المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "ما هو مسموح للسعودين مسموح أيضا لإسرائيل"



مقاتل
07-23-2009, 02:46 PM
بقلم: شموئيل روزنير* - "معاريف"

*خبير في التاريخ والسياسة الأميركية


الثلاثاء 21/7/2009

كانت هذه المرة الاولى التي لم ينجح فيها الرئيس أوباما - كعضو في مجلس الشيوخ وكمرشح للرئاسة - في الحصول على أي شيء تقريبا، وفشل في احداث أي تحرك لدى استخدامه قوته في الاقناع.

هذا الرأي، اذا افترضنا انه دقيق، يدل من ناحية على قدرة الاقناع لدى الرئيس أوباما (الذي لم يعرف في أي وقت طعم الفشل)، كذلك على الاحباطات التي تنتظره في السياسة الخارجية (حيث من الواضح ان قدرته على الاقناع ليست فاعلة على الدوام)..

هاكم تفصيل الملابسات التي قادت الى الانطباع المعرب عنه في الاقتباس اعلاه: لقد مني الرئيس أوباما، هكذا يتضح من التقارير الصحافية الآخذه بالتراكم، بهزيمة حين حاول ابتزاز بادرة حسن نية تجاه إسرائيل من الملك السعودي خلال اللقاء الذي جمعهما في العاصمة السعودية. وكان من سرّب هذا الاقتباس الى المجلة الأميركية "فورين بوليسي" (السياسة الخارجية - المترجم) هو موظف أميركي سابق تربطه علاقات وثيقة بالعاصمة السعودية.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد تحدثت قبل ذلك، عن فشل اللقاء بين أوباما والملك السعودي في سياق فقرة اخيرة في تحقيق صحافي تناول محاولات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، للعودة الى الاضواء الكاشفة.

أضافت الصحيفة أن أوباما حاول لكن الملك لم يقتنع والاعتقاد السائد في البيت الابيض هو ان التحضير للزيارة لم يكن كما ينبغي، وبذلك فقد ساهمت نتائج الزيارة في قرار أوباما انتزاع المستشار دنيس روس من طاقم الطاقة البشرية في وزارة الخارجية ونقله الى مجلس الأمن القومي ليصبح أكثر قربا منه.

لقد قامت الوزيرة كلينتون بمحاولة للعودة الى الاحداث الاسبوع الماضي في سياق خطاب مغطى اعلاميا. وكانت النبرة في ذلك الخطاب تجاه إسرائيل أكثر مهادنة من الماضي.

قالت الوزيرة بوضوح ان لديها توقعات ليس من القادة الإسرائيلييين في القدس فقط، بل أيضا من اولئك القادة الموجودين في رام الله وفي عواصم الدول المجاورة، وعلى سبيل المثال في الرياض.

قولها هذا شكل بشرى سارة، لكن اصداءه تعثرت بسرعة مع استدعاء السفير الإسرائيلي الجديد في واشنطن د. مايكل اورين الى مقابلة موظفي الوزيرة كلينتون، سمع فيها عبارات التوبيخ من جانب هؤلاء الموظفين المصممين على التدخل في موضوع مخططات البناء الإسرائيلية في القدس. وهذا الموضوع يشكل شجرة عالية لم يتسلقها الأميركيون بعد.

ما هو مسموح للسعوديين مسموح احيانا لإسرائيل أيضا. جاء أوباما الى الملك وطلب منه ابداء مبادرة حسن نية، لكن الملك رفض الطلب. ما الداعي لاعطائه ذلك؟ واذذاك ساد الارتباك غرفة المحادثات. وحين انتهى اللقاء فتش المسؤولون السعوديون عن طريق لتخفيف الانطباع الذي ابقاه، فاستخدموا صيغة مستعملة: اللقاء لم يعد كما ينبغي.

كان ذلك مريحا للسعوديين من حيث القائهم المسؤولية عن الفشل على عاتق الأميركيين، كذلك كان الامر مريحا للأميركيين الذين بدلا من مواجهة إمكان ان فرضيتهم الاستراتيجة كانت خاطئة - أي انه لم يكن لدى السعوديين أي مصلحة في تقديم بوادر حسن نية ولا نية المخاطرة مهما كانت صغيرة لمصلحة التقدم في عملية السلام - كان كل ما عليهم فعله هو اجراء بعض التنسيق البيروقراطي، أي نقل بعض الموظفين من هذا الموقع الى ذاك وتحسين الاعداد للزيارات المقبلة.

وفي المناسبة ذاتها كان يجدر بالإدارة الأميركية محاولة تحسين اجراءات الحوار مع حكومة إسرائيل أيضا. كان حريا بنا ان نأخذ نفسا عميقا ونسأل انفسنا ان كنا فكرنا كما ينبغي في الانعكاسات المحتملة لحصول شرخ بين إسرائيل والولايات المتحدة.

هكذا كتب في هذا الاسبوع، ديفيد روتكوف، الباحث في معهد "كارنيغي" للسلام، ولم يكن الاول على هذا الصعيد.

الصحافيان ديفيد ايغناسيوس وجاكسون ديل من صحيفة واشنطن بوست، طرحا تحفظات مماثلة. ديل اقترح انهاء المواجهة مع إسرائيل، غير أنه برز، آنذاك، الى السطح الخلاف حول عمليات البناء في القدس، أول اخطاء الإدارة في إدارة المواجهة ما اتاح لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو المباشرة بهجوم مضاد على ساحة مريحة له نسبيا.

يوم الجمعة الماضي نشر رئيس الحكومة السابق إيهود اولمرت مقالا في صحيفة "البوست" أكد فيه ان تركيز الرئيس أوباما على موضوع المستوطنات يصرف الانظار عن معالجة المواضيع الاستراتيجية الحقيقية.

صحيح أن اولمرت لم يتحل بكاريزما مماثلة لتلك التي يتحلى بها أوباما، لكن الرسالة المضمنة في مقاله مهمة: مشكلة الإدارة ليست مع حكومة نتنياهو، فجدول الاعمال الذي يحاول الرئيس أوباما إملاءه ليس له حلفاء داخل اطار الاجماع الإسرائيلي.

وها نحن أمام حالة اخرى، لن تسعف فيها قدرة أوباما على الاقناع.


(ترجمة : قسم الشؤون الإسرائيلية في قناة "العالم")