جمال
02-10-2010, 08:21 AM
د. محمد حسين اليوسفي - أوان
http://www.awan.com/img/lib/writers/6.jpg
mohammad.alyusefi@awan.com
على امتداد تجربتي في التدريس الجامعي طوال ما يزيد على العقدين، لم يصادفني اسم خديجة إلا مرة واحدة، على كثرة أسماء الطلبة الذين يدرسهم الأستاذ الجامعي في الفصل الواحد، ناهيك عن العام الدراسي المتكون من ثلاثة فصول دراسية.
وتمر عليّ بين الفينة والأخرى أسماء من قبيل عائشة وسلوى وسعاد، ومن الأسماء التي باتت نادرة: معصومة وصفية وحليمة.
أما سبيكة وخزنة وقماشة، فأضحت من الأسماء المنقرضة على جمال دلالاتها.
واحتفظ الاسمان فاطمة ومحمد بمكانتهما عبر هذه السنوات. وقد لاحظت أن أسماء البنات أصابها التغيير أكثر بكثير مما أصاب أسماء الأولاد، وبتنا نسمع كثيراً أسماءً من قبيل مرام، وروان، وعروب، وتسنيم، وشيماء، والعنود، وغيرها الكثير، لم نكن نسمع بها ونحن صغار.
والأسماء شأن باقي مظاهر الحياة متغيرة، وهي تعبر عن أحوال المجتمع وتقلباته، ومن أطرف ما قرأت في هذا المجال ما جاء في كتاب د.إبراهيم السامرائي الموسوم بـ «فقه اللغة المقارن» حول التسميات في العراق، فالتسمية قد تطلق عند القرويين «درءاً للحسد»، فالمرأة التي ترزق بطفل بعد طول عناء قد تسميه باسم يعافه الجميع مثل «زباله»!!
وقد يطلق بعض الشيعة الأسماء التي لا يطلقونها عادة على أبنائهم، وبالمثل (وهذا جار في الموصل) قد يختار بعض الآباء لأبنائهم أسماءً مسيحية، كما يذكر المؤلف، كـ«جرجيس» التي هي «كوركيس» عند النصارى.
ويشير المؤلف على وجه الخصوص لسكان قرى جنوب العراق، فيعتبرهم «غير متحضرين وأنهم متأخرون قياساً بسكان المدن»، فيرى في أسمائهم العجب العجاب.. يقول: «فأنت تحس بأنهم يتشبثون بأتفه الألفاظ يتخذونها أعلاماً لهم، كأن تجد في أسمائهم «كشاية» وهي عود القش الدقيق». (ص 273). ويضيف واقعة هي أقرب للطرفة، فيقول: «من أعلامهم «بلاسم» وليس هذا جمعاً
لـ «بلسم» كما يتخيل الحضريون البعيدون عن البيئة الريفية القروية، فهو يعني «من دون اسم»، أي أن صاحب هذا العَلم لم يجدوا له اسماً فسموه «بلا اسم»!!
Mohammad.Alyusefi@Awan.com
http://www.awan.com/img/lib/writers/6.jpg
mohammad.alyusefi@awan.com
على امتداد تجربتي في التدريس الجامعي طوال ما يزيد على العقدين، لم يصادفني اسم خديجة إلا مرة واحدة، على كثرة أسماء الطلبة الذين يدرسهم الأستاذ الجامعي في الفصل الواحد، ناهيك عن العام الدراسي المتكون من ثلاثة فصول دراسية.
وتمر عليّ بين الفينة والأخرى أسماء من قبيل عائشة وسلوى وسعاد، ومن الأسماء التي باتت نادرة: معصومة وصفية وحليمة.
أما سبيكة وخزنة وقماشة، فأضحت من الأسماء المنقرضة على جمال دلالاتها.
واحتفظ الاسمان فاطمة ومحمد بمكانتهما عبر هذه السنوات. وقد لاحظت أن أسماء البنات أصابها التغيير أكثر بكثير مما أصاب أسماء الأولاد، وبتنا نسمع كثيراً أسماءً من قبيل مرام، وروان، وعروب، وتسنيم، وشيماء، والعنود، وغيرها الكثير، لم نكن نسمع بها ونحن صغار.
والأسماء شأن باقي مظاهر الحياة متغيرة، وهي تعبر عن أحوال المجتمع وتقلباته، ومن أطرف ما قرأت في هذا المجال ما جاء في كتاب د.إبراهيم السامرائي الموسوم بـ «فقه اللغة المقارن» حول التسميات في العراق، فالتسمية قد تطلق عند القرويين «درءاً للحسد»، فالمرأة التي ترزق بطفل بعد طول عناء قد تسميه باسم يعافه الجميع مثل «زباله»!!
وقد يطلق بعض الشيعة الأسماء التي لا يطلقونها عادة على أبنائهم، وبالمثل (وهذا جار في الموصل) قد يختار بعض الآباء لأبنائهم أسماءً مسيحية، كما يذكر المؤلف، كـ«جرجيس» التي هي «كوركيس» عند النصارى.
ويشير المؤلف على وجه الخصوص لسكان قرى جنوب العراق، فيعتبرهم «غير متحضرين وأنهم متأخرون قياساً بسكان المدن»، فيرى في أسمائهم العجب العجاب.. يقول: «فأنت تحس بأنهم يتشبثون بأتفه الألفاظ يتخذونها أعلاماً لهم، كأن تجد في أسمائهم «كشاية» وهي عود القش الدقيق». (ص 273). ويضيف واقعة هي أقرب للطرفة، فيقول: «من أعلامهم «بلاسم» وليس هذا جمعاً
لـ «بلسم» كما يتخيل الحضريون البعيدون عن البيئة الريفية القروية، فهو يعني «من دون اسم»، أي أن صاحب هذا العَلم لم يجدوا له اسماً فسموه «بلا اسم»!!
Mohammad.Alyusefi@Awan.com