مجاهدون
09-17-2004, 10:39 AM
نصف في المائة نسبة التلوث.. والآثار والطبيعة تعيشان في أحضان الغموض والغرابة
في ذلك المكان الساحر المختبئ بين شمال مصر وغربها، بين الساحل الشمالي والصحراء الغربية، عاشت واحة سيوة عمرها القديم والحديث معزولة عن المجتمع المدني والدولة إلا حديثا واحتفظت بكل خصائصها تقريبا من دون تغيير لتصبح أشهر واحة منغلقة على نفسها بين واحات مصر العديدة، أهلها يتحدثون لغة خاصة بهم هي «السيوية»، والتي تعد واحدة من اللغات الخمس المنتشرة في مصر، وهي أيضا لغة غير مكتوبة مثل «النوبية» لكن أهلها أكسبوا مجتمعهم صفة الغرابة وجعلوا من الواحة نموذجا فريدا يقصده عاشقو الفطرة والغرابة ومحبو الطبيعة النقية وحتى هواة الآثار القديمة يجدون مطلبهم هناك بعيدا عن الأقصر وأهرامات الجيزة.
وسيوة هي احدى خمس واحات في مصر هي: الداخلة والخارجة والفرافرة والبحرية وسيوة التي تبلغ مساحتها نحو 55 كم مربعا والوصول اليها لابد أن يمر عبر مدينة مرسى مطروح التي يوجد بها مطار يعمل في الصيف فقط، وفي مطروح يسلك السائحون الطريق البري وهو نفسه الذي سلكه الإسكندر الأكبر «المقدوني»عندما غزا مصر عام 331 قبل الميلاد.
ورغم تشابه واحة سيوة مع غيرها من الواحات إلا انها تختلف في بعض السمات الخاصة مثل المعمار والأزياء والطقوس التي تشعرك بأنك انفصلت عن مصر كلها بمجرد أن تطأها قدماك.
وعرفت سيوة بأكثر من اسم منذ القدم وكان أولها هو «بنتا» ثم عرفت باسم واحة «آمون» نسبة الى معبد آمون القديم، وذكرها المؤرخ العربي المقريزي في القرن 15باسم «سنتازية» بينما عرفها ابن خلدون في مذكراته باسم «تاسواة» وهو اسم مأخوذ من لهجة البربر سكان الواحة منذ القدم.
ولأهل سيوة لغة خاصة بهم تشبه لهجات قبائل البربر التي تسكن صحراء شمال أفريقيا، وحتى عام 1820لم تكن في الواحة سوى عائلة واحدة تفهم اللغة العربية كانوا مسؤولين عن التفاهم مع القوافل التجارية المارة عبر مدينتهم.
وتحتفظ احدى العائلات الكبيرة بمخطوطات تقول ان المدينة القديمة التي تعد أطلالها أثرا هاما يقصده السائحون أقامها أربعون شخصا ينتمون الى سبع عائلات قرروا الخروج من القرية القديمة عام 1203وأقاموا حصنا منيعا على قمة أحد التلال حول قريتهم وعرف باسم «السحالي» أو المدينة في اللغة السيوية، وكان لها مدخل واحد لا يزال موجودا حتى الآن.
ومع هذا يؤكد بعض المؤرخين ان أصول أهالي سيوة تعود الى قبائل البدو العربية الذين استقروا في تلك المنطقة في حين ترجع بشرتهم السمراء الى كون سيوة أحد أسواق بيع العبيد الزنوج في العصور الوسطى.
وساعدت السلطات القديمة في ترسيخ العزلة عن المجتمع الغربي، فلم تكن تسمح لأهالي سيوة ببناء أية منازل خارج سور الحصن القديم حتى استولى محمد علي على المدينة وبدأ السكان يشعرون بالأمان ويخرجون للحياة خارج أسوار الحصن.
وتتميز المدينة بوفرة آثارها التي تعود لأبعد من عهد الحصن القديم، مثل جبل الموتى الذي يقع على بعد كيلومتر جنوب الواحة ويبلغ ارتفاعه 50 مترا، وتأخذ المقابر الفرعونية شكل خلية النحل من أسفلها الى أعلاها وتعرضت هذه المقابر للتخريب أثناء الحرب العالمية الثانية عندما دخلت قوات المحور وهاجمت الجبل ونهبت الآثار والكنوز التي كانت بداخله.
أما معبد آمون المعروف باسم معبد «أم عبيد» كما ذكرت الوثائق السيوية فقد ظل مكتملا حتى بداية القرن التاسع عشر عندما تهدم بفعل زلزال عام 1811، ثم أمر الملك فؤاد بهدمه واستخدام أحجاره في بناء درجات استراحته الملكية.
ولكن أشهر آثار الواحة التي يقصدها 5000 سائح سنويا هو ذلك المعبد المعروف بمعبد الوحي الذي كان يعد أحد أهم مصادر الحصول على النبوءات للملوك، وأشهرها الإسكندر المقدوني الذي زار الواحة وتم تتويجه بمعبد الوحي ابنا للإله آمون.
وقد ظلت آثار المعبد الذي بناه الفرعون أمازيس من الأسرة 26 في أعلى نقطة بهضبة أجورمي، ظلت مختفية خلف حوائط منازل قرية آجورمي القديمة حتى هدمتها السيول عام 1919وكشفت آثار المعبد.
ويؤمن السيويون بشدة بالسحر والتنجيم ويمارسون طقوسا خاصة به تقترب من الخزعبلات والشعوذة، فيقيمون احتفالات خاصة للصلح في سفح جبل الدكرور تخرج العائلات المختلفة للإقامة في غرف مفتوحة من الجانبين ويتجمع المختلفون حول وليمة كبيرة تعد من الأرز واللحم بعد توسط حكماء يختارهم الطرفان.
وفي سيوة لا مكان للطب الحديث بل يعتمد الأهالي على العلاج بالأعشاب واذا فشل يلجأون للسحر وأخيرا بركات الأولياء، فعلاج الصداع يكون بدعك الرأس بالخل المستخرج من عسل النحل وعمل لبخات من الحناء والملح، أما الزكام فيعالج باستنشاق البخار المتصاعد من حرق السكر في النار.
واذا اشتد المرض بأحدهم يعقدون مجلسا برئاسة امرأة عجوز لها خبرة في اكتشاف مكان المرض ويشعلون النار لطهو حبوب القمح ويتناولونها في صمت ثم يتركون جزءا من الطعام للملائكة حسب زعمهم ثم يحرقون البخور وتتلو العجوز التعاويذ السحرية التي تشرح فيها حالة المريض وضعفه وفقره، وفي الصباح اذا وجد الطعام على حالة أعتبر هذا رضاء من الملائكة ويقدم الطعام للمريض لتناوله فيشفى.
وفي تجوال الزائرين والسياح بين الآثار والمزارع والتجمعات الخاصة لأهالي سيوة، يتلقى الزائرون نصيحة غالية بعدم تصوير أية فتاة أو امرأة سيوية ولا حتى من باب الاعجاب بالزي المزخرف الذي ترتديه، بل يجب تحويل العين عن مسارها على الفور رغم أن المرأة في سيوة تتدثر بعباءة ثقيلة تغطي رأسها وجسمها ولا تظهر ولا حتى عينيها، فأهالي سيوة يرفضون تماما تصوير نسائهم وبناتهم أو التطلع اليهن أثناء سيرهن وان حدث ذلك يقيمون مجلسا عرفيا يحكم بالغرامة على من تعدى على حرمة المرأة السيوية.
وفي أي مكان تخرج اليه المرأة في سيوة يحظر على الرجال الاقتراب منه، حتى أثناء قيامها بغسيل الملابس في احدى عيون الآبار المنتشرة تعلق قطعة من ثيابها على نخلة عالية علامة على وجود امرأة فلا يقتربون منها حتى تنتهي أعمالها.
أما أشهر أكلات السيويين فهي «الشاورمة» وهي مختلفة عما نعرفه، حيث تقدم في حفل تشوى فيه الخراف بعد أن تنتزع أحشاؤها وتملأ بالبهار والمتبلات وتقدم فقط للضيوف والزائرين الكبار، ويشتهرون أيضا بعمل طعام «التاجلانتين» ويعدونها بالعجوة المخلوطة بعجينة الدقيق ونصب السمن البلدي أو زيت الزيتون في حفرة في منتصفها وتقدم ساخنة في الشتاء.
أما أغلى طعام يقدمه السيوي لضيف عزيز فهو «قلب النخلة»، فيقطع احدى نخيله تماما كما يذبح البدوي أحد رؤوس أغنامه اكراما للضيف، فيقدم القلب أو الجمار مقطعا الى شرائح مع أطباق البلح والفول السوداني.
وتوجد بواحة سيوة أجمل مناطق الطبيعة البكر وتتمثل في جزيرة «فطناس» التي تقع على بعد ستة كيلومترات الى الغرب من قلب المدينة، فالواحة ينمو بها أكثر من مليون ونصف مليون نخلة من النوع القصير المحمل بالبلح الأصفر شديد الحلاوة، لكن في جزيرة فطناس ينمو النخيل بأشكال بديعة في اتجاه أفقي، بعضها يسير بجذوعه تحت الأرض من حقل ليطرح بثماره في حقل آخر، وينظم وكلاء السياحة رحلات خاصة اضافية الى تلك الجزيرة، حيث يستطيع الزائر الانضمام الى معسكر لمدة يوم أو يومين لاستكشاف الجزيرة والاستمتاع بطبيعتها الخلابة، فالجريرة للغرابة محاطة بمصارف الزراعة التي تجف في شهر الصيف الساخن وتشكل طبقة سميكة يلهو عليها الزائرون على غرار اللعب فوق مياه البحار المتجمدة.
وبسبب هذه الطبيعة البكر والابتعاد عن مظاهر المدينة وتعقيداتها سجلت واحة سيوة أقل نسبة تلوث في العالم وهي نصف في المائة، واستحقت أن تكون أنقى منطقة على وجه الأرض، وهو ما دفع العديد من المستثمرين الايطاليين والسويسريين لإقامة منتجعات علاجية باستخدام الرمال ومياه العيون والطبيعة النقية في سيوة. وتنتشر عيون المياه في الواحة بشكل لافت بعضها قديم وأثري وبعضها يكتسب شهرة خاصة في العلاج أو في مساعدة المرأة على الانجاب وبعضها أيضا يحظر الاقتراب منه لخطورة يعتقدون فيها أو لعدم صلاحية مياهها للشرب. وأشهر تلك العيون «عين كيلوباترا» التي سجلها المؤرخ الاغريقي هيرودوت والتي تزداد درجة حرارة المياه فيها وتنقص حسب توقيت ساعات اليوم المختلفة فتبدأ ساخنة في الصباح ثم تنخفض درجة حرارتها تدريجيا وتصبح باردة وقت الظهيرة، ثم تعود للدفء تدريجيا حتى تعود لدرجة حرارتها الأولى.
ويبلغ قطر العين 40 مترا ويتجاوز عمقها الأمتار العشرة، وتتدفق المياه اليها من فتحات صغيرة، بأسفل قاع العين، في حين تحيطها عشرات النخيل من كل جانب.
أما عين الدكرور التي تصل درجة عذوبتها الى 220 وحدة في المليون أي أكثر عذوبة من ماء النيل، فتصل درجة حرارة مياهها الى 40 درجة مئوية في أيام الصيف الحارة وتستخدم حاليا للشرب بشكل واسع وللعلاج أيضا بأحد المنتجعات الإيطالية القريبة منها.
في ذلك المكان الساحر المختبئ بين شمال مصر وغربها، بين الساحل الشمالي والصحراء الغربية، عاشت واحة سيوة عمرها القديم والحديث معزولة عن المجتمع المدني والدولة إلا حديثا واحتفظت بكل خصائصها تقريبا من دون تغيير لتصبح أشهر واحة منغلقة على نفسها بين واحات مصر العديدة، أهلها يتحدثون لغة خاصة بهم هي «السيوية»، والتي تعد واحدة من اللغات الخمس المنتشرة في مصر، وهي أيضا لغة غير مكتوبة مثل «النوبية» لكن أهلها أكسبوا مجتمعهم صفة الغرابة وجعلوا من الواحة نموذجا فريدا يقصده عاشقو الفطرة والغرابة ومحبو الطبيعة النقية وحتى هواة الآثار القديمة يجدون مطلبهم هناك بعيدا عن الأقصر وأهرامات الجيزة.
وسيوة هي احدى خمس واحات في مصر هي: الداخلة والخارجة والفرافرة والبحرية وسيوة التي تبلغ مساحتها نحو 55 كم مربعا والوصول اليها لابد أن يمر عبر مدينة مرسى مطروح التي يوجد بها مطار يعمل في الصيف فقط، وفي مطروح يسلك السائحون الطريق البري وهو نفسه الذي سلكه الإسكندر الأكبر «المقدوني»عندما غزا مصر عام 331 قبل الميلاد.
ورغم تشابه واحة سيوة مع غيرها من الواحات إلا انها تختلف في بعض السمات الخاصة مثل المعمار والأزياء والطقوس التي تشعرك بأنك انفصلت عن مصر كلها بمجرد أن تطأها قدماك.
وعرفت سيوة بأكثر من اسم منذ القدم وكان أولها هو «بنتا» ثم عرفت باسم واحة «آمون» نسبة الى معبد آمون القديم، وذكرها المؤرخ العربي المقريزي في القرن 15باسم «سنتازية» بينما عرفها ابن خلدون في مذكراته باسم «تاسواة» وهو اسم مأخوذ من لهجة البربر سكان الواحة منذ القدم.
ولأهل سيوة لغة خاصة بهم تشبه لهجات قبائل البربر التي تسكن صحراء شمال أفريقيا، وحتى عام 1820لم تكن في الواحة سوى عائلة واحدة تفهم اللغة العربية كانوا مسؤولين عن التفاهم مع القوافل التجارية المارة عبر مدينتهم.
وتحتفظ احدى العائلات الكبيرة بمخطوطات تقول ان المدينة القديمة التي تعد أطلالها أثرا هاما يقصده السائحون أقامها أربعون شخصا ينتمون الى سبع عائلات قرروا الخروج من القرية القديمة عام 1203وأقاموا حصنا منيعا على قمة أحد التلال حول قريتهم وعرف باسم «السحالي» أو المدينة في اللغة السيوية، وكان لها مدخل واحد لا يزال موجودا حتى الآن.
ومع هذا يؤكد بعض المؤرخين ان أصول أهالي سيوة تعود الى قبائل البدو العربية الذين استقروا في تلك المنطقة في حين ترجع بشرتهم السمراء الى كون سيوة أحد أسواق بيع العبيد الزنوج في العصور الوسطى.
وساعدت السلطات القديمة في ترسيخ العزلة عن المجتمع الغربي، فلم تكن تسمح لأهالي سيوة ببناء أية منازل خارج سور الحصن القديم حتى استولى محمد علي على المدينة وبدأ السكان يشعرون بالأمان ويخرجون للحياة خارج أسوار الحصن.
وتتميز المدينة بوفرة آثارها التي تعود لأبعد من عهد الحصن القديم، مثل جبل الموتى الذي يقع على بعد كيلومتر جنوب الواحة ويبلغ ارتفاعه 50 مترا، وتأخذ المقابر الفرعونية شكل خلية النحل من أسفلها الى أعلاها وتعرضت هذه المقابر للتخريب أثناء الحرب العالمية الثانية عندما دخلت قوات المحور وهاجمت الجبل ونهبت الآثار والكنوز التي كانت بداخله.
أما معبد آمون المعروف باسم معبد «أم عبيد» كما ذكرت الوثائق السيوية فقد ظل مكتملا حتى بداية القرن التاسع عشر عندما تهدم بفعل زلزال عام 1811، ثم أمر الملك فؤاد بهدمه واستخدام أحجاره في بناء درجات استراحته الملكية.
ولكن أشهر آثار الواحة التي يقصدها 5000 سائح سنويا هو ذلك المعبد المعروف بمعبد الوحي الذي كان يعد أحد أهم مصادر الحصول على النبوءات للملوك، وأشهرها الإسكندر المقدوني الذي زار الواحة وتم تتويجه بمعبد الوحي ابنا للإله آمون.
وقد ظلت آثار المعبد الذي بناه الفرعون أمازيس من الأسرة 26 في أعلى نقطة بهضبة أجورمي، ظلت مختفية خلف حوائط منازل قرية آجورمي القديمة حتى هدمتها السيول عام 1919وكشفت آثار المعبد.
ويؤمن السيويون بشدة بالسحر والتنجيم ويمارسون طقوسا خاصة به تقترب من الخزعبلات والشعوذة، فيقيمون احتفالات خاصة للصلح في سفح جبل الدكرور تخرج العائلات المختلفة للإقامة في غرف مفتوحة من الجانبين ويتجمع المختلفون حول وليمة كبيرة تعد من الأرز واللحم بعد توسط حكماء يختارهم الطرفان.
وفي سيوة لا مكان للطب الحديث بل يعتمد الأهالي على العلاج بالأعشاب واذا فشل يلجأون للسحر وأخيرا بركات الأولياء، فعلاج الصداع يكون بدعك الرأس بالخل المستخرج من عسل النحل وعمل لبخات من الحناء والملح، أما الزكام فيعالج باستنشاق البخار المتصاعد من حرق السكر في النار.
واذا اشتد المرض بأحدهم يعقدون مجلسا برئاسة امرأة عجوز لها خبرة في اكتشاف مكان المرض ويشعلون النار لطهو حبوب القمح ويتناولونها في صمت ثم يتركون جزءا من الطعام للملائكة حسب زعمهم ثم يحرقون البخور وتتلو العجوز التعاويذ السحرية التي تشرح فيها حالة المريض وضعفه وفقره، وفي الصباح اذا وجد الطعام على حالة أعتبر هذا رضاء من الملائكة ويقدم الطعام للمريض لتناوله فيشفى.
وفي تجوال الزائرين والسياح بين الآثار والمزارع والتجمعات الخاصة لأهالي سيوة، يتلقى الزائرون نصيحة غالية بعدم تصوير أية فتاة أو امرأة سيوية ولا حتى من باب الاعجاب بالزي المزخرف الذي ترتديه، بل يجب تحويل العين عن مسارها على الفور رغم أن المرأة في سيوة تتدثر بعباءة ثقيلة تغطي رأسها وجسمها ولا تظهر ولا حتى عينيها، فأهالي سيوة يرفضون تماما تصوير نسائهم وبناتهم أو التطلع اليهن أثناء سيرهن وان حدث ذلك يقيمون مجلسا عرفيا يحكم بالغرامة على من تعدى على حرمة المرأة السيوية.
وفي أي مكان تخرج اليه المرأة في سيوة يحظر على الرجال الاقتراب منه، حتى أثناء قيامها بغسيل الملابس في احدى عيون الآبار المنتشرة تعلق قطعة من ثيابها على نخلة عالية علامة على وجود امرأة فلا يقتربون منها حتى تنتهي أعمالها.
أما أشهر أكلات السيويين فهي «الشاورمة» وهي مختلفة عما نعرفه، حيث تقدم في حفل تشوى فيه الخراف بعد أن تنتزع أحشاؤها وتملأ بالبهار والمتبلات وتقدم فقط للضيوف والزائرين الكبار، ويشتهرون أيضا بعمل طعام «التاجلانتين» ويعدونها بالعجوة المخلوطة بعجينة الدقيق ونصب السمن البلدي أو زيت الزيتون في حفرة في منتصفها وتقدم ساخنة في الشتاء.
أما أغلى طعام يقدمه السيوي لضيف عزيز فهو «قلب النخلة»، فيقطع احدى نخيله تماما كما يذبح البدوي أحد رؤوس أغنامه اكراما للضيف، فيقدم القلب أو الجمار مقطعا الى شرائح مع أطباق البلح والفول السوداني.
وتوجد بواحة سيوة أجمل مناطق الطبيعة البكر وتتمثل في جزيرة «فطناس» التي تقع على بعد ستة كيلومترات الى الغرب من قلب المدينة، فالواحة ينمو بها أكثر من مليون ونصف مليون نخلة من النوع القصير المحمل بالبلح الأصفر شديد الحلاوة، لكن في جزيرة فطناس ينمو النخيل بأشكال بديعة في اتجاه أفقي، بعضها يسير بجذوعه تحت الأرض من حقل ليطرح بثماره في حقل آخر، وينظم وكلاء السياحة رحلات خاصة اضافية الى تلك الجزيرة، حيث يستطيع الزائر الانضمام الى معسكر لمدة يوم أو يومين لاستكشاف الجزيرة والاستمتاع بطبيعتها الخلابة، فالجريرة للغرابة محاطة بمصارف الزراعة التي تجف في شهر الصيف الساخن وتشكل طبقة سميكة يلهو عليها الزائرون على غرار اللعب فوق مياه البحار المتجمدة.
وبسبب هذه الطبيعة البكر والابتعاد عن مظاهر المدينة وتعقيداتها سجلت واحة سيوة أقل نسبة تلوث في العالم وهي نصف في المائة، واستحقت أن تكون أنقى منطقة على وجه الأرض، وهو ما دفع العديد من المستثمرين الايطاليين والسويسريين لإقامة منتجعات علاجية باستخدام الرمال ومياه العيون والطبيعة النقية في سيوة. وتنتشر عيون المياه في الواحة بشكل لافت بعضها قديم وأثري وبعضها يكتسب شهرة خاصة في العلاج أو في مساعدة المرأة على الانجاب وبعضها أيضا يحظر الاقتراب منه لخطورة يعتقدون فيها أو لعدم صلاحية مياهها للشرب. وأشهر تلك العيون «عين كيلوباترا» التي سجلها المؤرخ الاغريقي هيرودوت والتي تزداد درجة حرارة المياه فيها وتنقص حسب توقيت ساعات اليوم المختلفة فتبدأ ساخنة في الصباح ثم تنخفض درجة حرارتها تدريجيا وتصبح باردة وقت الظهيرة، ثم تعود للدفء تدريجيا حتى تعود لدرجة حرارتها الأولى.
ويبلغ قطر العين 40 مترا ويتجاوز عمقها الأمتار العشرة، وتتدفق المياه اليها من فتحات صغيرة، بأسفل قاع العين، في حين تحيطها عشرات النخيل من كل جانب.
أما عين الدكرور التي تصل درجة عذوبتها الى 220 وحدة في المليون أي أكثر عذوبة من ماء النيل، فتصل درجة حرارة مياهها الى 40 درجة مئوية في أيام الصيف الحارة وتستخدم حاليا للشرب بشكل واسع وللعلاج أيضا بأحد المنتجعات الإيطالية القريبة منها.