قمبيز
10-10-2009, 12:02 PM
أمان.. رأس حربة أجهزة المخابرات الإسرائيلية
http://www.alalam.ir/photo/20091009/tojini20091009170311328.jpg
أصدر مركز أبحاث ودراسات الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة تل أبيب دراسة حديثة ومهمة حول دور المخابرات الإسرائيلية في مواجهة المخاطر الإستراتيجية الجديدة التي تتعرض لها إسرائيل خلال العقد المقبل.
وتعد هذه الدراسة واحدة من الكتابات القليلة التي لا تقدم فقط رؤية إسرائيلية للأخطار التقليدية وغير التقليدية التي تواجه إسرائيل، وإنما تتناول تركيبة المخابرات الإسرائيلية وأدوارها وعملياتها السابقة، وتتطرق إلى محاولة استخلاص العبر من أجهزة استخباراتية عالمية أخرى حتى يمكن مواجهة هذه الأخطار.
ولأهمية هذه الدراسة في معرفة العدو الإسرائيلي وكيف يفكر في الآونة المقبلة، فضلا عن التطرق لموضوع مهم وشائك يخص ملف المخابرات الإسرائيلية، تنشر هذه الدراسة على أربع حلقات، الأولى تتحدث عن تركيبة المخابرات الإسرائيلية، والثانية تتناول تجارب الماضي، والثالثة تقدم المخاطر التي تواجه إسرائيل في العقد القادم، ويتحدث الجزء الرابع عن كيفية معالجة أوجه القصور في عمل الاستخبارات الإسرائيلية.
ويتعرض هذا الجزء للأعمال المختلفة التي تقوم بها أجهزة المخابرات الإسرائيلية، ويشرح تفصيليًّا المهام القومية الأساسية لها، وتحديد دورها العام كهيئة واحدة، وأشكال التعاون المحدودة فيما بينها. كما يتناول هذا الجزء الهياكل التنظيمية لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، مميزاً بين أقواها وأكثرها فعالية، إضافة إلى النوعيات المختلفة للإنتاج المخابراتي الإسرائيلي، وما يساهم به في حفظ أمن الدولة، وصد التهديدات المحيقة بها.
التعريف والمهام
تتعدد أجهزة المخابرات الإسرائيلية وتختلف فيما بينها، وذلك وفق نوعية المهام الملقاة على عاتقها، وحجم الدور الذي تقوم به، إضافة إلى طبيعة المؤسسة المنتمية إليها سواءً كانت عسكرية (الجيش) أو سياسية (وزارة الخارجية) أو أمنية (الشرطة).
ووفقاً للدراسة، يوجد في إسرائيل خمسة أجهزة مخابراتية، وهي:ـ
1- شعبة المخابرات في هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي "أمان":
يتلخص دورها في إعطاء معلومات استخباراتية للجيش ولوزير الحرب، وللحكومة، ولجهات رسمية أخرى معنية بالشؤون الأمنية والعلاقات الخارجية والإستراتيجية الإسرائيلية، ومن الناحية التنظيمية، يتبع جهاز "أمان" مباشرة لرئيس الأركان، المؤتمر بأمر الحكومة، والتابع بدوره لوزير الحرب.
وبالنسبة لمهام "أمان" الأساسية، فهي تتمثل في الآتي:
• توفير المعلومات الاستخباراتية اللازمة لمجلس الوزراء الأمني المصغر، وللجيش الإسرائيلي، والتي يمكن من خلالها تقدير قدرات العدو، وفهم دوافعه، وتوقع توجهاته.
• تحذير المستويين السياسي والعسكري من نشوب الحرب، أو شن عمليات إرهابية وعدائية ضد إسرائيل.
• التحذير من تطوير العدو لأسلحة ومعدات قتالية "غير تقليدية"، وتوفير المعلومات الاستخباراتية اللازمة للمساعدة على تحييد هذه الأسلحة.
• عرض معلومات استخباراتية على أصحاب القرار، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، بغرض مساعدتهم للقيام بمهامهم المختلفة.
• توفير معلومات استخباراتية فيما يتعلق بالتسويات السلمية والتوجهات السياسية.
• توفير معلومات استخباراتية للعمليات القتالية - الميدانية للجيش الإسرائيلي، وللأجهزة الأمنية الأخرى.
• تجميع المعلومات الاستخباراتية على اختلاف أنواعها، وعرضها للأغراض الاستخباراتية المختلفة.
• تنفيذ عمليات خاصة.
• تطوير المنظومات والوسائل التكنولوجية.
• تجهيز تقنيات مهنية لأجهزة الاستخبارات الأخرى بالجيش الإسرائيلي.
• دعم مجال الأمن المعلوماتي في الجيش الإسرائيلي.
وبالنظر لهذه المهام، يمكن القول إن الوصف المتعارف عليه لجهاز "أمان" لا يتوافق مع كينونته؛ إذ إنه يعد شعبة "شاذة" داخل الجيش، نظرًا لحجم المهام التنفيذية الكبيرة التي يقوم بها من خلال وحدات جمع المعلومات والبحث، إضافة للمهام التكنولوجية والتنفيذية الأخرى التي يقوم بها، وبالتالي فهو يشبه ذراعاً عسكريًّا (مثل ذراع سلاح الجو) ولكنه ذراع يعمل في مجال المعلومات.
ومع ذلك، فإن "أمان" يعد هيئة عسكرية تقوم بتقديم خدمات وطنية استخباراتية، وصلاحية وجودها الأساسية تتمثل في مساعدة الجيش الإسرائيلي في تنفيذ مهامه، إلا أنه بفضل قدراته الكبيرة في مجال جمع المعلومات، فإنه يقوم بتنفيذ مهام وطنية خارج إطار الجيش، لمساعدة المستويين السياسي والأمني في إسرائيل للقيام بمهامهما.
2- هيئة الأمن العام (الشاباك):
يتلخص دورها في الحفاظ على أمن الدولة، واستقرار النظام الديمقراطي ومؤسساته المختلفة، في مواجهة التهديدات الإرهابية والتخريبية، ومواجهة المؤامرات المختلفة التي تتعرض لها الدولة، والحفاظ على أسرارها العليا، والعمل على تحقيق المصالح الوطنية الحيوية الأخرى للأمن القومي للبلاد، وذلك وفق ما تحدده الحكومة، ووفق ما هو مرتبط بالقانون.
ويخضع "الشاباك" لسلطة الحكومة الإسرائيلية، ويتبع رئيس الوزراء مباشرة، وتتمثل مهامه الأساسية في:
• إحباط ومنع الأعمال غير القانونية، التي تهدف للإضرار بأمن الدولة، واستقرار النظام الديمقراطي ومؤسساته المختلفة.
• تأمين الأشخاص والمعلومات والأماكن التي تحددها الحكومة.
• تحديد المعلومات السرية الأمنية المتعلقة بالمناصب والوظائف العامة في مختلف الهيئات، وتنفيذ عمليات الفحص الأمني السرية.
• تحديد إجراءات التأمين للأماكن التي تحددها الحكومة.
• إجراء أبحاث استخباراتية وإعطاء استشارات وتقديرات للحكومة وللهيئات الأخرى التي تحددها الحكومة.
• العمل في مجالات أخرى تحددها الحكومة، وذلك بموافقة لجنة الكنيست لشئون الخدمات، والتي تم تشكيلها للعمل على تحقيق المصالح الحيوية للأمن القومي للدولة.
• تجميع المعلومات التي من شأنها تنفيذ المهام السابقة الذكر.
ويوصف "الشاباك" بأنه هيئة أمنية قومية مستقلة بذاتها، ويتشابه مع الجيش الإسرائيلي في كونه مسئولاً عن الحفاظ على أمن الدولة في مواجهة التهديدات السرية؛ إذ إن أساس أنشطته هي "السرية". وعلى هذا الأساس فإنه يعد هيئة استخباراتية قومية نظراً لامتلاكه قدرات في مجال جمع المعلومات والبحث والعمليات الاستخباراتية التي تساعد معظم أجهزة المخابرات الإسرائيلية الأخرى.
3- مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة (الموساد):
يتلخص دور الموساد في تجميع المعلومات والبحث الاستخباراتي وتنفيذ العمليات السرية الخاصة "خارج البلاد"، وهو تابع لرئيس الوزراء الإسرائيلي مباشرة. وتتمثل أهم مهامه في:
• إحباط عمليات تطوير الأسلحة غير التقليدية في الدول المعادية.
• إحباط العمليات التخريبية ضد أهداف إسرائيلية ويهودية خارج إسرائيل.
• الجمع السري للمعلومات خارج إسرائيل.
• توفير معلومات استخباراتية وإستراتيجية وسياسية نافذة.
• تطوير علاقات سرية "خاصة"، سياسية وعسكرية وغيرها، مع جهات خارجية.
• تنفيذ عمليات خاصة خارج حدود إسرائيل.
• تهجير اليهود من دول تكون الهجرة منها غير ممكنة، وذلك عن طريق مؤسسات الهجرة المتعارف عليها في إسرائيل.
ويعد الموساد هيئة استخباراتية قومية، ويختلف عن "أمان" في كونه - أي الموساد- هيئة مستقلة بذاتها، ويختلف عن "الشاباك" في كون مهامه ليس بها مسئوليات محددة فيما يتعلق بالأمن القومي، ولكن تتمثل مسئوليته في كونه ذراع عمل سري خارج البلاد، وتنفيذ مهام تلقى على عاتقه من جانب رئيس الوزراء مباشرة.
وتسهم قدرات الموساد المختلفة في عمل أجهزة المخابرات الإسرائيلية الأخرى، ومع ذلك فإن بلورة هويته كهيئة مستقلة أدت أكثر من مرة لحدوث "احتكاكات" مع أجهزة المخابرات الأخرى.
4- مركز الأبحاث السياسية بوزارة الخارجية (مماد):
تتلخص مهامه في مجال وضع التقديرات السياسية فقط، على أساس المعلومات التي يحصل عليها من الممثليات والسفارات الإسرائيلية في الخارج، ويعد هذا المركز هيئة صغيرة جدا مقارنة بأجهزة المخابرات الإسرائيلية الأخرى، وإنتاجه يكون مخصصًا لوزارة الخارجية فقط، ومع ذلك فإن ممثليه يشتركون في المناقشات الخاصة بوضع التقديرات الاستخباراتية القومية في الحكومة، حيث يقدمون اسشتاراتهم وتقديراتهم المختلفة.
5- مخابرات الشرطة الإسرائيلية:
تقوم الشرطة الإسرائيلية بأعمال استخباراتية كثيفة في إطار شعبة التحقيق والاستخبارات وعدد من الوحدات الخاصة في المحافظات الإسرائيلية المختلفة. وتقوم المنظومة الاستخباراتية في الشرطة الإسرائيلية بجمع المعلومات ووضع التقديرات البحثية والقيام بعمليات خاصة، بهدف مساعدة الشرطة على تنفيذ عملياتها في مجال مكافحة الجريمة وحفظ النظام العام، وتنفيذ مسئولياتها في مجال الأمن الداخلي.
ويعد هذا الجهاز مسئول أيضا عن بلورة صورة استخباراتية عامة لأصحاب القرار عن الأوضاع الداخلية، وكشف الجرائم الجنائية وإحباطها، وجمع الأدلة بطرق سرية.
نوعية الإنتاج
تختلف "نوعية" إنتاج كل جهاز استخباراتي إسرائيلي عن غيره، وفق المحددات التي يعمل في إطارها، إلا أنه يمكن التمييز بين ثلاث حزم أساسية لنوعية الإنتاج الاستخباراتي الإسرائيلي، في ضوء المهام التي تقوم بها؛ حيث تتمثل هذه النوعيات في:
1- المعلومات الاستخباراتية اللازمة لبلورة السياسات العامة واتخاذ القرارات المصيرية: وذلك فيما يتعلق بالمستويات الإستراتيجية السياسية والعسكرية؛ فالمخابرات تقوم ببلورة الواقع السياسي والإستراتيجي أمام أصحاب القرار لمواجهة التهديدات المختلفة، لاسيما المتعلقة بحجم القدرات العسكرية للأعداء.
2- المعلومات الاستخباراتية اللازمة لتفعيل تكتيكات القوات الأمنية والعسكرية: مثال جمع معلومات دقيقة حول مواقع القيادة وأماكن نصب الصواريخ للعدو، بشكل يسهل من قصفها، أو جمع معلومات دقيقة تمكن قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية من إحباط هجمات إرهابية واعتقال المتورطين فيها.
3- تنفيذ عمليات قتالية وإحباط الأعمال العدائية: مثال تنفيذ هجمات سرية على الأسلحة غير التقليدية للعدو، وإحباط المؤامرات ضد الدولة، وإفشال الأعمال التجسسية للعدو.
ومن خلال هذه التقسيمات السابقة، من الممكن تمييز العمل الاستخباراتي الإسرائيلي، من خلال تقسيمه إلى مستويين أساسيين، وهما:
أمهام استخباراتية "كلاسيكية"، وهي المهام التقليدية التي من المفترض أن تقوم بها أي أجهزة استخباراتية في العالم.
بمهام استخباراتية "فعالة"، بمعنى استخدام المخابرات كـ"مقاتل" مشارك في الحروب.
ويوضح الجدول التالي "النوعيات" والتقسيمات المختلفة لمهام أجهزة المخابرات الإسرائيلية.
وصف مهام أجهزة المخابرات
- جوهر المهام '-وصف المهام
مخابرات لبلورة واتخاذ القرارات على المستويات الإستراتجية- العسكرية والسياسية
- القيام بدور ضابط المخابرات للمجلس الأمني الوزاري المصغر ولقيادات الجيش
- المخابرات كعنصر فعال في الأجهزة العسكرية
- عمل المخابرات لتوفير الظروف الملائمة لتفعيل مهام الأجهزة القتالية
- مخابرات مشتركة تساعد في العمليات القتالية
- القيام بعمليات قتالية سرية وفعالة على مستوى واسع
- المخابرات كمقاتل
كما تعد عملية "إعداد المعلومات الاستخباراتية الأمنية "القومية"، إحدى أهم نتاجات المخابرات الإسرائيلية؛ فمن المنوط بها إعداد معلومات استخباراتية قيمة، متعلقة بالمناخ الإستراتيجي المحيط بإسرائيل، وتقوم بتقديمها للمستوى السياسي من أجل بلورة واتخاذ القرارات في مجال الأمن والسياسات الخارجية، ومن المهم أن تتمحور هذه المعلومات حول المخاطر الآنية والمستقبلية المحيقة بإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، كما يجب ألا تتعرض هذه المعلومات للأوضاع الداخلية في إسرائيل.
وتعرض هذه التقديرات أمام الحكومة الإسرائيلية مرة واحدة في السنة على الأقل، وتعرف بـ"التقديرات السنوية للمخابرات الإسرائيلية"، في حين أن استحداث هذه التقديرات وما يتعلق بالقضايا المطروحة بها تطرح على رئيس الوزراء بشكل متتابع خلال السنة، سواء من خلال الوثائق المخابراتية أو من خلال التقارير أو من خلال وسائل أخرى بديلة.
ويعد "أمان" بمساعدة أذرع استخباراتية أخرى هو "الدينامو" الأساسي داخل منظومة المخابرات الإسرائيلية فيما يتعلق باستخلاص ووضع التقديرات الاستخباراتية، لكونه الهيئة الوحيدة التي تقوم ببحث كل عناصر التقديرات الاستخباراتية؛ مما يؤهله للقيام بعملية "فلترة" لها، وتقديم تقدير استخباراتي قومي شامل، في حين أن الوحدات البحثية في الأجهزة الاستخباراتية الأخرى تقوم بوضع تقديرات استخباراتية في مجالات أخرى، غير متعلقة بما يقوم به "أمان"، إلا أنه في جزء منها يوجد ارتباط بين كافة المجالات البحثية في كافة الأجهزة الاستخباراتية.
الإدارة وحجم التعاون
لا توجد لأجهزة المخابرات الإسرائيلية جهاز إداري مركزي موحد يقوم بالتخطيط والتوجيه لأنشطة المخابرات؛ فمن الناحية التنظيمية يعمل كل جهاز بمفرده، كما أن جميع الأجهزة ليس لها خطة عمل مشتركة، ولا ميزانية مشتركة، ولا تراقبها جهة عامة.
فكل جهاز مخابرات له وحداته وهيئاته المستقلة بذاتها، وهي تنقسم إلى:
1- هيئات بحثية خاصة تتلخص مهماتها في البحث وتجميع المعلومات.
2- أجهزة تنفيذية تقوم بشن عمليات سرية ضد الأعداء، وذلك بالاستعانة بما تقوم به أجهزة جمع المعلومات. كما يوجد بكل أجهزة المخابرات وحدات تكنولوجية، وبنية أساسية وهيئة موحدة تمكن الجهاز من العمل بشكل أوتوماتيكي.
وفيما يتعلق بالهيكل التنظيمي والإداري لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، تجدر الإشارة إلى أن جهاز "أمان" يعد أكبر جهاز استخباراتي إسرائيلي من بين جميع الأجهزة الأخرى، كما أنه الأبرز في قوته من بين بقية الأجهزة في مجالات (التنصت) و(التقاط الصور الجوية)، و(البحث والمهام الخاصة).
أما جهازي الموساد والشاباك فلهما تميز أكبر في المجال البشري، أي (تجنيد العملاء وإجراء التحقيقات مع الجواسيس)، والعمليات الوقائية والتنفيذية الخاصة بهما، وفي حين أن الموساد يتسم بـ"ديناميكية" خاصة فيما يتعلق بالعمليات السرية خارج البلاد، فإن الشاباك يتميز بهذه الديناميكية في العمليات داخل الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل.
وعلى الرغم من عدم وجود جهاز مركزي يدير كل أجهزة المخابرات الإسرائيلية، إلا أنه توجد مجموعة من المجالات التي تتعاون فيها جميع الأجهزة، وهي:
1 ـ تعاون محدود بين رؤساء الأجهزة: وهو متأثر بشكل كبير بالمصالح المشتركة لكل جهاز مع الآخر، وهو قائم على قاعدة من الجدية؛ إذ لا يوجد جهاز يلزم بهذا التعاون، ما يعني ضعفه، وعلى سبيل المثال يمكن لرؤساء هذه الأجهزة بناء قدرات لتلك الموجودة في أجهزة استخباراتية أخرى بالعالم، لكن الأمر تعترضه الكثير من المشاكل أهمها الاحتكاكات التي تحدث بين رؤساء الأجهزة.
2 ـ لجنة رؤساء الأجهزة المخابراتية: يشترك في هذه اللجنة أيضا السكرتير العسكري لرئيس الوزراء، ويهدف اجتماع اللجنة لتبادل آخر المستجدات في مجال العمل المخابراتي، واستخلاص الفكر المشترك، والتنسيق في مجالات ذات الاهتمام المشترك ذات البعد الإستراتيجي المهم.
وتعد هذه اللجنة بمثابة "جهاز إداري بديل" يسهم بشكل محدود في تبادل الآراء والمستجدات بين الأجهزة المخابراتية، إلا أن ذلك لا يشمل وضع خطة عمل مشتركة بين جميع الأجهزة، كما أنه لم يعتد تشكيل لجان مشتركة للتنسيق في العمليات المختلفة، إضافة إلى أن توصياته السابقة مثال "إنشاء مدرسة لتدريس العلوم المخابراتية" لم تخرج لحيز التنفيذ.
3 ـ تعاون محدود بين الهيئات التنفيذية: والذي قاد لتنفيذ عمليات مشتركة، اتسمت بالمهارة العالية، لكنها كانت محدودة في حجمها؛ إذ أنها كانت متأثرة بالأساس بالمصالح المشتركة للأجهزة المخابراتية بشكل عام، ولم تكن نابعة من وجود إدارة مركزية للتنسيق، وأحيانا ما تكون محدودة من جانب "رؤساء الأجهزة" أنفسهم؛ لأن لطبيعة العلاقات الشخصية بين رؤساء الأجهزة تأثيراً كبيراً على حجم التعاون، خاصة في ظل الصعوبات التي تواجه رؤساء هذه الأجهزة للتوصل لتفاهمات مشتركة.
4 ـ تعاون شامل وأساسي في مجال المعلومات الاستخباراتية: ومع ذلك لا يوجد تعاون فعلي في مجال المعلومات الفعالة، مثل استخلاص العبر الفعالة من العمليات التي تنفذ.
5 ـ وثيقة الموافقة على تقسيم مسئوليات ومهام المخابرات: وهذه الوثيقة تعد ثمرة تعاون مشترك بين أجهزة المخابرات، التي وافقت عليها لجنة رؤساء الأجهزة المخابراتية، ووزير الدفاع، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "أريل شارون" في عام 2005. ولهذه الوثيقة أهمية بالغة، نظراً لمساهمتها المحدودة في مجال التعاون المشترك في ظل غياب جهاز إداري موحد.
6ـ وثيقة تحديد الأهداف المهمة: وتحدد هذه الوثيقة الموضوعات الأساسية التي يجب على المخابرات الإسرائيلية متابعتها باهتمام، وفقاً لجدول الأولويات، وعلى مدار عام كامل، وتقدم هذه الوثيقة- التي يقوم بإعدادها "أمان" -للتصديق عليها من جانب المستوى السياسي، إذ أنها تعكس أهم مجالات عمل المخابرات، لكن مساهمتها "هامشية"، لكونها تخضع للكثير من التفسيرات، وبسبب غياب أجهزة إدارية توحد عمل المخابرات.
7ـ عمل دورة تدريبية مشتركة للمستويات المختلفة في الأجهزة المخابراتية، بهدف تبادل الخبرات والمهارات.
8ـ موقع تذكاري وتراثي للمخابرات: وهدفه تجميع والتعاون بين موظفين غالبيتهم ممن عمل سابقاً في الأجهزة المخابراتية.
ويخلص هذا الجزء من الدراسة إلى أن المخابرات الإسرائيلية تعد عنصراً مهمًّا للغاية في المنظومة الأمنية، وفي منظومة الشؤون الخارجية الإسرائيلية، فهي ليست جهة تقوم بتوفير معلومات ضرورية وحسب، بل إنها عنصر فعال للغاية في تنفيذ المهام السرية، وإكمال عمليات تخص القوات المسلحة ووزارة الخارجية والشرطة الإسرائيلية، بهدف الدفاع عن إسرائيل، وتحقيق الأهداف القومية العليا.
وعلى الرغم من أهمية الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية، إلا أنها ذات بناء إداري "هش" وليس لها خطة عمل شاملة، ولا ميزانية عامة، أو جهاز رقابي واحد، كما أن حجم التعاون بينها يعد "جزئيا" ولا يتسم بالتنظيم والتحديد، إذ إنه يتغير من فترة لأخرى، ويتأثر إلى حد كبير بالعلاقات الشخصية لرؤساء الأجهزة الاستخباراتية المختلفة.
ويبدو أنه في ظل غياب جهاز مركزي واحد ينظم عمليات عدة هيئات تعمل في نفس المجال، فإن ذلك يضفي نوعًا من الضبابية والتباين بين عمل الأجهزة المختلفة، فكلما زاد عمل الأجهزة المخابراتية في الشؤون "البروتوكولوية" وسعت لتوسيع العمل في مجالات أخرى، فإنها تقلل من حجم المرونة فيما بينها، وتزيد من حجم الاحتكاكات بين أجهزة المخابرات المختلفة.
وتوصل هذا الجزء من الدراسة أيضاً، إلى استنتاج مهم مفاده، أن "الصعوبة" التي اعترت التعاون بين أجهزة المخابرات ترتبط بشكل كبير بحالة عدم الوضوح النابعة من مشاكل أساسية في المنظومة الأمنية القومية الإسرائيلية بشكل عام، والتي تتلخص في:
أ - غياب جهاز موحد يترجم مفهوم الأمن القومي الإستراتيجي الإسرائيلي، ويعمل على تنفيذه، بواسطة كل قوات المنظومة الأمنية الإسرائيلية (الجيش، ووزارة الخارجية، والشاباك، والموساد، والشرطة).
ب- عدم الوضوح فيما يتعلق بصلاحيات المسئولين السياسيين عن الأمن القومي الإسرائيلي.
* عاموس يادلين رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية
بعد التعريف بالهياكل التنظيمية لأجهزة المخابرات الإسرائيلية المختلفة، والمهام الرئيسية التي تقوم بها، وبعد استعراض المراحل المختلفة التي مر بها العمل الاستخباراتي الإسرائيلي منذ قيام إسرائيل وحتى وقتنا الحالي، يتناول هذا الجزء من الدراسة ثلاثة جوانب رئيسية، الأول يتعلق بسمات المناخ السياسي والأمني المحيط بإسرائيل، والذي يفرض على المخابرات الإسرائيلية الاستعداد لمواجهة احتياجاته وتطوراته المختلفة خلال العقد القادم.
ويتعلق الجانب الثاني بالتحديات الاستخباراتية المهنية التي تواجه المخابرات الإسرائيلية، وما يتعلق بذلك من مواجهة التهديدات "الإرهابية" الخارجية، وتطوير مجالات عمل المخابرات.
أما الجانب الثالث فيتناول أوجه القصور المختلفة في عمل المخابرات الإسرائيلية، والعوامل التي تسببت فيه، والآثار السلبية الناتجة عن هذه القصور، وإمكانية تطوير العمل الاستخباراتي بشكل يقلل من الآثار السلبية.
* المناخ الإستراتيجي المحيط بإسرائيل
المناخ العالمي:
هناك ظاهرة مضادة للعولمة لكنها مكملة لها، وهي ظاهرة تنامي عناصر القوى المحلية في دول يكون نظام الحكم بها ضعيفا، مثلما هو الوضع في مناطق السلطة الفلسطينية ولبنان والعراق والسودان وأفغانستان. وتمثل هذه المناطق تربة خصبة لنمو العناصر المعادية لإسرائيل.
ولمنع الهجمات التي تنال المواطنين الإسرائيليين انطلاقا من هذه الأماكن، فإنه من المهم تحقيق "الردع"، لكن ليس باستخدام القوة المفرطة، بل المطلوب شن "عمليات جراحية" ضد العناصر المعادية في هذه المناطق، وتتعلق تلك العمليات، بطبيعة الحال، بالعمل الاستخباراتي.
المناخ الإقليمي:
من المتوقع أن يحدث نوع من أنواع التدهور السياسي خلال العقد القادم في العلاقات بين إسرائيل وحزب الله وسوريا، إضافة إلى إمكانية قيام دولة فلسطينية إما مسالمة أو عدائية. علاوة على أنه على الرغم من أن الأنظمة العربية سلمت بقيام إسرائيل، فإن هناك إمكانية لتنامي الخط الأيديولوجي في هذه الدول الذي يرفض حق وجود إسرائيل في الوجود في المنطقة.
من ناحية أخرى تمثل إيران تهديدا إقليميا كبيرا لإسرائيل، إلى جانب بعض المنظمات الإسلامية المسلحة الأخرى سواء الإقليمية أو الدولية، والتي ترى في إسرائيل عدوا يجب تدميره، كما أن إيران ستتدخل بلا شك في أي مواجهة تنشب بين إسرائيل وسوريا، حسب التقرير.
كما يجب الأخذ في الاعتبار أيضا تنامي حركات المعارضة الإسلامية في بعض الدول الإسلامية المحيطة بإسرائيل مثل مصر والأردن والسعودية وباكستان، بالإضافة إلى احتمالات تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق بما يؤثر على أمن إسرائيل.
* التهديدات الأمنية في العقد القادم:
يمكن تلخيص التهديدات الأمنية التي تواجه إسرائيل خلال السنوات العشر القادمة، فيما يلي:
1- تهديدات الأسلحة غير التقليدية بمختلف أنواعها.
2- تهديدات الصواريخ والقذائف الصغيرة التي تستهدف الجبهة الداخلية الإسرائيلية، خاصة من الشمال (حزب الله) ومن إيران والأراضي الفلسطينية.
3- تهديد الأسلحة التقليدية من جانب جيوش نظامية في المنطقة، حيث يمتلك بعضها أسلحة حديثة.
4- تهديدات شبه عسكرية.
5- تهديدات إرهابية من جانب جهات إقليمية أو منظمات دولية.
6- نشوب انتفاضة فلسطينية ثالثة.
وفي ضوء هذه التهديدات والمخاطر السابقة، فإنه من المطلوب من المخابرات الإسرائيلية خلال المرحلة القادمة القيام بالمهام التالية:
- القيام بعمليات قتالية سرية ضد العناصر العدائية، والعمل سرا على تخفيض حالة التصعيد على الجبهة الإسرائيلية في المناطق المعادية.
- تنفيذ عمليات "جراحية" مركبة ودقيقة ذات مدى بعيد.
- تنفيذ عمليات "إحباط" لهجمات المنظمات "الإرهابية" على الساحة الإقليمية.
- تطوير القدرات الهجومية والدفاعية داخل المنظومة الاستخباراتية، كمجال قتال جديد في عصر المعلومات.
- توفير معلومات استخباراتية دقيقة، وبالحجم الكافي، لتفعيل القدرات القتالية للجيش الإسرائيلي.
- توفير معلومات استخباراتية لتطوير المصالح الأمنية - السياسية التي تتعلق بردع الأعداء وإحباط مخططاتهم.
- المساعدة في الحرب، من خلال توفير معلومات وفيرة يمكنها المساعدة على تحقيق أهداف أمنية وسياسية.
- المساهمة في شن حروب نفسية.
http://www.alalam.ir/photo/20091009/tojini20091009170311328.jpg
أصدر مركز أبحاث ودراسات الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة تل أبيب دراسة حديثة ومهمة حول دور المخابرات الإسرائيلية في مواجهة المخاطر الإستراتيجية الجديدة التي تتعرض لها إسرائيل خلال العقد المقبل.
وتعد هذه الدراسة واحدة من الكتابات القليلة التي لا تقدم فقط رؤية إسرائيلية للأخطار التقليدية وغير التقليدية التي تواجه إسرائيل، وإنما تتناول تركيبة المخابرات الإسرائيلية وأدوارها وعملياتها السابقة، وتتطرق إلى محاولة استخلاص العبر من أجهزة استخباراتية عالمية أخرى حتى يمكن مواجهة هذه الأخطار.
ولأهمية هذه الدراسة في معرفة العدو الإسرائيلي وكيف يفكر في الآونة المقبلة، فضلا عن التطرق لموضوع مهم وشائك يخص ملف المخابرات الإسرائيلية، تنشر هذه الدراسة على أربع حلقات، الأولى تتحدث عن تركيبة المخابرات الإسرائيلية، والثانية تتناول تجارب الماضي، والثالثة تقدم المخاطر التي تواجه إسرائيل في العقد القادم، ويتحدث الجزء الرابع عن كيفية معالجة أوجه القصور في عمل الاستخبارات الإسرائيلية.
ويتعرض هذا الجزء للأعمال المختلفة التي تقوم بها أجهزة المخابرات الإسرائيلية، ويشرح تفصيليًّا المهام القومية الأساسية لها، وتحديد دورها العام كهيئة واحدة، وأشكال التعاون المحدودة فيما بينها. كما يتناول هذا الجزء الهياكل التنظيمية لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، مميزاً بين أقواها وأكثرها فعالية، إضافة إلى النوعيات المختلفة للإنتاج المخابراتي الإسرائيلي، وما يساهم به في حفظ أمن الدولة، وصد التهديدات المحيقة بها.
التعريف والمهام
تتعدد أجهزة المخابرات الإسرائيلية وتختلف فيما بينها، وذلك وفق نوعية المهام الملقاة على عاتقها، وحجم الدور الذي تقوم به، إضافة إلى طبيعة المؤسسة المنتمية إليها سواءً كانت عسكرية (الجيش) أو سياسية (وزارة الخارجية) أو أمنية (الشرطة).
ووفقاً للدراسة، يوجد في إسرائيل خمسة أجهزة مخابراتية، وهي:ـ
1- شعبة المخابرات في هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي "أمان":
يتلخص دورها في إعطاء معلومات استخباراتية للجيش ولوزير الحرب، وللحكومة، ولجهات رسمية أخرى معنية بالشؤون الأمنية والعلاقات الخارجية والإستراتيجية الإسرائيلية، ومن الناحية التنظيمية، يتبع جهاز "أمان" مباشرة لرئيس الأركان، المؤتمر بأمر الحكومة، والتابع بدوره لوزير الحرب.
وبالنسبة لمهام "أمان" الأساسية، فهي تتمثل في الآتي:
• توفير المعلومات الاستخباراتية اللازمة لمجلس الوزراء الأمني المصغر، وللجيش الإسرائيلي، والتي يمكن من خلالها تقدير قدرات العدو، وفهم دوافعه، وتوقع توجهاته.
• تحذير المستويين السياسي والعسكري من نشوب الحرب، أو شن عمليات إرهابية وعدائية ضد إسرائيل.
• التحذير من تطوير العدو لأسلحة ومعدات قتالية "غير تقليدية"، وتوفير المعلومات الاستخباراتية اللازمة للمساعدة على تحييد هذه الأسلحة.
• عرض معلومات استخباراتية على أصحاب القرار، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، بغرض مساعدتهم للقيام بمهامهم المختلفة.
• توفير معلومات استخباراتية فيما يتعلق بالتسويات السلمية والتوجهات السياسية.
• توفير معلومات استخباراتية للعمليات القتالية - الميدانية للجيش الإسرائيلي، وللأجهزة الأمنية الأخرى.
• تجميع المعلومات الاستخباراتية على اختلاف أنواعها، وعرضها للأغراض الاستخباراتية المختلفة.
• تنفيذ عمليات خاصة.
• تطوير المنظومات والوسائل التكنولوجية.
• تجهيز تقنيات مهنية لأجهزة الاستخبارات الأخرى بالجيش الإسرائيلي.
• دعم مجال الأمن المعلوماتي في الجيش الإسرائيلي.
وبالنظر لهذه المهام، يمكن القول إن الوصف المتعارف عليه لجهاز "أمان" لا يتوافق مع كينونته؛ إذ إنه يعد شعبة "شاذة" داخل الجيش، نظرًا لحجم المهام التنفيذية الكبيرة التي يقوم بها من خلال وحدات جمع المعلومات والبحث، إضافة للمهام التكنولوجية والتنفيذية الأخرى التي يقوم بها، وبالتالي فهو يشبه ذراعاً عسكريًّا (مثل ذراع سلاح الجو) ولكنه ذراع يعمل في مجال المعلومات.
ومع ذلك، فإن "أمان" يعد هيئة عسكرية تقوم بتقديم خدمات وطنية استخباراتية، وصلاحية وجودها الأساسية تتمثل في مساعدة الجيش الإسرائيلي في تنفيذ مهامه، إلا أنه بفضل قدراته الكبيرة في مجال جمع المعلومات، فإنه يقوم بتنفيذ مهام وطنية خارج إطار الجيش، لمساعدة المستويين السياسي والأمني في إسرائيل للقيام بمهامهما.
2- هيئة الأمن العام (الشاباك):
يتلخص دورها في الحفاظ على أمن الدولة، واستقرار النظام الديمقراطي ومؤسساته المختلفة، في مواجهة التهديدات الإرهابية والتخريبية، ومواجهة المؤامرات المختلفة التي تتعرض لها الدولة، والحفاظ على أسرارها العليا، والعمل على تحقيق المصالح الوطنية الحيوية الأخرى للأمن القومي للبلاد، وذلك وفق ما تحدده الحكومة، ووفق ما هو مرتبط بالقانون.
ويخضع "الشاباك" لسلطة الحكومة الإسرائيلية، ويتبع رئيس الوزراء مباشرة، وتتمثل مهامه الأساسية في:
• إحباط ومنع الأعمال غير القانونية، التي تهدف للإضرار بأمن الدولة، واستقرار النظام الديمقراطي ومؤسساته المختلفة.
• تأمين الأشخاص والمعلومات والأماكن التي تحددها الحكومة.
• تحديد المعلومات السرية الأمنية المتعلقة بالمناصب والوظائف العامة في مختلف الهيئات، وتنفيذ عمليات الفحص الأمني السرية.
• تحديد إجراءات التأمين للأماكن التي تحددها الحكومة.
• إجراء أبحاث استخباراتية وإعطاء استشارات وتقديرات للحكومة وللهيئات الأخرى التي تحددها الحكومة.
• العمل في مجالات أخرى تحددها الحكومة، وذلك بموافقة لجنة الكنيست لشئون الخدمات، والتي تم تشكيلها للعمل على تحقيق المصالح الحيوية للأمن القومي للدولة.
• تجميع المعلومات التي من شأنها تنفيذ المهام السابقة الذكر.
ويوصف "الشاباك" بأنه هيئة أمنية قومية مستقلة بذاتها، ويتشابه مع الجيش الإسرائيلي في كونه مسئولاً عن الحفاظ على أمن الدولة في مواجهة التهديدات السرية؛ إذ إن أساس أنشطته هي "السرية". وعلى هذا الأساس فإنه يعد هيئة استخباراتية قومية نظراً لامتلاكه قدرات في مجال جمع المعلومات والبحث والعمليات الاستخباراتية التي تساعد معظم أجهزة المخابرات الإسرائيلية الأخرى.
3- مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة (الموساد):
يتلخص دور الموساد في تجميع المعلومات والبحث الاستخباراتي وتنفيذ العمليات السرية الخاصة "خارج البلاد"، وهو تابع لرئيس الوزراء الإسرائيلي مباشرة. وتتمثل أهم مهامه في:
• إحباط عمليات تطوير الأسلحة غير التقليدية في الدول المعادية.
• إحباط العمليات التخريبية ضد أهداف إسرائيلية ويهودية خارج إسرائيل.
• الجمع السري للمعلومات خارج إسرائيل.
• توفير معلومات استخباراتية وإستراتيجية وسياسية نافذة.
• تطوير علاقات سرية "خاصة"، سياسية وعسكرية وغيرها، مع جهات خارجية.
• تنفيذ عمليات خاصة خارج حدود إسرائيل.
• تهجير اليهود من دول تكون الهجرة منها غير ممكنة، وذلك عن طريق مؤسسات الهجرة المتعارف عليها في إسرائيل.
ويعد الموساد هيئة استخباراتية قومية، ويختلف عن "أمان" في كونه - أي الموساد- هيئة مستقلة بذاتها، ويختلف عن "الشاباك" في كون مهامه ليس بها مسئوليات محددة فيما يتعلق بالأمن القومي، ولكن تتمثل مسئوليته في كونه ذراع عمل سري خارج البلاد، وتنفيذ مهام تلقى على عاتقه من جانب رئيس الوزراء مباشرة.
وتسهم قدرات الموساد المختلفة في عمل أجهزة المخابرات الإسرائيلية الأخرى، ومع ذلك فإن بلورة هويته كهيئة مستقلة أدت أكثر من مرة لحدوث "احتكاكات" مع أجهزة المخابرات الأخرى.
4- مركز الأبحاث السياسية بوزارة الخارجية (مماد):
تتلخص مهامه في مجال وضع التقديرات السياسية فقط، على أساس المعلومات التي يحصل عليها من الممثليات والسفارات الإسرائيلية في الخارج، ويعد هذا المركز هيئة صغيرة جدا مقارنة بأجهزة المخابرات الإسرائيلية الأخرى، وإنتاجه يكون مخصصًا لوزارة الخارجية فقط، ومع ذلك فإن ممثليه يشتركون في المناقشات الخاصة بوضع التقديرات الاستخباراتية القومية في الحكومة، حيث يقدمون اسشتاراتهم وتقديراتهم المختلفة.
5- مخابرات الشرطة الإسرائيلية:
تقوم الشرطة الإسرائيلية بأعمال استخباراتية كثيفة في إطار شعبة التحقيق والاستخبارات وعدد من الوحدات الخاصة في المحافظات الإسرائيلية المختلفة. وتقوم المنظومة الاستخباراتية في الشرطة الإسرائيلية بجمع المعلومات ووضع التقديرات البحثية والقيام بعمليات خاصة، بهدف مساعدة الشرطة على تنفيذ عملياتها في مجال مكافحة الجريمة وحفظ النظام العام، وتنفيذ مسئولياتها في مجال الأمن الداخلي.
ويعد هذا الجهاز مسئول أيضا عن بلورة صورة استخباراتية عامة لأصحاب القرار عن الأوضاع الداخلية، وكشف الجرائم الجنائية وإحباطها، وجمع الأدلة بطرق سرية.
نوعية الإنتاج
تختلف "نوعية" إنتاج كل جهاز استخباراتي إسرائيلي عن غيره، وفق المحددات التي يعمل في إطارها، إلا أنه يمكن التمييز بين ثلاث حزم أساسية لنوعية الإنتاج الاستخباراتي الإسرائيلي، في ضوء المهام التي تقوم بها؛ حيث تتمثل هذه النوعيات في:
1- المعلومات الاستخباراتية اللازمة لبلورة السياسات العامة واتخاذ القرارات المصيرية: وذلك فيما يتعلق بالمستويات الإستراتيجية السياسية والعسكرية؛ فالمخابرات تقوم ببلورة الواقع السياسي والإستراتيجي أمام أصحاب القرار لمواجهة التهديدات المختلفة، لاسيما المتعلقة بحجم القدرات العسكرية للأعداء.
2- المعلومات الاستخباراتية اللازمة لتفعيل تكتيكات القوات الأمنية والعسكرية: مثال جمع معلومات دقيقة حول مواقع القيادة وأماكن نصب الصواريخ للعدو، بشكل يسهل من قصفها، أو جمع معلومات دقيقة تمكن قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية من إحباط هجمات إرهابية واعتقال المتورطين فيها.
3- تنفيذ عمليات قتالية وإحباط الأعمال العدائية: مثال تنفيذ هجمات سرية على الأسلحة غير التقليدية للعدو، وإحباط المؤامرات ضد الدولة، وإفشال الأعمال التجسسية للعدو.
ومن خلال هذه التقسيمات السابقة، من الممكن تمييز العمل الاستخباراتي الإسرائيلي، من خلال تقسيمه إلى مستويين أساسيين، وهما:
أمهام استخباراتية "كلاسيكية"، وهي المهام التقليدية التي من المفترض أن تقوم بها أي أجهزة استخباراتية في العالم.
بمهام استخباراتية "فعالة"، بمعنى استخدام المخابرات كـ"مقاتل" مشارك في الحروب.
ويوضح الجدول التالي "النوعيات" والتقسيمات المختلفة لمهام أجهزة المخابرات الإسرائيلية.
وصف مهام أجهزة المخابرات
- جوهر المهام '-وصف المهام
مخابرات لبلورة واتخاذ القرارات على المستويات الإستراتجية- العسكرية والسياسية
- القيام بدور ضابط المخابرات للمجلس الأمني الوزاري المصغر ولقيادات الجيش
- المخابرات كعنصر فعال في الأجهزة العسكرية
- عمل المخابرات لتوفير الظروف الملائمة لتفعيل مهام الأجهزة القتالية
- مخابرات مشتركة تساعد في العمليات القتالية
- القيام بعمليات قتالية سرية وفعالة على مستوى واسع
- المخابرات كمقاتل
كما تعد عملية "إعداد المعلومات الاستخباراتية الأمنية "القومية"، إحدى أهم نتاجات المخابرات الإسرائيلية؛ فمن المنوط بها إعداد معلومات استخباراتية قيمة، متعلقة بالمناخ الإستراتيجي المحيط بإسرائيل، وتقوم بتقديمها للمستوى السياسي من أجل بلورة واتخاذ القرارات في مجال الأمن والسياسات الخارجية، ومن المهم أن تتمحور هذه المعلومات حول المخاطر الآنية والمستقبلية المحيقة بإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، كما يجب ألا تتعرض هذه المعلومات للأوضاع الداخلية في إسرائيل.
وتعرض هذه التقديرات أمام الحكومة الإسرائيلية مرة واحدة في السنة على الأقل، وتعرف بـ"التقديرات السنوية للمخابرات الإسرائيلية"، في حين أن استحداث هذه التقديرات وما يتعلق بالقضايا المطروحة بها تطرح على رئيس الوزراء بشكل متتابع خلال السنة، سواء من خلال الوثائق المخابراتية أو من خلال التقارير أو من خلال وسائل أخرى بديلة.
ويعد "أمان" بمساعدة أذرع استخباراتية أخرى هو "الدينامو" الأساسي داخل منظومة المخابرات الإسرائيلية فيما يتعلق باستخلاص ووضع التقديرات الاستخباراتية، لكونه الهيئة الوحيدة التي تقوم ببحث كل عناصر التقديرات الاستخباراتية؛ مما يؤهله للقيام بعملية "فلترة" لها، وتقديم تقدير استخباراتي قومي شامل، في حين أن الوحدات البحثية في الأجهزة الاستخباراتية الأخرى تقوم بوضع تقديرات استخباراتية في مجالات أخرى، غير متعلقة بما يقوم به "أمان"، إلا أنه في جزء منها يوجد ارتباط بين كافة المجالات البحثية في كافة الأجهزة الاستخباراتية.
الإدارة وحجم التعاون
لا توجد لأجهزة المخابرات الإسرائيلية جهاز إداري مركزي موحد يقوم بالتخطيط والتوجيه لأنشطة المخابرات؛ فمن الناحية التنظيمية يعمل كل جهاز بمفرده، كما أن جميع الأجهزة ليس لها خطة عمل مشتركة، ولا ميزانية مشتركة، ولا تراقبها جهة عامة.
فكل جهاز مخابرات له وحداته وهيئاته المستقلة بذاتها، وهي تنقسم إلى:
1- هيئات بحثية خاصة تتلخص مهماتها في البحث وتجميع المعلومات.
2- أجهزة تنفيذية تقوم بشن عمليات سرية ضد الأعداء، وذلك بالاستعانة بما تقوم به أجهزة جمع المعلومات. كما يوجد بكل أجهزة المخابرات وحدات تكنولوجية، وبنية أساسية وهيئة موحدة تمكن الجهاز من العمل بشكل أوتوماتيكي.
وفيما يتعلق بالهيكل التنظيمي والإداري لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، تجدر الإشارة إلى أن جهاز "أمان" يعد أكبر جهاز استخباراتي إسرائيلي من بين جميع الأجهزة الأخرى، كما أنه الأبرز في قوته من بين بقية الأجهزة في مجالات (التنصت) و(التقاط الصور الجوية)، و(البحث والمهام الخاصة).
أما جهازي الموساد والشاباك فلهما تميز أكبر في المجال البشري، أي (تجنيد العملاء وإجراء التحقيقات مع الجواسيس)، والعمليات الوقائية والتنفيذية الخاصة بهما، وفي حين أن الموساد يتسم بـ"ديناميكية" خاصة فيما يتعلق بالعمليات السرية خارج البلاد، فإن الشاباك يتميز بهذه الديناميكية في العمليات داخل الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل.
وعلى الرغم من عدم وجود جهاز مركزي يدير كل أجهزة المخابرات الإسرائيلية، إلا أنه توجد مجموعة من المجالات التي تتعاون فيها جميع الأجهزة، وهي:
1 ـ تعاون محدود بين رؤساء الأجهزة: وهو متأثر بشكل كبير بالمصالح المشتركة لكل جهاز مع الآخر، وهو قائم على قاعدة من الجدية؛ إذ لا يوجد جهاز يلزم بهذا التعاون، ما يعني ضعفه، وعلى سبيل المثال يمكن لرؤساء هذه الأجهزة بناء قدرات لتلك الموجودة في أجهزة استخباراتية أخرى بالعالم، لكن الأمر تعترضه الكثير من المشاكل أهمها الاحتكاكات التي تحدث بين رؤساء الأجهزة.
2 ـ لجنة رؤساء الأجهزة المخابراتية: يشترك في هذه اللجنة أيضا السكرتير العسكري لرئيس الوزراء، ويهدف اجتماع اللجنة لتبادل آخر المستجدات في مجال العمل المخابراتي، واستخلاص الفكر المشترك، والتنسيق في مجالات ذات الاهتمام المشترك ذات البعد الإستراتيجي المهم.
وتعد هذه اللجنة بمثابة "جهاز إداري بديل" يسهم بشكل محدود في تبادل الآراء والمستجدات بين الأجهزة المخابراتية، إلا أن ذلك لا يشمل وضع خطة عمل مشتركة بين جميع الأجهزة، كما أنه لم يعتد تشكيل لجان مشتركة للتنسيق في العمليات المختلفة، إضافة إلى أن توصياته السابقة مثال "إنشاء مدرسة لتدريس العلوم المخابراتية" لم تخرج لحيز التنفيذ.
3 ـ تعاون محدود بين الهيئات التنفيذية: والذي قاد لتنفيذ عمليات مشتركة، اتسمت بالمهارة العالية، لكنها كانت محدودة في حجمها؛ إذ أنها كانت متأثرة بالأساس بالمصالح المشتركة للأجهزة المخابراتية بشكل عام، ولم تكن نابعة من وجود إدارة مركزية للتنسيق، وأحيانا ما تكون محدودة من جانب "رؤساء الأجهزة" أنفسهم؛ لأن لطبيعة العلاقات الشخصية بين رؤساء الأجهزة تأثيراً كبيراً على حجم التعاون، خاصة في ظل الصعوبات التي تواجه رؤساء هذه الأجهزة للتوصل لتفاهمات مشتركة.
4 ـ تعاون شامل وأساسي في مجال المعلومات الاستخباراتية: ومع ذلك لا يوجد تعاون فعلي في مجال المعلومات الفعالة، مثل استخلاص العبر الفعالة من العمليات التي تنفذ.
5 ـ وثيقة الموافقة على تقسيم مسئوليات ومهام المخابرات: وهذه الوثيقة تعد ثمرة تعاون مشترك بين أجهزة المخابرات، التي وافقت عليها لجنة رؤساء الأجهزة المخابراتية، ووزير الدفاع، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "أريل شارون" في عام 2005. ولهذه الوثيقة أهمية بالغة، نظراً لمساهمتها المحدودة في مجال التعاون المشترك في ظل غياب جهاز إداري موحد.
6ـ وثيقة تحديد الأهداف المهمة: وتحدد هذه الوثيقة الموضوعات الأساسية التي يجب على المخابرات الإسرائيلية متابعتها باهتمام، وفقاً لجدول الأولويات، وعلى مدار عام كامل، وتقدم هذه الوثيقة- التي يقوم بإعدادها "أمان" -للتصديق عليها من جانب المستوى السياسي، إذ أنها تعكس أهم مجالات عمل المخابرات، لكن مساهمتها "هامشية"، لكونها تخضع للكثير من التفسيرات، وبسبب غياب أجهزة إدارية توحد عمل المخابرات.
7ـ عمل دورة تدريبية مشتركة للمستويات المختلفة في الأجهزة المخابراتية، بهدف تبادل الخبرات والمهارات.
8ـ موقع تذكاري وتراثي للمخابرات: وهدفه تجميع والتعاون بين موظفين غالبيتهم ممن عمل سابقاً في الأجهزة المخابراتية.
ويخلص هذا الجزء من الدراسة إلى أن المخابرات الإسرائيلية تعد عنصراً مهمًّا للغاية في المنظومة الأمنية، وفي منظومة الشؤون الخارجية الإسرائيلية، فهي ليست جهة تقوم بتوفير معلومات ضرورية وحسب، بل إنها عنصر فعال للغاية في تنفيذ المهام السرية، وإكمال عمليات تخص القوات المسلحة ووزارة الخارجية والشرطة الإسرائيلية، بهدف الدفاع عن إسرائيل، وتحقيق الأهداف القومية العليا.
وعلى الرغم من أهمية الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية، إلا أنها ذات بناء إداري "هش" وليس لها خطة عمل شاملة، ولا ميزانية عامة، أو جهاز رقابي واحد، كما أن حجم التعاون بينها يعد "جزئيا" ولا يتسم بالتنظيم والتحديد، إذ إنه يتغير من فترة لأخرى، ويتأثر إلى حد كبير بالعلاقات الشخصية لرؤساء الأجهزة الاستخباراتية المختلفة.
ويبدو أنه في ظل غياب جهاز مركزي واحد ينظم عمليات عدة هيئات تعمل في نفس المجال، فإن ذلك يضفي نوعًا من الضبابية والتباين بين عمل الأجهزة المختلفة، فكلما زاد عمل الأجهزة المخابراتية في الشؤون "البروتوكولوية" وسعت لتوسيع العمل في مجالات أخرى، فإنها تقلل من حجم المرونة فيما بينها، وتزيد من حجم الاحتكاكات بين أجهزة المخابرات المختلفة.
وتوصل هذا الجزء من الدراسة أيضاً، إلى استنتاج مهم مفاده، أن "الصعوبة" التي اعترت التعاون بين أجهزة المخابرات ترتبط بشكل كبير بحالة عدم الوضوح النابعة من مشاكل أساسية في المنظومة الأمنية القومية الإسرائيلية بشكل عام، والتي تتلخص في:
أ - غياب جهاز موحد يترجم مفهوم الأمن القومي الإستراتيجي الإسرائيلي، ويعمل على تنفيذه، بواسطة كل قوات المنظومة الأمنية الإسرائيلية (الجيش، ووزارة الخارجية، والشاباك، والموساد، والشرطة).
ب- عدم الوضوح فيما يتعلق بصلاحيات المسئولين السياسيين عن الأمن القومي الإسرائيلي.
* عاموس يادلين رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية
بعد التعريف بالهياكل التنظيمية لأجهزة المخابرات الإسرائيلية المختلفة، والمهام الرئيسية التي تقوم بها، وبعد استعراض المراحل المختلفة التي مر بها العمل الاستخباراتي الإسرائيلي منذ قيام إسرائيل وحتى وقتنا الحالي، يتناول هذا الجزء من الدراسة ثلاثة جوانب رئيسية، الأول يتعلق بسمات المناخ السياسي والأمني المحيط بإسرائيل، والذي يفرض على المخابرات الإسرائيلية الاستعداد لمواجهة احتياجاته وتطوراته المختلفة خلال العقد القادم.
ويتعلق الجانب الثاني بالتحديات الاستخباراتية المهنية التي تواجه المخابرات الإسرائيلية، وما يتعلق بذلك من مواجهة التهديدات "الإرهابية" الخارجية، وتطوير مجالات عمل المخابرات.
أما الجانب الثالث فيتناول أوجه القصور المختلفة في عمل المخابرات الإسرائيلية، والعوامل التي تسببت فيه، والآثار السلبية الناتجة عن هذه القصور، وإمكانية تطوير العمل الاستخباراتي بشكل يقلل من الآثار السلبية.
* المناخ الإستراتيجي المحيط بإسرائيل
المناخ العالمي:
هناك ظاهرة مضادة للعولمة لكنها مكملة لها، وهي ظاهرة تنامي عناصر القوى المحلية في دول يكون نظام الحكم بها ضعيفا، مثلما هو الوضع في مناطق السلطة الفلسطينية ولبنان والعراق والسودان وأفغانستان. وتمثل هذه المناطق تربة خصبة لنمو العناصر المعادية لإسرائيل.
ولمنع الهجمات التي تنال المواطنين الإسرائيليين انطلاقا من هذه الأماكن، فإنه من المهم تحقيق "الردع"، لكن ليس باستخدام القوة المفرطة، بل المطلوب شن "عمليات جراحية" ضد العناصر المعادية في هذه المناطق، وتتعلق تلك العمليات، بطبيعة الحال، بالعمل الاستخباراتي.
المناخ الإقليمي:
من المتوقع أن يحدث نوع من أنواع التدهور السياسي خلال العقد القادم في العلاقات بين إسرائيل وحزب الله وسوريا، إضافة إلى إمكانية قيام دولة فلسطينية إما مسالمة أو عدائية. علاوة على أنه على الرغم من أن الأنظمة العربية سلمت بقيام إسرائيل، فإن هناك إمكانية لتنامي الخط الأيديولوجي في هذه الدول الذي يرفض حق وجود إسرائيل في الوجود في المنطقة.
من ناحية أخرى تمثل إيران تهديدا إقليميا كبيرا لإسرائيل، إلى جانب بعض المنظمات الإسلامية المسلحة الأخرى سواء الإقليمية أو الدولية، والتي ترى في إسرائيل عدوا يجب تدميره، كما أن إيران ستتدخل بلا شك في أي مواجهة تنشب بين إسرائيل وسوريا، حسب التقرير.
كما يجب الأخذ في الاعتبار أيضا تنامي حركات المعارضة الإسلامية في بعض الدول الإسلامية المحيطة بإسرائيل مثل مصر والأردن والسعودية وباكستان، بالإضافة إلى احتمالات تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق بما يؤثر على أمن إسرائيل.
* التهديدات الأمنية في العقد القادم:
يمكن تلخيص التهديدات الأمنية التي تواجه إسرائيل خلال السنوات العشر القادمة، فيما يلي:
1- تهديدات الأسلحة غير التقليدية بمختلف أنواعها.
2- تهديدات الصواريخ والقذائف الصغيرة التي تستهدف الجبهة الداخلية الإسرائيلية، خاصة من الشمال (حزب الله) ومن إيران والأراضي الفلسطينية.
3- تهديد الأسلحة التقليدية من جانب جيوش نظامية في المنطقة، حيث يمتلك بعضها أسلحة حديثة.
4- تهديدات شبه عسكرية.
5- تهديدات إرهابية من جانب جهات إقليمية أو منظمات دولية.
6- نشوب انتفاضة فلسطينية ثالثة.
وفي ضوء هذه التهديدات والمخاطر السابقة، فإنه من المطلوب من المخابرات الإسرائيلية خلال المرحلة القادمة القيام بالمهام التالية:
- القيام بعمليات قتالية سرية ضد العناصر العدائية، والعمل سرا على تخفيض حالة التصعيد على الجبهة الإسرائيلية في المناطق المعادية.
- تنفيذ عمليات "جراحية" مركبة ودقيقة ذات مدى بعيد.
- تنفيذ عمليات "إحباط" لهجمات المنظمات "الإرهابية" على الساحة الإقليمية.
- تطوير القدرات الهجومية والدفاعية داخل المنظومة الاستخباراتية، كمجال قتال جديد في عصر المعلومات.
- توفير معلومات استخباراتية دقيقة، وبالحجم الكافي، لتفعيل القدرات القتالية للجيش الإسرائيلي.
- توفير معلومات استخباراتية لتطوير المصالح الأمنية - السياسية التي تتعلق بردع الأعداء وإحباط مخططاتهم.
- المساعدة في الحرب، من خلال توفير معلومات وفيرة يمكنها المساعدة على تحقيق أهداف أمنية وسياسية.
- المساهمة في شن حروب نفسية.