المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرحالة الألماني كارستن نيبور يصف العتبات المقدسة قبل 250 عاما



سمير
12-26-2009, 09:39 AM
للنجف وكربلاء مكانة عظيمة لدى السنة والشيعة



كتب غازي الجاسم: القبس

يصف الرحالة الألماني العالم كارستن نيبور لحظة وصوله النجف قادما من البصرة عبر نهر الفرات قائلا:

«ان المنظر الخارجي لمدينة مشهد علي ــ يقصد ضريح الإمام علي بن أبي طالب، عليه السلام ــ، يشبه إلى حد بعيد محيط القدس اليوم، وهو يمتد على المساحة نفسها، ويحيط بالنجف سور له بابان أولهما اسمه باب المشهد والاخر باب النهر، أما الباب الثالث الذي يحمل اسم باب الشام فمسدود.

وقد انهار السور من أماكن عدة، حيث يمكن للمرء أن يدخل المدينة من خمسين فتحة في السور وفي المدينة ثلاثة مساجد، فضلا عن المسجد الرائع الذي يضم رفات الامام علي بن ابي طالب، وتجري المياه إلى المدينة عبر أقنية تحت الأرض.

تعجب

وابدى تعجبه قائلا: اعتقد انه ما من صرح في العالم يعلوه سقف ثمين كمسجد الشيعة هذا، وقد دفع كلفته نادر شاه الشهير في بلاد فارس.

وأضاف نيبور ان طلاء القبة الكبيرة وسطح المئذنتين بالنحاس ليس بالأمر العجيب، لكن هذا النحاس كله مذهب وقد استعمل لكل ثماني بوصات ونصف البوصة المربعة طومان ذهبي، ويشكل هذا المسجد مشهدا رائعا، لا سيما حين تسطع عليه الشمس، وبما ان الصرح والمدينة مرتفعان فيمكن أن نرى القبة على بعد خمسة أو ستة أميال.

صروح عظيمة

وتحيط بالمسجد ساحة مفتوحة يقام فيها السوق يوميا، ونجد أمام الصرح ثريا بقناديل عدة، ويقوم حول هذا كله مبان يقيم فيها بعض المسؤولين عن خدمة الصرح ولا يمكن أن يقيموا فيها كلهم، إذ ان عددهم يتجاوز المائة. وهنالك عدد من الدراويش الذين يعيشون لشدة فقرهم عند مدخل الضريح ويعرضون صلواتهم على الزوار لقاء مبلغ صغير.

ولقد تجرأت بالاقتراب من مكان يعتبره السنة والشيعة على حد السواء مقدسا، وكان العديد من اصدقائي اكدوا لي ان الضريح يحوي ثروات طائلة. وحكوا لي عن خنجر مرصع بالجواهر والأحجار الكريمة.

أحوال بغداد

أما عن كربلاء التي زارها بعد ذلك، فيقول: «تم جر المياه اليها من الفرات وترى فيها اليوم غابة من النخيل، ومساحة كربلاء اكبر من النجف واكثر سكانا، وبنيت المنازل فيها بطريقة متينة، لكن معظمها من الآجر كما في البصرة، ويتخلل سور المدينة خمسة ابواب ومبنى من الطين الآجر المجفف، لكنه قد انهار باكمله».

وقد ادركت خطورة ان أقوم برسم ضريح الحسين بن علي، حتى اني لم أجرؤ على الظهور في فنائه اثناء النهار، لكني قصدته ليلا، معتمرا عمامة تركية. ولقد وجدت ان النوافذ فيه كثيرة في الجدار الامامي، وهو امر لافت في بلاد لا تعرف الزجاج ابدا، ولعل الزجاج هدية من الزوار الايرانيين القادمين من شيراز.

كربلاء
ومن الأمكنة التي يقصدها الزوار في كربلاء المكان الذي وقع فيه جواد الحسين. ويأتي بعض السنة الى مسجد الحسين لأداء صلاتهم بكل الجدية.

ولقد رأيت الشيعة يأتون عند اكتمال القمر في شهر رجب، حيث يتوافد الزوار الى الضريح ويقضون ليلتين في الضريح لكيلا تفوتهم الفرصة.

هذا مختصر عما ذكره كارستن عن زيارته مقدسات الشيعة والسنة على حد سواء في عام 1756، كان نيبور عالما ضمن خمسة علماء ارسلهم ملك الدانمرك في عام 1761 لاستكشاف الشرق، وقد واجهوا صعوبات جمة واهوالا في البحر والبر، وعبروا الى السلطنة العثمانية، ومنها انطلقوا الى مصر وقاموا بأبحاث علمية مفيدة جدا ثم مكثوا فترة من الوقت في جدة وانطلقوا منها الى اليمن، ونتيجة لتقلبات المناخ مات ثلاثة منهم في اليمن وواصل الاثنان الباقيان السفر الى الهند، ومات هناك الرابع وبقي كارستن نيبور الذي واصل الرحلة الى شيراز فالعراق، واخيرا حلب ثم الى موطنه الدانمرك، ليكتب نتائج ابحاثه التي أبهرت العالم آنذاك.