زوربا
12-27-2009, 02:49 AM
يصنعون الحلويات ويولمون ويفرحون لجهلهم بخلفية هذه العادة التاريخية
لان حادثة كربلاء تتضمن البطولة والصمود فتلك الفئة المحدودة قاومت وسجلت في التاريخ اروع صفحات الصمود والتضحية، ومن جانب آخر كانت فيه مأساة عظيمة مؤلمة ولم تحل هذه المأساة بشخص عادي، بل هو ابن رسول الله وسيد شباب اهل الجنة فقد جاء في الحديث: «الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة» ولم يقتصر الامر عليه وانما تعداه الى اطفاله ونسائه وعائلته، وتطاولت ايدي الاجرام الى جسمه الشريف بعد مقتله.
لقد سحقوا جثته عليه السلام بحوافر الخيول وسلبوا كل ما على جسده فنهبوا قميصه وسراويله وقلنسوته ونهبوا حتى عمامته، لدرجة ان بجدل الكلبي جاء ليبحث عما يسلبه فلم يجد سوى خاتم في خنصر يده عليه السلام فعالج حتى ينتزعه فوجد الدماء وقد ظهرت على الخاتم فخشي ان يقضي وقتا في اخراجه فاخذ خنجرا وقطع خنصر الامام.
ان امرا بهذه الوحشية والاجرام لم يسبق ان حدث في التاريخ الانساني لشخص بمكانة الامام الحسين عليه السلام.
ان استشهاده عليه السلام بهذه الطريقة المأساوية والمؤثرة من الاسباب التي خلدت ذكراه ومعه هذه الحادثة.
لا احد من المسلمين يجهل قدر الحسين، او لا يحزنه قتل الحسين او يرضى عما حصل للحسين عليه السلام، فهذا امر نقطع به، ولكن درجة الاهتمام تتفاوت وهذا التفاوت في التعامل مع هذه الحادثة ولد وجود مدرستين.
الاولى تقوم على اساس التغاضي عن هذه الحادثة فنجدها عند البحث التاريخي تدين قتل الحسين، وتبدي التأسف لمقتله، ولا تقبل بذلك ولكن اتباع هذه المدرسة يرون انه لا داعي للوقوف عند هذه الحادثة طويلا، وفي بعض الاحيان يحاولون تعويم المسؤول عنها، فيبرئون يزيد من معاوية من تحمل المسؤولية كقول ابن تيمية:
«يزيد لم يأمر بقتل الحسين باتفاق اهل النقل»، او يشيعون انه ما كان يريد ان يقتل الحسين عليه السلام وانه تصرف فردي من ابن زياد، والبعض من اتباع هذه المدرسة يبرئ ساحة عبيد الله بن زياد ويلقي باللائمة على عمر بن سعد، واخيرا نجد من يبرئ عمر بن سعد، كالعجلي في معرفة الرجال، حيث يقول: «كان امير الجيش ولم يباشر قتله»، او يتهم اهل الكوفة واهل العراق الذين هم من الشيعة فيروجون بان الشيعة يبكون على الحسين تكفيرا عن ذنبهم بقتله وخذلانه وهذا كله تعويم للمسؤولية، وكأن القاتل مجهول بينما القضية واضحة في جميع المصادر التاريخية.
وهذه المدرسة يمكن عدها امتدادا لما كانت تشيعه السلطات الاموية وبعد ذلك العباسية.
حيث كانت هذه السلطات تريد التغطية على هذه الجريمة النكراء والتعتيم عليها، لانه ليس في مصلحة الامويين اثارة حادثة استشهاد الامام الحسين عليه السلام واشهارها، بل ان التاريخ ينقل كيف كان الامويون يحاولون تحويل يوم عاشوراء الى يوم عيد وفرح، وخصوصا في زمن عبدالملك بن مروان، حيث ظهرت هذه الحالة بشكل واضح.
ونجد في الزيارة الواردة عن الامام الباقر عليه السلام ما يشير الى هذا المعنى يقول عليه السلام: «اللهم ان هذا يوم تبركت به بنو امية وابن آكلة الاكباد».
ويقول الشيخ القرضاوي: رأينا اكثر بلاد المسلمين يحتفلون بيوم عاشوراء يذبحون الذبائح ويعتبرونه عيدا او موسما يوسعون فيه على الاهل والعيال اعتمادا على حديث ضعيف بل موضوع في رأي ابن تيمية وغيره وهو الحديث المشهور على الالسنة، «من اوسع على عياله واهله يوم عاشوراء اوسع الله عليه سائر سنته»، وقال المنذري «رواه البيهقي وغيره من طرق عن جماعة من الصحابة»، وقال البيهقي: «هذه الاسانيد وان كانت ضعيفة فهي اذا ضم بعضها الى بعض اخذت قوة».
وقال القرضاوي: وفي هذا القول نظر، وقد جزم ابن الجوزي وابن تيمية في منهاج السنة وغيرهما ان الحديث موضوع، وحاول الطبراني وغيره الدفاع عنه واثبات حسنه لغيره! وكثير من المتأخرين يعز عليهم ان يحكموا بالوضع على حديث، والذي يترجح ان الحديث مما وضعه بعض الجهال في الرد على المبالغات في جعل يوم عاشوراء يوم حزن وحداد فجعله هؤلاء يوم اكتحال واغتسال وتوسعة على العيال.
هذه الحالة الاحتفالية بيوم عاشوراء كعيد انتهت ولكن آثارها بقيت، هناك بعض المسلمين في بلدان مختلفة لديهم عادات يوم عاشوراء واهتمامات معينة، فيولمون في هذا اليوم ويصنعون بعض الحلويات الخاصة به ولا يعلمون الخلفية التاريخية لذلك، انها رواسب الثقافة الاموية، ومن اثار النهج السلطوي الذي كان يريد التعتيم على قضية ابي عبد الله الحسين عليه السلام، ونجد هذا حتى في المجتمعات الاسلامية التي تكن المحبة والمودة للامام الحسين وتظهر الحب له، كالمجتمع المصري الذي يظهر الكثير من مظاهر الحب لابي عبد الله الحسين، كما يظهر ذلك في صعيد مصر والقاهرة حيث يقيمون الاحتفالات الكبيرة والواسعة يوم ميلاد الامام الحسين «عليه السلام»، ولكن هذا الشعب لا يهتم كثيرا باقامة ذكرى استشهاده، وهذا كله من تأثير تلك الثقافة التي كانت تريد التعتيم على قضية كربلاء.
تاريخ النشر: الأحد, ديسمبر 27, 2009
لان حادثة كربلاء تتضمن البطولة والصمود فتلك الفئة المحدودة قاومت وسجلت في التاريخ اروع صفحات الصمود والتضحية، ومن جانب آخر كانت فيه مأساة عظيمة مؤلمة ولم تحل هذه المأساة بشخص عادي، بل هو ابن رسول الله وسيد شباب اهل الجنة فقد جاء في الحديث: «الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة» ولم يقتصر الامر عليه وانما تعداه الى اطفاله ونسائه وعائلته، وتطاولت ايدي الاجرام الى جسمه الشريف بعد مقتله.
لقد سحقوا جثته عليه السلام بحوافر الخيول وسلبوا كل ما على جسده فنهبوا قميصه وسراويله وقلنسوته ونهبوا حتى عمامته، لدرجة ان بجدل الكلبي جاء ليبحث عما يسلبه فلم يجد سوى خاتم في خنصر يده عليه السلام فعالج حتى ينتزعه فوجد الدماء وقد ظهرت على الخاتم فخشي ان يقضي وقتا في اخراجه فاخذ خنجرا وقطع خنصر الامام.
ان امرا بهذه الوحشية والاجرام لم يسبق ان حدث في التاريخ الانساني لشخص بمكانة الامام الحسين عليه السلام.
ان استشهاده عليه السلام بهذه الطريقة المأساوية والمؤثرة من الاسباب التي خلدت ذكراه ومعه هذه الحادثة.
لا احد من المسلمين يجهل قدر الحسين، او لا يحزنه قتل الحسين او يرضى عما حصل للحسين عليه السلام، فهذا امر نقطع به، ولكن درجة الاهتمام تتفاوت وهذا التفاوت في التعامل مع هذه الحادثة ولد وجود مدرستين.
الاولى تقوم على اساس التغاضي عن هذه الحادثة فنجدها عند البحث التاريخي تدين قتل الحسين، وتبدي التأسف لمقتله، ولا تقبل بذلك ولكن اتباع هذه المدرسة يرون انه لا داعي للوقوف عند هذه الحادثة طويلا، وفي بعض الاحيان يحاولون تعويم المسؤول عنها، فيبرئون يزيد من معاوية من تحمل المسؤولية كقول ابن تيمية:
«يزيد لم يأمر بقتل الحسين باتفاق اهل النقل»، او يشيعون انه ما كان يريد ان يقتل الحسين عليه السلام وانه تصرف فردي من ابن زياد، والبعض من اتباع هذه المدرسة يبرئ ساحة عبيد الله بن زياد ويلقي باللائمة على عمر بن سعد، واخيرا نجد من يبرئ عمر بن سعد، كالعجلي في معرفة الرجال، حيث يقول: «كان امير الجيش ولم يباشر قتله»، او يتهم اهل الكوفة واهل العراق الذين هم من الشيعة فيروجون بان الشيعة يبكون على الحسين تكفيرا عن ذنبهم بقتله وخذلانه وهذا كله تعويم للمسؤولية، وكأن القاتل مجهول بينما القضية واضحة في جميع المصادر التاريخية.
وهذه المدرسة يمكن عدها امتدادا لما كانت تشيعه السلطات الاموية وبعد ذلك العباسية.
حيث كانت هذه السلطات تريد التغطية على هذه الجريمة النكراء والتعتيم عليها، لانه ليس في مصلحة الامويين اثارة حادثة استشهاد الامام الحسين عليه السلام واشهارها، بل ان التاريخ ينقل كيف كان الامويون يحاولون تحويل يوم عاشوراء الى يوم عيد وفرح، وخصوصا في زمن عبدالملك بن مروان، حيث ظهرت هذه الحالة بشكل واضح.
ونجد في الزيارة الواردة عن الامام الباقر عليه السلام ما يشير الى هذا المعنى يقول عليه السلام: «اللهم ان هذا يوم تبركت به بنو امية وابن آكلة الاكباد».
ويقول الشيخ القرضاوي: رأينا اكثر بلاد المسلمين يحتفلون بيوم عاشوراء يذبحون الذبائح ويعتبرونه عيدا او موسما يوسعون فيه على الاهل والعيال اعتمادا على حديث ضعيف بل موضوع في رأي ابن تيمية وغيره وهو الحديث المشهور على الالسنة، «من اوسع على عياله واهله يوم عاشوراء اوسع الله عليه سائر سنته»، وقال المنذري «رواه البيهقي وغيره من طرق عن جماعة من الصحابة»، وقال البيهقي: «هذه الاسانيد وان كانت ضعيفة فهي اذا ضم بعضها الى بعض اخذت قوة».
وقال القرضاوي: وفي هذا القول نظر، وقد جزم ابن الجوزي وابن تيمية في منهاج السنة وغيرهما ان الحديث موضوع، وحاول الطبراني وغيره الدفاع عنه واثبات حسنه لغيره! وكثير من المتأخرين يعز عليهم ان يحكموا بالوضع على حديث، والذي يترجح ان الحديث مما وضعه بعض الجهال في الرد على المبالغات في جعل يوم عاشوراء يوم حزن وحداد فجعله هؤلاء يوم اكتحال واغتسال وتوسعة على العيال.
هذه الحالة الاحتفالية بيوم عاشوراء كعيد انتهت ولكن آثارها بقيت، هناك بعض المسلمين في بلدان مختلفة لديهم عادات يوم عاشوراء واهتمامات معينة، فيولمون في هذا اليوم ويصنعون بعض الحلويات الخاصة به ولا يعلمون الخلفية التاريخية لذلك، انها رواسب الثقافة الاموية، ومن اثار النهج السلطوي الذي كان يريد التعتيم على قضية ابي عبد الله الحسين عليه السلام، ونجد هذا حتى في المجتمعات الاسلامية التي تكن المحبة والمودة للامام الحسين وتظهر الحب له، كالمجتمع المصري الذي يظهر الكثير من مظاهر الحب لابي عبد الله الحسين، كما يظهر ذلك في صعيد مصر والقاهرة حيث يقيمون الاحتفالات الكبيرة والواسعة يوم ميلاد الامام الحسين «عليه السلام»، ولكن هذا الشعب لا يهتم كثيرا باقامة ذكرى استشهاده، وهذا كله من تأثير تلك الثقافة التي كانت تريد التعتيم على قضية كربلاء.
تاريخ النشر: الأحد, ديسمبر 27, 2009