المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث مختصر حول الامام المهدي



اكرم الذبحاوي
03-05-2010, 05:01 AM
الإهداء

الى حبيبي وأبي ومالك روحي
إلى صاحب اليد البيضاء التي امتدت إلي من وراء الأمواج المظلمة فأخرجتني الى البر الأخضر الأمين
الى صاحب الكفن الذي طالما شابه الغيوم في عطائه
الى صاحب الحنان الإلهي الذي أُفيض علينا
الى صاحب القلب الذي وسع كل أبنائه الذين آووا تحت خيمته
الى السلطان الإلهي الذي تسلط على نفوس العباد فأرشدهم الى طريق الرشاد
الى الرجل الأبيض الذي عندما نهض بيننا جلا ليلنا المظلم وأشرق بنور وجهه فجر الحرية
الى صاحب المنبر الذي بني في قلوبنا
الى حبيبي المقدس وولي أمرنا المطهر
السيد الولي الطاهر محمد الصدر ( رضوان الله تعالى عليه )








بسم الله الرحمن الرحيم
ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين
صدق الله العلي العظيم
القصص الآية 5
المقدمة
ربما يكون الإنسان عاجزاً عن إدراك بعض المفاهيم في قضية الإمام المهدي (عج ) أو ربما يكون الإنسان عاجزاً عن إدراك بعض مفاهيم وجود الانسان نفسه ، وما هي العلاقة بينه وبين الإمام المهدي (عج ) وما هي الصلة بين الإمام المهدي و الهدف من إيجاد الخلق او العلة الغائية من وجود الخلق ؟
او بتعبير أخر ، ما هي العلاقة بين الإمام المهدي (عج ) والآية الكريمة ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) الذاريات ــ 56 . ؟
فعندما يحاول إدراك هذه الأمور ترد إليه بعض الأسئلة منها :
1. ما هو الدليل على وجود الإمام المهدي (عج ) ؟
2. كيف يستطيع الإمام المهدي (عج ) إن يعيش عدة قرون بالرغم من أن القانون الطبيعي يقتضي خلاف ذلك ؟
3. ما سبب الحرص من قبل الله تعالى على إطالة عمر الإمام المهدي (عج ) وادخاره الى اليوم الموعود ؟
4. ما علاقة الفرد بالإمام المهدي (عج ) ؟
وغيرها كثير من الإشكالات والإيرادات حول قضية الإمام المهدي (عج ) وحسب إدراكي أن هذه الإشكالات ناتجة عن أمرين فتنقسم الى قسمين :
القسم الاول : الإشكالات الناتجة عن قلة وعي الفرد وعدم الإلمام الكامل بقضية الإمام المهدي (عج ) والأمور المتعلقة بقضية الإمام (ع) .
القسم الثاني : الإشكالات الناتجة عن دعم أعداء هذه القضية الإلهية وهم أصحاب المصالح الدنيوية التي ستهدم إن قام الإمام المهدي (عج ) وأصحاب النفوذ والسيطرة من جميع الأديان والمذاهب إن كانوا محسوبين على دين او مذهب وحتى بعض المحسوبين على الدين الإسلامي والمذهب الامامي فهؤلاء يدعمون بعض الإشكالات ماديا ومعنويا وبصورة مباشرة او غير مباشرة لتسقط هذه الأطروحة العادلة الكاملة في نظر الناس وفي أفكارهم مما يؤدي الى إهمال لتلك الأطروحة المتعلقة بالعالم تعلق الروح بالجسد .
ونحن في هذا الصدد نناقش بعض الأسئلة عن طريق بحث ملخص يتناول بعض جوانب القضية العادلة .














السؤال الأول :
ما هو الدليل علو وجود الإمام المهدي (عج ) ؟
إن الله تبارك وتعالى عندما خلق الخلق لم يخلقهم عبثا ولم يتركهم هملا وحاشاه فان الحكيم المطلق لا يفعل العبث ، كما انه عندما خلق الخلق خلقهم وهو غني عنهم فخلقهم لأجل حصولهم على مصالحهم الكبرى المتمثلة بوصولهم الى الكمال المنشود المتمثل بإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى حيث قال تعالى ( ما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ) .
إذن فالهدف من إيجاد الخلق هو الحصول على هذا الكمال العظيم بتوجه العبد توجها كاملا الى الله سبحانه وتعالى وكون سلوك الفرد كله على طاعة الله سبحانه و تعالى وعدله ، في كل حركة وسكون ، وهذا يتطلب عدة جوانب منها :
الجانب الاول : إيجاد الفرد الكامل من حيث كون الانسان بيد الحكمة الإلهية الكبرى وتحت إشرافها وتدبيرها .
الجانب الثاني : إيجاد المجتمع الكامل الذي يعيش على مستوى عال من التجرد من كل شيء إلا عبادة الله سبحانه وتعالى التي تتضمن تربية الفرد والمجتمع على مستوى عال من العدل الإلهي الكامل .
وهذا يحتاج الى دولة عادلة كاملة تحكم ذلك الفرد والمجتمع المتكامل الذي سبق وصفه . يحتاج الى دولة تحكمه بشريعة الله العادلة الكاملة الحقة ، وتكون هذه الدولة هي المسؤولة عن السير بالمجتمع نحو زيادة في التكامل اللا متناهي .
وهذا هو معنى العبادة الحقيقية المقصودة من الآية الكريمة . إما إذا كانت العبادة اقل من ذلك فهذا يعني التقصير في العبادة تجاه الخالق العظيم سواء أكان التقصير على مستوى الفرد او على المستوى الاجتماعي .
ويمكن الربط بين هذه الآية وهذا البحث وبين آيات أخرى من القران الحكيم كقوله تعالى ( وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم غب الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكن لهم دينهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني ولا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) " النور ــ 56 "
حيث أن الآية تتضمن وعد صريح من قبل من لا يخلف الميعاد للبشرية المؤمنة بان يستخلفهم في الأرض أي يوفقهم الى السلطة الفعلية على البشرية كما هو واضح من الآية الكريمة بكلمة ( يستخلفنهم في الأرض ) وفيها إطلاق أي كل الأرض وذلك لعدم وجود قرينة حالية او مقالية على التقييد ببقعة معينة او دولة معينة من الأرض .
إذن فالدولة تكون مسيطرة على جميع بقاع الأرض وأقاليمها وجعلها دولة واحدة يقودها العدل الإلهي والحكمة الإلهية والأخلاق السامية للدين الإسلامي الحنيف ، ويجب أن يقود هذه الدولة العادلة الكاملة شخص أرقى منها لكي يأخذ على عاتقه الأخذ بيد البشرية الى التكامل اللا متناهي نحو الكمال المطلق تبارك وتعالى .
ول يمكن لشخص أن يقود مثل هكذا مجتمع او مثل هكذا دولة إلا أن يكون له اتصال حقيقي بعلته التي أوجدته وادخرته من اجل هذا الهدف الأسمى والأكمل ، وتكون كل أفعاله وحركاته وسكناته صادرة وفق أوامر إلهية حكيمة ، وهذا لا يكون إلا لمن هو معصوم بالعصمة الواجبة التي تشمل العصمة عن السهو والنسيان والذنوب مهما كانت دقيقة ، وكذلك هذا القائد يجب أن لا يعاني من أي إكراه او ما شابه ذلك .
السؤال الثاني
كيف يستطيع الإمام المهدي أن يعيش عدة قرون بالرغم من أن القانون الطبيعي يقتضي خلاف ذلك ؟
ويجاب على هذا السؤال من عدة جوانب :
الاول : الجانب العلمي : وينبغي أولا أن نعرف معنى الشيخوخة والهرم من الناحية العلمية فالعلم يفسر الهرم بتفسيرين :
التفسير الاول : يفسر العلم الشيخوخة والضعف الهرمي بأنها نتيجة صراع واحتكاك مع مؤثرات خارجية كصراع الخلايا الجسمية مع عوامل خارجية كالميكروبات او التسمم الذي يتسرب الى جسم الأحياء من خلال ما يتناوله من غذاء مكثف او ما يقوم به من عمل مكثف او أي عامل آخر .
فإذا أخذنا بهذا التفسير نجيب :
أن بالإمكان نظريا إذا عزلت الأنسجة التي يتكون منها جسم الانسان عن تلك المؤثرات المعينة أن تمتد الحياة وتتجاوز ظاهرة الشيخوخة وتتغلب عليها نهائيا .
التفسير الثاني : وتارة أخرى يفسر العلم الشيخوخة والضعف الهرمي بأنه قانونا طبيعيا للخلايا والأنسجة الحية نفسها بمعنى أنها تحمل في أحشائها بذرة فنائها المحتوم مرورا بمرحلة الشيخوخة والهرم وانتهائا بالموت .
فإذا أخذنا بهذا التفسير نجيب بما يلي :
أن هذا القانون كونه قانونا طبيعيا لا معنى لعدم افتراض أي مرونة في هذا القانون بل هو قانون مرن في ذاته لأننا نجد في حياتنا الاعتيادية أن الأعمار متفاوتة فقد يموت الانسان مبكرا وقد يتأخر حتى يعبر المائة عام فهذا يعني أن هذا القانون مرن في حد ذاته وليس قانون صلب لا شواذ فيه كما يشاهدون ذلك العلماء في مختبراتهم أن الشيخوخة ظاهرة وقد تتأخر ولا تظهر إلا في فترة متأخرة حتى أن الرجل قد يكون طاعنا في السن ولكنه يملك اعظاء لينة ومرنة ولا تبدو عليه أعراض الشيخوخة كما نص على ذلك علماء الأطباء .
فإذا كان جائز علميا أن تتأخر الشيخوخة لفترة غير معينة قد تكون قصيرة وقد تكون طويلة إذن فمن الممكن أن تتأخر لفترة أطول .
وبهذا يثبت علميا أن تأجيل هذا القانون بخلق ظروف معينة أمر ممكن علميا .
الثاني : الجانب المنطقي :
لا شك في أن امتداد عمر الانسان ألاف السنين ممكن منطقيا لان ذلك ليس مستحيلا من وجهة نظر عقلية تجريدية ولا يوجد في مثل هذا الافتراض أي تناقض لان الحياة كمفهوم كلي لا يستبطن الموت السريع ولا نقاش في ذلك ، فان الحياة كمفهوم عام او ( وجود ذهني ) كما يعبرون لا تقتضي الموت السريع بل الأمر قد يكون أوضح من ذلك ، فان الأمر قد حدث في التاريخ عدة مرات فإذا حدث أمرا ما فان العقل يجيز تكراره لأنه قد حدث إذن هناك عوامل مساعدة على إيجاده فإذا ساعدت عوامل على إطالة عمر الخضر مثلا او نوح عليهما السلام مثلا فالعقل لا يرفض تكرر هذه العوامل لينتج إطالة عمر شخص آخر كالإمام المهدي (عج )
السؤال الثالث
ما سبب الحرص من قبل الله تبارك وتعالى على إطالة عمر الإمام المهدي (عج ) ؟
والإجابة على هذا السؤال تكون من ناحيتين :
الناحية الأولى : الناحية النفسية للقائد المنتظر .
إن اليوم الموعود لتطبيق الأطروحة العادلة الكامل ما هو إلا عملية تغيير كبرى تطرأ على كل العالم لتقضي على جميع الأنظمة التي لم تكن صالحة لقيادة العالم نحو الكمال فيقضي على كل المذاهب ولا يبقى إلا الإسلام .
وهذه العملية تتطلب قائدا يمتاز بوضع نفسي فريد ويمتاز أيضا بالشعور بالتفوق والإحساس بضعف الكيانات الشامخة التي اعد للقضاء عليها ، فعندما يوقن القائد المغير بتفاهة الحضارة السائدة وإنها كسوابقها من الحضارات التي انهارت بأتفه الأسباب يصبح أكثر استعدادا لمواجهتها والصمود في وجهها ومواصلة العمل ضدها حتى انهيارها .
وبما أن رسالة اليوم الموعود هي تغيير عالم بأكمله مليء بالظلم والجور وتحويله الى عالم مليء بالقسط والعدل فمن الواجب أن تفتش هذه الرسالة عن شخص اكبر من ذلك العالم وليس من مواليده فيجب أن لا يكون ذلك القائد المغير من مواليد ذلك العالم حيث ينشئ في ضل تلك الحضارة التي يراد القضاء عليها . لأن من ينشئ في ضل حضارة راسخة شامخة مسيطرة على الدنيا بسلطانها وفتح عينيه فلم يجد سوى جبروتها وهيمنتها تأخذه هيبة تلك الحضارة ويرى فيها أنها حضارة عريقة لا يمكن أن تسقط وتزول بسهولة فيجب أن يكون القائد المغير الذي يقود عملية التغيير العالمي شخص اكبر من تلك الحضارة وأعمق منها تاريخيا وواقعيا رأى الحضارات السابقة وهي تنشا وتسيطر وتهيمن على العالم ثم تنهار وتتلاشى ولا تبقى إلا في مخيلة التاريخ رأى ذلك بعينيه ولم يسمع بها او يقرا في كتب التاريخ ثم رأى الحضارة التي اعد للتصارع معها وإنهائها رآها وهي بذور صغيرة وقد اتخذت مواقعها من المجتمع البشري تتربص الفرصة لكي تنمو ورأى نقاط الضعف فيها ونقاط القوة وان كانت وهمية ثم يعاصرها وهي تنمو ثم يواكب ازدهارها وعملقتها وسيطرتها بالتدريج على العالم ويشهد جميع نقاط الضعف فيها.
فان مثل هذا الشخص يكون له هيبة التاريخ وقوة التاريخ ويكون له يقين كامل بان الحضارات التي اعد للصراع معها ما هي إلا وليدة يوم من أيام هذا التاريخ حالفها الحظ في تهيئة الأسباب فنهضت وستتهيأ بالتدريج الأسباب لانهيارها وتنهار وتزول كالحضارات السابقة الى ابد الآبدين .
الناحية الثانية : الناحية التطبيقية الفعلية – لو صح التعبير – لقضية الأطروحة العادلة الكاملة :
إن الهدف الحقيقي من إيجاد الخلق هو كما صرح به القران الكريم في الآية 56 من سورة الذاريات ( وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ) وهذا يقتضي أن يكون المجتمع البشري ككل مستعد لتطبيق هذه الأطروحة الإلهية والاستعداد البشري لا يكون إلا من خلال التربية المستمرة ويكون الاستعداد بالتدريج لذا اقتضت الحكمة الإلهية إرسال الرسل وبعثة الأنبياء فكانوا كلهم ممهدين لتطبيق الأطروحة العادلة الكاملة فكانوا مربين على مر الأجيال والعصور فواجبهم هو الأخذ بيد العالم الى التكامل وبحسب استعدادهم شيئا فشيئا .
حتى بلغ العالم استعداده لتلقي تلك الأطروحة نظريا فقط ولم يستعد لتلقيها عمليا .
فبعث النبي الأعظم (ص) ليلقي تلك الأطروحة نظريا .
فوضع القوانين النظرية لتلك الأطروحة الإلهية متمثلا بشريعة محمد (ص) او الشريعة الإلهية ( وحلال محمد حلال الى يوم القيمة وحرام محمد حرام الى يوم القيمة ) فكان دور الرسول الأعظم (ص) هو وضع الأسس العامة والقوانين الإلهية لتطبيق الأطروحة العادلة الكاملة وتطبيق بعض تلك الأسس العامة والقوانين الإلهية بما أتيحت له الفرصة لذلك وكان على قدر استعداد البشرية في ذلك الحين .
فكان دور الرسول الأعظم (ص) تمهيدا أيضا ، لتطبيق الأطروحة الإلهية العادلة الكاملة . ولكن تمهيدا أوسع وأعمق حيث انه وضع المرحلة الأولى الفعلية لتطبيق تلك الأطروحة .
ثم انه لا يمكن إرسال رسول بعد النبي الأعظم (ص) لأنه قد وضع القانون لتلك الأطروحة فلا معنى لإرسال رسول او بعث نبي بعده لان النبي يأتي مكملا لما قبله من الأنبياء والأديان وبما إن النبي (ص) جاء بشريعة متكاملة وخالدة تكون هي القانون العام للأطروحة الإلهية فلا مغير ولا مكمل إذن فلا معنى لبعثة نبي او إرسال رسول .
وبما أن المجتمع البشري لم يكن مستعدا للتطبيق العملي للأطروحة إذن لزم أن يكون مربي للمجتمع البشري له اتصال مباشر بالحكمة الإلهية ويتصف بصفات الأنبياء إلا انه ليس بنبي ولا رسول للسبب المذكور قبل قليل ، فجاء تسلسل المعصومين عليهم السلام ابتدءا من أمير المؤمنين (ع) ووصولا الى الإمام المهدي (عج ) .
فكانوا جميعا – ما عدا الإمام المهدي (عج) – جميعهم كانوا ممهدين لتلك الأطروحة الإلهية ومربين للمجتمع البشري وقادة للبشرية لأخذهم الى الكمال وتهيئتهم الى الاستعداد لتطبيق الأطروحة الإلهية الى ان وصل الأمر الى القائد المطبق لتلك الأطروحة الإلهية وكما مر في البحث آن القائد المنتظر يجب أن يمتاز بامتيازات عديدة شرحنا قسم منها في ما سبق من البحث اقتضت أن يكون ذلك القائد على عمق تاريخي هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى تهيئة الظروف الملائمة والمناسبة لتطبيق تلك الأطروحة ومن ناحية ثالثة أن المجتمع البشري حين وصول الإمام المهدي (عج ) الى الإمامة لم يكن مستعدا استعدادا كاملا للتطبيق العملي للأطروحة الإلهية .
لهذه الأسباب الثلاثة وغيرها اقتضت الحكمة الإلهية إطالة عمره عليه السلام .
إضافة الى إشرافه المباشر على تقويم أصحابه من خلال التمحيص على مر الأجيال والعصور لإكمال العدد الكافي لغزو العالم بالعدل المطلق .
وهذا يستغرق جهدا اكبر ووقتا أطول ليكون عليه السلام المطلع مباشرة على تربية أصحابه وأنصاره وإيجاد العدد الكافي لغزو العالم بالعدل الإلهي المطلق .

السؤال الرابع
ما علاقة الفرد بالإمام المهدي (عج )؟
ويكون الحديث في هذا المجال من اتجاهين
الاتجاه الاول : علاقة الفرد بالإمام المهدي (عج ) حال غيبته :
ويمكن الكلام هنا من مستويين :
المستوى الاول : والكلام هنا من الناحية الظاهرية بحيث يكون الفرد مطبقا لظاهرة الشريعة فيكون مؤديا للواجبات ومنتهيا عن المحرمات بل ومؤديا للمستحبات أيضا ومنتهيا عن المكروهات . لان ذلك يكون تطبيقا للأسس العامة لقانون الأطروحة العادلة الكاملة .
بل يجب على الفرد أن يكون متفقها ومطبقا تطبيقا كاملا لشريعة محمد (ص) حيث أن هذه الشريعة هي الأسس العامة لقوانين الأطروحة الإلهية فهو بهذا يكون مطبقا لظاهر الأطروحة الإلهية التي سيطبقها الإمام عليه السلام بعد ظهوره .
فبهذا تكون علاقة الفرد بالإمام المهدي بأنه ممهدا ظاهريا لتطبيق الأطروحة العادلة الكاملة وبالتالي يكون ممهدا للإمام المهدي (عج) .
المستوى الثاني : المستوى الأخلاقي :
حيث يجب أخلاقيا على كل فرد أن يربي نفسه بتربية الله سبحانه ويأخذ بيدها نحو الكمال المطلق فيكون متحليا بالفضائل ومتخليا عن الرذائل . بل أكثر من ذلك حيث انه يوجب على نفسه أن يكون معصوما بالعصمة الثانوية فيعمل على تكامل نفسه من حيث الظاهر والباطن حتى يكون مصداقا حقيقيا للحديث القدسي ( عبدي طعني تكن مثلي تقل للشيء كن فيكون ) .
وذلك لا يتم إلا من خلال تربية النفس وتهذيبها ليكون بذلك من الممهدين الحقيقيين للإمام المهدي (عج ) .
بل تكون العلاقة أعمق من ذلك وهي ان يكون الفرد من أصحاب الإمام (عج) بل وربما من خلص أصحابه (عج) وهذه أسمى علاقة تكون بين الفرد والإمام المهدي (عج) .
الاتجاه الثاني : علاقة الفرد بالإمام المهدي (عج) بعد ظهوره :
ويجب أن تكون العلاقة قائمة على عدة مراحل اذكر اثنين منها :
المرحلة الأولى : الإيمان المطلق للفرد بالإمام المهدي وانه وجه الله في الأرض او قل أمين الله في أرضه وحجته على عباده . وان أوامره أوامر الله ونواهيه نواهي الله سبحانه وتعالى وانه على صلة بالحكمة الإلهية والحق المطلق .
فكل ما يصدر منه هو صادر من قبل الله تعالى مهما كان الفعل الصادر منه صعبا ، لا أن يكون شكاكا في كل فعل وهذا مقام رفيع من الناحية الأخلاقية الباطنية لان نبي الله موسى (ع) كان نبيا بل من أولي العزم ولكنه لم يتحمل ما فعلة (الذي أوتي العلم ) من خرق السفينة وبناء الجدار وقتل النفس التي كانت ظاهرا بريئة . وما كان عدم احتماله لتلك الأفعال إلا لعدم إيمانه الكامل بهذا الرجل . فيجب أن يكون الفرد على مستوى عال من الإيمان بالقائد الذي يقوده نحو الكمال اللا متناهي .
المرحلة الثانية : الطاعة من قبل الفرد للإمام المهدي (ع) : فان طاعته هي طاعة الله تعالى وحيث قال تبارك وتعالى ( وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم ) لاشك أن الإمام المهدي من أولي الأمر ، فطاعته واجبة بنص القران الحكيم ، وليس هذا فقط بل يجب أن تكون الطاعة عمياء وليست ما تسمى بالطاعة المبصرة فان الطاعة العمياء للإمام المهدي هي طاعة مبصرة لان الإمام المهدي (عج) على اطلاع كامل بالمصالح العامة الكونية ، فهو اعرف بمصالحنا من أنفسنا وكما قلنا بأنه على صلة حقيقية بالحكمة الإلهية والعدل الإلهي المطلق .
إذن فيجب أن تكون طاعتنا له (ع) طاعة عمياء من دون شك او تردد بل نمضي له على ورقة بيضاء – كما يعبرون – فبهذا تكون علاقة الفرد بالإمام (ع) علاقة الفرد بمربيه وقائده نحو التكامل فيجب علينا جميعا أن نكون من الإفراد الحقيقيين لدولة الإمام المهدي (عج) والممهدين له وللأطروحة العادلة الكاملة وذلك بتطبيق أوامر القادة الممهدين للإمام والانتهاء بنواهيهم .
والحمد لله رب العالمين