سلسبيل
11-27-2009, 12:02 AM
بقاء الحاكم في العراق أكثر من 4 سنوات تكريس للاستبدادية 1/2
GMT 5:00:00 2009 الخميس 26 نوفمبر
صباح الخفاجي - ايلاف
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/الصباح.JPG
موفق الربيعي ومراسلة إيلاف
يؤكد مستشار الأمن القومي سابقًا، وزعيم حزب الوسط، والبرلماني موفق الربيعي أن صدام حسين لم يبدِ ندمًا على ما أقدم عليه خلال فترة حكمه قبل الاقدام على عملية إعدامه، ويروي الربيعي في مقابلة خاصة بـ"إيلاف" المراحل التي سبقت عملية الإعدام حتى النهاية. يؤكد الربيعي أن صدام حسين كان مستبدًا، وكشف عن تفاصيل دقيقة وتحدث عن دوره في إعلان شيعة العراق وعن الاستبداد الذي تشهده كراسي الحكم العربية وخطورة السيطرة على الحكم في أي بلد وفي العراق بشكل خاص.
بغداد: في بيته في المنطقة الخضراء، استقبلنا المستشار موفق الربيعي كما يحلو للجميع مخاطبته، كان الحوار معه متدفقًا ومليئًا بالتفاصيل التي يكشف بعضها للمرة الأولى ربما. الربيعي اجاب ببساطة واندفاع محسوب احيانًا، عن الأسئلة التي سألناها. تحدث عن تفاصيل لقاءاته مع صدام حسين وما جرى قبل إعدامه وبعده، والحوارات التي تمت والهفوات التي ارتكبت. تحدث عن دوره في إعلان شيعة العراق، وعن استبدادية العقلية العراقية، وعن خطورة رغبة الحكام في البقاء على كرسي الحكم، لأنها تكرس السلطة الحزبية دون سلطة الدولة.
الربيعي الذي يعيش في السنوات الأربع الأخيرة على الفواكه والشاي الأخضر بدا نحيفًا ومشددًا على تناول الطعام الصحي، والمعروف بقوة الذاكرة، ومصرًّا على مراقبة لغة الجسد والعينيين، لم ينكر دوره في إعلان شيعة العراق الذي اثار لغطًا كبيرًا، وانفصاله عن حزب الدعوة منذ التسعينات.
خريج كلية الطب بغداد، تخصص طب الأعصاب، وهو عضو بالكلية الملكية البريطانية. شغل منصب مستشارية الأمن القومي التي قال انها أجبرته على جمع ملفات أمنية يشيب لها الرضعان. المستشار موفق الربيعي او واثق العميري او كريم شاهبوري، كلها أسماء لرجل يمتلك من الأسرار ما يتوجب التمعن فيهاـ ان أراد الباحث عن الحقيقة تقييم تجربة العراق السياسية منذ 2003 وما تلاها، وسيليها.
إيلاف تنشر الجزء الاول من الحوار مع موفق الربيعي مستشار الامن القومي سابقًا، وزعيم حزب الوسط، والبرلماني الذي جلس على كرسي عبد العزيز الحكيم في مجلس النواب.
عقلية العراقيين استبدادية
* ما صحة ما يدور حول انفراد رئيس الوزراء نوري المالكي باتخاذ القرارات؟
مشكلة الحكم في العراقي هي الكرسي، وهي مشكلة حقيقية. كل من يجلس عليه يتغير، هذه حقيقة لا توجد عند المالكي فقط لكن مع من سبقوه أيضًا. مثلا بول بريمر كان إنسانًا لطيفًا ووديعًا، الا انه بعد 14 شهرًا من جلوسه على كرسي الحكم في العراق تحول الى شخص آخر، تغير بول بريمر وكان يقول: أنا امتلك سلطة صدام حسين، وسلطة الاحتلال، زائد سلطة ما أقرره.
* المراقبون يقولون ان الأمر انطبق على اياد علاوي وكذالك الأمر بالنسبة إلى السيد الجعفري الذي رفض ترك الحكم، وهو ما يسعى اليه ربما السيد المالكي، هل كرسي الحكم يحول حكام العراق الى حكام دكتاتوريين؟
هذه حالة موجودة في المنطقة العربية بشكل عام، وطبعًا العراق يتفرد بهذه الخاصية أيضًا. من يجلس على الكرسي لا يحتمل فكرة تركه، ويتحول الجالس على الكرسي الى شخص استبدادي شيئًا فشيئًا. ان الخراب ليس في الإنسان، لكن الكرسي يخرب الجميع. الوحيد الذي لم يخربه كرسي الحكم هو الإمام علي الذي حكم 4 سنوات و9 اشهر، لكن عليا كان معصومًا، والبشر كلهم خاطئون.
الأنظمة الغربية بشكل عام تجاوزت محنة الاستبدادية والانفرادية، الأنظمة الديمقراطية تعتمد على الموازنة والتدقيق والكوابح. اذ ان رئيس الوزراء في الأنظمة الديمقراطية - مثلا - محاط بمصدات تردعه، كالقضاء، الإعلام وغيرها. وأوروبا الشرقية خرجت من حكم استبدادي، لكن توالى على حكمها أكثر من 5 رؤساء خلال 6 سنوات تقريبًا.
هل بمقدور أحد ان ينكر ان العراق اعتاد على العقلية الاستبدادية؟ العراقيون يقولون نريد قائدًا قويًّا حازمًا الخ من صفات، ماذا يعني هذا؟ هذا يعني ترسيخ للاستبدادية والاستبداد يؤدي الى الدكتاتورية، بقاء الحاكم في منصبه لأكثر من 4 سنوات في العراق. للحفاظ على جوهر الديمقراطية وترسيخها في عقلية الشعب، يجب ألا يبقى رئيس الوزراء او الحاكم لاكثر من فترة محددة، فالشعوب بحاجة الى تربية ديمقراطية. كما يقول المثل"مكنته من مهجتي فتمكن"، العراقيون اعتادوا على الاستبداد، والأمر بحاجة الى خطوات جدية مدروسة لترسيخ الديمقراطية.
*الغالبية ترى ان حكومة نوري المالكي رسخت مفهوم سلطة الحزب الحاكم، وليس سلطة الدولة. ما رأيك؟
هذا خطا أصابنا في مقتل، شبكة الإعلام العراقي كان يفترض بها ان تكون مثل مؤسسة البي بي سي. فالإعلام في الأنظمة الديمقراطية يجب ان يكون الإعلام إعلاما تابعا للدولة ومؤسساتها ولس للحكومة، وينطبق الأمر على النزاهة وغيرها من الهيئات. لكن بعض الأطراف في الحكومة عملت على ان يكون لها يدًا فوق يد تلك الهيئات. المفترض ان يتم العكس، لان ترسيخ سلطة الحزب الحاكم يؤدي إلى الطائفية الحزبية والمحاصصة، وتفريغ العملية الديمقراطية من محتواها وتحويلها الى دكتاتورية استبدادية.
نعم... قلت لصدام انت ابن زنى
وصف المستشار موفق الربيعي صدام حسين بالرجل العنجهي، أداؤه وسلوكه مسرحي استعراضي، وانه لم يبد ندمًا او تعاطفًا. ولفت الربيعي الى انه التقى صدام حسين للمرة الأولى عندما كان طبيبًا مقيمًا في مستشفى الكرامة في عام 1978، حينها قدم صدام لزيارة قريب له كان يتلقى العلاج في المستشفى. وتجدد لقاؤه بصدام حسين بعد 25 عامًا، عندما القت القوات الاميركية القبض عليه. وسرد المستشار الربيعي بعض التفاصيل لـ"ايلاف" عن اللقاء الذي تم بينه وبين صدام حسين وبول بريمر والجنرال سانشيز، واحمد الجلبي وعادل عبد المهدي،عدنان الباجه جي، وأشار الربيعي الى ان صدام حسين كان عنجهيا ومتكبرا، "وبعد 25 عاما، بعد ان القت القوات الاميركية القبض علىيه،. اتصلوا بنا للذهاب الى رؤيته .كنا نمثل الشعب العراقي، وكان يجب ان يتم تشخيص صدام حسين من قبل الطرف العراقي".
تابع الربيعي "سألونا ان كنا نريد رؤيته من خلف جدار زجاجي او ستارة، الا انني طلبت ان نراه عن قرب، بشكل مباشر، وطلبت ان نتحدث معه كنت مع احمد الجلبي، عدنان الباجه جي، عادل عبد المهدي، بول برمير، والجنرال سانشيز. كنت اول الداخلين وتبعني البقية، دلفنا الى الغرفة حيث يجلس صدام حسين، كان شعره اسود، ولحيته بيضاء، وبدا وكأنه من اولئك الناس الذين لا يشيب شعرهم مهما تقدم بهم العمر".
يصف الربيعي اللقاء ويقول ان "الغرفة كانت صغيرة، وجلس صدام على سرير حديدي من النوع الذي يستخدمه الجنود، فجلسنا قبالته على رخام، كان مكان جلوسنا اعلى ارتفاعًا من السرير الذي جلس عليه صدام حسين، فيما وقف بول بريمر وسانشيز والمترجم وسطهما. قال احمد الجلبي لصدام حسين: دعني أقدم لك الإخوان، اجابه هذا عدنان الباجه جي، علت الدهشة وجه صدام حسين الذي التفت الى الباجه جي قائلاً انت صاحبنا ما الذي جاء بك معهم؟ ثم واصل الجلبي تقديمنا الى صدام حسين، وبعد ان انتهى من تقديمنا، بادرت انا وقلت لصدام حسين وهذا المتحدث هو احمد الجلبي، ساد الغرفة صمت قصير، قطعه الجلبي قائلا: تفضلوا تكلموا". ويتابع الربيعي:
بادرت الى توجيه السؤال الى صدام حسين، سألته لماذا أعدمت محمد باقر الصدر ومحمد محمد الصدر؟ رد صدام محركًا يده باستهزاء واستخفاف وقال: أي صدر، وأي رجل؟
سألته: لماذا قتلت آلافًا من شعبك باستخدامك السلاح الكيمياوي خلال 6 دقائق فقط، هل هناك من يقتل شعبه بهذه الطريقة؟ لو كنت استخدمته ضد عدو او غيره لربما كان أفضل لكن ان تقتل شعبك؟ قال صدام: الفرس المجوس هم الذين استخدموا الكيمياوي.
سألته : ماذا عن المقابر الجماعية - لماذا دفنت نصف شعبك تحت الأرض، والنصف الآخر يعاني من شظف العيش والإذلال؟
قال صدام: هؤلاء خونة.
بادر عادل عبد المهدي وسأله: لماذا أعدمت عبد الخالق السامرائي، عدنان الحمداني، محمد محجوب، محمد عايش؟
رد صدام باستعلاء واستنكار: هؤلاء بعثية ما علاقتكم بهم؟ بدا صوته وكان البعثيون ملكًا صرفًا له يفعل بهم ما يشاء.
فسألته: لماذا غزوت الكويت؟
قال الكويتيون هم الذين بدؤها، حاربونا اقتصاديًا، الكويت عراقية، الجميع يعرف ذلك. ونظر الى عدنان الباجه جي بنظرة واثقة قال له: قضية الكويت نفذناها معًا، أنت تعرف دورك في الأمم المتحدة وسعيك لإعادة الكويت الينا.
وواصل المستشار الربيعي "دخل صدام حسين بالتنظير، وراح يتكلم كعادته الاستعراضية، قال أردنا بناء العراق ووعدنا الفرنسيون ببناء العراق، وجاك شيراك وعدنا بذلك، لكن الصهيونية العالمية وإسرائيل لم تسمح لنا". ويكمل الربيعي واصفا اللقاء:
كان صدام حسين متيقنًا ان هذه المقابلة يتم تصويرها، لهذا استغرق بأسلوبه التنظيري والخطابي، الا ان أحمد الجلبي نهض قائلا:لنذهب، دعونا نغادر.
فسألنا صدام مندهشًا: هل هذا كل شيء "هاي هي بس"، كان يتصور ان يعاد سيناريو إعدام عبد الكريم قاسم، عندما جلبوا كرسيًا واجلسوا عبد الكريم قاسم عليه وتكلموا معه قليلا، ثم أطلقوا النار على رأسه، وأعدموه أمام شاشة وكاميرا التلفزيون.
خرج الجميع ووقفوا خارج الغرفة، لكنني بقيت جالسًا، انظر اليه وهو ينظر الي. عندها أشار الي بول بريمر ان اخرج معهم، فنهضت من مكاني، ووقفت أمام صدام حسين الذي كان جالسًا على سريره، وهو يرتدي دشداشة بيضاء وقمصلة زرقاء. بقيت واقفا بضع دقائق، واعترف ان نفسي راودتني لوهلة ان أجهز عليه، نظرت الى رقبته وكانت نحيفة جدا. ولأني طبيبا فقد عرفت ان الإجهاز على صدام حسين كان سهلاً جدًّا، لأني اعرف الشرايين الأضعف بالرقبة.، ومجرد ضغطي عليها فإن ذلك بمقدوره قتله، خلال ثوان فقط. كنت واقفا، وشريط سجني ولمحات معاناة العراقيين من ظلم وألم وعذاب، طوال فترة حكم صدام حسين تتراكض في ذاكرتي.
عاد بول بريمر ليقول: هيا موفق لنغادر... بقيت واقفا انظر إلى صدام حسين وأفكر بمدى سهولة قتله في تلك اللحظة، لكني عدلت عن ذلك، لأنني ان أقدمت على قتله مثلاً، فلن يكون هناك فرق بيني وبينه، سأتساوى معه، أمر لم أرده في تلك اللحظات. فقلت له: صدام حسين انت ابن زنى لو لم تكن ابن زنى لما فعلت ما فعلته بالعراقيين.
خرجت وانا على قناعة، إني قلت له ما يريد كل العراقيين ان يقولونه لهم، واجزم ان تلك المرة الوحيدة التي يتحدث فيها شخصا مع صدام حسين بتلك الطريقة، لأنَّ أحدًا لم يعذب او يهان او يعتدي عليه إطلاقًا من اللحظة الأولى لاعتقاله، الى لحظة إعدامه. خرجت من الغرفة تلاحقني شتائمه وسبابه وتوعده ووعيده.
* هل أحسست في لحظة ما ان صدام حسين إنسان او انه نادم على ما فعله بشعبه؟
لا لم أرَ او المس سوى الصلافة، والعنجهية صدام حسين لم يقل أبدًا انه اخطأ. لم يقل انه نادم على قتله شعبه، هو صلف جدًا. وفوق ذلك، كان يتصرف بحركات مسرحية استعراضية، لأنه كان يتصور ان كل شيء يتم تصويره. أراد ان يعطي انطباعًا انه قويًا ومسيطرًا، واستمر أداؤه المسرحي ليس فقط في المحاكمة، بل حتى في إعدامه. نحن اتبعنا معه الأسلوب الإنساني في التعامل، فاستغل ذلك في جلسات المحاكمة، وفي كل مقابلة لم المس ان فيه حنانًا او عاطفة، حتى تجاه أولاده او بناته، ليست لديه عاطفة او رأفة على العراقيين. بدا صدام حسين مسخًا، وليس اقل من ذلك.
*وفي ساعة إعدامه الم يبدِ ندمًا او توبة او اعتذارًا على ما فعله؟
كلا إطلاقًا، لم يقل لنفسه انه سيواجه الله عزّ وجلّ في لحظاته الأخيرة، لم يتعامل كانسان، لم يقل مثلاً يا ربي اغفر لي، او اني اشتاق الى رؤيتك، واني مقدم على رب رؤوف رحيم.هذا لم يحدث ولم المسه لان صدام غير مؤمن بالله ـ هو مؤمن بالدنيا والسلطة لا أكثر، كان دنيويًا.
تفاصيل إعدام صدام حسين
* هل صحيح ان نوري المالكي كان متردّدًا بشأن الإعدام، وان الوزير خضير الخزاعي هو من دفعه للمضي بالامر؟
اجتمعنا في غرفة رئيس الوزراء ابو إسراء، وكنا ثلاثة انا ونوري المالكي ، و مدير مكتبه طارق نجم. قلت له نحن مصممون على المضي بإعدام صدام حسين وتنفيذ الإعدام قبل العيد، وسألته: هل تعدنا ان لا تتراجع في منتصف الطريق، هذا أمر لا عودة عنه. اذ اننا كنا نتعرض لكل أنواع الضغوط النفسية، والتدخلات العربية - الأميركية - الإقليمية، الجميع كان يضغط بهذا الاتجاه او الاتجاه المعاكس.
سالت ابو اسراء مجددًا، وألححت عليه: قلت له الأمر لن يكون سهلاً، لكننا ان مضينا فيجب ان نمضي حتى النهاية، لا مجال للتراجع في منتصف الطريق، هل تعد بالدعم وثبات الموقف؟ .قال نوري المالكي: سأفعل..
وهكذا انطلقنا للعمل. كان الاميركيون يضغطون باتجاه تأجيل تنفيذ حكم الإعدام، وكان رامزي كلارك، وزير العدل الاميركي السابق، قد حصل على امر من محكمة أميركية تقضي بتأجيل تنفيذ الحكم. لكننا واجهناهم قلنا لهم حسنا ان أمر المحكمة الأميركية ملزم لكم –انتم تملكون حق حيازة او الحفاظ على صدام جسديا، لكن من الناحية الشرعية والقانونية فنحن الحكومة الشرعية المنتخبة، وعليه فإن امر المحكمة الأميركية لا ينطبق علينا ولا يلزمنا.
وافق الاميركييون لكنهم وضعوا شروطًا كثيرة قبل تسليم صدام حسين، منها الحصول على امر من المجلس الرئاسي، والحصول على تصديق للحكم من وزير العدل العراقي، والقضاء، الا ان المجلس الرئاسي لأسباب مختلفة لم يجتمع على كلمة واحدة. ذهبت الى مدحت المحمود بقصد اقناعه بإيجاد صيغة قانونية الا انه قال انه لا يمكنه القيام بأي شيء لان وظيفته فقهية. نهضت للمغادرة فأوقفني قائلاً: تستطيع تنفيذ الاعدام اذا كتبت في نص القرار ان الموافقة تمت من أعضاء من المجلس الرئاسي.
حل هذا الاقتراح جزءًا من المشكلة - كان عادل عبد المهدي قد كتب مطالعة بصفحة واحدة بين فيها أسباب وجوب تنفيذ حكم الإعدام بصدام حسين، أرسلتها عبر البريد الالكتروني الى الرئيس جلال الطالباني، لانه كان في السليمانية بسبب العطلة والأعياد. لكن الطالباني قال انه لا يستطيع التوقيع، لأنَّ ايًّا من اعضاء المجلس الرئاسي لم يخوله، اتصلت بعادل عبد المهدي كان في عرفة يؤدي مراسم الحج وطلبت منه الاتصال بجلال الطالباني وتخويله بالتوقيع بالنيابة.
وهذا ما تم الا أنه كانت أمامنا مشكلة إضافية تتمركز حول الحصول على موافقة وتوقيع وزير العدل هاشم الشبلي. ذهبنا الى بيت الوزير الا انه كان مسافرًا، كان الوقت يضيق علينا، فاقترحت على المالكي حل مشكلة غياب وزير العدل هاشم الشبلي. فانتدب وزير العدل وكالة خضير الخزاعي الذي قام بتوقيع المصادقة على أمر تنفيذ الإعدام. وبقيت أمامنا مشكلة أخرى وهي وجوب وجود قاضي لا تقل خبرته وخدمته عن 5 سنوات، لم يكن يوجد في المنطقة الخضراء قاض بهذه المواصفات، فلم يكن أمامنا الا منقذ الفرعون المدعي العام. اتصلنا به في الثانية صباحًا قلنا له هل تستطيع الحضور في الساعة الرابعة صباحًا الى سجن النساء في الكاظمية، فوافق، وأطلعناه على الأمر ووعد بالحضور.
ويواصل المستشار... بعد حصولنا على الموافقة الرئاسية واستكمالنا الإجراءات القانونية، اتصلنا بالاميركيين الذين تاكدوا من ان كل شيء قانوني واصولي، واتفقنا معهم على ان يسلموننا صدام حسين في الساعة الرابعة في المكان المحدد. في الساعة الثالثة والنصف طرنا بمروحية صغيرة الى الكاظمية حيث سجن النساء.
*من كان معك في المروحية؟
انا وطارق نجم مدير مكتب رئيس الوزراء ونسيبي المالكي وابنه. وعند وصولنا كان المؤذن قد أذن لصلاة الفجر، صلينا في غرفة الإعدام فرادا.و كان القاضي منقذ الفرعون بانتظارنا، ولم يكن أمامنا وقت للتراجع لان وسائل الإعلام العربية وحتى العالمية اضافة للمحلية قد ابتدأت بالوصول بتغطية الحدث. وعند الساعة الرابعة وصل صدام حسين وكان مقيّدًا بمادة بلاستيكية، استلمته منهم، حللت وثاقه وأخذته من مرفقه. ولأني لم اكن على دراية بالإعدام او تفاصيل الإعدام، فقد أدخلت صدام الى غرفة الإعدام مباشرة. هنا ارتبك صدام وذهل عندما رأى حبل المشنقة، وسمعت صوتًا يناديني من الخلف "ابو علي يجب ان تعرضه على الغرفة المجاورة حيث القاضي"، فأخذته الى القاضي الذي قرأ عليه الحكم، ووقعه وسأله ان كان يريد ان يقول شيئًا لكن صدام امتنع، ولم يبدِ ندمًا او أي اعتذار لأبرياء العراقيين الذين أزهق أرواحهم من دون وجود المبرر، فأخذته مجدّدًا الى غرفة الإعدام.
وهنا ارتكبنا هفوة اخرى، اذ ربطنا رجلي صدام وكان عليه ان يصعد بضعة درجات حيث حبل المشنقة، فاضطررنا لسحبه الى الأعلى.
*كان يفترض ان تربط رجليه عند صعوده الى حبل المشنقة وليس قبل ذلك؟
نعم كان يفترض ان يتم ربط رجلي صدام عند صعوده الى حبل المشنقة ومنصة الاعدام وليس قبل ان يصعد السلم، كان يحمل قرآنًا صغيرًا ممزقًا من احد جوانبه، التفت الي وقال: هل تعطي هذا المصحف لابنتي، قلت له لا استطيع ان أعدك، لأني لا اضمن الوصول اليها او حتى رؤيتها.
قلت له: أعطه لغيري، وكان القاضي منقذ الفرعون واقفًا خلفه، فالتفت اليه فقال القاضي لصدام: انا أيضا لا اضمن إيصاله إليها. عندها قال صدام :اذا لم تستطع فأعطه للمحامي خليل الدليمي. سحبنا صدام الى منصة الإعدام البسوه الكيس - حسب المتعارف عليه - لكنه طلب ان ينزعه فنزعوه عنه. كان يرتدي بنطالاً أزرقًا ومعطفًا وفيصيلية وملفعًا، ربطوا حبل المشنقة حول رقبته فوق الملفع، عندها تلى الشهادة للمرة الأولى، ثم تلاها للمرة الثانية. ولم يكملها حيث سقط في الحفرة. كنت واقفا بجانب الحفرة عندما هوى صدام حسين. انتبهت ان رقبة صدام النحيفة قد التوت، خشيت ان يطفر الدم على ملابسي، فصرخت بأفراد الشرطة: ارفعوا الحبل كي لا تنفصم رقبته.
قال منفذو الانعدام: يجب ان نبقيه أربع دقائق على الأقل، لا يفترض ان نحركه.
بعد الإعدام توجه من جاؤوا معي الى المروحية للعودة للمنطقة الخضراء، ناديتهم ان يرجعوا، لأنه لا يجوز ترك الجثة، يجب ان نأخذها معنا. كانت المروحية صغيرة وبالكاد تكفينا، ولم نفكر كيف أننا سنعود والجثة معنا، عاد بعضهم وحمل معي الجثة المسجاة على الحمالة، وضعناها في المروحية التي لم تسعنا، جلست قرب باب المروحية الذي كان مفتوحًا، ومن بعيد رأيت منائر الإمام موسى الكاظم عليه السلام.
*هل عدتم بالجثة الى المنطقة الخضراء؟
نعم أقلتنا المروحية عائدة من سجن النساء بالكاظمية الى المنطقة الخضراء، وصلنا فتفرق من كان معي. تركوا الجثة بالمروحية، صرخت بهم ان يعودوا لانزال الجثة معي ، عاد اثنان منهم وساعدوني في انزال الجثة. نقلناها الى مكان صغير يقع الى جانب منزل رئيس الوزراء، بعد قليل جاء ابو اسراء، وكان يرتدي الدشداشة، قال باللهجة العراقية العامية: ها كملتوا؟ اقترب من الجثة وكشف عن وجه صدام.
*هل تم تغسيل الجثة؟ هل صليتم عليها؟
اقترحت ان نقوم بتغسيل الجثة، لكن من كان موجودًا معي قالوا، لا يجوز الصلاة على صدام حسين لانه كافر، قلت لهم هو لم يكن مؤمنا لكنني سمعته يؤدي الشهادة مرتين، قالوا ان شئت ان تغسله او تصلي عليه انت فأفعل، نحن لن نفعل. قلت: الا نستطيع جلب أحد ما يصلي عليه، وترك الأمر عند هذا الحد.
*هل صحيح ان النية كانت ان يدفن صدام حسين مع ميشيل عفلق في المنطقة الخضراء؟
اقترحت هذا الأمر لكن تنفيذه كان صعبًا، لان قبر ميشيل عفلق كان مبنيًا من الرخام ويحتاج الى تهديم وحفر، وبدا الأمر طويلاً ومنهكًا.
*كيف توصلتم الى تسليم الجثة الى اهل صدام حسين؟
اقترح بعضهم ان يدفن صدام حسين في مكان معزول في المنطقة الخضراء، غيرهم اقترح أشياء أخرى. اقتراحي كان ان نرجع الى الشرع والدين. وشرعيا تسلم جثة القتيل الى ذويه وأهله، لكننا لم نجد أحدا من اهل صدام حسين او أقاربه، اتصلنا بمحافظ الانبار وقتها، وجاء مع شخص اخر، في ساعة مبكرة من الصباح، واخذ الجثة.
*هل ندمت على تسليم الجثة الى اهل صدام حسين؟
كلا إطلاقًا لان هذا ما كان يجب ان يحصل شرعًا وقد حصل.
*هناك أخطاء ارتكبت أثناء إعدام صدام حسين وبدا كأنه انتقامًا شيعيًا!
هذا صحيح، هناك أخطاء ارتكبت، واذكر ان السيد المرحوم عبد العزيز الحكيم اتصل مباركًا تنفيذ حكم المحكمة بصدام، لكنه قال حصلت بعض الأخطاء. فقلت له: نحن اعتدنا على ان يتم إعدامنا والتنكيل بنا وعائلاتنا وشعبنا، هذه المرة الأولى التي نعدم فيها أحدًا.
* توقيت الإعدام اثار موجة من الاحتجاج، الغالبية استنكرت ان يتم الإعدام في اول أيام عيد الاضحى؟
بالنسبة لنا لم يكن يوم إعدام صدام حسين هو اول ايام عيد الاضحى، كان يوم عرفة، حسب المذهب الشيعي. ثم اننا لم نسعَ الى ذلك، لكن الظروف التي ذكرتها سابقا، أدت الى تأخير في الوقت. بذلنا جهودًا هائلة تلك الليلة لكي يتم الإعدام في ساعة مبكرة من الليل، لم ننجح، لكنني اؤكد ان إعدام صدام حصل بين الشروق والفجر، ليس أكثر من ذلك.
*بخصوص الضغوط التي مورست عليكم لمنع الإعدام حتى آخر لحظة، كيف تعاملتم معها؟
كانت الفضائيات المحلية والعربية قد نشرت الخبر، رنين الموبايل لم يتوقف للحظة، احد الزعماء العرب اتصل بي وقال لا يجوز إعدام صدام حسين لان هذا يعطي رسالة خاطئة للشعوب العربية ويحرضها على معصية ومخالفة الولاة، وولاة الامر.
*ماذا كان ردّكم؟
محاكمة صدام حسين كانت علنية، والجميع شاهد ان هذا الرجل لم يبدِ ندمًا او اعتذارًا عمّا فعله بشعبه، او حتى أهله. إعدامه كان استجابة لمطلب جماهيري شعبي عراقي سنيًا وشيعيًا وكرديًا أيضًا.
*لكن الأمر لم يفهم بهذه الطريقة؟
كان هذا واحدًا من الأخطاء، لم نهيِّئ الشارع لقضية الإعدام، الشارع السني كان مستاءً من صدام قدر استياء الشارع الشيعي، صدام نكل اول ما نكل بأعضاء من حزب البعث وقادة وشيوخ عشائر وأطباء سنة.، قبل ان يضرب الأكراد بالأسلحة الكيمياوية، وقبل ان يدفن الشيعة في المقابر الجماعية-، وقبل ان يغزو الكويت ويحارب إيران، خطؤنا كان إعلاميًا.
http://www.elaph.com/Web/AkhbarKhasa/2009/11/506818.htm
GMT 5:00:00 2009 الخميس 26 نوفمبر
صباح الخفاجي - ايلاف
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/الصباح.JPG
موفق الربيعي ومراسلة إيلاف
يؤكد مستشار الأمن القومي سابقًا، وزعيم حزب الوسط، والبرلماني موفق الربيعي أن صدام حسين لم يبدِ ندمًا على ما أقدم عليه خلال فترة حكمه قبل الاقدام على عملية إعدامه، ويروي الربيعي في مقابلة خاصة بـ"إيلاف" المراحل التي سبقت عملية الإعدام حتى النهاية. يؤكد الربيعي أن صدام حسين كان مستبدًا، وكشف عن تفاصيل دقيقة وتحدث عن دوره في إعلان شيعة العراق وعن الاستبداد الذي تشهده كراسي الحكم العربية وخطورة السيطرة على الحكم في أي بلد وفي العراق بشكل خاص.
بغداد: في بيته في المنطقة الخضراء، استقبلنا المستشار موفق الربيعي كما يحلو للجميع مخاطبته، كان الحوار معه متدفقًا ومليئًا بالتفاصيل التي يكشف بعضها للمرة الأولى ربما. الربيعي اجاب ببساطة واندفاع محسوب احيانًا، عن الأسئلة التي سألناها. تحدث عن تفاصيل لقاءاته مع صدام حسين وما جرى قبل إعدامه وبعده، والحوارات التي تمت والهفوات التي ارتكبت. تحدث عن دوره في إعلان شيعة العراق، وعن استبدادية العقلية العراقية، وعن خطورة رغبة الحكام في البقاء على كرسي الحكم، لأنها تكرس السلطة الحزبية دون سلطة الدولة.
الربيعي الذي يعيش في السنوات الأربع الأخيرة على الفواكه والشاي الأخضر بدا نحيفًا ومشددًا على تناول الطعام الصحي، والمعروف بقوة الذاكرة، ومصرًّا على مراقبة لغة الجسد والعينيين، لم ينكر دوره في إعلان شيعة العراق الذي اثار لغطًا كبيرًا، وانفصاله عن حزب الدعوة منذ التسعينات.
خريج كلية الطب بغداد، تخصص طب الأعصاب، وهو عضو بالكلية الملكية البريطانية. شغل منصب مستشارية الأمن القومي التي قال انها أجبرته على جمع ملفات أمنية يشيب لها الرضعان. المستشار موفق الربيعي او واثق العميري او كريم شاهبوري، كلها أسماء لرجل يمتلك من الأسرار ما يتوجب التمعن فيهاـ ان أراد الباحث عن الحقيقة تقييم تجربة العراق السياسية منذ 2003 وما تلاها، وسيليها.
إيلاف تنشر الجزء الاول من الحوار مع موفق الربيعي مستشار الامن القومي سابقًا، وزعيم حزب الوسط، والبرلماني الذي جلس على كرسي عبد العزيز الحكيم في مجلس النواب.
عقلية العراقيين استبدادية
* ما صحة ما يدور حول انفراد رئيس الوزراء نوري المالكي باتخاذ القرارات؟
مشكلة الحكم في العراقي هي الكرسي، وهي مشكلة حقيقية. كل من يجلس عليه يتغير، هذه حقيقة لا توجد عند المالكي فقط لكن مع من سبقوه أيضًا. مثلا بول بريمر كان إنسانًا لطيفًا ووديعًا، الا انه بعد 14 شهرًا من جلوسه على كرسي الحكم في العراق تحول الى شخص آخر، تغير بول بريمر وكان يقول: أنا امتلك سلطة صدام حسين، وسلطة الاحتلال، زائد سلطة ما أقرره.
* المراقبون يقولون ان الأمر انطبق على اياد علاوي وكذالك الأمر بالنسبة إلى السيد الجعفري الذي رفض ترك الحكم، وهو ما يسعى اليه ربما السيد المالكي، هل كرسي الحكم يحول حكام العراق الى حكام دكتاتوريين؟
هذه حالة موجودة في المنطقة العربية بشكل عام، وطبعًا العراق يتفرد بهذه الخاصية أيضًا. من يجلس على الكرسي لا يحتمل فكرة تركه، ويتحول الجالس على الكرسي الى شخص استبدادي شيئًا فشيئًا. ان الخراب ليس في الإنسان، لكن الكرسي يخرب الجميع. الوحيد الذي لم يخربه كرسي الحكم هو الإمام علي الذي حكم 4 سنوات و9 اشهر، لكن عليا كان معصومًا، والبشر كلهم خاطئون.
الأنظمة الغربية بشكل عام تجاوزت محنة الاستبدادية والانفرادية، الأنظمة الديمقراطية تعتمد على الموازنة والتدقيق والكوابح. اذ ان رئيس الوزراء في الأنظمة الديمقراطية - مثلا - محاط بمصدات تردعه، كالقضاء، الإعلام وغيرها. وأوروبا الشرقية خرجت من حكم استبدادي، لكن توالى على حكمها أكثر من 5 رؤساء خلال 6 سنوات تقريبًا.
هل بمقدور أحد ان ينكر ان العراق اعتاد على العقلية الاستبدادية؟ العراقيون يقولون نريد قائدًا قويًّا حازمًا الخ من صفات، ماذا يعني هذا؟ هذا يعني ترسيخ للاستبدادية والاستبداد يؤدي الى الدكتاتورية، بقاء الحاكم في منصبه لأكثر من 4 سنوات في العراق. للحفاظ على جوهر الديمقراطية وترسيخها في عقلية الشعب، يجب ألا يبقى رئيس الوزراء او الحاكم لاكثر من فترة محددة، فالشعوب بحاجة الى تربية ديمقراطية. كما يقول المثل"مكنته من مهجتي فتمكن"، العراقيون اعتادوا على الاستبداد، والأمر بحاجة الى خطوات جدية مدروسة لترسيخ الديمقراطية.
*الغالبية ترى ان حكومة نوري المالكي رسخت مفهوم سلطة الحزب الحاكم، وليس سلطة الدولة. ما رأيك؟
هذا خطا أصابنا في مقتل، شبكة الإعلام العراقي كان يفترض بها ان تكون مثل مؤسسة البي بي سي. فالإعلام في الأنظمة الديمقراطية يجب ان يكون الإعلام إعلاما تابعا للدولة ومؤسساتها ولس للحكومة، وينطبق الأمر على النزاهة وغيرها من الهيئات. لكن بعض الأطراف في الحكومة عملت على ان يكون لها يدًا فوق يد تلك الهيئات. المفترض ان يتم العكس، لان ترسيخ سلطة الحزب الحاكم يؤدي إلى الطائفية الحزبية والمحاصصة، وتفريغ العملية الديمقراطية من محتواها وتحويلها الى دكتاتورية استبدادية.
نعم... قلت لصدام انت ابن زنى
وصف المستشار موفق الربيعي صدام حسين بالرجل العنجهي، أداؤه وسلوكه مسرحي استعراضي، وانه لم يبد ندمًا او تعاطفًا. ولفت الربيعي الى انه التقى صدام حسين للمرة الأولى عندما كان طبيبًا مقيمًا في مستشفى الكرامة في عام 1978، حينها قدم صدام لزيارة قريب له كان يتلقى العلاج في المستشفى. وتجدد لقاؤه بصدام حسين بعد 25 عامًا، عندما القت القوات الاميركية القبض عليه. وسرد المستشار الربيعي بعض التفاصيل لـ"ايلاف" عن اللقاء الذي تم بينه وبين صدام حسين وبول بريمر والجنرال سانشيز، واحمد الجلبي وعادل عبد المهدي،عدنان الباجه جي، وأشار الربيعي الى ان صدام حسين كان عنجهيا ومتكبرا، "وبعد 25 عاما، بعد ان القت القوات الاميركية القبض علىيه،. اتصلوا بنا للذهاب الى رؤيته .كنا نمثل الشعب العراقي، وكان يجب ان يتم تشخيص صدام حسين من قبل الطرف العراقي".
تابع الربيعي "سألونا ان كنا نريد رؤيته من خلف جدار زجاجي او ستارة، الا انني طلبت ان نراه عن قرب، بشكل مباشر، وطلبت ان نتحدث معه كنت مع احمد الجلبي، عدنان الباجه جي، عادل عبد المهدي، بول برمير، والجنرال سانشيز. كنت اول الداخلين وتبعني البقية، دلفنا الى الغرفة حيث يجلس صدام حسين، كان شعره اسود، ولحيته بيضاء، وبدا وكأنه من اولئك الناس الذين لا يشيب شعرهم مهما تقدم بهم العمر".
يصف الربيعي اللقاء ويقول ان "الغرفة كانت صغيرة، وجلس صدام على سرير حديدي من النوع الذي يستخدمه الجنود، فجلسنا قبالته على رخام، كان مكان جلوسنا اعلى ارتفاعًا من السرير الذي جلس عليه صدام حسين، فيما وقف بول بريمر وسانشيز والمترجم وسطهما. قال احمد الجلبي لصدام حسين: دعني أقدم لك الإخوان، اجابه هذا عدنان الباجه جي، علت الدهشة وجه صدام حسين الذي التفت الى الباجه جي قائلاً انت صاحبنا ما الذي جاء بك معهم؟ ثم واصل الجلبي تقديمنا الى صدام حسين، وبعد ان انتهى من تقديمنا، بادرت انا وقلت لصدام حسين وهذا المتحدث هو احمد الجلبي، ساد الغرفة صمت قصير، قطعه الجلبي قائلا: تفضلوا تكلموا". ويتابع الربيعي:
بادرت الى توجيه السؤال الى صدام حسين، سألته لماذا أعدمت محمد باقر الصدر ومحمد محمد الصدر؟ رد صدام محركًا يده باستهزاء واستخفاف وقال: أي صدر، وأي رجل؟
سألته: لماذا قتلت آلافًا من شعبك باستخدامك السلاح الكيمياوي خلال 6 دقائق فقط، هل هناك من يقتل شعبه بهذه الطريقة؟ لو كنت استخدمته ضد عدو او غيره لربما كان أفضل لكن ان تقتل شعبك؟ قال صدام: الفرس المجوس هم الذين استخدموا الكيمياوي.
سألته : ماذا عن المقابر الجماعية - لماذا دفنت نصف شعبك تحت الأرض، والنصف الآخر يعاني من شظف العيش والإذلال؟
قال صدام: هؤلاء خونة.
بادر عادل عبد المهدي وسأله: لماذا أعدمت عبد الخالق السامرائي، عدنان الحمداني، محمد محجوب، محمد عايش؟
رد صدام باستعلاء واستنكار: هؤلاء بعثية ما علاقتكم بهم؟ بدا صوته وكان البعثيون ملكًا صرفًا له يفعل بهم ما يشاء.
فسألته: لماذا غزوت الكويت؟
قال الكويتيون هم الذين بدؤها، حاربونا اقتصاديًا، الكويت عراقية، الجميع يعرف ذلك. ونظر الى عدنان الباجه جي بنظرة واثقة قال له: قضية الكويت نفذناها معًا، أنت تعرف دورك في الأمم المتحدة وسعيك لإعادة الكويت الينا.
وواصل المستشار الربيعي "دخل صدام حسين بالتنظير، وراح يتكلم كعادته الاستعراضية، قال أردنا بناء العراق ووعدنا الفرنسيون ببناء العراق، وجاك شيراك وعدنا بذلك، لكن الصهيونية العالمية وإسرائيل لم تسمح لنا". ويكمل الربيعي واصفا اللقاء:
كان صدام حسين متيقنًا ان هذه المقابلة يتم تصويرها، لهذا استغرق بأسلوبه التنظيري والخطابي، الا ان أحمد الجلبي نهض قائلا:لنذهب، دعونا نغادر.
فسألنا صدام مندهشًا: هل هذا كل شيء "هاي هي بس"، كان يتصور ان يعاد سيناريو إعدام عبد الكريم قاسم، عندما جلبوا كرسيًا واجلسوا عبد الكريم قاسم عليه وتكلموا معه قليلا، ثم أطلقوا النار على رأسه، وأعدموه أمام شاشة وكاميرا التلفزيون.
خرج الجميع ووقفوا خارج الغرفة، لكنني بقيت جالسًا، انظر اليه وهو ينظر الي. عندها أشار الي بول بريمر ان اخرج معهم، فنهضت من مكاني، ووقفت أمام صدام حسين الذي كان جالسًا على سريره، وهو يرتدي دشداشة بيضاء وقمصلة زرقاء. بقيت واقفا بضع دقائق، واعترف ان نفسي راودتني لوهلة ان أجهز عليه، نظرت الى رقبته وكانت نحيفة جدا. ولأني طبيبا فقد عرفت ان الإجهاز على صدام حسين كان سهلاً جدًّا، لأني اعرف الشرايين الأضعف بالرقبة.، ومجرد ضغطي عليها فإن ذلك بمقدوره قتله، خلال ثوان فقط. كنت واقفا، وشريط سجني ولمحات معاناة العراقيين من ظلم وألم وعذاب، طوال فترة حكم صدام حسين تتراكض في ذاكرتي.
عاد بول بريمر ليقول: هيا موفق لنغادر... بقيت واقفا انظر إلى صدام حسين وأفكر بمدى سهولة قتله في تلك اللحظة، لكني عدلت عن ذلك، لأنني ان أقدمت على قتله مثلاً، فلن يكون هناك فرق بيني وبينه، سأتساوى معه، أمر لم أرده في تلك اللحظات. فقلت له: صدام حسين انت ابن زنى لو لم تكن ابن زنى لما فعلت ما فعلته بالعراقيين.
خرجت وانا على قناعة، إني قلت له ما يريد كل العراقيين ان يقولونه لهم، واجزم ان تلك المرة الوحيدة التي يتحدث فيها شخصا مع صدام حسين بتلك الطريقة، لأنَّ أحدًا لم يعذب او يهان او يعتدي عليه إطلاقًا من اللحظة الأولى لاعتقاله، الى لحظة إعدامه. خرجت من الغرفة تلاحقني شتائمه وسبابه وتوعده ووعيده.
* هل أحسست في لحظة ما ان صدام حسين إنسان او انه نادم على ما فعله بشعبه؟
لا لم أرَ او المس سوى الصلافة، والعنجهية صدام حسين لم يقل أبدًا انه اخطأ. لم يقل انه نادم على قتله شعبه، هو صلف جدًا. وفوق ذلك، كان يتصرف بحركات مسرحية استعراضية، لأنه كان يتصور ان كل شيء يتم تصويره. أراد ان يعطي انطباعًا انه قويًا ومسيطرًا، واستمر أداؤه المسرحي ليس فقط في المحاكمة، بل حتى في إعدامه. نحن اتبعنا معه الأسلوب الإنساني في التعامل، فاستغل ذلك في جلسات المحاكمة، وفي كل مقابلة لم المس ان فيه حنانًا او عاطفة، حتى تجاه أولاده او بناته، ليست لديه عاطفة او رأفة على العراقيين. بدا صدام حسين مسخًا، وليس اقل من ذلك.
*وفي ساعة إعدامه الم يبدِ ندمًا او توبة او اعتذارًا على ما فعله؟
كلا إطلاقًا، لم يقل لنفسه انه سيواجه الله عزّ وجلّ في لحظاته الأخيرة، لم يتعامل كانسان، لم يقل مثلاً يا ربي اغفر لي، او اني اشتاق الى رؤيتك، واني مقدم على رب رؤوف رحيم.هذا لم يحدث ولم المسه لان صدام غير مؤمن بالله ـ هو مؤمن بالدنيا والسلطة لا أكثر، كان دنيويًا.
تفاصيل إعدام صدام حسين
* هل صحيح ان نوري المالكي كان متردّدًا بشأن الإعدام، وان الوزير خضير الخزاعي هو من دفعه للمضي بالامر؟
اجتمعنا في غرفة رئيس الوزراء ابو إسراء، وكنا ثلاثة انا ونوري المالكي ، و مدير مكتبه طارق نجم. قلت له نحن مصممون على المضي بإعدام صدام حسين وتنفيذ الإعدام قبل العيد، وسألته: هل تعدنا ان لا تتراجع في منتصف الطريق، هذا أمر لا عودة عنه. اذ اننا كنا نتعرض لكل أنواع الضغوط النفسية، والتدخلات العربية - الأميركية - الإقليمية، الجميع كان يضغط بهذا الاتجاه او الاتجاه المعاكس.
سالت ابو اسراء مجددًا، وألححت عليه: قلت له الأمر لن يكون سهلاً، لكننا ان مضينا فيجب ان نمضي حتى النهاية، لا مجال للتراجع في منتصف الطريق، هل تعد بالدعم وثبات الموقف؟ .قال نوري المالكي: سأفعل..
وهكذا انطلقنا للعمل. كان الاميركيون يضغطون باتجاه تأجيل تنفيذ حكم الإعدام، وكان رامزي كلارك، وزير العدل الاميركي السابق، قد حصل على امر من محكمة أميركية تقضي بتأجيل تنفيذ الحكم. لكننا واجهناهم قلنا لهم حسنا ان أمر المحكمة الأميركية ملزم لكم –انتم تملكون حق حيازة او الحفاظ على صدام جسديا، لكن من الناحية الشرعية والقانونية فنحن الحكومة الشرعية المنتخبة، وعليه فإن امر المحكمة الأميركية لا ينطبق علينا ولا يلزمنا.
وافق الاميركييون لكنهم وضعوا شروطًا كثيرة قبل تسليم صدام حسين، منها الحصول على امر من المجلس الرئاسي، والحصول على تصديق للحكم من وزير العدل العراقي، والقضاء، الا ان المجلس الرئاسي لأسباب مختلفة لم يجتمع على كلمة واحدة. ذهبت الى مدحت المحمود بقصد اقناعه بإيجاد صيغة قانونية الا انه قال انه لا يمكنه القيام بأي شيء لان وظيفته فقهية. نهضت للمغادرة فأوقفني قائلاً: تستطيع تنفيذ الاعدام اذا كتبت في نص القرار ان الموافقة تمت من أعضاء من المجلس الرئاسي.
حل هذا الاقتراح جزءًا من المشكلة - كان عادل عبد المهدي قد كتب مطالعة بصفحة واحدة بين فيها أسباب وجوب تنفيذ حكم الإعدام بصدام حسين، أرسلتها عبر البريد الالكتروني الى الرئيس جلال الطالباني، لانه كان في السليمانية بسبب العطلة والأعياد. لكن الطالباني قال انه لا يستطيع التوقيع، لأنَّ ايًّا من اعضاء المجلس الرئاسي لم يخوله، اتصلت بعادل عبد المهدي كان في عرفة يؤدي مراسم الحج وطلبت منه الاتصال بجلال الطالباني وتخويله بالتوقيع بالنيابة.
وهذا ما تم الا أنه كانت أمامنا مشكلة إضافية تتمركز حول الحصول على موافقة وتوقيع وزير العدل هاشم الشبلي. ذهبنا الى بيت الوزير الا انه كان مسافرًا، كان الوقت يضيق علينا، فاقترحت على المالكي حل مشكلة غياب وزير العدل هاشم الشبلي. فانتدب وزير العدل وكالة خضير الخزاعي الذي قام بتوقيع المصادقة على أمر تنفيذ الإعدام. وبقيت أمامنا مشكلة أخرى وهي وجوب وجود قاضي لا تقل خبرته وخدمته عن 5 سنوات، لم يكن يوجد في المنطقة الخضراء قاض بهذه المواصفات، فلم يكن أمامنا الا منقذ الفرعون المدعي العام. اتصلنا به في الثانية صباحًا قلنا له هل تستطيع الحضور في الساعة الرابعة صباحًا الى سجن النساء في الكاظمية، فوافق، وأطلعناه على الأمر ووعد بالحضور.
ويواصل المستشار... بعد حصولنا على الموافقة الرئاسية واستكمالنا الإجراءات القانونية، اتصلنا بالاميركيين الذين تاكدوا من ان كل شيء قانوني واصولي، واتفقنا معهم على ان يسلموننا صدام حسين في الساعة الرابعة في المكان المحدد. في الساعة الثالثة والنصف طرنا بمروحية صغيرة الى الكاظمية حيث سجن النساء.
*من كان معك في المروحية؟
انا وطارق نجم مدير مكتب رئيس الوزراء ونسيبي المالكي وابنه. وعند وصولنا كان المؤذن قد أذن لصلاة الفجر، صلينا في غرفة الإعدام فرادا.و كان القاضي منقذ الفرعون بانتظارنا، ولم يكن أمامنا وقت للتراجع لان وسائل الإعلام العربية وحتى العالمية اضافة للمحلية قد ابتدأت بالوصول بتغطية الحدث. وعند الساعة الرابعة وصل صدام حسين وكان مقيّدًا بمادة بلاستيكية، استلمته منهم، حللت وثاقه وأخذته من مرفقه. ولأني لم اكن على دراية بالإعدام او تفاصيل الإعدام، فقد أدخلت صدام الى غرفة الإعدام مباشرة. هنا ارتبك صدام وذهل عندما رأى حبل المشنقة، وسمعت صوتًا يناديني من الخلف "ابو علي يجب ان تعرضه على الغرفة المجاورة حيث القاضي"، فأخذته الى القاضي الذي قرأ عليه الحكم، ووقعه وسأله ان كان يريد ان يقول شيئًا لكن صدام امتنع، ولم يبدِ ندمًا او أي اعتذار لأبرياء العراقيين الذين أزهق أرواحهم من دون وجود المبرر، فأخذته مجدّدًا الى غرفة الإعدام.
وهنا ارتكبنا هفوة اخرى، اذ ربطنا رجلي صدام وكان عليه ان يصعد بضعة درجات حيث حبل المشنقة، فاضطررنا لسحبه الى الأعلى.
*كان يفترض ان تربط رجليه عند صعوده الى حبل المشنقة وليس قبل ذلك؟
نعم كان يفترض ان يتم ربط رجلي صدام عند صعوده الى حبل المشنقة ومنصة الاعدام وليس قبل ان يصعد السلم، كان يحمل قرآنًا صغيرًا ممزقًا من احد جوانبه، التفت الي وقال: هل تعطي هذا المصحف لابنتي، قلت له لا استطيع ان أعدك، لأني لا اضمن الوصول اليها او حتى رؤيتها.
قلت له: أعطه لغيري، وكان القاضي منقذ الفرعون واقفًا خلفه، فالتفت اليه فقال القاضي لصدام: انا أيضا لا اضمن إيصاله إليها. عندها قال صدام :اذا لم تستطع فأعطه للمحامي خليل الدليمي. سحبنا صدام الى منصة الإعدام البسوه الكيس - حسب المتعارف عليه - لكنه طلب ان ينزعه فنزعوه عنه. كان يرتدي بنطالاً أزرقًا ومعطفًا وفيصيلية وملفعًا، ربطوا حبل المشنقة حول رقبته فوق الملفع، عندها تلى الشهادة للمرة الأولى، ثم تلاها للمرة الثانية. ولم يكملها حيث سقط في الحفرة. كنت واقفا بجانب الحفرة عندما هوى صدام حسين. انتبهت ان رقبة صدام النحيفة قد التوت، خشيت ان يطفر الدم على ملابسي، فصرخت بأفراد الشرطة: ارفعوا الحبل كي لا تنفصم رقبته.
قال منفذو الانعدام: يجب ان نبقيه أربع دقائق على الأقل، لا يفترض ان نحركه.
بعد الإعدام توجه من جاؤوا معي الى المروحية للعودة للمنطقة الخضراء، ناديتهم ان يرجعوا، لأنه لا يجوز ترك الجثة، يجب ان نأخذها معنا. كانت المروحية صغيرة وبالكاد تكفينا، ولم نفكر كيف أننا سنعود والجثة معنا، عاد بعضهم وحمل معي الجثة المسجاة على الحمالة، وضعناها في المروحية التي لم تسعنا، جلست قرب باب المروحية الذي كان مفتوحًا، ومن بعيد رأيت منائر الإمام موسى الكاظم عليه السلام.
*هل عدتم بالجثة الى المنطقة الخضراء؟
نعم أقلتنا المروحية عائدة من سجن النساء بالكاظمية الى المنطقة الخضراء، وصلنا فتفرق من كان معي. تركوا الجثة بالمروحية، صرخت بهم ان يعودوا لانزال الجثة معي ، عاد اثنان منهم وساعدوني في انزال الجثة. نقلناها الى مكان صغير يقع الى جانب منزل رئيس الوزراء، بعد قليل جاء ابو اسراء، وكان يرتدي الدشداشة، قال باللهجة العراقية العامية: ها كملتوا؟ اقترب من الجثة وكشف عن وجه صدام.
*هل تم تغسيل الجثة؟ هل صليتم عليها؟
اقترحت ان نقوم بتغسيل الجثة، لكن من كان موجودًا معي قالوا، لا يجوز الصلاة على صدام حسين لانه كافر، قلت لهم هو لم يكن مؤمنا لكنني سمعته يؤدي الشهادة مرتين، قالوا ان شئت ان تغسله او تصلي عليه انت فأفعل، نحن لن نفعل. قلت: الا نستطيع جلب أحد ما يصلي عليه، وترك الأمر عند هذا الحد.
*هل صحيح ان النية كانت ان يدفن صدام حسين مع ميشيل عفلق في المنطقة الخضراء؟
اقترحت هذا الأمر لكن تنفيذه كان صعبًا، لان قبر ميشيل عفلق كان مبنيًا من الرخام ويحتاج الى تهديم وحفر، وبدا الأمر طويلاً ومنهكًا.
*كيف توصلتم الى تسليم الجثة الى اهل صدام حسين؟
اقترح بعضهم ان يدفن صدام حسين في مكان معزول في المنطقة الخضراء، غيرهم اقترح أشياء أخرى. اقتراحي كان ان نرجع الى الشرع والدين. وشرعيا تسلم جثة القتيل الى ذويه وأهله، لكننا لم نجد أحدا من اهل صدام حسين او أقاربه، اتصلنا بمحافظ الانبار وقتها، وجاء مع شخص اخر، في ساعة مبكرة من الصباح، واخذ الجثة.
*هل ندمت على تسليم الجثة الى اهل صدام حسين؟
كلا إطلاقًا لان هذا ما كان يجب ان يحصل شرعًا وقد حصل.
*هناك أخطاء ارتكبت أثناء إعدام صدام حسين وبدا كأنه انتقامًا شيعيًا!
هذا صحيح، هناك أخطاء ارتكبت، واذكر ان السيد المرحوم عبد العزيز الحكيم اتصل مباركًا تنفيذ حكم المحكمة بصدام، لكنه قال حصلت بعض الأخطاء. فقلت له: نحن اعتدنا على ان يتم إعدامنا والتنكيل بنا وعائلاتنا وشعبنا، هذه المرة الأولى التي نعدم فيها أحدًا.
* توقيت الإعدام اثار موجة من الاحتجاج، الغالبية استنكرت ان يتم الإعدام في اول أيام عيد الاضحى؟
بالنسبة لنا لم يكن يوم إعدام صدام حسين هو اول ايام عيد الاضحى، كان يوم عرفة، حسب المذهب الشيعي. ثم اننا لم نسعَ الى ذلك، لكن الظروف التي ذكرتها سابقا، أدت الى تأخير في الوقت. بذلنا جهودًا هائلة تلك الليلة لكي يتم الإعدام في ساعة مبكرة من الليل، لم ننجح، لكنني اؤكد ان إعدام صدام حصل بين الشروق والفجر، ليس أكثر من ذلك.
*بخصوص الضغوط التي مورست عليكم لمنع الإعدام حتى آخر لحظة، كيف تعاملتم معها؟
كانت الفضائيات المحلية والعربية قد نشرت الخبر، رنين الموبايل لم يتوقف للحظة، احد الزعماء العرب اتصل بي وقال لا يجوز إعدام صدام حسين لان هذا يعطي رسالة خاطئة للشعوب العربية ويحرضها على معصية ومخالفة الولاة، وولاة الامر.
*ماذا كان ردّكم؟
محاكمة صدام حسين كانت علنية، والجميع شاهد ان هذا الرجل لم يبدِ ندمًا او اعتذارًا عمّا فعله بشعبه، او حتى أهله. إعدامه كان استجابة لمطلب جماهيري شعبي عراقي سنيًا وشيعيًا وكرديًا أيضًا.
*لكن الأمر لم يفهم بهذه الطريقة؟
كان هذا واحدًا من الأخطاء، لم نهيِّئ الشارع لقضية الإعدام، الشارع السني كان مستاءً من صدام قدر استياء الشارع الشيعي، صدام نكل اول ما نكل بأعضاء من حزب البعث وقادة وشيوخ عشائر وأطباء سنة.، قبل ان يضرب الأكراد بالأسلحة الكيمياوية، وقبل ان يدفن الشيعة في المقابر الجماعية-، وقبل ان يغزو الكويت ويحارب إيران، خطؤنا كان إعلاميًا.
http://www.elaph.com/Web/AkhbarKhasa/2009/11/506818.htm