الإخوان على أبواب الكويت .. بقيادة فيصل الدويش

[علي علي]

الكويت قبل النفط.. مذكرات س. ستانلي ج - ماليري الطبيب في البحرين والكويت 1907 - 1947



http://www.aldaronline.com/AlDar/UploadAlDar/Article%20Pictures/2009/10/20/M1/182042469-p41-01_med_thumb.jpg
س . ستانلي ج ماليري وزوجته في
بالزي العربي على غلاف الكتاب


إعداد ظاهر شاهر

• ابن سعود تطلع للكويت رغبة في مينائها العميق
• هزيمة القوات الكويتية بقيادة دعيج السلمان على يد الإخوان
• 22 مايو تدشين بناء سور الكويت الثالث وضريبة تشمل سكان المدينة.. والتجنيد اجباري
• هجمات مستمرة على الكويت وخسائر كبيرة
• الاخوان نهبوا الجهراء والشيخ سالم محاصر فيها
• الأهالي: حالما تخف الحرارة سيهاجمنا الإخوان



تميز عام 1920 بازدياد حدة التوتر مابين الكويت والمملكة العربية السعودية وقد بلغت سطوة جيش الملك ابن سعود المؤلف من الاخوان الوهابيين اوجها في هذا العام بعد هزيمة قبائل شمر في الشمال واحتلال عاصمتهم «حائل» اذ اصبحت كل بلاد شمر كما هي اليوم جزءا من امبراطورية ابن سعود واصبح الاخوان في نظر الناس قوة لا تقهر.

ومن المؤكد ان ابن سعود كان يتطلع الى الكويت بشوق نظرا لمينائها العميق وكان امتلاك هذا الميناء منفذا هائلا لامبراطوريته الجديدة. وكان الشيخ مبارك العظيم - الوحيد القادر على التعامل مع ابن سعود وتجنب الحرب معه- يرقد في قبره منذ اربع سنوات.

تحرشات

وقد ازدادت تحرشات الاخوان بالكويت خلال شهر مايو من ذلك العام فكانوا يشنون هجمات مستمرة على الاراضي الكويتية فيفقدون بعض الرجال لكنهم يسببون للكويت الكثير من الخسائر في الجمال والخراف والماعز وقد هزمت القوات الكويتية بقيادة دعيج بن سلمان في منتصف مايو هزيمة شنيعة على يد الاخوان.

واسر دعيج السلمان بينما فقد هلال المطيري وهو اغنى تاجر في الكويت الف جمل وازداد الشعور بالعداء لابن سعود في الكويت.

أنا السور

ولم اتمالك نفسي، وانا اشاهد تحفة سالم، من استعادة كلمات الشيخ مبارك العظيم عندما سألته لماذا لم يبن سورا حول الكويت واجابني «انا سور».

الصيف

في الجزء الثاني من كتاب صموئيل الباب الحادي عشر الفصل الاول، نجد الجملة التالية «عندما يذهب الملوك الى المعركة»، وكنت وانا طفل اسخر دائما من ملاحظة المؤرخ القديم التي تشير الى انه لولا ظروف معينة خارجة عن ارادة الملوك لذهبوا الى الحرب طوال السنة، وفي الجزيرة العربية، حيث تكون الصحراء في الصيف كالفرن المشتعل لا يمكن شن الحرب، فالجمال والرجال قادرة على بعض ذلك الحر، ولكن الخيول التي تحتاج الى كميات وفيرة من المياه غير صالحة للحرب في الصيف.
وكان الصيف يقترب من نهايته، واصبح معدل درجة الحرارة 98 درجة فهرنهايت وكان اهالي الكويت يقولون طوال اسابيع «حالما تخف الحرارة سيهاجمنا الاخوان»، ولم تكن المدينة قد نسيت كارثة مايو، وكان الحقد على ابن سعود في اوجه، فقد هزمت الكويت مرة وكانت تخشى المواجهة الثانية.

فيصل الدويش
وكانت تسود المدينة حالة توتر وقلق وبدأت القوات بالتجمع في اليوم الثامن من اكتوبر ووصلت انباء تقول ان قوات ابن سعود بقيادة فيصل الدويش تهدد الجهراء وهي قرية زراعية على بعد 18 ميلا غربي الكويت، وكان الشيخ سالم وجيشه في الجهراء لانها موقع اساسي لصد اي هجوم على مدينة الكويت.
كان السؤال المقلق الذي تردد على كل شفة هو «ماذا نفعل اذا هزم رجالنا؟» جرى التشدد في التجنيد الاجباري وتم تفتيش دقيق لكل بيت ادى الى الحاق بضع مئات من الرجال بالجيش، وتم اثناء الليل تدعيم سور الكويت وكان المدافعون عند السور يشجعون بعضهم بترديد اغنيات الحرب. وكان نومنا في الارسالية اثناء الليل صعبا لاننا كنا نبعد 350 ياردة عن الطرف الغربي للسور.

السور الثالث
وقام الشيخ سالم حاكم الكويت الجديد في 22 مايو بتدشين بدء العمل في سور جديد للمدينة وكان هذا ثالث سور للمدينة في تاريخ الكويت اما السوران السابقان فقد تجاوزتهما المدينة المتسعة باستمرار منذ زمن بعيد، وكان السور الجديد يمتد في شكل نصف دائري خلف الكويت من البحر الى البحر. وكان بناء هذا السور اية في التنظيم فقد فرضت الضريبة على سكان المدينة وتم تعيين مسؤوليات محددة لرجال المدينة البارزين وعين شخص مسؤولا عن الحفر وآخر عن الصلصال وثالث عن المواصلات وكان الصلصال المادة الرئيسية المستعملة في البناء وبما ان طول السور يبلغ ثلاثة اميال وسمك جداره ست اقدام وارتفاعه عشرين قدما، فان كمية الصلصال المطلوبة كانت هائلة وعين رجل آخر مسؤولا عن توفير الجص والملاط بكميات كافية، ورابع مسؤولا عن اطعام آلاف العمال، وخامس عن حل مشكلة توفير مياه الشرب للعاملين.

مدينة مسورة
واستمر العمل الجاد طوال الصيف اللاهب وتم بناء السور في سبتمبر اي خلال اربعة شهور، وكان انجازا رائعا، وامتد السور اكثر من ثلاثة اميال وعزل المدينة من ناحية البر وقد جرى مد طرفيه الى داخل البخر والى مدى ابعد من المياه الضحلة الراكدة لمنع العدو من تسلق السور اثناء الجزر، وكان للسور بوابات ثلاث، وبوابة رابعة خاصة بالامير قرب قصر دسمان الخاص به وكانت البوابات اشبه بالحصون المنيعة وقد زود السور بابراج لها فتحات تطلق منها النار كل ثلاثمائة ياردة وكانت هناك على طول السور من الداخل عارضة خشبية يمكن للمسلحين الوقوف عليها واطلاق النار على العدو من فتحات الجدار وهكذا كان السور آخر خط الدفاع واخر انجاز في فن الدفاع كما يفهمه العرب واصبحت الكويت
مدينة مسورة.

مدافعون
وفي العاشر من اكتوبر وقعت المعركة. فبينما كنت اتناول الشاي مع زوجتي على شرفة منزلنا في الصباح الباكر سمعنا صوت الرصاص من الجهراء. واملأ الجو بالشائعات المتناقضة. واصاب الجميع حالة هياج. وهرع الجميع ـ الاغنياء والفقراء، الكبار والصغار، الاحرار والعبيد ـ الى البوابات والسور لاخذ اماكنهم ومساندة المدافعين عنه. وادرك الجميع انه اذا انتصر العدو في الجهراء فسيهاجم الكويت دون انذار. ولم يكن هناك اي شخص دون سلاح، وكان الجميع تقريبا مسلحين ببنادق من الطراز «ماوزر» و «مارتيني» وكانت الذخيرة متوافرة بكثرة. وكان بعض الناس مسلحين بالسيوف والمسدسات بالاضافة الى البنادق ولم اتمكن من تمييز اصدقائي اذ كان الجميع يرتدون اثوابا قصيرة بيضاء ومتمنطقين بالاسلحة، وعلى رأس كل منهم حطة بيضاء وعقال اسود.

حصار
زارنا عند الظهر المعتمد السياسي البريطاني الكولونيل ج.سي. مور، و اخبرنا انه سمع بان الشيخ سالم محاصر في قلعة الجهراء وانه معرض للخطر الشديد، وبعد حديث قصير اخذني بسيارته الى بوابة السور الجديد الرئيسية. وكان الشيخ احمد، ولي عهد الكويت، هناك واكد لنا الاخير ان كل شيء على ما يرام وانه لا داعي للقلق.
لاجئون
ولكن المشهد الذي واجهنا نفى تفاؤله. فقد كان اللاجئون من الجهراء ومن الصحراء يتدفقون على البوابة عائلات بكاملها مع امتعتها المنزلية وجمالها وحميرها وكلابها. وكانت هناك فتاة بدوية تحاول جاهدة ادخال جمل هائج عبر البوابة. ولم تتمكن من ذلك الا بمساعدة سبعة رجال قاموا بضرب الجمل ودفعه بكل قوتهم داخل البوابة. وتكررت هذه الحادثة مرارا، فالجمل يكره البوابات، فكيف بالابواب الصغيرة.
وكان كل قادم جديد يلقى سيلا من الاسئلة تطرح عليه من عدة رجال يصرخون بأعلى صوتهم في آن واحد. ولم أتمكن من فهم الحوار. وكان الشيخ احمد يوجه بعض الاسئلة، لكن الجميع كانوا يقاطعونه باستمرار بتدخلهم في الحديث.
وكانت حمير البدو السوداء الصغيرة تعبر البوابات وهي لا تكاد ترى من كثرة الحوائج المحملة عليها. وكانت الحمير تحمل بالاضافة الى الحوائج المنزلية، الاطفال والمكفوفين والمسنين. وكانت الكلاب كثيرة ومشغولة بمساعدة أصحابها.

رعب
وما لبث ان وصل بعض الفرسان وتبين انهم من خيالة الشيخ سالم، وقد تراجعوا لانقاذ ما يمكن انقاذه. وكانت هزيمة وتفرق خيالة الشيخ سالم على يد الدويش هي الخطوة الاولى في معركة الجهراء. وقد حملت انطباعا رئيسيا نتيجة لما شاهدته وهو ان المدينة في حالة رعب.
ووصل اوائل الجرحي في الساعة الثانية بعد الظهر، وكانوا جميعا من الخيالة وبما انهم سقطوا في بداية المعركة، فان معلوماتهم لم تكن قيمة. ولكن مع غروب شمس ذلك اليوم اتضح ان الشيخ سالم محاصر مع قوته الرئيسية في قلعة الجهراء. وكانت لديه مؤن كثيرة ولكن الماء كان قليلا ومالحا، وبدا الوضع ميؤوسا منه.





http://www.aldaronline.com/AlDar/UploadAlDar/Article%20Pictures/2009/10/20/M1/182042469-p41-01_med_thumb.jpg

فيصل الدويش زعيم الاخوان

http://www.aldaronline.com/AlDar/UploadAlDar/Article%20Pictures/2009/10/20/M2/182154265-p41-05_med2_thumb.jpg

جيش الإخوان


http://www.aldaronline.com/AlDar/UploadAlDar/Article%20Pictures/2009/10/20/M2/182117531-p41-02_med2_thumb.jpg

الشيخ سالم المبارك الصباح


http://www.aldaronline.com/AlDar/UploadAlDar/Article%20Pictures/2009/10/20/M2/18223875-p41-06_med2_thumb.jpg

قلعة الجهراء «القصر الاحمر»


http://www.aldaronline.com/AlDar/UploadAlDar/Article%20Pictures/2009/10/20/M2/18214415-p41-04_med2_thumb.jpg

الكويت ميناء حيوي

[المهدى]

المعركة نفسها تدور الان في الكويت ولكن بوجوه مختلفة من احفاد الاخوان

[علي علي]

الكويت قبل النفط ـ مذكرات س ـ ستانلي ج- ماليري .. الطبيب في البحرين والكويت 1907-1947
الإخوان على أبواب الكويت بقيادة فيصل الدويش


http://www.aldaronline.com/AlDar/UploadAlDar/Article%20Pictures/2009/10/27/M1/19015309-P40-01_med_thumb.jpg
ستانلي وزوجته في الزي العربي

الحلقة الأخيرة


• وصول مساعدات عسكرية بريطانية ورسالة إلى الدويش
• رسالة نارية من فيصل الدويش للحكومة البريطانية
• احتمال إجلاء الرعايا البريطانيين والأميركيين عن المدينة
• 800 جريح إخواني مقابل 120 كويتياً
• أربعة كويتيين ماتوا بجراحهم.. ورجل واحد مات متسمماً بالغاز
• زعيم إحدى العائلات الكويتية ينهار باكياً أمام طاولة العمليات
• تدفق وجهاء الكويت وتبرعات سخية
• الكويتيون لا يدركون ماذا نفعل من أجلهم


الكويت قبل النفط مذكرات س ـ ستانلي ج- ماليري الطبيب في البحرين والكويت 1907م ـ 1947م ترجمة وتقديم أ.د محمد غانم الرميحي وقد احتوى الكتاب على مذكرات هذا المستشرق وما قد رآه، وكان بمثابة توثيق لبعض احداث ذلك الوقت، وقد أخذ التوثيق بمقياس غربي كما رآه المؤلف لما يدور في مجتمعات الخليج في النصف الأول من القرن العشرين قبل ظهور النفط.

تم تقديم احداث ما تطرق اليه المؤلف بما يخص الاخوان على ابواب الكويت على حلقتين.. وحتى يكون القارئ على بينة فقد اردنا استعراض ماتحدث عنه المؤلف في بداية احداث الاخوان وما قد توقفنا عنده في الحلقة السابق.. واليكم نبذة مختصرة عن تسلسل الاحداث حتى نكون مواكبين لما تحدث عنه منذ البداية لنكمل الحلقة الثانية والاخيرة.

تحدث المؤلف بداية عن سطوة الاخوان وهزيمة قبائل شمر واحتلال «حائل» وتدخل بعد ذلك مباشرة في تحرشات الاخوان على الاراضي الكويتية وحالة التوتر والقلق التي كانت تصيب الكويتيين الآمنين خلال فصل الصيف وعن احتمال شن هجمات للاخوان القرى الكويتية ثم تحدث عن هجوم الاخوان على الجهراء ونهبها ومحاصرة امير البلاد الشيخ سالم المبارك في قرية الجهراء «القصر الاحمر» وعن حالة الهلع التي سادت الناس وتدفق اللاجئين الى ابواب مدينة الكويت هاربين من الاخوان واستعداد تام لدى الكويت للمواجهة واصفا حالات البدو النازحين من الصحراء وحتى حميرهم السوداء وكلابهم.

الى ان وصلنا اخيرا في الحلقة الاولى.. انه وصل بعض خيالة الشيخ سالم الى المدينة وكانت تلك بمثابة هزيمة في بداية المواجهة وقد انتابت المدينة حالة من الرعب، ووصول اوائل الجرحى، واتضح ان الشيخ سالم محاصر مع قوته الرئيسية وكانت لديه مؤن لكن الماء كان مالحا وكان الوضع ميؤوسا منه.. واليكم أحداث الحلقة الثانية والاخيرة. من احداث مذكرات .. ستانلي ماليري عن الاخوان على أبواب الكويت.

وبينما كنت وزوجتي نهم بتناول العشاء بعد غروب الشمس سمعنا صراخا وعويلا من الجانب الشرقي للمدينة وكان صراخ النساء وبكاء الاولاد يصلنا بوضوح وانطلقت الصيحة من كافة الارجاء بان الاخوان قد دخلوا المدينة.

وطلبت المعتمد السياسي بالهاتف لان الضجة اتية من الجهة التي يقع فيها منزله وسألته عما يجري واجابني بانها حالة رعب فقط، فقد وصل بعض الفارين من المعركة الى احدى البوابات وظن الحرس انهم من الاخوان وتم توضيح الخطأ وخف الرعب وهكذا مر يوم الاحد المليء بالاحداث.

تعزيزات
وقد ارسلت تعزيزات في اليوم التالي 11 اكتوبر مؤلفة من الحمالين الايرانيين ومن المطلوبين للعدالة وشذاذ الافاق من كافة الاوصاف الى الجهراء بطريق البحر على متن احد زوارق الشيخ وقد انقذت هذه الخطوة الوضع، فالعالم كله يعرف ان هناك مقدارا كبيرا من الحظ في الحرب وقد كان التأثير المعنوي لوصول الزورق - رغم صغر حجم التعزيزات، كبيرا وقد صادف وصول التعزيزات مع وصول ستمائة رجل شمري لايكنون اي حب للشيخ سالم لكنهم يحملون الكثير من الكره للاخوان.

هزيمة

وكان الاخوان يشنون الهجوم ويندفعون اندفاعا نحو الموت بشكل جعلهم لا يهتمون بتوفير الحماية لانفسهم الامر الذي ادى الى وقوع اصابات جسيمة في صفوفهم واغتنم الشيخ سالم الفرصة وخرج من القلعة وقام بهجوم مضاد على الاخوان تساندة فيه شمر والتعزيزات التي وصلت من الكويت بطريق البحر واستطاع هزيمة الاخوان خلال وقت قصير وجعلهم يطلبون السلام وقد تم وضع ترتيب للسلام غادر بموجبه الاخوان المكان واخذوا جرحاهم معهم وهكذا انتهت معركة الجهراء لصالح الكويتيين بعد ان كانت الهزيمة قاب قوسين او ادنى.
وكانت معركة الجهراء احدى المعارك الدامية في تاريخ الجزيرة العربية فقد دخل الاخوان المعركة بـ3500 محارب قتل منهم 800 محارب وجرح 800 اخرون اي نصف القوة المحاربة تقريبا.

مسك
وانتشرت في الكويت قصة موت جرحاهم بسهولة نظرا لعدم وجود اية خبرة او مهارة طبية لديهم وقام الاخوان اثناء محاصرتهم للشيخ سالم في القلعة بنهب قرية الجهراء واستولوا على كمية من المسك ووزعوها على رجالهم الذين قاموا بضمها الى الحاجيات الاخرى التي سلبوها فاشبع الجو برائحتها الذكية والنفاذة وسرى اعتقاد في اوساط اهالي الكويت ان الشذى والعبير يقتل المجروح.
وكنت تشاهد الناس يوميا يتجولون في الشوارع وقد سدوا انوفهم بالقطن والحلتيت حتى لا يستنشقوا اية رائحة ذكية او عبير فقد استنشق جرحى الاخوان المسك وبالتالي ساءت حالة جروحهم وماتوا. وكان ذلك الحادث بالنسبة للرجل العادي في الكويت مسألة سبب ونتيجة واضحة لاتقبل الجدل ومازال هذا الاعتقاد قائما في الكويت ولكن انتشاره اصبح محدودا فالعلم يلعب دوره في محاربة هذه المعتقدات الغيبية.

قتلى

وماذا عن الخسائر الكويتية؟ كان عدد الجيشين متساويا ولكن الكويتيين كانوا لا يجازفون بانفسهم بينما كان الاخوان يندفعون الى العراء بغض النظر عن المخاطر كان ذلك بطولة لكنه لم يكن حربا وقد قتل 63 كويتيا في المعركة فقط توفي اربعة اخرون في مستشفى الارسالية الاميركية متأثرين بجراحهم وكانت نسبة القتلى من الاخوان الى الكويتيين 1:12 اما عدد الكويتيين فكان 120 جريحا مقابل 800 جريح من الاخوان.

تسمم بالغاز

وكان بين الجرحى الكويتيين الاربعة الذين ماتوا متأثرين بجراحهم رجل مات متسمما بالغاز وكانت هذه الحالة الوحيدة للتسمم بالغاز التي شاهدتها في الجزيرة العربية وقد دارت معركة الجهراء وسط حقول ذات سماد كثيف وفي حقول الحنطة وقد نتج عن ذلك انتشار عدوى كبيرة ولو كان لدينا بنسلين او سلفات في تلك الايام لتمكنا من انقاذ كل جرحانا.

جرحى

وقد وصل معظم الجرحى الى الكويت يوم 11 اكتوبر عدا ذوي الحالات السيئة فقد وصلونا بالبحر يوم 12 اكتوبر وكانت الجراح تتفاوت بعضها طفيف وبعضها عميق وكانت هناك بعض الاصابات بالسيوف والخناجر، ولكن معظم الاصابات كانت نتيجة لطلقات البنادق.

المقهى

وأتى الدكتور ت.هـ. ماكنزي عضو مجلس ادارة الارسالية يوم 12 اكتوبر من نيويورك لزيارتنا. وكنت في ذلك الوقت ضابط الحجر الصحي في ميناء الكويت وكان علي ان اتفقد جميع السفن القادمة للميناء. وقد وصلت الى الرصيف الذي ينطلق منه قاربي فلم اجده، فعرجت على مقهى لاتناول فنجانا من القهوة. وعند دخولي المقهى لاحظت ان وجهاء البلد موجودون هناك. وقد وقف الجميع لتحيتي قائلين «اطال الله عمرك»، و«ان شاء الله تعيش الف سنة» وهكذا، كنت متعبا ومتضايقا لانني كنت اعمل بلا انقطاع معظم الاربع والعشرين ساعة الماضية. وقد استأت من تصرف الشيخ بعد الحوادث. فهو لم يذهب الى المستشفى، لم يرسل رسالة شكر للجرحى او الذين قدموا له المساعدة في المعركة.

وكان هناك الكثير من حديث الورع والتقوى دائرا في المقهى، وعندما قال لي الشخص البارز ان الله سيكافئنا ثرت وقلت له. «هذا كله كلام جميل ولكن الكلام ارخص بضاعة في الدنيا. انكم تلقون بعبء العمل كله علي ولكن لم يخطر على بال احدكم ان يمد يد المساعدة ماليا او بأية طريقة اخرى، ففي بلادي، يقوم الحكام اولا بزيارة الجرحى ويبذلون ما في وسعهم لانقاذ حياة هؤلاء الذين خاطروا بكل شيء في سبيل وطنهم ويسهرون على تأمين افضل عناية ورعاية لهم. اما هنا فيقوم عبيد الشيخ بالقاء الجرحى على شرفة المستشفى ويرحلون. وهذا كل ما تفعلونه. ولا يتعب اي منكم نفسه بالتفكير بقدرة مساعدي قليلي العدد على تحمل هذا العبء الاضافي».

ولاحظت فجأة ان بين الرجال البارزين الذين حدثتهم احد الشيوخ الكبار ببطء رافعا رأسه ولف نفسه بعباءته ثم غادر المكان دون ان يقول كلمة او ينظر الي نظرة واحدة. وقد تبعه بقية الوجهاء. وتركوا جميعهم المقهى بالطريقة نفسها. وبقيت وحدي مع صاحب المقهى واخيرا غادرت المقهى.
وصعدت الى قاربي بتثاقل، فقد ادركت انني ارتكبت خطأ مميتا وان طبعي الحاد اوقعني مرة اخرى في مأزق. وتساءلت عما سيحدث.

وجدت الدكتور ما كنزي على ظهر السفينة واصطحبته معي الى الشاطئ. واخبرته عما حدث في الايام الاخيرة، ثم رويت له مأزقي المالي. واضفت انه سيرى مستشفانا الصغير وسيوافق على ضرورة وجوده واهمية الخدمات التي يقدمها.

وبينما كنت اتناول العشاء تلك الليلة مع زوجتي والدكتور ماكنزي حضر رجلان وطلبا مقابلتي. خرجت الى الباب وادركت فورا ان الرجلين من بين الذين كانوا في المقهى في الصباح. وكان الرجلان لطيفين وقالا انهما حاولا مقابلتي عدة مرات بعد الظهر. وادخلتهما الى حجرة مكتبي، حيث بدأ احدهما الحديث بقوله «كما تعلم يا دكتور كنا بين الحاضرين في المقهى هذا الصباح عندما كلمتنا حول عدم قيامنا بأي عمل. كل كلمة قلتها صحيحة. وقد قمنا بزيارة معظم وجهاء المدينة. ونحن نؤكد لك ان المدينة تدعمك، وانها على استعداد لمساعدتك ماليا وبطرق اخرى. وقد انتدبنا لابلاغك ذلك.

وعندما اتم كلامه وضع على مكتبي لائحة طويلة بأسماء وجهاء، وكان مدونا مقابل كل توقيع مبلغ من المال دفعه صاحب التوقيع او تعهد بدفعه. وقبل ان ينصرف، اخرج من عباءته كيسا من الخيش واعطاه لي قائلا:«يوجد في هذا الكيس الف روبية. وهذا مبلغ اولي كما اننا سنضيف بعض الاسماء الى اللائحة التي رأيتها. تصبح على خير والله يوفقك».

وانحنيا لي ثم انصرفا. وكدت لا اصدق ما جرى، وتنفست الصعداء مرة اخرى. وعدت الى حجرة الطعام لازف النبأ المثير لزوجتي وللدكتور ماكنزي.

زائر
وكنت في صباح اليوم التالي في غرفة العمليات عندما ابلغت بقدوم زائر. وكان الزائر زعيم احدى اكبر العائلات في الكويت، وكان يرفض دائما ان تكون له اي صلة بالارسالية الاميركية.. وكانت هذه اول مرة تطأ فيها قدمه مقر الارسالية. وكنت لا اسمح عادة بدخول الزوار الى غرفة العمليات ولكنني خالفت القاعدة هذه المرة.
وقف الرجل المسن يحدق بي لحظة ثم انهار، وقال وهو ينظر الى الجريح الممدود على طاولة العمليات باكيا «يادكتور، لقد ادركت الان انه لولا هذا المستشفى لمات ابناؤنا واخوتنا واحفادنا لانهم لن يلقوا اي عناية. وقد كنت عدوك حتى الان، لكن اذا سمحت لي سأكون صديقك منذ اليوم».

تأثر

ثم اخرج كيسا فيه خمسمئة روبية وضعه على الطاولة وخرج وهو في ضيق شديد. وكان حتما متأثرا بما يجري في المستشفى اذ كان الجرحى يملأؤن المستشفى وكنا نعتني بهم.
وقد انتابني شعور كبير بالبهجة، لان هذا الارستقراطي المتكبر قد اعترف بنا اخيرا. وظللنا اصدقاء حتى مماته، بعد تلك الحادثة بسنوات.

ولكن تدفق وجهاء الكويت استمر طوال يومين وتجمع لدي عشية السادس عشر من اكتوبر 6100 روبية - من بينها 600 روبية من احد الشيوخ الكبار - بالاضافة الى عدة مئات من ارطال الارز، وعدد كبير من البطانيات، وكمية من الفحم تكفي مطبخ المستشفى لعدة اسابيع.

كان ذلك نصرا عظيما واخذت اردد اغنية نصر شعبية لنفسي، ولكن بالطبع بقي بعض المشككين الذين قالوا: «لقد اعطوا، لكنهم اعطوا نزرا يسيرا»، اما انا شخصيا فكنت دائما اشعر ان الكويتيين لا يدركون ما نفعله من اجلهم الا عندما نبلغهم اياه تفصيلا ويهبون حينئذ للمساعدة وكما قال المثل: «أنب رجلا حكيما وستجده يحبك».

وعادت المدينة تقلق من احتمال هجوم جديد يكون موجها هذه المرة نحو الكويت نفسها ووصلها مندوب من العدو يوم 18 اكتوبر وسلم الشيخ سالم انذارا، وقد اجتمع قادة المدينة بحضور الشيخ سالم وكان الاجتماع طويلا وعاصفا واضطر الشيخ سالم رغما عنه الى تقديم طلب رسمي للحكومة البريطانية لمساعدته، وقد قدم الطلب فعلا يوم 20 اكتوبر، وتم في اليوم نفسه رفض الانذار.
ويمكن للمرء ان يتخيل ما كان سيحل بالكويت لو قرر الشيخ سالم ان يقف لوحده في مواجهة الاخوان، وكان الشعور العام السائد في اوساط الكويتيين هو ان الكويت غير قادرة على هزيمة الاخوان مرة ثانية، وبالطبع فان وراء هذا الشعور اسبابا وجيهة.

وكانت في الكويت سفينة حربية بريطانية ووصلت اليهاسفينة ثانية يوم 21 اكتوبر كما وصلت طائرة يوم 21 اكتوبر وقامت بعد الظهر باستطلاع لتحديد مواقع العدو، وكنت اشرب الشاي مع المعتمد السياسي البريطاني حين دخل الطيار، وقد ذكر انه لم ير شيئا، وكان واضحا لي ان العدو لن يكون الا في مكان واحد هو الصبيحية، وهي مجموعة ابار على بعد ثلاثين ميلا جنوبي الكويت، حيث تتوافر المياه والمرعى الحسن للجمال، كما يمكن هناك العناية بالجرحى مدة طويلة، وسألت الطيار عما شاهد في الصبيحية فقال بيوتا واشجار نخيل، واخبرته ان الصبيحية ليست سوى آبار موحلة، ونصحته ضاحكا بان يأخذني معه في جولته القادمة.

وقد دهشت عندما طلب مني مرافقته في صباح اليوم التالي، ووجدنا الصبيحية بسهولة وكانت خيم الاخوان هناك.

رسالة الى الاخوان

والقيت من الطائرة رسالة رسمية موجهة الى قائد قوات الاخوان فيصل الدويش، وقد ربطت الرسالة باشرطة طويلة حمراء وبيضاء، وزرقاء وقد تضمنت تهديدا لفيصل الانسجاب من الاراضي الكويتية والا فانه سيقصف ويجبر على الانسحاب. وكان لدينا في الطائرة بضع قنابل، وسأذكر دائما كيف كتب لي الطيار ورقة عندما شاهد معسكر العدو جاء فيها «ياإلهي ما هذا الهدف البسيط؟!».
كانت الطائرة من طراز د.هـ 9 حيث للطيار غرفته الخاصة وحيث لا يمكن تبادل الحديث معه، وقد احصينا الخيام وتفحصنا المكان من علو 1000 - 1500 قدم، وسررت عندما شاهدت رجلا يلتقط الرسالة الحكومية التي القيتها، واخذ الاخوان يطلقون الرصاص علينا من بنادقهم فاضطررنا للارتفاع في الجو، وقد خرج الرجال من خيامهم من كل الاتجاهات وهم يحملون البنادق، وعدنا الى الكويت بعد ان قمنا باستطلاع ناجح.

خطط دفاعية وهجومية

وصلت يوم 22 اكتوبر سفينة حربية ثالثة وعلى متنها السير ارنولد ويلسون، الذي كان المفوض المدني بالوكالة على العراق وكان ويلسون احد الادمغة البارزة في العراق في ذلك الحين وقام فورا بعقد مجلس حرب على ظهر السفينة، وقد حضر الاجتماع الضابط البحري المسؤول عن شعبة «الخليج الفارسي»، وقادة السفن الحربية الموجودة في الميناء والمعتمد السياسي في الكويت وقائد الطائرة وانا، وتم وضع خطط تفصيلية غطت كل الاحتمالات بما فيها احتمال اجلاء الرعايا اليرطانيين والاميركيين عن المدينة، كما تم وضع خطط هجومية واخرى دفاعية شملت المعدات والحاجات التي كان يجب احضارها من البصرة، وقد عاد السير ويلسون الى العراق بطريق الجو يوم 23 اكتوبر.

استعداد وهدوء
وكان كل شيء جاهزا يوم 24 اكتوبر، وغادر مبعوثو الاخوان الكويت في اليوم نفسه، وهدأت المدينة، وقد انتقلت مسؤولية الموقف الى البريطانيين وشعرت المدينة بالاطمئنان وحضر السير ويسلون مرة ثانية يوم 24 اكتوبر وكان السور مليئا بالمسلحين، ونزلت وحدات بحرية من السفن الحربية البريطانية الى الشاطئ ومعها مدافع رشاشة، وانيطت بها حماية البوابات، وتم يوم 25 اكتوبر وضع رجال الاشارة البحرية فوق منزل طبيب الارسالية، وكان عليهم تأمين الحراسة ليلا ونهارا، وكان سقف منزل الطبيب يطل على الميناء وعلى معظم السفن البحرية.
ووصل قائد السرب «برنت» من العراق مع طائرتين يوم 27 اكتوبر، وطلب مني ان أرافقه في رحلة استطلاعية.

رسالة الدويش

وكان فيصل الدويش قد ارسل رسالة نارية يتبجح فيها ردا على رسالة الحكومة البريطانية التي القيتها فوق معسكره في الصبيحية. حلقنا فوق موقع الصبيحية لنجد المكان مهجورا باستثناء خيمتين او ثلاث ربما تركت لايواء الجرحى الذين لم يتمكنوا من الانتقال، وربما كان فيصل الدويش يفكك معسكره ليفر باتجاه الجنوب في الوقت نفسه، الذي املى فيه رسالته تلك، وحلقنا مسافة سبعين ميلا بعد الصبيحية فلم نجد اي اثر للاخوان، إذ يبدو انهم رحلوا بسرعة كبيرة.
وما لبث قائد الجناح «برنت» ان اصبح ماريشال جو وعين قائدا لسلاح الجو الاسترالي واصبح مقر قيادته في استرليا.

إشاعات
وسرت شائعات يوم 30 اكتوبر بان الاخوان في الوفرة، لكن الاستطلاع الجوي لم يرهم ،ولم يهاجموا الكويت مرة ثانية في تلك الفترة. وغادرت آخر سفينة حربية ميناء الكويت في 6 نوفمبر، وهكذا نجت الكويت مؤقتا من الطموحات التوسعية لابن سعود وجيشه المؤلف من المتعصبين.
وليست هذه القصة سوى جزء عام ويسير مما حصل في الكويت خلال شهر بالغ الحرج، ولكنها تعطينا مثلا على قيمة الارسالية الاميركية في الكويت، وكل العاملين فيها، وكان ذلك الشهر بالنسبة للارسالية الاميركية بداية عهد جديد.


http://www.aldaronline.com/AlDar/UploadAlDar/Article%20Pictures/2009/10/27/19150247-P40-05.jpg

الشعب على أهبة الاستعداد


http://www.aldaronline.com/AlDar/UploadAlDar/Article%20Pictures/2009/10/27/1921813-P40-06.jpg
الفرسان الكويتيون


http://www.aldaronline.com/AlDar/UploadAlDar/Article%20Pictures/2009/10/27/19129387-P40-04.jpg

قوات بريطانية تشترك مع
الكويتيين في الدفاع عن المدينة


http://www.aldaronline.com/AlDar/UploadAlDar/Article%20Pictures/2009/10/27/19051871-P40-02.jpg

فيصل الدويش

[قاسم]

الاخوان كانوا على ابواب الكويت والآن صاروا داخلها

[فيثاغورس]

هذا جزاء كل من يعتدي على شيعة ال البيت عليهم السلام في الكويت

[فاتن]

الله يكافينا شرهم ويرده في نحورهم

[بهلول]

المعركة نفسها تدور الان في الكويت ولكن بوجوه مختلفة من احفاد الاخوان

أحسنت هذا هو الذي يحدث حاليا

[سيف الدوله]

الكويت فيها بلاْ الا وهم المطران من انغس ما خلق الله

[تشكرات]

شفيهم المطران شنو مسوين ؟

[فهد المطيري]

هل تعلم اخي القارئ انه استشهد في معركة القصر الاحمر اكثر من 70 مطيري كويتي