بركان
02-26-2010, 08:05 AM
كثيرا ما استغربت من ذكر التلفزيون الكويتي لأسماء «المتوفين في هذا اليوم».. بل أخبرني أحد الزملاء هناك أن ذكر أسماء المتوفين مناسبة - غير يومية - حيث تمر أيام وأسابيع دون أن يموت أحد..
وقبل أيام فقط أدركت سر هذه العادة الاعلامية الفريدة؛ فقد كنت أقرأ إحصائية عن أموات العالم (في عام 2006) أتت فيه الكويت في المركز الأول من حيث قلة الوفيات (حيث توجد 2,5 حالة وفاة فقط بين كل 1000 مواطن ) . وميزة نسبية كهذه تسهل على أي قناة حكومية ذكر أسماء المتوفين في نهاية النشرة الإخبارية (وهو ما يذكرنا بسرد التلفزيون السعودي لأسماء الناجحين في الثانوية العامة قبل عقدين أو أكثر) !
- والسؤال المهم هو: ما الذي يجعل الكويت تحتل المركز الأول عالميا في قلة الوفيات !؟...
هل هو تطور الخدمات الصحية !؟ أم قلة عدد السكان !؟ أم ارتفاع نسبة الأطفال مقابل الشيوخ والعجائز !؟
في الحقيقة؛ الخدمات الصحية في الكويت لا تتفوق على الخدمات الصحية في اليابان والسويد وماليزيا، وعدد السكان فيها ليس أقل من موناكو وسنغافورة وقطر، أما ارتفاع نسبة الأطفال والشباب ( فهو سبب قوي ووجيه ) ولكنه يوجد أيضا في دول أفريقية كثيرة تعاني من كثرة الوفيات... السر يكمن في اجتماع كل العوامل السابقة رغم عدم كمالها؛ فقلة السكان تحث على إنجاب المزيد الأطفال، وارتفاع مستوى الخدمات الصحية يحافظ على حياة المواليد الجدد ويرفع أعمارهم المستقبلية؛ وكلما ارتفعت نسبة الأطفال والشباب انخفضت نسبة المتوفين بسبب الشيخوخة وتقدم السن... وهذه الحلقة الفريدة نلاحظها في معظم «دول الخليج» حيث ساهم ارتفاع نسبة الأطفال - مع توفر خدمات صحية جيدة - الى انخفاض نسبة الوفيات فيها.. وبوجه عام يمكن القول أن الدول التي تتمتع بنسبة ولادات وشبيبة مرتفعة (مثل ليبيا وبروناي وقطاع غزة) تقل فيها الوفيات مقارنة بدول تتمتع بمستوى صحي ممتاز ولكن ترتفع فيها نسبة الشيخوخة (كاليابان والنرويج وفرنسا)!! غير أن ارتفاع نسبة الولادات والأطفال يجب أن يترافق مع توفر مستوى (مقبول) من الرعاية الصحية الأولية . فمن الملاحظ مثلا أعظم عشرة دول في العالم (من حيث كثرة الوفيات) هي دول أفريقية تتمتع فيها المرأة بنسبة ولادة عالية . فدول مثل بتسوانا وأنجولا وزمبابوي وسيراليون تأتي في مقدمة دول العالم من حيث معدل الوفيات - وفي نفس الوقت في مقدمة دول العالم من حيث عدد الولادات لكل امرأة.. وهذه المفارقة تعود الى اختفاء أو ضعف «الخدمات الصحية الأولية» وبالتالي وفاة معظم المواليد الجدد ( لدرجة أن معدل الوفيات في بتسوانا وصل الى 30 حالة بين كل 1000 مواطن رغم أن معدل الإنجاب هناك يصل الى ستة أطفال لكل امرأة)!!.. هذه الجولة العالمية تخبرنا بثلاثة دروس مهمة:
- الدرس الأول: ألا نتهاون أبدا في توفير خدمات «الرعاية الصحة الأولية»...
- والثاني: ألا تنخفض لدينا نسبة الولادات (الى حد التعادل بين الأحياء والأموات)!!
- والثالث: ضرورة اجتماع العنصرين السابقين بشكل متوازٍ (فولادات مرتفعة مع رعاية صحية منخفضة تعني مجزرة أطفال صامتة)!
fahmadi@alriyadh.com
وقبل أيام فقط أدركت سر هذه العادة الاعلامية الفريدة؛ فقد كنت أقرأ إحصائية عن أموات العالم (في عام 2006) أتت فيه الكويت في المركز الأول من حيث قلة الوفيات (حيث توجد 2,5 حالة وفاة فقط بين كل 1000 مواطن ) . وميزة نسبية كهذه تسهل على أي قناة حكومية ذكر أسماء المتوفين في نهاية النشرة الإخبارية (وهو ما يذكرنا بسرد التلفزيون السعودي لأسماء الناجحين في الثانوية العامة قبل عقدين أو أكثر) !
- والسؤال المهم هو: ما الذي يجعل الكويت تحتل المركز الأول عالميا في قلة الوفيات !؟...
هل هو تطور الخدمات الصحية !؟ أم قلة عدد السكان !؟ أم ارتفاع نسبة الأطفال مقابل الشيوخ والعجائز !؟
في الحقيقة؛ الخدمات الصحية في الكويت لا تتفوق على الخدمات الصحية في اليابان والسويد وماليزيا، وعدد السكان فيها ليس أقل من موناكو وسنغافورة وقطر، أما ارتفاع نسبة الأطفال والشباب ( فهو سبب قوي ووجيه ) ولكنه يوجد أيضا في دول أفريقية كثيرة تعاني من كثرة الوفيات... السر يكمن في اجتماع كل العوامل السابقة رغم عدم كمالها؛ فقلة السكان تحث على إنجاب المزيد الأطفال، وارتفاع مستوى الخدمات الصحية يحافظ على حياة المواليد الجدد ويرفع أعمارهم المستقبلية؛ وكلما ارتفعت نسبة الأطفال والشباب انخفضت نسبة المتوفين بسبب الشيخوخة وتقدم السن... وهذه الحلقة الفريدة نلاحظها في معظم «دول الخليج» حيث ساهم ارتفاع نسبة الأطفال - مع توفر خدمات صحية جيدة - الى انخفاض نسبة الوفيات فيها.. وبوجه عام يمكن القول أن الدول التي تتمتع بنسبة ولادات وشبيبة مرتفعة (مثل ليبيا وبروناي وقطاع غزة) تقل فيها الوفيات مقارنة بدول تتمتع بمستوى صحي ممتاز ولكن ترتفع فيها نسبة الشيخوخة (كاليابان والنرويج وفرنسا)!! غير أن ارتفاع نسبة الولادات والأطفال يجب أن يترافق مع توفر مستوى (مقبول) من الرعاية الصحية الأولية . فمن الملاحظ مثلا أعظم عشرة دول في العالم (من حيث كثرة الوفيات) هي دول أفريقية تتمتع فيها المرأة بنسبة ولادة عالية . فدول مثل بتسوانا وأنجولا وزمبابوي وسيراليون تأتي في مقدمة دول العالم من حيث معدل الوفيات - وفي نفس الوقت في مقدمة دول العالم من حيث عدد الولادات لكل امرأة.. وهذه المفارقة تعود الى اختفاء أو ضعف «الخدمات الصحية الأولية» وبالتالي وفاة معظم المواليد الجدد ( لدرجة أن معدل الوفيات في بتسوانا وصل الى 30 حالة بين كل 1000 مواطن رغم أن معدل الإنجاب هناك يصل الى ستة أطفال لكل امرأة)!!.. هذه الجولة العالمية تخبرنا بثلاثة دروس مهمة:
- الدرس الأول: ألا نتهاون أبدا في توفير خدمات «الرعاية الصحة الأولية»...
- والثاني: ألا تنخفض لدينا نسبة الولادات (الى حد التعادل بين الأحياء والأموات)!!
- والثالث: ضرورة اجتماع العنصرين السابقين بشكل متوازٍ (فولادات مرتفعة مع رعاية صحية منخفضة تعني مجزرة أطفال صامتة)!
fahmadi@alriyadh.com