المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحمار في فلسطين مؤشر اقتصادي



بركان
06-24-2009, 03:28 PM
http://www.awan.com.kw/services/thumbnail/news/200906/1245773703912892500.jpg/300
حمار يحمل لوحات مرور إسرائيلية على مؤخرته


رام الله - بشار دراغمة

حمار يحمل لوحات مرور إسرائيلية على مؤخرتهالصديق وقت الضيق، وفي عزّ أزمة المال التي لم تسلم منها قرى فلسطين ومدنها، ظهر صديق «رضيٌّ مطيع» ينادونه «حماري الوديع». وما لبث أن تحول الحمار إلى مجموعة حمير يزداد الطلب عليها يوماً بعد يوم كوسيلة لنقل المواد، أو كبقالة متجولة.

المفارقة أن هذه الظاهرة منتشرة في نابلس، المدينة المفروض أنها العاصمة الاقتصادية لفلسطين حيث الأحياء البرجوازية الراقية.

المشهد هناك يُختصر بحمير تسير في حي الجبل الشمالي، متجهة نحو درج مرتفع، حاملةً مواد بناء ثقيلة الوزن، يسير خلفها شخص يناديه أهل المدينة بـ «الحمرجي». ذلك المشهد المثير للانتباه دفعنا للتوقف في المكان لبحث تفاصيل الظاهرة الاقتصادية الجارية.
أبو عارف «الحمرجي» أخبرنا عن المنفعة الاقتصادية والاجتماعية للحمير، موضحا أنها بدأت عند قيام البلدية بربط طرق المشاة بواسطة الدرج لتأمين وجود منافذ تؤدي إلى المنازل، مما دعا إلى الاعتماد على الحمير لنقل مواد البناء، «فالسيارات مستحيل صعودها الدرج، لكن الحمير تقوم بهذه المهمة بشكل ممتاز».

ويبدو أن أصحاب الشقق السكنية، وأثناء قيامهم بأعمال التشطيب، يفضلون استخدام الحمير على الآلات الكهربائية المخصصة لرفع مواد البناء. ولكثرة الطلب على الحمير اضطر الحمرجي لشراء «موبايل» للرد على اتصالات الزبائن التي لا تكل ولا تمل. فالحمار بالنسبة إليهم أوفر ما دام بينه وبين صاحبه وحدة حال والجيب واحد، في حين المعدات الكهربائية كلفتها تفوق ما يطلبه الحمرجي لقاء نقلة إسمنت. عدا عن أنها «هوم ديليفري» و«فور فري»، ويمكنها أن تحافظ على نظافة المكان بعكس الآلات.

ومن الواضح أن ظاهرة الحمير في نابلس «حصرية» بالمدينة الفلسطينية، لا بل واستخدامها «مرخّص معنوياً» على أساس أنه مشرّع من البلدية المدركة أنه «لا بديل عن الحمار في نابلس».

ربما أخذ استخدام الحمار يتوسع باعتباره استثمارا رابحا ومورد توفير اقتصادي جائزا. أما أنت، فإذا كنت من سكان نابلس، فإنك مجبر على الاستيقاظ عند السادسة صباحاً لأن هناك حمارا يصيح بدل النهيق، فباعة اللبن والحليب ينادون بمنتجاتهم «على ظهر الحمير»!

في السوق عرض وطلب، وكلما ازداد الطلب ارتفعت أسعار المعروض، وهذا ما ينطبق على سوق الحمير في نابلس، فقد يتعدى سعر الحمار الواحد 600 دولار، بينما كان سابقاً بالمجان. كما أيقظت ظاهرة الاهتمام بالحمير مهناً قديمة نائمة مرتبطة بها، مثل مهنة تجهيز السروج.

ها هو الحمار يدخل الاقتصاد من الباب العريض، ضارباً بعرض الحائط مفاهيم الكلاس والبريستيج، وأصبح الحمرجي صاحب شأن اجتماعي، موبايله شغال والناس تريد رضاه، والحمار الذي أسيء فهمه عبر التاريخ يثبت هذه المرة الحاجة إليه في حل الأزمات المالية!