لطيفة
03-02-2010, 08:50 AM
النهار الكويتية
2010 الثلائاء 2 مارس
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/NewsPapers/2010/3/week1/3349.jpg
عضو مجلس الشورى السعودي يرى أن فتور العلاقات مع إيران سببه عودة المحافظين للحكم
الكويت - سميرة فريمش
أكد عضو مجلس الشورى السعودي د. محمد آل زلفة ان المواطنة تعني الاحساس بوجود وطن يضمن حقوق الفرد في ظل القانون، مؤكدا ان انتماء شيعة الدول العربية لاوطانهم ولهويتهم العربية عكس ما يروج له البعض من أن ولاءهم لايران.
وكشف آل زلفة خلال لقائه مع «النهار» ان المملكة تعيش عودة للفكر القبلي والديني، الا ان القيادة السياسية تغلبت على ذلك باقامة مؤسسات سياسية تسمح لهذا الفكر بالانصهار فيها. وأقر آل زلفة بانه تراجع عن دعوته مع مجموعة من المثقفين السعوديين لاجراء انتخابات لاختيار اعضاء مجلس الشورى بسبب ما اسفرت عنه نتائج انتخابات المجلس البلدي. وقال نحن بحجة الى وقت لزرع ثقافة حق الانتخاب. وأشاد بالحركة التنويرية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين لتطوير المجتمع السعودي والتركيز على التعليم كعامل اساس للتغيير. كما تناول آل زلفة في حواره المطول العديد من القضايا اهمها تأثير السعودية على المنطقة باعتبارها عاصمة للقرار السياسي الخليجي والانتخابات في العراق والوضع في اليمن والصراع مع ايران.. فالى التفاصيل:
● لديك مفهوم خاص للمواطنة، وفي ظل منطقة تعيش هواجس الطائفية والقبلية، كيف بالامكان التخلص من هذا التوجه والالتفاف حول الوطن؟
■ المواطنة هي احساس بانك تعيش في وطن يضمن حقوقك في ظل قانون يضمن السلامة والامن وفرص العيش والعمل، وهذه المتطلبات تخلق الانتماء، فنحن في المملكة السعودية بدأنا من الصفر في مجتمع يغلب عليه طابع البداوة المنبثقة عن القبلية المتجذرة، والدولة جاءت لكبح جماح القبلية وحقها في الاستقلالية عن القبائل الأخرى التي تخلق النعرات القبلية. والدولية جاءت لتصهر جميع هذه القبائل في مفهوم واحد مع الغاء الزعامات المتعددة والاوطان المتعددة ايضا، وكانت فكرة اقامة الدولة الموحدة لتسخير هذه الطاقات من اجل بناء وطن موحد، بعد الخصام والتشرذم، ومن هنا نجحنا حيث روضنا القبيلة واصبح هناك تعايش، لكن المشكلة التي واجهت الدولة هي ظاهرة الجهل وبالتالي انشغلت الدولة بتأمين جميع الخدمات للمواطن من صحة وتعليم، وهذا الامر ساعد بشكل كبير في عدم العودة الى نظام القبيلة، خاصة بعد اكتشاف النفط، وبالتالي عاشت المملكة لسنوات طويلة في مرحلة بناء الدولة، ولكن بعد هذه التجارب ظهر لنا عامل جديد وهو محاولة تسييس الدين او تدين المجتمع بطريقة عجيبة، تتميز بالعصبية ما جعل المجتمع يجمع بين التعصب الديني والعودة الى التعصب القبلي.
ولكن حتى الآن لم تشكل لدينا مؤسسات سياسية تسمح لهذه القبائل بالانصهار فيها، والامر الذي يحسب للحكومة انها نجحت في تعيين نخب في مجلس الشورى دون الرجوع الى القبلية، أي ان العضو يتعامل من خلال مهنته وليس من خلال انتمائه القبلي، لكن في الكويت نجد ان القبيلة تدفع بأبنائها لتبوء بمقعد في مجلس الامة، وهذا الفكر نما للاسف وأصبح النائب يمثل قبيلته لا المجتمع الكويتي ككل، وبالتالي أصبح هناك ازدواجية في الولاء وهذه هي الخطورة.
تخوفات
● هل هذا التخوف هو الذي جعل السلطات السعودية تتبنى تعيين مجلس الشورى لانتخابه؟
■ كنت من بين الاشخاص الذين كانوا ينادون بضرورة الانتخابات، وذلك لان المجتمع وعلى مستوى النخب أصبح ناضجا، لكن من خلال تجربتنا مع أول انتخابات مجلس بلدية اكتشفت مع العديد من المثقفين السعوديين ان فكرة الانتخابات لاتزال كبيرة.
● أنتم تقولون ان الامر لايزال مبكرا حتى بعد مرور 80 عاما على الوحدة وما تشهده المملكة من تطور؟
■ نعم، لاننا اكتشفنا ان المجتمع وخلال الـ30 سنة الماضية سادت فيه موجة من التشدد الديني والعودة الى القبلية، فوجدنا اذا فكرنا في الانتخابات فان الذي سيفوز بها هما فئتان، المتدينون والقبليون وذلك لانهما الفئتان الاكثر سلطة وحضورا، وهذا ما حدث في الانتخابات البلدية، وهذه هي الخطورة، ونتساءل ماذا عن الآخرين؟ ولذلك نحن في حاجة الى وقت لزرع ثقافة حق الانتخاب والخروج من الانتماءات الدينية أو القبلية، ونحن كمثقفين دعونا الى خلق مثل هذه الثقافة وتنوير المواطن لان يكون مؤتمنا في حال مارس حقه السياسي، وان يتحدث باسم الوطن لا أي طرف آخر.
انفتاح على التعليم
● هل وجدتم استجابات جادة لهذه الدعوة؟
■ أعتقد ذلك حيث أصبح لدينا مركز للحوار الوطني وجزء من وظيفته تثقيف المواطن حول المواطنة الحقة وتنمية مفهوم الشراكة الوطنية، وتنوير المواطن بحقوقه الوطنية، اضافة الى اعادة النظر في مناهجه التعليمية والتركيز على الانتماء والعمل من أجل الوطن، والتقليل من التركيز من الذاتية او الانتماء لجهة دون أخرى، وهذا الانفتاح على التعليم لا يقتصر فقط على الجامعات السعودية التي أصبح عددها 25 جامعة في جميع أنحاء المملكة بعدما كان عددها 7 جامعات فقط، واعادة فتح البعثات الدراسية للخارج حيث سيكتمل في السنة المقبلة حوالي 160 ألف طالب مبتعث وهؤلاء سيختلطون بمجتمعات أخرى وينصهرون فيها ويستفيدون من تجارب هذه الدول، الامر الذي سينقلونه الى المجتمع السعودي بفضل تحصيلهم العلمي، ويؤهلهم الى أن يكونوا الصف الاول لقيادة البلاد التي نأمل ان يكون فيها وعد بالمشاركة السياسية واعطاء حقوق المرأة التي تعاني من الجانب المتدين أو من الجانب القبلي، والهدف الرئيس من هذه الخطوة هو تليين النفوس واعطاء المرأة حقوقها التي أقرها الاسلام.
● هل تعتقد ان عدد الطلبة المبتعثين الى الخارج في امكانه التأثير على المجتمع السعودي اذا ما نظرنا الى اجمالي عدد السكان؟
■ نعم، اذا قارنا 160 ألف طالب وطالبة في بلد فيه 21 مليون نسمة، وقد تظهر المقارنة غير منطقية وعدم قدرة هذا العدد على التأثير في هذا المجتمع الكبير لكن نلاحظ ان هؤلاء سيعودون الى الجامعات ومراكز اتخاذ القرار، وبالتالي سيكون لهم التأثير من خلال المؤسسات التي ينتمون اليها أو يعملون بها، وطبعا يصاحبهم العدد الكبير الذي يتخرج من الجامعات السعودية، فمثلا لدينا جامعة فقط للنساء أعدت لان تستوعب في العام الاول 70 ألف طالبة، وتعد من أكبر جامعات العالم المخصصة للنساء، وأعتقد أن هذا سيغير فكر الذين لا يقرون بأحقية المرأة في المجتمع، وأعتقد ان هذه الخطوة مهمة ما سيحدث تغييرا في المجتمع، فالمرأة أصبح دورها غير تقليدي ليصبح دورا اقتصادياً.
فكر تنويري
● هل وجود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على سدة الحكم الذي يحمل فكرا تنويريا ساهم في تقوية شوكة المثقفين في المملكة؟
■ بكل تأكيد، والحكومة خاضت حربا ضد المعارضين للفكر التنويري، ونجد ان الحكومة هي التي تحاول اقناع المواطن بقبول ما لا يقبله، مثلا تعليم المرأة والتعليم المدني، والملك عبدالعزيز مؤسس الدولة كان يقنع أبناء القبائل والأرياف لارسال الاطفال الى المدارس وذلك بصرف مساعدات للاب للسماح لابنه للذهاب الى المدرسة.
والملك عبدالله يقود نفس التجربة التي قادها ملوك السعودية، لكن الملك عبدالله حقيقة رجل رائع لانه في هذه المرحلة التي يسيطر فيها الفكر الاصولي او المتشدد على المنطقة ويريد ان يسابق الزمن ويتعايش معه، من اجل تعويض المجتمع السعودي للارتقاء بالذات، ومن ثم يكون تأثيرنا ايجابيا على المحيط وعلى العالم، وألا نكون سلبيين، فجامعاتنا ومنذ 50 عاما مضى كان معظم الخريجين فيها من حاملي شهادات العلوم الشرعية، ونحن لسنا بحاجة الى هؤلاء لاننا بحاجة لمن يقود النهضة الاقتصادية والاتصال بالعالم، ولذلك نجد ان الملك عبدالله يريد ان يطور هذا الجانب، من خلال خلق وعي جديد. دون الانسلاخ عن جلده وعن انتمائه العروبي والدين، ولكن هذه الافكار التي يحملها خادم الحرمين تؤهله لأن يلعب دوره المؤثر في العالم العربي والاسلامي.
الكفاءة
● وهل الدور الذي يقوم به خادم الحرمين ساهم في تقوية دور مجلس الشورى؟
■ مجلس الشورى صحيح انه مجلس معين لكن الذي يعوض عن التعيين وجود كفاءات جيدة، لان السلطة السياسية في المملكة وعلى رأسها خادم الحرمين يختار هؤلاء بعناية فائقة. والملك ينظر الى انه لا يوجد شك في ولاء مواطنيه، فالكفاءة شرط من شروط التعيين ولذلك هناك تأثير على القرارات التي يقرها مجلس الشورى ونجد ان السلطة السياسية تأخذ بعين الاعتبار معظم القرارات او توصيات المجلس.
جامعة العلوم والتقنية
● الشيء الذي يضاف الى انجازات الملك عبدالله في مجال التعليم هو افتتاحه لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، هناك من يقول ان الجامعة لها قوانين خاصة ويسمح للمرأة مثلا بقيادة السيارة، لماذا تعمم هذه التجربة على باقي جامعات المملكة؟
■ سؤال جميل، وفي الحقيقة ان خادم الحرمين يقود حركة تطويرية وتنويرية وتحديثية في المملكة غير معهودة وفي الوقت نفسه لا نسلخ اطلاقا عن طبيعة وضرورة هذا المجتمع، وحتى الدين، ولذلك فإن عهده يشهد ارتفاع عدد الجامعات بالمملكة الى 25 جامعة كما ذكرت سابقا وتوج هذه الجامعات بجامعة لها تميزها وهي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا ومن منطلق احساسه ان المملكة بحاجة الى اقامة مثل هذا الصرح الذي يفوق الجامعات الغربية ويكون بها تنوع في طلابها حيث ان عدد الطلاب السعوديين لا يتعدى 25 في المئة من عدد الطلاب الاجمالي والبقية ينتمون الى 64 جنسية من انحاء العالم.
فالملك من دعاة الحوار والانفتاح على العالم، ولذلك اجد ان الخطوة جميلة وبداية رائعة واضمن نجاحها وحتما ستكون صاحبة تأثير في الجامعات الاخرى خاصة الجامعات تحت التأسيس الآن، واعتقد ان خريجي هذه الجامعات باعتبارهم من طلاب الدرجات العليا سيتجهون الى باقي الجامعات ليكونوا عاملا مؤثراً، صحيح ان بعض المتشددين كان لهم رأي مختلف، لكن الجميل ان النمط الذي تتمتع به الجامعة موجود في جامعة البترول حيث ان المرأة تقود السيارة داخل الحرم الجامعي.
قضية وقت
● هناك من يتخذ عدم السماح للمرأة بقيادة سيارتها في المملكة ذريعة للتشهير واعتبار ان حقوق المرأة مهضوم في المجتمع السعودي. ما ردكم؟
■ اعتقد ان قضية السماح للمرأة بقيادة السيارة اصبحت قضية وقت لا غير، ونجد المرأة البدوية الآن في الأرياف تقود السيارة مثلها مثل العالمة التي تعمل في مختبر جامعة الملك عبدالله والمشكلة لدى بعض الناس في المدن راجع الى خلفيات مختلفة.
المرأة والمجتمع
● اعتماد خادم الحرمين على استثمار العقل السعودي وتشجيع الشباب على الدراسة، واهتمامه بالمرأة والسماح للمحاميات بالمرافقة في المحاكم، هل لمستم تطورا في وضع المرأة في عهد الملك عبدالله؟
■ المرأة هي نصف المجتمع ان لم تكن اكثر على رأي البعض، ومن الظلم ان نقول انها لا تلعب دورا في مجتمعاتها، فهي التي تتعرض للمعاناة اكثر، والسؤال لماذا نغيب دورها والملك آمن بهذا وأعطى دوراً كبيراً للمرأة فأصبح لدينا امرأة تترأس جامعة (جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن)، وهناك من لايزال لا يذكر اسم زوجته أو أمه، ولكن الملك أراد ان يسمي جامعة باسم امرأة وهذا لأول مرة، والغريب يوجد في المملكة آلاف المدارس التي لا تحمل أسماء وانما أرقاماً، وهذه المجتمعات التقليدية عادة ما تتحدث باسم الإسلام، بينما الاسلام يتحدث عن السيدة عائشة زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي روت الأحاديث، ويكرر اسمها في جميع الأماكن، فما بالك باسم امرأة عادية.
ونجد ان التقاليد العربية وخاصة في القبيلة يعتزون بأمهاتهم وينتمون لها، فحتى الفرسان يعتزون بأمهاتهم واخواتهم، ولكن المد الديني وبعض التقاليد هي التي فرضت هذه الثقافة، وبالتالي نسبت الى الاسلام ما أضر بالمجتمع وساهمت في التخلف، ونجد الملك في هذا الأمر يقود حركة جيدة، إذ نجد امرأة تتقلد منصب نائب وزير التعليم، نساء انتخبن في مجالس إدارات، وكذلك دخول المرأة عالم المحاماة، لأن المرأة هي الأقدر على تفهم وضع المرأة أمام المحاكم، فالملك أعاد الحياة مرة أخرى الى الدراسات القانونية في الجامعات، لأن المتشددين خلال 30 عاماً الماضية ألغوا أقسام القانون في الجامعات، وللأسف لايزال ينظر للمرأة من بعض المؤسسات ذات الطابع الديني نظرة غريبة أو هي مزج بين التخلف والدين الذي لا يعتمد على مرجعية، مثل قضية الاختلاط، لماذا يمنع الاختلاط في المدارس والجامعات ونجد اختلاطاً في الأسواق والحرم.
وهناك عشرات الآلاف من النساء يدرسن في الجامعات ومنهن من فازت بأعلى الجوائز في البحوث، مثل غادة المطيري التي حصلت على دعم في مشروع طبي متقدم من أرقى الجامعات الأميركية، وهذا الدعم يقدر بـ11 مليون دولار، وللأسف المجتمع السعودي لا يعرف عنها شيئاً، كما نجد ان المرأة السعودية قادت الطائرة قبل ان تقود السيارة.
سيادة وقرار
● أصبح للمملكة وزن في المنطقة ما أدى الى ان تكون الرياض عاصمة للقرار السياسي العربي، هل المملكة لديها القدرة الكافية على حل المشاكل والقضايا العربية العالقة.
■ قدر المملكة أن لها موقعها في محيطها الخليجي والعربي والإسلامي أيضاً وكذلك الدولي، والمملكة على مدى تاريخها تؤثر في هذا المحيط، فهي دولة مهمة جداً في العالم العربي، وكذلك في العالم الاسلامي لوجود الأماكن المقدسة، وعلى المستوى الدولي، لها تأثير وثقل سياسي واقتصادي، باعتبارها أكبر دولة منتجة للنفط، وكذلك لأنها عضو في مجموعة الـ20، ومن هذا المنطلق فان المملكة تلعب دوراً كبيراً في قضايانا العربية، وللأسف هناك من يحاول ان يقلل من دور المملكة في فترات معينة، أو يشكك في ان تقوم بدورها، ولكن ثبت انه لا غنى عن المملكة في العالم العربي، وكذلك لا أحد يزايد على المملكة في المواقف الإسلامية، واعتقد ان المملكة من الدول العربية الأولى التي وقفت مع قضيتنا العربية الجوهرية وهي القضية الفلسطينية، ولم يحدث انها ساومت أو استغلت هذه القضية لأهداف وأغراض خاصة بها، حيث كان موقف الملك عبدالعزيز واضحاً، ودعوته الى فتح الحدود للشعب العربي لتحرير الفلسطين، ورفض بذلك ان تستثمر القضايا الخاصة على حساب القضية الجوهرية.
وقال ان الشعب الفلسطيني لديه القدرة على الدفاع عن أرضه، وعلى الدول العربية دعمهم، كما انه كان ضد خوض حرب بجيوش نظامية ضد الوجود الإسرائيلي قبل التقسيم، وكان يقول دعونا ندعم الشعب الفلسطيني بالإنسان المحارب العربي، لأن اسرائيل تشكلت من ميليشيات قبل تشكيل الجيش النظامي.
وأما موقف الملك عبدالله تجاه القضية فهو يتألم من الذين يستثمرون القضية الفلسطينية لأغراضهم، فمثلاً إيران تحاول ان تسوق نفسها على حساب القضية الفلسطينية.
لان تكون هي المدافعة عن القضية وعن القدس، كأن ثورتها لم تقم الا لتحرير فلسطين بينما يصدق بعض العرب هذا الكلام، لكننا لم نجد دورا حقيقيا لايران في هذا الموضوع رغم انها تعمل على التشكيك في قدرات العرب للتعامل مع قضيتهم والمملكة تلعب دورها والتاريخ اثبت اننا على حق وان المملكة على حق وصاحبة موقف مخلص خصوصا في عهد الملك عبدالله، ففي الصراع والانشقاق الفلسطيني الحالي، نجد ان الملك عبدالله يتألم لهذا الوضع ويقول الا يكفي الاحتلال، نجد ان الاشقاء يخلقون عداوات، رغم ان هناك ايادٍ اسهمت في هذا الصراع.
فالمملكة بذلت جهودا في سبيل المصالحة الفلسطينية وكذلك المصالحة العربية - العربية، والملك يتمتع بمصداقية لدى جميع قيادات الدول العربية، رغم محاولات البعض بأن يجعل المملكة الدولة الحاضنة للارهاب والفكر المتطرف، لكن الملك ناضل من اجل تصحيح هذه الصورة، فالمملكة ليست بن لادن ولا المتشديدين الذين يحاربون باسم الاسلام والذين شوهوا الاسلام.
التطرف
● صحيح، هذه النقطة تحديدا، يعتبرها البعض انها تعيق عمل المملكة وتأثيرها على المنطقة كيف ترون؟
■ صحيح، للاسف ان البعض يريد ان يضعف دور المملكة في السيطرة على اصحاب الفكر المتطرف ويتهمونها بانها صانعة لهذا الفكر او منتجة له ولكن الملك يدافع عن وطنه وعن الاسلام الذي الحق به مصائب بسبب المتطرفين الذين يقتلون الابرياء من المسلمين لا الاعداء، فاصبح من يتاجر باسم الاسلام كثر سواء على مستوى الحكومات واكبرها ايران او منظمات تتهم السعودية بالغلو وصناعة الفكر المتطرف، والملك في حواره مع الثقافات اخذ على عاتقه تصحيح صورة الاسلام في الغرب، وحارب مفهوم صراع الحضارات، والاسلام بمبادئه يسع البشرية قاطبة، وهذه الخطوة جعلت الكثيرين خصوصا المتطرفين منهم يهاجمون المملكة وملكها، فالمملكة تحارب من يحارب الاسلام.
حوار الأديان
● دعوة الملك عبدالله الى حوار الاديان وعقد مؤتمر مدريد لهذا الامر، وفي المقابل يقول البعض اننا لم نجن من هذا الحوار شيئاً.
فالنظرة تجاه الاسلام لاتزال مشوهة فما سبب عدم وضوح الصورة الحقيقية ام ان الاخر يريد المزيد من التنازلات؟
■ اعتقد لم يحدث اي شيء من التنازل، لكن مسؤولياتنا ان نوصل صورة الاسلام الحقيقي لجميع من شكلت لديه صورة خاطئة عن الاسلام، والملك عبدالله حريص على صيانة سمعة الاسلام خصوصا مع الغرب حيث انه ذهب الى لقاء بابا الفاتيكان ونجد في هذا ان الملك عبدالله ينطلق من طبيعة الاسلام المتسامحة والاستجابة من قبل الاخر، نجد ان العقلاء والمنصفين سيكون لهم موقف ايجابي، اما من صمت اذانهم فنحن نقول للعالم نحن اوصلنا رسالتنا حول الاسلام لمحو اي صورة سيئة سواء من بعض ابنائه او من بعض متطرفي الاديان الاخرى، لذا فان الملك اخذ خطوة ممتازة جدا لايصال الوجه الناصع والحقيقي للاسلام، ولكن لا نتوقع ردود الافعال السريعة.
● تشهد العلاقات السعودية - الايرانية نوعاً من الفتور وهناك حرب كلامية غير معلنة ونجد ان البعض يعتبرها حرباً غير معلنة بين الدولتين الوهابية والصفوية، والبعض الاخر يضعها بصراع النفوذ كيف تصفونها وهل خشيتكم من البرنامج النووي الايراني ام من المد الشيعي في المنطقة؟
■ الملك عبدالله كان اول زعيم عربي يزور ايران ويفتح صفحة جديدة مع الحكومة الايرانية السابقة في عهد الرئيس خاتمي لانه وجد لدى ذلك الرجل الرغبة التي لدى الملك عبدالله ان يكون هناك تفاهم بين الاخوة، لاننا اخوة في الاسلام وتربطنا مع ايران علاقات الجوار وليس بيننا وبينهم سوى هذا الممر المائي الذي اصبح لسوء الحظ اكبر بؤرة مستهدفة للصراع في العالم، وهو اكبر منطقة مهمة في العالم، ما اعطى أهمية كبيرة للمنطقة، وفي المقابل نجد ان اكبر قوتين مهمتين في المنطقة هما ايران والمملكة، الملك كانت لديه رغبة حقيقية في طي صفحة الماضي، خاصة الحرب بين العراق وايران وما تبعها وما طمحت له ايران من تصدير ثورتها، وبسط نفوذها في المنطقة وتهديدها لامن المنطقة وازالة عروش حكامها والوصول الى فلسطين عن طريق كربلاء والرياض وما تبعه من شعارات كانت تردد سابقاً.
ولكن ماذا حدث؟، حيث ان عودة المحافظين احدثت انتكاسة في السياسة الايرانية لان هؤلاء لا يريدون ان يقيموا علاقات طبيعية مع اخوانهم وجيرانهم واهلهم في الدين والعقيدة وشنوا حرباً، ومازاد العلاقات توترا الغزو الاميركي للعراق الذي يمثل صمام امان المنطقة، ونحن لا نريد ان تلعب اياد عابثة بأمن واستقرار العراق، ولا اجد من يجحد ان نسبة كبيرة من الشعب العراقي من الشيعة ولكن يغالط نفسه من يقول انه شعب غير عربي، فالشعب العراقي شعب عربي ولا يمكن تغييب هويته فغير صحيح ان يكون شعباً ان يكون بالضرورة على الطريقة الايرانية.
هجوم عراقي
● لكن المسألة لم تعد ترتبط بالشعب العراقي، حيث نجد ان الحكومة العراقية هاجمت في اكثر من مرة الموقف السعودي، كيف تقرأون هذا الموقف؟
■ اعتقد ان هناك تنسيقاً بين الحكومة الحالية في العراق والتي هي اقرب ما تكون موالية لايران ووجود اشخاص كانوا يقيمون بايران منذ قيام الثورة الى حين سقوط العراق نفوسهم مشبعة بمشاعرة غير ودية تجاه المملكة وبكل اسف هناك من يحاول ان يصور الوضع القائم حالياً بانها حرب صفوية - وهابية، صحيح ان الوهابية لديها ايمان بصفاء العقيدة ولكن نتعامل مع الحكومات بالعقل بعيداً عن انتماءاتها المذهبية، ولكن المشكلة في ايران وجود عدة اقطاب مسؤولة هناك وكذلك وجود مؤسسات دينية مختلفة تتحدث كيفما تشاء، وهذا الذي يظهر العداء للعرب ويظهر تهديداً لامن الخليج والتدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول ونحن لا نعلم من هم خاصة وللاسف انهم مسؤولون على رسم السياسة الايرانية، والسؤال الذي يطرح نفسه كيف نتعامل مع من يحمل كل هذه الكره والعداء للعرب بحجة ان هناك عداء تقليدياً بين الفرس والعرب واعادة النظرة القديمة، وهناك ايضا من يتاجر بقضية شيعة المملكة واتهام السعودية بعدم انصافهم وهم عرب مواطنون سعوديون ولا احد يزايد على وطنيتهم فنحن لا نريد ان نبادل ايران بنفس الكلام ونشير الى وجود 20 مليون سني لديها ورغم ذلك لا يوجد في طهران مسجد واحد سنة فهم يطالبون بأن يكون في كل قرية بالقطيف او الاحساء حسينية ونحن لا نعارض هذا وانما نرفض الاملاءات وممارسة الضغوط على شعب يختلف معهم في العراق وينتمي الى ارض سعودية، ونفس الشيء بالنسبة لشيعة الكويت فلا علاقة لهم بايران، حتى الذين لهم جذور ايرانية، الا انهم مواطنون كويتيون وانتماؤهم للكويت لا لايران، ونفس الشيء لاخواننا في العراق، فهم شعب عربي اصيل من حقه ان يتبنى المذهب الشيعي، ولكن نرفض المساومة على عروبته ويجعل من المذهب حجة للتدخل في الشأن العراقي.
● ذكرتم ولاء شيعة الدول العربية لدولهم رغم ظهور بعض الاصوات التي تشكك في ذلك، هل هذا العنصر ضروري في تعزيز مبدأ المواطنة؟
■ بكل تأكيد، ولكن وللاسف نجد ان ايران تتخذ هذا العامل للتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة بحجة حماية الاقلية الشيعية، كما حدث في اليمن، رغم ان الحوثيين لا يشكلون سوى 1.5 في المئة من الشعب اليمني ولكن كانت مناصرة هؤلاء على حساب الابرياء والدماء التي سفكت، والاموال التي اهدرت والبيوت التي هدمت والعوائل التي شردت فهل هذا يرضي ايران الجارة المسلمة.
الصراع مع الحوثيين
● رغم هذا كانت هناك التفافة عربية كبيرة حول المملكة ومناصرتها لحماية حدودها من الاعتداءات فهل ترى ان الصراع مع الحوثيين انتهى باعلان المصالحة مع الحكومة اليمنية.
■ بالنسبة للمملكة نعم كان هناك تسلل على حدودها وبالتالي من حقها الدفاع عن اراضيها، وكان الموقف العربي والدولي الى جانبنا، لانه حق مشروع ولكن بحكم جوارنا مع اليمن الشقيق فنحن نتألم لما حدث فيه ونتألم لما ستحدثه هذه الحرب من جروح في نفوس الشعب اليمني، ومن قاد الحرب من الحوثيين فيهم من اسهم في كتابة الدستور وكان منهم عضو في المجلس النيابي فنحن مع رفع الظلم عن اي فئة من خلال القنوات المشروعة لا باشهار السلاح والتدمير والسؤال من سيعيد اعمار ما خلفته الحرب، واعتقد ان المملكة ودول الخليج لن تتوانى عن دعم اليمن، وبهذه المناسبة ارى ان مؤتمر اليمن الذي عقد أخيراً لمساندة اليمن في اعادة الاعمار واعادة الاستقرار لكي لا تتحول حكومة اليمن الى حكومة فاشلة، فنحن لانريد ان يكون في منطقة الخليج حكومات فاشلة وحتى في المحيط العربي لان هذا ستكون له انعكاسات سلبية على المنطقة بأسرها واتمنى ان تكون هذه الحرب نهاية المآسي واعادة الاعماد تحتاج الى تضافر الجهود والمطلب الاكبر ان تكف ايران عن اشعال حرب جديدة وخلق مشاعر عدائية وخلق توترات في المنطقة.
سلاح نووي
● هل التخوف من البرنامج النووي الايراني يدعو بعض الدول الخليجية ومنها المملكة لمحاولة امتلاك اسلحة مشابهة لاسلحة ايران؟
■ المملكة تعتمد سياسة ان تكون المنطقة خالية من السلاح النووي بما في ذلك ما تمتلكه اسرائيل من اسلحة وارى ان امتلاك هذه الاخيرة مثل هذا السلاح شيء مؤسف، وهناك ضغوط على السعودية من قبل بعض الدول، الا اننا في حقيقة الامر نعيش حالة من القلق وهنا يجب ان نتساءل: ما مصير المنطقة في ظل ما تمتلكه ايران واسرائيل وما البديل؟
فهناك من يعتقد ان المملكة ستخوض التجربة نفسها وتدخل في هذا المعترك خصوصاً اننا نملك الامكانات لايجاد قوة نووية اخرى قد تخلق توازناً في المنطقة لكن سياستنا سلمية، وفي حال ما اضطرت المملكة سيكون هذا الملجأ الاخير.
حصار غزة
● استقبال الملك عبدالله لرئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل، هل سيخفف من الصراع القائم بين السلطة وحماس، وهل مارست المملكة ضغوطات على الولايات المتحدة لحث اسرائيل على رفع الحصار على غزة!
■ المملكة حريصة جدا لرفع الحصار عن غزة وهذا عكس ما يروج له بعض الاطراف، لكن حرصنا الأقوى هو عقد مصالحة بين الفلسطينيين واعتقد ان الملك يرى ان هذه خطوة اولى لاجراء ضغوطات وايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، فقد تبنى الملك عبدالله مشروع السلام لكي نقول للعالم إننا دعاة سلام وان اسرائيل هي التي ترفضه، لكن تدخلات ايران لرفض مشروع السلام اعطى الفرصة لاسرائيل والمملكة ترى ان المصالحة مطلب اساسي سواء كان على المستوى الفلسطيني او حتى العربي ونرجو ان تكون هناك مصالحة حقيقية في قمة طرابلس المزمع عقدها نهاية هذا الشهر فالمصالحة تعني تلاحم الأمة التي تبحث عن اقامة سلام.
● هل تعتقد ان المملكة سيكون لها رأي حول المصالحة في القمة العربية المستقبلة؟
■ نأمل ان تكون قمة طربلس قمة مصالحة وان تكون مختلفة حتى وان كانت تكملة لعملية المصالحة التي بدأت في قمة الكويت الاقتصادية العام الماضي حيث شهدت انفراجية في العلاقات العربية - العربية خاصة العلاقة السعودية - السورية ما ادى الى استقرار الوضع في لبنان واجراء انتخابات وتشكيل حكومة.
ونرجو ان يذوب الجليد عن العلاقات المصرية - السورية وان يكون هناك موقف عربي موحد لمواجهة القضايا المطروحة، خاصة الفقر والبطالة والا ننسى قضيتنا الجوهرية فلسطين، وهذا لن يتحقق الا بتوزيع عادل للثروات بها يخدم مصالح المواطن العربي.
العراق والانتخابات
● كيف تقرأ الانتخابات العراقية المقبلة ما ستسفر عنه النتائج؟
■ نأمل ان تسفر الانتخابات عن حكومة ائتلاف وطني، والانتخابات العراقية حتما ستكون مختلفة عن انتخابات 2005 التي تميزت بالطابع الديني والطائفي التقسيمي للمجتمع العراقي والمملكة حريصة على سلامة وحدة الأراضي العراقية وسلامة المواطن العراقي والحفاظ على هويته العربية الاسلامية بغض النظر عن مذهبه وان يكون صاحب حق وقرار ولا يملى عليه من خلال السفير الاميركي في المنطقة الخضراء ولا من خلال المندوب السامي الايراني الذي يتصرف في العراق وكأنها ولاية ايرانية، ونحن نرفض هذا في المملكة ولا نتمنى ان تكون الحكومة المقبلة ذات طابع مذهبي واقصاء الاديان والمذاهب الاخرى سواء من السنة المسلمين او المسيحيين او غيرهما.
والدلائل تشير الى انه من اقصى حق الترشح في الانتخابات خاصة من السنة بايعاز من الرئيس احمدي نجاد وهذا تحد لمشاعر سنة العراق والمنطقة.
ونحن نعتقد ان اقصاء هؤلاء جريمة، وقد زار رئيس القائمة العراقية، د. اياد علاوي المملكة الاسبوع الماضي، وقد يفسرها البعض ان المملكة تدعم د. علاوي.
دعم القائمة
● بعض الاطراف تتهم المملكة بدعم د. اياد علاوي وتقر بأنه مرشح المملكة في العراق، كيف تردون؟
■ علاوي مرشح الشعب العراقي، لا مرشح المملكة ولا يمكن التأثير عليه، فاذا كانت بعض الاطراف مدعومة وسيشكل مكشوف من ايران فما المشكلة من زيارة علاوي المملكة.
فنحن دولة مهمة ونعتبر ان امن العراق من امننا واستقرارنا، فنحن ندعم اي مواطن عراقي وطني يكون له دور في استقرار العراق وهذا الامر تقره جميع دول المنطقة وسورية ومصر، فالجميع يدعم كل من يعمل من اجل العراق واستقراره.
تعيين السفير
● في حال ما اذا فاز د. علاوي في الانتخابات وتشكيل حكومة ائتلاف وطني، هل تتوقع ان المملكة سترسل سفيرا لها في بغداد؟
■ لا اعتقد ان المملكة لديها تحفظ في تعيين سفير لها في بغداد منذ سقوط النظام السابق ولكن السؤال يطرح، هل هناك قبول عراقي للسفير السعودي؟ وكل ما اخشاه ان يكون مصير السفير السعودي مصير السفير المصري نفسه والا يكون مرغوبا فيه.
● أراكم متفائلون بما ستسفر عنه هذه الانتخابات؟
■ نعم لانني ارى ان الانتخابات المقبلة سيكون التأثير المذهبي والديني ضعيفا مقارنة بانتخابات 2005، وهذا ما شهدناه في الانتخابات البلدية، حيث نجد ان الشعب العراقي عاد الى وعيه، واعتقد ان هذا الامر يخيف حكومة المالكي وان يكون التحول كبيرا وان يبحث هذا الشعب عن مخرج لهذه الاتحادات الدينية او تدخل الاطراف الدولية، فالشعب العراقي لديه فرصة لان يقول كلمة مختلفة، وكل ما اتمناه ان تعزز هذه الانتخابات بوصول عراقي يعمل لمصلحة العراق وليس لتحقيق مصالح دول اخرى.
2010 الثلائاء 2 مارس
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/NewsPapers/2010/3/week1/3349.jpg
عضو مجلس الشورى السعودي يرى أن فتور العلاقات مع إيران سببه عودة المحافظين للحكم
الكويت - سميرة فريمش
أكد عضو مجلس الشورى السعودي د. محمد آل زلفة ان المواطنة تعني الاحساس بوجود وطن يضمن حقوق الفرد في ظل القانون، مؤكدا ان انتماء شيعة الدول العربية لاوطانهم ولهويتهم العربية عكس ما يروج له البعض من أن ولاءهم لايران.
وكشف آل زلفة خلال لقائه مع «النهار» ان المملكة تعيش عودة للفكر القبلي والديني، الا ان القيادة السياسية تغلبت على ذلك باقامة مؤسسات سياسية تسمح لهذا الفكر بالانصهار فيها. وأقر آل زلفة بانه تراجع عن دعوته مع مجموعة من المثقفين السعوديين لاجراء انتخابات لاختيار اعضاء مجلس الشورى بسبب ما اسفرت عنه نتائج انتخابات المجلس البلدي. وقال نحن بحجة الى وقت لزرع ثقافة حق الانتخاب. وأشاد بالحركة التنويرية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين لتطوير المجتمع السعودي والتركيز على التعليم كعامل اساس للتغيير. كما تناول آل زلفة في حواره المطول العديد من القضايا اهمها تأثير السعودية على المنطقة باعتبارها عاصمة للقرار السياسي الخليجي والانتخابات في العراق والوضع في اليمن والصراع مع ايران.. فالى التفاصيل:
● لديك مفهوم خاص للمواطنة، وفي ظل منطقة تعيش هواجس الطائفية والقبلية، كيف بالامكان التخلص من هذا التوجه والالتفاف حول الوطن؟
■ المواطنة هي احساس بانك تعيش في وطن يضمن حقوقك في ظل قانون يضمن السلامة والامن وفرص العيش والعمل، وهذه المتطلبات تخلق الانتماء، فنحن في المملكة السعودية بدأنا من الصفر في مجتمع يغلب عليه طابع البداوة المنبثقة عن القبلية المتجذرة، والدولة جاءت لكبح جماح القبلية وحقها في الاستقلالية عن القبائل الأخرى التي تخلق النعرات القبلية. والدولية جاءت لتصهر جميع هذه القبائل في مفهوم واحد مع الغاء الزعامات المتعددة والاوطان المتعددة ايضا، وكانت فكرة اقامة الدولة الموحدة لتسخير هذه الطاقات من اجل بناء وطن موحد، بعد الخصام والتشرذم، ومن هنا نجحنا حيث روضنا القبيلة واصبح هناك تعايش، لكن المشكلة التي واجهت الدولة هي ظاهرة الجهل وبالتالي انشغلت الدولة بتأمين جميع الخدمات للمواطن من صحة وتعليم، وهذا الامر ساعد بشكل كبير في عدم العودة الى نظام القبيلة، خاصة بعد اكتشاف النفط، وبالتالي عاشت المملكة لسنوات طويلة في مرحلة بناء الدولة، ولكن بعد هذه التجارب ظهر لنا عامل جديد وهو محاولة تسييس الدين او تدين المجتمع بطريقة عجيبة، تتميز بالعصبية ما جعل المجتمع يجمع بين التعصب الديني والعودة الى التعصب القبلي.
ولكن حتى الآن لم تشكل لدينا مؤسسات سياسية تسمح لهذه القبائل بالانصهار فيها، والامر الذي يحسب للحكومة انها نجحت في تعيين نخب في مجلس الشورى دون الرجوع الى القبلية، أي ان العضو يتعامل من خلال مهنته وليس من خلال انتمائه القبلي، لكن في الكويت نجد ان القبيلة تدفع بأبنائها لتبوء بمقعد في مجلس الامة، وهذا الفكر نما للاسف وأصبح النائب يمثل قبيلته لا المجتمع الكويتي ككل، وبالتالي أصبح هناك ازدواجية في الولاء وهذه هي الخطورة.
تخوفات
● هل هذا التخوف هو الذي جعل السلطات السعودية تتبنى تعيين مجلس الشورى لانتخابه؟
■ كنت من بين الاشخاص الذين كانوا ينادون بضرورة الانتخابات، وذلك لان المجتمع وعلى مستوى النخب أصبح ناضجا، لكن من خلال تجربتنا مع أول انتخابات مجلس بلدية اكتشفت مع العديد من المثقفين السعوديين ان فكرة الانتخابات لاتزال كبيرة.
● أنتم تقولون ان الامر لايزال مبكرا حتى بعد مرور 80 عاما على الوحدة وما تشهده المملكة من تطور؟
■ نعم، لاننا اكتشفنا ان المجتمع وخلال الـ30 سنة الماضية سادت فيه موجة من التشدد الديني والعودة الى القبلية، فوجدنا اذا فكرنا في الانتخابات فان الذي سيفوز بها هما فئتان، المتدينون والقبليون وذلك لانهما الفئتان الاكثر سلطة وحضورا، وهذا ما حدث في الانتخابات البلدية، وهذه هي الخطورة، ونتساءل ماذا عن الآخرين؟ ولذلك نحن في حاجة الى وقت لزرع ثقافة حق الانتخاب والخروج من الانتماءات الدينية أو القبلية، ونحن كمثقفين دعونا الى خلق مثل هذه الثقافة وتنوير المواطن لان يكون مؤتمنا في حال مارس حقه السياسي، وان يتحدث باسم الوطن لا أي طرف آخر.
انفتاح على التعليم
● هل وجدتم استجابات جادة لهذه الدعوة؟
■ أعتقد ذلك حيث أصبح لدينا مركز للحوار الوطني وجزء من وظيفته تثقيف المواطن حول المواطنة الحقة وتنمية مفهوم الشراكة الوطنية، وتنوير المواطن بحقوقه الوطنية، اضافة الى اعادة النظر في مناهجه التعليمية والتركيز على الانتماء والعمل من أجل الوطن، والتقليل من التركيز من الذاتية او الانتماء لجهة دون أخرى، وهذا الانفتاح على التعليم لا يقتصر فقط على الجامعات السعودية التي أصبح عددها 25 جامعة في جميع أنحاء المملكة بعدما كان عددها 7 جامعات فقط، واعادة فتح البعثات الدراسية للخارج حيث سيكتمل في السنة المقبلة حوالي 160 ألف طالب مبتعث وهؤلاء سيختلطون بمجتمعات أخرى وينصهرون فيها ويستفيدون من تجارب هذه الدول، الامر الذي سينقلونه الى المجتمع السعودي بفضل تحصيلهم العلمي، ويؤهلهم الى أن يكونوا الصف الاول لقيادة البلاد التي نأمل ان يكون فيها وعد بالمشاركة السياسية واعطاء حقوق المرأة التي تعاني من الجانب المتدين أو من الجانب القبلي، والهدف الرئيس من هذه الخطوة هو تليين النفوس واعطاء المرأة حقوقها التي أقرها الاسلام.
● هل تعتقد ان عدد الطلبة المبتعثين الى الخارج في امكانه التأثير على المجتمع السعودي اذا ما نظرنا الى اجمالي عدد السكان؟
■ نعم، اذا قارنا 160 ألف طالب وطالبة في بلد فيه 21 مليون نسمة، وقد تظهر المقارنة غير منطقية وعدم قدرة هذا العدد على التأثير في هذا المجتمع الكبير لكن نلاحظ ان هؤلاء سيعودون الى الجامعات ومراكز اتخاذ القرار، وبالتالي سيكون لهم التأثير من خلال المؤسسات التي ينتمون اليها أو يعملون بها، وطبعا يصاحبهم العدد الكبير الذي يتخرج من الجامعات السعودية، فمثلا لدينا جامعة فقط للنساء أعدت لان تستوعب في العام الاول 70 ألف طالبة، وتعد من أكبر جامعات العالم المخصصة للنساء، وأعتقد أن هذا سيغير فكر الذين لا يقرون بأحقية المرأة في المجتمع، وأعتقد ان هذه الخطوة مهمة ما سيحدث تغييرا في المجتمع، فالمرأة أصبح دورها غير تقليدي ليصبح دورا اقتصادياً.
فكر تنويري
● هل وجود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على سدة الحكم الذي يحمل فكرا تنويريا ساهم في تقوية شوكة المثقفين في المملكة؟
■ بكل تأكيد، والحكومة خاضت حربا ضد المعارضين للفكر التنويري، ونجد ان الحكومة هي التي تحاول اقناع المواطن بقبول ما لا يقبله، مثلا تعليم المرأة والتعليم المدني، والملك عبدالعزيز مؤسس الدولة كان يقنع أبناء القبائل والأرياف لارسال الاطفال الى المدارس وذلك بصرف مساعدات للاب للسماح لابنه للذهاب الى المدرسة.
والملك عبدالله يقود نفس التجربة التي قادها ملوك السعودية، لكن الملك عبدالله حقيقة رجل رائع لانه في هذه المرحلة التي يسيطر فيها الفكر الاصولي او المتشدد على المنطقة ويريد ان يسابق الزمن ويتعايش معه، من اجل تعويض المجتمع السعودي للارتقاء بالذات، ومن ثم يكون تأثيرنا ايجابيا على المحيط وعلى العالم، وألا نكون سلبيين، فجامعاتنا ومنذ 50 عاما مضى كان معظم الخريجين فيها من حاملي شهادات العلوم الشرعية، ونحن لسنا بحاجة الى هؤلاء لاننا بحاجة لمن يقود النهضة الاقتصادية والاتصال بالعالم، ولذلك نجد ان الملك عبدالله يريد ان يطور هذا الجانب، من خلال خلق وعي جديد. دون الانسلاخ عن جلده وعن انتمائه العروبي والدين، ولكن هذه الافكار التي يحملها خادم الحرمين تؤهله لأن يلعب دوره المؤثر في العالم العربي والاسلامي.
الكفاءة
● وهل الدور الذي يقوم به خادم الحرمين ساهم في تقوية دور مجلس الشورى؟
■ مجلس الشورى صحيح انه مجلس معين لكن الذي يعوض عن التعيين وجود كفاءات جيدة، لان السلطة السياسية في المملكة وعلى رأسها خادم الحرمين يختار هؤلاء بعناية فائقة. والملك ينظر الى انه لا يوجد شك في ولاء مواطنيه، فالكفاءة شرط من شروط التعيين ولذلك هناك تأثير على القرارات التي يقرها مجلس الشورى ونجد ان السلطة السياسية تأخذ بعين الاعتبار معظم القرارات او توصيات المجلس.
جامعة العلوم والتقنية
● الشيء الذي يضاف الى انجازات الملك عبدالله في مجال التعليم هو افتتاحه لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، هناك من يقول ان الجامعة لها قوانين خاصة ويسمح للمرأة مثلا بقيادة السيارة، لماذا تعمم هذه التجربة على باقي جامعات المملكة؟
■ سؤال جميل، وفي الحقيقة ان خادم الحرمين يقود حركة تطويرية وتنويرية وتحديثية في المملكة غير معهودة وفي الوقت نفسه لا نسلخ اطلاقا عن طبيعة وضرورة هذا المجتمع، وحتى الدين، ولذلك فإن عهده يشهد ارتفاع عدد الجامعات بالمملكة الى 25 جامعة كما ذكرت سابقا وتوج هذه الجامعات بجامعة لها تميزها وهي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا ومن منطلق احساسه ان المملكة بحاجة الى اقامة مثل هذا الصرح الذي يفوق الجامعات الغربية ويكون بها تنوع في طلابها حيث ان عدد الطلاب السعوديين لا يتعدى 25 في المئة من عدد الطلاب الاجمالي والبقية ينتمون الى 64 جنسية من انحاء العالم.
فالملك من دعاة الحوار والانفتاح على العالم، ولذلك اجد ان الخطوة جميلة وبداية رائعة واضمن نجاحها وحتما ستكون صاحبة تأثير في الجامعات الاخرى خاصة الجامعات تحت التأسيس الآن، واعتقد ان خريجي هذه الجامعات باعتبارهم من طلاب الدرجات العليا سيتجهون الى باقي الجامعات ليكونوا عاملا مؤثراً، صحيح ان بعض المتشددين كان لهم رأي مختلف، لكن الجميل ان النمط الذي تتمتع به الجامعة موجود في جامعة البترول حيث ان المرأة تقود السيارة داخل الحرم الجامعي.
قضية وقت
● هناك من يتخذ عدم السماح للمرأة بقيادة سيارتها في المملكة ذريعة للتشهير واعتبار ان حقوق المرأة مهضوم في المجتمع السعودي. ما ردكم؟
■ اعتقد ان قضية السماح للمرأة بقيادة السيارة اصبحت قضية وقت لا غير، ونجد المرأة البدوية الآن في الأرياف تقود السيارة مثلها مثل العالمة التي تعمل في مختبر جامعة الملك عبدالله والمشكلة لدى بعض الناس في المدن راجع الى خلفيات مختلفة.
المرأة والمجتمع
● اعتماد خادم الحرمين على استثمار العقل السعودي وتشجيع الشباب على الدراسة، واهتمامه بالمرأة والسماح للمحاميات بالمرافقة في المحاكم، هل لمستم تطورا في وضع المرأة في عهد الملك عبدالله؟
■ المرأة هي نصف المجتمع ان لم تكن اكثر على رأي البعض، ومن الظلم ان نقول انها لا تلعب دورا في مجتمعاتها، فهي التي تتعرض للمعاناة اكثر، والسؤال لماذا نغيب دورها والملك آمن بهذا وأعطى دوراً كبيراً للمرأة فأصبح لدينا امرأة تترأس جامعة (جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن)، وهناك من لايزال لا يذكر اسم زوجته أو أمه، ولكن الملك أراد ان يسمي جامعة باسم امرأة وهذا لأول مرة، والغريب يوجد في المملكة آلاف المدارس التي لا تحمل أسماء وانما أرقاماً، وهذه المجتمعات التقليدية عادة ما تتحدث باسم الإسلام، بينما الاسلام يتحدث عن السيدة عائشة زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي روت الأحاديث، ويكرر اسمها في جميع الأماكن، فما بالك باسم امرأة عادية.
ونجد ان التقاليد العربية وخاصة في القبيلة يعتزون بأمهاتهم وينتمون لها، فحتى الفرسان يعتزون بأمهاتهم واخواتهم، ولكن المد الديني وبعض التقاليد هي التي فرضت هذه الثقافة، وبالتالي نسبت الى الاسلام ما أضر بالمجتمع وساهمت في التخلف، ونجد الملك في هذا الأمر يقود حركة جيدة، إذ نجد امرأة تتقلد منصب نائب وزير التعليم، نساء انتخبن في مجالس إدارات، وكذلك دخول المرأة عالم المحاماة، لأن المرأة هي الأقدر على تفهم وضع المرأة أمام المحاكم، فالملك أعاد الحياة مرة أخرى الى الدراسات القانونية في الجامعات، لأن المتشددين خلال 30 عاماً الماضية ألغوا أقسام القانون في الجامعات، وللأسف لايزال ينظر للمرأة من بعض المؤسسات ذات الطابع الديني نظرة غريبة أو هي مزج بين التخلف والدين الذي لا يعتمد على مرجعية، مثل قضية الاختلاط، لماذا يمنع الاختلاط في المدارس والجامعات ونجد اختلاطاً في الأسواق والحرم.
وهناك عشرات الآلاف من النساء يدرسن في الجامعات ومنهن من فازت بأعلى الجوائز في البحوث، مثل غادة المطيري التي حصلت على دعم في مشروع طبي متقدم من أرقى الجامعات الأميركية، وهذا الدعم يقدر بـ11 مليون دولار، وللأسف المجتمع السعودي لا يعرف عنها شيئاً، كما نجد ان المرأة السعودية قادت الطائرة قبل ان تقود السيارة.
سيادة وقرار
● أصبح للمملكة وزن في المنطقة ما أدى الى ان تكون الرياض عاصمة للقرار السياسي العربي، هل المملكة لديها القدرة الكافية على حل المشاكل والقضايا العربية العالقة.
■ قدر المملكة أن لها موقعها في محيطها الخليجي والعربي والإسلامي أيضاً وكذلك الدولي، والمملكة على مدى تاريخها تؤثر في هذا المحيط، فهي دولة مهمة جداً في العالم العربي، وكذلك في العالم الاسلامي لوجود الأماكن المقدسة، وعلى المستوى الدولي، لها تأثير وثقل سياسي واقتصادي، باعتبارها أكبر دولة منتجة للنفط، وكذلك لأنها عضو في مجموعة الـ20، ومن هذا المنطلق فان المملكة تلعب دوراً كبيراً في قضايانا العربية، وللأسف هناك من يحاول ان يقلل من دور المملكة في فترات معينة، أو يشكك في ان تقوم بدورها، ولكن ثبت انه لا غنى عن المملكة في العالم العربي، وكذلك لا أحد يزايد على المملكة في المواقف الإسلامية، واعتقد ان المملكة من الدول العربية الأولى التي وقفت مع قضيتنا العربية الجوهرية وهي القضية الفلسطينية، ولم يحدث انها ساومت أو استغلت هذه القضية لأهداف وأغراض خاصة بها، حيث كان موقف الملك عبدالعزيز واضحاً، ودعوته الى فتح الحدود للشعب العربي لتحرير الفلسطين، ورفض بذلك ان تستثمر القضايا الخاصة على حساب القضية الجوهرية.
وقال ان الشعب الفلسطيني لديه القدرة على الدفاع عن أرضه، وعلى الدول العربية دعمهم، كما انه كان ضد خوض حرب بجيوش نظامية ضد الوجود الإسرائيلي قبل التقسيم، وكان يقول دعونا ندعم الشعب الفلسطيني بالإنسان المحارب العربي، لأن اسرائيل تشكلت من ميليشيات قبل تشكيل الجيش النظامي.
وأما موقف الملك عبدالله تجاه القضية فهو يتألم من الذين يستثمرون القضية الفلسطينية لأغراضهم، فمثلاً إيران تحاول ان تسوق نفسها على حساب القضية الفلسطينية.
لان تكون هي المدافعة عن القضية وعن القدس، كأن ثورتها لم تقم الا لتحرير فلسطين بينما يصدق بعض العرب هذا الكلام، لكننا لم نجد دورا حقيقيا لايران في هذا الموضوع رغم انها تعمل على التشكيك في قدرات العرب للتعامل مع قضيتهم والمملكة تلعب دورها والتاريخ اثبت اننا على حق وان المملكة على حق وصاحبة موقف مخلص خصوصا في عهد الملك عبدالله، ففي الصراع والانشقاق الفلسطيني الحالي، نجد ان الملك عبدالله يتألم لهذا الوضع ويقول الا يكفي الاحتلال، نجد ان الاشقاء يخلقون عداوات، رغم ان هناك ايادٍ اسهمت في هذا الصراع.
فالمملكة بذلت جهودا في سبيل المصالحة الفلسطينية وكذلك المصالحة العربية - العربية، والملك يتمتع بمصداقية لدى جميع قيادات الدول العربية، رغم محاولات البعض بأن يجعل المملكة الدولة الحاضنة للارهاب والفكر المتطرف، لكن الملك ناضل من اجل تصحيح هذه الصورة، فالمملكة ليست بن لادن ولا المتشديدين الذين يحاربون باسم الاسلام والذين شوهوا الاسلام.
التطرف
● صحيح، هذه النقطة تحديدا، يعتبرها البعض انها تعيق عمل المملكة وتأثيرها على المنطقة كيف ترون؟
■ صحيح، للاسف ان البعض يريد ان يضعف دور المملكة في السيطرة على اصحاب الفكر المتطرف ويتهمونها بانها صانعة لهذا الفكر او منتجة له ولكن الملك يدافع عن وطنه وعن الاسلام الذي الحق به مصائب بسبب المتطرفين الذين يقتلون الابرياء من المسلمين لا الاعداء، فاصبح من يتاجر باسم الاسلام كثر سواء على مستوى الحكومات واكبرها ايران او منظمات تتهم السعودية بالغلو وصناعة الفكر المتطرف، والملك في حواره مع الثقافات اخذ على عاتقه تصحيح صورة الاسلام في الغرب، وحارب مفهوم صراع الحضارات، والاسلام بمبادئه يسع البشرية قاطبة، وهذه الخطوة جعلت الكثيرين خصوصا المتطرفين منهم يهاجمون المملكة وملكها، فالمملكة تحارب من يحارب الاسلام.
حوار الأديان
● دعوة الملك عبدالله الى حوار الاديان وعقد مؤتمر مدريد لهذا الامر، وفي المقابل يقول البعض اننا لم نجن من هذا الحوار شيئاً.
فالنظرة تجاه الاسلام لاتزال مشوهة فما سبب عدم وضوح الصورة الحقيقية ام ان الاخر يريد المزيد من التنازلات؟
■ اعتقد لم يحدث اي شيء من التنازل، لكن مسؤولياتنا ان نوصل صورة الاسلام الحقيقي لجميع من شكلت لديه صورة خاطئة عن الاسلام، والملك عبدالله حريص على صيانة سمعة الاسلام خصوصا مع الغرب حيث انه ذهب الى لقاء بابا الفاتيكان ونجد في هذا ان الملك عبدالله ينطلق من طبيعة الاسلام المتسامحة والاستجابة من قبل الاخر، نجد ان العقلاء والمنصفين سيكون لهم موقف ايجابي، اما من صمت اذانهم فنحن نقول للعالم نحن اوصلنا رسالتنا حول الاسلام لمحو اي صورة سيئة سواء من بعض ابنائه او من بعض متطرفي الاديان الاخرى، لذا فان الملك اخذ خطوة ممتازة جدا لايصال الوجه الناصع والحقيقي للاسلام، ولكن لا نتوقع ردود الافعال السريعة.
● تشهد العلاقات السعودية - الايرانية نوعاً من الفتور وهناك حرب كلامية غير معلنة ونجد ان البعض يعتبرها حرباً غير معلنة بين الدولتين الوهابية والصفوية، والبعض الاخر يضعها بصراع النفوذ كيف تصفونها وهل خشيتكم من البرنامج النووي الايراني ام من المد الشيعي في المنطقة؟
■ الملك عبدالله كان اول زعيم عربي يزور ايران ويفتح صفحة جديدة مع الحكومة الايرانية السابقة في عهد الرئيس خاتمي لانه وجد لدى ذلك الرجل الرغبة التي لدى الملك عبدالله ان يكون هناك تفاهم بين الاخوة، لاننا اخوة في الاسلام وتربطنا مع ايران علاقات الجوار وليس بيننا وبينهم سوى هذا الممر المائي الذي اصبح لسوء الحظ اكبر بؤرة مستهدفة للصراع في العالم، وهو اكبر منطقة مهمة في العالم، ما اعطى أهمية كبيرة للمنطقة، وفي المقابل نجد ان اكبر قوتين مهمتين في المنطقة هما ايران والمملكة، الملك كانت لديه رغبة حقيقية في طي صفحة الماضي، خاصة الحرب بين العراق وايران وما تبعها وما طمحت له ايران من تصدير ثورتها، وبسط نفوذها في المنطقة وتهديدها لامن المنطقة وازالة عروش حكامها والوصول الى فلسطين عن طريق كربلاء والرياض وما تبعه من شعارات كانت تردد سابقاً.
ولكن ماذا حدث؟، حيث ان عودة المحافظين احدثت انتكاسة في السياسة الايرانية لان هؤلاء لا يريدون ان يقيموا علاقات طبيعية مع اخوانهم وجيرانهم واهلهم في الدين والعقيدة وشنوا حرباً، ومازاد العلاقات توترا الغزو الاميركي للعراق الذي يمثل صمام امان المنطقة، ونحن لا نريد ان تلعب اياد عابثة بأمن واستقرار العراق، ولا اجد من يجحد ان نسبة كبيرة من الشعب العراقي من الشيعة ولكن يغالط نفسه من يقول انه شعب غير عربي، فالشعب العراقي شعب عربي ولا يمكن تغييب هويته فغير صحيح ان يكون شعباً ان يكون بالضرورة على الطريقة الايرانية.
هجوم عراقي
● لكن المسألة لم تعد ترتبط بالشعب العراقي، حيث نجد ان الحكومة العراقية هاجمت في اكثر من مرة الموقف السعودي، كيف تقرأون هذا الموقف؟
■ اعتقد ان هناك تنسيقاً بين الحكومة الحالية في العراق والتي هي اقرب ما تكون موالية لايران ووجود اشخاص كانوا يقيمون بايران منذ قيام الثورة الى حين سقوط العراق نفوسهم مشبعة بمشاعرة غير ودية تجاه المملكة وبكل اسف هناك من يحاول ان يصور الوضع القائم حالياً بانها حرب صفوية - وهابية، صحيح ان الوهابية لديها ايمان بصفاء العقيدة ولكن نتعامل مع الحكومات بالعقل بعيداً عن انتماءاتها المذهبية، ولكن المشكلة في ايران وجود عدة اقطاب مسؤولة هناك وكذلك وجود مؤسسات دينية مختلفة تتحدث كيفما تشاء، وهذا الذي يظهر العداء للعرب ويظهر تهديداً لامن الخليج والتدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول ونحن لا نعلم من هم خاصة وللاسف انهم مسؤولون على رسم السياسة الايرانية، والسؤال الذي يطرح نفسه كيف نتعامل مع من يحمل كل هذه الكره والعداء للعرب بحجة ان هناك عداء تقليدياً بين الفرس والعرب واعادة النظرة القديمة، وهناك ايضا من يتاجر بقضية شيعة المملكة واتهام السعودية بعدم انصافهم وهم عرب مواطنون سعوديون ولا احد يزايد على وطنيتهم فنحن لا نريد ان نبادل ايران بنفس الكلام ونشير الى وجود 20 مليون سني لديها ورغم ذلك لا يوجد في طهران مسجد واحد سنة فهم يطالبون بأن يكون في كل قرية بالقطيف او الاحساء حسينية ونحن لا نعارض هذا وانما نرفض الاملاءات وممارسة الضغوط على شعب يختلف معهم في العراق وينتمي الى ارض سعودية، ونفس الشيء بالنسبة لشيعة الكويت فلا علاقة لهم بايران، حتى الذين لهم جذور ايرانية، الا انهم مواطنون كويتيون وانتماؤهم للكويت لا لايران، ونفس الشيء لاخواننا في العراق، فهم شعب عربي اصيل من حقه ان يتبنى المذهب الشيعي، ولكن نرفض المساومة على عروبته ويجعل من المذهب حجة للتدخل في الشأن العراقي.
● ذكرتم ولاء شيعة الدول العربية لدولهم رغم ظهور بعض الاصوات التي تشكك في ذلك، هل هذا العنصر ضروري في تعزيز مبدأ المواطنة؟
■ بكل تأكيد، ولكن وللاسف نجد ان ايران تتخذ هذا العامل للتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة بحجة حماية الاقلية الشيعية، كما حدث في اليمن، رغم ان الحوثيين لا يشكلون سوى 1.5 في المئة من الشعب اليمني ولكن كانت مناصرة هؤلاء على حساب الابرياء والدماء التي سفكت، والاموال التي اهدرت والبيوت التي هدمت والعوائل التي شردت فهل هذا يرضي ايران الجارة المسلمة.
الصراع مع الحوثيين
● رغم هذا كانت هناك التفافة عربية كبيرة حول المملكة ومناصرتها لحماية حدودها من الاعتداءات فهل ترى ان الصراع مع الحوثيين انتهى باعلان المصالحة مع الحكومة اليمنية.
■ بالنسبة للمملكة نعم كان هناك تسلل على حدودها وبالتالي من حقها الدفاع عن اراضيها، وكان الموقف العربي والدولي الى جانبنا، لانه حق مشروع ولكن بحكم جوارنا مع اليمن الشقيق فنحن نتألم لما حدث فيه ونتألم لما ستحدثه هذه الحرب من جروح في نفوس الشعب اليمني، ومن قاد الحرب من الحوثيين فيهم من اسهم في كتابة الدستور وكان منهم عضو في المجلس النيابي فنحن مع رفع الظلم عن اي فئة من خلال القنوات المشروعة لا باشهار السلاح والتدمير والسؤال من سيعيد اعمار ما خلفته الحرب، واعتقد ان المملكة ودول الخليج لن تتوانى عن دعم اليمن، وبهذه المناسبة ارى ان مؤتمر اليمن الذي عقد أخيراً لمساندة اليمن في اعادة الاعمار واعادة الاستقرار لكي لا تتحول حكومة اليمن الى حكومة فاشلة، فنحن لانريد ان يكون في منطقة الخليج حكومات فاشلة وحتى في المحيط العربي لان هذا ستكون له انعكاسات سلبية على المنطقة بأسرها واتمنى ان تكون هذه الحرب نهاية المآسي واعادة الاعماد تحتاج الى تضافر الجهود والمطلب الاكبر ان تكف ايران عن اشعال حرب جديدة وخلق مشاعر عدائية وخلق توترات في المنطقة.
سلاح نووي
● هل التخوف من البرنامج النووي الايراني يدعو بعض الدول الخليجية ومنها المملكة لمحاولة امتلاك اسلحة مشابهة لاسلحة ايران؟
■ المملكة تعتمد سياسة ان تكون المنطقة خالية من السلاح النووي بما في ذلك ما تمتلكه اسرائيل من اسلحة وارى ان امتلاك هذه الاخيرة مثل هذا السلاح شيء مؤسف، وهناك ضغوط على السعودية من قبل بعض الدول، الا اننا في حقيقة الامر نعيش حالة من القلق وهنا يجب ان نتساءل: ما مصير المنطقة في ظل ما تمتلكه ايران واسرائيل وما البديل؟
فهناك من يعتقد ان المملكة ستخوض التجربة نفسها وتدخل في هذا المعترك خصوصاً اننا نملك الامكانات لايجاد قوة نووية اخرى قد تخلق توازناً في المنطقة لكن سياستنا سلمية، وفي حال ما اضطرت المملكة سيكون هذا الملجأ الاخير.
حصار غزة
● استقبال الملك عبدالله لرئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل، هل سيخفف من الصراع القائم بين السلطة وحماس، وهل مارست المملكة ضغوطات على الولايات المتحدة لحث اسرائيل على رفع الحصار على غزة!
■ المملكة حريصة جدا لرفع الحصار عن غزة وهذا عكس ما يروج له بعض الاطراف، لكن حرصنا الأقوى هو عقد مصالحة بين الفلسطينيين واعتقد ان الملك يرى ان هذه خطوة اولى لاجراء ضغوطات وايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، فقد تبنى الملك عبدالله مشروع السلام لكي نقول للعالم إننا دعاة سلام وان اسرائيل هي التي ترفضه، لكن تدخلات ايران لرفض مشروع السلام اعطى الفرصة لاسرائيل والمملكة ترى ان المصالحة مطلب اساسي سواء كان على المستوى الفلسطيني او حتى العربي ونرجو ان تكون هناك مصالحة حقيقية في قمة طرابلس المزمع عقدها نهاية هذا الشهر فالمصالحة تعني تلاحم الأمة التي تبحث عن اقامة سلام.
● هل تعتقد ان المملكة سيكون لها رأي حول المصالحة في القمة العربية المستقبلة؟
■ نأمل ان تكون قمة طربلس قمة مصالحة وان تكون مختلفة حتى وان كانت تكملة لعملية المصالحة التي بدأت في قمة الكويت الاقتصادية العام الماضي حيث شهدت انفراجية في العلاقات العربية - العربية خاصة العلاقة السعودية - السورية ما ادى الى استقرار الوضع في لبنان واجراء انتخابات وتشكيل حكومة.
ونرجو ان يذوب الجليد عن العلاقات المصرية - السورية وان يكون هناك موقف عربي موحد لمواجهة القضايا المطروحة، خاصة الفقر والبطالة والا ننسى قضيتنا الجوهرية فلسطين، وهذا لن يتحقق الا بتوزيع عادل للثروات بها يخدم مصالح المواطن العربي.
العراق والانتخابات
● كيف تقرأ الانتخابات العراقية المقبلة ما ستسفر عنه النتائج؟
■ نأمل ان تسفر الانتخابات عن حكومة ائتلاف وطني، والانتخابات العراقية حتما ستكون مختلفة عن انتخابات 2005 التي تميزت بالطابع الديني والطائفي التقسيمي للمجتمع العراقي والمملكة حريصة على سلامة وحدة الأراضي العراقية وسلامة المواطن العراقي والحفاظ على هويته العربية الاسلامية بغض النظر عن مذهبه وان يكون صاحب حق وقرار ولا يملى عليه من خلال السفير الاميركي في المنطقة الخضراء ولا من خلال المندوب السامي الايراني الذي يتصرف في العراق وكأنها ولاية ايرانية، ونحن نرفض هذا في المملكة ولا نتمنى ان تكون الحكومة المقبلة ذات طابع مذهبي واقصاء الاديان والمذاهب الاخرى سواء من السنة المسلمين او المسيحيين او غيرهما.
والدلائل تشير الى انه من اقصى حق الترشح في الانتخابات خاصة من السنة بايعاز من الرئيس احمدي نجاد وهذا تحد لمشاعر سنة العراق والمنطقة.
ونحن نعتقد ان اقصاء هؤلاء جريمة، وقد زار رئيس القائمة العراقية، د. اياد علاوي المملكة الاسبوع الماضي، وقد يفسرها البعض ان المملكة تدعم د. علاوي.
دعم القائمة
● بعض الاطراف تتهم المملكة بدعم د. اياد علاوي وتقر بأنه مرشح المملكة في العراق، كيف تردون؟
■ علاوي مرشح الشعب العراقي، لا مرشح المملكة ولا يمكن التأثير عليه، فاذا كانت بعض الاطراف مدعومة وسيشكل مكشوف من ايران فما المشكلة من زيارة علاوي المملكة.
فنحن دولة مهمة ونعتبر ان امن العراق من امننا واستقرارنا، فنحن ندعم اي مواطن عراقي وطني يكون له دور في استقرار العراق وهذا الامر تقره جميع دول المنطقة وسورية ومصر، فالجميع يدعم كل من يعمل من اجل العراق واستقراره.
تعيين السفير
● في حال ما اذا فاز د. علاوي في الانتخابات وتشكيل حكومة ائتلاف وطني، هل تتوقع ان المملكة سترسل سفيرا لها في بغداد؟
■ لا اعتقد ان المملكة لديها تحفظ في تعيين سفير لها في بغداد منذ سقوط النظام السابق ولكن السؤال يطرح، هل هناك قبول عراقي للسفير السعودي؟ وكل ما اخشاه ان يكون مصير السفير السعودي مصير السفير المصري نفسه والا يكون مرغوبا فيه.
● أراكم متفائلون بما ستسفر عنه هذه الانتخابات؟
■ نعم لانني ارى ان الانتخابات المقبلة سيكون التأثير المذهبي والديني ضعيفا مقارنة بانتخابات 2005، وهذا ما شهدناه في الانتخابات البلدية، حيث نجد ان الشعب العراقي عاد الى وعيه، واعتقد ان هذا الامر يخيف حكومة المالكي وان يكون التحول كبيرا وان يبحث هذا الشعب عن مخرج لهذه الاتحادات الدينية او تدخل الاطراف الدولية، فالشعب العراقي لديه فرصة لان يقول كلمة مختلفة، وكل ما اتمناه ان تعزز هذه الانتخابات بوصول عراقي يعمل لمصلحة العراق وليس لتحقيق مصالح دول اخرى.