المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكومة علاوي وسياسة الرشوة !...................................سهر العامري



سيد مرحوم
09-13-2004, 11:21 AM
حكومة علاوي وسياسة الرشوة

أرض السواد - سهر العامري


تحاول الحكومة العراقية المؤقتة برئاسة الدكتور اياد علاوي استعطاف الدول العربية ، والحصول على دعم منها بذات الاسلوب الذي عوّد صدام الساقط تلك الدول عليه ، وهو اسلوب الرشوة ، ومن خلال عقد اتفاقات تجارية معها ليس فيها صلاح ولا فلاح للعراق ابدا ، فالعراقيون يعرفون بمحض تجربتهم ايام الحصار كيف صدّر لهم الاخوة العرب ! الكثير من السلع الفاسدة التي تسببت بحالات مرضية حلت بهم وبأطفالهم ، وذلك في برنامج الامم المتحدة المعروف : النفط مقابل الغذاء والدواء ، ذلك البرنامج الذي منح صداما المجرم حق الشراء ، ومن المصادر التي يردها هو ، وبذلك راح يعرض رشاه على تجار القومية العربية ، مانحا اياهم افضلية على بقية دول العالم التي تفوق منتوجاتها جودة ونفعا جميع منتوجات الدول العربية التي قصدها صدام الساقط ، والتي هبّ فيها التجار هؤلاء ، هاتفين في عرس عربي ، قومي ! بالروح بالدم نفديك يا صدام !
لقد كان من سوء حظ العراق أن يكون اسيرا ، مقيدا بقيود سياسة كهذه ، فرضها العرب عليه ، وهو يخوض في محنة عصيبة كانوا هم من بين المتسببين فيها ، وذلك بدافع الضغط على أية حكومة عراقية فيه من أجل العودة به الى سياسة الرشوة التي عودهم عليها اخوهم في الدين والقومية ، صدام الساقط كما اسلفت0 وإلا فما الذي يجبر العراق أن يقوم بتدريب شرطته في بلدين متخلفين مثل الاردن و مصر ؟ وما الذي يدفع وزير خارجية حكومة علاوي للتوجه الى بلد شديد التخلف كاليمن ، طالبا العون من حكومته الحد من نشاط البعثيين العراقيين الذين فتحت لهم تلك الحكومة ابوابه على مصارعها، هؤلاء النفرالذين أخذوا يشنون حربهم على العراق من هناك ، وذلك بارسال المغرر بهم من اليمنيين الى سوح الجهاد في الفلوجة المقدسة ! أو في اللطيفية التي أخذت اسمها من اسماء الله الحسنى! ألم يكن موقف الحكومة اليمنية بقيادة علي عبد الله صالح ، صدام الصغير، مثلما يسميه أهل اليمن ، منسجما مع الموقف المصري والاردني في ضرورة الضغط على الحكومة العراقية الموقتة بدافع العودة الى سياسة الرشوة مقابل التضامن القومي المزيف !
لقد شاهدت أنا بام عيني حين كنت في جنوب اليمن ، ومن خلال تلفزيون اليمن الشمالي ، صداما الصغير عائدا من العراق ، وهو يزهو بنصر مظفر بعد أن منحه صدام الساقط مبلغ أربعمئة مليون دينار عراقي هبة ، وكان هذا المبلغ وقتها يعادل مليار ومئتي الف دولار 0
ويبدو أن هذه الاطراف العربية قد نجحت الآن في اجبار حكومة علاوي للعودة لذات السياسة التي اتبعتها مع صدام ، وذلك بالتمنع عن منح تاييدها للحكومة العراقية المؤقتة ، وباستخدام ورقة ما يسمونه بالمقاومة العراقية التي تحظى بالدعم الاعلامي من لدن حكومات هذه الدول ، وكذلك بتوفير ملاذات آمنة لأزلام صدام المهزومين على أراضيها 0 ولم يكن كل هذا بهدف الدفاع عن العراق والعراقيين ، أومساعدتهم في التخلص من الاحتلال ، وإنما بهدف واحد وحيد هو الجري وراء مصالحهم في العراق، تلك المصالح التي ذهبت بذهاب صدام ، والدليل على ذلك هو عبث هذه الدول وتصرفها باموال الشعب العراقي المودعة في مصارفها ، ومثلما تريد هي ، وليس مثلما يريد العراقيون ، واقرب مثال على ذلك ما قام به الاردن الشقيق ! قبل ايام من سحب اكثر من مئتين وخمسين مليون دولار من الأموال العراقية الموجودة في مصارفه ، وتوزيعها على تجاره لقاء ماصدروه من سلع فاسدة للعراقيين ايام بطل القومية الذي اضاعوه مكرهين ! لقد تمّ ذلك خلافا لقوانين الارض ، وتحت انظار حكومة علاوي التي ما حركت ساكنا ، وبمباركة من السيدة العظمى أمريكا !
واليوم تحمل لنا وكالات الانباء خبرا مفاده هو أن العراق وقع اتفاقية مع الشقيقة مصر ! تقول : اتفق العراق ومصر على اقامة برنامج عمل مشترك في مجال التخطيط العمراني وبناء المدن السكنية والاستفادة من خبرات وتجارب الجهات المعنية في مصر في هذا المجال من اجل وضع حل لازمة السكن المتفاقمة في العراق وايجاد مخارج وحلول لها 0
والخبر هذا ليس بحاجة الى تعليق مفرط ، فهو يفضح كذب ونفاق من وقع هذه الاتفاقية ، وبغياب تام عن الرأي العام في العراق ، فالمعروف أن تجربة مصر في التخطيط العمراني وبناء المدن السكنية متواضعة ، وهي لا تخرج ابدا عن تجارب البلدان المتخلفة ، وقد فشلت هذه التجربة من قبل حين نقلت الى ليبيا ، مما اضطر الليبيون الى التعويض عنها بتجارب اكثر تطورا منها عند بلدان اخرى مثل كوريا الجنوبية وشركتها العملاقة : داوو، رغم الغش الذي يمارس في هذه الشركة على شهرتها ، هذا في المدن ، أما في الارياف فقد استعانت ليبيا بالتجربة البولندية ، حيث شيدت فيها قرى للفلاحين غاية في الحداثة ووفقا لتلك التجربة 0
والمعروف عن التجربة المصرية في البناء كذلك هو تساقط العمارات السكنية في احيائها على رؤوس ساكنيها بين الفترة والاخرى ، والمعروف ايضا عنها انها لم تضع حدا لازمة السكن في مصر ذاتها ، فكيف يُراد لها أن تضع حدا لازمة السكن في العراق ؟
دونكم المصريون فسألوهم سيقولون لكم : يا اهل العراق ! ويا حكومة النفاق ! ما زلنا نحن نتخذ من المقابر بيوتا ، ومن الازقة مآوى ، وإذا كان وزير الاسكان العراقي في شك مما يقول اخوتنا في مصر العروبة ، فانا أدعوه نيابة عنهم لزيارة محلة شبرا ، وفي منطقة جزيرة بدران تحديدا ، ليرى الاسرة المصرية الواحدة ، والتي يزيد عدد افرادها على اربعة تسكن غرفة واحدة ، في بيت يضم العديد من الغرف 0
من خبرتي في الترحال الكثير استطيع أن أقول إن أنجح تجربة في العمران وبناء المساكن ، وشق الطرق والشوارع ، هي التجربة السويدية التي تقدمت كثيرا على مثيلاتها الاوربيات في هذا المضمار ، وربما كان لي حديث آخر عن هذه التجربة ، في مناسبة أخرى 0
وعلى هذا بات لزاما على الطرف العراقي الذي وقع على هذه الاتفاقية أن يتذكر أن العراقيين هم بناة الزقورة التي تناطح الزمن للساعة ، وهم من بنى الملوية السامقة في عنان سماء العراق ، وهم من اشاد مصرف الرافدين ، وعمارة الدامرجي الذي ذهبت مثلا في أوساطهم ، وإذا كان لابد من عقد الاتفاقات تلك ، فعلى الحكومة العراقية أن توقعها مع الدول التي بلغت شأوا عظيما في العمران والبناء 0