المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاردن: الثلاثي الاقوى في الحرس القديم يغادر مربع القرار



علي علي
12-14-2009, 08:50 AM
http://www.alquds.co.uk/latest/data/2009-12-13-05-31-44.jpg
زيد الرفاعي


عمان ـ القدس العربي ـ من بسام البدارين

انسحاب اهم واقدم رموز الحرس السياسي القديم في الاردن وهو المخضرم زيد الرفاعي من الحياة العامة والاضواء والمواقع حدث من طراز خاص في الاردن لا تقف تاثيراته عند تنحي الرفاعي الاب لافساح المجال امام الابن فقط بعد ان عين الاخير رئيسا للوزارة الجديدة بل يتجاوز نحو حالة يمكن القول انها الآن مختلفة تماما.

وليس سرا ان قرار الرفاعي الاب الاستقالة من منصبه كرئيس لمجلس الاعيان ومن عضويته في المجلس بل ومن الحياة العامة وفقا لرسالته الاخيرة للقصر الملكي اتخذ بعد تكليف حكومة الابن فقط، بل بعد شيوع الانباء عن نية رئيس مجلس النواب المخضرم عبد الهادي المجالي عدم ترشيح نفسه للانتخابات المقبلة وانسحابه ايضا للظل بعدما فوجيء كغيره بقرار حل البرلمان.

والمفاجاة اكملها عبد الرؤوف الروابده الذي يقول لمجالسيه انه يعتزم العودة للظل ايضا والابتعاد عن البرلمان في المرحلة اللاحقة مفسحا فيما يبدو المجال لابنه الوحيد عصام الروابده لخلافة والده على طريق الانتخابات والبرلمان، وهو خيار متاح ايضا لنجل المجالي الوزير السابق سهل المجالي الذي يستبعد كثيرون بقاءه في الوزارة الحالية التي يؤلفها الرفاعي الابن.

يعني ذلك ببساطة شديدة ان اهم ثلاثي في لعبة الحكم واصل العمل مع الملك عبد الله الثاني من رموز مرحلة والده الراحل الملك حسين بن طلال يتنحى وان كان لاسباب مختلفة، فالرفاعي الاب ارسل رسالة مؤثرة للقصر يعتذر فيها عن الاستمرار حفاظا على قيمة الفصل بين السلطات وللحفاظ على مشروع ولده، والروابده يغادر المساحة الانتخابية بهدوء ودون غضب وكما يتصرف رجال الدولة والمجالي الاب بعد عتبه وغضبه لحل البرلمان دون ابلاغه مسبقا يعتقد انه سيركز لاحقا على الاستمرار عن بعد في تأطير الجبهة الحزبية التي اسسها كقوة داعمة لطموحاته في البرلمان.

وبهذا المعنى تكون المرحلة اللاحقة في الاردن في قمة الاثارة والغرابة، فالرأي العام سيراقب بعد الآن ولاول مرة تفاعلات الحياة العامة بدون نكهات ثلاثة من ابرز رجال الحكم خلال العقود الاربعة الماضية وهو تحول دراماتيكي من الواضح انه درس بعناية فائقة حتى تتحرك الماكينة وفقا لقياسات الاصلاح التي تريدها المملكة الرابعة بعد ان عطلها الحرس القديم كثيرا.

ومن هنا يمكن القول ان النقطة الاكثر اثارة تتجلى بانسحاب الرفاعي الاب الطوعي بعد رحلة مثيرة استمرت لخمسة عقود تميز خلالها بعدة محطات اهمها موقفه من المعارضة الاسلامية وخصومته التي كانت علامة فارقة لسنوات طويلة مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وصراعاته الشهيرة مع مدرسة خصمه ومنافسه الدائم مضر بدران.

ويذكر الجميع ان الرفاعي صاحب ومهندس قرار فك الارتباط الاداري والقانوني مع الضفة الغربية والخصم العنيد لقيادة منظمة التحرير في عهد عرفات يترك الساحة وسط اعجاب واحترام وتقدير الكثيرين معززا القناعة بأن الترويكا التي حكمت اللعبة لسنوات طويلة والممثلة بالروابده والمجالي والرفاعي الاب تخلي الساحة لترويكا جديدة لم تتضح معالمها بعد.

وهنا حصريا ينشغل الاردنيون بتوقع هوية الجالس الثالث على المقعد الثالث لترويكة القرار الطازجة بعد زيد الرفاعي رئيس الوزراء المكلف وناصر اللوزي رئيس الديوان الملكي، فمؤشرات قوية تعمل الآن لصالح الرئيس طاهر المصري الذي انتخب قبل ايام قليلة فقط نائبا للرفاعي في مجلس الاعيان وهو لاعب يناسب تماما بالمواصفات الديمقراطية والثقافية مضامين خطاب التكليف الملكي لحكومة الرفاعي الابن، مع ان لاعبين آخرين ينافسونه على موقع خلافة الرفاعي الاب وبينهم معروف البخيت وفايز الطراونة وعلي ابو الراغب.

والمرجح ان ما يمكن ان يحول دون تعميد المصري رئيسا لمجلس الاعيان بقرار ملكي هو حسابات اجتماعية اكثر من كونها سياسية لكن القرار يبقى في المحصلة النهائية منتج في دائرة صنع القرار المركزية التي هندست باناقة التحولات الدراماتيكية الاخيرة في الحياة العامة، وهي نفسها الدائرة التي ما زالت تؤسس لمعاني ودلالات المراجعة التي تحدث عنها ووعد بها الملك عبد الله الثاني في شهر حزيران (يونيو) الماضي.