موالى
12-11-2009, 03:10 PM
2009 الخميس 10 ديسمبر
السومرية نيوز
على مدى أكثر من أسبوعين لم ينقطع أهالي قضاء شط العرب في البصرة عن التوافد على مزرعة عقيل خلف لمشاهدة الذئب الذي تمكن من اصطياده بمساعدة شقيقه، وقام بوضعه في قفص كبير عند مدخل المزرعة لإشباع فضول الأهالي.
البصرة: كانت الأسابيع الماضية قد شهدت تعرض أعداد كبيرة من الأغنام والدواجن إلى الافتراس من قبل قطعان الذئاب في قضاء شط العرب، في سابقة أثارت موجة من الهلع والخوف في نفوس الاهالي، حتى ان الصبية أصبحوا يتخوفون من الذهاب الى المدارس بمفردهم، أما الأحاديث التي تتناول صولات الذئاب المفترسة في حقول الدواجن وحظائر المواشي فإنها الأكثر تداولاً بين سكان القضاء، فيما أحاط المزارعون حقولهم بالأسلاك الشائكة، وسلك بعضهم الآخر طريق المواجهة من خلال نصب الفخاخ للذئاب بالقرب من حقول الدواجن والحظائر.
ذئب للبيع بأكثر من 5 ملايين دينار
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Reports/2009/12/week2/%D8%B0%D8%A6%D8%A8.jpg
المزارع خلف البالغ من العمر 34 سنة، يقول انه اصطاد الذئب بعد ان كاد بسببه ان يفقد مصدر رزقه الوحيد، ويوضح بالقول "استيقظت في صباح ذات يوم، لأجد ان تسعة من الخراف التي امتلكها قد تعرضت الى الافتراس، وبعد أيام قليلة فقدت سبعة خراف اخرى في هجوم مماثل".
ويضيف "حينها توجهت الى شقيقي الذي يعمل حداداً، وطلبت منه إنشاء قفص يتسع لعدد قليل من الخراف ويحتوي على منفذ يسمح بمرور الذئب الى داخله، من دون يتمكن من إلحاق الأذى بالخراف، بحيث انه ما ان يحاول افتراسها حتى ينغلق عليه باب القفص باحكام".
ويشير خلف الى انه قام بوضع القفص داخل الحظيرة التي سبق ان تسلل إليها الذئب، ويتابع حديثه لـ"السومرية نيوز" بالقول "بعد 13 يوماً من نصب الفخ توجهت ذات يوم الى الحظيرة وإذا بذئب كبير داخل القفص، وما ان لمح وجودي حتى كشر عن أنيابه وأخذ يضرب القفص بقوة في محاولة للخروج منه".
ويلفت خلف الى انه لم يكن يطمح في بداية الأمر الى كسب المال من وراء اصطياد الذئب، وإنما كان يسعى للتخلص منه، لكنه تفاجئ لاحقاً بتوافد عشرات المواطنين على مزرعته لمشاهدة الذئب، كما ان بعض أصحاب المتنزهات الأهلية التي تحتوي على أماكن لتربية الحيوانات عرضوا عليه "شراء الذئب مقابل مبالغ كبيرة"، و يعلق على هذا الامر بالقول "أعتقد ان الفرصة أصبحت سانحة لكي اعوض الخراف التي خسرتها باكثر من ضعف عددها، من خلال بيع الذئب بمبلغ لا يقل عن 5 ملايين دينار".
وبعد ان اكتشف المزارعون في القضاء قيمة الذئب، كما يروي خلف، "أقاموا أقفاصا مماثلة ووضعوا الفخاخ بهدف اصطياد الذئاب، وحتى انا سوف ابقي على القفص في مكانه على أمل ان أتمكن من اصطياد ذئب آخر".
ولا يستبعد خلف ان يتحول صيد الذئاب الى مهنة بالنسبة الى بعض المزارعين، ويوضح ان "بعض المزارعين الذين لا يهتمون بتربية الأغنام في السابق، اشتروا مؤخراً الخراف لاستغلالها في استدراج الذئاب الى الفخاخ التي وضعوها في مزارعهم".
ومن أبرز الأمور التي تشد انتباه القادمين إلى مزرعة خلف هي العبارات التي خطها بالدهان على السياج الخارجي للمزرعة ومنها "نرجو عدم ضربه.. احترموه!!"، أو "من أجل سلامتكم لا تلمسوه"، وهي تعبر عن مدى انزعاج خلف من عدم تقيد الزائرين بتلك النصائح، فبعض المزارعين المتضررين من صولات الذئاب لا يكفون، كما يقول، عن "ضرب الذئب وهو داخل القفص تعبيراً عن غضبهم وإشهارا لرغبتهم بالقضاء على الذئاب" لكنه يتوقع ان "تحل هذه المشكلة بمجرد نقل الذئب قريباً الى إحدى المتنزهات الأهلية، لأنه منذ ان وقع في الفخ ولحد الآن لم أتمكن من الابتعاد عن المزرعة لكثرة توافد الناس عليها".
ويختتم خلف حديثه وقد ارتسمت ابتسامة على وجهه "لو كنت قد فرضت مبلغاً بسيطاً على كل زائر يرغب بمشاهدة الذئب لتمكنت من تعويض الخراف التي خسرتها، إضافة الى بناء حظيرة جديدة، ولكن معظم الزائرين هم من أهالي القضاء".
الذئاب والأفاعي تفرض حظر التجوال وتتسبب بالهجرة
من جانبه يلفت رئيس المجلس البلدي في قضاء شط العرب سلمان حسين الى أن "الذئاب ليست وحدها التي أصبحت تقلق المزارعين، وإنما حتى الأفاعي السامة التي ظهرت هذا العام بأنواع مختلفة وبأعداد كبيرة، وقد أصابت لدغاتها السامة ما لا يقل عن 10 مواطنين".
ولم يقتصر الأمر على قضاء شط العرب في البصرة، فقد هاجمت طوابير من الأفاعي الأهالي والمواشي، في حزيران من العام الحالي، في اهوار الجبايش 370 كم جنوب بغداد في محافظة ذي قار ( مركزها الناصرية350 كم جنوب بغداد ) ، وفي نواحي من المحافظة مثل الفهود والحمار وقرية المواجد التابعة للجبايش، حيث أجبر الجفاف الأفاعي على مغادرة بيئتها الطبيعية في الاهوار بسبب شح الماء.
وتشكل اهوار الجبايش امتدادا لمنطقة الاهوار جنوب العراق، وتمتد حتى مدينة القرنة التابعة للبصرة.
وبحسب احد الشهود يتراوح طول الأفاعي بين مترين وأربعة أمتار وتخرج ليلا من الاهوار وتتسلل إلى المنازل التي تكثر فيها تربية الجواميس والأبقار، فيما اعلن المستشفى البيطرية في الجبايش عدم توفر مضادات للدغات الأفاعي.
وتتركز أهوار العراق في الجزء الجنوبي الشرقي من العراق في محافظات ذي قار وميسان والبصرة، وهي مسطحات مائية بأعماق مختلفة، موزعة على اهوار الحمار والحويزة والأهوار الوسطى.
ويضيف رئيس المجلس البلدي في قضاء شط العرب ان "معظم مناطق القضاء هجرها سكانها خلال الحرب العراقية الإيرانية، وتحولت الأراضي الزراعية الخصبة الى جبهات لمعارك طاحنة، وبعد عام 2003 عادت الكثير من الأسر الى مزارعها لتجدها متخمة بالألغام، وكانت هذه المشكلة الأكثر خطورة حتى مطلع العام الحالي"، ويستدرك قائلا ان ظهور الأفاعي السامة وقطعان الذئاب وتفاقم أزمة ملوحة مياه شط العرب "دفعت بالعديد من الأسر الى الهجرة مجدداً".
وكان قضاء شط العرب ومركزه التنومة ساحة عمليات حربية إبان الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988، نظرا لقربه من إيران حيث تمتد حدوده من الجنوب الى الشلامچة عند الحدود الإيرانية. فيما تمتد شمالا حتى منطقة "الدير" حيث تبدأ حدود قضاء القرنة. وأثناء الحرب مع إيران هاجر الكثير من أهالي شط العرب، بعدما دمرت بساتينهم، وقصفت بيوتهم.
ويتابع بالقول "كون القضاء يقع بمحاذاة الحدود العراقية الإيرانية كان يجري الحديث عن وجود عمليات تسلل وتهريب حتى ان القوات الأمنية كادت في عام 2007 ان تفرض حظر تجوال في القضاء بعد الساعة 12 ليلاً، ولكن بفضل وجود الذئاب في الآونة الأخيرة فأن المناطق الزراعية البعيدة عن مركز القضاء أصبحت تشهد حظر تجوال بمجرد غروب الشمس".
ذئب عربي.. لا يعوي حتى في موسم التكاثر
أما مدير المستشفى البيطري في محافظة البصرة الدكتور مشتاق عبد المهدي فيرى ان "أزمة شح المياه وملوحتها هي التي أدت الى نزوح قطعان الذئاب من المناطق الصحراوية الى المناطق الزراعية، بحثاً عن المياه العذبة والفرائس التي أصبح وجودها نادراً في المناطق غير الآهلة بالسكان".
ويستبعد مدير المستشفى ان تكون قطعان الذئاب قد جاءت من الأراضي الإيرانية مثلما أشار بعض المزارعين في قضاء شط العرب ويقول ان "وجود الذئاب خارج نطاق بيئتها التقليدية ما عاد يقتصر على قضاء شط العرب، وإنما وردتنا مؤخراً بلاغات وشكاوى من قبل مواطنين تفيد بوجود ذئاب في مناطق اخرى بعضها قريبة من مدينة البصرة ونحن في طور التأكد من تلك الادعاءات".
ويتابع بالقول "محافظة البصرة توجد فيها منذ القدم أعداد كبيرة من الخنازير والذئاب وبنات آوى والقطط البرية لكنها تستوطن مناطق غير آهلة بالسكان".
ويشير عبد المهدي الى ان الذئب الذي تم اصطياده في قضاء شط العرب "يعرف بالذئب العربي وهو من أصغر سلالات الذئب الرمادي ويمتاز بقوة جسده وسرعة عدوه وبذكائه الحاد، ويتميز عن بقية أنواع الذئاب بعدم العواء حتى في موسم التزاوج".
خياران أحلاهما مر.. الذئاب أو الألغام
وبعد أن اشتهر قضاء شط العرب ( نحو 30 كم جنوب شرق البصرة) على مدى أكثر عقدين باحتواء أراضيه على أكبر عدد من الألغام والمقذوفات الحربية، فإن القضاء على وشك أن يشتهر محلياً هذه المرة بوجود الذئاب التي طالب بعض المواطنين بتنفيذ حملة لإبادتها رمياً بالرصاص، على غرار الحملات التي نفذت في السابق واستهدفت الكلاب السائبة، لكن القوات الأمنية حذرت المواطنين من إطلاق النار على الذئاب وتوعدت باعتقال المخالفين. ولا يهدف هذا الإجراء الى الحفاظ على الذئاب وإنما اتخذ بدافع تعزيز الاستقرار الأمني في القضاء ومن وجهة نظر المواطن علي سعود وهو بائع أغنام في منطقة التنومة التي تمثل مركز قضاء شط العرب والذي يتوقع ان حقول الألغام التي خلفتها الحروب وفخاخ المزارعين "ستكون كفيلة بالقضاء على قطعان الذئاب في الأيام القادمة".
وتشير تقارير أعدتها منظمات دولية ان غالبية الألغام الأرضية مزروعة على شكل حقول عشوائية تتركز في مدن جنوب العراق وشماله وان اللغم المعروف بـ"P. M. N"، هو من اخطر أنواع الألغام المزروعة والذي يتسبب بقتل أو إعاقة من يلمسه، وقدرت الهيئة الوطنية العراقية لشؤون الألغام، في السنوات الماضية، بعد نيسان عام 2003، وجود أكثر من 600 ألف طن من الألغام والاعتدة المنتشرة في 17 محافظة والتي تتطلب إزالتها سنوات عديدة.
يذكر أن محافظة البصرة نحو 590 كم جنوب العاصمة بغداد، تحوي منذ القدم أعدادا كبيرة من الذئاب والخنازير البرية وبنات آوى والقطط البرية لكنها تستوطن في مناطق غير آهلة بالسكان ويتركز وجودها في المناطق الواقعة بين قضائي الفاو وأبي الخصيب، وأجزاء متفرقة من قضاء الزبير، وبراري قضاء شط العرب والتي كانت معروفة بحيواناتها البرية وطيورها، مثل الصقور والحمام البري، وكانت مرابع لصيد الغزلان وفيها نباتات برية كثيرة، ولكنها تعرضت للتصحر، بفعل ارتفاع درجات الحرارة والإهمال والحروب المتتالية، ومواسم الجفاف.
السومرية نيوز
على مدى أكثر من أسبوعين لم ينقطع أهالي قضاء شط العرب في البصرة عن التوافد على مزرعة عقيل خلف لمشاهدة الذئب الذي تمكن من اصطياده بمساعدة شقيقه، وقام بوضعه في قفص كبير عند مدخل المزرعة لإشباع فضول الأهالي.
البصرة: كانت الأسابيع الماضية قد شهدت تعرض أعداد كبيرة من الأغنام والدواجن إلى الافتراس من قبل قطعان الذئاب في قضاء شط العرب، في سابقة أثارت موجة من الهلع والخوف في نفوس الاهالي، حتى ان الصبية أصبحوا يتخوفون من الذهاب الى المدارس بمفردهم، أما الأحاديث التي تتناول صولات الذئاب المفترسة في حقول الدواجن وحظائر المواشي فإنها الأكثر تداولاً بين سكان القضاء، فيما أحاط المزارعون حقولهم بالأسلاك الشائكة، وسلك بعضهم الآخر طريق المواجهة من خلال نصب الفخاخ للذئاب بالقرب من حقول الدواجن والحظائر.
ذئب للبيع بأكثر من 5 ملايين دينار
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Reports/2009/12/week2/%D8%B0%D8%A6%D8%A8.jpg
المزارع خلف البالغ من العمر 34 سنة، يقول انه اصطاد الذئب بعد ان كاد بسببه ان يفقد مصدر رزقه الوحيد، ويوضح بالقول "استيقظت في صباح ذات يوم، لأجد ان تسعة من الخراف التي امتلكها قد تعرضت الى الافتراس، وبعد أيام قليلة فقدت سبعة خراف اخرى في هجوم مماثل".
ويضيف "حينها توجهت الى شقيقي الذي يعمل حداداً، وطلبت منه إنشاء قفص يتسع لعدد قليل من الخراف ويحتوي على منفذ يسمح بمرور الذئب الى داخله، من دون يتمكن من إلحاق الأذى بالخراف، بحيث انه ما ان يحاول افتراسها حتى ينغلق عليه باب القفص باحكام".
ويشير خلف الى انه قام بوضع القفص داخل الحظيرة التي سبق ان تسلل إليها الذئب، ويتابع حديثه لـ"السومرية نيوز" بالقول "بعد 13 يوماً من نصب الفخ توجهت ذات يوم الى الحظيرة وإذا بذئب كبير داخل القفص، وما ان لمح وجودي حتى كشر عن أنيابه وأخذ يضرب القفص بقوة في محاولة للخروج منه".
ويلفت خلف الى انه لم يكن يطمح في بداية الأمر الى كسب المال من وراء اصطياد الذئب، وإنما كان يسعى للتخلص منه، لكنه تفاجئ لاحقاً بتوافد عشرات المواطنين على مزرعته لمشاهدة الذئب، كما ان بعض أصحاب المتنزهات الأهلية التي تحتوي على أماكن لتربية الحيوانات عرضوا عليه "شراء الذئب مقابل مبالغ كبيرة"، و يعلق على هذا الامر بالقول "أعتقد ان الفرصة أصبحت سانحة لكي اعوض الخراف التي خسرتها باكثر من ضعف عددها، من خلال بيع الذئب بمبلغ لا يقل عن 5 ملايين دينار".
وبعد ان اكتشف المزارعون في القضاء قيمة الذئب، كما يروي خلف، "أقاموا أقفاصا مماثلة ووضعوا الفخاخ بهدف اصطياد الذئاب، وحتى انا سوف ابقي على القفص في مكانه على أمل ان أتمكن من اصطياد ذئب آخر".
ولا يستبعد خلف ان يتحول صيد الذئاب الى مهنة بالنسبة الى بعض المزارعين، ويوضح ان "بعض المزارعين الذين لا يهتمون بتربية الأغنام في السابق، اشتروا مؤخراً الخراف لاستغلالها في استدراج الذئاب الى الفخاخ التي وضعوها في مزارعهم".
ومن أبرز الأمور التي تشد انتباه القادمين إلى مزرعة خلف هي العبارات التي خطها بالدهان على السياج الخارجي للمزرعة ومنها "نرجو عدم ضربه.. احترموه!!"، أو "من أجل سلامتكم لا تلمسوه"، وهي تعبر عن مدى انزعاج خلف من عدم تقيد الزائرين بتلك النصائح، فبعض المزارعين المتضررين من صولات الذئاب لا يكفون، كما يقول، عن "ضرب الذئب وهو داخل القفص تعبيراً عن غضبهم وإشهارا لرغبتهم بالقضاء على الذئاب" لكنه يتوقع ان "تحل هذه المشكلة بمجرد نقل الذئب قريباً الى إحدى المتنزهات الأهلية، لأنه منذ ان وقع في الفخ ولحد الآن لم أتمكن من الابتعاد عن المزرعة لكثرة توافد الناس عليها".
ويختتم خلف حديثه وقد ارتسمت ابتسامة على وجهه "لو كنت قد فرضت مبلغاً بسيطاً على كل زائر يرغب بمشاهدة الذئب لتمكنت من تعويض الخراف التي خسرتها، إضافة الى بناء حظيرة جديدة، ولكن معظم الزائرين هم من أهالي القضاء".
الذئاب والأفاعي تفرض حظر التجوال وتتسبب بالهجرة
من جانبه يلفت رئيس المجلس البلدي في قضاء شط العرب سلمان حسين الى أن "الذئاب ليست وحدها التي أصبحت تقلق المزارعين، وإنما حتى الأفاعي السامة التي ظهرت هذا العام بأنواع مختلفة وبأعداد كبيرة، وقد أصابت لدغاتها السامة ما لا يقل عن 10 مواطنين".
ولم يقتصر الأمر على قضاء شط العرب في البصرة، فقد هاجمت طوابير من الأفاعي الأهالي والمواشي، في حزيران من العام الحالي، في اهوار الجبايش 370 كم جنوب بغداد في محافظة ذي قار ( مركزها الناصرية350 كم جنوب بغداد ) ، وفي نواحي من المحافظة مثل الفهود والحمار وقرية المواجد التابعة للجبايش، حيث أجبر الجفاف الأفاعي على مغادرة بيئتها الطبيعية في الاهوار بسبب شح الماء.
وتشكل اهوار الجبايش امتدادا لمنطقة الاهوار جنوب العراق، وتمتد حتى مدينة القرنة التابعة للبصرة.
وبحسب احد الشهود يتراوح طول الأفاعي بين مترين وأربعة أمتار وتخرج ليلا من الاهوار وتتسلل إلى المنازل التي تكثر فيها تربية الجواميس والأبقار، فيما اعلن المستشفى البيطرية في الجبايش عدم توفر مضادات للدغات الأفاعي.
وتتركز أهوار العراق في الجزء الجنوبي الشرقي من العراق في محافظات ذي قار وميسان والبصرة، وهي مسطحات مائية بأعماق مختلفة، موزعة على اهوار الحمار والحويزة والأهوار الوسطى.
ويضيف رئيس المجلس البلدي في قضاء شط العرب ان "معظم مناطق القضاء هجرها سكانها خلال الحرب العراقية الإيرانية، وتحولت الأراضي الزراعية الخصبة الى جبهات لمعارك طاحنة، وبعد عام 2003 عادت الكثير من الأسر الى مزارعها لتجدها متخمة بالألغام، وكانت هذه المشكلة الأكثر خطورة حتى مطلع العام الحالي"، ويستدرك قائلا ان ظهور الأفاعي السامة وقطعان الذئاب وتفاقم أزمة ملوحة مياه شط العرب "دفعت بالعديد من الأسر الى الهجرة مجدداً".
وكان قضاء شط العرب ومركزه التنومة ساحة عمليات حربية إبان الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988، نظرا لقربه من إيران حيث تمتد حدوده من الجنوب الى الشلامچة عند الحدود الإيرانية. فيما تمتد شمالا حتى منطقة "الدير" حيث تبدأ حدود قضاء القرنة. وأثناء الحرب مع إيران هاجر الكثير من أهالي شط العرب، بعدما دمرت بساتينهم، وقصفت بيوتهم.
ويتابع بالقول "كون القضاء يقع بمحاذاة الحدود العراقية الإيرانية كان يجري الحديث عن وجود عمليات تسلل وتهريب حتى ان القوات الأمنية كادت في عام 2007 ان تفرض حظر تجوال في القضاء بعد الساعة 12 ليلاً، ولكن بفضل وجود الذئاب في الآونة الأخيرة فأن المناطق الزراعية البعيدة عن مركز القضاء أصبحت تشهد حظر تجوال بمجرد غروب الشمس".
ذئب عربي.. لا يعوي حتى في موسم التكاثر
أما مدير المستشفى البيطري في محافظة البصرة الدكتور مشتاق عبد المهدي فيرى ان "أزمة شح المياه وملوحتها هي التي أدت الى نزوح قطعان الذئاب من المناطق الصحراوية الى المناطق الزراعية، بحثاً عن المياه العذبة والفرائس التي أصبح وجودها نادراً في المناطق غير الآهلة بالسكان".
ويستبعد مدير المستشفى ان تكون قطعان الذئاب قد جاءت من الأراضي الإيرانية مثلما أشار بعض المزارعين في قضاء شط العرب ويقول ان "وجود الذئاب خارج نطاق بيئتها التقليدية ما عاد يقتصر على قضاء شط العرب، وإنما وردتنا مؤخراً بلاغات وشكاوى من قبل مواطنين تفيد بوجود ذئاب في مناطق اخرى بعضها قريبة من مدينة البصرة ونحن في طور التأكد من تلك الادعاءات".
ويتابع بالقول "محافظة البصرة توجد فيها منذ القدم أعداد كبيرة من الخنازير والذئاب وبنات آوى والقطط البرية لكنها تستوطن مناطق غير آهلة بالسكان".
ويشير عبد المهدي الى ان الذئب الذي تم اصطياده في قضاء شط العرب "يعرف بالذئب العربي وهو من أصغر سلالات الذئب الرمادي ويمتاز بقوة جسده وسرعة عدوه وبذكائه الحاد، ويتميز عن بقية أنواع الذئاب بعدم العواء حتى في موسم التزاوج".
خياران أحلاهما مر.. الذئاب أو الألغام
وبعد أن اشتهر قضاء شط العرب ( نحو 30 كم جنوب شرق البصرة) على مدى أكثر عقدين باحتواء أراضيه على أكبر عدد من الألغام والمقذوفات الحربية، فإن القضاء على وشك أن يشتهر محلياً هذه المرة بوجود الذئاب التي طالب بعض المواطنين بتنفيذ حملة لإبادتها رمياً بالرصاص، على غرار الحملات التي نفذت في السابق واستهدفت الكلاب السائبة، لكن القوات الأمنية حذرت المواطنين من إطلاق النار على الذئاب وتوعدت باعتقال المخالفين. ولا يهدف هذا الإجراء الى الحفاظ على الذئاب وإنما اتخذ بدافع تعزيز الاستقرار الأمني في القضاء ومن وجهة نظر المواطن علي سعود وهو بائع أغنام في منطقة التنومة التي تمثل مركز قضاء شط العرب والذي يتوقع ان حقول الألغام التي خلفتها الحروب وفخاخ المزارعين "ستكون كفيلة بالقضاء على قطعان الذئاب في الأيام القادمة".
وتشير تقارير أعدتها منظمات دولية ان غالبية الألغام الأرضية مزروعة على شكل حقول عشوائية تتركز في مدن جنوب العراق وشماله وان اللغم المعروف بـ"P. M. N"، هو من اخطر أنواع الألغام المزروعة والذي يتسبب بقتل أو إعاقة من يلمسه، وقدرت الهيئة الوطنية العراقية لشؤون الألغام، في السنوات الماضية، بعد نيسان عام 2003، وجود أكثر من 600 ألف طن من الألغام والاعتدة المنتشرة في 17 محافظة والتي تتطلب إزالتها سنوات عديدة.
يذكر أن محافظة البصرة نحو 590 كم جنوب العاصمة بغداد، تحوي منذ القدم أعدادا كبيرة من الذئاب والخنازير البرية وبنات آوى والقطط البرية لكنها تستوطن في مناطق غير آهلة بالسكان ويتركز وجودها في المناطق الواقعة بين قضائي الفاو وأبي الخصيب، وأجزاء متفرقة من قضاء الزبير، وبراري قضاء شط العرب والتي كانت معروفة بحيواناتها البرية وطيورها، مثل الصقور والحمام البري، وكانت مرابع لصيد الغزلان وفيها نباتات برية كثيرة، ولكنها تعرضت للتصحر، بفعل ارتفاع درجات الحرارة والإهمال والحروب المتتالية، ومواسم الجفاف.