yasmeen
07-21-2009, 11:23 PM
كامل الشيرازي من الجزائر
تحيي الجزائر، في النصف الثاني من شهر يوليو دوريا، عيد سمك "السردين"، وهي مناسبة تكتسي أبعادا اقتصادية واجتماعية، وتعبّر عن مدى حب السكان المحليين لهذا النوع من السمك المتصف بقيمته الغذائية العالية، ويشهد الحدث كل عام التقاء أهل المهنة من ناشطي الحرف الصغيرة وأصحاب قوارب الصيد والهواة، فضلا عن ممثلي الصيادين، ويحوّل هؤلاء المحفل السنوي إلى منتدى كبير لعرض اقتراحاتهم فيما يخص تطوير هذا النوع من السمك وإنشاء وحدات لتصبيره.
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Reports/2009/7/%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%86.jpg
ووفاء للطقوس المتعارف عليها في الجزائر، شهد مقام الولي الصالح سيدي عبد القادر المعروف عند سكان غرب الجزائر بتسمية "مول المايدة" والكائن بقمة جبل "المرجاجو" الشاهق، لقاءا تقاربيا ضخما ضمّ الآلاف من الحرفيين ومواطنيهم الذين جاؤوا لتذوق أطباق السردين المشوية المعروفة في فن الطبخ المحلي، على غرار حاضرة وهران التي ارتبطت شهرتها بطبق "الدولما" الذي يُطهى في غالب الأحيان اعتمادا على أسماك السردين.
ويشكّل عيد سمك السردين فرصة للتشاور حول كيفية ضمان توزيع وتسويق منتوج الصيد في ظروف حسنة، وقال الطيب (65 عاما) الذي أنفق نصف عمره في اصطياد السمك:"إنّها التفاتة طيبة لإعادة بعث عيد كان موجودا، بيد أنّه فقد شعبيته"، ويعقّب ساعد (56 عاما) أنّ ارتفاع أسعار السردين جعل الطلب يقلّ عليه، بعدما وصل ضمن الكيلوغرام الواحد في الأشهر الأخيرة من السنة الجارية إلى مائتي دينار (ما يفوق الدولارين).
ويشير إبراهيم (48 عاما) الذي يمضي لياليه في مطاردة الأسماك، أنّ ارتفاع أسعار السردين، جعل الناس يطلقون العنان للنكت، مثل تلك القائلة بأنّ السمك الأزرق أصبح يضاهي مئات "الحراقة" وهم أولئك الشبان الذين يريدون العبور إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط على نحو غير مشروع.
وتعرف أسعار السردين حاليا استقرارا في الأسواق الجزائرية، بعد أن ارتفعت كمية هذا السمك من 380 طن مطلع العام الحالي إلى أكثر من خمسة آلاف طن مع نهاية الشهر المنقضي، ويفيد مختصون على مستوى الوزارة الجزائرية للصيد البحري، أنّ الأسماك السطحية المتمثلة في السردين و"اللاتشا" و"اللونشوفا" متوفرة حاليا، ويتطلب الأمر فقط من أهل المهنة احترام الراحة البيولوجية حفاظا على هذه الثروة السمكية.
وبلغ إنتاج الأسماك في الجزائر العام الماضي 157 ألف طن بزيادة طفيفة عما تمّ تسجيله العام 2006، أين تمّ إنتاج ما يقارب 150 ألف طن، وأشار إلى إنتاج 50 طنا من سمك المياه العذبة، وشملت العملية أنواعا نادرة من سمك " السوندر" بوزن يفوق 12 كلغ و "الشبوط الملكي" بأنواعه الثلاثة بأوزان تتراوح بين 5 و6 كلغ وكذا سمك "البوري"، علما أنّ معدل الاستهلاك المحلي انتقل إلى مستوى 5.25 كلغ للفرد الواحد سنويا، علما إنّ الطاقة الإجمالية للجزائر من الثروة السمكية تصل إلى حدود ستة ملايين طن من الأسماك.
وتمتلك الجزائر إمكانات طبيعية تؤهلها لتصدر لائحة الدول المنتجة للسردين وسائر الموارد الصيدية، تبعا لما يختزنه شريطها الساحلي الممتد على طول 1200 كيلومترا، وتراهن الجزائر على رفع إنتاجها إلى حدود 274 ألف طن سنة 2025، بينها 221 ألف طن من الأسماك، و53 ألف طن من منتجات تربية المائيات، فضلا عن تطلعها لاستحداث مائة ألف منصب شغل جديد، في خطوة تريد من ورائها السلطات إنعاش قطاع الصيد الذي حقق نتائج مرضية على مدار السبع سنوات الأخيرة، لكنها تبقى بحسب المختصين دون التطلعات.
وافتتحت الجزائر مؤخرا أحواضا لتفقيس بيض السمك، ويتعلق الأمر بتدشين تجربتين نموذجيتين متخصصتين في تفقيس بيض السمك وإنتاج فراخ السمك بولايتي سطيف وسيدي بلعباس (330 كلم شرق و440 كلم غرب الجزائر على التوالي) بما يعزز توجه البلاد في مجال تربية المائيات وتطوير عدة أصناف من أسماك المياه العذبة، ضمن إستراتيجية تراهن عليها الحكومة الجزائرية لدفع قطاع الصيد البحري وتوظيف الموارد الصيدية.
وأوضح "إسماعيل ميمون" الوزير الجزائري للصيد والموارد الصيدية، أنّ اتجاها قائما لإنشاء مزرعة لتربية المائيات بولاية ورقلة الجنوبية، هذه الأخيرة الممتدة على مساحة قدرها 20 هكتار، يُرتقب أن تنتج حوالي 500 طن من مختلف أسماك المياه العذبة التي تتكيف مع مناخ المنطقة خاصة منها سمكة "التليبية" التي تعرف رواجا كبيرا هناك، كما ستساهم هذه المنشأة أيضا في تكوين وتأهيل المختصين، بحيث ستكون ميدانا للبحث في تربية المائيات، وتلعب دورا في ترقية وتعميم تقنيات تربية المائيات لفائدة المزارعين المهتمين بتنمية المائيات بكل أصنافها عبر الأوساط البحرية والقارية والصحراوية.
وأصبحت عملية استزراع الأعشاب البحرية وإقامة الأحواض في مياه البحر أو ما يُعرف بـ"تربية المائيات" تستأثر باهتمام جمهور المستثمرين في الجزائر، سيما بعد نجاح تجربة أولى من نوعها، تمّ خلالها استزراع 6800 من بيضات أسماك "الشبوط" و"البلطي" عبر 13 حوضا في محيط عاصمة الجزائر، وهو ما أغرى متعاملين هناك بتعميم التجربة ونشرها على امتداد الولايات الجزائرية الساحلية، من خلال خلق مشاريع يستفيد منها مستثمرون خواص، وتأتي أهمية تربية المائيات في كونها مصدر أساس يمكن الاعتماد عليها لحماية الأمن الغذائي، وخاصة تامين البروتين الحيواني ذو القيمة الغذائية العالية، بالإضافة لحماية وتدعيم المخزون الصيدي الطبيعي وكذلك خلق فرص عمل في مجالات صيدية مبتكرة، علاوة على تنمية المناطق المنعزلة والمساهمة في إخراجها من دائرة الفقر والحرمان.
وتقول دراسات أنّ الجزائر تتوفر حاليا على نحو 71 موقعا ملائما لاستزراع المائيات، دون احتساب مئات الأحواض الخاصة بالمزارعين، والتي تمتلك مناخا مناسبا وشروط بيئية مثلى تضمن نجاح تجربة تربية المائيات، وشهدت الأخيرة نجاحا أيضا في مجال إنتاج الصدفيات والمحار، وعلى سبيل المثال تمكّن أحد المستثمرين الخواص ببلدة عين طاية (20 كلم شرق العاصمة) من إنتاج 10 أطنان من الصدفيات و5 أطنان من المحار، في سنته الأولى، ما يؤشر على المزيد من الثروة المخبوءة والتي قد تنجح في تفجير ثورة صيدية ضخمة في البلاد، سيما بعد نجاح استزراع أحواض مائية في ثلاث مناطق مختلفة، وبروز طرق تربية المحاريات بأنواعها في بعض المشاريع الاستثمارية في الجزائر وقد تميزت بنجاح وتطور ملحوظين في جميع المناطق الداخلية وبعض الولايات الساحلية.
ورغم تشديد خبراء على كون تربية المائيات تظلّ عملية في غاية التعقيد والصعوبة، لأنها تعتمد بشكل كلي على استقرار الوضع الجوي، إلاّ أنّ "ياسمين خازم" مسؤولة الصيد البحري على مستوى ولاية الجزائر العاصمة، قالت لـ"إيلاف" أنّ مصالحها تسعى للنهوض باستغلال كل نقاط المياه البحرية والعذبة، كما تعتزم إنجاز مزرعة نموذجية لتربية المائيات في مياه البحر، وكذا استزراع أحواض السقي في حقول خصبة بمدن "الرويبة"، "الشراقة" و"الدرارية"، واللافت أنّ عائق عدم توفر مناطق عديدة في الجزائر من سدود وسبخات مائية، تجاوزه أهل الحلّ والعقد من خلال استزراعهم ما تُعرف بـ"البلاعيط" في أحواض السقي.
ولأجل إدماج تربية المائيات بالزراعة، لجأ المركز الجزائري للصيد وتربية المائيات قبل فترة إلى وضع خطة تكاملية بين الزراعة وتربية المائيات من خلال دمج النشاطين وتنويع المنتوجات الغذائية التي تخدم المستهلك خاصة والاقتصاد المحلي، وحرص المركز المذكور على السعي لإرساء ثقافة الجودة والمواصفات والمعايير الصحية في المنتجات الزراعية نظرا لما توفره منتجات تربية المائيات من مكونات كميائية طبيعية في الوسط المائي الذي يستعمل بدوره في ري الأراضي الخاصة بالزراعة، وهو ما أدى إلى تنامي ظاهرة استزراع أنواع متعددة من الأسماك في أحواض السقي التابعة لمئات المزارعين، وهو ما كانت له تبعات إجابية على الانتاج الزراعي المحلي، تبعا لتشبع مياه السقي بالبروتينات التي تفرزها الأسماك، كما أن هذه الأسماك قضت على الحشرات المضرة بالزرع، ما أدى إلى تحصين الأخير، وهو ما جعل عديد المزارعين من ولايات بعيدة يطالبون السلطات باستزراع تلك الأحواض على مستوى أراضيهم.
ويتضمن برنامج الاستثمار الذي ينتظر انضمام شركاء متميزين، العديد من المشاريع المتعلقة خاصة بإنجاز ورشات لصناعة وتصليح البواخر وأسواق السمك الطازج ومصانع الثلج ومستودعات تبريد وتجهيزات للرفع والجر ومساحات لبيع عتاد الصيد وقطع الغيار، وتتجه الحكومة الجزائرية وفق مخطط مستقبلي الى تطوير نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات واعادة تقييم موارد الصيد البحري في الجزائر، من أجل استغلال 2.2 مليون طن من الأسماك، بغية تنميتها وتكاثرها فضلا عن تحديد أكثر من 280 موقع لتربية الأسماك والموارد البحرية الأخرى وإيجاد اكثر من 10 آلاف وحدة صيد، إضافة إلى آلاف مركبات الصيد الجديدة بكل أصنافها مع إنجاز سبعة موانئ في بعض ولايات البلاد.
تحيي الجزائر، في النصف الثاني من شهر يوليو دوريا، عيد سمك "السردين"، وهي مناسبة تكتسي أبعادا اقتصادية واجتماعية، وتعبّر عن مدى حب السكان المحليين لهذا النوع من السمك المتصف بقيمته الغذائية العالية، ويشهد الحدث كل عام التقاء أهل المهنة من ناشطي الحرف الصغيرة وأصحاب قوارب الصيد والهواة، فضلا عن ممثلي الصيادين، ويحوّل هؤلاء المحفل السنوي إلى منتدى كبير لعرض اقتراحاتهم فيما يخص تطوير هذا النوع من السمك وإنشاء وحدات لتصبيره.
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Reports/2009/7/%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%86.jpg
ووفاء للطقوس المتعارف عليها في الجزائر، شهد مقام الولي الصالح سيدي عبد القادر المعروف عند سكان غرب الجزائر بتسمية "مول المايدة" والكائن بقمة جبل "المرجاجو" الشاهق، لقاءا تقاربيا ضخما ضمّ الآلاف من الحرفيين ومواطنيهم الذين جاؤوا لتذوق أطباق السردين المشوية المعروفة في فن الطبخ المحلي، على غرار حاضرة وهران التي ارتبطت شهرتها بطبق "الدولما" الذي يُطهى في غالب الأحيان اعتمادا على أسماك السردين.
ويشكّل عيد سمك السردين فرصة للتشاور حول كيفية ضمان توزيع وتسويق منتوج الصيد في ظروف حسنة، وقال الطيب (65 عاما) الذي أنفق نصف عمره في اصطياد السمك:"إنّها التفاتة طيبة لإعادة بعث عيد كان موجودا، بيد أنّه فقد شعبيته"، ويعقّب ساعد (56 عاما) أنّ ارتفاع أسعار السردين جعل الطلب يقلّ عليه، بعدما وصل ضمن الكيلوغرام الواحد في الأشهر الأخيرة من السنة الجارية إلى مائتي دينار (ما يفوق الدولارين).
ويشير إبراهيم (48 عاما) الذي يمضي لياليه في مطاردة الأسماك، أنّ ارتفاع أسعار السردين، جعل الناس يطلقون العنان للنكت، مثل تلك القائلة بأنّ السمك الأزرق أصبح يضاهي مئات "الحراقة" وهم أولئك الشبان الذين يريدون العبور إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط على نحو غير مشروع.
وتعرف أسعار السردين حاليا استقرارا في الأسواق الجزائرية، بعد أن ارتفعت كمية هذا السمك من 380 طن مطلع العام الحالي إلى أكثر من خمسة آلاف طن مع نهاية الشهر المنقضي، ويفيد مختصون على مستوى الوزارة الجزائرية للصيد البحري، أنّ الأسماك السطحية المتمثلة في السردين و"اللاتشا" و"اللونشوفا" متوفرة حاليا، ويتطلب الأمر فقط من أهل المهنة احترام الراحة البيولوجية حفاظا على هذه الثروة السمكية.
وبلغ إنتاج الأسماك في الجزائر العام الماضي 157 ألف طن بزيادة طفيفة عما تمّ تسجيله العام 2006، أين تمّ إنتاج ما يقارب 150 ألف طن، وأشار إلى إنتاج 50 طنا من سمك المياه العذبة، وشملت العملية أنواعا نادرة من سمك " السوندر" بوزن يفوق 12 كلغ و "الشبوط الملكي" بأنواعه الثلاثة بأوزان تتراوح بين 5 و6 كلغ وكذا سمك "البوري"، علما أنّ معدل الاستهلاك المحلي انتقل إلى مستوى 5.25 كلغ للفرد الواحد سنويا، علما إنّ الطاقة الإجمالية للجزائر من الثروة السمكية تصل إلى حدود ستة ملايين طن من الأسماك.
وتمتلك الجزائر إمكانات طبيعية تؤهلها لتصدر لائحة الدول المنتجة للسردين وسائر الموارد الصيدية، تبعا لما يختزنه شريطها الساحلي الممتد على طول 1200 كيلومترا، وتراهن الجزائر على رفع إنتاجها إلى حدود 274 ألف طن سنة 2025، بينها 221 ألف طن من الأسماك، و53 ألف طن من منتجات تربية المائيات، فضلا عن تطلعها لاستحداث مائة ألف منصب شغل جديد، في خطوة تريد من ورائها السلطات إنعاش قطاع الصيد الذي حقق نتائج مرضية على مدار السبع سنوات الأخيرة، لكنها تبقى بحسب المختصين دون التطلعات.
وافتتحت الجزائر مؤخرا أحواضا لتفقيس بيض السمك، ويتعلق الأمر بتدشين تجربتين نموذجيتين متخصصتين في تفقيس بيض السمك وإنتاج فراخ السمك بولايتي سطيف وسيدي بلعباس (330 كلم شرق و440 كلم غرب الجزائر على التوالي) بما يعزز توجه البلاد في مجال تربية المائيات وتطوير عدة أصناف من أسماك المياه العذبة، ضمن إستراتيجية تراهن عليها الحكومة الجزائرية لدفع قطاع الصيد البحري وتوظيف الموارد الصيدية.
وأوضح "إسماعيل ميمون" الوزير الجزائري للصيد والموارد الصيدية، أنّ اتجاها قائما لإنشاء مزرعة لتربية المائيات بولاية ورقلة الجنوبية، هذه الأخيرة الممتدة على مساحة قدرها 20 هكتار، يُرتقب أن تنتج حوالي 500 طن من مختلف أسماك المياه العذبة التي تتكيف مع مناخ المنطقة خاصة منها سمكة "التليبية" التي تعرف رواجا كبيرا هناك، كما ستساهم هذه المنشأة أيضا في تكوين وتأهيل المختصين، بحيث ستكون ميدانا للبحث في تربية المائيات، وتلعب دورا في ترقية وتعميم تقنيات تربية المائيات لفائدة المزارعين المهتمين بتنمية المائيات بكل أصنافها عبر الأوساط البحرية والقارية والصحراوية.
وأصبحت عملية استزراع الأعشاب البحرية وإقامة الأحواض في مياه البحر أو ما يُعرف بـ"تربية المائيات" تستأثر باهتمام جمهور المستثمرين في الجزائر، سيما بعد نجاح تجربة أولى من نوعها، تمّ خلالها استزراع 6800 من بيضات أسماك "الشبوط" و"البلطي" عبر 13 حوضا في محيط عاصمة الجزائر، وهو ما أغرى متعاملين هناك بتعميم التجربة ونشرها على امتداد الولايات الجزائرية الساحلية، من خلال خلق مشاريع يستفيد منها مستثمرون خواص، وتأتي أهمية تربية المائيات في كونها مصدر أساس يمكن الاعتماد عليها لحماية الأمن الغذائي، وخاصة تامين البروتين الحيواني ذو القيمة الغذائية العالية، بالإضافة لحماية وتدعيم المخزون الصيدي الطبيعي وكذلك خلق فرص عمل في مجالات صيدية مبتكرة، علاوة على تنمية المناطق المنعزلة والمساهمة في إخراجها من دائرة الفقر والحرمان.
وتقول دراسات أنّ الجزائر تتوفر حاليا على نحو 71 موقعا ملائما لاستزراع المائيات، دون احتساب مئات الأحواض الخاصة بالمزارعين، والتي تمتلك مناخا مناسبا وشروط بيئية مثلى تضمن نجاح تجربة تربية المائيات، وشهدت الأخيرة نجاحا أيضا في مجال إنتاج الصدفيات والمحار، وعلى سبيل المثال تمكّن أحد المستثمرين الخواص ببلدة عين طاية (20 كلم شرق العاصمة) من إنتاج 10 أطنان من الصدفيات و5 أطنان من المحار، في سنته الأولى، ما يؤشر على المزيد من الثروة المخبوءة والتي قد تنجح في تفجير ثورة صيدية ضخمة في البلاد، سيما بعد نجاح استزراع أحواض مائية في ثلاث مناطق مختلفة، وبروز طرق تربية المحاريات بأنواعها في بعض المشاريع الاستثمارية في الجزائر وقد تميزت بنجاح وتطور ملحوظين في جميع المناطق الداخلية وبعض الولايات الساحلية.
ورغم تشديد خبراء على كون تربية المائيات تظلّ عملية في غاية التعقيد والصعوبة، لأنها تعتمد بشكل كلي على استقرار الوضع الجوي، إلاّ أنّ "ياسمين خازم" مسؤولة الصيد البحري على مستوى ولاية الجزائر العاصمة، قالت لـ"إيلاف" أنّ مصالحها تسعى للنهوض باستغلال كل نقاط المياه البحرية والعذبة، كما تعتزم إنجاز مزرعة نموذجية لتربية المائيات في مياه البحر، وكذا استزراع أحواض السقي في حقول خصبة بمدن "الرويبة"، "الشراقة" و"الدرارية"، واللافت أنّ عائق عدم توفر مناطق عديدة في الجزائر من سدود وسبخات مائية، تجاوزه أهل الحلّ والعقد من خلال استزراعهم ما تُعرف بـ"البلاعيط" في أحواض السقي.
ولأجل إدماج تربية المائيات بالزراعة، لجأ المركز الجزائري للصيد وتربية المائيات قبل فترة إلى وضع خطة تكاملية بين الزراعة وتربية المائيات من خلال دمج النشاطين وتنويع المنتوجات الغذائية التي تخدم المستهلك خاصة والاقتصاد المحلي، وحرص المركز المذكور على السعي لإرساء ثقافة الجودة والمواصفات والمعايير الصحية في المنتجات الزراعية نظرا لما توفره منتجات تربية المائيات من مكونات كميائية طبيعية في الوسط المائي الذي يستعمل بدوره في ري الأراضي الخاصة بالزراعة، وهو ما أدى إلى تنامي ظاهرة استزراع أنواع متعددة من الأسماك في أحواض السقي التابعة لمئات المزارعين، وهو ما كانت له تبعات إجابية على الانتاج الزراعي المحلي، تبعا لتشبع مياه السقي بالبروتينات التي تفرزها الأسماك، كما أن هذه الأسماك قضت على الحشرات المضرة بالزرع، ما أدى إلى تحصين الأخير، وهو ما جعل عديد المزارعين من ولايات بعيدة يطالبون السلطات باستزراع تلك الأحواض على مستوى أراضيهم.
ويتضمن برنامج الاستثمار الذي ينتظر انضمام شركاء متميزين، العديد من المشاريع المتعلقة خاصة بإنجاز ورشات لصناعة وتصليح البواخر وأسواق السمك الطازج ومصانع الثلج ومستودعات تبريد وتجهيزات للرفع والجر ومساحات لبيع عتاد الصيد وقطع الغيار، وتتجه الحكومة الجزائرية وفق مخطط مستقبلي الى تطوير نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات واعادة تقييم موارد الصيد البحري في الجزائر، من أجل استغلال 2.2 مليون طن من الأسماك، بغية تنميتها وتكاثرها فضلا عن تحديد أكثر من 280 موقع لتربية الأسماك والموارد البحرية الأخرى وإيجاد اكثر من 10 آلاف وحدة صيد، إضافة إلى آلاف مركبات الصيد الجديدة بكل أصنافها مع إنجاز سبعة موانئ في بعض ولايات البلاد.