المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طيار وكاتب يثيران جدلا حول كفاءة محققي حوادث الطيران المصريين



جليل
08-30-2004, 12:37 AM
البطوطي والحبش استعادا السيطرة على الطائرة المصرية بنيويورك قبل إسقاطها بصاروخ!


http://www.asharqalawsat.com/2004/08/29/images/books.252523.jpg

القاهرة: أميرة محمد

فيما استراح مسؤولو سلطات الطيران المصرية والاميركية لإغلاق ملف حادث الطائرة المصرية، التي سقطت امام السواحل الاميركية قبل نحو 5 سنوات، والمعروف باسم حادث الطائرة 990، فجر كتاب جديد أعده طيار مصري بالشركة الوطنية وكاتب صحافي جدلا شديدا بين المسؤولين بقطاع الطيران وجهات التحقيق التي تباشر في الوقت الحالي حوادث اخرى وقعت لطائرات مصرية ولم تتكشف حقيقة اسبابها بعد.

وفجر الكتاب مفاجأة عندما كشف نص تقرير فني اعده طيارون وفنيون متخصصون تم تقديمه بالفعل لسلطات الطيران المصرية ومسؤوليها آنذاك، الذين تجاهلوا الاخذ بكثير من النقاط التي تطرق اليها والتي ما زالت حتى الآن تمثل علامات استفهام كما يوضح مؤلفا الكتاب، بالرغم من أنهم اشادوا به.

صدر الكتاب أخيرا في القاهرة تحت اسم «عاصفة الطائرة المصرية 990 ـ ارهاب صنعه آخرون»، وأعده الطيار المصري سعد شلبي، الذي عمل بالشركة الوطنية (مصر للطيران) نحو 40 عاما، محققاً نحو 20 الف ساعة طيران، كما انه اكتسب خبرات واسعة بالعمل في الاقسام الفنية كمهندس طيار، بما فيها المحركات والهياكل، وتولى مناصب عديدة، منها كبير المهندسين الجويين وللمدربين، كما عين خبيرا بالتفتيش الجوي بوزارة الطيران المدني المنشأة حديثا وشارك في تحقيقات وتحليلات اسباب اكثر من 15 حادثة وواقعة لطائرات.

أما المؤلف الآخر هشام جاد، فهو صحافي متخصص بشؤون الطيران المدني، وقدم الكثير من التحقيقات حول حادث الطائرة 990 منذ إعلان سقوطها امام السواحل الاميركية وحتى إعلان «تقرير الحقائق» بواسطة مسؤولي مجلس سلامة النقل. وكانت الطائرة المصرية من طراز بوينغ 767 قد سقطت بعد إقلاعها من مطار جون كينيدي بنحو 45 دقيقة، وهوت من ارتفاع 33 الف قدم لتستقر بركابها وطاقمها وعددهم 217 في قاع المحيط الاطلنطي.
وكما يقول سعد شلبي مؤلف الكتاب، الذي أعد تقريرا فنيا شاملا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2000 للجهات المختصة بمصر حول الحادث، فإن المحققين المصريين تجاهلوا حقائق عديدة، اولها وجود مشكلة فنية مجهولة قبل فصل الطيار الآلي، إذ سجلت على شريط الصوت كلمات غير واضحة لم يتوقف عندها المحققون. كما سمعت بالانجليزية Hydraulic و Control it. ، تؤكد ظهور مشكلة داخل كابينة القيادة.

الحقيقة الثانية التي يكشفها شلبي هي ان الطيار الآلي لذات الطائرة طراز 767 انفصل في الليلة السابقة، قبل الحادث مباشرة، ثلاث مرات اثناء الرحلة من نيويورك الى لوس أنجليس ومن دون اسباب واضحة، مطابقا تماما للمرة الاخيرة، لكن مع ذلك لم تسقط الطائرة في المرات الثلاث، وذلك لعدة عوامل، اولها الارتفاع حيث كان فصل الطيار الآلي في المرات السابقة على ارتفاعات اقل من عشرة الاف قدم. اما في الرحلة 990 فكان على ارتفاع 33 الف قدم، كذلك قدرة المحركات التي كانت في المرات السابقة مناسبة للنزول المنظم المتوافق مع السرعة ووزن الطائرة قبل الهبوط. اما في الرحلة المنكوبة فكانت قدرة المحركين عالية اثناء التحليق بما يتناسب مع وزن الطائرة البالغ 176 طنا تقريبا وللمحافظة على سرعتها العالية التي وصلت إلى 280 عقدة المعادلة لـ0.788 من سرعة الصوت، وكذلك عدد الطيارين في المرات السابقة كان اثنين يجلسان في حالة انتباه اما في حالة البطوطي فكان بمفرده في حالة استرخاء وربما شغله شيء داخل الطائرة أو خارجها صرفه عن التركيز.

ووفقا للتحليل الفني الذي اجراه الطيارون المصريون بعيدا عن عمل فريق التحقيق الرسمي، فإن عطلا مزدوجا اصاب وحدات الدفع الهدروليكي في الرافعة الخلفية اليمنى اثناء استقرار الطائرة على ارتفاع 33 الف قدم وبسرعة 280 عقدة بحرية، بمعنى تعطل وحدتين وليس وحدة واحدة. ووفقا لتحليلات بوينغ فإن هذا العطل المزدوج سيترتب عليه ترك الرافعة اليمنى فقط بزاوية ميل 2.29 درجة وبفارق 2.11 درجة عن الرافعة اليسرى.

هذا التحليل دفع بمؤلفي الكتاب لمهاجمة المحققين المصريين والاميركيين سواء الذين لم يهتموا بإظهار هذه الحقائق التي ادت الى تحريك عجلة القيادة الى الأمام وتحجرت في مكانها ولم يستطع الطياران جذبها مرة اخرى بسبب حالة انعدام الوزن التي استمرت 20 ثانية، ثم تتابعت الاحداث المؤسفة.

وفيما قدم التقرير الفني تبريرا فنيا علميا لاداء الطيارين اثناء الدقيقتين اللتين استغرقهما سقوط الطائرة، وجه كذلك اتهاما صريحا للشركة المصنعة بإهمال هذا النوع من الاعطال في دراساتها وابحاثها العديدة، ولم تتعرض له في قوائم المراجعة التي تعدها لاطقم قيادة الطائرات لتوضح الخطوات التي يجب عليها اتباعها عند حدوث هذه الاعطال.
وينتقل التقرير المفصل، كما نشر كاملا في الكتاب، الى كشف تعمد المحققين الاميركيين تضمين صياغات غير صحيحة للبيانات التي استخرجت من مسجل الصوت ومسجل بيانات الطائرة، خاصة فيما يتعلق بفروق حركة الروافع اليمنى واليسرى، كما اظهر بالارقام المأخوذة من سجلات حركة اجهزة الطائرة التضارب في تفريغ شريط Fdr«مسجل بيانات اداء الطائرة».

ومع ذلك، كما يؤكد التحليل، فان انفصال الروافع أمر وارد لكنه لا يسقط طائرة، مما يرجح نظرية اسقاط الطائرة عمدا بصاروخ متعمد أو غير متعمد. ويستدل على ذلك بأن قائد الطائرة ومساعده كانا يتحدثان حتى نهاية التسجيل، وان الطائرة استجابت لتحريك رافعتي الذيل من اسفل الى اعلى، وبلغت سرعتها 463 عقدة بحرية، ثم بدأت السرعة تقل تدريجيا حتى بلغت 458 عقدة عند توقف التسجيل، بما يعني ان الطائرة كانت متماسكة وخاضعة للسيطرة حتى تم تفكيكها وتدميرها واسكات جهازي التسجيل بها بعد إصابتها بصاروخ. ومما ساعد على تفجيرها وتفتيتها انها كانت مضغوطة وفارق الضغط عند هذا الارتفاع يعادل 3Psi تقريبا، ويرجح هذا الاعتقاد انه لم يتم انتشال اجزاء كبيرة ولا حتى مجموعة الذيل التي كانت تعمل حتى نهاية التسجيل.

المؤكد ان حوادث الطيران تتراجع من دائرة الاهتمام بفعل الوقت لكنها لا تموت والا لما حصل اهالي ضحايا طائرة لوكربي على تلك التعويضات الباهظة، لكن بالطبع يبقى الرهان على ثقل الدولة التي ترعى اهالي الضحايا، وهو الواقع الذي فرض على المصريين قبول الصياغة المبهمة للتقرير النهائي حول حادث طائرة نيويورك التي اكد فيها المحققون الاميركيون ان مساعد الطيار اغلق المحركات مما سبب سقوط الطائرة وامتنعوا عن اتهامه بأنه اسقطها عمدا واكتفوا بالاشارة الى ان سبب اغلاق المحركات يبقى مجهولا، أي ان الفاعل معروف والسبب مجهول.

لكن اعادة فتح ملف حادث الطائرة 990 مرة اخرى بهذا الشكل اضاف الى الجراح ملحا، فالمحققون المصريون غارقون لآذانهم في متابعة حادث طائرة مصر للطيران التي سقطت في تونس عام 2002، كما انهم لاول مرة مسؤولون من الالف الى الياء عن مباشرة تحليلات وتحقيقات حادث الطائرة الخاصة التابعة لشركة فلاش ايرلاينز التي سقطت في مطلع العام الحالي، وفي الحالتين لم يسلما من الاتهامات داخليا وخارجيا وسيكون خيار تقييم الحقائق أو صياغتها باشكال مبهمة خياراً صعباً بعد اعلان هذه الاتهامات بالتقصير في متابعة حادث نيويورك حتى بالرغم من الجهد والنتيجة المميزة ـ كما يحلو للبعض ان يصفها ـ التي توصلوا اليها مع المحققين الاميركيين.

* عاصفة الطائرة المصرية 990 ـ ارهاب صنعه آخرون
* تأليف: سعد شلبي وهشام جاد