مجاهدون
08-27-2004, 09:40 AM
أمير طاهري
خلال الشهر الماضي، وبينما ظلت وسائل الاعلام مهووسة بخدع مقتدى الصدر وجماعته في النجف، لم تجد كثير من الأخبار الهامة حقا بشأن العراق تغطيتها المطلوبة. ولا يعني هذا إلقاء اللوم على التلفزيون. فالاستيلاء على «مرقد مقدس» على اية حال، في موقع مثير، من جانب مليشيا جذابة، يجعل التصوير التلفزيوني دراماتيكيا. وهناك أيضا حقيقة أن المصابين بالحنين من العرب والاسلاميين من مختلف الفئات، ممن هم بحاجة ماسة الى شخصية محبوبة جديدة، يعتقدون انهم وجدوا ذلك في رئيس المليشيا البالغ 30 عاما والذي تحول الى شخصية دينية ومنح لقب «الامام».
ولا تعني المصابون العرب بالحنين ان عائلة الصدر جاءت من ايران، وان طهران هي مصدر دعمه الرئيسي، المالي والعسكري والسياسي في الوقت الحالي. أما الاسلاميون فيتجاهلون، من ناحيتهم، حقيقة أن الصدر يرى نفسه ممثلا لا للاسلام بحد ذاته، وانما لنمط معين من المذهب الشيعي، الذي يدين به الخمينيون في طهران، فيما لا تقلق أولئك حقيقة ان الصدر لا يتمتع بسلطة دينية، باستثناء ان والده وعمه الراحلين، كانا رجلي دين معروفين.
وعلى اية حال، دعونا لا نحسد الصدر على شهرة دامت 15 دقيقة. فمن غير المحتمل تذكر العرض الناري الذي قدمه في النجف، سواء كميلاد جديد للنزعة القومية العربية، أو انبعاث للخلافة الاسلامية في بغداد.
وكل هذا لا يعني ان عرض الصدر الضئيل يجب ان لا يحظى بتغطية. فالصحافة، وهي مملكة الأشياء سريعة الزوال، تسعى، على أية حال، الى الحصول على حصتها في الأحداث العابرة. غير ان طلاب الصحافة يعرفون الفرق بين الأحداث التي تجد طريقها الى العناوين اليومية الرئيسية وبين التيارات المخفية التي تصوغ السياق الأوسع لحياة المجتمع السياسية.
والآن، ما هي التيارات التحتية التي يجري تجاهلها الى حد كبير ارتباطا بأوبرا الصدر الصابونية؟
الأكثر أهمية أن عراق ما بعد التحرير، الذي يواجه تحديات كبرى، أفلح في السير لانجاز أجندة الاصلاح السياسي التي حددها. فقد تشكل مجلس حكم في الوقت المحدد. وهذا، في المقابل، شكل حكومة مؤقتة في الوقت المحدد. وبعد ذلك جرت انتخابات محلية في جميع انحاء البلاد تقريبا. وأعقب ذلك إعداد مسودة دستور ديمقراطي وتعددي جديد. ثم جاءت النهاية الرسمية للاحتلال وتعيين حكومة مؤقتة جديدة.
وفي مطلع الشهر الحالي وصل برنامج إعادة البناء السياسي للعراق، قمة جديدة بعقد المؤتمر الوطني. وقد كان ذلك المؤتمر الذي جمع 1300 من الرجال والنساء، الذين يمثلون كل المجموعات الاثنية والدينية واللغوية والسياسية، أول جمعية تعددية للعراقيين على ذلك المستوى. وأدى المؤتمر غرضه فانتخب برلمانا من 100 عضو، بصلاحيات واسعة للمراقبة والضبط في علاقته بالحكومة المؤقتة. ويكشف الفحص الدقيق لهذا البرلمان الجديد أنه البرلمان الأكثر تمثيلا في كل التاريخ العراقي، والذي صار الجهة التي تحدد مصير العراق
إن تكوين البرلمان الانتقالي، والذي سيحتل مكان القلب من السياسة العراقية خلال الأشهر الخمسة عشر المقبلة، يعد خطوة رئيسة نحو خلق مؤسسات الديمقراطية. وتشمل مهام البرلمان الإعداد لانتخابات الجمعية التأسيسية، و الإشراف على الاستفتاء الذي سيقوم بإجازة ذلك الدستور، ثم الإعداد للانتخابات العامة التي ستؤدي إلى انتخاب حكومة جديدة. وكل ذلك قبل نهاية العام المقبل.
هذه الأحداث التي ذكرناها أعلاه، والتي غالبا ما تهملها وسائل الإعلام، توضح سرعة انتقال العراق إلى الديمقراطية. ومع ذلك فإننا لا نعدم المتشائمين الذين يقولون في كل لحظة ان هذه الخطوة أو تلك لن تتخذ بسبب «الاعتبارات الأمنية». والحقيقة التي لا تخفى على أحد أن العراق لم يكن آمنا تحت صدام حسين. فبقدر صحة القول بأنه ليس هناك حرية بلا أمن، فإنه لا يوجد أمن بلا حرية.
ونتساءل: هل كانت قبائل الجبور آمنة تحت حكم صدام حسين عندما أرسل قواته لقتلهم في واحدة من حملات انتقامه السياسي؟ وما هي درجة الأمن التي كانت تتمتع بها قبائل شمر عندما استولى صدام على ثلثي أراضيهم ليوزعها على زبانيته؟ وهل كان من دواعي أمنهم وطمأنينتهم أن ينقل صدام آلاف الأسر من الموصل وكركوك في الشمال، إلى الأجزاء الوسطى والجنوبية من العراق؟ علما أن هؤلاء جميعا من المسلمين السنة، الذين من المفترض أنهم يمثلون مركز قوته ونفوذه. أما بالنسبة إلى الشيعة والأكراد، فإن الأمان الذي كانوا يتمتعون به في أيام صدام يتمثل في القبور الجماعية التي تغطي ريف العراق، والجثث الملقية في أنحاء حلبجة بعد الهجوم الكيمياوي. وهل يمكن قبول فكرة أن العراقيين لا يحبون الأمن أمام هروب أربعة ملايين إلى خارج العراق في ايام حكم البعث؟
إن أمثال مقتدى الصدر، المجهولين الذين يحتجزون الرهائن ويذبحون الضحايا ويقتلون النساء والأطفال في الشوارع، هم الثمرات المرة لثقافة العنف التي رسختها كل نظم الطغيان التي مرت على العراق. فأسلوب التعبير الوحيد الذي يعرفونه هو العنف. وهم مقتنعون تماما بأن ذلك الذي يقتل عددا أكبر هو الذي يجد الطريق ممهدا أمامه للوصول إلى السلطة والتحكم برقاب الناس.
ان ما ظل يشهده العراق منذ تحريره يعتبر صراعا اكبر حجما، وحربا ثقافية لا تحسم نتيجتها مستقبل معاناة هذا البلد فحسب، بل تحسم ايضا الآفاق السياسية للدول العربية جميعها تقريبا.
وبوسع أي أحد أن يجد في احدى جوانب هذه الحرب الثقافية بقايا الصدامية، بما في ذلك مقتدى الصدر، والذي وعلى الرغم من انه من ضحايا النظام السابق، لكنه ما يزال صداميا من ناحية الممارسة السياسية. هذا الجانب تم تعزيزه بمئات، وربما آلاف من العناصر الفاشية غير العراقية، والمصممة على دفع العراق الى هاوية الفوضى والدمار، فيما وعلى الجانب الآخر من هذه الحرب الثقافية يوجد العراقيون الذين ادركوا جيدا ان سياسة القتل الجماعي والارهاب ليست الأمل الذي يصبو اليه بلدهم.
ومن المؤكد انه لا يمكن وصف المعسكرين بالبياض الكامل او السواد الكامل. ففي الجانب الذي يمثله مقتدى الصدر يوجد عراقيون مخلصون لكنهم مضللون، فيما هناك وطنيون يشعرون بالذل بسبب تحرير بلادهم بواسطة تحالف غير عربي وغير مسلم، وهذه مشاعر يمكن تفهمها، رغم انها غير مبررة، فالفرنسيون انفسهم لا يزالون يشعرون بالاستياء ازاء تحرير بلادهم بواسطة تحالف انجلوساكسوني. والمعسكر الديمقراطي في العراق لا يتكون بكامله من العناصر التي يمكن ان نصفها بالاستقامة والنزاهة المطلقة، فهناك بضعة انتهازيين وباحثين عن مواقع، وأشخاص يتسمون بالدهاء، فضلا عن محتالين ايضا، كما ان العملية الديمقراطية نفسها لا تخلو من الانتقادات.
ويمكن القول انه من مصلحة العراق، والمنطقة بكاملها، بل والعالم اجمع، ان يكسب معسكر الديمقراطية هذه الحرب الثقافية. فالعراق الآن منقسم بين الذين يأملون في إحياء الماضي الاستبدادي بصورة او بأخرى، وبين الذين لديهم رؤية للمستقبل الديمقراطي غير واضحة ومشوشة، وفي بعض الاوقات متناقضة.
خلف هذين المعسكرين نجد ايضا قوى خارجية متنافسة. فالانظمة المعادية للديمقراطية في المنطقة مصممة على فعل كل ما بوسعها للحيلولة دون تأسيس نظام حكم جديد في بغداد، فيما تعاني الدول الديمقراطية من جانبها من انقسام عميق بشأن مستقبل العراق. وبعض هذه الديمقراطيات لم يتخلص بعد من جدل ونقاشات العام الماضي، وربما يشعر آخرون ببعض التحفظ ازاء احتمالات الالتزام بالمشاركة في مشروع صعب على مدى عدة سنوات مقبلة.
وخلاصة القول، فالأمر الذي يبعث على التفاؤل، هو ان العراق ، ولأول مرة منذ وجوده كدولة، بات يملك فرصة وخيارا. هذه الصورة نادرا ما يلحظها الناس بسبب تركيز وسائل الإعلام على أحداث ذات اهمية عرضية فقط.
خلال الشهر الماضي، وبينما ظلت وسائل الاعلام مهووسة بخدع مقتدى الصدر وجماعته في النجف، لم تجد كثير من الأخبار الهامة حقا بشأن العراق تغطيتها المطلوبة. ولا يعني هذا إلقاء اللوم على التلفزيون. فالاستيلاء على «مرقد مقدس» على اية حال، في موقع مثير، من جانب مليشيا جذابة، يجعل التصوير التلفزيوني دراماتيكيا. وهناك أيضا حقيقة أن المصابين بالحنين من العرب والاسلاميين من مختلف الفئات، ممن هم بحاجة ماسة الى شخصية محبوبة جديدة، يعتقدون انهم وجدوا ذلك في رئيس المليشيا البالغ 30 عاما والذي تحول الى شخصية دينية ومنح لقب «الامام».
ولا تعني المصابون العرب بالحنين ان عائلة الصدر جاءت من ايران، وان طهران هي مصدر دعمه الرئيسي، المالي والعسكري والسياسي في الوقت الحالي. أما الاسلاميون فيتجاهلون، من ناحيتهم، حقيقة أن الصدر يرى نفسه ممثلا لا للاسلام بحد ذاته، وانما لنمط معين من المذهب الشيعي، الذي يدين به الخمينيون في طهران، فيما لا تقلق أولئك حقيقة ان الصدر لا يتمتع بسلطة دينية، باستثناء ان والده وعمه الراحلين، كانا رجلي دين معروفين.
وعلى اية حال، دعونا لا نحسد الصدر على شهرة دامت 15 دقيقة. فمن غير المحتمل تذكر العرض الناري الذي قدمه في النجف، سواء كميلاد جديد للنزعة القومية العربية، أو انبعاث للخلافة الاسلامية في بغداد.
وكل هذا لا يعني ان عرض الصدر الضئيل يجب ان لا يحظى بتغطية. فالصحافة، وهي مملكة الأشياء سريعة الزوال، تسعى، على أية حال، الى الحصول على حصتها في الأحداث العابرة. غير ان طلاب الصحافة يعرفون الفرق بين الأحداث التي تجد طريقها الى العناوين اليومية الرئيسية وبين التيارات المخفية التي تصوغ السياق الأوسع لحياة المجتمع السياسية.
والآن، ما هي التيارات التحتية التي يجري تجاهلها الى حد كبير ارتباطا بأوبرا الصدر الصابونية؟
الأكثر أهمية أن عراق ما بعد التحرير، الذي يواجه تحديات كبرى، أفلح في السير لانجاز أجندة الاصلاح السياسي التي حددها. فقد تشكل مجلس حكم في الوقت المحدد. وهذا، في المقابل، شكل حكومة مؤقتة في الوقت المحدد. وبعد ذلك جرت انتخابات محلية في جميع انحاء البلاد تقريبا. وأعقب ذلك إعداد مسودة دستور ديمقراطي وتعددي جديد. ثم جاءت النهاية الرسمية للاحتلال وتعيين حكومة مؤقتة جديدة.
وفي مطلع الشهر الحالي وصل برنامج إعادة البناء السياسي للعراق، قمة جديدة بعقد المؤتمر الوطني. وقد كان ذلك المؤتمر الذي جمع 1300 من الرجال والنساء، الذين يمثلون كل المجموعات الاثنية والدينية واللغوية والسياسية، أول جمعية تعددية للعراقيين على ذلك المستوى. وأدى المؤتمر غرضه فانتخب برلمانا من 100 عضو، بصلاحيات واسعة للمراقبة والضبط في علاقته بالحكومة المؤقتة. ويكشف الفحص الدقيق لهذا البرلمان الجديد أنه البرلمان الأكثر تمثيلا في كل التاريخ العراقي، والذي صار الجهة التي تحدد مصير العراق
إن تكوين البرلمان الانتقالي، والذي سيحتل مكان القلب من السياسة العراقية خلال الأشهر الخمسة عشر المقبلة، يعد خطوة رئيسة نحو خلق مؤسسات الديمقراطية. وتشمل مهام البرلمان الإعداد لانتخابات الجمعية التأسيسية، و الإشراف على الاستفتاء الذي سيقوم بإجازة ذلك الدستور، ثم الإعداد للانتخابات العامة التي ستؤدي إلى انتخاب حكومة جديدة. وكل ذلك قبل نهاية العام المقبل.
هذه الأحداث التي ذكرناها أعلاه، والتي غالبا ما تهملها وسائل الإعلام، توضح سرعة انتقال العراق إلى الديمقراطية. ومع ذلك فإننا لا نعدم المتشائمين الذين يقولون في كل لحظة ان هذه الخطوة أو تلك لن تتخذ بسبب «الاعتبارات الأمنية». والحقيقة التي لا تخفى على أحد أن العراق لم يكن آمنا تحت صدام حسين. فبقدر صحة القول بأنه ليس هناك حرية بلا أمن، فإنه لا يوجد أمن بلا حرية.
ونتساءل: هل كانت قبائل الجبور آمنة تحت حكم صدام حسين عندما أرسل قواته لقتلهم في واحدة من حملات انتقامه السياسي؟ وما هي درجة الأمن التي كانت تتمتع بها قبائل شمر عندما استولى صدام على ثلثي أراضيهم ليوزعها على زبانيته؟ وهل كان من دواعي أمنهم وطمأنينتهم أن ينقل صدام آلاف الأسر من الموصل وكركوك في الشمال، إلى الأجزاء الوسطى والجنوبية من العراق؟ علما أن هؤلاء جميعا من المسلمين السنة، الذين من المفترض أنهم يمثلون مركز قوته ونفوذه. أما بالنسبة إلى الشيعة والأكراد، فإن الأمان الذي كانوا يتمتعون به في أيام صدام يتمثل في القبور الجماعية التي تغطي ريف العراق، والجثث الملقية في أنحاء حلبجة بعد الهجوم الكيمياوي. وهل يمكن قبول فكرة أن العراقيين لا يحبون الأمن أمام هروب أربعة ملايين إلى خارج العراق في ايام حكم البعث؟
إن أمثال مقتدى الصدر، المجهولين الذين يحتجزون الرهائن ويذبحون الضحايا ويقتلون النساء والأطفال في الشوارع، هم الثمرات المرة لثقافة العنف التي رسختها كل نظم الطغيان التي مرت على العراق. فأسلوب التعبير الوحيد الذي يعرفونه هو العنف. وهم مقتنعون تماما بأن ذلك الذي يقتل عددا أكبر هو الذي يجد الطريق ممهدا أمامه للوصول إلى السلطة والتحكم برقاب الناس.
ان ما ظل يشهده العراق منذ تحريره يعتبر صراعا اكبر حجما، وحربا ثقافية لا تحسم نتيجتها مستقبل معاناة هذا البلد فحسب، بل تحسم ايضا الآفاق السياسية للدول العربية جميعها تقريبا.
وبوسع أي أحد أن يجد في احدى جوانب هذه الحرب الثقافية بقايا الصدامية، بما في ذلك مقتدى الصدر، والذي وعلى الرغم من انه من ضحايا النظام السابق، لكنه ما يزال صداميا من ناحية الممارسة السياسية. هذا الجانب تم تعزيزه بمئات، وربما آلاف من العناصر الفاشية غير العراقية، والمصممة على دفع العراق الى هاوية الفوضى والدمار، فيما وعلى الجانب الآخر من هذه الحرب الثقافية يوجد العراقيون الذين ادركوا جيدا ان سياسة القتل الجماعي والارهاب ليست الأمل الذي يصبو اليه بلدهم.
ومن المؤكد انه لا يمكن وصف المعسكرين بالبياض الكامل او السواد الكامل. ففي الجانب الذي يمثله مقتدى الصدر يوجد عراقيون مخلصون لكنهم مضللون، فيما هناك وطنيون يشعرون بالذل بسبب تحرير بلادهم بواسطة تحالف غير عربي وغير مسلم، وهذه مشاعر يمكن تفهمها، رغم انها غير مبررة، فالفرنسيون انفسهم لا يزالون يشعرون بالاستياء ازاء تحرير بلادهم بواسطة تحالف انجلوساكسوني. والمعسكر الديمقراطي في العراق لا يتكون بكامله من العناصر التي يمكن ان نصفها بالاستقامة والنزاهة المطلقة، فهناك بضعة انتهازيين وباحثين عن مواقع، وأشخاص يتسمون بالدهاء، فضلا عن محتالين ايضا، كما ان العملية الديمقراطية نفسها لا تخلو من الانتقادات.
ويمكن القول انه من مصلحة العراق، والمنطقة بكاملها، بل والعالم اجمع، ان يكسب معسكر الديمقراطية هذه الحرب الثقافية. فالعراق الآن منقسم بين الذين يأملون في إحياء الماضي الاستبدادي بصورة او بأخرى، وبين الذين لديهم رؤية للمستقبل الديمقراطي غير واضحة ومشوشة، وفي بعض الاوقات متناقضة.
خلف هذين المعسكرين نجد ايضا قوى خارجية متنافسة. فالانظمة المعادية للديمقراطية في المنطقة مصممة على فعل كل ما بوسعها للحيلولة دون تأسيس نظام حكم جديد في بغداد، فيما تعاني الدول الديمقراطية من جانبها من انقسام عميق بشأن مستقبل العراق. وبعض هذه الديمقراطيات لم يتخلص بعد من جدل ونقاشات العام الماضي، وربما يشعر آخرون ببعض التحفظ ازاء احتمالات الالتزام بالمشاركة في مشروع صعب على مدى عدة سنوات مقبلة.
وخلاصة القول، فالأمر الذي يبعث على التفاؤل، هو ان العراق ، ولأول مرة منذ وجوده كدولة، بات يملك فرصة وخيارا. هذه الصورة نادرا ما يلحظها الناس بسبب تركيز وسائل الإعلام على أحداث ذات اهمية عرضية فقط.