على
09-08-2009, 03:50 AM
أسامة غريب - الوطن
منذ سنوات كنت قد عزمت على بيع سيارتي نتيجة مروري بضائقة مالية. ثم فُرجت نتيجة الحصول على عمل في لندن براتب كبير، وبالتالي فقد تراجعت عن فكرة البيع.
في ذلك الوقت كان هناك صديق يتلمظ لاقتناص السيارة متصوراً أن «صديقه» ما زال في أزمة ومن الواجب الوقوف الى جانبه والحصول على سيارته بثمن بخس!. فوجئت به يحضر لزيارتي ويقدم أخلاقه العالية سبباً لعرض شراء السيارة رغم عدم احتياجه اليها!. قلت له ان السيارة لم تعد للبيع وأخبرته بالسبب.
تجاوز صدمته بسرعة ودخل من مدخل آخر. قال: الحمد لله أن فتحها عليك ولم تعد بحاجة لبيع السيارة، ولكن بالرغم من هذا فان بيعها لي أصبح أكثر وجوباً!. سألته في دهشة: وكيف هذا؟. قال: يا أخي كما أكرمك الله بسفرية الى الخارج ستعود منها ومعك سيارة على الزيرو، يجب أن تكرم أخاك وتبيعه سيارتك القديمة التي لم تعد تناسبك!. قلت له: بل انها تناسبني تماما وسأكون في حاجة اليها عند نزولي في الأجازات.
لم ييأس الرجل وقال: أمن أجل أسبوع اجازة في السنة تمنع الخير عن صاحبك ؟ أنا على استعداد أن أمنحك اياها عند زيارتك لمصر. بدأت أشعر بالحرج من الحاحه، وهو لم يفوّت الفرصة فعاد الى اسطوانة ان الله قد أفاء عليك من رزقه وغداً تعود ومعك ثروة طائلة وتشتري سيارتين بدلاً من سيارة. أقول لكم الحق..لقد تشاءمت من تكراره الحديث عن الثروة الموعودة وأسطول السيارات الذي سأقتنيه، وفكرت أن أوافق على البيع فقط من أجل أن أكسر سمّه. قلت له: يبدو أنك ستنجح بسيف الحياء في حملي على البيع. قال: كنت أعلم أنك لن تخذلني، وسألني وعيناه تلمعان: كم تريد في السيارة؟ قلت:
لا أريد سوى ما دفعته فيها وهو مبلغ كذا. قال: أنا أعلم ولكني طامع في كرمك خصوصاً وأن الله قد بعث لك رزقاً وفيراً وأنك ستعود من الخارج ومعك ...قاطعته مفزوعاً وقد أصبح كلامه يخيفني وأحسست نحوه بضيق لا حدود له وقلت: ادفع يا سيدي ما شئت. ابتهجت أساريره وهو يقول: سأدفع لك عشرة اَلاف وأمانة يا شيخ لا تخيب رجائي. قلت وأنا أكاد أنفجر من الحنق: موافق !.
في صباح اليوم التالي قمت بنقل الملكية اليه، ثم عرجنا على البنك فدخل وعاد ومعه ظرف قدمه لي: عشرة اَلاف جنيه بالتمام والكمال. تناولت منه الفلوس وهممت بأن أنزل وأترك له السيارة فاستوقفني قائلاً: أنا محرج منك ولا أدرى كيف أقولها. رددت في استسلام: قل ما شئت.. لم يعد هناك ما يدهشني. قال: لعلك لا تعرف أن العشرة اَلاف جنيه التي بين يديك هي كل ما أملك من حطام الدنيا، وأنت قد تركتني على الحديدة. قلت له غير مصدق: ثم ماذا؟ قال: لو أقرضتني ألفي جنيه فلن أنسى لك هذا الجميل، ثم أردف:
ثمن السيارة بالكامل في حوزتك وأنا انما أطلب منك هذا من باب العشم، ولا تنس أن رزقاً وفيراً ينتظرك الخ. ألقيت اليه بالظرف وقلت: الفلوس معك..خذ منها ما تشاء واتركني لحال سبيلي. تناول الظرف وأخرج منه 2000 جنيه دسها في جيبه وأعاده اليّ وهو يؤكد على أنه سيرد المبلغ في أقرب فرصة. قلت له: مبروك عليك السيارة وفتحت الباب وقفزت الى الرصيف حتى أهرب بعيداً عنه، ففوجئت به ينزل ورائي . قلت وأنا أختنق: هل تريد بقية الفلوس؟..خذها.
قال في عتاب:أهكذا تظن بي؟ أنا أدعوك على الغذاء عندي في البيت فبالله عليك لا تردني. قلت: شكراً على الدعوة الكريمة، لكني مشغول، ففوجئت به يقسم بالطلاق على أن أذهب معه!. قلت له: لن آتي معك ولتطلق زوجتك ان شئت!. قال: بالعربي يا صاحبي أنا لا أعرف قيادة السيارة وأريدك أن توصلني بها الى البيت!.
كان عليّ أن أقود به الى صحراء مدينة 6 اكتوبر حيث يسكن، وأن أعود وحدي بدون سيارة، وأن أستمع طوال الطريق الى معزوفته عن السيارة الجديدة التي سأشتريها والفيللا التي سأقتنيها والنعيم الذي سأغرق فيه..الخ الخ الخ!.
ogharib200@yahoo.com
تاريخ النشر 08/09/2009
منذ سنوات كنت قد عزمت على بيع سيارتي نتيجة مروري بضائقة مالية. ثم فُرجت نتيجة الحصول على عمل في لندن براتب كبير، وبالتالي فقد تراجعت عن فكرة البيع.
في ذلك الوقت كان هناك صديق يتلمظ لاقتناص السيارة متصوراً أن «صديقه» ما زال في أزمة ومن الواجب الوقوف الى جانبه والحصول على سيارته بثمن بخس!. فوجئت به يحضر لزيارتي ويقدم أخلاقه العالية سبباً لعرض شراء السيارة رغم عدم احتياجه اليها!. قلت له ان السيارة لم تعد للبيع وأخبرته بالسبب.
تجاوز صدمته بسرعة ودخل من مدخل آخر. قال: الحمد لله أن فتحها عليك ولم تعد بحاجة لبيع السيارة، ولكن بالرغم من هذا فان بيعها لي أصبح أكثر وجوباً!. سألته في دهشة: وكيف هذا؟. قال: يا أخي كما أكرمك الله بسفرية الى الخارج ستعود منها ومعك سيارة على الزيرو، يجب أن تكرم أخاك وتبيعه سيارتك القديمة التي لم تعد تناسبك!. قلت له: بل انها تناسبني تماما وسأكون في حاجة اليها عند نزولي في الأجازات.
لم ييأس الرجل وقال: أمن أجل أسبوع اجازة في السنة تمنع الخير عن صاحبك ؟ أنا على استعداد أن أمنحك اياها عند زيارتك لمصر. بدأت أشعر بالحرج من الحاحه، وهو لم يفوّت الفرصة فعاد الى اسطوانة ان الله قد أفاء عليك من رزقه وغداً تعود ومعك ثروة طائلة وتشتري سيارتين بدلاً من سيارة. أقول لكم الحق..لقد تشاءمت من تكراره الحديث عن الثروة الموعودة وأسطول السيارات الذي سأقتنيه، وفكرت أن أوافق على البيع فقط من أجل أن أكسر سمّه. قلت له: يبدو أنك ستنجح بسيف الحياء في حملي على البيع. قال: كنت أعلم أنك لن تخذلني، وسألني وعيناه تلمعان: كم تريد في السيارة؟ قلت:
لا أريد سوى ما دفعته فيها وهو مبلغ كذا. قال: أنا أعلم ولكني طامع في كرمك خصوصاً وأن الله قد بعث لك رزقاً وفيراً وأنك ستعود من الخارج ومعك ...قاطعته مفزوعاً وقد أصبح كلامه يخيفني وأحسست نحوه بضيق لا حدود له وقلت: ادفع يا سيدي ما شئت. ابتهجت أساريره وهو يقول: سأدفع لك عشرة اَلاف وأمانة يا شيخ لا تخيب رجائي. قلت وأنا أكاد أنفجر من الحنق: موافق !.
في صباح اليوم التالي قمت بنقل الملكية اليه، ثم عرجنا على البنك فدخل وعاد ومعه ظرف قدمه لي: عشرة اَلاف جنيه بالتمام والكمال. تناولت منه الفلوس وهممت بأن أنزل وأترك له السيارة فاستوقفني قائلاً: أنا محرج منك ولا أدرى كيف أقولها. رددت في استسلام: قل ما شئت.. لم يعد هناك ما يدهشني. قال: لعلك لا تعرف أن العشرة اَلاف جنيه التي بين يديك هي كل ما أملك من حطام الدنيا، وأنت قد تركتني على الحديدة. قلت له غير مصدق: ثم ماذا؟ قال: لو أقرضتني ألفي جنيه فلن أنسى لك هذا الجميل، ثم أردف:
ثمن السيارة بالكامل في حوزتك وأنا انما أطلب منك هذا من باب العشم، ولا تنس أن رزقاً وفيراً ينتظرك الخ. ألقيت اليه بالظرف وقلت: الفلوس معك..خذ منها ما تشاء واتركني لحال سبيلي. تناول الظرف وأخرج منه 2000 جنيه دسها في جيبه وأعاده اليّ وهو يؤكد على أنه سيرد المبلغ في أقرب فرصة. قلت له: مبروك عليك السيارة وفتحت الباب وقفزت الى الرصيف حتى أهرب بعيداً عنه، ففوجئت به ينزل ورائي . قلت وأنا أختنق: هل تريد بقية الفلوس؟..خذها.
قال في عتاب:أهكذا تظن بي؟ أنا أدعوك على الغذاء عندي في البيت فبالله عليك لا تردني. قلت: شكراً على الدعوة الكريمة، لكني مشغول، ففوجئت به يقسم بالطلاق على أن أذهب معه!. قلت له: لن آتي معك ولتطلق زوجتك ان شئت!. قال: بالعربي يا صاحبي أنا لا أعرف قيادة السيارة وأريدك أن توصلني بها الى البيت!.
كان عليّ أن أقود به الى صحراء مدينة 6 اكتوبر حيث يسكن، وأن أعود وحدي بدون سيارة، وأن أستمع طوال الطريق الى معزوفته عن السيارة الجديدة التي سأشتريها والفيللا التي سأقتنيها والنعيم الذي سأغرق فيه..الخ الخ الخ!.
ogharib200@yahoo.com
تاريخ النشر 08/09/2009