بركان
11-10-2009, 06:48 AM
عادل حسن دشتي - الدار
لسنوات وسنوات كان الحديث عن سياسة منع الكتب في معرض الكتاب، وكنا نتساءل ومعنا الكثيرون حول الاسس والمعايير التي يتم بموجبها المنع، ولم نكن نلقى اي جواب شاف وكاف حول ذلك وكأنها من الاسرار التي لا يطلع عليها احد في عالم لم يعد به اي اسرار، وقد نتفق مع بعض المبررات التي يمكن ان تلقيها علينا لجان المنع، فليس كل ما ينشر هو قابل للتوزيع، ولكن تلك قائمة معروفة ومحدودة من كتب الاباحيات والكفريات، ولكن فضاء المعرفة والفكر اوسع من ذلك بكثير، فبتصفحنا لما تيسر لصحيفة «القبس» من نشره من قائمة الكتب الممنوعة،
نجد ان كثيرا منها لا يندرج تحت هذين العنوانين الممنوعين، واغلبها يندرج تحت دائرة الفكر والشعر والادب والدين، والتي قد لا تتفق امزجتنا الثقافية والفكرية مع كثير منها او قليلة، ولكن من اعطى لجنة الرقابة الحق في ان تختار لنا ولابنائنا ما تستسيغه امزجة اعضائها من الفكر والكتب والثقافة والدين، ومن هو الفيصل والحكم في ذلك، فبضدها تعرف الاشياء، واذكر انني في صباي كنت استمع الى احدى الاذاعات الغربية الناطقة بالعربية والتي كان لها صيت كبير فترة الثمانينات ابان الحرب العراقية - الايرانية، وما ان تنتهي من اخبار الحرب حتى تنتقل بعد منتصف الليل الى قضايا التبشير بدينها،
وقد تابعت تلك الحلقات مرات ومرات ولم يزدني ذلك الا تمسكا بالدين القويم، فما اسس على اساس قوي ومتين لا تزلزله الافكار من هنا او هناك، ومن المضحكات المبكيات من نوادر معرض هذا العام، ان يتم منع كتاب «عبقرية الامام علي» للاديب المصري العملاق عباس محمود العقاد، وهو ما تناولته افتتاحية الراي قبل ايام وما تناوله كذلك النائب الفاضل فيصل الدويسان في مطالبته لوزير الاعلام بالافراج عن الكتاب، وكذلك تناوله بعض الكتاب ولم يصلنا نفي من وزارة الاعلام او من القائمين على لجنة الرقابة، فهل اصبح كتاب «عبقرية الامام علي» للعقاد على هذه الخطورة بحيث اوجبت اللجنة الموقرة منعه بعد عقود من تأليفه ونشره وقراءته من قبل الملايين من المسلمين في شتى ارجاء المعمورة
، وبعد خمسة واربعين عاما من وفاة العقاد عام 1964، وما هو الجديد الذي جد على اللجنة لكي تمنع هذا الكتاب في حين ان بامكانك ان تحصل عليه بكبسة زر عبر الانترنت، ان اخشى ما نخشاه حقا هو ان تستمر العقلية الاقصائية المتشددة في الاستمرار في سياستها بحجب الفكر والمعرفة عن الناس، فصاحب الحجة الاقوى يأنس بالمخالفين لفكره ولا يلتمس لقمعهم وحجب افكارهم عن الناس كل طريقة ووسيلة، فها هو المولى عز وجل يأمر النبي الاكرم بأن يرد على اهل الكتاب الزاعمين انه «لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى»
بقوله «قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين» البقرة 111، فالحوار والحكمة والموعظة الحسنة والدليل والمنطق كانت دوما رسالة السماء الى كافة الانبياء والرسل والمصلحين والناس، ولم نسمع ان فكرا قد تمت ابادته والغاؤه بالقوة القمعية او المنع او الاقصاء والحظر، فالفكر لا يواجه الا بالفكر والعقل والمنطق، اما سياسة منع الفكر والثقافة فانها لا تزيد تلك الافكار الا رسوخا في العقول والقلوب ان كانوا يعقلون، فهي كالمسمار حسب تعبير المرحوم الدكتور احمد الوائلي كلما تزداد ضربا له يزداد ترسخا وثباتا في الجدار.
ومن الكتب الجميلة التي تميزت بها المدرسة المصرية بلا غلو او جفاء وبكل انفتاح وتسامح معروف عن اهل مصر ومفكريها، الكتب المتعلقة بأهل البيت، ولا اتصور مكتبة اسلامية تخلو منها ولك ان تستمتع بقراءة كوكبة من هذه الكتب من امثال كتب العقاد في عبقرياته وكتابه الشيق عن فاطمة الزهراء والفاطميين، وعبدالرحمن الشرقاوي في رائعته المسرحية «الحسين ثائرا» وكتابه«علي امام المتقين» وطه حسين في كتابه «علي وبنوه»، وبنت الشاطئ في تراجمها عن سيدات بيت النبوة ودفاعها الرائع عن «سكينة بنت الحسين»،
وغيرهم الكثيرون من ادباء وعمالقة مصر، وحري بالجميع ان يقرأوا هذه الكتب فهي لجميع المسلمين ولا تخص طائفة دون اخرى واذكر انني قرأت كتاب عبقرية خالد للعقاد وانا في المرحلة المتوسطة عندما كان الكتاب يدرس لطلاب المرحلة الثانوية، فما الذي تغير علينا حتى باتت مثل هذه الكتب القيمة والخالدة تمنع على الشبهة والظنة،
ويكفي ان هذه الكتب المنفتحة على روح الاسلام واهله لا تصدر لنا المتطرفين والتكفيريين والمنغلقين، ويتقبلها المسلمون في مشارق الارض ومغاربها، وكم كان موفقا احد المفكرين لدينا عندما قال ان «منع هذا الكتاب هو استمرار لمسلسل العبث الطائفي والغباء الثقافي الذي نعيشه اليوم في ظل تراجع العقلانية في عالمنا المجنون» ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
Dashti2006@hotmail.com
لسنوات وسنوات كان الحديث عن سياسة منع الكتب في معرض الكتاب، وكنا نتساءل ومعنا الكثيرون حول الاسس والمعايير التي يتم بموجبها المنع، ولم نكن نلقى اي جواب شاف وكاف حول ذلك وكأنها من الاسرار التي لا يطلع عليها احد في عالم لم يعد به اي اسرار، وقد نتفق مع بعض المبررات التي يمكن ان تلقيها علينا لجان المنع، فليس كل ما ينشر هو قابل للتوزيع، ولكن تلك قائمة معروفة ومحدودة من كتب الاباحيات والكفريات، ولكن فضاء المعرفة والفكر اوسع من ذلك بكثير، فبتصفحنا لما تيسر لصحيفة «القبس» من نشره من قائمة الكتب الممنوعة،
نجد ان كثيرا منها لا يندرج تحت هذين العنوانين الممنوعين، واغلبها يندرج تحت دائرة الفكر والشعر والادب والدين، والتي قد لا تتفق امزجتنا الثقافية والفكرية مع كثير منها او قليلة، ولكن من اعطى لجنة الرقابة الحق في ان تختار لنا ولابنائنا ما تستسيغه امزجة اعضائها من الفكر والكتب والثقافة والدين، ومن هو الفيصل والحكم في ذلك، فبضدها تعرف الاشياء، واذكر انني في صباي كنت استمع الى احدى الاذاعات الغربية الناطقة بالعربية والتي كان لها صيت كبير فترة الثمانينات ابان الحرب العراقية - الايرانية، وما ان تنتهي من اخبار الحرب حتى تنتقل بعد منتصف الليل الى قضايا التبشير بدينها،
وقد تابعت تلك الحلقات مرات ومرات ولم يزدني ذلك الا تمسكا بالدين القويم، فما اسس على اساس قوي ومتين لا تزلزله الافكار من هنا او هناك، ومن المضحكات المبكيات من نوادر معرض هذا العام، ان يتم منع كتاب «عبقرية الامام علي» للاديب المصري العملاق عباس محمود العقاد، وهو ما تناولته افتتاحية الراي قبل ايام وما تناوله كذلك النائب الفاضل فيصل الدويسان في مطالبته لوزير الاعلام بالافراج عن الكتاب، وكذلك تناوله بعض الكتاب ولم يصلنا نفي من وزارة الاعلام او من القائمين على لجنة الرقابة، فهل اصبح كتاب «عبقرية الامام علي» للعقاد على هذه الخطورة بحيث اوجبت اللجنة الموقرة منعه بعد عقود من تأليفه ونشره وقراءته من قبل الملايين من المسلمين في شتى ارجاء المعمورة
، وبعد خمسة واربعين عاما من وفاة العقاد عام 1964، وما هو الجديد الذي جد على اللجنة لكي تمنع هذا الكتاب في حين ان بامكانك ان تحصل عليه بكبسة زر عبر الانترنت، ان اخشى ما نخشاه حقا هو ان تستمر العقلية الاقصائية المتشددة في الاستمرار في سياستها بحجب الفكر والمعرفة عن الناس، فصاحب الحجة الاقوى يأنس بالمخالفين لفكره ولا يلتمس لقمعهم وحجب افكارهم عن الناس كل طريقة ووسيلة، فها هو المولى عز وجل يأمر النبي الاكرم بأن يرد على اهل الكتاب الزاعمين انه «لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى»
بقوله «قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين» البقرة 111، فالحوار والحكمة والموعظة الحسنة والدليل والمنطق كانت دوما رسالة السماء الى كافة الانبياء والرسل والمصلحين والناس، ولم نسمع ان فكرا قد تمت ابادته والغاؤه بالقوة القمعية او المنع او الاقصاء والحظر، فالفكر لا يواجه الا بالفكر والعقل والمنطق، اما سياسة منع الفكر والثقافة فانها لا تزيد تلك الافكار الا رسوخا في العقول والقلوب ان كانوا يعقلون، فهي كالمسمار حسب تعبير المرحوم الدكتور احمد الوائلي كلما تزداد ضربا له يزداد ترسخا وثباتا في الجدار.
ومن الكتب الجميلة التي تميزت بها المدرسة المصرية بلا غلو او جفاء وبكل انفتاح وتسامح معروف عن اهل مصر ومفكريها، الكتب المتعلقة بأهل البيت، ولا اتصور مكتبة اسلامية تخلو منها ولك ان تستمتع بقراءة كوكبة من هذه الكتب من امثال كتب العقاد في عبقرياته وكتابه الشيق عن فاطمة الزهراء والفاطميين، وعبدالرحمن الشرقاوي في رائعته المسرحية «الحسين ثائرا» وكتابه«علي امام المتقين» وطه حسين في كتابه «علي وبنوه»، وبنت الشاطئ في تراجمها عن سيدات بيت النبوة ودفاعها الرائع عن «سكينة بنت الحسين»،
وغيرهم الكثيرون من ادباء وعمالقة مصر، وحري بالجميع ان يقرأوا هذه الكتب فهي لجميع المسلمين ولا تخص طائفة دون اخرى واذكر انني قرأت كتاب عبقرية خالد للعقاد وانا في المرحلة المتوسطة عندما كان الكتاب يدرس لطلاب المرحلة الثانوية، فما الذي تغير علينا حتى باتت مثل هذه الكتب القيمة والخالدة تمنع على الشبهة والظنة،
ويكفي ان هذه الكتب المنفتحة على روح الاسلام واهله لا تصدر لنا المتطرفين والتكفيريين والمنغلقين، ويتقبلها المسلمون في مشارق الارض ومغاربها، وكم كان موفقا احد المفكرين لدينا عندما قال ان «منع هذا الكتاب هو استمرار لمسلسل العبث الطائفي والغباء الثقافي الذي نعيشه اليوم في ظل تراجع العقلانية في عالمنا المجنون» ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
Dashti2006@hotmail.com