المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عصر النص و عصر الاجتهاد(دراسة منقولة)



الدكتور عادل رضا
09-09-2004, 07:24 PM
عصر النص وعصر الاجتهاد

مر المسلمون خلال فترة تجاوزت الاربعة عشر قرناً منذ بعثة الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) وحتى يومنا هذا بمرحلتين او عصرين بمنظار تبليغ التشريع والأحكام الالهية، مرحلة عصر النص والتي بدأت منذ اليوم الاول لبعثة الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) وانتهت بنهاية فترة الغيبة الصغرى للامام المهدي (عج) عام 329 هـ، وابتدأت مرحلة او عصر الاجتهاد منذ بداية الغيبة الكبرى (أي عام 329 هـ)، ولا زالت حتى يومنا هذا.

ولا يخفى من تسمية كل عصر او مرحلة... انه في مرحلة عصر النص كانت الاحكام الالهية تبلغ للأمّة عن طريق المعصوم، فكان تشريعاً معصوماً في تبليغه للأمة وفي بيانه، أما في مرحلة عصر الاجتهاد فقد انقطع التبليغ والبيان المعصوم للتشريع الالهي وقام مقامه الاجتهاد غير المعصوم سواء في تبليغ التشريع الالهي او في بيانه.

وكان لكلا العصرين والمرحلتين مميزات وخصائص بعضها ايجابي والآخر سلبي، فمرحلة عصر النص كانت لا تعاني بشكل عام من أي قصور على مستوى التعرف على الحكم الالهي الواقعي في أي قضية من قضايا الحياة. وبسبب توفر وتحقق هذه الميزة العظيمة فانه لم تكن هناك حاجة للتعرف على الكثير من العلوم التي نشأت او تطورت لاحقاً.. كعلوم الحديث.. او علوم الرجال.. او علم الفقه او أصول الفقه او ما ارتبط فيها من علوم اخرى.

اما في مرحلة الاجتهاد، فقد نشأت الحاجة الى علوم ودراسات اخرى كما ذكرنا.. كعلوم الحديث او الرجال او الفقه او أصول الفقه وما يرتبط بها من علوم ودراسات مختلفة. ولكن مع تحقق هذا الانجاز العلمي الكبير فان المحصلة النهائية بهدف التعرف على الحكم الالهي الواقعي في أي قضية من قضايا الحياة كانت سلبية بالمقارنة مع عصر النص.

وهذه المحصلة السلبية تركت آثارها وبصماتها واضحة بشكل سلبي نسبياً على هذه المرحلة وذلك العصر الذي لا زلنا نحيا فيه ونعيش أيامه.

ونتطرق هنا الى جملة من تلك الآثار السلبية وكيف السبيل للتغلب عليها والتخفيف من آثارها.

في عصر النص، اي عصر الرسول والائمة عليهم أفضل الصلاة والسلام لم تتوفر لهم الامكانية للحكم وادارة شؤون الدولة ما خلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفترة بسيطة من حكم الامام علي (عليه السلام) والامام الحسن (عليه السلام). وهذا الواقع جعل الكثير من ممارساتهم ومواقفهم التي يتخذونها نابعة من ظرفهم الموضوعي.

فصلاة الجمعة على سبيل المثال لم يكن بمقدور الامام المعصوم أن يؤديها بشكل علني لما فيها من تحد واضح للحكم القائم في مرحلة من المراحل، او عدم القدرة على أدائها لأن الامام المعصوم كان معتقلاً في السجن او في المعسكر المعادي فضلاً عن أسباب أخرى كعدم اعطاء الشرعية للحاكم الذي يزعم أنه خليفة الرسول (صلى الله عليه وآله).

كما أن عدم تصدي الائمة المعصومين للحكم وكذلك حال خلفائهم لفترة قاربت الاربعة عشر قرناً جعلت العلماء المجتهدين لا يولون الاحاديث المرتبطة بذلك الامر الاهتمام الكافي، فغدت قضية الولاية من الامور التي لم تشبع بالدراسة الوافية، كما أن عدم تصدي الكثير من المجتهدين للامور العامة، أدى الى تحديد مواصفات المجتهد المؤهل للمرجعية بكونه الاعلم باستنباط الاحكام الشرعية، ولم يكن للقدرة ذكر (ما خلا قلة من المجتهدين المعاصرين) [1] .. كما انه لم يكن يقصد بالاحكام الشرعية بشكل عام في هذا المجال غير احكام العبادات والمعاملات، وهذا الامر يخالف وبشكل واضح ما أثبته الائمة المعصومون في عصر النص [2]، ولكن الحاجة لم تكن تستدعي اكثر من ذلك الشرط الاساسي خلال فترة غير قصيرة من تاريخنا الاسلامي القديم حيث كانت المجتمعات صغيرة وغير معقدة، فلم تكن هناك حاجة ضرورية أن يكون الفقيه قادراً أو عالماً بأمور الادارة التي تعقدت بشكل كبير ضمن مجتمعاتنا المعاصرة التي تتسم بالضخامة والتشعب والتعقيد.

فضلاً عن ذلك فقد نشأت خلال فترة تجاوزت الالف عام من بداية الغيبة الكبرى وحتى يومنا هذا الكثير من التقاليد والممارسات والقيم والمفاهيم التي ليس لها علاقة بالاسلام ولكنها نالت درجة من القدسية المستمدة من ارتباطها بالحوزة، بل اصبحت من المسلّمات والأعراف المقبولة، ككثير من الصيغ المرتبطة بطريقة استلام الخمس وتقسيمه وبعض مصارفه، او ما يسمى بالحاشية وتأثيرها في كثير من الاحيان وبشكل سلبي على ما يصل للمرجع من معلومات بل حتى على ما يتخذه من كثير من المواقف او ما يبديه من الآراء.

فضلاً عن الكثير من الاعراف غير المرتبطة بالشرع كبعض السلوكيات المتعلقة بامامة صلاة الجمعة (كما سنبينه لاحقاً).. بل ان بعض الاعراف تتناقض مع بديهيات الاخلاق الاسلامية، كما في بعض حالات الامتناع عن التزاور بين المجتهدين او في بعض حالات تقديس السادة العلويين من تقبيل الايادي وغيرها من الاعراف، بل وصل الحال الى درجة افشاء الاسرار والتعامل مع الحاكم الظالم للايقاع والتخلص من بعض العلماء المجتهدين انطلاقاً من مبدأ الحفاظ على الحوزة من التأثيرات السياسية. وهكذا فاننا نستطيع أن نلخص الآثار السلبية التي تميز بها عصر الاجتهاد بأربعة آثار اساسية هي:

1ـ عدم الاستيعاب الحقيقي والواقعي لكثير من ممارسات الائمة (ع) نتيجة لظروفهم الموضوعية الخاصة والتي قد تختلف اختلافاً جذرياً عن وضعنا الحالي المعاش (كأداء صلاة الجمعة مثلاً).

2ـ ضعف الدراسات والابحاث فيما يختص بالكثير من المفردات والمسائل الشرعية بسبب ضعف الاحتياج اليها في مرحلة طويلة من مراحل التاريخ (كقضية الولاية مثلاً).

3ـ التقصير في التعرف على الكثير من الاحكام الشرعية بسبب التعامل مع الشريعة لسد حاجات ظرفية وليس ككونها منهجاً شاملاً يستوعب جميع مناحي الحياة وبجميع ظروفه (كالابحاث المتعلقة بتطبيقات الاقتصاد الاسلامي ومنهاج الحكم في الاسلام وتفريعات الولاية وغيرها).

4ـ انتشار الكثير من الممارسات والاعراف والتقاليد السلبية التي ترعرعت خلال فترة ناهزت الالف عام من تاريخ الحوزة العلمية.

ومع وجود وبروز تلك السلبيات.. فان هذا لا يعني ان العلماء وقفوا موقف المتفرج ازاء ذلك الواقع السلبي بل تحرك الكثير منهم في السابق وفي الحاضر لتصحيح الكثير من الانحرافات السلبية، اما في تاريخنا المعاصر فقد انبرى ثلاثة من الرجال العظام والمجتهدين الكبار للتصدي لهذا الواقع السلبي وهدم ركام التقاليد واحياء السنن السابقة لائمة أهل بيت النبوة عليهم أفضل الصلاة والسلام، وهؤلاء المراجع الكبار هم آية الله روح الله الخميني (قدس سره) مفجر أعظم ثورة اسلامية في تاريخنا المعاصر، وآية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) اعظم مفكر اسلامي في تاريخنا المعاصر على الاطلاق، وآية الله الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره) صاحب أعظم انجاز اجتماعي اسلامي في تاريخ العراق المعاصر. وقد تميز الشهيد الصدر الثاني عمن سبقه بميزتين:

الميزة الاولى انه تتلمذ على يد الشهيد الصدر الاول والسيد الخميني، فاستوعب منهج الرجلين وأضاف اليه قدراته الخلاقة، والميزة الثانية انه شهد تجربة العملاقين وشهد عناصر قوتهما وعناصر ضعفهما ثم شهد نتائجها.

لقد كان ملازماً للصدر الاول، وعاش التجربة معه كما عاشها الآخرون من المقربين، ولكنه تميز عنهم جميعاً بأنه كان الوحيد منهم الذي استطاع استثمار التجربة بكافة ابعادها، وبالتالي استطاع وبحق حصد ما زرعه الشهيد الصدر الاول.

وقبل التعرف على منهجه وانجازاته لا بد من القاء الضوء على:

سيرته الذاتية:

1ـ نسبه:

ولد السيد الشهيد في 17 ربيع الاول عام 1362 هـ الموافق 23/3/1943 في مدينة النجف الاشرف، ووالده السيد محمد صادق ابن السيد محمد مهدي ابن السيد اسماعيل (الذي ترجع اليه اسرة الصدر) ابن السيد صدر الدين الصدر ابن السيد صالح بن محمد ابراهيم شرف الدين (الذي ترجع اليه اسرة آل شرف الدين) ثم يصل نسبه الى الامام موسى الكاظم عليه السلام.

2ـ دراسته:

بدأ السيد الشهيد دراسته الحوزوية في عمر مبكر في عام 1373 هـ ـ 1954م على يد والده السيد محمد صادق الصدر ثم على يد السيد محمد تقي الحكيم وآخرين، وقد دخل كلية الفقه في النجف الاشرف وتخرج في دورتها الاولى عام 1964.

ودرس على يد السيد ابو القاسم الخوئي، والسيد الشهيد محمد باقر الصدر والسيد الامام الخميني وذكر آراءهم في محاضرات، وكان يسمي الاول (استاذنا أبو جعفر)، ويسمي الثاني (استاذنا ابو احمد).

وقد بلغ رتبة الاجتهاد عام 1978 حيث قام بتدريس الفقه الاستدلالي (بحث الخارج) بطلب من الشهيد الصدر وكانت مادة البحث المختصر النافع للعلامة الحلي.

3ـ مؤلفاته:

ألف الكثير من الكتب، وكان أهم ما ألفه موسوعته عن الامام المهدي (عج) في اربعة مجلدات حيث وصفها الشهيد الصدر الاول بأنها موسوعة لم يسبق لها مثيل في تاريخ التصنيف الشيعي حول المهدي (عج).

وله مصنفات عديدة أخرى اهمها نظرات اسلامية في اعلان حقوق الانسان، وما وراء الفقه وهي موسوعة فقهية بعشرة أجزاء، وفقه الاخلاق، وبحث حول الرجعة ورسالته العملية باسم (منهج الصالحين) ومنه الحنان في الدفاع عن القرآن (بلغ حوالي الخمسين مجلداً ـ مخطوط) والكثير من المصنفات الاخرى والتي بلغت حوالي الثلاثين مصنفاً.



منهج الشهيد الصدر الثاني



يمكننا التعرف على منهج الشهيد الصدر الثاني من خلال دراسة ثلاثة محاور وهي:

1ـ مجابهته لطاغوت العراق بمنتهى البراعة تحقيقاً للمصلحة الاسلامية الكبرى.

2ـ منهجه التربوي الصريح لاصلاح الحوزة العلمية وتقويمها.

3ـ اسلوبه التربوي لخلق اوسع قاعدة شعبية اسلامية مؤمنة في تاريخ العراق المعاصر مرتبطة بالحوزة ومضحية بالنفس من اجلها.



مجابهة الطاغوت

لقد تعامل السيد الشهيد مع سلطة الطاغوت خلال مرحلتين تاريخيتين متباينتين:

المرحلة الاولى قبل تصديه للمرجعية حيث كان حبيس بيته ويتبع اسلوب التقية المكثفة [3]، حيث اعتقل في هذه الفترة ثلاث مرات: الاولى عام 1972 والثانية عام 1974 حيث عذب تعذيباً شديداً وركز المحققون معه على علاقته بالامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر وبحزب الدعوة الاسلامية، اما الاعتقال الثالث فكان عام 1991 بعد اصداره بياناً شديد اللجهة مؤيداً للانتفاضة بعد حرب الخليج الثانية.

لقد بقيت آثار التعذيب بادية على جسده الشريف حتى بعد استشهاده .. وقد تصدى للمرجعية عام 1984 وقدم رسالته العملية للطبع ولكن الحكومة لم تمنحه اجازة لطبعها، فكتب تعليقه بخط اليد على منهاج الصالحين لنسخها وتداولها بين مقلديه.

ولكن بعد قيام حرب الخليج الثانية وتحسن العلاقة بين العراق وبين الجمهورية الاسلامية في ايران ومحاولة كسب التيار الديني الشعبي داخل العراق سمحت له الحكومة بطباعة رسالته العملية .. بل كافة مؤلفاته. وان اعطاء هذه الحرية للسيد محمد الصدر من قبل الحكومة العراقية كان لاغراض خاصة بها فضلاً عن الاسباب المذكورة اعلاه ... ومنها ان السلطة تعلم انه لابد ان يكون للشيعة مرجع عالم مجتهد، فليكن في النجف وليس في قم، وان كان في النجف فليكن عربياً وليس ايرانياً ... فضلاً عن كل هذا فان السلطة كانت تجهل فكر السيد الشهيد وتجهل قدراته وامكانياته وما يمكن ان يحققه وما يمكن ان يشكله من خطر عليها ان فسحت له المجال ... كان هذا الجهل نابعاً من اسلوب التقية المكثفة التي كان يعيشها السيد الشهيد قبل تصديه للمرجعية بشكل فاعل.

وعلى اثر ذلك وجد الشهيد الصدر نفسه على مفترق طريق، اما ان يبقى حبيس بيته واما ان يتحرك لمصلحة الحوزة. فقال مقولته الشهيرة نقلاً عن احد تلامذته (قلت لنفسي أتتحملين السب والشتم والغيبة من اجل الحفاظ على كيان الحوزة؟ فقالت ـ نعم) [4]، وهكذا بدأ مشواره الطويل لتحقيق اهدافه في خدمة المصلحة الاسلامية العليا، لقد خاض تجربة من اصعب التجارب على الاطلاق، فالدولة تريد ان تدعي بأنه مرجع السلطة لتركب الموجة الايمانية التي بدأها صدام بكتابة عبارة (الله اكبر) على العلم العراقي بعد احتلاله للكويت واستخدام الشعار الاسلامي لخداع المسلمين والعرب خارج وداخل العراق ولرفعه بوجه اميركا والغرب خلال الحرب ولرفع الحصار بعد انتهاء الحرب ... كان ذلك الظرف مناسباً جداً للسيد الشهيد وأعطاه حرية نسبية للتحرك، ولكنه تحرك محفوف بالشبهات ومملوء بالاتهامات، ولكنه استغل هذا الظرف واستخدم تلك الحرية بكل براعة خلال فترة الثماني سنوات، فالسلطة كانت تلملم جراحاتها على اثر حرب الخليج الثانية والانتفاضة في الجنوب وفقدان السيطرة في الشمال فضلاً عن اعمال المجاهدين في الاهوار وباقي مدن العراق وحالة التصعيد بين حين وآخر مع الاميركان ولجان التفتيش وما تركه الحصار من آثار سلبية على الاوضاع داخل العراق بشكل عام وضعف الاجهزة القمعية بشكل خاص بسبب الحاجة والعوز وتفشي الرشوة وما الى ذلك.

وفجأة اكتشفت السلطة ان السيد الشهيد استطاع خلال هذه الفترة وفي ظل ذلك الظرف انشاء قاعدة شعبية واسعة وجيل عريض من المؤمنين الواعين ... واخذت السلطة تتخبط في مواقعها ... فهذا الوضع كان يشكل خطراً عليها ... ولكنه كان وضعاً ساهمت هي في ايجاده ... في سماحها للسيد الشهيد للتحرك بتلك الحرية ... ولم يخطر في بالها بالمرة ان هذا الخطأ من قبلها سيؤدي الى هذه النتائج الفادحة الخطرة عليها.

اما السيد الشهيد فعندما استطاع ان يحقق اهدافه لهذه المرحلة ووجد نفسه يستند على قاعدة شعبية قوية يحسب لها من السلطة الف حساب ... بدأ في ذلك الوقت بالتحرك بمنطلقات اخرى.

وللتعرف على هذه المنطلقات لابد من التعرف على المتبنيات الفكرية التي انطلق منها السيد الشهيد.



متبنياته الفكرية لمواجهة الطاغوت

قام السيد الشهيد باعطاء معان جديدة لكثير من المفاهيم الاسلامية، هذه المعاني كانت جديدة على مستوى الامة بل حتى على مستوى الحوزة على نطاق الممارسة في عصر الاجتهاد، ولكنها معان حقيقية مستمدة من وضوح واستيعاب كامل للاسلام الحقيقي على مستوى عصر النص ... من هذه المفاهيم:

أـ التقية: حيث يقول (ان التقية محرمة على المرجع او القائد الاسلامي اذا كانت خوفاً على نفسه، وفقط تجوز له اذا كانت خوفاً على الاسلام) [5] ... ويعلق وبكل جرأة في أحد لقاءاته الصحفية المسجلة (لقد حاول احد العلماء المجاهدين ان ينهض بالامة قبل اكثر من عقدين من الزمن فراجع بذلك احد الشخصيات المهمة فأجابه الآخر انه يخاف، فصار السيد العالم المجاهد يقول بحرارة ـ في مثل هذا العمر ويخاف ـ والحق ان التقية بالنظرة الضيقة هي التي دعت هذا العالم إلى قوله أخاف، وعلى الأكثر انه لم يكن يخاف على نفسه فقط، بل قد يكون خوفه حفاظاً على دماء المسلمين، ولكن النتيجة ان دماء المسلمين قد اهدرت وتدهورت الحوزة والمرجعية واما السيد العالم المجاهد فقد نصره الله نصراً مؤزراً لصموده البطولي). [6]

ب ـ الصبر: حيث يقول بالمعنى (ان الصبر صبران، صبر سلبي وصبر ايجابي، الصبر السلبي هو الصبر على الظلم، والصبر الايجابي هو الصبر على مقارعة الظلم والظالمين، والصبر المأمورون به والمأجورون عليه هو الصبر الايجابي وهو مقارعة الظلم والظالمين، اما الصبر السلبي فهو كناية عن الخضوع والخنوع والذل، وهذا صبر مذموم لا يؤجر عليه الانسان، بل قد يأثم عليه ان ادى الى النقص في دينه او ضياع الحقوق). [7]

لم يكتف السيد الشهيد بطرح هذه المفاهيم بتلك المعاني وانما مارسها بالفعل.

حيث تحرك قبل استشهاده بحوالي السنة والنصف على مستوى صلاة الجمعة .. حيث اقيمت في اكثر من سبعين منطقة من مناطق العراق، وكان معدل الحضور في هذه المناطق يعد بعشرات الالوف، اما الصلاة التي كانت تقام في الكوفة فكانت بمئات الالوف، واما الصلاة التي اقيمت في السهلة في 15 شعبان 1419 هـ فقد حضرها حسب تقدير الكثير من شهود العيان حوالي المليوني مصل، وافلام الفيديو التي كانت تصور الجموع البشرية من دون الاحاطة بنهايتها دليل على ذلك، ومهما يكن الاختلاف في تحديد العدد النهائي فانه لا خلاف على ان العدد كان بمئات الالوف.

... ومع هذا العدد الكبير وذلك الاسناد الواسع استطاع السيد الشهيد ان يتحرك بكل قوة في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر متحركاً بالمفاهيم التي طرحها بالتقية لا خوفاً على نفسه بل الا اذا كان هناك خوف على الاسلام، وبمفهوم الصبر لا على الظلم، بل على مقارعة الطاغوت والظلم والظالمين.

ومن هذا المنطلق امتنع عن الدعاء لصدام ومنع جميع وكلائه من الدعاء للطاغوت، وكان هذا الموقف بالمنظار الصدامي هو اكبر تحد لصدام فحاول جلاوزته ارغام السيد ووكلائه بجميع الوسائل للدعاء لصدام اثناء الخطبة، فلم يستجب السيد لهم، فعين صدام مجموعة من ائمة المساجد كأئمة لصلاة الجمعة وبث بين الناس ان هؤلاء هم وكلاء السيد محمد محمد صادق الصدر، فاضطر السيد الشهيد للاعلان على الملأ واثناء صلاة الجمعة بأن هؤلاء لا يمثلونه وليسوا بوكلائه، فقامت الجماهير بطردهم من المساجد وبالقوة ووضعوا مكانهم وبالقوة وكلاء السيد كأئمة لصلاة الجمعة.

... ولم يكتف بذلك، بل عندما قامت السلطة بمنع زيارة الحسين (ع) في النصف من شعبان قال في خطبة الجمعة ان هذا المنع يصب في مصلحة اسرائيل واميركا ... موحياً وبشكل واضح ولكن غير مباشر إلى القوى التي تقف خلف صدام وتسانده.

ولم يكتف الصدر بكل ذلك فأرسل رسالة مع ممثله السيد جعفر ابن السيد الشهيد الصدر الاول ليبلغها للشعب الايراني وقيادته السياسية بمناسبة افتتاح مكتب السيد في قم وكان مما جاء في هذه الرسالة (حيا الله الشعب الايراني الجليل الاخ في الله والاخ في الاسلام وفي المذهب، وحيا الله الدولة الايرانية الجليلة الباسطة شرف الاسلام على العالم، وحيا الله العراقيين النازحين من بلادهم ـ الذين اخروا من ديارهم بغير حق الا أن يقولوا ربنا الله)... ولكن للاسف الشديد لم يفتح مكتب السيد لاسباب لسنا بصدد ذكرها، ولم تقرأ الكلمة.

ولم يكتف الصدر بكل ذلك بل وضع النظام في خانة قتلة الحسين (ع) حين قال في احدى خطب الجمعة (لماذا الصلاة في الشارع في البصرة والعمارة مسموحة وفي الكوفة ممنوعة؟ نحن لا نقبل بذلك فللحسين (ع) قتلة كثيرون في كل جيل وفي الاجيال القادمة ـ وما اگدر أحچي ـ) [8] وكلمة (ما اگدر أحچي) هنا هي إشارة واضحة الى الطرف الذي هو تحت سلطته فلا يستطيع الحديث امامه ... وهو سلطة طاغوت العراق.

قام صدام باعتقال وكلاء السيد، فقامت تظاهرات ومواجهات في مختلف المدن العراقية مطالبة بالافراج عنهم واستشهد الكثير من المؤمنين اثناء تلك المواجهات، وقام السيد الشهيد وبشكل علني اثناء صلاة الجمعة يطالب الحكومة بالافراج عنهم ويدعو المصلين للمطالبة وبشكل جماعي للافراج عنهم.

لقد حاولت السلطة وبكل الوسائل ايقافه عن اداء صلاة الجمعة فرفض الاذعان وتحداهم بلبس الكفن اثناء الصلاة موطناً نفسه على الشهادة.

لقد خاطب السيد الشهيد الصدر المقربين منه (جهزوا اكفانكم ... لم يبق لنا من الخيار سوى الاستشهاد). [9]

ويذكر احد المقربين من السيد الشهيد الصدر قبل استشهاده ببضعة اشهر انه قال بأنه هو المقصود في الاحاديث الواردة بشأن (مقتل محمد ذي النفس الزكية مع سبعين من الصالحين في ظهر الكوفة).

فالمقصود بظهر الكوفة هو النجف، ولم يقتل في تاريخنا المعروف شخص غيره وبمنزلته اسمه محمد في النجف (حيث السيد محمد باقر الصدر قتل في بغداد وليس في النجف)، اما عدد السبعين من الصالحين فمن المعلوم ان المئات قد قتلوا في كافة مدن العراق اثر استشهاده ولكن الرقم سبعين هو كناية عن الكثرة كما ورد في كتاب الله (ان تستغفر لهم سبعين مرة)، وقد يكون العدد سبعين صحيحاً بالنسبة للشهداء من ظهر الكوفة ـ أي النجف الاشرف ـ .

(لقد نقل لي هذا الحديث عن السيد الشهيد من لا أشك في صدقه، والسيد الشهيد هو اعرف الناس بأحاديث الامام المهدي (عج) حيث انه صاحب اوسع موسوعة في هذا المجال، فهو اعرف انسان بمصاديق انطباق هذا الحديث على نفسه).

لقد هدد السيد الشهيد في خطبة الجمعة قبل ثلاثة اسابيع من استشهاده بالدعوة للتحرك للافراج عن وكلائه المعتقلين، لقد طالب الجماهير ان تهتف معه بشكل جماعي (نريد ... نريد ... نريد ... فوراً ... فوراً ... اطلاق سراح المعتقلين) ... ثم قال (لأجل استنكار اعتقال خطباء الجمعة ارفعوا اصواتكم بالصلاة على محمد وآل محمد. ولأجل المطالبة باطلاق سراحهم فوراً صلوا على محمد وآل محمد، ولأجل عدم حصول ذلك مستقبلاً الصلاة على محمد وآل محمد، وهناك فكرة لانشاء بناء في مسجد الكوفة ليعيق المصلين يوم الجمعة ولأجل استنكار هذه الفكرة الخبيثة، الصلاة على محمد وآل محمد) [10] ... ولما وجدت السلطة هذا التحدي الصارخ من قبل السيد والجماهير معاً، تحدياً لم يسبق له مثيل بهذه القوة وهذا الاجماع وفي حكم صدام التكريتي، فاضطر صدام للاتصال مباشرة به وطلب منه الامتناع عن اداء صلاة الجمعة فرفض السيد وتحدى السلطة وصدام واضعاً دمه على كفه، فاستشهد مع ولديه السيدين مصطفى ومؤمل باطلاق النار عليهم بعد ادائه لصلاة الجمعة الأخيرة.

الدكتور عادل رضا
09-09-2004, 07:27 PM
2ـ منهجه التربوي الصريح لاصلاح الحوزة العلمية وتقويمها

كان العلماء في الحوزة العلمية في النجف الاشرف ينظرون الى السيد الشهيد بمنظار الشبهة والشك والريبة في بداية تحركه.

ففسح المجال امامه من قبل السلطة في اول الامر للتحرك وبحرية واعطاؤه الحرية لطباعة كتبه، ونقل الصلاحيات التي كانت معطاة للسيد الخوئي بعد وفاته اليه في اعطاء تصاريح الاقامة للطلبة غير العراقيين ... فضلاً عن ترويج السلطة للاشاعات القائلة بأن السيد محمداً الصدر هو مرجع السلطة، بالاضافة الى اشاعات اخرى كثيرة تومي بأنه هو المسؤول عن مقتل آية الله البروجردي وآية الله الغروي ... جميع تلك المؤشرات كانت مدعاة للشك بسلامة وصدق تحرك السيد الشهيد الصدر. اما السيد الشهيد فانه تعامل مع هذا الامر بمنتهى الواقعية وبتجرد كامل واخلاص لله يندر ان يكون له مثيل على مستوى المتصدين في عالمنا اليوم.

اول ما قام به هو زيارة المراجع في بيوتهم، وللأسف الشديد فان هذه البادرة قد جوبهت احياناً بمواقف سلبية، وقد ذكر السيد الشهيد ذلك في مجلس عام ومسجل.

وقد علق السيد الشهيد على هذه الحادثة وعلى حوادث اخرى تعليقاً على اناس كانوا يسبونه حيث قال: (ان كان الناس يسبونني لأنني رجل على الباطل فأقول لهم اكثروا من مسبتي جزاكم الله خيراً لأنكم تعتقدون بأني على الباطل وأنا قلبي معكم فاذا كنت على الباطل فسأسب نفسي، فسبكم لي ان شاء الله سيكون مرضياً عند الله سبحانه وتعالى، لانه لو تبين لكم خلافه وانني على الحق لما كنتم قد سببتموني). [11]

... بهذا التجرد الكامل كان السيد الشهيد يرد على من كان يشك به او يتهمه وينعته بالباطل ويسبه.

ولكن بعد انتشار امره وقيامه بصلاة الجمعة ووقوف السلطة موقف المعارض له وتبين امتناعه عن مدح طاغوت العراق في خطب الجمعة وكذلك منعه لوكلائه عن هذا المدح. كل تلك المؤشرات اصبحت تؤكد على وقوفه الى جانب الحق واتباعه له بل ان اتباعه للحق والعدل والصواب كان من القوة التي تبين انها ستكلفه حياته.

وهنا بدأ يتعامل مع الحوزة العلمية من مراجع وعلماء ووكلاء وطلبة العلوم الدينية تعامل الناصح الموجه والمؤنب لهم لاحقاق الحق وبيانه وكشف الباطل وازهاقه وهدم ركام التقاليد المخالفة لسنن اهل بيت النبوة عليهم افضل الصلاة والسلام.

وهنا نتطرق لقضيتين تعاملت الحوزة معهما خلال مرحلة عصر الاجتهاد على أساس غير اسلامي، القضية الاولى هي امامة صلاة الجماعة، فإذا أردنا أن نحسن الظن بجميع علمائنا السابقين ولا نتهمهم (بالأنا) فنقول أنهم اتبعوا تقليداً أو عرفاً لا يستند على أي أساس شرعي.

حيث يقول السيد ان كان هناك رجلان عادلان و(ان احدهما يتقدم للجماعة دائماً والآخر يتأخر عنها دائماً بحيث يورث الشعور بالاهمية والانانية وحب الدنيا لامامة جماعته، وانما المهم هو حصول الثواب، وهو يحصل فثواب الجماعة يصير للامام والمأموم، فمرة امام ومرة مأموم، وعلى كل حال فهو حاصل على ثواب الجماعة) [12] ... ثم يضيف (فمن هو من المراجع يرضى ان يصلي وراء مرجع آخر، ليس الآن فقط بل في تاريخ النجف منذ تاريخ الشيخ الانصاري وقبله وبعده، واحد يصلي اولاً ثم يصلي الآخر بعده، هل حدث هكذا شيء؟

لم يصل ولا واحد اطلاقاً، نقسم من الآن، فمن هو من المراجع يرضى بأن يصلي وراء مرجع آخر!!) [13] .. ثم يقول (اما انا ... يجوز انكم تريدون ان تحملوني المسؤولية، ونعم ما تفعلون ـ فقد كتبت في الايام الاولى من صلاة جمعة الكوفة الى عدد من المراجع للحضور الى هذه الصلاة، وقلت في الكتاب انك اذا حضرت فأنا سوف اقدمك اماماً للجماعة واصلي خلفك فتكون الخطبة لي والامامة لك، وانا اقول بجواز تعدد الخطيب والامام في صلاة الجمعة، وحتى لو اراد ذلك المرجع ـ اياً كان منهم ـ أن يكون خطيباً فأنا أقول تفضلوا، اخطب وصل بنا وانا اكون مستمعاً واكون مأموماً وبخدمتك، ولازال هذا الأمر نافذ المفعول الى الآن. وقد قُلت لبعض الاخوان ان المراجع لو كانوا قد حضروا ـ والى الآن يمكن تحصيل نفس النتيجة ـ لكان في امكان الحوزة والمذهب بغض النظر عن السلاح، لكان في امكاننا مجابهة اسرائيل بنفسها بما يحصل فينا من تكاتف وتضامن وعزة بالله وحسن توفيق وعزة بالحق وعزة بأهل البيت، واطاعة الله وأهل البيت، ولكني ناديتهم فلم يجيبوا طبعاً، كما قال الشاعر: لقد أسمعت لو ناديت حياً). [14]

وهكذا فان السيد وبكل ثقة وفي صلاة الجمعة يعظ المراجع الكبار ... ثم يدعوهم للتكاتف معه ومشاركته في صلاة الجمعة ... ثم يعلق على عدم استجابتهم بأنه لا حياة لمن تنادي.

أما القضية فان المراجع يتعاملون معها على أساس المجاملة والتواضع وهي قضية تأكيد الاعلمية.. ولكن ليس هذا فحسب.. فان السيد الشهيد الصدر الاول كان يسعى جاهداً في عدم تمزيق اجماع الامة على أحد المراجع وان كان حسب تصوره أنه أعلم منه.

ولكن تبين للشهيد الصدر الثاني خطأ تلك السياسة.. فلا سياسة ممالاة السلطة استطاعت حماية الحوزة العلمية في النجف الاشرف، ولا سياسة الشهيد الصدر الاول في التأخير في طرح نفسه للمرجعية كان له دور ايجابي في الاستفادة من اجماع الامة حول الآخرين.. بل النتيجة كانت التفريط بهذا الاجماع وبتلك القوة الاجتماعية الاسلامية الكبيرة.. فنشأ جيل عريض خال من الوعي تغلب عليه روح الخضوع والخنوع والذل.. وكيف لا يكون ذلك وهو يتأسى بقيادة صامتة لا تعيش معاناة الامة ولا تتفاعل معها ولا تقدم النصح والارشاد والتوجيه.. لقد قام صدام في ذلك الحين بالتضييق على الشهيد الصدر الاول.. ووضعه تحت الاقامة الجبرية.. فلم يتحرك من الناس غير قلة قليلة من المؤمنين الواعين.. وكأنها كانت منفصلة عن جسم الامة.. واستطاع صدام بكل يسر أن يضربهم ضربة قاصمة لقلة عددهم.. ثم قام وبكل جرأة باعدام الشهيد الصدر الاول واخته بنت الهدى فلم تتحرك الامة..

أما المرجعية الصامة فظلت ساكتة.. وهكذا كان دور القطاع الأكبر من الناس الذين يتبعونهم.. لقد استطاع صدام أن يسخر ذلك القطاع ويستخدمه كآلة في حربه الطويلة مع الجمهورية الاسلامية في ايران.. لقد كانت هذه التجربة ماثلة أمام نظر السيد الشهيد الصدر الثاني.. لذلك تحرك بكل قوة وبكل ثقة.. فكان يصرح دائماً وأبداً بأنه الاعلم، وان تقليد غير الاعلم غير مبرئ للذمة فيجب تقليده [15] ... نعم ان الفقهاء الآخرين قد لا يصرحون عن ذاتهم بهذا الوضوح ... ولكن السيد الشهيد ينطلق من منطلق المصلحة الاسلامية فحسب ولا يحسب حساباً للعرف والتقاليد والمجاملات اذا كانت تتعارض مع تلك المصلحة. وفوق كل ذلك فان السيد الشهيد كان يقول بولاية الفقيه المطلقة. وفي حالة عدم وجود حكومة اسلامية فانه يرى بأنه ليس كل أمور الولاية العامة موقوفة، ومن هذا المنطلق اقام صلاة الجمعة وأفتى بأن تارك صلاة الجمعة متعمداً هو تارك لصلاة فريضة وتارك الصلاة كافر [16]، واذا صلى الظهر وغيرها خلال اقامة الجمعة بطلت صلاته، [17] ونهى عن الصلاة خلف الامام الذي لا يحضر الجمعة وهو ضمن المسافة الشرعية لانه فاسق، ولا تجوز الصلاة خلف الفاسق الا اذا كان تركه للجمعه بحجة شرعية اجتهاداً او تقليداً، ولكنه يضيف بأن هذه الحجة غير متوفرة لأنه في هذه الحالة يجب عليه الحضور بأمر الولاية. [18] لم يكن الهدف من اقامة صلاة الجمعة اداء فريضة واجبة وتوعية الامة فحسب بل هي ايضاً وسيلة لتربية العلماء المنتسبين للحوزة حيث يقول السيد الشهيد الصدر في احدى كلماته:

(إن من فوائد صلاة الجمعة هو الوعي الديني الذي حصل في الحوزة والمجتمع، ومنها عرف الناس ان عدداً كبيراً من الحوزويين غير ما كانوا يتصورون، وفهم الناس ان الاسلوب القديم عند بعض الحوزويين قائم على القصور والتعقيد حيث ورد انه (اذا كثر الفساد في المجتمع فعلى العالم ان يظهر علمه، والا فعليه لعنة الله)، ولكن الواقع الذي يعيشه بعض المنتسبين الى الحوزة العلمية غير ذلك، حيث قال بعضهم عندنا امور اربعة (الاستخارة والدرس وصلاة الجماعة وقبض الحقوق) واهمها في نظرهم قبض الحقوق التي يجب ان تصرف لقضاء حاجة المحتاجين، ولكنهم لا يصرفونها كذلك الا قليلاً منها). [19]

ومن هذا المنطلق ايضاً لم يكن السيد الشهيد يعطي الوكالة لمن لديه وكالة من مجتهد آخر. ان التعرف على منهج الصدر الثاني لاصلاح الحوزة يستدعي التعرف على منهج الصدر الاول، فالمنهجان متماثلان، ولكن توفر للصدر الثاني وسائل لم تكن متوفرة للصدر الاول حيث يقول السيد الشهيد محمد باقر الصدر: اذن فلا بد وأن نجعل جزءاً من وظيفتنا ان نفكر دائماً في انه كيف نغيّر اساليب العمل، كيف ننسجم مع وضعنا وبيئتنا. لماذا تعيش الحوزة العلمية في هذا البلد مئات السنين ثم بعد هذا يظهر افلاسها في نفس هذا البلد الذي تعيش فيه واذا بأبناء هذا البلد او ببعض ابناء هذا البلد يظهرون بمظهر الاعداء والحاقدين والحاسدين والمتربصين بهذه الحوزة!! ألا تفكرون معي في ان هذه جريمتنا قبل ان تكون جريمتهم. في ان هذه هي مسؤوليتنا قبل ان تكون مسؤوليتهم! لأننا لم نتعامل معهم، نحن تعاملنا مع أجدادهم ولم نتعامل معهم! فهذه الاجيال التي تحقد علينا اليوم وتتربص بنا اليوم تشعر بأننا نتعامل مع الموتى ولا نتعامل مع الاحياء! ولهذا يحقدون علينا، ولهذا يتربصون بنا، لأننا لم نقدم لهم شيئاً، لأننا لم نتفاعل معهم، انا منذ سنة، منذ اكثر من سنة اتحدث مع الاخوان الاعزاء في ان كل واحد من اهل العلم ـ كل واحد يكون له قدرة ـ لو كان يُكوّن له مجلساً تبليغياً في النجف الاشرف يضم خمسة فقط، لا اكثر من خمسة، يضم هذا البقال الذي يشتري منه لبناً، هذا العطار الذي يشتري منه سكراً، هذا الجار الذي يسلم عليه عندما يخرج من بيته، يضم خمسة من هؤلاء، لو كان كل واحد من أهل العلم عنده مجلس تبليغي في يوم الجمعة بدلاً عن ان يذهب الى الكوفة ويسبح من الصبح الى العصر، بدلاً من ان يبذر الوقت بالمطاردة في الشعر، بدلاً من ان يبذّر الوقت في الف لهو ولهو، بدلاً من كل ذلك لو انه يستثمر جزءاً من هذا الوقت في تكوين مجلس تبليغي لخمسة من أبناء النجف ... لو أن الف شخص من الطلبة كل واحد منهم يُكوّن مجلساً تبليغياً لخمسة لكان لدينا قاعدة شعبية مكونة من خمسة آلاف ولأحس الناس من ابناء البلد بأننا نتعامل معهم وأننا نفكر فيهم، واننا نعطيهم وان وجودنا مرتبط بوجودهم، وان حياتنا مصدر خير لهم، مصدر عطاء لهم، لكننا لم نتعامل معهم، اذن لابد لنا دائماً ان نفكر فيما هي الاساليب الأفضل والأصح). [20]

كما ان الشهيد السيد محمد باقر الصدر كان يسعى دائماً الى (ايجاد جهاز عملي تخطيطي وتنفيذي يقوم على اساس الكفاءة، والتخصص ، وتقسيم العمل واستيعاب كل مجالات العمل المرجعي الرشيد في ضوء الاهداف المحددة، ويقوم هذا الجهاز بالعمل بدلاً من الحاشية التي تعبّر عن جهاز عفوي مرتجل يتكون من اشخاص جمعتهم الصدف والظروف الطبيعية لتغطية الحاجات الآنية بذهنية تجريبية، وبدون اهداف محددة واضحة، ويشتمل هذا الجهاز على لجان متعددة، تتكامل وتنمو بالتدريج الى ان تستوعب كل امكانات العمل الحريص). [21]

وقد قام الصدر الثاني لتنظيم الحوزة بعدة اجراءات وثبت مجموعة من المفاهيم ومن هذه الاجراءات عدم اطلاق صلاحيات الوكلاء في المناطق سواء بمقدار الاجازة الشرعية بالاموال او بتحديد المدة الزمنية فكان يحدد الوكالات التي منحها بفترات معينة حسب الوكيل لكي يراقب عمله وبالتالي هل يجدد الوكالة او يمنعها عنه.

كما عيّن السيد اماماً لصلاة الجمعة وحاكماً شرعياً في مختلف مناطق العراق، حيث أنشأ المحاكم الشرعية في عشرات المدن العراقية. وبالنسبة لائمة الجمعة فقد اعطاهم التوجيهات التالية:

(1ـ ان يكون الخطيب متفاعلاً مع الحاضرين لا ان يلقي الخطبة ويسردها فقط.

2ـ ان يأخذ الخطيب بنظر الاعتبار المشاكل الاجتماعية التي تخصّ المنطقة التي يخطب فيها فضلاً عن باقي المناطق، وفضلاً عن مشاكل المسلمين جميعاً.

3ـ ضبط اللغة العربية والاهتمام الشديد بنقل الالفاظ بصورة صحيحة خاصة الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة.

4ـ اكد سماحته على ضرورة تكرر مثل هذه اللقاءات للرقي بمستوى صلاة الجمعة.

5ـ التركيز على الحمد الذي يكون في اول الخطبة وانه ينبغي ان يكون مطولاً لا مختصراً، اهتماماً بهذه الجوانب المهمة في الدين.

6ـ اكد سماحته على بعض الجوانب الاخلاقية التي يجب ان يتصف بها امام الجمعة كترك حب الدنيا والتخلق بأخلاق الانبياء). [22]

وكان السيد الشهيد يقول: (ان المشهور هو انه لا يجب على الفقيه ان يذهب الى المكلف ويبلغه حكمه بل يجب على المكلف نفسه أن يأتي الى الفقيه ويسأله.

ولهذا كان هناك نحو من المقاطعة والانفصال النفسي والاجتماعي بين الحوزة والمرجعية من ناحية وبين العشائر من ناحية اخرى ومن قبل الطرفين وهذا ثابت باستمرار لولا وجود الشباب المؤمن الواعي الذين يتصدون للذهاب الى مناطق العشائر وهدايتهم بين حين وآخر، جزاهم الله خير جزاء المحسنين، الا ان هذا لم يكن يحدث في كثير من الاجيال السابقة، اضف على ذلك ان الذي كان يذهب اليهم يتصف باحدى صفتين ناقصتين تحيله دون حل تلك المشاكل العشائرية:

1 - اما ان يكون قليل التفقه واما هو مجرد خطيب حسيني (روزه خون).

2 - واما يكون ممن يحمل هم دنياه على دينه فيكون ذهابه لاجل الحصول على مبلغ من المال قبل الاهتمام بالتفقه والهداية. واما من كان متفقهاً ومخلصاً فقليل جداً في العهود السابقة من ذهب اليهم (اقصد العشائر.. وهذا ما اوجد سوء الظن عند العشائر بالحوزة العلمية الشريفة وبمن ترسله اليهم).

وللحقيقة ان الحوزة لا ترسل احداً وانما يذهب بعض الاشخاص لقضاء مصالحهم الخاصة وليس اكثر من ذلك فيسيئون اكثر مما يحسنون.

أما الآن وصاعداً فيجب ان نضع حداً لكلا الأمرين الناقصين سواء كان نقص الحوزة او نقص العشائر.

ونريد من الجميع ان يكونوا على مستوى عال من التفقه والورع وطاعة الله سبحانه وتعالى وتجنب معاصيه والحوزة الشريفة الآن مستعدة لتقديم كل ما هم بحاجة اليه ولكائن من كان وخاصة العشائر ورؤسائها ومشايخها كونها الشريحة الاهم والاكثر في المجتمع.

ويجب ان لا يبقى الحال على ما هو عليه من عدم التفقه في الدين والمنقصة فيه على ما هو عليه الآن، ولا ينبغي ان يكون قانون العشائر معمولاً به بما لا يرضي الحوزة ولا أي مرجع ولا حتى متفقهاً في دينه لانه حرام في حرام. [23]

كما انه كان دائما يطرح الكثير من المفاهيم التربوية التي لم يفكر بها يوماً احد من المتصدين.. ومن امثلة ذلك ما طرحه بشأن المخاطبة بضمير الجمع حيث يقول: "ومن الامور السائدة والمشهورة جداً في الحوزة الشريفة وغيرها، نداء المؤمن بضمير الجميع، بقوله له (جئتم وذهبتم)، ولا يجوز في نظره مخاطبته بضمير الفرد، لاحظ، مع اننا نخاطب الله بضمير الفرد! كقوله في بعض الادعية (اللهم انك قلت في كتابك المنزل وفي القرآن الكريم) (تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك انك انت علام الغيوب) ونخاطب المعصومين عليهم السلام بضمير الفرد، كالقول في بعض الزيارات (اني اشهد انك تسمع سلامي وترد جوابي)، فهل كان هؤلاء المؤمنون اعظم من الله ورسوله؟!، الا حسب دعاوي النفس الامارة بالسوء، وطلب الدنيا والشهرة. [24]

ومن الامثلة الاخرى هي قضية تقبيل الايادي حيث يقول: "ان كل من يتوقع ان تقبل يده فهو خارج من رحمة الله وداخل في غضب الله، توجد فكرة صغيرة اعرفها هو انني حين كنت ولا زلت الى الآن اسحب يدي عن التقبيل كنت شاذاً وغريباً على الحوزة والمجتمع، والامل في الله سبحانه وتعالى وفي المؤمنين امثال هذه الوجوه الطيبة أن يأتي يوم قريب ان شاء الله ان يكون الامر فيه بالعكس بحيث يكون من تقبل يده شاذاً وغريباً، ويكون من الواضح للمؤمنين انه بذلك يكون طالباً للدنيا والشهرة والشهوة، فتبتعد عنه الناس، ويعرفون انه غير مستحق لتقبيل اليد بينه وبين الله سبحانه وتعالى". [25]

"وحسب فهمي في السر في ذلك هو ان تقبيل اليد بالنسبة الى من تقبل يده نحو من التكبر والانانية والشعور بالنفس الامارة بالسوء، وشكل من اشكال الاستعلاء بالباطل على غير حق، وفي يوم القيامة يحشر الفرد ويُسأل لماذا قدمت يدك للتقبيل، فماذا يجيب مع ان حبال الدنيا يومئذ كلها متقطعة، هل يقول كان ذلك طلباً للدنيا او للشهرة او للمال او للتعارف الاجتماعي او للتكبر؟ طبعاً كل ذلك منقطع في يوم القيامة، ولا يقبله الله سبحانه وتعالى، ومن هنا ورد كما سمعنا (انها لا تكون الا لنبي او لوصي نبي) أي للمعصومين بالذات او واجبي العصمة عليهم افضل الصلاة والسلام، وهم الانبياء والاولياء عليهم السلام، لان نفوسهم ليست امارة بالسوء، لانهم معصومون، اما انا وأمثالي من ذوي النفوس الضعيفة والقلوب المخلوطة، فهي مؤثرة لا محال (اي تقبيلة اليد) تأثيراً دنيوياً متسافلاً، حتى وان كان قصد الطرف الآخر (اي المقبل) قصداً حسناً وبنية حسنة، إلا ان فيها جانباً سيئاً ايضاً حتى على الآخر". [26]

ولم يكتف السيد الشهيد بالاعتراض على باقي المراجع من منطلق عدم استجابتهم لصلاة الجمعة، وانما كان ينتقدهم لسكوتهم عن التواصل مع الناس وتوجيههم ومخاطبتهم فهو يقول: "هناك اتجاهان في الحوزة العلمية والمرجعية اتجاه المرجعية الناطقة واتجاه المرجعية الساكتة ولا يوجد أي عذر لسكوتها سوى انا تخاف من الموت فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وانا لله وانا اليه راجعون". [27]

ثم انه يعترض على الحوزة بسبب عدم تجاوبها مع الدعوة لزيارة الحسين عليه السلام فيقول: "لابد من الالتفات الى موقف الحوزة السكوتية والسلبية حول امر المسير الى الحسين (ع)، ولم يتكلموا حول هذا الامر، ولم يكترثوا لكي يدعوا محمداً الصدر وحده في الميدان، ولو بينوا امرهم، واطاعوا الله لما حصلت النتائج السلبية، وهم يتحملون النتائج واسألوهم عن صمت القبور، ولقد اعتادت الحوزة على عدم التكاتف مما انتج النتائج السلبية، فهل هم منتبهون لذلك، وليتهم حين تجاهلوا امر الولاية اهتموا بأمر الدين ومستحبات الشريعة، وليس هذا بعجيب منهم، بعد ان تركوا الواجبات ومنها صلاة الجمعة وكان افضل ما فعله بعضهم هو السكوت والاعتذار، والبعض الآخر اخذ بالطعن". [28]

وقد يعترض معترض على السيد الشهيد فيقول ان العلماء في الحوزة غير قادرين على التحرك خوفاً من بطش صدام ولكن السيد الشهيد في هذه المقولة يبين بأنه قام بمسؤوليته وفتح الباب للآخرين ليلعبوا دورهم ويتعاضدوا معه في نقل الحوزة الى المستوى المطلوب. ولكن للاسف الشديد نجد ان الامة تصاعدت وتفاعلت مع السيد الشهيد ولكن المراجع والعلماء في الحوزة العلمية لم يكونوا بمستوى طموح الامة.



2 - اسلوبه التربوي لخلق اوسع قاعدة شعبية اسلامية مؤمنة في تاريخ العراق المعاصر مرتبطة بالحوزة ومضحية بالنفس من اجلها

قبل التطرق الى تلك الاساليب التربوية من المهم التطرق الى حادثة مهمة حدثت في حياة الشهيد الصدر الاول حيث يتناول الشيخ النعماني تفاصيل هذه الحادثة فيقول: "ومما يذكر ايضاً ان حادثة وقعت خلال فترة الاحتجاز، كانت لها اهمية خاصة، وهي تعبر عن نفس الروح في القضية السابقة، فلقد وصلتنا رسالة بواسطة الحاج عباس خادم السيد الشهيد كانت تتضمن بيان عواطف ومشاعر وتألم على ما يجري على السيد الشهيد من محن ومصائب، كتبت بعبارات خليطة من الكلمات الفصحى والعامية، وكان اهم ما فيها ان الموقعين فيها عاهدوا السيد الشهيد على اغتيال قوات الامن المحاصرين لمنزله، وحددوا يوماً وساعة معينين، وضمنوا الرسالة مبلغاً بسيطاً من المال هدية للسيد الشهيد واعتذروا من قلته.

قرأت الرسالة، ثم أطلعت السيد الشهيد عليها، وأخبرته بان بعض هؤلاء غير معروفين بالتدين، ومن المحتمل ان تكون هذه العملية مدبرة من قبل السلطة لمعرفة ما اذا كان لنا اتصال او تعاون مع جهات او اشخاص خارج البيت فقال فلننتظر الموعد الذي حددوه في رسالتهم فمن خلال ذلك يتبين الحال، ترقبنا الاحداث حتى حان الوقت المعين، حيث كنا ننتظر ما يحدث، فاذا بمجموعة من الشباب الملثمين يهجمون على قوات الامن وينهالون عليهم طعناً بالسكاكين بعد ان حاصروهم من طرفي الزقاق، وكان السيد الشهيد ينظر اليهم من خلال فتحة صغيرة في النافذة. وبعد هذه العملية شددت السلطة من اجراءاتها الامنية وزودت رجالها بالرشاشات والقنابل، واجهزة اللاسلكي، ومنعوا الناس لفترة طويلة من المرور خلال الزقاق خوفاً من عملية مشابهة، وقد علق (رضوان الله عليه) على هذا الحادث، فقال: لو قدر للحجز ان يفك عنا، وتعود الامور الى طبيعتها، فسوف اصرف قسماً كبيراً من الحقوق الشرعية على تربية هؤلاء، لأنهم يملكون الشجاعة التي نحتاجها في مسيرتنا الجهادية، هؤلاء افضل عند الله من الذين تخلوا عنا، او الذين اتهمونا ببعض التهم، ونحن نعاني ما نعاني في الحجز". [29]

ويذكر في هذا المجال الاستاذ عادل رؤوف صاحب كتاب (السيد الشهيد مرجعية الميدان) فيقول: (فجاء دور الشهيد الصدر الثاني محمد محمد صادق الذي اختزن كل مرارة التجربة الصدرية الاولى وحاول ان يستفيد من دروسها وأن يواصل ما لم يستطع الصدر الاول مواصلته). [30]

الدكتور عادل رضا
09-09-2004, 07:28 PM
انفتح الشهيد الصدر الثاني على الامة وبأوسع نطاق من خلال نشر وكلائه في مختلف المناطق فضلاً عن المحاكم الشرعية التي أنشأها في اغلب مدن العراق كما ذكرنا ورسالته العملية ومجموعة من الكتيبات التي تناولت مواضيع مختلفة وبعد هذا التركيز قام بتحركه الكبير في اقامة صلاة الجمعة والزم بها الرجال جميعا سواء كانوا مقلدين له او غير مقلدين انطلاقاً من مبدأ الولاية.

وبعد فترة من اقامة صلاة الجمعة من قبل وكلائه في اغلب مدن العراق قام هو باقامتها في الكوفة. وكان الحضور يعد بعشرات الآلاف ان لم يكن بمئات الآلاف في الكثير من المناسبات. لقد تمكن السيد الشهيد خلال فترة خمسة واربعين اسبوعاً من طرح الكثير من المفاهيم وتوعية الامة في الكثير من المجالات حيث اقام خلالها خمساً واربعين صلاة تضمنت تسعين خطبة، منهاج كامل لتوعية الامة خلال فترة لم تتجاوز السنة.

ان اعظم انجاز حققه فضلاً عن نشر الكثير من المفاهيم التربوية هو التفاعل مع الجماهير الذين احسوا بصدق احاسيسه وعمقها في التعامل معهم، كان يتناول الكثير من قضاياهم اليومية ومشاكلهم ومعاناتهم، كان له منهج خاص في التربية بشكل مؤثر وفعال وتدريجي، كان بعض الجهال يظن ان خطبه بسيطة وكلامه ساذج والحقيقة فان هذا جهل واضح بل بالعكس فقد كانت خطبه بمنتهى العمق ولكنها بمنتهى الوضوح وقد تطرق هو الى هذه الحقيقة فقال في احدى خطبه (الامر الذي يطرح بشدة هو عدم تحضير السيد محمد الصدر لخطبتيه بحيث ان خطبته يبدو عليها السطحية وعدم العمق وكأنهم يريدون مني ان اشرح درساً في الفقه في هذه الحفلة - لا حبيبي - سيد محمد الصدر ليس مغفلاً الى هذه الدرجة!!. لكل مقام مقال، والبلاغة تطبيق على مستوى الحال، وعلموا الناس على قدر عقولهم، واقول لهم عيب هذا الكلام). [31]

كان يعرف ان ايامه معدودة فكان يريد ان ينجز أكبر ما يمكن انجازه خلال هذه العجالة الزمنية. الكثير من افكاره وطروحاته قد تبدو مكررة بالنسبة للجيل الذي عاش فترة الوعي خلال مرحلة السبعينات، ولكن كان قد مضى عشرون عاماً على تلك الفترة وذلك الوعي، لقد عاش الناس خلال فترة الثمانينات والتسعينات تحت ظل سياسة فعالة ومدروسة للقضاء على الفكر الاسلامي. لقد اتبع صدام سياسة التجهيل حيث اتلفت الكتب التي كانت متداولة في السبعينات وكان من اكبر التهم لمن يمسك ثم يكتشف ان لديه كتاباً فكرياً لمؤلف معروف كالشهيد الصدر او السيد الخميني او غيرهما. لقد افرغت المكتبات من كافة الكتب القيمة. وارغم الناس طيبهم وشريرهم على الانتماء الى حزب البعث. ومنع العلماء والمفكرون من طرح افكارهم وخطبهم في الجوامع والحسينيات والمجالس العامة والخاصة كما كان الامر في اوائل السبعينات. لقد اصبح الهم الشاغل للناس في الثمانينات هو النجاة بأرواحهم من مطحنة الحرب الدائرة برحاها مع الجمهورية الاسلامية. واصبح الهم في التسعينات هو الحصول على لقمة العيش. بل كان مطلب الناس هو مجرد سد الرمق لاولادهم وعائلاتهم والتخفيف من وطأة الجوع عليهم.

كان عراق الستينات والسبعينات عالماً معيناً واصبح عراق الثمانينات والتسعينات عالماً آخر. لقد جاء تحرك الصدر في وقت احوج ما تكون اليه الامة لينقذها من موت شبه محقق... ثار الناس في انتفاضة التسعينات على الظلم والجور والاضطهاد هؤلاء الثائرون قد نشأوا في ظل حزب البعث وكان جلهم من المنتمين لحزب البعث لذلك كان المحرك للانتفاضة هو العواطف... هي النزعة الطبيعية ضد الظلم والجور والاضطهاد... كان ذلك هو الدافع لكثير من الثوار... لان غالبيتهم يعيش خواءً فكرياً. وحتى من كان معتقداً منهم بالاسلام فهو اسلام سطحي وبسيط بسبب سياسة صدام وحربه للاسلام وتعتيمه على الفكر الاسلامي الواعي لاكثر من عقد من الزمان...

لقد قام الصدر الثاني باحياء الناس مرة اخرى، عرفهم بالاسلام... كشف لهم الحقائق وعرفهم بالكثير من المفاهيم... ربطهم بالحوزة وشدهم اليها... احيا فيهم الامل ووجدوا فيه قائداً بمستوى طموحاتهم وآمالهم... حلق جيلاً رسالياً في سنوات محدودة لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة... جيلاً ضحى الآلاف منهم بالغالي والنفيس دفاعاً عن معتقداتهم... دفاعاً عن اقامة شعيرة صلاة الجمعة.. وبذلوا الانفس رخيصة في مواجهات دموية وعارمة عند استشهاد السيد الصدر ولا زالت هذه المواجهات وهذه التضحيات قائمة منذ يوم استشهاد السيد الشهيد الصدر الثاني وحتى يومنا وان شاء الله حتى تقويض ركائز حكم الطاغوت الجاثم على صدر العراق.

لقد عبر السيد الشهيد عن هذه العلاقة المتميزة بينه وبين الامة وهذا الارتباط الوثيق الذي اوجده بين الامة وبين الحوزة العلمية في النجف الاشرف في مقولته: (وهذه بادرة ناجحة وحسنة كونكم اثبتم بالتجربة ان الحوزة اذا ما قالت لكم اذهبوا تذهبون واذا ما قالت لكم اجلسوا تجلسون واذا قالت لكم تكلموا تتكلمون واذا قالت لكم اسكتوا تسكتون وانتم بعونه تعالى اثبتم على مستوى المسؤولية والطاعة). [32]

لقد توجه السيد الصدر في تحركه لكافة قطاعات المجتمع وكان في كثير من الاحيان يوجه خطبتي الجمعة لشريحة معينة من شرائح المجتمع، ففي احدى هذه الخطب توجه الى العشائر فكان مما قاله: "الآن نوجه كلامنا الى رؤساء العشائر ومشايخها خاصة والى افراد العشائر عامة. لان النظام الذي يمشي عليه هؤلاء هو نظام باطل وغير شرعي وغير مرض لله عز وجل.

ونحن لا نريد لأي مؤمن ان يرتكب خطأ ما، ولذلك نريد من العشائر ان تكون سائرة في الاتجاه الصحيح، وهذا لا يكون مع تطبيق قوانين انظمة غير شرعية وغير موجودة في الدين وبما لا يرضي الله ورسوله (ص).

لكن الذي دعاهم الى تطبيق هكذا انظمة والتي تسمّى بـ (السانية العشائرية) انهم لم يجدوا حلولاً كافية للمشاكل والمعضلات التي تواجههم يومياً سواء بين افراد العشيرة نفسها او بين عشيرتين من قتل وسرقة وزنا ولواط واشباه ذلك والعياذ بالله... وذلك:

اولاً: انهم غير متفقهين ولا فاهمين لاحكام الله سبحانه وتعالى.

ثانياً: لبعدهم عن الحوزة وتناسيهم لها بل ربما ان جملة منهم يسيء الظن بالحوزة لما يرى من بعض أفرادها من اعمال مشينة ولكن (اصابعك مو كلهن سوه).. فيحصل للعشائر اليأس من ان الحوزة قادرة على حل مشاكلهم او تنظر في امورهم ومصالحهم. [33]

ولم يكتف في توجيه كلامه في خطبة الجمعة على سبيل المثل الى العشائر ولكنه تحرك معهم ميدانياً.. وحقق انجازات ضخمة.. لقد اجتمع بزعمائهم واتفق معهم لالغاء السنينة العشائرية القائمة على اسس جاهلية، ثم انشأ صيغة وقعها مع الكثير من زعماء العشائر مبنية على سنينة عشائرية دينية طبقاً لاحكام الحوزة العلمية تتضمن ستة وعشرين بنداً وكان مما جاء فيها:

اذ اننا عبيد الله الموقعون ادناه (....) ورؤساء افخاذها ووجهائها فقد اتفقنا على ما يلي:

1 - العمل بما يرضي الله ورسوله وعدم الحياد في أي تصرف او سلوك يخالف الشريعة المقدسة.

2 - لا يقبل أي فرد في عشيرتنا من الكفار والمشركين (كناية عن القتلة من افراد الامن من البعثيين) والناصبين العداء للمعصومين وممن يثبت ارتداده عن الدين والمذهب حيث تتبرأ العشيرة منه ويمنع التعاون معه من أفرادها بأي شكل من الاشكال.

3 - استفتاء الفقهاء دام ظلهم في أي قضية او امر يشكل العمل فيه والذمة.

4 - يكون قرار الحاكم الشرعي ملزماً وواجب التطبيق ولا يجوز لاي فرد لعشيرتنا التنصل من تنفيذه ومن يتنصل تبرأ العشيرة منه.

..... وعلى هذا المنوال جاءت البنود الاخرى.

...... لقد اصبحت علاقته مع العشائر من القوة والتأثير بحيث كان يتدخل هو شخصياً في تعيين رئيس العشيرة.

ان تحرك الشهيد الصدر على هذا المنوال يعني انه كان سائراً في اتجاه قيادة كافة قطاعات الشعب العراقي وبالتالي تفريغ السلطة من قيادتها للشعب وهذا من الطبيعي ان يجعل صدام يفكر في النهاية اما أن اكون أنا أو ان السيد محمداً الصدر هو الذي سيحكم العراق.

لقد توجه على هذا المنوال في خطبتين اخريين الى الغجر (الكاولية) متناولاً تاريخهم وعلاقتهمبالغجر في باقي انحاء العالم، ثم ذاكراً تصرفاتهم وطرق كسبهم للمال الحرام، واثر ذلك المال على واقعهم في الحياة الدنيا وآثاره في الآخرة، ثم داعياً اياهم ومخاطبهم بأنه يمد يده اليهم لكي يهتدوا بهدى الله واهل البيت (ع)... وانهم ليسوا اقل عقلاً ولا رشداً من سائر البشر. [34]

وعلى نفس هذا المنوال توجه الى سدنة المراكز المقدسة ولكنه ذكر بأنهم لم يستجيبوا له.

ثم انه توجه الى اهل السنة والجماعة وبين في كلمته بأنهم قد تجاوبوا معه تجاوباً واضحاً ومسراً، والظاهر انه كان ينسق معهم ولم يكشف عن تفاصيل ذلك التنسيق ولكنه قال ان العلاقة معهم (انتجت افضل النتائج).

وقد توجه الى طبقة الموظفين والسياسيين فوجد منهم تجاوباً ليس على المستوى المطلوب، ولكنه استدرك وقال انه يعتقد ان تجاوبهم معه لابد ان يكون واسعاً ولكن الضغط الاجتماعي (كناية عن ارهاب السلطة) هو الذي يمنع عن بيانه وابرازه. [35]

كما انه كان يطرح الخطب لمعالجة الكثير من الظواهر الاجتماعية التي كانت تعتبر بالميزان الاسلامي ظواهر سلبية تؤدي الى الانحراف عن شرع الله... ان بعض هذه الظواهر لم يتطرق اليها احد قبله او بالاحرى لم يكونوا يعطونها هذه الاهمية ككرة القدم مثلاً فانه يقول في احدى خطبه:

"ماذا يحصل او نستحصل لو ان الكرة دخلت الهدف.. نعم ان الرياضة اذا كانت مجانية ولا يستنتج منها أي ضرر اخلاقي ولا الهائي عن مزاولة الشعائر فلا بأس بها.

1 - وانما تمسك بها الغرب الكافر.. (ونقول لهم رغماً عن انفكم انتم اعداؤنا ولا نقلدكم).

انهم فارغون من الايعاز الديني والاخلاقي، لذلك فانهم يسدون هذا الفراغ. اما في مجتمعنا الاسلامي فلا يوجد مثل هذا الفراغ ويحاول ان يسده المؤمن بما تيسر له من عبادة الله سبحانه وتعالى.

2 - السبب الثاني انهم يريدون الربح بكل سبب وبذلك تصوروا انهم يصرفون الملايين على تهيئة اللعبة، فكم يجنون من وراء ذلك وذلك متحصل من اجرة الحاضرين والمشجعين الى ربح البلدة من حضور المشجعين فيها.

3 - لا شك ان الحضارة الغربية فيها من المظالم، والنقائص بما لا تحصره خطبتنا هذه ولسنا الآن بصدد تعدادها فاننا لا نحس بها بالمباشرة كوننا لا نعيش هناك". [36]

أما اهم جانب كان يؤكده في خطبه هو توضيح القيم والمفاهيم الاسلامية... حيث تناول قضية المرأة في الاسلام في اربع خطب للجمعة... كما كان يؤكد على التركيز على المظاهر الاسلامية وايتاء المستحبات فضلاً عن ايتاء الواجبات... فقد تناول في عدة خطب قضية زيارة الحسين (ع) بشكل جماعي في المنتصف من شعبان ولكن هذه القضية ارعبت الدولة ارعاباً حقيقياً وخافت بشكل كبير من نتائجها وحاولت ثنيه فلم ينثن، حتى اوصل له صدام خبراً بان الدولة ستتصدى لها بالقوة، وانه سيتحمل كافة النتائج. وهنا لم يشأ ان يعرض الناس للقتل فطلب منهم عدم اتمامها لأنه مأمور بذلك من قبل السلطة ومع هذا فقد قام الكثير بالمسير الى كربلاء في المنتصف من شعبان وحدثت مواجهات بينهم وبين السلطة... ثم لم تلبث ان انكفأت السلطة على نفسها.

لقد كان يخاطب الجماهير متحدياً سلطة الطاغوت بكل جرأة غير آبه بقوة صدام ولا جبروته ولا طغيانه.. وكان هذا أعظم درس قدمه للامة... لقد احيا فيهم روح الحسين (ع) بعد فترة من تصدي القيادات الضعيفة التي تتذرع بشتى الذرائع والحجج الضعيفة لتبرير ضعفها وسكوتها... لقد كان مثلاً حياً.. ومثالاً ناطقاً.. وقدوةً عليا هي اهل لأن يقتدى بها.. وسيظل مناراً ناصعاً في تاريخ العراق المعاصر.. ليس لذاته فحسب.. بل لآلاف الجماهير الذين ساروا على خطاه وبذلوا انفسهم وارواحهم رخيصة من اجل الحفاظ على اسلامهم وعقيدتهم وخط اهل بيت النبوة عليهم افضل الصلاة والسلام.





--------------------------------------------------------------------------------

[1] كرأي الشهيد السيد محمد باقر الصدر حيث يتطرق الى شروط مرجع التقليد فلا يكتفي بكونه الاعلم في الشريعة بل يزيد عليها فيقول (والاعرف والاقدر على تطبيق احكامها في مواردها). الفتاوى الواضحة، أحكام التقليد، ص 105.

[2] كقول الامام علي (ع): (ان أحق الناس بهذا الامر اقدرهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه). نهج البلاغة، حيث قدم هنا القدرة على العلم.

[3] اسئلة خاصة - نص مدون.

[4] دفاع عن المرجعية، بحث احد تلامذة الصدر الثاني، من داخل العراق، نقلاً عن - مرجعية الميدان، عادل رؤوف، ص106.

[5] حوار مسجل مع الشهيد الصدر الثاني.

[6] لقاء صحفي مسجل ومدون مع الشهيد الصدر الثاني.

[7] نقلاً عن أحد المقربين إليه داخل العراق.

[8] خطبة الجمعة رقم (4).

[9] مرجعية الميدان، ص229.

[10] خطبة الجمعة رقم (42).

[11] حديث مسجل ومدون.

[12] خطبة رقم (20).

[13] خطبة رقم (20).

[14] خطبة رقم (20).

[15] استفتاءات مدونة.

[16] استفتاءات مدونة.

[17] استفتاءات مدونة.

[18] استفتاءات مدونة.

[19] صحيفة الموقف - العدد 191 - 4 آذار 1999.

[20] المجموعة الكاملة لمؤلفات السيد محمد باقر الصدر، مجلد 13، ص57.

[21] الشهيد الصدر سنوات المحنة وايام الحصار - الشيخ محمد رضا النعماني، ص167 - 168.

[22] مجلة الهدى - الحوزة العلمية في النجف الاشرف - عدد (6) السنة الاولى 1 جمادى الثانية 1419هـ .

[23] خطبة الجمعة رقم (21).

[24] خطبة الجمعة رقم (19).

[25] خطبة الجمعة رقم (20).

[26] خطبة الجمعة رقم (20).

[27] صحيفة الموقف عدد (191) 4 آذار 1999.

[28] صحيفة الموقف عدد (191) 4 آذار 1999.

[29] الشهيد الصدر - سنوات المحنة وايام الحصار - الشيخ محمد رضا النعماني ص107 - 108.

[30] السيد محمد محمد صادق الصدر - مرجعية الميدان - عادل رؤوف - ص 117.

[31] خطبة الجمعة رقم (7).

[32] خطبة الجمعة رقم (10).

[33] خطبة الجمعة رقم (21).

[34] خطبة الجمعة رقم (45).

[35] خطبة الجمعة رقم (45).

[36] خطبة الجمعة رقم (13).

سيد مرحوم
09-09-2004, 10:24 PM
((( كرأي الشهيد السيد محمد باقر الصدر حيث يتطرق الى شروط مرجع التقليد فلا يكتفي بكونه الاعلم في الشريعة بل يزيد عليها فيقول (والاعرف والاقدر على تطبيق احكامها في مواردها). الفتاوى الواضحة، أحكام التقليد، ص 105. ))))

-------------

وعلى هذا الرأي فالسيد محمود الهاشمي كما علمت (وهو التلميذ البارز للشهيد الصدر ومن نال شهادة اجتهاد مكتوبة منه) يتحفظ على مرجعية من لامعرفة لديه بزمانه..ولك ان تتخيل المرجعيات التي ستبقى في ظل هذا الشرط ونحن نشهد باعيننا اكتظاظ الواقع بهم حتى اصبح الزمن زمن المرجعيات الغائبة عن وعي الواقع (مكانا وزمانا ) وبامتياز!

الدكتور عادل رضا
09-10-2004, 12:58 PM
أن المطلوب حاليا هو أعادة النظر بنظرية المرجعية الدينية , بعد أن تحولت الي مخلب قط في أيدي الغرب.

و أيضا بعد أن تحولت المرجعية الي ملك عضوض و وراثة عائلية .

و ايضا الي تنظيمات عشائرية لسرقة الاخماس من السذج من الناس.

و تسابق المشبوهين الي أعلان المرجعية هو أكبر دليل علي ما نقول.

من هنا أحد المشبوهين الاخلاقيين يعلن مرجعيته ليغرف الاموال, و من هناك أحد السقطة المعممين : الذي أجتمع بأحد نظار الوقف , و قال له:

كما للعجم مرجعية , و كما للحساوية مرجعية , فيجب أن يكون للبحارنة مرجعية !!!!!!!!؟؟؟؟؟

فأريد من الحسينية الفلانية و المسجد الفلاني ان يوصلوا الاخماس الي لاكون مرجع البحارنة؟؟؟؟!!!!!!!!!

و من أوصل لي هذه القصة هو أبن صاحب الوقف , و طلب مني عدم قول القصة لاحد , و هأنا أفي بوعدي و لست أقول القصة لاحد بل أكتبها للناس !!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


ليعرفوا مقدار الفساد القذر للكثير من معممي الدينار و الدولار.

لست أعرف منذ متي كان المنحرفين الاخلاقيون يعلنون مرجعياتهم ليقودوا الامة .

و متي كان المرجعية علي أساس عرقي و عنصري.

و لكنه المال عندما يدخل بدون رقابة , فيكون الفساد.

و الان لم يقتصر الحرب علي التشيع العلوي علي اشاعات و تشويه السمعة بل أمتد ألي التخطيط للقتل و الابادة و الامحاء , و ما حدث في كربلاء الثانية أكبر دليل علي ما نقول.


أن مرجعيات السيستاني و الحكيم و بشير النجفي و الفياض و مرجع كربلاء المدرسي تأمروا علي قتل الابرياء من التيار الصدري هم و مرجعيات قم .

و هذا عار سيسجله التاريخ .

علي الرغم من كم المقالات الاستخباراتية الدعائية المدفوعة الاجر , لتلميع مرجعيات ساقطة و منحرفة و عميلة من هنا و هناك , كالسيستاني و أشباهةه ممن تأمروا علي قتل "لا" محمد و علي .

التي أنطلقت مرة أخري و اريد لها أن تموت .

و للحديث بقية .

و لن ننسي.

و لن ينفع الاعلام الاستحماري المدفوع بتغيير الحقيقة .