المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من البيت إلى الغار / الرواية الشيعية000000غالب حسن الشابندر 00000000000(وجهة نظر)000



سيد مرحوم
09-09-2004, 12:04 AM
من البيت إلى الغار / الرواية الشيعية

غالب حسن الشابندر GMT 5:30:00 2004 الأربعاء 8 سبتمبر

تذكير سريع

تتنوّع مصادر ثقافتنا نحن العرب والمسلمين، فهناك النصوص المقدّسة التي تتصل بالسماء كمصدر إنشاء وهداية وأمل في تصور المؤمنين، وهناك الإنتاج الفردي الذي إنبثق ودار حول هذه النصوص، سواء سلباً أو إ يجابا، وهناك تراكمات الوافد من حضارات أخرى، مثل الحضارة الفارسية والهندية واليونانية، وما تمخّض من عطاء مدهش للعلماء والفلاسفة والمتصوفة المسلمين والعرب من خلال الاتصال بهذا الوافد، وهناك الثروة الضخمة من أحاديث النبي محمّد صلى الله عليه وآله، وهناك المخاضات التاريخية الهائلة التي مرّت بها هذه الأ مة، من ثورات وحروب وعلاقات سجّلتها أسفار التاريخ، وهناك سيرة النبي المصطفى بما أحتوته كتب السيرة و التر اجم...

هذا الكم الهائل هو في تصوري المصادر الاولى لثقافتنا ومواقفنا وتجاربنا، ومن الصعب التنكّر لذلك بحكم البداهة، وهي مصادر تعمل في ضمير حتى المتنكِّر لها قيمة وأثرا، وتلك سنة حضارية من الصعب التغاضي عنها، فلم يكن إ نتاج المفكر الخالد ماركس بعيداً عن مجمل الموروث الاوربي، ولا حتى إنتاج الكاتب والإ نسان ميشيل فوكو رغم إنطلاقه من مفهوم القطيعة الذي قد يوحي للاخرين التقاطع السلبي والمؤبَّد مع تاريخه الذي ورثه. من هنا اقول ان إصلاح المسيرة الحضارية لهذه الامة يجب ان يبدا من الداخل، من تشريح وتفصيل ونقد هذا التراث الهائل، ولكن شريطة الإطلاع الموسوعي على هذا ا لتراث، وليس الإطلاع المجزوء، وشريطة القدرة على إ جترا ح آدوات تحليل دقيقة، يعتمد العقل بمعناه النقدي ا لدقيق، ومفاد اللغة بمدياتها الواسعة الايحائية باعتدال وقسط، وإسقاط أو إهمال القدسية المصطنعة، وفي مقدمتها قدسية جماع الرواية حتى اذا كان البخاري أو الكليني، وتشريح منهجهم، بل وحتى ثقاة الرواية ا لمجمع عليهم من قبل علماء الرجال ينبغي التعامل معهم كـ ( بشر )، ونزاهتهم الدينية والنقلية لا تستوجب الوثوق بكل ما يروونه، تلك جريمة كبيرة لا نزال نتحمّل تبعاتها.
السيرة النبوية مركز إيحاء، وهي إحالة مهمة في تصميم حياة الناس في المجتمع ا لاسلامي، ولا أغالي ان الكثير من المفاهيم ( الجهادية ) الخاطئة المدمرة مشتقة من هذه السيرة، وذلك بالإعتماد على اخبار ام غير صحيحة، أو بالاعتماد على فهم خاطي، او بتحريف النص والهدف بشكل وأخر، ومن هنا ندعو الى تهذيب السيرة النبوية الكريمة مما علق بها، ومن الاتجاهات المنحرفة والمشوهة في فهمها، وما أقول به الان هو خطوة متواضعة على هذا الطريق اللاحب، وللعلم سوف اجمع هذه البحوث في كتاب اعده للطبع ان شاء الله، وقد نلتقي مرّة اخرى للحديث عن آدوات تشريح التاريخ خا صة فيما يعلّق بالسيرة المعطرة ان شاء الله تعالى.


القضية

تعرّضت المصادر الشيعية بأسهاب إلى موضوع الهجرة ( مؤامرة الإغتيال، خروج النبي من بيته الكريم، مبيت علي في فراش النبي، وغيرها من الموضوعات الأخرى )، ونجد أثارها منتشرة في تفسير الطبرسي وتفسير على إبن إبراهيم، وهو تفسير مشكوك النسبة إلى صاحبه وتحفّة مشاكل كثيرة، وإعلام الورى، وهو كتاب قليل الإسناد، وأمالي الشيخ الطوسي وهو كتاب مشكوك الوصول بطريق معتبر، كذلك كتاب مناقب إبن شهراشوب، وأمالي الصدوق، وغيرها من كتب الشيعة المصدرية، وقد جمع هذه الأخبار العلاّمة المجلسي في كتابه الكبير ( بحار الانوار )، الجزء التاسع عشر من الطبعة الحديثة.
بعض هذه الاخبار مسندة ـ ولا يعني هذا أنّها صحيحة بالضرورة ـ وبعضها بلا إسناد، وهي خليط مشوش، تتداخل أحياناً وتفترق أُخرى، ونحاول هنا جاهدين وضع خلاصة لأهم المفاصل في هذا الكم من الاخبار.
تتحدث بعض هذه الاخبار عن فكرة المؤامرة، وتورد موضوع إبليس المتنكّر، حيث كان حاضراً في صورة ( أعور ثقيف ) ــ 1 البحار 19 نقلا عن الخصال ــ وبعض المصادر توعز فكرة الإغتيال الجماعي إلى إبليس وليس إلى أبي جهل في الأساس ـ 2 نفس المصدر 19، 49 ح 9 نقلا عن قصص الانبياء وتفسير علي إبن إبراهيم ــ فيما يحتل أبو جهل موقع المؤسّس للخطة المذكورة في مصادر أخرى ــ 3 نفس المصدر 19 ص 59 عن أمالي الشيخ الطوسي ـ حيث يستحسن إبليس الفكرة ويدفع بإتجاهها، وتتطرق المصادرالشيعية إلى الجانب الإعجازي في نجاة الرسول الكريم ، وتكاد لا تختلف عن المصادر السنية في النقاط الأساسية، فالرسول خرج من الباب، وقد نثر التراب فوق رؤوسهم، وكان يقرأ سورة يس المباركة، وتشير الى موضوع إبليس الذي أخبرهم بخروج الرسول الكريم، وتتباين المصادر في الوقت الذي أختاره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للإ نسلال من الدار، وذلك من العتمة الأولى إلى العتمة الآخرة، وتفصّل بإسهاب عن اللقاء الذي حصل بين النبي وعلي، وما جرى بينهما من حديث وحوار، حيث نلتقي بإعجاز هنا وإعجاز هناك، وبمنظومة من الفضائل الكريمة التي أختصّ بها الامام علي عليه السلام، ولكن هذه المصادر تلغي الصفة الإعجازيّة للبردة، وتثبت أنّ عليّا تعرّض للقذف بالحجارة وأنّه كان يتلوّى من الا لم، ومن الواضع ان الحالة لااولى تريد تجريد علي من فضيلة التحمّل فيما الثانية تهتف العكس، وتشير بعض هذه المصادر إلى أنّ أشراف قريش هاجموا البيت فعلاً، فلمّا فاجأهم علي قاومهم بالسيف ــ 4 نفس المصدر 19 ص 46 نقلا عن أمالي الطوسي ــ ومنها ما لا يشير إلى شي ء من هذا القبيل (... فلمّا أيقظوه ـ أي أيقظ المتآمرون عليا ــ فرأوه عليِّا تركوه... ) 5 نفس المصدر 19 ص 55 ـ وتعرض لنا هذه المصادر أكثر من صورة لعلاقة أبي بكر بالرسول في هذه اللحظة: ـ

الصورة ألاولى

أن رسول الله إلتقى أبا بكر في الطريق فاخذه معه الى الغار مباشرة (... وكان أبو بكر أستقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فردّ ه معه ) ـ6 نفس المصدر 19 ص 51 نقلا عن الخصال ــ


الصورة الثانية

جاء في البحار (... ثمّ ضمّه ا لنبي ـ عليِّا ــ إلى صدره وبكى إليه وجداً به، وبكى عليّ عليه السلام جشعاً من لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأستتبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر بن أبي قحافة وهند بن أبي هالة، فأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره لهما من طريقه إلى الغار، ولبث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكانه مع علي عليه السلام يوصيه ويأمره في ذلك بالصبر حتى صلى العشائين... ) 7 البحار نقلا عن ا مالي الشيخ الطوسي ــ وتفيد الرواية أن النبي تجاوز المتآمرين، ومرّ على المكان الموعود فاصطحب الاثنين الى الغار، وهناك صرف هند إلى مكّة، مُكلّفا أياه بعض المهمّات، وهند هذا لم يرد في كتب السيرة المعروفة ويذكر عادة أُريط بن عبيد الله، والرواية غامضة في بيان تضاعيف الحدث الذي نحن في صدده، إلاّ أنّها تكشف عن لقاء بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وهند قبل توجهه الى الغار، وأنّه إتفق معهما على مكان محدّد بالاسم، ولكن أين حصل هذه اللقاء ومتى و كيف، الخبر يسكت عن هذه التفاصيل، الأمر الذي يزيد من غموض الصورة وإبهام الموقف، ويعقّد الوسيلة إلى تكوين فكرة واضحة عن الموضوع.

الصورة الثالثة

إنّ أبا بكر رضي الله عنه كان قد وقف على مؤامرة قريش، وكان يتحسّس الامر حول بيت الرسول الكريم، فلمّأ خرج النبي إلتقاه (... وفتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الباب وخرج عليهم جميعاً وهم جلوس ينتظرون الفجر... ومضى وهم لا يرونه، فرأى أبا بكر قد خرج في الليل يتجسّس خبره،و وقد كان وقف على تدبير قريش من جهتهم فأخرجه معه إلى الغار ) 8 البحار 19 ص 73 نقلا علن الخرائج، والرواية تحمل طعناً خفيِّا بإبي بكر، وربما تفيد بان النبي أخذ أبا بكر معه إحتياطاً من الغدر به، فإنّ الرواية تفيد إطّلاع أبي بكر الشخصي على الموامرة من طرف خفي دقيق، أو تفيد بأنه يعلم بها.

الصورة الرابعة

يذكرها صاحب ( إقبال الأعمال ) موافقاً ما جاء في الطبري ومستدرك الحاكم وتذكرة الخواص، ومن أنّ أبا بكر كان جاهلاً بتوجّه النبي الكريم، وإنّه جاء عليّا فسأله عن الرسول فأخبره بذلك، فتبعه حتى لحق به في الطريق إلى الغار ـ نفسه 19 ص نقلا عن إقبال الاعمال ـ وقد ورد في تفسير العياشي مثله 10 نفسه عن العياشي 19 / 79 ـ وهي رواية تقلل من أهمية أبي بكر في عملية الهجرة، وتقلّص من حجم وأهمية الصحبة، بل إنّ أبا بكر لم يحظ بحض الصحبة في الغار لولا علي ! وذلك في التحليل الأخير لجوهر الرواية .

تتحدّث هذه المصادر عن موضوع الراحلتين بصيغ متعدّدة أيضا، منها، أنّ الرسول وأبا بكر قابلا الدليل بعد خروجهما من الغار، فقال له النبي (... يابن أُريقط أئتمنك على دمي، فقال: إذا والله لأ حرسك واحفظك، ولا أدل عليك، فأين تريد يا محمّد ؟ قال: يثرب، قال " لأسلكنّ بك مسلكاً لا يهتدي فيها أحد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أئت عليّا وبشّره بأن الله قد أذن لي بالهجرة، فهيئ له زاداً وراحلة، وقال له أبو بكر: أئتِ بأسماء أبنتي وقل له تهيئ لي زادً وراحلتين ، واعلم عامر بن فهيرة أمرنا... وقل له أئتنا بالزاد والراحلتين، ف جاء أبن أُريقط إلى علي وأخبره بذلك، فبعث علي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بزاد وراحلة، وبعث إبن فهيرة بزاد وراحلتين... ) 11 البحار19 ص 70 نقلا عن إعلام الورى وقصص الانبياء ـ والنص واضح ا لاضطراب والتشتت، وقد أورداه بلا سند، ولكن من الواضح أيضا أن عليّا تجاهل هنا ابا بكر، فأنّه لم يبعث سوى راحلة واحدة، بل النص يوحي بان النبي كان يريد إبعاد أبي بكر من الصحبة، ولكن الاخير كان قد تدارك الامر بطلبه من أريقط بوصيته الى عامر بن فهيرة، وبذلك يكون النص عبارة عن مرآة للصراع الدائر بين إتجاهين، كل منهما يمثل مصالح طرف معيّن ! وقراء ة التاريخ في هذه الحالة صعبة المراس، ومن الصعب الخروج بنتيجة طيبة سوى توكيد حالة الصراع. ومن غرائب هذا النص أن عمليّة التهيئة هذه تارة كانت في طريق الرسول الى الغار، ومرّة بعد خروجه من الغار ـ 12 البحار 19 ص 70 الهامش، كذك ص 70 ، ومنها ما ينقله الشيخ الطوسي في أماليه (... فأذكت قريش عليه العيون وركبت في طلبه الصعاب وا لذلول، وأمهل عليّ حتى إذا أعتم الليل من الليلة القابلة، أنطلق هو وهند بن أبي أبي هالة حتى دخلا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الغار، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هنداً ان يبتاع له ولصاحبه بعيرين، فقال أبو بكر: قد كنت أعددت لي ولك يا نبي الله راحلتين نرتحلهما إلى يثرب، فقال أنّي لا آخذهما وأ أحدهما إلاَ بالثمن، قال: فهي بذلك، فامر عليّا فأقبضه الثمن ) ـ نفس المصدر 9 / 68 ح 18 نقلا عن أمالي الشيخ ـ ونفهم من هذا النص انّ عمليّة التدبير تمّت بعد خروج علي من مكّة وأثناء المكوث في الغار، وإنّ عليّا كان يعرف بمكان رسول الله وصاحبه،ويمضي الخبر إ جمالاً إعداد أبي بكر للراحلتين من قبل، وأنه كان يعلم بموضوع الهجرة، ولكن في ا لخبر غمز بأبي بكر، وذلك لما رفض الرسول قبول الراحلة إلاّ بثمن، وتزداد كثافة الغمز بان يكون علي هو الذي ينقده ثمن الراحلة !

لا تتعرّض هذه المصادر إلى مجريات الحادثة بين بيت النبي والغار، وأشارتها أل نسج العنكبوت والحماتين والشجرة يكاد أن يكون لمما، واشارت إلى هويّة المتآمرين الذين حاصروا بيت الرسول الكريم، وتذكر منهم خالد بن الوليد 14 البحار 19 ص 62 ح 18 نقلا عن امالي الشيخ ـ ولا تشير المصادر كما هي لدي الى دور أمساء أو عبد الله بن أبي بكر، ولا تشير إلى زيارة النبي بيت أبي بكر في النهار الذي يلي ليلة التصميم على الهجرة.
بهما، فدعاهنّ النبي صلى الله عليه وسلم فسمت ( بارك ) عليهنّ وفرض جزاءهنّ، وإنحدرن في الحرم ) 4.
فمن هو ( أبو مصعب المكي ) ؟

قال في لسان الميزان ( ... وأبو مصعب لا يُعرف ) 5، وقد أورد تضعيفه هذا في سياق حديث الغار 6 ، هذا فضلاً عن أنّ عون بن عمرو أو عوين في مصادرأخرى هو الآخر محل كلام، فقد قال عنه يحي بن معين لا شيء، وقيّمه البخاري قائلاً: منكر الحديث 7.
هناك زيادات في روايات أخرين من المستحسن الإشارة إ ليها، ففي سيرة إبن كثير (... فعرف الله قد درأ عنهما بهما، فسمت عليهما، أي برك عليهما، وأحدرهما إلى الحرم، فأفرخا كما ترى... )، والزيادة تخصّ الحمامتين، ويعلّق إبن كثير قائلاً ( وهذا حديث غريب جداً من هذا الوجه، قد روا ه الحافظ أبو نعيم من حديث مسلم بن إبراهيم وغيره من عون بن عمرو، وهو الملقب بعوين بإسناده مثله، وفيه: أن جميع حمام مكّة من نسل تينك الحمامتين ) 8.
كانت موضوعة نسج العنكبوت في روا ية أحمد، أمّأ في الرواية الجديدة فإننّأ نلتقي بزيادات مهمّة، فبالاضافة إلى هذا الحدث، هناك الحمامتان الوحشيتان، ثم الشجرة، والحمامتان في رواية البيهقي إنحدرتا إلى الحرم، فيما في رواية أبو نعيم وأفرختا فيه أيضا، بل وجميع حمائم مكة منهما ! والشجرة هي الآخرى خضعت لحركة الإستزادة من الإضافات، إذ لم تعد مجهولة الحقيقة والهوية، ففي رواية أن هذه الشجرة ( الراءة ) وهي معروفة، لها خيطان وزهر أبيض كالريش ، مثل قامة الإنسان طولاً 9 . هذه هي عمدة الروايات في قصّة العنكبوت والغريب ان السيرة الهاشمية لم تروها.
وفي الحقيقة أن مثل هذا الحدث ليس بالبسيط والعادي، ولذلك يمكن للمرء ان يسجّل إستغرابه إذا لم يروه كبار الرواة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، خاصّة وأنّه يحمل كرامة للرسول وصاحبه أبي بكر، والرواة حريصون على مثل هذه الظواهر ذات الطابع الإعجازي الغيبي، وهذا الحرص يبلغ أشدّه إذا إتصل بصاحب الرسالة أو أحد الخلفاء الراشدين، وعلى الأخص الشيخين الجليلين أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
تجاذبت قصّة النسج هذه حظّها من التصوير القائم على المبالغة وتلتهويل لحلات تتصل بعوالم الغيب ا لمستور والأحداث الخارقة، فقالوا: نسج العنكبوت على غار النبي صلى الله عليه وسلم وعلى غار عبد ا لله بن أنس لما بعثه النبي لخالد الذهلي، فقتله وحمل رأسه ودخل به في غار خوفاً من أهله، ونسج على عورة زيد بن الحسين عليه السلام لما صُلِب عرياناً، وأنّها نسجت مرتين على دواد حين كان جالوت يطلبه 10، وتجاذب العنكبوت نفسها مزيداً من مستحقات الأثر والمأثور، فقد قالوا: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل العنكبوت وقال أنّها جند الله، 11، وإنّ رسول الله كان يقول جزى الله العنكبوت خيرا، لأنها نسجت عليه فأنقذته من أعدائه، ولكن يروي عن علي أنّه قال ( طهّروا بيوتكم من نسج العنكبوت فإن تركه في البيت يورث الفقر ) 12، فيما كان أبو بكر يحب العنكبوت منذ ان نسج عليه مع النبي في الغار 13، وفي مراسيل أبي داود عن يزيد بن مزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال ( أن العنكبوت شيطان فأقتلوه ) 14السيرة الحلبية 2 / 38، ويستطيع الناقد أن يستشم الأغراض والغايات السياسية التي تكمن وراء هذه المأثورات، فإنّها ذات طابع سياسي وقبلي دعائي واضح.


المصادر ( 1 ) البحار 19 ص 46 حديث 7 نقلا عن الخصال.
( 2 ) نفس المصدر 19 ص 49 ح 9، نقلا عن قصص الانبيا ء.
( 3 ) نفس المصدر 19 ص 59 نقلا عن أمالي الشيخ الطوسي.
( 4 ) نفس المصدر والجزء ح7 نقلا عن الخصال.
( 5 ) نفس المصدر والجزء ص 55 ح 14 نقلاً عن أما لي الشيخ الطوسي.
( 6 ) نفس المصدر والجزء ص 51 ح 7 نقلا عن الخصال.
( 7 ) نفس المصدر و الجزء ص 61 نقلا عن أمالي الشيخ الطوسي.
( 8 ) نفس المصدر والجزء ص 73 نقلاً عن الخرائج والجرائح.
( 9 ) نفسه نقلاً ص93 عن إقبال الاعمال.
( 10 ) نفسه ص 79 نقلاً عن تفسير العياشي.
( 11 ) نفسه ص 70 نقلاً عن أ علام الورى.
( 12 ) نفسه ص 70 الهامش ص 69، كذلك ص 70.
( 13 ) نفسه ص 62 ح 8 نقلاً عن أمالي الشيخ الطوسي.
( 14 ) نفسه ص 62 ح 18 نقلاً عن أمالي الشيخ الطوسي.