سمير
09-23-2009, 01:45 AM
داود البصري
الوقت يمضي بسرعة باتجاه الانتخابات العراقية العامة المقبلة بعد ثلاثة اشهر وستكون نتائجها حاسمة ومصيرية في تقرير المستقبل العراقي
ليس العنوان أعلاه نكتة ? بل أنه حقيقة ميدانية يعرفها جيدا و بحكم المعايشة الطويلة أهل الحكم العراقي الحالي كما يعرفها كل من أوقعه حظه العاثر بين أيادي ضباط الجوازات في مطار دمشق أو أي منفذ حدودي آخر ?
فاللرشوة في عرف نظام دمشق المخابراتي تاريخ طويل و حافل و متجدد , كما أنها أي الرشوة فريضة محكمة و سنة متبعة وأضحت من طبائع الأمور هناك , و أعتقد أن الموقف السوري المتطرف في رفض كل الإتهامات العراقية بدورها الواضح في دعم الإرهاب في العراق لا ينطلق سوى من حالة نفسية نفهمها جيدا , فالنظام السوري يرفض بتاتا أن يتسلم الأوامر فضلا عن أن يحترم عناصر وقيادات عراقية سابقة كانت تعيش في كنفه وتحت سلطة أجهزة مخابراته في الشام في الماضي القريب , و بالتالي فإن النظرة إلى حكام العراق الجدد تنطلق من رؤية إستصغارية وهي حالة نفسية معروفة و مفهومة أيضا , فدعم نظام دمشق للإرهاب ليس بالأمر الجديد أبدا بل أنه من الأمور المعروفة لجميع أجهزة مخابرات المنطقة بدءا من ال¯ "موساد" و ال¯ "سافاما" و ليس إنتهاء بالمخابرات الصومالية!
و إذا كان النظام السوري قد إرتعدت فرائصه قبل سنوات من تهديد جنرالات تركيا الطورانيين بإحتلال دمشق و إسقاط النظام فطردوا يومذاك الزعيم الكردي عبدالله أوجلان ليلاقي مصيره مشردا في شوارع كينيا , فإن ذلك الخوف لا ينعكس أبدا في الحالة العراقية , بل على العكس فإن وزير الخارجية السوري وليد المعلم كان في إجتماعات الإستانة الأخيرة لا يبالي أبدا بالموقف العراقي الرسمي بل أنه لا يقيم أي وزن للمفاوض العراقي و قلل حتى من إحتمالات عدم حضور الوفد العراقي المفاوض بقوله أنه سيتمتع بجمال و سحر اسطنبول ورغم معرفتنا الوثيقة و المؤكدة سلفا بعدم إمكانية تسليم نظام دمشق لأي عنصر مطلوب للسلطات العراقية لأسباب عديدة ولعل أهمها عدم الإستعداد للإنكشاف الامني أو لتعرية جهاز المخابرات السورية فإن الحكومة العراقية وهي تعيش التجاذبات و الضغوط الداخلية تبدو في حالة حيرة و إرتباك واضحين وهي تعالج الملف السوري , فالمفاوضات مع نظام دمشق هي أشبه بحوار الطرشان ! لأن هذا النظام لم يتعود أبدا إلا على أساليب القوة و الحسم و لا يستسيغ أو ينصاع سوى للغة التهديد! وهذه اللغة لا قيمة فعلية لها في الحالة العراقية! خصوصا و أن الكفيل و الضامن و المعلم الأميركي في حالة صمت واضح هو أشبه بالرفض الصامت للمطالب العراقية التي من شأنها أن تحدث خلطا للأوراق و تعكيرا غير مرغوب فيه للخطط الأميركية, ومع الإطمئنان الرسمي السوري الى الموقف الاميركي فلا شيء سيتغير أبدا في موقف دمشق الرسمي و لن يتم تنفيذ أي شيء من المطالب العراقية! لكون دهاء و خبرة و حصافة و مكر النظام السوري لا يمكن أن يقارن أبدا بحالة الهشاشة العراقية الحكومية.
فما الحل إذن ?
خصوصا و أن الحل عبر الحسم العسكري ليس وارداً بالمرة ? فالعراق لا يمتلك جيشا مقاتلا كما أنه لم يلجأ الى القتال ضد السوريين في أعقد سنوات الصراع أيام نظام صدام حسين, و كل ما يمتلكه العراق هو أفواج من الشرطة الذين يصلحون لحفظ الأمن الداخلي و لا يصلحون أبدا كقوة ضغط عسكرية , فالعراق اليوم هو بإمتياز بلد "المليون شرطي" و يزيد , و الشرطة كما نعلم ليست أبدا جهاز حسم ستراتيجي للنزاعات , إنها حالة مفرطة من الكوميديا الرثة التي تعيشها منظومة العلاقات العراقية - السورية التي تنتقل من تدهور إلى اشد ! رغم أن الملفت للنظر و على هامش الوساطة التركية بين البلدين العربيين هو الغاء حكومتا دمشق و أنقرة تأشيرة الدخول لمواطنيهما!
أي إنفراج واضح في علاقات كانت تتسم بالتوجس خصوصا و أن تركيا لا زالت تحتل أراضي سورية هي لواء الأسكندرون و مناطق أخرى بعد أن تنازل نظام البعث السوري على ما يبدو عن إثارة ذلك الملف المعروف ? و هو تنازل معروف عن الأنظمة الإستبدادية التي تظهر أنيابها أمام شعوبها و تخنع كالأرانب أمام أهل القوة و السطوة !
و الحكومة العراقية بدورها تعيش في تيه كبير مع هذا الملف فتفعيل المحكمة الدولية ليس بالأمر اليسير و لا من ولايمكن في ظل الصمت الأميركي و سعيه إلى تطبيع العلاقات مع نظام دمشق !
خصوصا و أن الوقت يمضي بسرعة بإتجاه الإنتخابات العراقية العامة المقبلة بعد ثلاثة اشهر وهي إنتخابات ستكون نتائجها حاسمة و مصيرية في تقرير المستقبل العراقي المضطرب و المشوش و المفتوح على كل الإحتمالات , و إذا كانت الحكومة العراقية عاجزة عن التأثير على الموقف السوري الرسمي فليس هناك أفضل على ما يبدو من إستعمال أسلوب الرشوة في شراء ولاء الأجهزة الإستخبارية التي تشجع الإرهاب في العراق خصوصا و أن سلاح الرشوة ما غيره هو من أسقط عماد مغنية اللبناني صريعا أمام بوابة الإستخبارات السورية في كفر سوسة فهل يفعلها العراقيون ? أم أن القضية ستبقى مجرد عواصف كلامية في سباق للزمن لن يؤدي لاي نتائج ?
كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com
الوقت يمضي بسرعة باتجاه الانتخابات العراقية العامة المقبلة بعد ثلاثة اشهر وستكون نتائجها حاسمة ومصيرية في تقرير المستقبل العراقي
ليس العنوان أعلاه نكتة ? بل أنه حقيقة ميدانية يعرفها جيدا و بحكم المعايشة الطويلة أهل الحكم العراقي الحالي كما يعرفها كل من أوقعه حظه العاثر بين أيادي ضباط الجوازات في مطار دمشق أو أي منفذ حدودي آخر ?
فاللرشوة في عرف نظام دمشق المخابراتي تاريخ طويل و حافل و متجدد , كما أنها أي الرشوة فريضة محكمة و سنة متبعة وأضحت من طبائع الأمور هناك , و أعتقد أن الموقف السوري المتطرف في رفض كل الإتهامات العراقية بدورها الواضح في دعم الإرهاب في العراق لا ينطلق سوى من حالة نفسية نفهمها جيدا , فالنظام السوري يرفض بتاتا أن يتسلم الأوامر فضلا عن أن يحترم عناصر وقيادات عراقية سابقة كانت تعيش في كنفه وتحت سلطة أجهزة مخابراته في الشام في الماضي القريب , و بالتالي فإن النظرة إلى حكام العراق الجدد تنطلق من رؤية إستصغارية وهي حالة نفسية معروفة و مفهومة أيضا , فدعم نظام دمشق للإرهاب ليس بالأمر الجديد أبدا بل أنه من الأمور المعروفة لجميع أجهزة مخابرات المنطقة بدءا من ال¯ "موساد" و ال¯ "سافاما" و ليس إنتهاء بالمخابرات الصومالية!
و إذا كان النظام السوري قد إرتعدت فرائصه قبل سنوات من تهديد جنرالات تركيا الطورانيين بإحتلال دمشق و إسقاط النظام فطردوا يومذاك الزعيم الكردي عبدالله أوجلان ليلاقي مصيره مشردا في شوارع كينيا , فإن ذلك الخوف لا ينعكس أبدا في الحالة العراقية , بل على العكس فإن وزير الخارجية السوري وليد المعلم كان في إجتماعات الإستانة الأخيرة لا يبالي أبدا بالموقف العراقي الرسمي بل أنه لا يقيم أي وزن للمفاوض العراقي و قلل حتى من إحتمالات عدم حضور الوفد العراقي المفاوض بقوله أنه سيتمتع بجمال و سحر اسطنبول ورغم معرفتنا الوثيقة و المؤكدة سلفا بعدم إمكانية تسليم نظام دمشق لأي عنصر مطلوب للسلطات العراقية لأسباب عديدة ولعل أهمها عدم الإستعداد للإنكشاف الامني أو لتعرية جهاز المخابرات السورية فإن الحكومة العراقية وهي تعيش التجاذبات و الضغوط الداخلية تبدو في حالة حيرة و إرتباك واضحين وهي تعالج الملف السوري , فالمفاوضات مع نظام دمشق هي أشبه بحوار الطرشان ! لأن هذا النظام لم يتعود أبدا إلا على أساليب القوة و الحسم و لا يستسيغ أو ينصاع سوى للغة التهديد! وهذه اللغة لا قيمة فعلية لها في الحالة العراقية! خصوصا و أن الكفيل و الضامن و المعلم الأميركي في حالة صمت واضح هو أشبه بالرفض الصامت للمطالب العراقية التي من شأنها أن تحدث خلطا للأوراق و تعكيرا غير مرغوب فيه للخطط الأميركية, ومع الإطمئنان الرسمي السوري الى الموقف الاميركي فلا شيء سيتغير أبدا في موقف دمشق الرسمي و لن يتم تنفيذ أي شيء من المطالب العراقية! لكون دهاء و خبرة و حصافة و مكر النظام السوري لا يمكن أن يقارن أبدا بحالة الهشاشة العراقية الحكومية.
فما الحل إذن ?
خصوصا و أن الحل عبر الحسم العسكري ليس وارداً بالمرة ? فالعراق لا يمتلك جيشا مقاتلا كما أنه لم يلجأ الى القتال ضد السوريين في أعقد سنوات الصراع أيام نظام صدام حسين, و كل ما يمتلكه العراق هو أفواج من الشرطة الذين يصلحون لحفظ الأمن الداخلي و لا يصلحون أبدا كقوة ضغط عسكرية , فالعراق اليوم هو بإمتياز بلد "المليون شرطي" و يزيد , و الشرطة كما نعلم ليست أبدا جهاز حسم ستراتيجي للنزاعات , إنها حالة مفرطة من الكوميديا الرثة التي تعيشها منظومة العلاقات العراقية - السورية التي تنتقل من تدهور إلى اشد ! رغم أن الملفت للنظر و على هامش الوساطة التركية بين البلدين العربيين هو الغاء حكومتا دمشق و أنقرة تأشيرة الدخول لمواطنيهما!
أي إنفراج واضح في علاقات كانت تتسم بالتوجس خصوصا و أن تركيا لا زالت تحتل أراضي سورية هي لواء الأسكندرون و مناطق أخرى بعد أن تنازل نظام البعث السوري على ما يبدو عن إثارة ذلك الملف المعروف ? و هو تنازل معروف عن الأنظمة الإستبدادية التي تظهر أنيابها أمام شعوبها و تخنع كالأرانب أمام أهل القوة و السطوة !
و الحكومة العراقية بدورها تعيش في تيه كبير مع هذا الملف فتفعيل المحكمة الدولية ليس بالأمر اليسير و لا من ولايمكن في ظل الصمت الأميركي و سعيه إلى تطبيع العلاقات مع نظام دمشق !
خصوصا و أن الوقت يمضي بسرعة بإتجاه الإنتخابات العراقية العامة المقبلة بعد ثلاثة اشهر وهي إنتخابات ستكون نتائجها حاسمة و مصيرية في تقرير المستقبل العراقي المضطرب و المشوش و المفتوح على كل الإحتمالات , و إذا كانت الحكومة العراقية عاجزة عن التأثير على الموقف السوري الرسمي فليس هناك أفضل على ما يبدو من إستعمال أسلوب الرشوة في شراء ولاء الأجهزة الإستخبارية التي تشجع الإرهاب في العراق خصوصا و أن سلاح الرشوة ما غيره هو من أسقط عماد مغنية اللبناني صريعا أمام بوابة الإستخبارات السورية في كفر سوسة فهل يفعلها العراقيون ? أم أن القضية ستبقى مجرد عواصف كلامية في سباق للزمن لن يؤدي لاي نتائج ?
كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com