المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العقلية الازدواجية في حظر الحجاب..................!



سيد مرحوم
09-13-2004, 11:25 AM
العقلية الازدواجية في حظر الحجاب

أحمد عمرابي

بعد دراما «الحجاب» في فرنسا و«الجلباب» في بريطانيا جاء الآن دور «النقاب» وخطره في الجامعة الأميركية في القاهرة.في باريس منعت طالبة مسلمة بواسطة إدارة المدرسة من ارتداء الحجاب. ووسط الضجة التي أفرزها القرار المدرسي وقفت الحكومة إلى جانب إدارة المدرسة لتستصدر لاحقاً قانوناً من البرلمان بحظر ارتداء الرموز الدينية الظاهرة ومن بينها الحجاب الإسلامي والصليب المسيحي «إذا كان حجمه كبيراً» والقلنسوة اليهودية في كل المعاهد التعليمية.
في لندن وقعت حادثة مماثلة: طالبة مسلمة أيضاً حظر عليها بواسطة مديرة المدرسة ارتداء الجلباب النسائي الذي يستر الجسم حتى الساقين.وبانتقال الجدل إلى القضاء حكم القاضي البريطاني لصالح المدرسة بالتأكيد على حظر الجلباب. وبينما ما زالت أصداء القرار القضائي البريطاني تتردد في الآفاق الإسلامية نشرت الصحافة المصرية خبراً يتضمن حظراً من إدارة الجامعة الأميركية في القاهرة على ارتداء النقاب.
وبينما تبدو هذه الوقائع الثلاث متشابهة إلى درجة التطابق تقريباً إلا أن حادثة القاهرة تختلف جوهريا عما جرى في كل من باريس ولندن.
كيف؟
تمعن في التفاصيل الخلفية وستدرك أولاً أن المجتمع في كل من فرنسا وبريطانيا في غالبيته لا يدين بدين الإسلام. فالأغلبية في هذين البلدين الأوروبيين مسيحيون. لكن المجتمع المصري في غالبيته ينتمي إلى الإسلام.
ما هو المغزى من هذه المفارقة؟
المغزى هو ان الحجة الكبرى التي تقام على المسلمين في فرنسا أو بريطانيا تستند إلى ان على الأقلية المسلمة هناك ان تلتزم بالتقاليد والقوانين العلمانية التي ارتضتها الأغلبية من غير المسلمين. فالسؤال في هذه الحالة هو: لماذا تفرض جهة ما غير مسلمة قناعاتها المضادة للمباديء الإسلامية في بلد تتكون أغلبيته الساحقة من المسلمين بما يخالف الدستور والقوانين السارية؟
ان هذا بالضبط هو ما اقترفته إدارة الجامعة الأميركية في القاهرة باصدارها قراراً أحادياً يحظر على الطالبات ارتداء النقاب أو أي شيء مشابه يغطي الوجه، ولضمان انفاذ هذا القرار قررت إدارة الجامعة الزام الطالبات أو أولياء الأمور بالتوقيع على تعهد بذلك.
والظرف الذي صدر فيه هذا القرار يساعد على فهم دوافعه. فقد صدر القرار كرد فعل على حكم صادر عن محكمة القضاء الإداري في القاهرة ببطلان قرار الجامعة ـ على أساس ان ارتداء النقاب غير محظور شرعاً في مصر.
وهنا نأتي إلى المفارقة الكبرى، فبينما وجد المسلمون أنفسهم مضطرين إلى الالتزام بالقانون الفرنسي وحكم القضاء البريطاني فان الجامعة الأميركية في القاهرة رفضت قرار المحكمة المصرية.
إننا أمام مغزى مخيف. فالمسلمون يفرض عليهم الانصياع للقوانين المضادة لدينهم سواء كانوا أقلية في مجتمع غير مسلم أو أغلبية في مجتمع مسلم.
وتدخل ضمن هذا السياق قصة أخرى تتصل أيضاً بالجامعة الأميركية في القاهرة. فقد رفضت إدارة الجامعة بشدة وعناد مطلباً للطلاب باقامة مسجد داخل الحرم الجامعي. ونقلت صحيفة «الأهرام» عن رئيس الجامعة ديفيد أرنولد قوله انه «فوجيء» بهذا المطلب رغم انه معلوم للجميع ان غالبية الطلاب في جامعته مسلمون. ووصف هذا المطلب بأنه «ظاهرة غريبة» «لم تحدث منذ انشاء الجامعة عام 1919».
ان وجه الغرابة الحقيقي هو ان هناك جامعة أميركية توأم هي الجامعة الأميركية في بيروت تضم كنيسة للطلاب المسيحيين وإذا كان السيد ارنولد يقول أيضاً ان الجامعة الأميركية في القاهرة ليست جامعة دينية بحيث يقام فيها مسجد فاننا نتساءل: هل الجامعة الأميركية في بيروت جامعة دينية؟
هذه هي العقلية الازدواجية التي تدعو المسلمين إلى التشكك في ان وراء سياسات الغرب ـ وخاصة الولايات المتحدة ـ بشأن «التطرف» و«الإرهاب» أجندة خفية تنطوي على عداء مسبق وراسخ ضد كل ما يتصل بالإسلام وقيمه الحضارية