نمير العشق
09-17-2004, 07:27 PM
لأن مشروعه ليس طائفياً ويرى لبنان بلداً للحوار الحضاري
فضل الله: رفضت رئاسة المجلس الشيعي
فهي لا تنسجم مع مشروعي لـ"أنسنة" الطوائف
نصير الأسعد
في ظل "الاستراحة" التي فرضت نفسها على الساحة الشيعية عندما عادت مسألة الاستحقاق الرئاسي بتداخلاتها المحلية والإقليمية إلى الواجهة، بدت الفرصة متاحة أكثر بعدها لاستكشاف آفاق الوضع الشيعي مع المرجع العلامة السيد محمد حسين فضل الله الذي شكّل محوراً لحركة شيعية دينية وسياسية، محلية وإقليمية في الفترة السابقة.
بدايةً، يؤكد السيد فضل الله أنه لم يفكر منذ انطلاقه في "مشروع طائفي"، ويقول إن خلفيته في ذلك هي أن "أي طائفة لا تستطيع أن تؤصِّل وجودها في ساحة مختلطة من خلال دائرتها الطائفية". ويوضح أكثر بقوله إن "الطائفة في حركتها لتأكيد وجودها وامتيازاتها، تمارس اضطهاداً للآخر، كما أنها ترتبط بحالات خارجية تمنحها القوة".
المسألة الشيعية
وقبل أن يشرح العلامة فضل الله البديل من المشاريع الطائفية، يلفت إلى مجموعة من النقاط التي تدعم فكرته، وهي أنّه:
أولاً ـ ليس ثمة "مسألة شيعية" بالمعنى السياسي، وهناك من الناحية السياسية عدة مواقع لـ"الأطياف" الشيعية ممثلة مركزياً بـ"تيارين شيعيين غالبين" كواجهة للعمل السياسي. واللقاءات التي قد تحصل بين الأطراف الشيعية المركزية لا تمثل "قضية شيعية" بالمعنى السياسي.
ثانياً ـ ليس ثمة "سياسة شيعية" في لبنان تشبه السياسة في هذه الطائفة أو تلك التي تخضع لـ"قاعدة مركزية" تمثلها الأغلبية فيها.
ثالثاً ـ ثمة "مسألة دينية" شيعية قد تتنوع بتنوع "الخلفيات المرجعية التي قد تدخل في كثير من التجاذبات، وقد تصل إلى حدِّ التكفير والمقاطعة". وإذ يلاحظ السيد أن المختلفين في الوسط السياسي يلتقون، يلفت إلى أن "الذهنية في الوسط الديني، ذهنية مقاطعة حتى على مستوى العلاقات الاجتماعية".
رابعاً ـ والمؤسسات الدينية الشيعية لم تستطع أن تتعمق لتدخل الوجدان الشيعي فتكون قاعدة تجمع الجميع، بل بقيت مؤسسات "ترتبط بالشخص".
خامساً ـ وإلى كل ما تقدم، يضيف فضل الله أن "مشكلة الشيعة أنهم ليسوا طائفة تُحدُّ دوائرها بحدود معينة، بحيث يعيش الجميع داخل هذه الحدود". ويشير إلى أن "البعض كتب عن الشيعة أنهم الطائفة التي تموّن كل الحركات السياسية"، وإلى أن البعض يفسِّر ذلك على أنه يمثل حركة الحرية في وجدان الإنسان الشيعي". ومن وجهة نظره، فإنَّ كون الطائفة الشيعية "مموِّناً" لمختلف الحركات السياسية بتنوعها الثقافي والأيديولوجي، يمثل "ميزة إيجابية، من زاوية أن الطائفة الشيعية لم تختنق في دائرة العصبية الطائفية، وميزة سلبية في المقابل، من زاوية الانفلاش الذي لا يمثِّل الشخصية الشيعية الثقافية والسياسية"، ويوضح أنه "ربما كان ثمة تأثير لاتجاهات إقليمية وغير إقليمية عملت على حصر الناس في هذا النوع من عدم التنظيم".
رفض رئاسة المجلس الشيعي
وإذ يستنتج السيد فضل الله مما تقدّم أن "الطائفة الشيعية كبقية الطوائف التي لا تملك مركزية محدَّدة في زاوية محددة، تختلف في قراراتها بحسب اختلاف هذا الفريق أو ذاك"، يؤكد أن "كل الكلام الذي أثير عن مشروع من خلال اللقاءات التي جرت، هو كلام في الهواء، لأنني لست جزءاً من مشروع طائفي". ويقول إن "حريتي الفكرية تحدّق بالحقيقة وليس بما يقوله الآخرون، وهي حرية تناقش الماضي والحاضر والمستقبل".
ويشدد على "أنني لست جزءاً من مشروع طائفي"، ويعلن بشكل لا لبس فيه: "قدمت إليّ رئاسة المجلس الشيعي على طبق من ذهب، وقلت إن هذا ليس مشروعي"، ويضيف: "أعمل على أساس أن يعيش الشيعة إنسانيتهم وأن يكونوا على مستوى من الوعي يجعلهم يحققون إنسانيتهم، فيلتقون بالآخر لقاء الإنسان بالإنسان والقوي بالقوي".
أما "وصيته" للحركات الشيعية السياسية فهي مرتبطة بالمقدمات: "أعطوا في الأطر التنظيمية الحرية لمن ينتمون إليكم، ولا تؤكدوا على الشخصية ولا تلغوا الرأي الآخر".
البديل: المواطنة اللبنانية
ما البديل؟
لا يتردد المرجع فضل الله في التشديد على أنه "لا بد في لبنان المتنوع بطوائفه، من العمل على أنسنة الطوائف كي تكون المواطنة العنوان الذي يمكن اللبناني من أخذ حقوقه، ذلك أن كل التجارب، بما فيها تجربة الطائف، لم تحقق العدالة لأي فريق". ويوضح ذلك بالقول إن "هذا ما لاحظناه عندما كان المسلمون يتحدثون عن الحرمان في مرحلة سيطرة المارونية السياسية التي ترسَّخت على قاعدة أن لبنان دولة للموارنة"، ويرى أن "المسألة السياسية وتعقيداتها إقليمياً ودولياً، أعطت المارونية السياسية قوة على مستوى الامتيازات، بحيث شعر المسلمون أنها أدّت إلى الحرمان السياسي والاجتماعي". ويشير السيد إلى أنه "بعد الطائف أصبح المسيحيون يشعرون بالإحباط على أساس أن الطائف أخذ من امتيازاتهم"، ويلفت إلى أنه "بعد الطائف أصبحت الطائفية في لبنان أكثر تجذراً، حتى غدا الحديث عن إلغاء الطائفية السياسية كفراً".
ويدعو السيِّد فضل الله إلى "استبدال الطائفية السياسية بالمواطنة اللبنانية"، لافتاً إلى أن "مشروعنا هو أن يكون الإنسان اللبناني مواطناً، وأن يحتفظ كل واحد بدينه والتزامه الديني وأن يحترم الآخر، فيكون هناك تعاونٌ على بناء لبنان يعيش الحرية الفكرية والثقافية، وهذا أمر أساسي لصنع مستقبل حرّ ومنفتح على العالم، ليبقى لبنان نافذة للشرق على الغرب، وبلد التواصل مع العالم كله، بلد حوار الحضارات؛ الحوار الإسلامي ـ المسيحي، والحوار الديني ـ العلماني".
وصايا مرجعية
وعلى هذه المقدمات جميعاً، يطلُّ المرجع الإسلامي الشيعي على واقع الأزمة الحالية المتعددة الأبعاد في لبنان، فـ"يقرأ" وصاياه محددةً على النحو الآتي:
1 ـ الحفاظ على الوحدة الوطنية مهما بلغ الخلاف حول المسألة السياسية.
2 ـ عدم المراهنة على الخلاف السوري ـ الأميركي، وإبقاء الاعتراض الداخلي بعيداً عن المراهنات. ويشرح ذلك بالتشديد على أمرين، أولهما أن سوريا وإيران موقعان استراتيجيان، ومهما اشتدت الضغوط الأميركية عليهما، فإن الانغلاق الكامل لن يحصل، والأمر الثاني هو أن لبنان "ساحة" ضغط على سوريا لتحقيق مطالب أخرى وليست له أولوية لذاته.
3 ـ وإذ يؤكد السيد أن المسلمين الشيعة ينظرون إلى لبنان على أنه مساحة حرية يجب حفظها، يرفض في الوقت نفسه خطاب التخويف بالعودة إلى الحروب الأهلية الذي يعتمده بعضهم، وهو خطاب لا يقوم على أي أساس.
ويختم مشدِّداً على التواصل بين اللبنانيين على أساس "الحوار في ظل التنوع"، محاكياً بشعاره هذا "الراهن المأزوم" و"المستقبل المأمول".
نصير الأسعد- المستقبل-العدد21:1690 رجب 1425هـ الموافق 6 أيلول - سبتمبر 2004م
http://www.bayynat.org/www/arabic/nachatat/almustakbal06092004.htm
فضل الله: رفضت رئاسة المجلس الشيعي
فهي لا تنسجم مع مشروعي لـ"أنسنة" الطوائف
نصير الأسعد
في ظل "الاستراحة" التي فرضت نفسها على الساحة الشيعية عندما عادت مسألة الاستحقاق الرئاسي بتداخلاتها المحلية والإقليمية إلى الواجهة، بدت الفرصة متاحة أكثر بعدها لاستكشاف آفاق الوضع الشيعي مع المرجع العلامة السيد محمد حسين فضل الله الذي شكّل محوراً لحركة شيعية دينية وسياسية، محلية وإقليمية في الفترة السابقة.
بدايةً، يؤكد السيد فضل الله أنه لم يفكر منذ انطلاقه في "مشروع طائفي"، ويقول إن خلفيته في ذلك هي أن "أي طائفة لا تستطيع أن تؤصِّل وجودها في ساحة مختلطة من خلال دائرتها الطائفية". ويوضح أكثر بقوله إن "الطائفة في حركتها لتأكيد وجودها وامتيازاتها، تمارس اضطهاداً للآخر، كما أنها ترتبط بحالات خارجية تمنحها القوة".
المسألة الشيعية
وقبل أن يشرح العلامة فضل الله البديل من المشاريع الطائفية، يلفت إلى مجموعة من النقاط التي تدعم فكرته، وهي أنّه:
أولاً ـ ليس ثمة "مسألة شيعية" بالمعنى السياسي، وهناك من الناحية السياسية عدة مواقع لـ"الأطياف" الشيعية ممثلة مركزياً بـ"تيارين شيعيين غالبين" كواجهة للعمل السياسي. واللقاءات التي قد تحصل بين الأطراف الشيعية المركزية لا تمثل "قضية شيعية" بالمعنى السياسي.
ثانياً ـ ليس ثمة "سياسة شيعية" في لبنان تشبه السياسة في هذه الطائفة أو تلك التي تخضع لـ"قاعدة مركزية" تمثلها الأغلبية فيها.
ثالثاً ـ ثمة "مسألة دينية" شيعية قد تتنوع بتنوع "الخلفيات المرجعية التي قد تدخل في كثير من التجاذبات، وقد تصل إلى حدِّ التكفير والمقاطعة". وإذ يلاحظ السيد أن المختلفين في الوسط السياسي يلتقون، يلفت إلى أن "الذهنية في الوسط الديني، ذهنية مقاطعة حتى على مستوى العلاقات الاجتماعية".
رابعاً ـ والمؤسسات الدينية الشيعية لم تستطع أن تتعمق لتدخل الوجدان الشيعي فتكون قاعدة تجمع الجميع، بل بقيت مؤسسات "ترتبط بالشخص".
خامساً ـ وإلى كل ما تقدم، يضيف فضل الله أن "مشكلة الشيعة أنهم ليسوا طائفة تُحدُّ دوائرها بحدود معينة، بحيث يعيش الجميع داخل هذه الحدود". ويشير إلى أن "البعض كتب عن الشيعة أنهم الطائفة التي تموّن كل الحركات السياسية"، وإلى أن البعض يفسِّر ذلك على أنه يمثل حركة الحرية في وجدان الإنسان الشيعي". ومن وجهة نظره، فإنَّ كون الطائفة الشيعية "مموِّناً" لمختلف الحركات السياسية بتنوعها الثقافي والأيديولوجي، يمثل "ميزة إيجابية، من زاوية أن الطائفة الشيعية لم تختنق في دائرة العصبية الطائفية، وميزة سلبية في المقابل، من زاوية الانفلاش الذي لا يمثِّل الشخصية الشيعية الثقافية والسياسية"، ويوضح أنه "ربما كان ثمة تأثير لاتجاهات إقليمية وغير إقليمية عملت على حصر الناس في هذا النوع من عدم التنظيم".
رفض رئاسة المجلس الشيعي
وإذ يستنتج السيد فضل الله مما تقدّم أن "الطائفة الشيعية كبقية الطوائف التي لا تملك مركزية محدَّدة في زاوية محددة، تختلف في قراراتها بحسب اختلاف هذا الفريق أو ذاك"، يؤكد أن "كل الكلام الذي أثير عن مشروع من خلال اللقاءات التي جرت، هو كلام في الهواء، لأنني لست جزءاً من مشروع طائفي". ويقول إن "حريتي الفكرية تحدّق بالحقيقة وليس بما يقوله الآخرون، وهي حرية تناقش الماضي والحاضر والمستقبل".
ويشدد على "أنني لست جزءاً من مشروع طائفي"، ويعلن بشكل لا لبس فيه: "قدمت إليّ رئاسة المجلس الشيعي على طبق من ذهب، وقلت إن هذا ليس مشروعي"، ويضيف: "أعمل على أساس أن يعيش الشيعة إنسانيتهم وأن يكونوا على مستوى من الوعي يجعلهم يحققون إنسانيتهم، فيلتقون بالآخر لقاء الإنسان بالإنسان والقوي بالقوي".
أما "وصيته" للحركات الشيعية السياسية فهي مرتبطة بالمقدمات: "أعطوا في الأطر التنظيمية الحرية لمن ينتمون إليكم، ولا تؤكدوا على الشخصية ولا تلغوا الرأي الآخر".
البديل: المواطنة اللبنانية
ما البديل؟
لا يتردد المرجع فضل الله في التشديد على أنه "لا بد في لبنان المتنوع بطوائفه، من العمل على أنسنة الطوائف كي تكون المواطنة العنوان الذي يمكن اللبناني من أخذ حقوقه، ذلك أن كل التجارب، بما فيها تجربة الطائف، لم تحقق العدالة لأي فريق". ويوضح ذلك بالقول إن "هذا ما لاحظناه عندما كان المسلمون يتحدثون عن الحرمان في مرحلة سيطرة المارونية السياسية التي ترسَّخت على قاعدة أن لبنان دولة للموارنة"، ويرى أن "المسألة السياسية وتعقيداتها إقليمياً ودولياً، أعطت المارونية السياسية قوة على مستوى الامتيازات، بحيث شعر المسلمون أنها أدّت إلى الحرمان السياسي والاجتماعي". ويشير السيد إلى أنه "بعد الطائف أصبح المسيحيون يشعرون بالإحباط على أساس أن الطائف أخذ من امتيازاتهم"، ويلفت إلى أنه "بعد الطائف أصبحت الطائفية في لبنان أكثر تجذراً، حتى غدا الحديث عن إلغاء الطائفية السياسية كفراً".
ويدعو السيِّد فضل الله إلى "استبدال الطائفية السياسية بالمواطنة اللبنانية"، لافتاً إلى أن "مشروعنا هو أن يكون الإنسان اللبناني مواطناً، وأن يحتفظ كل واحد بدينه والتزامه الديني وأن يحترم الآخر، فيكون هناك تعاونٌ على بناء لبنان يعيش الحرية الفكرية والثقافية، وهذا أمر أساسي لصنع مستقبل حرّ ومنفتح على العالم، ليبقى لبنان نافذة للشرق على الغرب، وبلد التواصل مع العالم كله، بلد حوار الحضارات؛ الحوار الإسلامي ـ المسيحي، والحوار الديني ـ العلماني".
وصايا مرجعية
وعلى هذه المقدمات جميعاً، يطلُّ المرجع الإسلامي الشيعي على واقع الأزمة الحالية المتعددة الأبعاد في لبنان، فـ"يقرأ" وصاياه محددةً على النحو الآتي:
1 ـ الحفاظ على الوحدة الوطنية مهما بلغ الخلاف حول المسألة السياسية.
2 ـ عدم المراهنة على الخلاف السوري ـ الأميركي، وإبقاء الاعتراض الداخلي بعيداً عن المراهنات. ويشرح ذلك بالتشديد على أمرين، أولهما أن سوريا وإيران موقعان استراتيجيان، ومهما اشتدت الضغوط الأميركية عليهما، فإن الانغلاق الكامل لن يحصل، والأمر الثاني هو أن لبنان "ساحة" ضغط على سوريا لتحقيق مطالب أخرى وليست له أولوية لذاته.
3 ـ وإذ يؤكد السيد أن المسلمين الشيعة ينظرون إلى لبنان على أنه مساحة حرية يجب حفظها، يرفض في الوقت نفسه خطاب التخويف بالعودة إلى الحروب الأهلية الذي يعتمده بعضهم، وهو خطاب لا يقوم على أي أساس.
ويختم مشدِّداً على التواصل بين اللبنانيين على أساس "الحوار في ظل التنوع"، محاكياً بشعاره هذا "الراهن المأزوم" و"المستقبل المأمول".
نصير الأسعد- المستقبل-العدد21:1690 رجب 1425هـ الموافق 6 أيلول - سبتمبر 2004م
http://www.bayynat.org/www/arabic/nachatat/almustakbal06092004.htm