yasmeen
03-03-2010, 04:07 PM
الثلاثاء, 02 مارس 2010
محيط - جهان مصطفى
يتأكد يوم بعد يوم أن الاستخبارات الإسرائيلية ليست بالقوة التي يعتقدها كثيرون ولعل هذا ما ظهر واضحا في فضيحة اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح وما أعقبها من مفاجأة قيام الأمين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله بزيارة سوريا دون أن يرصده الموساد وطائرات التجسس التي تحلق في سماء لبنان ليل نهار.
فالزيارة السابقة لم تسبب فقط صدمة لتل أبيب التي طالما زعمت أنها نجحت في تقييد حركة نصر الله منذ نهاية حرب تموز عام 2006 ، وإنما كشفت أيضا أن أجهزة الاستخبارات العربية تتفوق على الموساد وهذا ما تأكد في توصل سلطات دبي سريعا لقتلة المحبوح وفضح إسرائيل أمام العالم ، بالإضافة إلى ظهور حقيقة أخرى مفادها أن لحزب الله من القدرات الأمنية على التمويه والمناورة ما يضمن لأمينه العام حرية الحركة وفقا لاعتباراته السياسية والأمنية بعيدا عن أعين إسرائيل وأجهزة رصدها الجوية المتطورة تقنيا.
بل واللافت للانتباه أيضا أن بلطجة إسرائيل بدت هشة أمام تحدي نصر الله ، وهذا ما حاول التأكيد عليه خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في ضاحية بيروت الجنوبية .
ففي كلمته خلال الاحتفال الذي أقيم في مطلع مارس / آذار ، ربط نصر الله بين تهديداته التي أطلقها في 16 فبراير/شباط الماضي خلال إحياء ذكرى اغتيال عماد مغنية بضرب مطار بن جوريون في تل أبيب وتراجع خطابات التهديد الإسرائيلية بضرب لبنان وسوريا وإيران .
وأضاف قائلا :" يعلمون جيدا ( الإسرائيليون ) أن كل كلمة قيلت ما كانت لتقال لولا اليقين القطعي بإمكانية تنفيذها وتحقيقها وإن ما قيل هو البعض وليس كل شيء، لأننا اتفقنا أن هناك شيئا يجب أن نبقيه للمفاجآت".
وتطرق في كلمته إلى اللقاء الثلاثي الذي جمعه بالرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في دمشق في 25 فبراير والذي يعتبر أول ظهور علني له منذ اختفائه عن المحافل العامة إثر حرب تموز ، مشيرا إلى أن هذا اللقاء يدحض ما يتم تناقله عن تباعد بين هذه الأطراف ويشكل ردا كافياً على ما أسماه بـ"الرسائل الأمريكية" التي وصلت قبل قمة دمشق ، في إشارة إلى تعيين سفير أمريكي جديد لدى سوريا وتصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي طالبت خلالها دمشق صراحة بالابتعاد عن إيران والتخلي عن دعم حركات المقاومة.
واستطرد " التقارير المتناقلة عن تباعد إيران وسوريا وحزب الله مجرد كذب ، قيل الكثير عن خلاف بين سوريا وإيران وتباعد سوري - إيراني وتباعد بين سوريا والمقاومة في لبنان ، هؤلاء يكذبون ويكذبون إلى حد أنهم يصدقون الكذبة ويعملون بها ، لكن هذا ليس له أي أساس أو واقع واللقاء الثلاثي أثبت هذا الموضوع" .
واختتم بتحذير إسرائيل قائلا :" أنا أقول لهم خرجتم من لبنان نهائيا .. وأقول لكم لن تستطيعوا أن تعودوا إلى لبنان نهائيا" .
حرب شاملة
ويبدو أن تهديدات نصر الله لا تنبع من فراغ ، حيث أن تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم في 3 فبراير الماضي التي حذر خلالها إسرائيل من أن أي حرب ضد سوريا ستتحول إلى "حرب شاملة" لن تسلم منها المدن الإسرائيلية وما أعقبها من اللقاء الثلاثي هي أمور ترجح أن أية مغامرة عسكرية إسرائيلية جديدة في المنطقة لن تكون في جبهة واحدة مثلما حدث في حربي تموز 2006 وغزة 2008 .
ولعل هذا ما أشار إليه أيضا الكاتب البريطاني روبرت فيسك عندما ذكر أن حزب الله سينقل الحرب القادمة إلى شمالي إسرائيل عبر نشر عشرات من مقاتليه هناك ، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحيد سلاح الجو الإسرائيلي .
وبجانب ما ذكره فيسك ، فقد كشفت تقارير صحفية أن ترسانة حزب الله العسكرية تطورت أضعاف ما كانت عليه في حرب تموز ، حيث تقدر ترسانة صواريخه حاليا بـ 40 ألفا ، مقابل 14000 في 2006.
والمثير للانتباه في هذا الصدد أيضا أن حزب الله لم يركز على الجانب الكمي فقط ، بل عمل أيضا بناء على دروس حرب تموز على زيادة المدى لإدخال الجزء الأساسي من العمق الإسرائيلي ضمن التهديد الصاروخي. ويبدو أن الحزب حصل على منظومات لم تكن في حوزته سابقاً إذ اعترف وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك مؤخرا بأن معظم سكان إسرائيل يقعون تحت التغطية الصاروخية لحزب الله ومن غير المستبعد أن يكون الحزب قد حصل على طرازات متطورة من صواريخ "زلزال" و"فاتح 110 " الذي يبلغ مداه 250 إلى 300 كيلومتر ويحمل رأساً تفجيرياً زنته نحو نصف طن .
وإضافة إلى الصواريخ السابقة ، فقد كشفت تقارير صحفية أيضا أن حزب الله عمل على زيادة احتياطه من الصواريخ المضادة للدروع مع التشديد على صاروخ "كورنيت" الذي حصل عليه من سوريا والقادر على إصابة الهدف من على بعد 5.5 كيلومترات وكان الوسيلة الأكثر فاعلية لصد العملية البرية للجيش الإسرائيلي وتشويش إجراءاته في المعارك البرية في حرب تموز.
وتبقى بعد ذلك عدة أمور من أبرزها أن إسرائيل قد تكون اتخذت قرارا بشن حرب جديدة في المنطقة ، إلا أنها غير قادرة على ضمان نتائجها وتفاعلاتها ، لأن الحرب هذه المرة قد تكون في أكثر من جبهة مثلما جاء في تهديد وليد المعلم ، بل وقد تكون داخل إسرائيل نفسها وفقا للتسريبات الصادرة عن حزب الله وتهديدات نصر الله في 16 فبراير ومطلع مارس.
مأزق أمريكي
أيضا ، فإنه رغم كل الاستعدادات الإسرائيلية للقيام بعملية عسكرية كبرى سواء ضد لبنان أو سوريا أو حزب الله أو ضد حماس وغزة أو ضد إيران ، فإن تنفيذ تلك الحرب ليس سهلا ، حيث أن القرار مرتبط بموافقة أمريكية وإسرائيل لا يمكنها أن تشن أية حرب بدون ضوء أخضر من واشنطن ، والأمريكيون يدركون جيدا أن أية حرب على إيران أو على حزب الله ستكون نتائجها وخيمة وأنه يمكن تحديد متى تبدأ الحرب لكن لا أحد يستطيع أن يحدد نتائج تلك الحرب وأن يضمن انتهائها لمصلحة إسرائيل وأمريكا .
هذا بالإضافة إلى أن تنفيذ عملية عسكرية ضد إيران قد يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة والأمريكيون غير قادرين اليوم على تحمل نتائج تلك الحرب اقتصادياً وعسكرياً في ظل تصاعد المعارك في أفغانستان واليمن وعدم استقرار الوضع في العراق.
ورغم أن إسرائيل ترى في غزة الحلقة الأضعف في "جبهة الممانعة " وقد تكون هدف الحرب القادمة ، إلا أن تحليلات كثيرة أكدت أن وضع حماس اليوم أيضا أصبح أقوى مما كان عليه خلال الحرب على غزة في ديسمبر / كانون الأول 2008 وأن أي هجوم إسرائيلي سيشن على القطاع سيكون له تداعيات عسكرية وسياسية ليست لمصلحة الأمريكيين والإسرائيليين.
والخلاصة أنه من السهل على إسرائيل اتخاذ قرار بشن حرب جديدة في المنطقة ، إلا أنها على الأرجح لن تكون قادرة على التعامل مع نتائجها أو إحداث تغيير جذري في الأوضاع القائمة والتي تعتبرها تهديدا لها .
محيط - جهان مصطفى
يتأكد يوم بعد يوم أن الاستخبارات الإسرائيلية ليست بالقوة التي يعتقدها كثيرون ولعل هذا ما ظهر واضحا في فضيحة اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح وما أعقبها من مفاجأة قيام الأمين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله بزيارة سوريا دون أن يرصده الموساد وطائرات التجسس التي تحلق في سماء لبنان ليل نهار.
فالزيارة السابقة لم تسبب فقط صدمة لتل أبيب التي طالما زعمت أنها نجحت في تقييد حركة نصر الله منذ نهاية حرب تموز عام 2006 ، وإنما كشفت أيضا أن أجهزة الاستخبارات العربية تتفوق على الموساد وهذا ما تأكد في توصل سلطات دبي سريعا لقتلة المحبوح وفضح إسرائيل أمام العالم ، بالإضافة إلى ظهور حقيقة أخرى مفادها أن لحزب الله من القدرات الأمنية على التمويه والمناورة ما يضمن لأمينه العام حرية الحركة وفقا لاعتباراته السياسية والأمنية بعيدا عن أعين إسرائيل وأجهزة رصدها الجوية المتطورة تقنيا.
بل واللافت للانتباه أيضا أن بلطجة إسرائيل بدت هشة أمام تحدي نصر الله ، وهذا ما حاول التأكيد عليه خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في ضاحية بيروت الجنوبية .
ففي كلمته خلال الاحتفال الذي أقيم في مطلع مارس / آذار ، ربط نصر الله بين تهديداته التي أطلقها في 16 فبراير/شباط الماضي خلال إحياء ذكرى اغتيال عماد مغنية بضرب مطار بن جوريون في تل أبيب وتراجع خطابات التهديد الإسرائيلية بضرب لبنان وسوريا وإيران .
وأضاف قائلا :" يعلمون جيدا ( الإسرائيليون ) أن كل كلمة قيلت ما كانت لتقال لولا اليقين القطعي بإمكانية تنفيذها وتحقيقها وإن ما قيل هو البعض وليس كل شيء، لأننا اتفقنا أن هناك شيئا يجب أن نبقيه للمفاجآت".
وتطرق في كلمته إلى اللقاء الثلاثي الذي جمعه بالرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في دمشق في 25 فبراير والذي يعتبر أول ظهور علني له منذ اختفائه عن المحافل العامة إثر حرب تموز ، مشيرا إلى أن هذا اللقاء يدحض ما يتم تناقله عن تباعد بين هذه الأطراف ويشكل ردا كافياً على ما أسماه بـ"الرسائل الأمريكية" التي وصلت قبل قمة دمشق ، في إشارة إلى تعيين سفير أمريكي جديد لدى سوريا وتصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي طالبت خلالها دمشق صراحة بالابتعاد عن إيران والتخلي عن دعم حركات المقاومة.
واستطرد " التقارير المتناقلة عن تباعد إيران وسوريا وحزب الله مجرد كذب ، قيل الكثير عن خلاف بين سوريا وإيران وتباعد سوري - إيراني وتباعد بين سوريا والمقاومة في لبنان ، هؤلاء يكذبون ويكذبون إلى حد أنهم يصدقون الكذبة ويعملون بها ، لكن هذا ليس له أي أساس أو واقع واللقاء الثلاثي أثبت هذا الموضوع" .
واختتم بتحذير إسرائيل قائلا :" أنا أقول لهم خرجتم من لبنان نهائيا .. وأقول لكم لن تستطيعوا أن تعودوا إلى لبنان نهائيا" .
حرب شاملة
ويبدو أن تهديدات نصر الله لا تنبع من فراغ ، حيث أن تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم في 3 فبراير الماضي التي حذر خلالها إسرائيل من أن أي حرب ضد سوريا ستتحول إلى "حرب شاملة" لن تسلم منها المدن الإسرائيلية وما أعقبها من اللقاء الثلاثي هي أمور ترجح أن أية مغامرة عسكرية إسرائيلية جديدة في المنطقة لن تكون في جبهة واحدة مثلما حدث في حربي تموز 2006 وغزة 2008 .
ولعل هذا ما أشار إليه أيضا الكاتب البريطاني روبرت فيسك عندما ذكر أن حزب الله سينقل الحرب القادمة إلى شمالي إسرائيل عبر نشر عشرات من مقاتليه هناك ، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحيد سلاح الجو الإسرائيلي .
وبجانب ما ذكره فيسك ، فقد كشفت تقارير صحفية أن ترسانة حزب الله العسكرية تطورت أضعاف ما كانت عليه في حرب تموز ، حيث تقدر ترسانة صواريخه حاليا بـ 40 ألفا ، مقابل 14000 في 2006.
والمثير للانتباه في هذا الصدد أيضا أن حزب الله لم يركز على الجانب الكمي فقط ، بل عمل أيضا بناء على دروس حرب تموز على زيادة المدى لإدخال الجزء الأساسي من العمق الإسرائيلي ضمن التهديد الصاروخي. ويبدو أن الحزب حصل على منظومات لم تكن في حوزته سابقاً إذ اعترف وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك مؤخرا بأن معظم سكان إسرائيل يقعون تحت التغطية الصاروخية لحزب الله ومن غير المستبعد أن يكون الحزب قد حصل على طرازات متطورة من صواريخ "زلزال" و"فاتح 110 " الذي يبلغ مداه 250 إلى 300 كيلومتر ويحمل رأساً تفجيرياً زنته نحو نصف طن .
وإضافة إلى الصواريخ السابقة ، فقد كشفت تقارير صحفية أيضا أن حزب الله عمل على زيادة احتياطه من الصواريخ المضادة للدروع مع التشديد على صاروخ "كورنيت" الذي حصل عليه من سوريا والقادر على إصابة الهدف من على بعد 5.5 كيلومترات وكان الوسيلة الأكثر فاعلية لصد العملية البرية للجيش الإسرائيلي وتشويش إجراءاته في المعارك البرية في حرب تموز.
وتبقى بعد ذلك عدة أمور من أبرزها أن إسرائيل قد تكون اتخذت قرارا بشن حرب جديدة في المنطقة ، إلا أنها غير قادرة على ضمان نتائجها وتفاعلاتها ، لأن الحرب هذه المرة قد تكون في أكثر من جبهة مثلما جاء في تهديد وليد المعلم ، بل وقد تكون داخل إسرائيل نفسها وفقا للتسريبات الصادرة عن حزب الله وتهديدات نصر الله في 16 فبراير ومطلع مارس.
مأزق أمريكي
أيضا ، فإنه رغم كل الاستعدادات الإسرائيلية للقيام بعملية عسكرية كبرى سواء ضد لبنان أو سوريا أو حزب الله أو ضد حماس وغزة أو ضد إيران ، فإن تنفيذ تلك الحرب ليس سهلا ، حيث أن القرار مرتبط بموافقة أمريكية وإسرائيل لا يمكنها أن تشن أية حرب بدون ضوء أخضر من واشنطن ، والأمريكيون يدركون جيدا أن أية حرب على إيران أو على حزب الله ستكون نتائجها وخيمة وأنه يمكن تحديد متى تبدأ الحرب لكن لا أحد يستطيع أن يحدد نتائج تلك الحرب وأن يضمن انتهائها لمصلحة إسرائيل وأمريكا .
هذا بالإضافة إلى أن تنفيذ عملية عسكرية ضد إيران قد يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة والأمريكيون غير قادرين اليوم على تحمل نتائج تلك الحرب اقتصادياً وعسكرياً في ظل تصاعد المعارك في أفغانستان واليمن وعدم استقرار الوضع في العراق.
ورغم أن إسرائيل ترى في غزة الحلقة الأضعف في "جبهة الممانعة " وقد تكون هدف الحرب القادمة ، إلا أن تحليلات كثيرة أكدت أن وضع حماس اليوم أيضا أصبح أقوى مما كان عليه خلال الحرب على غزة في ديسمبر / كانون الأول 2008 وأن أي هجوم إسرائيلي سيشن على القطاع سيكون له تداعيات عسكرية وسياسية ليست لمصلحة الأمريكيين والإسرائيليين.
والخلاصة أنه من السهل على إسرائيل اتخاذ قرار بشن حرب جديدة في المنطقة ، إلا أنها على الأرجح لن تكون قادرة على التعامل مع نتائجها أو إحداث تغيير جذري في الأوضاع القائمة والتي تعتبرها تهديدا لها .