على
09-15-2004, 08:36 AM
بغداد: هوارد فرانتشي*
شأن كثير من البغداديين يجد ميثم مكي أن عالمه منذ الحرب قد انقلب تماما. وذلك هو السبب الذي يجعله يأخذ عائلته في ليلة صيفية حارة خارج البيت لتناول الآيس كريم ساعيا الى احساس بالاستقرار والوضع الطبيعي.
ويقول السيد مكي الذي ترافقه زوجته وابنتاه الصغيرتان ان «يوم الجمعة هو يوم العائلة، والمجيء الى هنا من أجل الآيس كريم هو شيء نمارسه دائما. ولن نتخلى عنه بسبب المخاطر او الوضع الاقتصادي».
والحياة في بغداد اليوم هي صورة للأفضل والأسوأ، للأغنى والأفقر، مع احساس بفقدان الأمن وهو ما يبدو موحدا للجميع. فقبل الحرب كان خوف المرء على حياته يرتبط بمن يعانون من القمع السياسي. أما الآن فان الخوف، شأن النظام السياسي، يتسم بكونه ديمقراطيا. وتظهر آخر الدراسات في التطور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي أن العراقيين يتأرجحون بين توقف التقدم والكارثة. ويقول حسين كبه، وهو مستشار ناجح في مجال المال والأعمال ببغداد ويعمل الآن ايضا مع وزارة الاقتصاد الجديدة انه «في يوم جيد أعتقد ان العراق على وشك الانطلاق، ولكن في الأيام السيئة أعتقد أننا لا نفعل سوى التوجه الى مزيد من الفوضى».
ويجسد مزيج التفاؤل والشك نفسه بطرق شتى. فعلى سبيل المثال تقيم العوائل الفقيرة والغنية، التي اعتادت على احياء الأعراس في الفنادق، مثل هذه الحفلات في البيوت الآن. ويرتفع معدل الولادات. ولن تبدأ السنة الدراسية الا في أكتوبر المقبل، ومع ذلك فان العوائل تناقش في الوقت الحالي كيفية نقل الأطفال بأمان الى المدارس.
ويقول سعدون الدليمي الذي يدير مركز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية في العراق، وهو مركز يقوم باستطلاعات منظمة للرأي العام العراقي «نحن نعيش في فوضى عارمة مثل زلزال يقلب الأمور عاليها سافلها. نحن نشكل مجتمعا جديدا ونعيد اعمار العراق سياسيا واجتماعيا واقتصاديا بل وسايكولوجيا. ولا غرابة والحال هذه ان يرتبك الناس وأن يكون من الصعب التكهن بردود الأفعال».
وتظهر استطلاعات الرأي التي أجراها الدليمي أنه اذا ما سألت العراقيين حول الأمن فانهم سيبلغونك بأنه أسوا اليوم، ولكن اذا ما سألتهم حول الاقتصاد فان معظمهم سيقولون ان الأمور أفضل مما كانت عليه قبل الحرب. فالكثير من الرواتب أعلى على الرغم من وجود عدد أكبر من العاطلين عن العمل. ومن بين العواقب التي يسميها كثيرون هنا »الارتباك« في عهد ما بعد الحرب ان العراقيين، بينما يشعرون بتفاؤل حول المستقبل البعيد المدى، ليسوا واثقين مما يعتقدونه بشأن الحاضر.
ففي خمسة مجالات حاسمة هي الأمن والفرص الاقتصادية والمشاركة السياسية والخدمات والرعاية الاجتماعية، لم يصل العراق حتى الآن الى نقطة تحول سواء باتجاه المشاركة أو الرفض في ما يتعلق بوجهة البلاد، وفقا لتقرير جديد أعده مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن.
فبينما يتضح ان الآراء بشأن الأمن في منطقة خطر، فان المجالات الرئيسية الأخرى تقع في منطقة غائمة تميل الى التحسن ولكن يمكن ان تتحول نحو أي من الاتجاهين، كما يقول الباحثان في المركز باثشيبا كروكر وفريدريك بارتون.
ويقول السيد كبه الذي لا يميل الى ذلك الرأي انه «اذا ما علمت ان العراق مقبل على التقسيم في أجواء الفوضى، فانك ستغادر مع عائلتك الآن». ولكنه يضيف ان الكثير من العوائل التي يمكنها القيام بذلك قد أخذت شققا في العاصمة الأردنية عمان حيث يلتحق الأطفال بالمدارس بينما الآباء يعملون في العراق.
وتمتلئ الشوارع التجارية هنا بالسلع المستوردة مثل الغسالات ومكيفات الهواء ومولدات الكهرباء، وهي ضرورية لان الكهرباء لا تزال تعاني من انقطاعات. وتزايد عدد العوائل التي تتجه بالسيارات لقضاء العطلات الصيفية خصوصا إلى المنطقة الشمالية الهادئة نسبيا.
غير أن تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية يرى ان الاخفاق في التوفير السريع لفرص عمل لأعداد كبيرة من الشباب العراقيين العاطلين خلال فترة الـ 16 شهرا التي اعقبت الحرب جعل عددا كبيرا من هؤلاء الشباب يتجهون الى المتمردين والمتطرفين الاسلاميين.
وفي يوم السبت الماضي، وحده، شهدت عيادة طبية صغيرة تديرها شقيقتان من الدومنيكان في حي الوحدة ببغداد ولادة 20 طفلا، وهو شيء غير متوقع تفريبا بالنسبة للشقيقتين اللتين تديران مستشفى الحياة.
لماذا يولد مزيد من الأطفال العراقيين؟ تقول بشرى فراش، مديرة مستشفى الحياة ان «الناس لديهم مال أكثر من السابق ولذلك فانهم يعتقدون أن بوسعهم الانفاق على مزيد من الأطفال». وتضيف ان زبائن عيادتها قد تغيروا في فترة ما بعد الحرب.
وتقول «نحن عيادة خاصة ويتعين علينا أن نأخذ ثمن عملنا من المراجعين، ولهذا كنا معتادين على استقبال الأغنياء وحسب. ولكنني الاحظ الآن أناسا من مختلف الطبقات الاجتماعية يأتون بزوجاتهم هنا. بل انني أشك في ان بعضهم يحصلون على المال الجديد عن طريق السرقة، ولكننا سعداء بميلاد أطفالهم».
وعلى الرغم من المصاعب التي يواجهها الناس فان بعض البغداديين يعبرون عن أملهم في أن تتمكن الحكومة الجديدة من حل مشكلة الأمن واعادة الشوارع الى الأمان.
شأن كثير من البغداديين يجد ميثم مكي أن عالمه منذ الحرب قد انقلب تماما. وذلك هو السبب الذي يجعله يأخذ عائلته في ليلة صيفية حارة خارج البيت لتناول الآيس كريم ساعيا الى احساس بالاستقرار والوضع الطبيعي.
ويقول السيد مكي الذي ترافقه زوجته وابنتاه الصغيرتان ان «يوم الجمعة هو يوم العائلة، والمجيء الى هنا من أجل الآيس كريم هو شيء نمارسه دائما. ولن نتخلى عنه بسبب المخاطر او الوضع الاقتصادي».
والحياة في بغداد اليوم هي صورة للأفضل والأسوأ، للأغنى والأفقر، مع احساس بفقدان الأمن وهو ما يبدو موحدا للجميع. فقبل الحرب كان خوف المرء على حياته يرتبط بمن يعانون من القمع السياسي. أما الآن فان الخوف، شأن النظام السياسي، يتسم بكونه ديمقراطيا. وتظهر آخر الدراسات في التطور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي أن العراقيين يتأرجحون بين توقف التقدم والكارثة. ويقول حسين كبه، وهو مستشار ناجح في مجال المال والأعمال ببغداد ويعمل الآن ايضا مع وزارة الاقتصاد الجديدة انه «في يوم جيد أعتقد ان العراق على وشك الانطلاق، ولكن في الأيام السيئة أعتقد أننا لا نفعل سوى التوجه الى مزيد من الفوضى».
ويجسد مزيج التفاؤل والشك نفسه بطرق شتى. فعلى سبيل المثال تقيم العوائل الفقيرة والغنية، التي اعتادت على احياء الأعراس في الفنادق، مثل هذه الحفلات في البيوت الآن. ويرتفع معدل الولادات. ولن تبدأ السنة الدراسية الا في أكتوبر المقبل، ومع ذلك فان العوائل تناقش في الوقت الحالي كيفية نقل الأطفال بأمان الى المدارس.
ويقول سعدون الدليمي الذي يدير مركز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية في العراق، وهو مركز يقوم باستطلاعات منظمة للرأي العام العراقي «نحن نعيش في فوضى عارمة مثل زلزال يقلب الأمور عاليها سافلها. نحن نشكل مجتمعا جديدا ونعيد اعمار العراق سياسيا واجتماعيا واقتصاديا بل وسايكولوجيا. ولا غرابة والحال هذه ان يرتبك الناس وأن يكون من الصعب التكهن بردود الأفعال».
وتظهر استطلاعات الرأي التي أجراها الدليمي أنه اذا ما سألت العراقيين حول الأمن فانهم سيبلغونك بأنه أسوا اليوم، ولكن اذا ما سألتهم حول الاقتصاد فان معظمهم سيقولون ان الأمور أفضل مما كانت عليه قبل الحرب. فالكثير من الرواتب أعلى على الرغم من وجود عدد أكبر من العاطلين عن العمل. ومن بين العواقب التي يسميها كثيرون هنا »الارتباك« في عهد ما بعد الحرب ان العراقيين، بينما يشعرون بتفاؤل حول المستقبل البعيد المدى، ليسوا واثقين مما يعتقدونه بشأن الحاضر.
ففي خمسة مجالات حاسمة هي الأمن والفرص الاقتصادية والمشاركة السياسية والخدمات والرعاية الاجتماعية، لم يصل العراق حتى الآن الى نقطة تحول سواء باتجاه المشاركة أو الرفض في ما يتعلق بوجهة البلاد، وفقا لتقرير جديد أعده مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن.
فبينما يتضح ان الآراء بشأن الأمن في منطقة خطر، فان المجالات الرئيسية الأخرى تقع في منطقة غائمة تميل الى التحسن ولكن يمكن ان تتحول نحو أي من الاتجاهين، كما يقول الباحثان في المركز باثشيبا كروكر وفريدريك بارتون.
ويقول السيد كبه الذي لا يميل الى ذلك الرأي انه «اذا ما علمت ان العراق مقبل على التقسيم في أجواء الفوضى، فانك ستغادر مع عائلتك الآن». ولكنه يضيف ان الكثير من العوائل التي يمكنها القيام بذلك قد أخذت شققا في العاصمة الأردنية عمان حيث يلتحق الأطفال بالمدارس بينما الآباء يعملون في العراق.
وتمتلئ الشوارع التجارية هنا بالسلع المستوردة مثل الغسالات ومكيفات الهواء ومولدات الكهرباء، وهي ضرورية لان الكهرباء لا تزال تعاني من انقطاعات. وتزايد عدد العوائل التي تتجه بالسيارات لقضاء العطلات الصيفية خصوصا إلى المنطقة الشمالية الهادئة نسبيا.
غير أن تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية يرى ان الاخفاق في التوفير السريع لفرص عمل لأعداد كبيرة من الشباب العراقيين العاطلين خلال فترة الـ 16 شهرا التي اعقبت الحرب جعل عددا كبيرا من هؤلاء الشباب يتجهون الى المتمردين والمتطرفين الاسلاميين.
وفي يوم السبت الماضي، وحده، شهدت عيادة طبية صغيرة تديرها شقيقتان من الدومنيكان في حي الوحدة ببغداد ولادة 20 طفلا، وهو شيء غير متوقع تفريبا بالنسبة للشقيقتين اللتين تديران مستشفى الحياة.
لماذا يولد مزيد من الأطفال العراقيين؟ تقول بشرى فراش، مديرة مستشفى الحياة ان «الناس لديهم مال أكثر من السابق ولذلك فانهم يعتقدون أن بوسعهم الانفاق على مزيد من الأطفال». وتضيف ان زبائن عيادتها قد تغيروا في فترة ما بعد الحرب.
وتقول «نحن عيادة خاصة ويتعين علينا أن نأخذ ثمن عملنا من المراجعين، ولهذا كنا معتادين على استقبال الأغنياء وحسب. ولكنني الاحظ الآن أناسا من مختلف الطبقات الاجتماعية يأتون بزوجاتهم هنا. بل انني أشك في ان بعضهم يحصلون على المال الجديد عن طريق السرقة، ولكننا سعداء بميلاد أطفالهم».
وعلى الرغم من المصاعب التي يواجهها الناس فان بعض البغداديين يعبرون عن أملهم في أن تتمكن الحكومة الجديدة من حل مشكلة الأمن واعادة الشوارع الى الأمان.