيضا طائفة الرمز 11/11 اليهودية التي تعتقد أن الهرم الأكبر هو الأثر الوحيد الباقي من عالم ماقبل الطوفان ويخفي أسرار العهد القديم ... أما أفراد "جمعية دمنهور" الايطالية فيعتقدون أنهم احفاد الملك خوفو وأنهم الأحق بامتلاك الهرم الأكبر ... في حين يعتقد أفراد الشراينزا الفرنسية أن مخلوقات فضائية بنت الأهرامات وعلّمت البشر أسرار الزراعة وبناء الحضارات ... وهذه الأيام هناك عالم آثار أمريكي يدعى لارى هاندر يحاول إقناع مديرية الآثار المصرية بأن مزامير داود مدفونة تحت الهرم وان استخراجها سيحقق السلام للعالم كله !!!
... ولكن في المقابل ؛ يجب أن نتذكر جيدا أن علاقة "الغربيين" بالأهرامات لا تقارن من حيث التاريخ والجغرافيا بعلاقتها مع العرب والمسلمين .. وبالتالي نحن أيضا لدينا الكثير من المجانين والمهوسيين والمغامرين الذين بنوا أحلامهم المجنونة حول أهرامات الجيزة ..
فها هو القزويني مثلا يدعي ان في الاهرامات "ما لا يوصف من الذهب" وانها بنيت لحماية كنوز المعرفة القديمة من آثار "الطوفان" وأن السعيد من يعثر عليها .. أما الخليفة المأمون فتملكته قناعة بوجود "لفائف الحكمة القديمة" داخل الهرم فأمر بضربه بالمنجنيقات ثم أمر بنقبه بالمعاول حتى يئس جنوده وكادوا يتمردون عليه .. ومجرد ادعاءات كهذه تؤجج في كل مرة شائعات شعبية تدعي العثور على كنوز قارون أو خاتم سليمان أو مزامير داود أو حتى اكتشاف مدخل الى جوف الأرض حيث يعيش الجن والشياطين ... !!
وفي الحقيقة ما من كتاب في تراثنا العربي والإسلامي إلا حاول تقديم فرضية خيالية وربما خارجة عن المنطق بخصوص الأهرامات وسبب بنائها .. فالبعض مثلا افترض أنها معابد لتبجيل السماء، وآخرون ادعوا أنها مستودعات للعلوم والحكم، وفئة ثالثة قالوا إنها مجرد مخازن للحبوب والغلال، في حين اقترب آخرون من الحقيقة وقالوا إن الأهرامات ذاتها تجسيد للمقاييس الكونية وإنها بنيت حسب مواقع النجوم المسماة أورسا الصغرى وأورسا الكبرى !
... أيضا لا ننسى أن بعض المؤرخين العرب نسبوا بناء الأهرامات إلى شداد بن عاد، وآخرون نسبوه إلى يوسف وإدريس عليهما السلام، وفئة ثالثة إلى سويرد بن سلهوق ورابعة إلى الإسكندر الأكبر.. فقد جاء عن ابن كثير مثلا أن سويرد بن سلهوق (أحد حكام مصر قبل الطوفان) حلم بأن الأرض أصابها خراب كبير بسبب الطوفان فأمر ببناء الأهرامات لحفظ "تراث الأجداد" ونفائس الحكمة ولكن نفس الرواية نسمعها في مواضع أخرى تنسب الى ملك يدعى شوندين ثم الى إدريس عليه السلام بعد حلم مشابه…
كل هذه الافتراضات (تعيدنا نقطة إلى الصفر) وتذكرنا بحقيقتين أراهما أهم من الأهرامات ذاتها:
الحقيقة الأولى: هي عدم جدوى كثير من فرضيات التراث القديمة (كونها مجرد آراء تنظيرية أو اعتقادات شخصية أو حتى اقتباسات من الاسرائيليات لا تعتمد على أبحاث ميدانية أو أدلة احفورية)!
أما الثانية : فهي أن الأهرامات ذاتها ستبقى من حقائق الدنيا القليلة التي لم / ولن يكف الجدل حولها حتى قيام الساعة (لأسباب تاريخية وثقافية بل وإنشائية يصعب التوفيق بينها) !!
... والآن أيها السادة ؛ من منكم يعرف أين ذكر بناء الأهرامات في القرآن؟
http://www.alriyadh.com/2010/03/18/article507681.html