على
09-02-2004, 04:16 PM
عبد الرحمن الراشد
النجف هي حرب على السلطة السياسية، وساحة حرب بين قوى جديدة وقديمة، واستعراض ميداني للخلافات الإقليمية. ايضا هي معركة رجال الدين السياسيين الشيعة، ومن خلفهم تُراقب الجماعات السنية الوضع راغبة في الاستفادة من نتائجها سياسيا.
ومعنى رجال الدين، ليس الفقهاء، بل الذين لهم أيضا حضور سياسي، فيُذكر رجل الدين كما يقال رجل السياسة ورجل الشرطة ورجل الحكومة. والمصطلح ليس سيئا كما نقل مترجما من التاريخ الكنسي الأوروبي وأسقط على الحياة السياسية الدينية العربية والاسلامية بما تشهده من صراعات متعددة المفاهيم. فالعراق ساحة صراع تعكس هذا كله في حروب بعضها غير عسكري، وبصورة تعكس طبيعة التنافس بين المراجع الدينية وامتداداتها من أجنحة وتيارات وفلسفة تتباين بينها حول دور رجل الدين في حياة الناس المدنية وقرارات الحكومة.
وعندما نفحص معركة مقتدى التي تعتبر تاريخية وفق مائة سنة من تبدلات مرت على العراق، نرى أن الأغلبية النشطة في العمل الديني ليست مؤيدة بشكل علني لمقتدى الصدر لكنها مستفيدة من حربه. وهذه المراجع، ومعها الجبهات الدينية الأخرى، كجبهة علماء المسلمين السُّنة، ترى في الشاب مقتدى فارسا قد يفتح بتهوره باب الحصن السياسي المغلق في حرب لم تكن هي مستعدة لخوضها. فإن كسب تنازلات سياسية فستعم «خيراتها» التجمعات الأخرى المتربصة بالنظام والمجتمع المدني، وإن خسر فهو وحده من يدفع الثمن.
ولنا ان نتخيل بلدا كبيرا كالعراق، أكبر وعاء للفرق الدينية الشرقية، ينتقل من عهد صدام المحارب للدين ثلاثين سنة الى انفتاح كامل يسمح للجميع بظهور حقيقي في الحياة العامة، بما في ذلك المراجع الدينية. ويمكن ان نرى تشابهات أولية بين العراق بعد صدام وحالة روسيا بعد سقوط الشيوعية التي شهدت عودة الكنائس المسيحية والمعابد اليهودية والحلقات الإسلامية للعمل بشكل واضح فيها وبقية الجمهوريات السابقة. فانفصال الشيشان عن روسيا كان ولا يزال مشروعا للإسلاميين مع القوميين الشيشان.
إن الجبهات الدينية أقوى في العراق مقارنة بالمجتمع الروسي الذي رغم تدينه الأرثوذكسي، فضل إبعاد الكنيسة عن الحياة السياسية.
واذا كانت التركيبة السياسية في الحكم العراقي، كما هو اليوم، تعكس محاصصة طائفية وإثنية صريحة، فان الحكومة نفسها ابتعدت عن الانتماء لأي فريق ديني بدليل أن معركتها ضد جبهة شيعية في النجف تأتي موازية لمعركتها ضد الجماعة السنية المتطرفة في الفلوجة، وحرصت على تطعيم الوحدة العسكرية المكلفة محاربة الجبهات الدينية في المدينتين بشيعة وسنّة وعرب وأكراد في استعراض صريح على وحدة الدولة ضد التمزق الطائفي
.alrashed@asharqalawsat.com
النجف هي حرب على السلطة السياسية، وساحة حرب بين قوى جديدة وقديمة، واستعراض ميداني للخلافات الإقليمية. ايضا هي معركة رجال الدين السياسيين الشيعة، ومن خلفهم تُراقب الجماعات السنية الوضع راغبة في الاستفادة من نتائجها سياسيا.
ومعنى رجال الدين، ليس الفقهاء، بل الذين لهم أيضا حضور سياسي، فيُذكر رجل الدين كما يقال رجل السياسة ورجل الشرطة ورجل الحكومة. والمصطلح ليس سيئا كما نقل مترجما من التاريخ الكنسي الأوروبي وأسقط على الحياة السياسية الدينية العربية والاسلامية بما تشهده من صراعات متعددة المفاهيم. فالعراق ساحة صراع تعكس هذا كله في حروب بعضها غير عسكري، وبصورة تعكس طبيعة التنافس بين المراجع الدينية وامتداداتها من أجنحة وتيارات وفلسفة تتباين بينها حول دور رجل الدين في حياة الناس المدنية وقرارات الحكومة.
وعندما نفحص معركة مقتدى التي تعتبر تاريخية وفق مائة سنة من تبدلات مرت على العراق، نرى أن الأغلبية النشطة في العمل الديني ليست مؤيدة بشكل علني لمقتدى الصدر لكنها مستفيدة من حربه. وهذه المراجع، ومعها الجبهات الدينية الأخرى، كجبهة علماء المسلمين السُّنة، ترى في الشاب مقتدى فارسا قد يفتح بتهوره باب الحصن السياسي المغلق في حرب لم تكن هي مستعدة لخوضها. فإن كسب تنازلات سياسية فستعم «خيراتها» التجمعات الأخرى المتربصة بالنظام والمجتمع المدني، وإن خسر فهو وحده من يدفع الثمن.
ولنا ان نتخيل بلدا كبيرا كالعراق، أكبر وعاء للفرق الدينية الشرقية، ينتقل من عهد صدام المحارب للدين ثلاثين سنة الى انفتاح كامل يسمح للجميع بظهور حقيقي في الحياة العامة، بما في ذلك المراجع الدينية. ويمكن ان نرى تشابهات أولية بين العراق بعد صدام وحالة روسيا بعد سقوط الشيوعية التي شهدت عودة الكنائس المسيحية والمعابد اليهودية والحلقات الإسلامية للعمل بشكل واضح فيها وبقية الجمهوريات السابقة. فانفصال الشيشان عن روسيا كان ولا يزال مشروعا للإسلاميين مع القوميين الشيشان.
إن الجبهات الدينية أقوى في العراق مقارنة بالمجتمع الروسي الذي رغم تدينه الأرثوذكسي، فضل إبعاد الكنيسة عن الحياة السياسية.
واذا كانت التركيبة السياسية في الحكم العراقي، كما هو اليوم، تعكس محاصصة طائفية وإثنية صريحة، فان الحكومة نفسها ابتعدت عن الانتماء لأي فريق ديني بدليل أن معركتها ضد جبهة شيعية في النجف تأتي موازية لمعركتها ضد الجماعة السنية المتطرفة في الفلوجة، وحرصت على تطعيم الوحدة العسكرية المكلفة محاربة الجبهات الدينية في المدينتين بشيعة وسنّة وعرب وأكراد في استعراض صريح على وحدة الدولة ضد التمزق الطائفي
.alrashed@asharqalawsat.com