سمير
10-26-2009, 11:08 AM
فتح قلبه .. وأخرج مابه من شجون وتطلعات .. ودافع عن نفسه وعن مواقفه للمرة الأولى بعد صمت دام 3 سنوات
أحمد الفهد لــ « عالم اليوم »: نعم.. أتهمت بأنني سبب صراع الأسرة ..وبدعم الاستجوابات.. وبإسقاط أبناء عمي.. وبعد 3 سنوات اتضحت الحقيقة..!
http://www.alamalyawm.com/uploads/6358/000511.jpg
كتب سامح هلال
قبل 3 سنوات تقريبا.. وبالتحديد في 11 يناير 2007 أي بعد صدور العدد الثالث لجريدة «عالم اليوم» دخل علينا الشيخ أحمد الفهد مباركاً إصدار الجريدة.. دخل علينا فجأة.. ودون موعد.. هو اعتبرها زيارة مباركة.. ونحن اعتبرناه فرصة لإجراء حوار صحفي معه.. خصوصا وان أحمد الفهد كان لا يتحدث لأحد من الصحافة بعد خروجه من حكومة 2006.. إذن هي فرصة صحفية متميزة.. عرضنا عليه الأمر فقال وقتها.. أنا لا استطيع أن اتكلم.. هناك أمور كثيرة تمنعني من الحديث للصحافة.. انتم شايفين «الجو».. ماذا سأقول إن تحدثت.. لكنني أعدكم بأن أول حديث ولقاء صحفي سيكون معكم.. ومع «عالم اليوم».. فقلنا له متى يا ابا فهد..؟ فرد بسرعة: عندما يحين وقت الحديث.. وعندما استطيع أن اتحدث بصراحة.. هذا وعد مني..!
وبعد مرور ثلاث سنوات.. ها هو الفهد يفي بوعده.. في حديث شامل مع «عالم اليوم» تحدث فيه الفهد -بعد ان دخل الحكومة نائبا لرئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير دولة لشؤون الإسكان ووزير دولة لشؤون التنمية- عن فترة ما بعد خروجه من حكومة 2006.. والاتهامات التي رافقته، مثل: الاطاحة بالحكومات المتتالية.. دعم الاستجوابات.. دعم نواب.. إسقاط أبناء عمه.. وصراع الأسرة.. وعن أمور كثيرة.
أما لماذا اختارت «عالم اليوم» الشيخ أحمد الفهد..؟ فالجواب لأن الحديث معه له مذاق خاص.. فهو «كالفهد».. يجيد فن الكر والفر.. ويخطف احترام «الصيادين» رغم عجزهم من اصطياده وإيقاعه في شباكهم..!
كما ان أحمد الفهد هو أحد ابرز الشخصيات السياسية المثيرة جدلاً في السنوات الاخيرة حتى بلغ الأمر اتهامه بإسقاط حكومات وتحريض نواب وتحريك استجوابات من «خلف الستار»..
كما ان الفهد يحظى بشعبية كبيرة.. وكاريزما وقدرات خاصة تؤهله لأن يكون أحمد الفهد كما أن أحمد الفهد أحد الأرقام الصعبة في الحسابات السياسية المتواجدة على الخريطة السياسية.. سواء أكان داخل الحكومة أو خارجها..!!
كما ان الفهد لا يجد حرجاً في الاعتراف بالخطأ.. أو الاعتذار عن «الزلات».. أو الصمود في وجه المحن والأزمات..!! لقد قالها.. أنا اعتبر الخصومة شرفا طالما بقيت ضمن «أخلاق الفرسان».. فلا ضرب تحت الحزام.. ولا كسر عظم..!!
أحمد الفهد متوهج.. قال الكثيرون ان دخوله للحكومة اعطى نكهة لها.. ومذاقا.. وطعما.. ورائحة.. هو متوهج دائما.. ومتفائل على الدوام، ويملك رصيداً ضخما من النشاط والحيوية، اضافة إلى رصيده المتجدد من الرؤى والطروحات المستقبلية التي تميزه عن غيره، وتضعه على سلم النجاح السياسي لذلك يصبح الحديث مع نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير التخطيط والاسكان الشيخ أحمد الفهد ذا مذاق خاص..
«عالم اليوم» استضافت الفهد في حوار شامل هو الأول له منذ اكثر من ثلاث سنوات، وعبر ساعتين من الحوار الودي الهادئ أجاب الفهد بصراحة على أسئلة «عالم اليوم» ليضع النقاط على الحروف في كثير من القضايا السياسية، وتوجهات الحكومة تجاهها، فإلى تفاصيل اللقاء:
< بعد مرور شهور قليلة على التشكيل الحكومي الأخير.. هل ترى تجانسا بين أعضاء الفريق الوزاري.. وما هي ملامح هذا التجانس حاليا ومستقبلا؟
لقد وضعت الحكومة الحالية مرتكزات اساسية لانطلاقها .. صحيح أن هذه المرتكزات لم تظهر بشكل واضح حتى الآن بسبب فترة الصيف التي اعقبت تشكيل الحكومة، وهي فترة نعرف جميعا ان الاداء يكون فيها ضعيفا او محدودا إلى حد كبير، ومع ذلك حاولت الحكومة ان تقفز قفزات سريعة في هذه الفترة المحدودة، على الرغم من الظروف السياسية التي شهدتها هذه الفترة ومنها استجواب وزير الداخلية.
ومن أهم مرتكزات الحكومة الحالية ترسيخ الوحدة الوطنية ولذلك ارى ضرورة التعامل بسرعة وحزم مع ذلك التمزق الذي يحدث في نسيج الوحدة الوطنية، ويجب وضع آلية وقرارات شاملة للتعامل مع هذه القضية المصيرية، لاسيما ان هناك اشخاصا لا يقدّرون معنى كلمة الحرية، وساهموا بتشويه معاني الديمقراطية وتفكيك أواصر المجتمع، واعتقد ان هذا الأمر هو احد أهم مرتكزات الحكومة الحالية لما يمثله من أهمية للكويت وهو ما تضمنه الخطاب الأميري والنطق السامي.
أيضا لقد استشعرت الحكومة الحالية الغضب والضجر واليأس الموجود في الشارع بسبب جمود وتراجع التنمية، لذلك وضعت ضمن مرتكزاتها استنهاض الهمم وتحديد خارطة الطريق لإعادة الكويت إلى الطريق الصحيح في التنمية والريادة بشكل ايجابي يرفع اليأس من الشارع الكويتي، حتى إنه خلال الانتخابات البرلمانية السابقة وجدنا أنه ما من حملة انتخابية بل وندوة انتخابية خلت من الحديث عن هذا الخلل وهذا الشعور باليأس والاحباط، واكثر من ذلك فإن رسائل المراقبين والنقاد ومؤسسات المجتمع المدني اكدت ان المواطنين مستعدون لتقبل الجمود في كل شيء شريطة انطلاق قطار عودة بناء الدولة والتنمية، ولذلك فإن الحكومة الحالية جعلت التنمية على رأس مرتكزاتها التي تنطلق منها بتوجيهات وحرص سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد.
المرتكز الثالث للحكومة الحالية هو توطيد العلاقة بين السلطات عامة، وبالاخص بين السلطتين التشريعية والتنفيذية هذه العلاقة التي شابها التوتر في فترات سابقة وتسببت في فترة قصيرة بأكثر من حل دستوري وانتخابات وتوتر بين السلطتين لذلك ترى الحكومة الحالية وجوب الحرص على ايجاد طريقة لتطوير هذه العلاقة وتفعيلها والوصول إلى مراحل أفضل بالتفاهم بين السلطتين.
هذه القضايا الثلاث اعتبرتها الحكومة الحالية مرتكزات اساسية لها على المستوى المحلي، أما على المستوى الخارجي فتعي الحكومة أن الكويت جزء لايتجزأ من المجتمع الدولي، وعليها التزامات وواجبات تجاه هذا المجتمع، يؤهلها للقيام بالدور الفعال من خلال الطرق الدبلوماسية المعروفة، وهو ما تعمل الحكومة على تفعيله من خلال الزيارات الرسمية الخارجية لعدد كبير من الدول في شتى القارات، وفتح مزيد من السفارات، والمشاركة في المنتديات والفعاليات الدولية، لإحداث مزيد من التوازن مع جميع الدول.
فالفلسفة الحكومية والمرتكزات الاساسية لها في المرحلة الحالية على الصعيد الدولي ان تكون الكويت عنصرا فعالا في المجتمع الدولي مع الأخذ بالحسبان المتغيرات الدولية والمخاطر التي قد تكون سببا تهديد بشكل أو بآخر للكويت ومصالحها، وعلى الصعيد المحلي: الوحدة الوطنية، والتنمية، وعلاقة متجانسة وفعالة بين السلطتين.
الوحدة الوطنية
< تحدثتم عن الوحدة الوطنية باعتبارها أحد المرتكزات الرئيسة للحكومة الحالية، لكننا في المقابل نجد ضعفا -أو لنقل صمتا- حكوميا تجاه مواجهة محاولات النيل أو العبث بالوحدة الوطنية، ولا نجد اجراءات ملموسة تجاه بعض العناصر التي تحاول شق الصف الوطني، فكيف نفهم هذا التناقض؟
- الحقيقة أن الاجراءات الحكومية في هذا الجانب تنقسم إلى قسمين ، الأول اجرائي يتمثل في فلسفة شاملة لتفعيل هذا المحور والثاني يتمثل في آليات الخلل الموجودة في التشريعات وهنا أقول بكل صراحة وهذا رأيي الشخصي، ان هناك اطرافا معينة هي التي تسعى لنشر هذه الفتنة في المجتمع وتستغل الحرية بشكل خاطئ لتفكيك المجتمع وخلق صراعات وتفعيل اجندات نحن في الكويت في غنى عنها تماما خصوصا في هذه المرحلة.
وأقولها بصراحة أكثر... هناك نقص في التشريع في التعامل مع هذا الملف، ويجب تغطية هذا النقص بأسرع وقت ممكن حتى تثبت الحكومة مصداقيتها في معالجة هذا الخلل وبالفعل بدأت الحكومة التحرك في طريقين متوازيين، أولهما تشكيل لجنة عليا للوحدة الوطنية، وسيتم اختيار اعضائها من الشخصيات الوطنية وذوي السمعة الحسنة ومن المحايدين لوضع مرئياتهم لمعالجة هذا الملف بعيدا عن العلاقات بين السلطات وبين التيارات السياسية المختلفة وآخرهما البدء بإعداد مشاريع قوانين لتغيير أو تعديل بعض التشريعات الحالية ذات العلاقة بهذا الملف حتى تصبح أكثر فعالية في تفعيل الوحدة الوطنية.
ومع ذلك فإنني على يقين بأنه لايجب الاكتفاء بهذه الامور، وعلى الحكومة ان تجد حلولا سريعة وفعالة لهذه المشكلة، واؤكد لكم ان هناك توجها كبيرا داخل مجلس الوزراء لوأد أي نوع من أنواع الفتن ودعم الوحدة الوطنية.
استجوابات محتملة
< تسبب النهج السائد في الحكومات الاخيرة السابقة بالتعامل مع الاستجوابات بتوتر سياسي ادى إلى ازمات وأكثر من حل دستوري لمجلس الامة، ونحن الآن نقرأ ونسمع عن استجوابات محتملة لوزراء واقطاب في الحكومة خلال دور الانعقاد المقبل، فهل سيستمر النهج الحكومي السابق في التعامل مع هذه الاستجوابات، أم لدى الحكومة الحالية منهج جديد؟
- الاستجواب حق دستوري، وأقولها بصراحة وواقعية لقد أصبح الاستجواب جزءاً اساسيا في المخاض السياسي والعراك السياسي الكويتي- بل وهذا رأيي الشخصي- لقد خرج الاستجواب عن مفهومه الدستوري، ودخل في مفهوم الاجندات. أما الاستجواب كحق دستوري، فهو سؤال مغلظ لقضية معينة لكن عندما يتضمن الاستجواب سبع قضايا بعضها قديم وبعضها جديد، فهذا يؤدي إلى اهتزاز الاستجواب، ولكنه لا يلغيه كحق دستوري لجميع النواب في مراقبة ومحاسبة السلطة التنفيذية واؤكد للجميع ان اساس فكر الحكومة الحالية هو «التضامن» واساس تكوين مجلس الوزراء هو «التضامن» وارجو الا تتم قراءة معنى «التضامن الحكومي» بشكل خاطئ، أي ألا يقرأ وكأننا ضد الفئة أو الكتلة او التيار الذي يقدم الاستجواب، وانما هو جزء اساسي من الدور الحكومي، وقد لا يكون أحمد الفهد هو رأس الحربة في هذا الدور مثل السابق، لكنني في النهاية – مثل بقية الأخوة الوزراء- سأتضامن مع أي وزير يتعرض لهذا الجانب، فالجانب التضامني جزء اساسي لأي حكومة ناجحة، وبدون هذا التضامن تقل فرص نجاح أي حكومة.
مسؤولية مباشرة
< يا شيخ أحمد.. وين ترى هذا التضامن في رفض وزير الداخلية الرد على اسئلة النائب مسلم البراك، بينما تأتي الاجابة من وزير العدل في قضية اللوحات الاعلانية؟
- يجب هنا ألا يتم الخلط بين التضامن والمسؤولية، فالتضامن المقصود على مستوى مجلس الوزراء، اما العمل التنفيذي المباشر فيصبح من مسؤوليات كل وزير، لأنه المسؤول عن وزارته وأعمال وزارته، وتتم محاسبته وفقا لهذا الجانب فقد يكون الفريق القانوني لوزير الداخلية قد نصحه بأمر معين، وقد يكون الفريق القانوني لوزير العدل نصحه بأمر آخر، وان كنت اشك في ذلك لأن الامور المتعلقة بالاسئلة النيابية يتولاها الفريق القانوني بمجلس الوزراء، ولكنني لا استطيع الاجابة عن الآخرين، خصوصا انني لم اسمع من الوزيرين بعد وجهة نظرهما، ولكن اجراءات كل وزارة من مسؤوليات الوزير المعني.
أما التضامن الذي اتحدث عنه فيخص قرارات مجلس الوزراء وليس قرارات كل وزير باعتباره مسؤولا بشكل مباشر عن امور وزارته.
أجندات سياسية
< هل الوزير أحمد الفهد قبل 2006 هو نفسه الوزير أحمد الفهد في حكومة 2009 وبصراحة اكثر هل عدت إلى الحكومة للقيام بنفس الدور السياسي الذي كنت تمارسه في الحكومات السابقة، وهو قيادة التكتيكات وحماية الحكومة من الاستجوابات؟
- أحمد الفهد قبل 2006 هو نفسه أحمد الفهد اليوم، طبعا تطورت الخبرة والممارسة فمن الطبيعي ان يتطور الانسان ويتعلم من تجاربه السابقة وأحمد الفهد ايام حكومات ما قبل 2006 تم التركيز عليه من جانب تركيزه على التكتيكات البرلمانية والعمل البرلماني، وتجاهلوا تماما عمله الوظيفي وانجازاته داخل الوزارة وطغى هذا الأمر على ما سواه، والحقيقة ان الكويت في تلك الفترة كانت تمر بظروف مختلفة تماما عن غيرها، بسبب ظروف انتقال السلطة، والاجندات السياسية المتشابكة بين القوى السياسية المختلفة.
ومن هنا قد تكون بعض القوى السياسية ، وبسبب هذه الظروف، تعتبر أحمد الفهد خصما لها، ولذلك ركزوا على عملي التكتيكي السياسي والبرلماني، وهو جزء اساسي من عمل اي حكومة، وبخسوا حقي في الجانب التنفيذي داخل الوزارات التي توليتها.
وانا مستعد للحساب بالورقة والقلم فيما يتعلق بدوري التنفيذي السابق، فقد عملت في خمس وزارات، كان الرضا الوظيفي في جميع هذه الوزارات مرتفعا وحتى اثناء الصراع السياسي لم يتم استغلال هذا الأمر اطلاقا، والدليل وجود هذا الرضا الوظيفي في جميع الوزارات التي توليتها، وذلك عكس ما نراه اليوم من خلال التسريبات التي تدل على عدم وجود رضا وظيفي في بعض الوزارات.
فهناك تاريخ يشهد على الانجازات والقرارات التي تمت اثناء عملي التنفيذي، واتمنى من اي باحث ان يعود لهذه الانجازات ويضعها تحت المختبر البحثي والدراسي حتى يمكن تقييمها تقييما عادلا لايبخس حق أحد.
أيضا على مستوى القضايا السياسية دعمنا وبكل قوة حقوق المرأة السياسية، وهذا من تطور الديمقراطية والحريات في الكويت، ودعمنا قانون الصحافة الجديد وحرية اصدار الصحف ومن ثمرة هذا القانون صدور الصحف الجديدة ومنها «عالم اليوم» التي تستضيفني اليوم، اضافة إلى تشكيل النقابات ، وعودة جمعيات النفع العام بآلياتها الجديدة فعلى مستوى الحريات وتوسيع رقعة المجتمع المدني والمشاركة الشعبية فهذه القرارات شاركت فيها بشكل مباشر، وعلى المستوى الاقتصادي ساهمت مع الحكومات التي شاركت فيها بادخال القطاع الخاص لأول مرة في المشاريع النفطية، اضافة إلى قرارات اقتصادية أخرى.
فليس معقولا ان نتجاهل هذه الانجازات ونسوي «فوكس» على الصراع السياسي الذي حدث بسبب الاجندات السياسية، وهو صراع سياسي «مقبول» ولا أرفضه ولا يجب ان يؤدي إلى خصومة وعداء، فهذه سمة السياسة والسياسيين، لكن ايضا من المعيب ان يُبخس الحق بالجوانب الأخرى.
وحتى في قضايا تشويه السمعة فلله الحمد لم تستغرق قضية هاليبرتون اسبوعين، واعتبرت المحكمة ان القضية «غير جدية» وهو ما يعني «بلاغ كاذب».
فقد دخلنا في الصراع السياسي بسبب الدوائر الانتخابية، وما بين 24 ساعة انقلبت الطاولة وظهرت الآراء المختلفة «دائرة واحدة، و5 دوائر و10 دوائر، و25 دائرة» وانا اعترف بأنني دخلت في هذا الصراع لكنني لم اكن «جبانا» في اخفاء وجهة نظري، وتحملت مسؤوليتي كاملة وكنت عنصرا فعالا لبناء المجتمع وليس لخلق الصراعات لكن ارجو ألا يبخس حقي التنفيذي على جميع المستويات من حريات واقتصاد ورضا وظيفي وغيرها.
وارى نفسي اليوم من خلال موقعي الوزاري محملا المسؤولية مضاعفة ففي المرحلة السابقة كانت المسؤولية تتعلق بالأجندات السياسية واستجوابات ضمن تلك الأجندات، فقد تم استجواب يوسف الإبراهيم لأنه ليبرالي، وظهرت رؤى الأجندات السياسية لإفشال هذه الحكومة أو تلك، كل هذه التحديات تمثلت في الأجندات السياسية، أما اليوم فإن الصراع الأكبر هو التنمية، وفي المرحلة السابقة كان المواطنون يبحثون عن الاستقرار ووضوح الرؤية السياسية في البلد، أما الآن فإن الجميع يبحث عن التنمية، فتغير العنوان ولم يتغير الشكل وأصبحت مسؤولاً- بصفتي عضواً بالحكومة- عن القيام بهذا الدور ومن واجبي تأديته على أكمل وجه.
والإنسان الذكي عليه ان يستفيد من الماضي للتطور نحو المستقبل أما الإنسان الغبي فهو الذي لا يستفيد من تجارب الماضي ولا يتطور إلى الأمام.
واعترف بأنني تطورت واستفدت من التجارب السابقة، لكنني مازلت أحمد الفهد الذي يدعم «الطوفة» عند ظهور الحق. والذي لديه استعداد للاستغناء عن منصبه من أجل الدفاع عن قناعاته ومبادئه، ففي هذا الإطار لم ولن يتغير أحمد الفهد.
داخل وخارج الغرف
< مازال بعض أطراف التيار الليبرالي يهاجمون أحمد الفهد، بل ويتربصون به، فما أسباب هذا الهجوم، وهل لديك مشكلة مستمرة مع الليبراليين؟
- أولاً فإن علاقتي طيبة بالجميع- على الأقل داخل الغرف- أما خارج الغرف فما أدري عنها شيئاً، فكل يقيّم نفسه.
الأمر الآخر فإنني من الذين «يستانسون» من وجود اشخاص ينتقدونني، ولا اعتبر الخصومة السياسية عداء، بل ولا اتعامل معها بشكل شخصي، والدليل انني تعرضت لهجوم شديد من اطراف كثيرة، وتعاملت مع هذا الهجوم بهدوء على الرغم من ان جزءا منه يبلغ حد «الاساءة» والتجريح، ومع ذلك لم اتقدم بشكوى واحدة ضد من هاجمني أو انتقدني أو حتى أساء لي، ولم ارفع قضية واحدة ضد احد منهم.
ايضا فإن النقد والمعارضة لأفعال وآراء الشخص العاقل تجعله يفكر كثيراً قبل الإقدام على أي خطوة، ما يقلل الأخطاء ان لم ينهها تماماً، وهذا أمر ايجابي للنقد والمعارضة، وأشكر كل من انتقدني وهاجمني وعارضني وجعلني أعود عن أخطائي.
كذلك فإنني أؤمن بأن نصف الصراع يقتصر على «الحجي»، وهذا «الحجي» ينتهي عندما تظهر الإنجازات، وهذا يجعل الإنسان يجتهد لوضع بصماته حتى يثبت عكس ما يقال.
فالإنسان إما أن يتعامل مع النقد والمعارضة بشكل سلبي ويقيم الخصومة والعداء مع منتقديه ومعارضيه، فيتحول الأمر إلى حرب «تكسير عظام» وهذا الأسلوب أرفضه تماماً لأنه لا يمكن العمل ولا الإنجاز ولا البناء عندما تشتعل الحروب، وإما أن يتعامل مع النقد والمعارضة بشكل هادئ، ويتخذ منهما طريقاً للعمل والبناء، وهذا أسلوبي، وتلك فلسفتي في التعامل مع من يهاجمني وينتقدني.
أزمة ثقافة
< هل نفهم من ذلك أنك تعارض إقامة دعاوى قضائية ضد منتقدي المسؤولين الحكوميين، وبم تفسر سيل القضايا المرفوعة ضد صحف وقنوات فضائية وكتّاب انتقدوا وزراء بالحكومة؟
- لا يختلف أحد على أننا نعاني من أزمة ثقافة في الكويت وهذا الخطر الأكبر علينا جميعاً، لأن تفاقم أزمة الثقافة أدى إلى تفكيك المجتمع وتأجيج نار الفتنة، واختفاء قيم وعادات جميلة توارثناها من موروثنا الجميل، اضافة إلى أصعب الصعاب وهو توقف التنمية.
فيجب معالجة جيل كامل للقضاء على هذه الأزمات، ودائماً أكرر هذا الكلام وسأظل أكرره خشية على نفسي وعلى وطني وأبناء وطني.
وأقول انه على الرغم من سيل القضايا التي تتحدثون عنها فقد استمرت الصحافة الكويتية في ممارسة حقوقها بالكامل، حتى وضعت الاحصاءات الدولية الكويت بالمرتبة الأولى في حرية الصحافة، ومع ذلك فإن هذه القضايا شخصية، ولا تؤثر على الحرية بشكل عام، بل لعلها جزء من حرية الإنسان في اتخاذ ما يراه مناسباً اذا اعتقد ان الطرف الآخر تجاوز حدود حريته.
فعندما وضعنا قانون الصحافة بالتعاون مع الأخوة في الحكومة وفي مجلس الأمة، وضعناه على التوازن، فمثلما اتيحت الحرية للجميع بفتح الصحف والمجلات والقنوات الفضائية، يجب ان نحفظ كرامة الأغلبية العظمى التي ليس لديها الإمكانات لامتلاك وسائل إعلام، ومن ذلك أن نحفظ للجميع حقوقهم القانونية في المقاضاة.
وفي رأيي الشخصي اعتقد بوجوب زيادة التعويض المدني المنصوص عليه بالقانون.
ويبقى ان لكل إنسان حرية تقدير ما يراه نقداً وما يعتبره أساءة وتجريحا، والفيصل في ذلك القضاء.
وهنا أتمنى، بل احلم، ان يتم تجميد جميع الأجندات السياسية في هذه المرحلة، وأن يتوجه الجميع إلى التنمية، وتوفير المناخ الصحي للتنفيذيين لإعادة قطار التنمية، ثم بعد ذلك نعود للصراع السياسي الذي يعد مشهداً مألوفاً في كل الديمقراطيات العالمية.
وللانصاف لا يمكن ان نبخس حق أحد يرى ان التجريح والإساءة اصابته أو أصابت عائلته، فالكلفة هنا تمتد إلى الكرامة والسمعة والعائلة، وهذا أمر لا يرضاه أحد، لاسيما عندما يتم استخدام كلمات «تعور».
ولكل شخص حق تقدير هذه الإساءة، أما بالنسبة لي فلم أرفع قضية واحدة خاصة بالنقد، انما كنت فقط ألجأ للقضاء عندما يتعلق الأمر بالذمة المالية، وهي قضايا معدودة والغرض منها إبراء ذمتي المالية.
وأتمنى أيضا، بل احلم أيضاً، ان تعود جميع التيارات السياسية إلى العهد الكويتي القديم عندما كان الصراع «صراع فرسان» وهو صراع لا يتخلى عن القيم والأخلاق النبيلة، وهذا ما فقدناه في هذه المرحلة، وهنا ألوم نفسي قبل أن ألوم التيارات السياسية، لأننا جميعاً مشاركون في غياب أو اختفاء «صراع الفرسان» واستبداله بأنواع أخرى من الصراعات هدفها الأول والأخير «كسر عظم» الخصوم والمعارضين، أما في السابق فلم يكن لدينا هذه الانواع من الصراعات.
اتهامات في «الريش»
< ماذا تعلّم الشيخ أحمد الفهد من تجربته خلال أكثر من ثلاث سنوات قضاها خارج الحكومة؟
- تعلمت أنه ليس شرطاً ان يفرض «الصواب» نفسه على المجتمع، وان الخطأ أحياناً يسيطر ويفرض نفسه على المجتمع، فالذوق العام ليس مرتبطاً بالصواب والخطأ، وانما يرتبط الذوق العام بأدوات اخرى، منها الإعلام، واللوبي، والشطارة، والانتشار و«من سبق لبق».. فهذه من الأمور التي تعلمت واستفدت منها بشكل كبير، مع اعتبار أن الصواب والحق هما الاقوى دائماً ولا يمكن أن ينتصر عليهما الخطأ والباطل.
الأمر الأهم الذي استفدت وتعلمت منه، أن من يحب الكويت لا فرق عنده أن يكون داخل الحكومة أو خارجها، فعليه أن يضع الكويت امام عينيه ويعمل بجد وإخلاص ولا ينظر إلى الأمور الأخرى، فلن يحصل الإنسان الا على نصيبه المقسوم له.
شيء آخر لفت نظري انني طوال تواجدي في حكومات ما قبل 2006 لم يهاجمني أحد الا خلال الأسبوعين اللذين اشتد فيهما صراع الدوائر، وفيما عدا ذلك لم يتم استهدافي بشكل مباشر خلال عملي كوزير، لا داخل مجلس الأمة- فعلاقتي طيبة مع الجميع ولله الحمد- ولا مع زملائي الوزراء، ولا مع رئيس حكومتنا – آنذاك- سمو الأمير حفظه الله.
أما ما تعرضت له من صراع وهجوم بعد خروجي من الحكومة.. فيزيد عما تعرضت له اثناء وجودي بالحكومة عشرات المرات، واتهموني بأنني سبب صراع الأسرة، وسبب صراع الكتل، وداعم للاستجوابات وغير ذلك من اتهامات، ولكن لله الحمد بعد ثلاث سنوات من الهجوم اتضح للجميع انني لم أكن سبباً لأي من ذلك- وان كان الكمال لله سبحانه وتعالى- وهذا جعلني اتعلم أن ابتعد عن المهاترات وان اضع الكويت أمام عيني، واعمل مخلصاً وانتظر الأجر من الله سبحانه وتعالى.
فكل هذا الهجوم وكل هذه الاتهامات تأتي في «الريش» وليس في «العظم» فالاتهامات التي تصل إلى «العظم» هي فقط عندما يخل الإنسان بواجباته تجاه بلده، فهذه هي الجناية والجريمة التي لا يجوز التكفير عنها.
أيضا خلال عدم مشاركتي بالحكومات الأخيرة حصلت على مساحات أكبر للاقتراب من الناس والاستماع اليهم وتلمس مشاكلهم ومعاناتهم.
حساب يومي
< ومتى تحاسب نفسك؟
- أحاسب نفسي يومياً، ولا اضع رأسي على الوسادة قبل أن احاسب نفسي على كل ما صدر مني طوال اليوم، واحياناً أقسو على نفسي كثيراً عندما أكون غير راض عن شيء معين قمت به، مثلي مثل «خلق الله».
مجموعة الـ26
< كيف تعتقد أنك مستهدف، بينما شهد لقاء مجموعة الـ26 بسمو الأمير اشادة كبيرة بأحمد الفهد؟
- أولاً مجموعة الـ26 ليسوا كل أهل الكويت، وأنا اشكرهم للاشادة بي، كما اتقبل أي نقد من أي مواطن أو مسؤول وهذه الاشادة تجعلني «أحمل البرج على ظهري» فهذه مسؤولية أدعو الله أن يعينني عليها، فهي «ثقل ما بعده ثقل» لأن هذه الاشادة يجب ان نحافظ عليها وننميها ونطورها بالفعل لا بالقول حتى لا اخيب ظنهم. أيضا فإن مجموعة الـ26 أعلنت انهم يمثلون انفسهم ولا يمثلون تياراتهم الوطنية، وهناك مليون مواطن آخر قد يتفق أو يختلف معهم .
الأحزاب السياسية
< بمناسبة الحديث عن التيارات والكتل السياسية، نلاحظ ان 5 دول من اصل6 دول في مجلس التعاون الخليجي، اضافة إلى الجماهيرية الليبية، هي فقط الدول التي لا تسمح بإقامة أحزاب سياسية، ألا تتفق أن الوقت قد حان لإشهار الأحزاب السياسية بالكويت؟
- على المستوى الشخصي أرى ان قيام الأحزاب السياسية هو تطور طبيعي للمجتمع، وقد قلت هذا الرأي عام 2001 ومازلت أؤمن به، لكن هذا التطور يجب ان يتم بالتوازي مع تطور المجتمع المدني، كالنقابات والجمعيات والمؤسسات والقوانين، فهذه كلها بنية تحتية تؤسس العمل الديمقراطي.
صحيح اننا نعيش ضمن منظومة دولية تعتمد الأحزاب السياسية ضمن منظومتها الديمقراطية، ونحن بتأخرنا في هذاالجانب قد نشكل «نشازاً» في هذه المنظومة، لكن الأخطر «نشوزاً» في رأيي أننا الدولة الوحيدة في العالم التي يتم تفصيل القوانين فيها تفصيلاً، وقد يكون عدم الثقة بين السلطتين هو سبب هذا التفصيل، فغياب الثقة يجعل السلطة التشريعية تحدد تفاصيل التفاصيل بالقوانين بينما الاصل في أي قانون ألا يتضمن كل هذه التفاصيل، ويكتفي بالعموميات، تاركاً التفاصيل للوائح والانظمة، لكنني ألتمس العذر للجانب الآخر بعدم الثقة بين السلطتين.
ولذلك أرى ان الذوق العام لا يحتمل إشهار الأحزاب في الوقت الحالي، بالرغم من أن الاحزاب السياسية تعتبر «شبه موجودة» في الكويت، ومع هذا لا يمكنني ان احجز على الآراء المطالبة بإشهار الأحزاب السياسية، ولكنني أرى ان الخيار الذي قد يكون ممتازاً الآن ويمثل المرحلة الانتقالية هو السماح بإنشاء الجمعيات السياسية، وهي كما قلت «شبه موجودة».
أحمد الفهد لــ « عالم اليوم »: نعم.. أتهمت بأنني سبب صراع الأسرة ..وبدعم الاستجوابات.. وبإسقاط أبناء عمي.. وبعد 3 سنوات اتضحت الحقيقة..!
http://www.alamalyawm.com/uploads/6358/000511.jpg
كتب سامح هلال
قبل 3 سنوات تقريبا.. وبالتحديد في 11 يناير 2007 أي بعد صدور العدد الثالث لجريدة «عالم اليوم» دخل علينا الشيخ أحمد الفهد مباركاً إصدار الجريدة.. دخل علينا فجأة.. ودون موعد.. هو اعتبرها زيارة مباركة.. ونحن اعتبرناه فرصة لإجراء حوار صحفي معه.. خصوصا وان أحمد الفهد كان لا يتحدث لأحد من الصحافة بعد خروجه من حكومة 2006.. إذن هي فرصة صحفية متميزة.. عرضنا عليه الأمر فقال وقتها.. أنا لا استطيع أن اتكلم.. هناك أمور كثيرة تمنعني من الحديث للصحافة.. انتم شايفين «الجو».. ماذا سأقول إن تحدثت.. لكنني أعدكم بأن أول حديث ولقاء صحفي سيكون معكم.. ومع «عالم اليوم».. فقلنا له متى يا ابا فهد..؟ فرد بسرعة: عندما يحين وقت الحديث.. وعندما استطيع أن اتحدث بصراحة.. هذا وعد مني..!
وبعد مرور ثلاث سنوات.. ها هو الفهد يفي بوعده.. في حديث شامل مع «عالم اليوم» تحدث فيه الفهد -بعد ان دخل الحكومة نائبا لرئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير دولة لشؤون الإسكان ووزير دولة لشؤون التنمية- عن فترة ما بعد خروجه من حكومة 2006.. والاتهامات التي رافقته، مثل: الاطاحة بالحكومات المتتالية.. دعم الاستجوابات.. دعم نواب.. إسقاط أبناء عمه.. وصراع الأسرة.. وعن أمور كثيرة.
أما لماذا اختارت «عالم اليوم» الشيخ أحمد الفهد..؟ فالجواب لأن الحديث معه له مذاق خاص.. فهو «كالفهد».. يجيد فن الكر والفر.. ويخطف احترام «الصيادين» رغم عجزهم من اصطياده وإيقاعه في شباكهم..!
كما ان أحمد الفهد هو أحد ابرز الشخصيات السياسية المثيرة جدلاً في السنوات الاخيرة حتى بلغ الأمر اتهامه بإسقاط حكومات وتحريض نواب وتحريك استجوابات من «خلف الستار»..
كما ان الفهد يحظى بشعبية كبيرة.. وكاريزما وقدرات خاصة تؤهله لأن يكون أحمد الفهد كما أن أحمد الفهد أحد الأرقام الصعبة في الحسابات السياسية المتواجدة على الخريطة السياسية.. سواء أكان داخل الحكومة أو خارجها..!!
كما ان الفهد لا يجد حرجاً في الاعتراف بالخطأ.. أو الاعتذار عن «الزلات».. أو الصمود في وجه المحن والأزمات..!! لقد قالها.. أنا اعتبر الخصومة شرفا طالما بقيت ضمن «أخلاق الفرسان».. فلا ضرب تحت الحزام.. ولا كسر عظم..!!
أحمد الفهد متوهج.. قال الكثيرون ان دخوله للحكومة اعطى نكهة لها.. ومذاقا.. وطعما.. ورائحة.. هو متوهج دائما.. ومتفائل على الدوام، ويملك رصيداً ضخما من النشاط والحيوية، اضافة إلى رصيده المتجدد من الرؤى والطروحات المستقبلية التي تميزه عن غيره، وتضعه على سلم النجاح السياسي لذلك يصبح الحديث مع نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير التخطيط والاسكان الشيخ أحمد الفهد ذا مذاق خاص..
«عالم اليوم» استضافت الفهد في حوار شامل هو الأول له منذ اكثر من ثلاث سنوات، وعبر ساعتين من الحوار الودي الهادئ أجاب الفهد بصراحة على أسئلة «عالم اليوم» ليضع النقاط على الحروف في كثير من القضايا السياسية، وتوجهات الحكومة تجاهها، فإلى تفاصيل اللقاء:
< بعد مرور شهور قليلة على التشكيل الحكومي الأخير.. هل ترى تجانسا بين أعضاء الفريق الوزاري.. وما هي ملامح هذا التجانس حاليا ومستقبلا؟
لقد وضعت الحكومة الحالية مرتكزات اساسية لانطلاقها .. صحيح أن هذه المرتكزات لم تظهر بشكل واضح حتى الآن بسبب فترة الصيف التي اعقبت تشكيل الحكومة، وهي فترة نعرف جميعا ان الاداء يكون فيها ضعيفا او محدودا إلى حد كبير، ومع ذلك حاولت الحكومة ان تقفز قفزات سريعة في هذه الفترة المحدودة، على الرغم من الظروف السياسية التي شهدتها هذه الفترة ومنها استجواب وزير الداخلية.
ومن أهم مرتكزات الحكومة الحالية ترسيخ الوحدة الوطنية ولذلك ارى ضرورة التعامل بسرعة وحزم مع ذلك التمزق الذي يحدث في نسيج الوحدة الوطنية، ويجب وضع آلية وقرارات شاملة للتعامل مع هذه القضية المصيرية، لاسيما ان هناك اشخاصا لا يقدّرون معنى كلمة الحرية، وساهموا بتشويه معاني الديمقراطية وتفكيك أواصر المجتمع، واعتقد ان هذا الأمر هو احد أهم مرتكزات الحكومة الحالية لما يمثله من أهمية للكويت وهو ما تضمنه الخطاب الأميري والنطق السامي.
أيضا لقد استشعرت الحكومة الحالية الغضب والضجر واليأس الموجود في الشارع بسبب جمود وتراجع التنمية، لذلك وضعت ضمن مرتكزاتها استنهاض الهمم وتحديد خارطة الطريق لإعادة الكويت إلى الطريق الصحيح في التنمية والريادة بشكل ايجابي يرفع اليأس من الشارع الكويتي، حتى إنه خلال الانتخابات البرلمانية السابقة وجدنا أنه ما من حملة انتخابية بل وندوة انتخابية خلت من الحديث عن هذا الخلل وهذا الشعور باليأس والاحباط، واكثر من ذلك فإن رسائل المراقبين والنقاد ومؤسسات المجتمع المدني اكدت ان المواطنين مستعدون لتقبل الجمود في كل شيء شريطة انطلاق قطار عودة بناء الدولة والتنمية، ولذلك فإن الحكومة الحالية جعلت التنمية على رأس مرتكزاتها التي تنطلق منها بتوجيهات وحرص سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد.
المرتكز الثالث للحكومة الحالية هو توطيد العلاقة بين السلطات عامة، وبالاخص بين السلطتين التشريعية والتنفيذية هذه العلاقة التي شابها التوتر في فترات سابقة وتسببت في فترة قصيرة بأكثر من حل دستوري وانتخابات وتوتر بين السلطتين لذلك ترى الحكومة الحالية وجوب الحرص على ايجاد طريقة لتطوير هذه العلاقة وتفعيلها والوصول إلى مراحل أفضل بالتفاهم بين السلطتين.
هذه القضايا الثلاث اعتبرتها الحكومة الحالية مرتكزات اساسية لها على المستوى المحلي، أما على المستوى الخارجي فتعي الحكومة أن الكويت جزء لايتجزأ من المجتمع الدولي، وعليها التزامات وواجبات تجاه هذا المجتمع، يؤهلها للقيام بالدور الفعال من خلال الطرق الدبلوماسية المعروفة، وهو ما تعمل الحكومة على تفعيله من خلال الزيارات الرسمية الخارجية لعدد كبير من الدول في شتى القارات، وفتح مزيد من السفارات، والمشاركة في المنتديات والفعاليات الدولية، لإحداث مزيد من التوازن مع جميع الدول.
فالفلسفة الحكومية والمرتكزات الاساسية لها في المرحلة الحالية على الصعيد الدولي ان تكون الكويت عنصرا فعالا في المجتمع الدولي مع الأخذ بالحسبان المتغيرات الدولية والمخاطر التي قد تكون سببا تهديد بشكل أو بآخر للكويت ومصالحها، وعلى الصعيد المحلي: الوحدة الوطنية، والتنمية، وعلاقة متجانسة وفعالة بين السلطتين.
الوحدة الوطنية
< تحدثتم عن الوحدة الوطنية باعتبارها أحد المرتكزات الرئيسة للحكومة الحالية، لكننا في المقابل نجد ضعفا -أو لنقل صمتا- حكوميا تجاه مواجهة محاولات النيل أو العبث بالوحدة الوطنية، ولا نجد اجراءات ملموسة تجاه بعض العناصر التي تحاول شق الصف الوطني، فكيف نفهم هذا التناقض؟
- الحقيقة أن الاجراءات الحكومية في هذا الجانب تنقسم إلى قسمين ، الأول اجرائي يتمثل في فلسفة شاملة لتفعيل هذا المحور والثاني يتمثل في آليات الخلل الموجودة في التشريعات وهنا أقول بكل صراحة وهذا رأيي الشخصي، ان هناك اطرافا معينة هي التي تسعى لنشر هذه الفتنة في المجتمع وتستغل الحرية بشكل خاطئ لتفكيك المجتمع وخلق صراعات وتفعيل اجندات نحن في الكويت في غنى عنها تماما خصوصا في هذه المرحلة.
وأقولها بصراحة أكثر... هناك نقص في التشريع في التعامل مع هذا الملف، ويجب تغطية هذا النقص بأسرع وقت ممكن حتى تثبت الحكومة مصداقيتها في معالجة هذا الخلل وبالفعل بدأت الحكومة التحرك في طريقين متوازيين، أولهما تشكيل لجنة عليا للوحدة الوطنية، وسيتم اختيار اعضائها من الشخصيات الوطنية وذوي السمعة الحسنة ومن المحايدين لوضع مرئياتهم لمعالجة هذا الملف بعيدا عن العلاقات بين السلطات وبين التيارات السياسية المختلفة وآخرهما البدء بإعداد مشاريع قوانين لتغيير أو تعديل بعض التشريعات الحالية ذات العلاقة بهذا الملف حتى تصبح أكثر فعالية في تفعيل الوحدة الوطنية.
ومع ذلك فإنني على يقين بأنه لايجب الاكتفاء بهذه الامور، وعلى الحكومة ان تجد حلولا سريعة وفعالة لهذه المشكلة، واؤكد لكم ان هناك توجها كبيرا داخل مجلس الوزراء لوأد أي نوع من أنواع الفتن ودعم الوحدة الوطنية.
استجوابات محتملة
< تسبب النهج السائد في الحكومات الاخيرة السابقة بالتعامل مع الاستجوابات بتوتر سياسي ادى إلى ازمات وأكثر من حل دستوري لمجلس الامة، ونحن الآن نقرأ ونسمع عن استجوابات محتملة لوزراء واقطاب في الحكومة خلال دور الانعقاد المقبل، فهل سيستمر النهج الحكومي السابق في التعامل مع هذه الاستجوابات، أم لدى الحكومة الحالية منهج جديد؟
- الاستجواب حق دستوري، وأقولها بصراحة وواقعية لقد أصبح الاستجواب جزءاً اساسيا في المخاض السياسي والعراك السياسي الكويتي- بل وهذا رأيي الشخصي- لقد خرج الاستجواب عن مفهومه الدستوري، ودخل في مفهوم الاجندات. أما الاستجواب كحق دستوري، فهو سؤال مغلظ لقضية معينة لكن عندما يتضمن الاستجواب سبع قضايا بعضها قديم وبعضها جديد، فهذا يؤدي إلى اهتزاز الاستجواب، ولكنه لا يلغيه كحق دستوري لجميع النواب في مراقبة ومحاسبة السلطة التنفيذية واؤكد للجميع ان اساس فكر الحكومة الحالية هو «التضامن» واساس تكوين مجلس الوزراء هو «التضامن» وارجو الا تتم قراءة معنى «التضامن الحكومي» بشكل خاطئ، أي ألا يقرأ وكأننا ضد الفئة أو الكتلة او التيار الذي يقدم الاستجواب، وانما هو جزء اساسي من الدور الحكومي، وقد لا يكون أحمد الفهد هو رأس الحربة في هذا الدور مثل السابق، لكنني في النهاية – مثل بقية الأخوة الوزراء- سأتضامن مع أي وزير يتعرض لهذا الجانب، فالجانب التضامني جزء اساسي لأي حكومة ناجحة، وبدون هذا التضامن تقل فرص نجاح أي حكومة.
مسؤولية مباشرة
< يا شيخ أحمد.. وين ترى هذا التضامن في رفض وزير الداخلية الرد على اسئلة النائب مسلم البراك، بينما تأتي الاجابة من وزير العدل في قضية اللوحات الاعلانية؟
- يجب هنا ألا يتم الخلط بين التضامن والمسؤولية، فالتضامن المقصود على مستوى مجلس الوزراء، اما العمل التنفيذي المباشر فيصبح من مسؤوليات كل وزير، لأنه المسؤول عن وزارته وأعمال وزارته، وتتم محاسبته وفقا لهذا الجانب فقد يكون الفريق القانوني لوزير الداخلية قد نصحه بأمر معين، وقد يكون الفريق القانوني لوزير العدل نصحه بأمر آخر، وان كنت اشك في ذلك لأن الامور المتعلقة بالاسئلة النيابية يتولاها الفريق القانوني بمجلس الوزراء، ولكنني لا استطيع الاجابة عن الآخرين، خصوصا انني لم اسمع من الوزيرين بعد وجهة نظرهما، ولكن اجراءات كل وزارة من مسؤوليات الوزير المعني.
أما التضامن الذي اتحدث عنه فيخص قرارات مجلس الوزراء وليس قرارات كل وزير باعتباره مسؤولا بشكل مباشر عن امور وزارته.
أجندات سياسية
< هل الوزير أحمد الفهد قبل 2006 هو نفسه الوزير أحمد الفهد في حكومة 2009 وبصراحة اكثر هل عدت إلى الحكومة للقيام بنفس الدور السياسي الذي كنت تمارسه في الحكومات السابقة، وهو قيادة التكتيكات وحماية الحكومة من الاستجوابات؟
- أحمد الفهد قبل 2006 هو نفسه أحمد الفهد اليوم، طبعا تطورت الخبرة والممارسة فمن الطبيعي ان يتطور الانسان ويتعلم من تجاربه السابقة وأحمد الفهد ايام حكومات ما قبل 2006 تم التركيز عليه من جانب تركيزه على التكتيكات البرلمانية والعمل البرلماني، وتجاهلوا تماما عمله الوظيفي وانجازاته داخل الوزارة وطغى هذا الأمر على ما سواه، والحقيقة ان الكويت في تلك الفترة كانت تمر بظروف مختلفة تماما عن غيرها، بسبب ظروف انتقال السلطة، والاجندات السياسية المتشابكة بين القوى السياسية المختلفة.
ومن هنا قد تكون بعض القوى السياسية ، وبسبب هذه الظروف، تعتبر أحمد الفهد خصما لها، ولذلك ركزوا على عملي التكتيكي السياسي والبرلماني، وهو جزء اساسي من عمل اي حكومة، وبخسوا حقي في الجانب التنفيذي داخل الوزارات التي توليتها.
وانا مستعد للحساب بالورقة والقلم فيما يتعلق بدوري التنفيذي السابق، فقد عملت في خمس وزارات، كان الرضا الوظيفي في جميع هذه الوزارات مرتفعا وحتى اثناء الصراع السياسي لم يتم استغلال هذا الأمر اطلاقا، والدليل وجود هذا الرضا الوظيفي في جميع الوزارات التي توليتها، وذلك عكس ما نراه اليوم من خلال التسريبات التي تدل على عدم وجود رضا وظيفي في بعض الوزارات.
فهناك تاريخ يشهد على الانجازات والقرارات التي تمت اثناء عملي التنفيذي، واتمنى من اي باحث ان يعود لهذه الانجازات ويضعها تحت المختبر البحثي والدراسي حتى يمكن تقييمها تقييما عادلا لايبخس حق أحد.
أيضا على مستوى القضايا السياسية دعمنا وبكل قوة حقوق المرأة السياسية، وهذا من تطور الديمقراطية والحريات في الكويت، ودعمنا قانون الصحافة الجديد وحرية اصدار الصحف ومن ثمرة هذا القانون صدور الصحف الجديدة ومنها «عالم اليوم» التي تستضيفني اليوم، اضافة إلى تشكيل النقابات ، وعودة جمعيات النفع العام بآلياتها الجديدة فعلى مستوى الحريات وتوسيع رقعة المجتمع المدني والمشاركة الشعبية فهذه القرارات شاركت فيها بشكل مباشر، وعلى المستوى الاقتصادي ساهمت مع الحكومات التي شاركت فيها بادخال القطاع الخاص لأول مرة في المشاريع النفطية، اضافة إلى قرارات اقتصادية أخرى.
فليس معقولا ان نتجاهل هذه الانجازات ونسوي «فوكس» على الصراع السياسي الذي حدث بسبب الاجندات السياسية، وهو صراع سياسي «مقبول» ولا أرفضه ولا يجب ان يؤدي إلى خصومة وعداء، فهذه سمة السياسة والسياسيين، لكن ايضا من المعيب ان يُبخس الحق بالجوانب الأخرى.
وحتى في قضايا تشويه السمعة فلله الحمد لم تستغرق قضية هاليبرتون اسبوعين، واعتبرت المحكمة ان القضية «غير جدية» وهو ما يعني «بلاغ كاذب».
فقد دخلنا في الصراع السياسي بسبب الدوائر الانتخابية، وما بين 24 ساعة انقلبت الطاولة وظهرت الآراء المختلفة «دائرة واحدة، و5 دوائر و10 دوائر، و25 دائرة» وانا اعترف بأنني دخلت في هذا الصراع لكنني لم اكن «جبانا» في اخفاء وجهة نظري، وتحملت مسؤوليتي كاملة وكنت عنصرا فعالا لبناء المجتمع وليس لخلق الصراعات لكن ارجو ألا يبخس حقي التنفيذي على جميع المستويات من حريات واقتصاد ورضا وظيفي وغيرها.
وارى نفسي اليوم من خلال موقعي الوزاري محملا المسؤولية مضاعفة ففي المرحلة السابقة كانت المسؤولية تتعلق بالأجندات السياسية واستجوابات ضمن تلك الأجندات، فقد تم استجواب يوسف الإبراهيم لأنه ليبرالي، وظهرت رؤى الأجندات السياسية لإفشال هذه الحكومة أو تلك، كل هذه التحديات تمثلت في الأجندات السياسية، أما اليوم فإن الصراع الأكبر هو التنمية، وفي المرحلة السابقة كان المواطنون يبحثون عن الاستقرار ووضوح الرؤية السياسية في البلد، أما الآن فإن الجميع يبحث عن التنمية، فتغير العنوان ولم يتغير الشكل وأصبحت مسؤولاً- بصفتي عضواً بالحكومة- عن القيام بهذا الدور ومن واجبي تأديته على أكمل وجه.
والإنسان الذكي عليه ان يستفيد من الماضي للتطور نحو المستقبل أما الإنسان الغبي فهو الذي لا يستفيد من تجارب الماضي ولا يتطور إلى الأمام.
واعترف بأنني تطورت واستفدت من التجارب السابقة، لكنني مازلت أحمد الفهد الذي يدعم «الطوفة» عند ظهور الحق. والذي لديه استعداد للاستغناء عن منصبه من أجل الدفاع عن قناعاته ومبادئه، ففي هذا الإطار لم ولن يتغير أحمد الفهد.
داخل وخارج الغرف
< مازال بعض أطراف التيار الليبرالي يهاجمون أحمد الفهد، بل ويتربصون به، فما أسباب هذا الهجوم، وهل لديك مشكلة مستمرة مع الليبراليين؟
- أولاً فإن علاقتي طيبة بالجميع- على الأقل داخل الغرف- أما خارج الغرف فما أدري عنها شيئاً، فكل يقيّم نفسه.
الأمر الآخر فإنني من الذين «يستانسون» من وجود اشخاص ينتقدونني، ولا اعتبر الخصومة السياسية عداء، بل ولا اتعامل معها بشكل شخصي، والدليل انني تعرضت لهجوم شديد من اطراف كثيرة، وتعاملت مع هذا الهجوم بهدوء على الرغم من ان جزءا منه يبلغ حد «الاساءة» والتجريح، ومع ذلك لم اتقدم بشكوى واحدة ضد من هاجمني أو انتقدني أو حتى أساء لي، ولم ارفع قضية واحدة ضد احد منهم.
ايضا فإن النقد والمعارضة لأفعال وآراء الشخص العاقل تجعله يفكر كثيراً قبل الإقدام على أي خطوة، ما يقلل الأخطاء ان لم ينهها تماماً، وهذا أمر ايجابي للنقد والمعارضة، وأشكر كل من انتقدني وهاجمني وعارضني وجعلني أعود عن أخطائي.
كذلك فإنني أؤمن بأن نصف الصراع يقتصر على «الحجي»، وهذا «الحجي» ينتهي عندما تظهر الإنجازات، وهذا يجعل الإنسان يجتهد لوضع بصماته حتى يثبت عكس ما يقال.
فالإنسان إما أن يتعامل مع النقد والمعارضة بشكل سلبي ويقيم الخصومة والعداء مع منتقديه ومعارضيه، فيتحول الأمر إلى حرب «تكسير عظام» وهذا الأسلوب أرفضه تماماً لأنه لا يمكن العمل ولا الإنجاز ولا البناء عندما تشتعل الحروب، وإما أن يتعامل مع النقد والمعارضة بشكل هادئ، ويتخذ منهما طريقاً للعمل والبناء، وهذا أسلوبي، وتلك فلسفتي في التعامل مع من يهاجمني وينتقدني.
أزمة ثقافة
< هل نفهم من ذلك أنك تعارض إقامة دعاوى قضائية ضد منتقدي المسؤولين الحكوميين، وبم تفسر سيل القضايا المرفوعة ضد صحف وقنوات فضائية وكتّاب انتقدوا وزراء بالحكومة؟
- لا يختلف أحد على أننا نعاني من أزمة ثقافة في الكويت وهذا الخطر الأكبر علينا جميعاً، لأن تفاقم أزمة الثقافة أدى إلى تفكيك المجتمع وتأجيج نار الفتنة، واختفاء قيم وعادات جميلة توارثناها من موروثنا الجميل، اضافة إلى أصعب الصعاب وهو توقف التنمية.
فيجب معالجة جيل كامل للقضاء على هذه الأزمات، ودائماً أكرر هذا الكلام وسأظل أكرره خشية على نفسي وعلى وطني وأبناء وطني.
وأقول انه على الرغم من سيل القضايا التي تتحدثون عنها فقد استمرت الصحافة الكويتية في ممارسة حقوقها بالكامل، حتى وضعت الاحصاءات الدولية الكويت بالمرتبة الأولى في حرية الصحافة، ومع ذلك فإن هذه القضايا شخصية، ولا تؤثر على الحرية بشكل عام، بل لعلها جزء من حرية الإنسان في اتخاذ ما يراه مناسباً اذا اعتقد ان الطرف الآخر تجاوز حدود حريته.
فعندما وضعنا قانون الصحافة بالتعاون مع الأخوة في الحكومة وفي مجلس الأمة، وضعناه على التوازن، فمثلما اتيحت الحرية للجميع بفتح الصحف والمجلات والقنوات الفضائية، يجب ان نحفظ كرامة الأغلبية العظمى التي ليس لديها الإمكانات لامتلاك وسائل إعلام، ومن ذلك أن نحفظ للجميع حقوقهم القانونية في المقاضاة.
وفي رأيي الشخصي اعتقد بوجوب زيادة التعويض المدني المنصوص عليه بالقانون.
ويبقى ان لكل إنسان حرية تقدير ما يراه نقداً وما يعتبره أساءة وتجريحا، والفيصل في ذلك القضاء.
وهنا أتمنى، بل احلم، ان يتم تجميد جميع الأجندات السياسية في هذه المرحلة، وأن يتوجه الجميع إلى التنمية، وتوفير المناخ الصحي للتنفيذيين لإعادة قطار التنمية، ثم بعد ذلك نعود للصراع السياسي الذي يعد مشهداً مألوفاً في كل الديمقراطيات العالمية.
وللانصاف لا يمكن ان نبخس حق أحد يرى ان التجريح والإساءة اصابته أو أصابت عائلته، فالكلفة هنا تمتد إلى الكرامة والسمعة والعائلة، وهذا أمر لا يرضاه أحد، لاسيما عندما يتم استخدام كلمات «تعور».
ولكل شخص حق تقدير هذه الإساءة، أما بالنسبة لي فلم أرفع قضية واحدة خاصة بالنقد، انما كنت فقط ألجأ للقضاء عندما يتعلق الأمر بالذمة المالية، وهي قضايا معدودة والغرض منها إبراء ذمتي المالية.
وأتمنى أيضا، بل احلم أيضاً، ان تعود جميع التيارات السياسية إلى العهد الكويتي القديم عندما كان الصراع «صراع فرسان» وهو صراع لا يتخلى عن القيم والأخلاق النبيلة، وهذا ما فقدناه في هذه المرحلة، وهنا ألوم نفسي قبل أن ألوم التيارات السياسية، لأننا جميعاً مشاركون في غياب أو اختفاء «صراع الفرسان» واستبداله بأنواع أخرى من الصراعات هدفها الأول والأخير «كسر عظم» الخصوم والمعارضين، أما في السابق فلم يكن لدينا هذه الانواع من الصراعات.
اتهامات في «الريش»
< ماذا تعلّم الشيخ أحمد الفهد من تجربته خلال أكثر من ثلاث سنوات قضاها خارج الحكومة؟
- تعلمت أنه ليس شرطاً ان يفرض «الصواب» نفسه على المجتمع، وان الخطأ أحياناً يسيطر ويفرض نفسه على المجتمع، فالذوق العام ليس مرتبطاً بالصواب والخطأ، وانما يرتبط الذوق العام بأدوات اخرى، منها الإعلام، واللوبي، والشطارة، والانتشار و«من سبق لبق».. فهذه من الأمور التي تعلمت واستفدت منها بشكل كبير، مع اعتبار أن الصواب والحق هما الاقوى دائماً ولا يمكن أن ينتصر عليهما الخطأ والباطل.
الأمر الأهم الذي استفدت وتعلمت منه، أن من يحب الكويت لا فرق عنده أن يكون داخل الحكومة أو خارجها، فعليه أن يضع الكويت امام عينيه ويعمل بجد وإخلاص ولا ينظر إلى الأمور الأخرى، فلن يحصل الإنسان الا على نصيبه المقسوم له.
شيء آخر لفت نظري انني طوال تواجدي في حكومات ما قبل 2006 لم يهاجمني أحد الا خلال الأسبوعين اللذين اشتد فيهما صراع الدوائر، وفيما عدا ذلك لم يتم استهدافي بشكل مباشر خلال عملي كوزير، لا داخل مجلس الأمة- فعلاقتي طيبة مع الجميع ولله الحمد- ولا مع زملائي الوزراء، ولا مع رئيس حكومتنا – آنذاك- سمو الأمير حفظه الله.
أما ما تعرضت له من صراع وهجوم بعد خروجي من الحكومة.. فيزيد عما تعرضت له اثناء وجودي بالحكومة عشرات المرات، واتهموني بأنني سبب صراع الأسرة، وسبب صراع الكتل، وداعم للاستجوابات وغير ذلك من اتهامات، ولكن لله الحمد بعد ثلاث سنوات من الهجوم اتضح للجميع انني لم أكن سبباً لأي من ذلك- وان كان الكمال لله سبحانه وتعالى- وهذا جعلني اتعلم أن ابتعد عن المهاترات وان اضع الكويت أمام عيني، واعمل مخلصاً وانتظر الأجر من الله سبحانه وتعالى.
فكل هذا الهجوم وكل هذه الاتهامات تأتي في «الريش» وليس في «العظم» فالاتهامات التي تصل إلى «العظم» هي فقط عندما يخل الإنسان بواجباته تجاه بلده، فهذه هي الجناية والجريمة التي لا يجوز التكفير عنها.
أيضا خلال عدم مشاركتي بالحكومات الأخيرة حصلت على مساحات أكبر للاقتراب من الناس والاستماع اليهم وتلمس مشاكلهم ومعاناتهم.
حساب يومي
< ومتى تحاسب نفسك؟
- أحاسب نفسي يومياً، ولا اضع رأسي على الوسادة قبل أن احاسب نفسي على كل ما صدر مني طوال اليوم، واحياناً أقسو على نفسي كثيراً عندما أكون غير راض عن شيء معين قمت به، مثلي مثل «خلق الله».
مجموعة الـ26
< كيف تعتقد أنك مستهدف، بينما شهد لقاء مجموعة الـ26 بسمو الأمير اشادة كبيرة بأحمد الفهد؟
- أولاً مجموعة الـ26 ليسوا كل أهل الكويت، وأنا اشكرهم للاشادة بي، كما اتقبل أي نقد من أي مواطن أو مسؤول وهذه الاشادة تجعلني «أحمل البرج على ظهري» فهذه مسؤولية أدعو الله أن يعينني عليها، فهي «ثقل ما بعده ثقل» لأن هذه الاشادة يجب ان نحافظ عليها وننميها ونطورها بالفعل لا بالقول حتى لا اخيب ظنهم. أيضا فإن مجموعة الـ26 أعلنت انهم يمثلون انفسهم ولا يمثلون تياراتهم الوطنية، وهناك مليون مواطن آخر قد يتفق أو يختلف معهم .
الأحزاب السياسية
< بمناسبة الحديث عن التيارات والكتل السياسية، نلاحظ ان 5 دول من اصل6 دول في مجلس التعاون الخليجي، اضافة إلى الجماهيرية الليبية، هي فقط الدول التي لا تسمح بإقامة أحزاب سياسية، ألا تتفق أن الوقت قد حان لإشهار الأحزاب السياسية بالكويت؟
- على المستوى الشخصي أرى ان قيام الأحزاب السياسية هو تطور طبيعي للمجتمع، وقد قلت هذا الرأي عام 2001 ومازلت أؤمن به، لكن هذا التطور يجب ان يتم بالتوازي مع تطور المجتمع المدني، كالنقابات والجمعيات والمؤسسات والقوانين، فهذه كلها بنية تحتية تؤسس العمل الديمقراطي.
صحيح اننا نعيش ضمن منظومة دولية تعتمد الأحزاب السياسية ضمن منظومتها الديمقراطية، ونحن بتأخرنا في هذاالجانب قد نشكل «نشازاً» في هذه المنظومة، لكن الأخطر «نشوزاً» في رأيي أننا الدولة الوحيدة في العالم التي يتم تفصيل القوانين فيها تفصيلاً، وقد يكون عدم الثقة بين السلطتين هو سبب هذا التفصيل، فغياب الثقة يجعل السلطة التشريعية تحدد تفاصيل التفاصيل بالقوانين بينما الاصل في أي قانون ألا يتضمن كل هذه التفاصيل، ويكتفي بالعموميات، تاركاً التفاصيل للوائح والانظمة، لكنني ألتمس العذر للجانب الآخر بعدم الثقة بين السلطتين.
ولذلك أرى ان الذوق العام لا يحتمل إشهار الأحزاب في الوقت الحالي، بالرغم من أن الاحزاب السياسية تعتبر «شبه موجودة» في الكويت، ومع هذا لا يمكنني ان احجز على الآراء المطالبة بإشهار الأحزاب السياسية، ولكنني أرى ان الخيار الذي قد يكون ممتازاً الآن ويمثل المرحلة الانتقالية هو السماح بإنشاء الجمعيات السياسية، وهي كما قلت «شبه موجودة».