جمال
03-09-2010, 11:33 PM
الفلبينية والتايلندية والسريلانكية... مهور رخيصة وتكاليف أقل
حنان يوسف - اوان
انتشار العمالة الآسيوية أحد أسباب الزواج
في إحدى المدارس الحكومية الواقعة في منطقة العاصمة التعليمية، وتحديدا في المدرسة الابتدائية للطلاب، كان يوسف (طالب بالصف الثاني -كويتي الجنسية) دائم العزلة، تبدو ملامحه مميزة، فعيناه وشعره الأسود الكثيف توحي بأنه من الجنسية الآسيوية.. لم يشارك يوسف زملاؤه اللعب ولا يحب
الاختلاط بهم، لفت ذلك، انتباه المدرسين والاخصائي الاجتماعي فاستدعى والده، وبعد الاستفهام والسؤال اكتشف أن يوسف شديد التعلق بأمه، وهي من الجنسية الفلبينية، وأنه لايجيد الحديث باللهجة الكويتية ولا العربية ويجد صعوبة في الاختلاط بمن هم من جنسيات غير الفلبينية، خاصة أنه ولد في مانيلا العاصمة.. أما من جهة المدرسة فهو يعاني من عدم فهم ومتابعة الدروس
والمناهج التعليمية.. كما أنه غالبا مايتعرض للسخرية من قبل الطلاب مما أثر على سلوكياته... أحد الحلول المطروحة أن ينقل الطفل من المدارس الحكومية إلى المدارس الأجنبية ولكن لضيق الحال لم يستطع والده نقله نظرا للكلفة المادية، مما زاد من معاناة يوسف الصغير، وكانت النتيجة رسوبه في الكورس الأول وتعرضه لنوبات نفسية وعصبية ورفضه الذهاب للمدرسة مع بداية الكورس الثاني..
زواج الكويتي من الأجنبية وخصوصا الآسيويات قضية تشغل ليس فقط الشارع الخليجي والعربي إنما الكويتي خصوصا مع ارتفاع معدلات العنوسة بين الكويتيات والعزوف عن الزواج بين الكويتيين، فقد أثارت إحدى الفتاوى السعودية والتي جاءت على لسان عالم الدين عبدالمحسن العبيكان جدلا كبيرا حيث دعت الفتوى إلى تحريم زواج المواطنين من الأجانب من دون عقد وتصريح يحصل عليه الراغب بالزواج من السلطات المختصة في البلاد. وسفارات الدول، ويواجه هذا الزواج رفضا اجتماعيا في أغلب دول المنطقة الخليجية، لما له من سلبيات نتيجة اختلاف العادات والتقاليد بين المجتمعات والتي تظهر آثارها من خلال ارتفاع معدلات الطلاق إلى جانب صعوبة حصول الأبناء على الجنسية في حال استقرار الزوجة ببلدها.. ناهيك عن مشاكل لاحصر لها.... «أوان» تعرضت لقضية زواج الكويتيين من الأجنبيات، ورصدت الآراء وبحثت في الأسباب الاجتماعية لهذه الظاهرة....
تقول أميرة ( 24 سنة سورية متزوجة من كويتي) «لا أرى أي مانع من زواج الكويتية من الأجنبي أو الكويتي من الأجنبية، طالما أن كلا منهما رضي بالآخر»، ولكن العادات والتقاليد الكويتية ترى في هذا الزواج مشروعا فاشلا وتلك حقيقة تثبتها معدلات الطلاق بين الطرفين، وعلى الرغم من ذلك لا يمكن أن ننكر أن هناك الكثير من الزيجات الناجحة، والأمرفي النهاية يعود إلى الشخص نفسه وحريته في اختيار شريك حياته.
بينما ترى روان الخالد ( 26 موظفة متزوجة) عملية فرض قوانين لتقويض الزواج من أجانب غير مطلوبة، لأن الزواج مؤسسة اجتماعية لها ركائز أساسية وهي التفاهم والمودة لذا فراحة كل من الطرفين لها الأولوية على أي اعتبارات أخرى.
حرية شخصية
وتتساءل خلود (21 سنة) «لماذا لا تعطى الكويتية الفرصة في اختيار شريك الحياة سواء كان أجنبيا أو غيره طالما أنها لا تخرج عن الدين ولا العادات الاجتماعية الشرقية وهل من المعقول أن تحرم المرأة من أي امتيازات يتمتع بها الرجل الكويتي في حال زواجه من أجنبية؟
بينما يؤكد محمد ( 22 عاما) أن الزواج حرية شخصية لا يجب أن يتدخل بها أي طرف وله كامل حقوقه كمواطن كويتي، أما بخصوص التركيبة أو النسيج الاجتماعي والتي تعد العادات والتقاليد صارمة بشأنها، فلا يوجد خطر يذكر من التأثير عليه لأننا دولة تستوعب أعدادا كبيرة من الوافدين بجنسيات متعددة وثقافات مختلفة وإن كان الزواج من الوافدين يمكن أن نقبله بشروط مثل التكافؤ والتقارب في العادات والتقاليد.
عيوب زواج الأجانب
على الجانب الآخر ظهرت ردود فعل رافضة بشكل قاطع لمسألة الزواج من أجانب خصوصا مع تنامي ظاهرة العنوسة في المجتمع الكويتي، وتؤكد بدور (40 سنة) ربة منزل أن الزواج من ابن الديرة له مميزات كثيرة أهمها التوافق الفكري والثقافي وهو أهم عامل تفتقر إليها عملية الزواج من أجانب وتعتبر سببا رئيسيا من أسباب وقوع الطلاق وبالتالي تظهر على أثرها قضية أخرى وهي من يحتفظ بالأبناء، وفي الغالب تتحمل المرأة الكويتية كل العبء بعد رجوع الزوج لبلده دون عناء السؤال عن مصير الأطفال.
ويشدد عبدالرحمن عبدالله (45 عاما) على رفض فكرة الزواج من أجانب خصوصا بالنسبة للمرأة حفاظا عليها وعلى أبنائها من التعرض لمشاكل بالمستقبل مثل الجنسية والإقامة والسكن وخلافه، ولأن المجتمع الكويتي له خصوصية اجتماعية يجب الحفاظ عليها من فقدان الهوية وسط تيارات العولمة التي باتت تجتاح خصوصية الأفراد وتؤثر بشكل سلبي على العادات والتقاليد لافتا إلى أنه في الغالب تتبع الزوجة الزوج وتعيش معه في بلده وبالتالي تتأثر بعاداته وخلفيته الثقافية لهذا لا نجد خطورة كبيرة في حال زواج الكويتي من أجنبية على عكس الكويتية، وأردف قائلا: «وإن كان حلاوة الثوب رقعته منه فيه»..
أسباب المشكلة
زواج الكويتي من أجنبيات لم يعد أمرا غير مألوف بل أصبح شيئا واقعا، حيث يعيش بين الكويتيين الكثير من الجاليات المختلفة لسنوات بل منهم من يولد ويموت على أرضها، ورغم كون المجتمع الكويتي واحدا من المجتمعات الراسخة والمتمسكة بالعادات والأعراف الاجتماعية إلى أبعد الحدود شأنه شأن أغلب المجتمعات الشرقية، يظهر جدل كبير حول عملية الزواج من الأجانب خصوصا بالنسبة للمرأة التي تفقد عددا من الحقوق التي يقرها القانون لكل مواطن عند الإقدام على هذا الزواج وهي المشكلة التي يعاني عدد كبير من السيدات في حين يتمتع الرجل بكامل حقوقه، والسؤال الملح هنا هل فرض قوانين تمنع الزواج من أجانب أو تقننه سيساهم في الحفاظ على هوية وتركيبة المجتمع والحد من ظاهرة العنوسة ؟!! وهو الاقتراح الذي أشاد به البعض ممن التقتهم «أوان».
في هذا الاتجاه تؤكد رغد (35 عاما) أن فرض قوانين تخلق فرص زواج أكثر بين أبناء الوطن الواحد، وتعرقل حرية الزواج من أجانب، يعد تدخلا غير مبرر في حريات المواطنين، كذلك لا يساهم بأي شكل يذكر في حل هذه القضية، ودليل على ذلك تزايد معدلات الطلاق، وأردفت تقول «إذن فالأفضل أن تبقى الفتاة بلا زواج أفضل من أن تحمل لقب مطلقة الذي ينظر إليه على انه جريمة، المتهم الأول فيها هي المرأة بلا رحمة»..
توجد ضرورة ملحة لتوعية الأفراد بأن الزواج شراكة تتم بين الرجل والمرأة ويجب التعاون من كلا الطرفين لإنجاحها حتى لو تطلب الأمر التضحية، غير أن حسن الاختيار من البداية أفضل طريقة لتفادي وقوع أي مشاكل مستقبلا. لأن الارتفاع الملحوظ في معدلات الطلاق والذي لا يعد ظاهرة تنفرد الكويت بها وحدها دون غيرها من دول المنطقة، وتظهر نسبها قليلة مقارنة بعدد كبير من الدول العربية الاخرى التي لها السمات والتقارب الاجتماعي الكويتي، إلا أن الطلاق يعد من الأسباب الرئيسية التي ترجح فكرة الزواج من غير أجانب لدى البعض،
بالإضافة إلى وجود عدد من الأسباب الأخرى يقع عليها نفس الذنب مثل غلاء مهور الكويتيات والذي تتمسك به أغلب الأسر الكويتية دون تنازل في حين أن الأجنبية لا يوجد لها مطالب تذكر قبل الزواج حسب آراء البعض مما يتخذ ذريعة للزواج من غير الكويتية والبعض يعتقد أن الزواج من الخارج نوع من الترف والبحث عن المتعة فقط والبعض الآخر يراه ضرورة.
مسؤولية الزواج
ويرى كثير من الشباب أن المرأة الكويتية تخلت عن دورها الأساسي في تربية أبنائها والعناية بزوجها وأصبحت تطارد أحلام الوظيفة والتعليم والتقدم الاجتماعي فضلا عن الموضة وجلسات الأصدقاء، وتناست المنزل واحتياجاته بشكل كبير وهو ما أثر سلبا على الترابط الأسري، فكان اللجوء إلى الزوجة الأجنبية هو الحل الوحيد كما يقول خالد ( 25 سنة موظف بوزارة العدل)، بيد أن الزوجة الأجنبية يكثر حولها الكثير من التساؤلات أهمها الهوية الاجتماعية المختلفة تماما عن الزوج، وبالتالي يظهر الأبناء تقاربا أكثر نحو أفكار واتجاهات الأم لأنها من يتحمل عبء التربية بشكل كامل تقريبا، وهو الأمر الذي لا يتناسب وطبيعية الرجل الكويتي أو الشرقي بوجه عام، ولكن هل رغبة المرأة في حياة أفضل من الناحية العملية والمهنية يعد خروجا على الطبيعة؟!، أم بات سببا يبرر ظهور قضايا اجتماعية موجودة حتى في المجتمعات الأكثر انغلاقا في رؤية وتقدير دور المرأة كشريك رئيسي في بناء المجتمع؟
سلبيات العولمة
من جانبها تقول دكتورة علم النفس بجامعة الكويت د. أمثال الحويلة: إن أغلب الدراسات الاجتماعية تشير إلى أن الشباب من الجنسين يعاني من هوة وفجوة في مرحلة النضوج.. حيث يفتقر معظمهم للمعنى الحقيقي لتحمل المسؤولية، وذلك ينطبق على تفكير واهتمامات شريحة كبيرة منهم، فتصب ناحية السطحية والتقليد الأعمى لتبعات الانفتاح والعولمة، في ظل غياب قاعدة أساسية تعطي الفرد القدرة على التمييز بين الصح والخطأ، فالاندماج والانصهار بين المجتمعات أصبح له اكثر من منفذ ويؤدي إلى اتجاه واحد، نتج عنه تغير الكثير من المفاهيم الاجتماعية السائدة.
وتشدد الحويلة إلى النسيج والترابط الاجتماعي والمودة التي طالما حافظت عليها المجتمعات الشرقية، تبدلت متجه نحو التفكك والفهم الخاطئ للحرية، التي لم تعد تفرض على الشاب أو الفتاة الالتزام بقواعد اجتماعية راسخة قد ساهمت طويلا في الحفاظ على هوية المجتمع سواء في المظهر أو الجوهر، تؤكد هذه الدراسات أن النظرة إلى الزواج كرابط اجتماعي هام أضحت لا ترتكز على رؤية متزنة لهدف الزواج الاساسي ومستقبله، وظهرت أكثر سطحية وضيقا، ودليل ذلك هو تفشي ظاهرة الطلاق بعد مدة قصيرة قد لا تتعدى الشهور أو بالأحرى الأيام بالإضافة إلى عزوف ورفض الكثير من الشباب لفكرة الزواج وتحمل المسؤولية.
عزوف الشباب
ويقول سالم عبدالحي (65 سنة) إن ظاهرة عزوف الشباب الكويتي عن الزواج من الكويتيات والاتجاة إلى الزواج من أجنبيات بمن فيهن الآسيويات وبالتحديد من الفلبينيات يزيد من نسبة عنوسة الكويتيات ويشجعهن على الزواج من الأجانب مهما كانت جنسياتهم. ويضيف عبدالحي يبرر الشباب الكويتي عزوفه عن الارتباط بالكويتيات بغلاء مهورهن حيث يصل مهر الواحدة منهن أحيانا إلى عشرة آلاف دينار (30 ألف دولار أميركي)، أضف إلى ذلك ما يعرف بالمصاريف الأخرى مثل أجر الطقاقة أو الفرقة الموسيقية وصالات العرس والذهب وما إلى ذلك والتي تفوق تكلفتها في كثير من الأحيان المهر نفسه. وهناك عائلات تبالغ في المهور. وأكثر ما يلفت الانتباه هو اقبال الشباب الكويتي على الزواج من آسيويات، وبالتحديد من جنسيات فلبينية وتايلندية ونيبالية واندونيسية وصينية ومالديفية وسنغافورية. مؤكدا على ضرورة تدخل الحكومة لتقييم الوضع الجديد والوقوف على أهم الاسباب التي تؤدي إلى مثل هذة الزيجات «المركبة» كما يصفها البعض، خاصة أن زواج الكويتي من الفلبينية، أصبح اكثر شيوعا في الآونة الأخيرة.
ومن ناحيتها تقول أم سليمان الجار الله هناك عدة عوامل تغذي هذه الظاهرة أهمها رخص مهور الأجنبيات حيث أن مهر الآسيوية لا يزيد عن الألف دينار (ثلاثة آلاف دولار)، بالإضافة إلى أن طلبات المرأة الآسيوية أقل من الكويتية والخليجية بشكل عام. ويرى البعض أن ما يحدث من زيجات الكويتيين من نساء من كل بقاع الدنيا لا يمثل ظاهرة بعد لكنها بداية لظاهرة مقبلة. وتظل الآسيوية، خاصة الفلبينية، مثالا للزوجة الراضية عن وضعها الاجتماعي، مهما كان بسيطا، لدى الشاب الكويتي. وأضافت: مطالب الآسيوية بسيطة لا مؤخر «يكسر الظهر» ولا أعباء بعد الزواج، وهي تحاول دائما التوفير بأقصى ما تستطيع. إذ لا تشترط المرأة الآسيوية للزواج سوى المكان المناسب للسكنى، ولو كان غرفة، ولا شيء بعد ذلك!. بينما تشترط المرأة العربية عموما، أو أهلها خصوصاً، شروطاً ثقيلة للزواج.
معايير الاختيار الزواجي
يؤكد د.يعقوب الكندري أستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت أن المجتمع المحلي مر بعملية تغير اجتماعي ثقافي سريع، وهذا التغير أصاب البناء الاجتماعي وجميع الأنظمة الاجتماعية والأسرة، وأثر في العادات والتقاليد والأسس والمعايير والقيم وغيرها من الأمور التي تساعد في بناء الأسرة، ومنها موضوع الاختيار الزواجي ومعاييره. فقضية من يتزوج من، عملية ثقافية بحتة حددها الكثير من الأمور والاعتبارات الاجتماعية التي تتعلق بثقافة المجتمع، والنظام الاجتماعي التقليدي لم يكن يتقبل الزواج بشخص من ثقافة مختلفة، وكان المعيار الأساسي هو أن يتزوج الشخص من محيط القرابة، وإذا لم يجد من هذا المحيط يتزوج من الطبقي، فالزواج في تلك الفترة كان ينظم علاقة بين أسرتين أكثر منه بين شخصين، وهذا المفهوم مازال موجودا حتى اليوم ولكن بشكل أقل من السابق.
ويردف: إن الثقافة الكويتية تصنف بأنها ثقافة مغلقة، ولكن الاتصال الثقافي بين المجتمع المحلي والمجتمعات الأخرى بسبب وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة لعب دورا هاما في التقريب بين الثقافات ونشر المعطيات والعناصر الثقافية، وبدأ هناك تقبل لفكرة الزواج من غير الكويتي سواء بالنسبة للرجل أو المرأة وإن كان القبول الاجتماعي للنمط الأول هو الأكثر.
تاريخ النشر : 2010-03-07
حنان يوسف - اوان
انتشار العمالة الآسيوية أحد أسباب الزواج
في إحدى المدارس الحكومية الواقعة في منطقة العاصمة التعليمية، وتحديدا في المدرسة الابتدائية للطلاب، كان يوسف (طالب بالصف الثاني -كويتي الجنسية) دائم العزلة، تبدو ملامحه مميزة، فعيناه وشعره الأسود الكثيف توحي بأنه من الجنسية الآسيوية.. لم يشارك يوسف زملاؤه اللعب ولا يحب
الاختلاط بهم، لفت ذلك، انتباه المدرسين والاخصائي الاجتماعي فاستدعى والده، وبعد الاستفهام والسؤال اكتشف أن يوسف شديد التعلق بأمه، وهي من الجنسية الفلبينية، وأنه لايجيد الحديث باللهجة الكويتية ولا العربية ويجد صعوبة في الاختلاط بمن هم من جنسيات غير الفلبينية، خاصة أنه ولد في مانيلا العاصمة.. أما من جهة المدرسة فهو يعاني من عدم فهم ومتابعة الدروس
والمناهج التعليمية.. كما أنه غالبا مايتعرض للسخرية من قبل الطلاب مما أثر على سلوكياته... أحد الحلول المطروحة أن ينقل الطفل من المدارس الحكومية إلى المدارس الأجنبية ولكن لضيق الحال لم يستطع والده نقله نظرا للكلفة المادية، مما زاد من معاناة يوسف الصغير، وكانت النتيجة رسوبه في الكورس الأول وتعرضه لنوبات نفسية وعصبية ورفضه الذهاب للمدرسة مع بداية الكورس الثاني..
زواج الكويتي من الأجنبية وخصوصا الآسيويات قضية تشغل ليس فقط الشارع الخليجي والعربي إنما الكويتي خصوصا مع ارتفاع معدلات العنوسة بين الكويتيات والعزوف عن الزواج بين الكويتيين، فقد أثارت إحدى الفتاوى السعودية والتي جاءت على لسان عالم الدين عبدالمحسن العبيكان جدلا كبيرا حيث دعت الفتوى إلى تحريم زواج المواطنين من الأجانب من دون عقد وتصريح يحصل عليه الراغب بالزواج من السلطات المختصة في البلاد. وسفارات الدول، ويواجه هذا الزواج رفضا اجتماعيا في أغلب دول المنطقة الخليجية، لما له من سلبيات نتيجة اختلاف العادات والتقاليد بين المجتمعات والتي تظهر آثارها من خلال ارتفاع معدلات الطلاق إلى جانب صعوبة حصول الأبناء على الجنسية في حال استقرار الزوجة ببلدها.. ناهيك عن مشاكل لاحصر لها.... «أوان» تعرضت لقضية زواج الكويتيين من الأجنبيات، ورصدت الآراء وبحثت في الأسباب الاجتماعية لهذه الظاهرة....
تقول أميرة ( 24 سنة سورية متزوجة من كويتي) «لا أرى أي مانع من زواج الكويتية من الأجنبي أو الكويتي من الأجنبية، طالما أن كلا منهما رضي بالآخر»، ولكن العادات والتقاليد الكويتية ترى في هذا الزواج مشروعا فاشلا وتلك حقيقة تثبتها معدلات الطلاق بين الطرفين، وعلى الرغم من ذلك لا يمكن أن ننكر أن هناك الكثير من الزيجات الناجحة، والأمرفي النهاية يعود إلى الشخص نفسه وحريته في اختيار شريك حياته.
بينما ترى روان الخالد ( 26 موظفة متزوجة) عملية فرض قوانين لتقويض الزواج من أجانب غير مطلوبة، لأن الزواج مؤسسة اجتماعية لها ركائز أساسية وهي التفاهم والمودة لذا فراحة كل من الطرفين لها الأولوية على أي اعتبارات أخرى.
حرية شخصية
وتتساءل خلود (21 سنة) «لماذا لا تعطى الكويتية الفرصة في اختيار شريك الحياة سواء كان أجنبيا أو غيره طالما أنها لا تخرج عن الدين ولا العادات الاجتماعية الشرقية وهل من المعقول أن تحرم المرأة من أي امتيازات يتمتع بها الرجل الكويتي في حال زواجه من أجنبية؟
بينما يؤكد محمد ( 22 عاما) أن الزواج حرية شخصية لا يجب أن يتدخل بها أي طرف وله كامل حقوقه كمواطن كويتي، أما بخصوص التركيبة أو النسيج الاجتماعي والتي تعد العادات والتقاليد صارمة بشأنها، فلا يوجد خطر يذكر من التأثير عليه لأننا دولة تستوعب أعدادا كبيرة من الوافدين بجنسيات متعددة وثقافات مختلفة وإن كان الزواج من الوافدين يمكن أن نقبله بشروط مثل التكافؤ والتقارب في العادات والتقاليد.
عيوب زواج الأجانب
على الجانب الآخر ظهرت ردود فعل رافضة بشكل قاطع لمسألة الزواج من أجانب خصوصا مع تنامي ظاهرة العنوسة في المجتمع الكويتي، وتؤكد بدور (40 سنة) ربة منزل أن الزواج من ابن الديرة له مميزات كثيرة أهمها التوافق الفكري والثقافي وهو أهم عامل تفتقر إليها عملية الزواج من أجانب وتعتبر سببا رئيسيا من أسباب وقوع الطلاق وبالتالي تظهر على أثرها قضية أخرى وهي من يحتفظ بالأبناء، وفي الغالب تتحمل المرأة الكويتية كل العبء بعد رجوع الزوج لبلده دون عناء السؤال عن مصير الأطفال.
ويشدد عبدالرحمن عبدالله (45 عاما) على رفض فكرة الزواج من أجانب خصوصا بالنسبة للمرأة حفاظا عليها وعلى أبنائها من التعرض لمشاكل بالمستقبل مثل الجنسية والإقامة والسكن وخلافه، ولأن المجتمع الكويتي له خصوصية اجتماعية يجب الحفاظ عليها من فقدان الهوية وسط تيارات العولمة التي باتت تجتاح خصوصية الأفراد وتؤثر بشكل سلبي على العادات والتقاليد لافتا إلى أنه في الغالب تتبع الزوجة الزوج وتعيش معه في بلده وبالتالي تتأثر بعاداته وخلفيته الثقافية لهذا لا نجد خطورة كبيرة في حال زواج الكويتي من أجنبية على عكس الكويتية، وأردف قائلا: «وإن كان حلاوة الثوب رقعته منه فيه»..
أسباب المشكلة
زواج الكويتي من أجنبيات لم يعد أمرا غير مألوف بل أصبح شيئا واقعا، حيث يعيش بين الكويتيين الكثير من الجاليات المختلفة لسنوات بل منهم من يولد ويموت على أرضها، ورغم كون المجتمع الكويتي واحدا من المجتمعات الراسخة والمتمسكة بالعادات والأعراف الاجتماعية إلى أبعد الحدود شأنه شأن أغلب المجتمعات الشرقية، يظهر جدل كبير حول عملية الزواج من الأجانب خصوصا بالنسبة للمرأة التي تفقد عددا من الحقوق التي يقرها القانون لكل مواطن عند الإقدام على هذا الزواج وهي المشكلة التي يعاني عدد كبير من السيدات في حين يتمتع الرجل بكامل حقوقه، والسؤال الملح هنا هل فرض قوانين تمنع الزواج من أجانب أو تقننه سيساهم في الحفاظ على هوية وتركيبة المجتمع والحد من ظاهرة العنوسة ؟!! وهو الاقتراح الذي أشاد به البعض ممن التقتهم «أوان».
في هذا الاتجاه تؤكد رغد (35 عاما) أن فرض قوانين تخلق فرص زواج أكثر بين أبناء الوطن الواحد، وتعرقل حرية الزواج من أجانب، يعد تدخلا غير مبرر في حريات المواطنين، كذلك لا يساهم بأي شكل يذكر في حل هذه القضية، ودليل على ذلك تزايد معدلات الطلاق، وأردفت تقول «إذن فالأفضل أن تبقى الفتاة بلا زواج أفضل من أن تحمل لقب مطلقة الذي ينظر إليه على انه جريمة، المتهم الأول فيها هي المرأة بلا رحمة»..
توجد ضرورة ملحة لتوعية الأفراد بأن الزواج شراكة تتم بين الرجل والمرأة ويجب التعاون من كلا الطرفين لإنجاحها حتى لو تطلب الأمر التضحية، غير أن حسن الاختيار من البداية أفضل طريقة لتفادي وقوع أي مشاكل مستقبلا. لأن الارتفاع الملحوظ في معدلات الطلاق والذي لا يعد ظاهرة تنفرد الكويت بها وحدها دون غيرها من دول المنطقة، وتظهر نسبها قليلة مقارنة بعدد كبير من الدول العربية الاخرى التي لها السمات والتقارب الاجتماعي الكويتي، إلا أن الطلاق يعد من الأسباب الرئيسية التي ترجح فكرة الزواج من غير أجانب لدى البعض،
بالإضافة إلى وجود عدد من الأسباب الأخرى يقع عليها نفس الذنب مثل غلاء مهور الكويتيات والذي تتمسك به أغلب الأسر الكويتية دون تنازل في حين أن الأجنبية لا يوجد لها مطالب تذكر قبل الزواج حسب آراء البعض مما يتخذ ذريعة للزواج من غير الكويتية والبعض يعتقد أن الزواج من الخارج نوع من الترف والبحث عن المتعة فقط والبعض الآخر يراه ضرورة.
مسؤولية الزواج
ويرى كثير من الشباب أن المرأة الكويتية تخلت عن دورها الأساسي في تربية أبنائها والعناية بزوجها وأصبحت تطارد أحلام الوظيفة والتعليم والتقدم الاجتماعي فضلا عن الموضة وجلسات الأصدقاء، وتناست المنزل واحتياجاته بشكل كبير وهو ما أثر سلبا على الترابط الأسري، فكان اللجوء إلى الزوجة الأجنبية هو الحل الوحيد كما يقول خالد ( 25 سنة موظف بوزارة العدل)، بيد أن الزوجة الأجنبية يكثر حولها الكثير من التساؤلات أهمها الهوية الاجتماعية المختلفة تماما عن الزوج، وبالتالي يظهر الأبناء تقاربا أكثر نحو أفكار واتجاهات الأم لأنها من يتحمل عبء التربية بشكل كامل تقريبا، وهو الأمر الذي لا يتناسب وطبيعية الرجل الكويتي أو الشرقي بوجه عام، ولكن هل رغبة المرأة في حياة أفضل من الناحية العملية والمهنية يعد خروجا على الطبيعة؟!، أم بات سببا يبرر ظهور قضايا اجتماعية موجودة حتى في المجتمعات الأكثر انغلاقا في رؤية وتقدير دور المرأة كشريك رئيسي في بناء المجتمع؟
سلبيات العولمة
من جانبها تقول دكتورة علم النفس بجامعة الكويت د. أمثال الحويلة: إن أغلب الدراسات الاجتماعية تشير إلى أن الشباب من الجنسين يعاني من هوة وفجوة في مرحلة النضوج.. حيث يفتقر معظمهم للمعنى الحقيقي لتحمل المسؤولية، وذلك ينطبق على تفكير واهتمامات شريحة كبيرة منهم، فتصب ناحية السطحية والتقليد الأعمى لتبعات الانفتاح والعولمة، في ظل غياب قاعدة أساسية تعطي الفرد القدرة على التمييز بين الصح والخطأ، فالاندماج والانصهار بين المجتمعات أصبح له اكثر من منفذ ويؤدي إلى اتجاه واحد، نتج عنه تغير الكثير من المفاهيم الاجتماعية السائدة.
وتشدد الحويلة إلى النسيج والترابط الاجتماعي والمودة التي طالما حافظت عليها المجتمعات الشرقية، تبدلت متجه نحو التفكك والفهم الخاطئ للحرية، التي لم تعد تفرض على الشاب أو الفتاة الالتزام بقواعد اجتماعية راسخة قد ساهمت طويلا في الحفاظ على هوية المجتمع سواء في المظهر أو الجوهر، تؤكد هذه الدراسات أن النظرة إلى الزواج كرابط اجتماعي هام أضحت لا ترتكز على رؤية متزنة لهدف الزواج الاساسي ومستقبله، وظهرت أكثر سطحية وضيقا، ودليل ذلك هو تفشي ظاهرة الطلاق بعد مدة قصيرة قد لا تتعدى الشهور أو بالأحرى الأيام بالإضافة إلى عزوف ورفض الكثير من الشباب لفكرة الزواج وتحمل المسؤولية.
عزوف الشباب
ويقول سالم عبدالحي (65 سنة) إن ظاهرة عزوف الشباب الكويتي عن الزواج من الكويتيات والاتجاة إلى الزواج من أجنبيات بمن فيهن الآسيويات وبالتحديد من الفلبينيات يزيد من نسبة عنوسة الكويتيات ويشجعهن على الزواج من الأجانب مهما كانت جنسياتهم. ويضيف عبدالحي يبرر الشباب الكويتي عزوفه عن الارتباط بالكويتيات بغلاء مهورهن حيث يصل مهر الواحدة منهن أحيانا إلى عشرة آلاف دينار (30 ألف دولار أميركي)، أضف إلى ذلك ما يعرف بالمصاريف الأخرى مثل أجر الطقاقة أو الفرقة الموسيقية وصالات العرس والذهب وما إلى ذلك والتي تفوق تكلفتها في كثير من الأحيان المهر نفسه. وهناك عائلات تبالغ في المهور. وأكثر ما يلفت الانتباه هو اقبال الشباب الكويتي على الزواج من آسيويات، وبالتحديد من جنسيات فلبينية وتايلندية ونيبالية واندونيسية وصينية ومالديفية وسنغافورية. مؤكدا على ضرورة تدخل الحكومة لتقييم الوضع الجديد والوقوف على أهم الاسباب التي تؤدي إلى مثل هذة الزيجات «المركبة» كما يصفها البعض، خاصة أن زواج الكويتي من الفلبينية، أصبح اكثر شيوعا في الآونة الأخيرة.
ومن ناحيتها تقول أم سليمان الجار الله هناك عدة عوامل تغذي هذه الظاهرة أهمها رخص مهور الأجنبيات حيث أن مهر الآسيوية لا يزيد عن الألف دينار (ثلاثة آلاف دولار)، بالإضافة إلى أن طلبات المرأة الآسيوية أقل من الكويتية والخليجية بشكل عام. ويرى البعض أن ما يحدث من زيجات الكويتيين من نساء من كل بقاع الدنيا لا يمثل ظاهرة بعد لكنها بداية لظاهرة مقبلة. وتظل الآسيوية، خاصة الفلبينية، مثالا للزوجة الراضية عن وضعها الاجتماعي، مهما كان بسيطا، لدى الشاب الكويتي. وأضافت: مطالب الآسيوية بسيطة لا مؤخر «يكسر الظهر» ولا أعباء بعد الزواج، وهي تحاول دائما التوفير بأقصى ما تستطيع. إذ لا تشترط المرأة الآسيوية للزواج سوى المكان المناسب للسكنى، ولو كان غرفة، ولا شيء بعد ذلك!. بينما تشترط المرأة العربية عموما، أو أهلها خصوصاً، شروطاً ثقيلة للزواج.
معايير الاختيار الزواجي
يؤكد د.يعقوب الكندري أستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت أن المجتمع المحلي مر بعملية تغير اجتماعي ثقافي سريع، وهذا التغير أصاب البناء الاجتماعي وجميع الأنظمة الاجتماعية والأسرة، وأثر في العادات والتقاليد والأسس والمعايير والقيم وغيرها من الأمور التي تساعد في بناء الأسرة، ومنها موضوع الاختيار الزواجي ومعاييره. فقضية من يتزوج من، عملية ثقافية بحتة حددها الكثير من الأمور والاعتبارات الاجتماعية التي تتعلق بثقافة المجتمع، والنظام الاجتماعي التقليدي لم يكن يتقبل الزواج بشخص من ثقافة مختلفة، وكان المعيار الأساسي هو أن يتزوج الشخص من محيط القرابة، وإذا لم يجد من هذا المحيط يتزوج من الطبقي، فالزواج في تلك الفترة كان ينظم علاقة بين أسرتين أكثر منه بين شخصين، وهذا المفهوم مازال موجودا حتى اليوم ولكن بشكل أقل من السابق.
ويردف: إن الثقافة الكويتية تصنف بأنها ثقافة مغلقة، ولكن الاتصال الثقافي بين المجتمع المحلي والمجتمعات الأخرى بسبب وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة لعب دورا هاما في التقريب بين الثقافات ونشر المعطيات والعناصر الثقافية، وبدأ هناك تقبل لفكرة الزواج من غير الكويتي سواء بالنسبة للرجل أو المرأة وإن كان القبول الاجتماعي للنمط الأول هو الأكثر.
تاريخ النشر : 2010-03-07