المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تصاعد الدعوات لسن قانون يجرم التحريض الطائفي في السعودية



فاطمي
01-29-2010, 12:04 PM
شبكة راصد الإخبارية

28 / 1 / 2010م

طالب كتاب سعوديون بارزون الحكومة السعودية بسن قانون يجرم التحريض الطائفي ضمن سياق ردود الفعل على تطاول رجل الدين المتشدد محمد العريفي على المسلمين الشيعة والامام السيستاني.

وهاجم الكاتب السعودي المعروف عبدالله بن بجاد العتيبي من وصفهم بـ"السفهاء الطائفيين" مطالبا بوقفهم عند حدّهم ونزع أي صفة رسمية يحملونها ومعاقبة من يتجاوز الحدّ منهم عبر مؤسسات الدولة.

وقال العتيبي في مقالة عبر صحيفة الإتحاد الإماراتية 18 / 1 "والسفهاء الطائفيين من الجانبين ليسوا فقط من صغار السنّ والأغرار، بل بعضهم قد بلغ من العمر عتيّاً، وبعضهم يُشار إليه بالبنان على أنّه عالم وفقيه".

من جهته طالب الدكتور حمزة قبلان المزيني بتشريعات تمنع من التطاول على الآخرين بنبزهم بألفاظ تحقِّرهم أو تحقر أديانهم أو مذاهبهم أو ألوانهم أو أعراقهم.

وفي اشارة لرجال الدين المتطرفين قال المزيني في مقالة نشرتها صحيفة الوطن السعودية21 / 1 "ما دام أن تقواهم لم تمنعهم من التطاول على الناس فيَلزم تشريعُ قوانينَ واضحة تستند إلى تلك النصوص الكريمة لتجريم تلك الممارسات".

وتعقيبا على ذلك ابدى الدكتور توفيق السيف توافقه التام مع المزيني بالقول "أن بلادنا بحاجة إلى قانون يجرم إثارة الكراهية ويمنع المساس بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي".

وأشار السيف في مقالة عبر صحيفة عكاظ 25 / 1 أن جميع دول العالم التي يتمتع مواطنوها بحريات واسعة وضعت في الوقت نفسه تشريعات تمنع بحزم استغلال الحرية في الإساءة للغير أو إهانته أو الحط من شأنه أو التحريض على إيذائه.

مضيفا "لا ينبغي السماح بتدمير السلم الأهلي والوحدة الوطنية أيا كانت المبررات".

ورأى الكاتب عبد العزيز محمد قاسم في صحيفة الوطن السعودية أن لا حل للمعضلة الطائفية في المملكة سوى إقرار وثيقة للتعايش الطائفي، وسنِّ قانون يجرِّم المساس بالرموز الطائفية.

وقال قاسم "لا حل أبداً لهذه المعضلة الطائفية إلا بما طرحه الشيخ حسن الصفار قبلاً بضرورة إقرار وثيقة للتعايش الطائفي، وسنِّ قانون يجرِّم المساس بالرموز الطائفية".

محذرا السعوديين من الفتنة الطائفية بالقول "إذا انقدحت شرارة الفتنة الطائفية فإن الخاسر هو الوطن".

في مقابل ذلك أصدر العديد من رجال الدين السعوديين المتشددين مؤخرا بيانا تضامنيا مع المتشدد العريفي.

وكان المتشدد العريفي وصف المسلمين الشيعة بالمجوس وهاجم الامام السيستاني بالفاظ نابية الأمر الذي فجر موجة سخط واسعة في الأوساط الشيعية في المملكة والخارج.

فاطمي
01-29-2010, 12:14 PM
حكاية الحكواتي وفضيحة خطاب التكفير

محمد بن علي المحمود * - « صحيفة الرياض »

28 / 1 / 2010م

http://www.rasid.com/media/lib/pics/thumbs/1183069621.jpg


الحكاية ليست هي القصة الفنية أو الرواية؛ كما يتخيّل القارئ الذي استهلكه الخطاب التقليدي بالتسطيح. الروائي ليس هو ذلك الحكواتي الخائب. الرواية خلق «= إبداع» لعالم جديد. ومن ثمَّ؛ فهي فن شمولي راقٍ. الروائي «إنسان حي !» وفنان ومثقف في آن، أو يجب أن يكون كذلك، بينما الحكواتي «إنسان ميت حالة مَوات !»، الحكواتي مُتسلٍّ ومُتسوّل بالشعوذة والتسطيح، ومُمارس محترف لتفعيل خطاب الجهل والتجهيل.الرواية عالم مُركّب، عالم لا يمكن فيه عزل البناء العام للشخصيات عن طبيعة الفضاء الزماني أو الفضاء المكاني أو الفضاء الاجتماعي.

كلها عناصر لتخلق واقعا حيا، ومن خلال ذلك تُؤسس لوعي حي. البطولة في عالم الرواية قد تتحدد في شخص أو مجموعة أشخاص؛ ولكنها لا تنفرد بالبطولة عن الروائي المبدع، فالزمان والمكان، كما الفكرة والحدث والمجتمع، شركاء في البطولة، شركاء في صنعها. أي أن الرواية تعكس الوعي بالواقع؛ حتى في أشد صورها بُعداً عن الواقع. الرواية «وأقصد الرواية الفنية بالطبع» حالة من أشد حالات «التّعقل» حتى وهي تستلهم عوالم اللامعقول. هكذا هي الرواية وليست هكذا هي الحكاية الساذجة. لهذا، فالرواية حالة وعي، بينما الشعوذة الحكواتية حالة غيبوبة وعي، حالة تبدأ من اللامعقول لتنتهي باللامعقول.

الحكاية كلما كانت ساذجة ومُسطحة وغرائبية ومشحونة بما يُعزز البُعد الشوفيني العام؛ استقطبت كثيرا من الجماهير. لهذا استخدمها خطاب التكفير والتجهيل في صناعة قاعدته الجماهيرية العريضة. ونجح في ذلك. الرموز التقليدية التي تلقى اليوم رواجا لدى الجماهير هي مَن تتقن ممارسة دور الحكواتي الخائب. لا يحتاج الحكواتي إلى أي إعداد من أي نواع؛ لأنه ليس حتى ذلك الحكواتي المُحترف الذي كان يمسك بالربابة ويشدو بالحكاية على ترجيعها الحزين. لا يحتاج الحكواتي الغفوي الخائب سوى حفظ بعض الحكايات التراثية، أو التقاط بعض الغرائبيات المعاصرة الرائجة في خطاب التقليديين.

بل لا يحتاج حتى إتقان «الحفظ !»؛ لأنه سيروج في عالم «البؤساء» حتى ولو كانت ذاكرته مثقوبة بألف ثقب، بل ولو كانت مخرومة بالكامل. لن يكتشف أحد حجم الأخطاء النقلية، ولا حجم العبث بالتواريخ والأسماء، ولا الاحتيال الإيديولوجي باجتزاء النصوص؛ لأن من يستهويهم هذا الهراء الغفوي عاجزون عن مجرد الاختيار ابتداء؛ فكيف بممارسة الاختبار بعد ذلك ؟ّ!.

هكذا تُصبح الجماهيرية في قبضة الأغبياء، بل في قبضة جهلة الأغبياء. وتهون المأساة نسبياً لو توقف الأمر عند مجرد الحشد الجماهيري بقصد نشر خطاب الجهل والتجهيل. المأساة الأعمق أن هذه الجماهيرية تمنح الحكواتي وأمثاله شعوراً مغلوطاً بتجاوزه لحالتي : الغباء والجهل. بل، ولتواضع عقلية الحكواتي؛ مقارنة بأقرانه من أبناء التيار الغفوي نفسه، ولعشقه المجنون لعالم الإعلام، ولكون الإعلام اليوم هو إعلام الصورة و«الإثارة !»، وليس إعلام الفكرة، فقد تقذف به الشهرة بعيدا، وقد يرتقي به الغرورُ مُرتقى صعباً؛ فيتصور نفسه واعيا بعوالم السياسية كلها، فضلا عن يقينه القديم المغرور بأنه عالِم بعوالم الخطاب الديني قديمه وحديثه. ولأنه ساذج وجاهل؛ فسرعان ما يقع فريسة الأوهام والأحلام والخيالات...إلخ.

الشهرة مُسكرة بأشد مما تفعله كؤوس الرَّاح، وهي تعطي صاحبها المسطول انطباعا مغلوطا عن الذات. يتصور المشهور إذا ما كان ساذجا وجاهلا أن هذه الشهرة العريضة لم تأتِ إلا نتيجة علم واسع ونباهة استثنائية وسمت تقوي، وأن هذا الاحتفاء الإعلامي ليس له بُعد آخر غير ما تحدده الكلمات الصريحة إبان التعاقد بالملايين مع تُجار الفضائيات. لا يستطيع الحكواتي أن يدرك أن معظم تُجار الفضائيات لا يتعاملون إلا مع الصورة، وأن المسألة لا تتعدى درجة التشويق التي تُوفّرها لهم «فتاة الإعلان».عندما تنجح «الفتاة» في رفع درج التشويق؛ فيزداد حجم الطلب عليها، يصيبها الغرور القاتل، فتتصور أن هذا لملكات فكرية وفنية فيها، لم تكتشفها إلا جماهير الإعلان التجاري.

ولهذا تُسرع إلى استثمار المواهب الخارقة التي اكتشفتها بما رأته من حالة التفاف الجماهير عليها؛ فتلقي بنفسها بين يدي هذا المخرج السينمائي أو ذاك، تُطالبه بأن يمنحها دور «البطولة !» في فلمه القادم. وعندما يكون «نزيهاً» فيُصرّح لها بأنها لا تمتلك أية موهبة فنية، وأنها لا تمتلك إلا «ملاحة الصورة» التي تنضح بالبرود العقلي والعاطفي؛ يصيبها الذهول، وتقول له : أما ترى هوس الجماهير بي ؟.

وعندما يحاول إفهامها أنها قد تنجح ك«فتاة إعلان»؛ لأنها لا تحتاج في الإعلان التجاري إلى أكثر من ملاحة الصورة الباردة؛ تتهمه بالجهل، وأنه لا يحسن تقدير المواهب. وستستمر في البحث؛ لقناعتها بمواهبها؛ حتى تقع في «فخ» المنتج السينمائي غير النزيه، والذي بمنطقه التجاري سيشتري لها مجموعة من المُخرجين البائسين.

أحدهم، وكان شابا متدينا، دخل للتو كلية الشريعة، أكثر من عتابي على نقدي لمُهرجي الإعلام الفضائي «= مروجي خطاب التقليدية التكفيرية»، وكان يطالبني بأن أرى الجوانب الإيجابية، أن أرى نوعية الإرشادات التي يبثونها، وأنها لا تزيد عن محاولة تقوية التقوى في القلوب. أخبرته أن هؤلاء يجمعون بين الجهل والتكفير، فهم يجعلونك جاهلا ومتعصبا في آن، فلم يصدق، واعترض بأنه يستمتع بالسماع لهم «وعد هذا الاستمتاع دليل علم لديهم !»،

وأنه لم يسمع من أيٍّ منهم كلمة تكفير صريح. لم يكن ثمة مجال لإقناعه بحجم جهل هؤلاء وانطوائهم على رؤى تكفيرية إلا بجعله يكتشف ذلك بنفسه. سألته : بما أنك مُدمن على فضائيات هؤلاء، فاذكر لي خمسة من نجومها اللامعين، من النجوم الذين تراهم مصلحين ومتسامحين ومفيدين علميا لك ولأمثالك. ذكر لي خمسة أسماء. ومن الغريب أن الحكواتي التكفيري كان أوّل هذه الأسماء. قلت له : هل ترضى بأن تختبر بنفسك هذا الحكواتي، قال : أنا ! كيف ؟،

قلت أحضر ورقة بيضاء وقلما. أحضرهما. قلت له : لمدة أسبوع كامل، تابع كل حلقات الحكواتي في كل الفضائيات، واكتب في هذه الورقة ما هو جديد عليك، لا تكتب فيها أي شيء سمعت به من قبل أو قرأت عنه، اكتب فقط ما تعده فائدة جديدة تضيفها إلى رصيدك المعرفي. رجع بعد أسبوع وهو يضحك، وكان قد شاهد كل ما تم بثه من حلقات الحكواتي، وقال لي : فعلا، الرجل جاهل، إنه مثلي، فقط استمع إلى الكثير من أشرطة الكاسيت، وقرأ متصفحا بعض الكتاب التراثية، تصور أنني أحسست أنني أعرف أكثر منه، مع أنني مجرد طالب شريعة في السنة الجامعية الأولى. ثم أعطاني الورقة؛ فإذا الورقة البيضاء بيضاء كما كانت، إلا من ثلاثة أسماء تاريخية عابرة لا تفيد معرفتها ولا يضر الجهل بها. قال : هذا هو الجديد، ولا شيء سواه !.

بدأ هذا الشاب يفكّر. قال : كنت استمتع بجلسة «الوناسة» التي يعقدها الحكواتي في برنامجه الفضائي، ولم أكن أفتش حقيقة عن الفائدة المعرفية، كنت أحس بأنني في جلسة ترفيهية في إحدى الاستراحات، ولم أعِ إلا اليوم أن تمتعي لم يكن عقلياً، وإنما هو مجرد استئناس بتلك الضحكات والتعليقات الساذجة، واستئناس باكتشاف بعض الوجوه التي كانت تُوضَع للحكواتي كجمهور صغير، يمارس عليه الدروشة والاستغباء، ولا ينطقون إلا بمفردات الموافقة والتقليد والتأييد. اقتنع هذا الشاب ب«جهل» الحكواتي،

ولكنه لم يقتنع بأنه «مكفراتي» منتم إلى خطاب التكفير. قلت له : انظر، من هم شيوخه، وما هي مرجعيته، وفي أيٍّ من حواضن التقليدية تخرّج. قال معتذرا عنه : ربما لا يستطيع الإعلان عن تسامحه، وعدم تكفيره لجميع المسلمين، ولكن يكفي أنه لا يجاهر بالتكفير، فلم أسمع أنه حكم بتكفير أي مسلم، ولا أنه صرّح بتكفير أية فرقة من فرق المسلمين، بل ينتقد الأخطاء كأخطاء. كان هذا الشاب يريد مني دليلا مباشرا وصريحا وآنيا على أن الحكواتي مكفراتي، ولم أجد آنذاك ما أرصده عليه كمقولة تكفير صريحة. كان هذا قبل أكثر من ثلاثة أشهر. لكن، قبل أسبوعين تقريبا، وبعد أن سمع ورأى، بالصوت والصورة، ذلك الحكواتي يجأر بالتكفير الصريح، تكفير عشرات الملايين من المسلمين، اقتنع، واتصل بي قائلا : لم أكن أتصور أنني كنت على وشك أن أكون ضحية لهذا الجهل العريض ولهذا الوباء التكفيري، أحسّ بأنني أحيا من جديد.

نحن لا نكتشف حجم الجهالة التي تفرض نفسها علينا، إما لأننا لا نستطيع، وإما وهو الأغلب لأننا لا نريد، لا نريد الإفاقة من خدر الجهالة اللامسؤولة إلى حالة الوعي المسؤول. مَن نمنحهم الثقة، لا نريد اكتشاف أنهم خونة، ومَن نمنحهم عواطفنا لا نريد اكتشاف أنهم يُتاجرون بعواطفنا. وفي حالة الحكواتي مثلا، لا نريد أن نكتشف أنه ليس أكثر من جاهل مهووس بالشهرة، وأنه عاشق كبير لعالم الكاميرا، وأنه مستعد لأن يفعل أي شيء، وأن يقول أي شيء، من أجل استثمار عواطف الجماهير، التي ستستحيل إلى أرصدة في البنوك، بحجم سخاء فضائيات الإثارة!.

في البيئات التقليدية التي لم تندغم بعد في عوالم المعقول الإنساني، يسهل اكتساح عواطف الجماهير. الجماهير في هذه البيئات تتعامل ببرود ولا مبالاة مع مقولات التسامح والتعايش، ولكنها تلتهب بمقولات المفاصلة التي تؤجج روح العداء. كلما اشتدت بدائية المجتمع؛ منح عواطفه للعنصريين. هذا يظهر حتى على المستوى العشائري. فرجل القبيلة الذي يدعو للتسامح مع الآخرين، وينادي بتجاوز القبيلة إلى الحضور المدني / الوطني، يجد نفسها منبوذا من القبيلة ومرفوضا من العشيرة. بينما رجل القبيلة الذي تجده مهموما بالبحث عن أصول القبيلة وفروعها، والذي تصبح «شجرة العائلة» همه الأول، والذي يدّعي تميّز قبيلته بخصائص وسمات أزلية لا تتوفر في غيرها، يحظى بالاهتمام والاحترام والتقدير والتبجيل. الأول، ولأنه غير عنصري؛ لا تلتف حوله الجماهير، بينما الثاني تقوم القبيلة بتصعيده، وربما بتقديسه؛

كلما أوغل في التّعنصر المجنون. الأول، مُتوفّر على وعي مدني عقلاني إنساني، وعي يعي الإنساني من حيث هو إنسان، بصرف النظر عن أية اعتبارات إضافية على الأصل الإنساني. بينما الثاني، مُتوفّر على وعي حيواني غرائزي افتراسي، يتعامل مع بني البشر بوصفهم فرائس قابلة للالتهام. الافتراس قد يكون ماديا بسحق الأقوى للأضعف، والاستيلاء على أكبر قدر من حقوقه، وقد يكون معنويا، وذلك بازدرائه، أو بالتسامح مع الأدبيات التي تُمارس هذا الازدراء، بوصفها أدبيات تعكس وضعاً «طبيعياً !». وقد يكون الافتراس بالتكفير، وهو الافتراس الذي يجمع بين المادي والمعنوي. وهذا ما تمارسه أشد الوحوش توحشا، وأبعدها عن عالم الإنسان.

لا بد من إيقاف هذا الجنون التكفيري، ولا بد من الحجر على هؤلاء المجانين الذي يعبثون بمستقبلنا. أزمتنا المزمنة، أننا بدل أن نقوم بتصفيد هؤلاء التكفيريين، ونمنعهم من افتراس غيرهم بأنياب ومخالب التكفير، نفتح لهم عالم الفضاء الجماهيري الواسع. هم لا يتحمّلون أضواء الشهرة الساطعة، بل يحترقون بها منذ اللحظات الأولى، يُدمنون عليها، وفي لحظات الانتشاء يفشون كثيرا من الأسرار أسرار التكفير !.

منذ أمد طويل ونحاول تبرئة خطابنا الديني من التكفير، ونُؤكد على براءته من الإرهاب، ونُروّج لتسامحنا !. وفجأة، يخرج من بيننا من يرمي تهم التكفير، ويصبّها على طوائف إسلامية كبيرة. هنا نجد أنفسنا أمام موقف صعب، فإما أن نؤكد على ما قاله، ونعترف أنه بتكفيره للمسلمين إنما يُعبّر عن حقيقة معتقدنا، وأننا تبعا لذلك تكفيريون، وإما أن نقف موقفا صارما من افتئات الحكواتي التكفيري على حقيقة معتقدنا، وأن نعلن أنه مارس انحرافا عقائديا بتكفيره لإحدى فرق المسلمين. إننا إذا ما أردنا تأكيد «اعتدالنا» و«وسطيتنا» فعلينا بتجريم الحكواتي التكفيري، ووضعه في خانة : غلاة التكفيريين. جريمة الحكواتي ستطال خطابنا الديني كله؛ إذا لم يُجرّمها الخطاب الديني صراحة، ويُدينها بكل وضوح، وبدون أية استثناءات اعتذارية. وبصراحة، إن كان ثمة من عقلاء في الخطاب التقليدي لدينا؛ فعلى العقلاء ضمان ما أتلفته نزوات المجانين.

فاطمي
01-29-2010, 12:24 PM
هل يجب عليّ أن أوافق العريفي لأكون مسلمة؟

سمر المقرن * - « صحيفة العرب القطرية »

29 / 1 / 2010م

http://www.rasid.com/media/lib/pics/thumbs/1206461583.jpg

ليس شيئاً هيناً أن يتلقى الكاتب أو الكاتبة التهديدات المتتالية بالقتل، وأنصح كل أخواتي وإخواني من الوسط الصحافي أن يأخذوا هذه الأمور بجدية وألا يتهاونوا بها أو يتصوروا أنها مجرد تخويف أو محاولة للإسكات.

كتبت مؤخراً مقالا انتقدت فيه هجوم الدكتور محمد العريفي على الشيعة ومرجعياتهم الدينية فكانت النتيجة التهديد بقتلي, فهؤلاء رأوا أن نقدي قتلهم وليست لديهم حجة كلامية يردوا بها عليّ، فوجدوا أن القتل والنحر والتقطيع أسهل من الكلمة؛ لأن العنف المتربص في شرايينهم يدفعهم نحو شرب الدماء والتلذذ بطعمها. مع ذلك فإن التهديد بالقتل لا يساوي شيئاً إذا قورن بتكفير الشخص، حتى أني تألمت على تشويه إسلامنا المتسامح من قِبل هؤلاء، واستغربت، هل يجب عليّ أن أوافق العريفي في هجومه على إخواننا الشيعة لأكون مسلمة؟ هذا السؤال لن يتمكن القتلة من الإجابة عليه، لكني أنتظر إجابة العقلاء، مع التأكيد كما أسلفت في مقالي الأول أني ضد عقيدة السيستاني وضد خطه السياسي، لكني أتحدث عن مبدأ الهجوم والتجريح مع من نختلف معهم.

الأمر الآخر الذي استخدمه هؤلاء المتوحشون سواء معي أو مع من يختلفوا معه هو التخوين واتهام الإنسان في وطنيته وحبه لبلده وكل من يعرفني يعرف ولائي الكامل لبلدي المملكة العربية السعودية وحبي لها ولولاة أمرها –حفظهم الله- وأدام عز المملكة ونصرها على كل من يفكر في معاداتها هذه نقطة محسومة بالنسبة لي وليست محل نقاش, لكن بالنسبة لقضية العريفي والسيستاني أنا لي وجهة نظر, هي لا بد أن يكون لدى الوعاظ وعي وسعة أفق أكثر مما هم عليه ولا بد من إعادة تأهيلهم وتنبيههم للأخطاء التي يقعون فيها ليدركوا معنى خطورة الكلمة وأهمية الوطن والوطنية والبعد عن الطائفية والفرقة والحكمة في الدعوة, فإذا كان القرآن الكريم يقول: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) وهذه الآية في المشركين وتنهانا عن سب آلهتهم الوثنية فما بالك بالشيعة الذين هم إخوة لنا في الدين, وجيراننا في الوطن؟!

هذا الموقف مني ليس فيه أي خروج من سنيتي وانتمائي لهذا المذهب لكني أكره العداوات المجانية التي تفرق الناس وتمزق شملهم, وهذه الأساليب قد اعتدنا عليها من الأصوات المتطرفة فعندما تختلف معهم في قضية يتركون القضية المختلف عليها؛ ليتوجهوا لشخصك ويتهمونك بكل التهم والبهتان الذي يستطيعونه بدون وازع من ضمير؛ مما أوصلني لقناعة أن هذه الأصوات المتطرفة ليست متدينة إطلاقا، ولا تعرف من الإسلام إلا اسمه، أقول هذا وأنا مسؤولة عن هذا الكلام وأملك كل البراهين فهل المسلم المتدين يقذف الأعراض؟

مستحيل.. لأن المتدين الحقيقي مهما اختلفت معه يردعه دينه وخوفه من الله أن يكذب ويفتري على أناس لا يعرفهم ولم يقابلهم في حياته, إذا اختلفت مع الأصوات المتطرفة هذه في أي قضية تتحول بقدرة قادر إلى كافر وخائن لوطنك وربما أصبحت حوثياً بزعمهم, وأسوأ خلق الله خلقا, هذا هو حالهم منذ عرفناهم, وأنا اليوم أكتب لأقول إنني مستمرة في التعبير عن رأيي والله، لن تخيفني التهديدات بالقتل ولا السباب والشتم الذي يكتبه من لا خلق عنده ولا دين وأنا بكل ثقة في نفسي مستمرة على هذا الطريق في التعبير عن رأيي بحرية تامة ما حييت، ولن يجني الوعل من نطح الصخور خيراً.