المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خادمات.. أم زوجات في السِّر؟!



بركان
09-24-2009, 11:48 PM
الخدم جلبوا لنا المصائب وخربوا بيوتنا!.. هكذا بدأت (م) حديثها معي قبل أن تحكي قصتها المؤلمة التي تقول فيها: أنا موظفة في شركة كبرى، ظلت علاقتي بزوجي سعيدة ومستقرة طيلة 27 عاما، نتعامل باحترام ومودة إلى أن حدثت الكارثة التي جعلتني أدور حول نفسي.. وصل زوجي إلى سن التقاعد (كان يشغل مركزا مرموقاً) وبدت عليه علامات القلق والتفكير‏، شعرت بما يدور في نفسه، خصوصاً وأنا مازلت أخرج إلى عملي كل يوم‏ فعرضت عليه أن أقدم على تقاعد مبكر‏ لكي أشاركه أوقات فراغه ونستمتع بحياتنا وأولادنا وأحفادنا لكنه رفض. مع الوقت ازدادت عصبيته، فكنت أحرص على أن أطبخ له بنفسي رغم وجود خادمة، وأعتني بأموره حتى لا يشعر بالإهمال أو عدم الاهتمام.

منذ شهر اقترب موعد امتحانات ابنتي الصغرى التي تعيش في دولة أجنبية بمفردها من أجل الدراسة، فانتقلت للإقامة معها أسبوعين، وكنت أطمئن عليه يومياً بالهاتف. رجعت من السفر قبل موعدي بيوم واحد وأنا أحمل له الهدايا كنوع من المفاجأة وكنت قد حجزت عشاء فاخراً في أحد الفنادق. ذهبت إلى غرفة الخادمة مباشرة حتى تساعدني في أخذ الأغراض من السيارة فلم أجدها.. كانت نائمة بجوار زوجي في سريري!

دارت بي الدنيا ولم أدر ماذا أفعل، استيقظا على صراخي وضربي لهما بأي شيء يقابلني، لم أسمع إلا صوتها تقول لي في ثبات انه تزوجها، أما هو فقد امتلكه الخرس والذهول. لم أع. شيئاً بعد ذلك إلا بعد أن نجاني الله من غيبوبة استمرت ثلاثة أيام. حاول أولادي أن يعرفوا ماذا حدث لكنني لم أخبرهم. بعيدا عن التفاصيل المؤلمة والمخجلة التي تلت هذه الفاجعة‏، حصلت على اجازة من عملي لمدة شهر قضيت بعضه مع ابنتي التي حاولت معي طويلا أن تعرف سر ما حدث لي فلم أبح لها بشيء.‏


حين رجعت إلى بيتي طلبت من زوجي تفسيرا لما فعل‏,‏ فلم يجد ما يقوله لي سوى انه أمر الله وأنه لم يكن عاصيا لربه‏،‏ فطلبت منه أن يطلقها ويعطيها كل ما تطلب مقابل طي هذه الصفحة قبل أن يعرف بها الأبناء‏، وتهتز لديهم صورة الأب المثالي والجد الحنون لأطفالهم، فرفض‏.‏ أما هي فاختفت ولم أستطع أن أعرف، وهو لم يخبرني أين هي. إنني أخشى على أولادي وسمعتهم ومستقبلهم حين يعلمون بهذه القصة الشائنة عن أبيهم‏، ولا أدري كيف أواجه ما تبقى لي من حياتي بعدها‏، خصوصاً أن زوجي مازال مصرا على موقفه بالرغم من كل ما حدث‏. أعيش حالة اكتئاب شديدة، وتراودني كثيراً فكرة الانتحار، لكنني لا أمتلك الشجاعة لتنفيذها كما أنني أخشى الله وتلويث سمعة أولادي.

متعة زائفة

إن العلاقات الإنسانية لا تظهر قوتها الحقيقية إلا على محك التجربة، يصبح الأمر صعباً وقاسياً حين يستخف شركاؤنا بتاريخ جميل للعلاقة ولا يفكرون إلا في مصلحتهم الشخصية، ويستسلمون للحظات متعة زائفة.

حينما تقاعد زوجك عن العمل شعر بأنه فقد شيئاً كبيراً كان يمنحه الأهمية، فأصبح بلا هدف، لم يحسن التعامل نفسياً واجتماعياً مع وضعه الجديد، العمل كان جدار الأمان الذي يرتكن إليه، وعندما انهار، انهارت معه منظومة القيم الخاصة به، فتصرف بعشوائية دون اعتبار لوضعه الشخصي والأسري. للأسف أغلب الناس يفتقدون ثقافة إدارة الحياة في مراحلها المختلفة، فكل مرحلة من العمر لها خصائصها النفسية والعاطفية التي تحتم علينا التعامل معها بطريقة سوية. افتقاد زوجك للنضج النفسي والعاطفي جعله يفشل في خلق تعويض مناسب يدرأ عنه الملل والفتور الحياتي، فأقدم على فعل غير ناضج شوه به أسرته وتاريخه الأبوي والزوجي الجميل.
وهج الرغبة

إذا كان زوجك مازال مُصراً على موقفه ولا يريد التراجع عنه، اخبري أنت. أولادك.. دعيه يتحمل نتيجة خطئه بالقدرة نفسها التي أقدم بها عليه، فإن كان يعتقد أن ما فعله صواب لمجرد أنه تم بعقد شرعي، فعليه مواجهة أولاده والمجتمع، اتركيه يعيش معها في منزل منفصل حتى يعرف مدى الخسارة الأسرية والعاطفية التي جلبها لنفسه. لا تحافظي له على صورة الأب المثالية وتدفعي أنت بالانتحار أو المرض ثمن خطأ لم ترتكبيه.. أحيانا يحتاج الإنسان إلى صدمة أو كارثة حتى يفيق من وهم أو يصحح مفاهيم غاب معناها في وهج الرغبة. أُقدر موقفك وأعرف أن الأمر صادم وجارح على المستويين الشخصي والاجتماعي، لكن لابد أن يتحمل الإنسان أقداره المؤلمة بشجاعة ويترك للزمن فرصة كافية لضبط الأمور، فإن عاد زوجك وصحح ما اقترفه في حقك وحق أبنائه، فعليك مراجعة نفسك علك تفضلين التسامح وعدم التضحية بعلاقة تحتفظ لنفسها بمشتركات قوية، وتاريخ من الصعب التفريط فيه.

تواطؤ مشترك

إنها ليست حالة فردية، إنما مشكلة اجتماعية مؤرقة لكثير من الأسر نتجت عن تواطؤ مشترك بين رجال مشوهي التفكير، وفتيات يبحثن عن فرصة أفضل في الحياة بغض النظر عن الوسيلة.. كثير من الرجال (وافدين ومواطنين) يجدون في الزواج من الخادمة حلا لمشكلتهم، ومن أهم الدوافع التي تقف وراء هذه الظاهرة:

يرى الكثيرون في هذا النوع من الزواج ملاذا من الوحدة والغربة بعيدا عن أسرهم، وبالتالي مسربا شرعيا للتفريغ الجنسي بدلا من مواجهة مشكلات العلاقات المحرمة.

يبرر البعض زواجه من الخادمة بانشغال زوجته بالعمل وحياتها الشخصية، وإهمالها له كزوج وعدم درايتها بشؤون البيت والأولاد التي تلقيها على عاتق الخادمة وحدها، وبالتالي هي التي تهتم بالزوج وشؤونه الخاصة وتعرف مزاجه الشخصي وما يحب ويكره، وهي التي تنتظره عند عودته من العمل والسهر على خدمته، كل ذلك دون أن تمن عليه أو تعكر صفو حياته أو تمثل ضغطا اجتماعيا عليه، وغيرها من المشكلات الزوجية الأخرى، أي أنها لا تتخلى عن كونها خادمة له فتغذي نرجسيته كرجل وحلمه التقليدي في امرأة تعطي أكثر مما تأخذ.

هذه الزيجات غير مكلفة للرجل، فالفتاة هنا تقبل بشروط لا تقبلها في العادة غيرها مثل، عدم الإنجاب، وسرية الزواج، وتقاسم تكاليف الحياة، والطلاق وقتما شاء أحد الطرفين، وغيرها من الأسباب التي تشكك في كونه زواجا طبيعيا أو حياة روحية!

يراه البعض وسيلة للتنفيس عن رغبات جنسية لا يستطيعون تفعيلها مع زوجاتهم، مما يحمل نوعا من الامتهان لهذه الشريكة الجديدة كونها تحل محل البغي لكن بعقد شرعي!

إنها غالبا ما تكون علاقة استغلالية، يبحث فيها كل طرف عن مكاسب خاصة، ولكونها تفتقر للتكافؤ العمري والاجتماعي والاقتصادي، والاستمرارية، والمعنى الحقيقي للزواج فكثيرا ما تنتهي بالفشل، باستثناء حالات نادرة يكون فيها الزوجان على وعي وثقة من قرارهما ويوفران له ضمانات اجتماعية وحياتية تؤهله للاستمرار وإنجاب أطفال ومواجهة تناقضات المجتمع ونظرته المريبة لهذا النوع من الزواج.
***


جريدة القبس



تاريخ النشر : الاربعاء 23 سبتمبر 2009 17:24