زهير
06-21-2009, 10:33 AM
20 حزيران، 2009
جارد كوهين مهندس «الديموقراطية الرقمية» لتأليب الشباب الإيراني
في المقال الآتي، يتطرق مفتش الأسلحة السابق للأمم المتحدة سكوت ريتر، إلى الدور الحاسم الذي لعبته شبكة الانترنت في تغذية المعارضة للنتائج الرسمية لانتخابات إيران الرئاسية، و كذلك للسلطة الدينية بشكل عام. كما يستعرض الانعكاسات المحتملة للأزمة الحالية على سوق الطاقة: يوم الجمعة الثاني عشر من حزيران 2009.
أجرت جمهورية إيران الإسلامية انتخاباتها الرئاسية العاشرة منذ تأسيسها في العام 1979. وبسرعة غير مسبوقة، أعلن وزير الداخلية الإيراني المسؤول عن الإشراف على العملية الانتخابية ومعالجة نتائجها، فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بـ 63 في المئة من الأصوات. أما أقرب منافسيه، رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي فقيل انّه حصل على نسبة تقل عن 34 في المئة. وقد صادق المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي على فوز نجاد في إعلان أصدره بعد يوم واحد على عملية الانتخاب، عوضا عن مهلة الأيام الثلاثة المعهودة، فما كان من موسوي إلا أن سارع إلى الحديث عن تلاعب، زاعما أن الانتخابات زوّرت ووجّهت على نطاق واسع، ورافضا القبول بالنتائج الرسمية.
هكذا، بعد أيام عديدة من الاحتجاجات الجماهيرية وأعمال العنف المرتبطة بها، أمر خامنــئي مجلس صيانة الدستور، وهو المثيل الإيراني للمــحكمة العليا الأميركية، بإجراء إعادة فرز محدودة للأصوات، لتحديد ما إذا كانت هناك من مخالفات. وفيما يعتبر الإعلام الغربــي ومصادر المعــارضة الإيرانية أنّ هذه الخطوات تدل على حــدوث تزوير، ينبــثق تفسير آخر من كميات المعلومات المتناقلة على شبكة الانترنت، والتي تبدو مغذية للأزمة.
لا يمكن التقليل من أهمية شبكة الانترنت في نقل وصياغة الأخبار الواردة من إيران. ويؤكد تدخل وزارة الخارجية الأميركية لدى موقع «تويتر» الاجتماعي على الشبكة للإبقاء على خدماته في إيران، رغم حاجته لأعمال الصيانة الضرورية، الأهمية التي يعلقها المسؤولون الأميركيون على ما تقدمه المنابر الإعلامية الغربية من مصادر معلومات مقربة من المعارضة.
أما الفرد المسؤول عن تلك المكالمة الهاتفية (بين الوزارة و«تويتر»)، فهو جارد كوهين، الذي يعمل في فريق التخطيط السياسي بوزارة الخارجية الأميركية منذ ايلول 2006، وتحديداً في الملفات المتصلة بمكافحة الإرهاب والتطرف.
في العام 2008 أدار كوهين خطة قامت بها وزارة الخارجية تحت تسمية «تحالف الحركات الشبابية»، تركّز على كيفية استخدام المواقع الالكترونية الاجتماعية مثل «فايسبوك»، كأداة لتعزيز التنظيمات والنشاطات الشبابية في أنظمة قمعية كالنظام الإيراني.
وتزامن تنصيب كوهين مع تلقي وزارة الخارجية لمبلغ 75 مليون دولار مخصص لحملات إعلامية مناهضة لإيران ولمساندة القوى المعارضة للنظام داخل إيران وخارجها. كما تضمن دور كوهين في فريق التخطيط السياسي ابتكار أساليب جديدة في استعمال شبكة الانترنت لأهداف مرتبطة بزعزعة الحكومة الإيرانية.
وفي السياق ذاته، شارك كوهين في «مجموعة السياسة والعمليات الإيرانية ـ السورية» (ايسوغ)، وهي مجموعة مشتركة بين وكالات مسؤولة عن التخطيط والتنفيذ لأعمال سرية ضد إيران بهدف تغيير النظام.
ما برح الالتزام الأميركي بتسهيل «ثورة مخملية» في ايران قائما منذ عام 2006.
وقد ورثت إدارة الرئيس باراك اوباما سياسة «التغيير الناعم للنظام» هذه عن إدارة بوش، إلى جانب نشاطات سرية أخرى أكثر صلابة. وكانت إدارة اوباما (الخارجية)، التي تترأسها الوزيرة هيلاري كلينتون، تبنت علنا مقاربة أكثر عمليّة للعلاقات الخارجية، متخلية عن السياسات المحرّكة أيديولوجياً لإدارة بوش، وبالأخص تلك التي ترتكز على استخدام القوة لانجاز تغيير للنظام في طهران. ودافعت كلينتون عن استخدام ما وصفته بـ «القوة الذكية»، كما ساندت اوباما في دعوته غير المشروطة للقاءات إيرانية ـ أميركية.
وتعرّفت وزيرة الخارجية الى أعمال مجموعة «ايسوغ» والجهود التي يقودها جارد كوهين لاستخدام شبكة الانترنت كأداة لتعبئة المعارضة في إيران، من خلال السفير ذي الخبرة الدبلوماسية الطويلة دنيس روس، الذي عمل مع إدارتي جورج بوش الابن وكلينتون، وعيّن مبعوثا خاصا لوزارة الخارجية الأميركية إلى إيران منذ شباط 2009. وتعمل مجموعة «ايسوغ» من خلال وسطاء أوروبيين على تحضير عملية في إيران تتبع نموذج الثورات «الناعمة» التي اندلعت في تشيكوسلوفاكيا وأوكرانيا ومناطق أخرى.
وتهدف هذه العملية إلى تعبئة معارضة كافية داخل إيران لانجاز تغيير بحكم الواقع للنظام عبر إخراج الرئيس احمدي نجاد من المنصب الرئاسي، من خلال أصوات المقترعين في انتخابات حزيران 2009. ويعدّ السفير روس من الأعضاء المؤسسين لـ «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» (وينيب)، وقد عمل مستشارا لدى هذه المنظمة منذ تركه الخدمة الحكومية العام 2000.
وأصبحت أعمال جارد كوهين مألوفة لدى روس الذي ساعد في تسهيل محاضرة ألقاها الأول في شهر تشرين الأول 2007 أمام الـ «وينيب» تحت عنوان : «النساء والشباب والتغيير في الشرق الأوسط». وكان موضوع كوهين المحوري هو ما أسماه «الديموقراطية الرقمية»، وهو مفهوم يقوم على أنّ الشباب في الشرق الأوسط «جاهزون بشكل خاص للتأثير الخارجي» عبر «ممرّات التكنولوجيا» كالفضائيات التلفزيونية والهواتف المحمولة وشبكة الانترنت.
ودافع روس الذي يعرض آراءه الداعمة لتغيير النظام في إيران في كتاب نشر مؤخرا تحت عنوان «أساطير، أوهام، وسلام: نحو اتجاه جديد من أجل السلام في الشرق الأوسط»، والذي شارك في كتابته زميله في الـ «وينيب» المحلل دافيد ماكوفسكي، عن إبقاء كوهين في وزارة الخارجية وعن المضي قدما في عملية «ايسوغ» الهادفة إلى تحريك الشباب داخل إيران في انتخابات حزيران 2009 الرئاسية، طالما لا يمكن إيجاد أي دلائل تربطها بالولايات المتحدة.
قام روس بدور مهم في المساعدة على صياغة الخطاب الريادي الذي ألقاه اوباما في القاهرة يوم الرابع من حزيران 2009، الذي اعترف فيه للمرة الأولى، بالدور الذي قامت به وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي ايه»، في إسقاط رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق عام 1953.
وقال اوباما «في خضم الحرب الباردة، لعبت الولايات المتحدة دورا في قلب حكومة إيرانية منتخبة ديموقراطيا»، مضيفا «لسنوات عديدة، عرّفت إيران عن نفسها جزئيا، عبر مناهضتها لبلادي، وهناك في الواقع تاريخ مضطرب بيننا».
كانت كلمات اوباما مصممة للنأي بنفسه وبإدارته، عن أي اتهامات بمحاولة التأثير على انتخابات الثاني عشر من حزيران الرئاسية. كما جاء خطاب القاهرة، وإلى جانبه تصريح اوباما عقب انتهاء الانتخابات، بأنه «ليس من المثمر، بالنظر إلى تاريخ العلاقات الإيرانية - الأميركية» لرئيس أميركي، «أن يظهر متدخلا... في الانتخابات الإيرانية»، ساعيا لإيجاد مسافة بين الرئيس وما شكّل منذ البداية حملة أميركية منظمة بعناية، للترويج لمير حسين موسوي الذي أخذت وسائل الإعلام تطلق عليه تسمية «البطل المفاجئ لحركة قوية يحرّكها الشباب» في إيران. لا يخفى ذلك الواقع عن طهران.
فمنذ إعلان وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندليسا رايس، عن نيتها تمويل نشاطات خفية هدفها تغيير النظام الإيراني في العام 2006، والحكومة الإيرانية على أهبة الاستعداد أمام أي إشارات بالتحضير لـ«ثورة ناعمة» تتبع النموذج الغربي. وتبقي الحكومة الإيرانية، فوق الجبال المشرفة على شمال طهران، على مركز ضخم للتنصت الالكتروني، حيث تراقب تلك الاتصالات الخلوية، والقنوات الفضائية، والتفاعلات على شبكة الانترنت التي يعتبرها جاريد كوهن مسهلة لانجاز»الديموقراطية الرقمية». وتعلم الأجهزة الأمنية الإيرانية جيدا دور الوكالات الأجنبية وتأثيرها في تحريك الدعم للمرشح موسوي. كما جاء القرار باقتحام بيوت طلاب محددة في جامعة طهران، مرتكزا بشكل أساسي على تعقب الحكومة الإيرانية لاتصالات عبر الانترنت بين طلاب إيرانيين وأطراف خارجية، لا تدور فقط حول حشد الدعم للمعارضة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية فحسب، بل أيضا حول كيفية تحريك معارضة واسعة وأعمال شغب تعقب إعلان خسارة موسوي رسميا.
كما يبدو أن المحرّك للجهد ذي النطاق الواسع الذي قامت به الحكومة الإيرانية من أجل إيقاف الاتصالات بين إيران والغرب، هو اطلاعها على حيثيات التنسيق بين الطلاب الإيرانيين والأطراف الخارجية، التي كشفتها الأجهزة الأمنية. وبينما يبدو الاضطراب الناتج عن الجدل المحيط بالانتخابات الرئاسية مستمرا، يبقى الاحتمال الأكبر أن يتمسك النظام الديني بقبضته على السلطة. كما أنه من المستبعد أن يقرر مجلس صيانة الدستور ما يخالف مصلحة نجاد عندما يتعلق الأمر بالمصادقة على النتائج الانتخابية.
ما يبدو أكيدا هو أن المتشددين في إيران سيعزّزون سيطرتهم على السلطة. أما مستوى القوة اللازم لحل مشكلة مناصري موسوي فليس واضحاً حتى الآن.
إذ يتم تدريجيا اعتقال القادة الأساسيين لـ «الديموقراطية الرقمية» في إيران، من قبل السلطات الحكومية، وذلك عبر التكنولوجيا ذاتها التي استعملها هؤلاء لبناء حركتهم. ويبقى المدى الزمني الذي ستتمكن الحركة الداعمة لموسوي من خلاله من المحافظة على زخمها رهنا بالتكهنات. كما أنه من شبه المؤكد أنهم لن ينتصروا، وأن الحكومة التي ستحكم إيران بعد هذه الدوامة من الاضطرابات ستكون أكثر محافظة، واقل ميلا للتعامل مع الغرب، مما كانت عليه قبل الانتخابات.
عوضاً عن كسر الحواجز بين الغرب و إيران، ستكون مناورة «الديموقراطية الرقمية» من جانب إدارة اوباما، قد نجحت في اقامة حواجز اكبر أمام أي تقارب. وفي غياب أي مخرج دبلوماسي جديد له، سيبقى الجدل الذي يحيط ببرنامج إيران النووي من دون حل، مغذيا تصميم بعض العناصر، في الولايات المتحدة وخارجها (خاصة في إسرائيل) التي تدفع باتجاه تغيير النظام الإيراني، حتى لو تطلب ذلك استخدام القوة.
الحرب مع إيران، خامس اكبر منتج للنفط في العالم، هو آخر ما يحتاج اليه اقتصاد الدول الغربية المرهق، والاقتصاد النامي في الهند والصين. لن تقع هذه الحرب، في حال افترضنا وقوعها، قبل أشهر أو سنوات عديدة. لكن من الأفضل لأسواق الطاقة العالمية أن تعد نفسها للعمل في ظل بيئة تتسم بالعدائية والتوتر بين إيران والغرب ستؤثر سلبا على أمن الطاقة لكل المعنيين.
مرسلة بواسطة filkka israel في السبت, حزيران 20, 2009
جارد كوهين مهندس «الديموقراطية الرقمية» لتأليب الشباب الإيراني
في المقال الآتي، يتطرق مفتش الأسلحة السابق للأمم المتحدة سكوت ريتر، إلى الدور الحاسم الذي لعبته شبكة الانترنت في تغذية المعارضة للنتائج الرسمية لانتخابات إيران الرئاسية، و كذلك للسلطة الدينية بشكل عام. كما يستعرض الانعكاسات المحتملة للأزمة الحالية على سوق الطاقة: يوم الجمعة الثاني عشر من حزيران 2009.
أجرت جمهورية إيران الإسلامية انتخاباتها الرئاسية العاشرة منذ تأسيسها في العام 1979. وبسرعة غير مسبوقة، أعلن وزير الداخلية الإيراني المسؤول عن الإشراف على العملية الانتخابية ومعالجة نتائجها، فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بـ 63 في المئة من الأصوات. أما أقرب منافسيه، رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي فقيل انّه حصل على نسبة تقل عن 34 في المئة. وقد صادق المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي على فوز نجاد في إعلان أصدره بعد يوم واحد على عملية الانتخاب، عوضا عن مهلة الأيام الثلاثة المعهودة، فما كان من موسوي إلا أن سارع إلى الحديث عن تلاعب، زاعما أن الانتخابات زوّرت ووجّهت على نطاق واسع، ورافضا القبول بالنتائج الرسمية.
هكذا، بعد أيام عديدة من الاحتجاجات الجماهيرية وأعمال العنف المرتبطة بها، أمر خامنــئي مجلس صيانة الدستور، وهو المثيل الإيراني للمــحكمة العليا الأميركية، بإجراء إعادة فرز محدودة للأصوات، لتحديد ما إذا كانت هناك من مخالفات. وفيما يعتبر الإعلام الغربــي ومصادر المعــارضة الإيرانية أنّ هذه الخطوات تدل على حــدوث تزوير، ينبــثق تفسير آخر من كميات المعلومات المتناقلة على شبكة الانترنت، والتي تبدو مغذية للأزمة.
لا يمكن التقليل من أهمية شبكة الانترنت في نقل وصياغة الأخبار الواردة من إيران. ويؤكد تدخل وزارة الخارجية الأميركية لدى موقع «تويتر» الاجتماعي على الشبكة للإبقاء على خدماته في إيران، رغم حاجته لأعمال الصيانة الضرورية، الأهمية التي يعلقها المسؤولون الأميركيون على ما تقدمه المنابر الإعلامية الغربية من مصادر معلومات مقربة من المعارضة.
أما الفرد المسؤول عن تلك المكالمة الهاتفية (بين الوزارة و«تويتر»)، فهو جارد كوهين، الذي يعمل في فريق التخطيط السياسي بوزارة الخارجية الأميركية منذ ايلول 2006، وتحديداً في الملفات المتصلة بمكافحة الإرهاب والتطرف.
في العام 2008 أدار كوهين خطة قامت بها وزارة الخارجية تحت تسمية «تحالف الحركات الشبابية»، تركّز على كيفية استخدام المواقع الالكترونية الاجتماعية مثل «فايسبوك»، كأداة لتعزيز التنظيمات والنشاطات الشبابية في أنظمة قمعية كالنظام الإيراني.
وتزامن تنصيب كوهين مع تلقي وزارة الخارجية لمبلغ 75 مليون دولار مخصص لحملات إعلامية مناهضة لإيران ولمساندة القوى المعارضة للنظام داخل إيران وخارجها. كما تضمن دور كوهين في فريق التخطيط السياسي ابتكار أساليب جديدة في استعمال شبكة الانترنت لأهداف مرتبطة بزعزعة الحكومة الإيرانية.
وفي السياق ذاته، شارك كوهين في «مجموعة السياسة والعمليات الإيرانية ـ السورية» (ايسوغ)، وهي مجموعة مشتركة بين وكالات مسؤولة عن التخطيط والتنفيذ لأعمال سرية ضد إيران بهدف تغيير النظام.
ما برح الالتزام الأميركي بتسهيل «ثورة مخملية» في ايران قائما منذ عام 2006.
وقد ورثت إدارة الرئيس باراك اوباما سياسة «التغيير الناعم للنظام» هذه عن إدارة بوش، إلى جانب نشاطات سرية أخرى أكثر صلابة. وكانت إدارة اوباما (الخارجية)، التي تترأسها الوزيرة هيلاري كلينتون، تبنت علنا مقاربة أكثر عمليّة للعلاقات الخارجية، متخلية عن السياسات المحرّكة أيديولوجياً لإدارة بوش، وبالأخص تلك التي ترتكز على استخدام القوة لانجاز تغيير للنظام في طهران. ودافعت كلينتون عن استخدام ما وصفته بـ «القوة الذكية»، كما ساندت اوباما في دعوته غير المشروطة للقاءات إيرانية ـ أميركية.
وتعرّفت وزيرة الخارجية الى أعمال مجموعة «ايسوغ» والجهود التي يقودها جارد كوهين لاستخدام شبكة الانترنت كأداة لتعبئة المعارضة في إيران، من خلال السفير ذي الخبرة الدبلوماسية الطويلة دنيس روس، الذي عمل مع إدارتي جورج بوش الابن وكلينتون، وعيّن مبعوثا خاصا لوزارة الخارجية الأميركية إلى إيران منذ شباط 2009. وتعمل مجموعة «ايسوغ» من خلال وسطاء أوروبيين على تحضير عملية في إيران تتبع نموذج الثورات «الناعمة» التي اندلعت في تشيكوسلوفاكيا وأوكرانيا ومناطق أخرى.
وتهدف هذه العملية إلى تعبئة معارضة كافية داخل إيران لانجاز تغيير بحكم الواقع للنظام عبر إخراج الرئيس احمدي نجاد من المنصب الرئاسي، من خلال أصوات المقترعين في انتخابات حزيران 2009. ويعدّ السفير روس من الأعضاء المؤسسين لـ «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» (وينيب)، وقد عمل مستشارا لدى هذه المنظمة منذ تركه الخدمة الحكومية العام 2000.
وأصبحت أعمال جارد كوهين مألوفة لدى روس الذي ساعد في تسهيل محاضرة ألقاها الأول في شهر تشرين الأول 2007 أمام الـ «وينيب» تحت عنوان : «النساء والشباب والتغيير في الشرق الأوسط». وكان موضوع كوهين المحوري هو ما أسماه «الديموقراطية الرقمية»، وهو مفهوم يقوم على أنّ الشباب في الشرق الأوسط «جاهزون بشكل خاص للتأثير الخارجي» عبر «ممرّات التكنولوجيا» كالفضائيات التلفزيونية والهواتف المحمولة وشبكة الانترنت.
ودافع روس الذي يعرض آراءه الداعمة لتغيير النظام في إيران في كتاب نشر مؤخرا تحت عنوان «أساطير، أوهام، وسلام: نحو اتجاه جديد من أجل السلام في الشرق الأوسط»، والذي شارك في كتابته زميله في الـ «وينيب» المحلل دافيد ماكوفسكي، عن إبقاء كوهين في وزارة الخارجية وعن المضي قدما في عملية «ايسوغ» الهادفة إلى تحريك الشباب داخل إيران في انتخابات حزيران 2009 الرئاسية، طالما لا يمكن إيجاد أي دلائل تربطها بالولايات المتحدة.
قام روس بدور مهم في المساعدة على صياغة الخطاب الريادي الذي ألقاه اوباما في القاهرة يوم الرابع من حزيران 2009، الذي اعترف فيه للمرة الأولى، بالدور الذي قامت به وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي ايه»، في إسقاط رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق عام 1953.
وقال اوباما «في خضم الحرب الباردة، لعبت الولايات المتحدة دورا في قلب حكومة إيرانية منتخبة ديموقراطيا»، مضيفا «لسنوات عديدة، عرّفت إيران عن نفسها جزئيا، عبر مناهضتها لبلادي، وهناك في الواقع تاريخ مضطرب بيننا».
كانت كلمات اوباما مصممة للنأي بنفسه وبإدارته، عن أي اتهامات بمحاولة التأثير على انتخابات الثاني عشر من حزيران الرئاسية. كما جاء خطاب القاهرة، وإلى جانبه تصريح اوباما عقب انتهاء الانتخابات، بأنه «ليس من المثمر، بالنظر إلى تاريخ العلاقات الإيرانية - الأميركية» لرئيس أميركي، «أن يظهر متدخلا... في الانتخابات الإيرانية»، ساعيا لإيجاد مسافة بين الرئيس وما شكّل منذ البداية حملة أميركية منظمة بعناية، للترويج لمير حسين موسوي الذي أخذت وسائل الإعلام تطلق عليه تسمية «البطل المفاجئ لحركة قوية يحرّكها الشباب» في إيران. لا يخفى ذلك الواقع عن طهران.
فمنذ إعلان وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندليسا رايس، عن نيتها تمويل نشاطات خفية هدفها تغيير النظام الإيراني في العام 2006، والحكومة الإيرانية على أهبة الاستعداد أمام أي إشارات بالتحضير لـ«ثورة ناعمة» تتبع النموذج الغربي. وتبقي الحكومة الإيرانية، فوق الجبال المشرفة على شمال طهران، على مركز ضخم للتنصت الالكتروني، حيث تراقب تلك الاتصالات الخلوية، والقنوات الفضائية، والتفاعلات على شبكة الانترنت التي يعتبرها جاريد كوهن مسهلة لانجاز»الديموقراطية الرقمية». وتعلم الأجهزة الأمنية الإيرانية جيدا دور الوكالات الأجنبية وتأثيرها في تحريك الدعم للمرشح موسوي. كما جاء القرار باقتحام بيوت طلاب محددة في جامعة طهران، مرتكزا بشكل أساسي على تعقب الحكومة الإيرانية لاتصالات عبر الانترنت بين طلاب إيرانيين وأطراف خارجية، لا تدور فقط حول حشد الدعم للمعارضة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية فحسب، بل أيضا حول كيفية تحريك معارضة واسعة وأعمال شغب تعقب إعلان خسارة موسوي رسميا.
كما يبدو أن المحرّك للجهد ذي النطاق الواسع الذي قامت به الحكومة الإيرانية من أجل إيقاف الاتصالات بين إيران والغرب، هو اطلاعها على حيثيات التنسيق بين الطلاب الإيرانيين والأطراف الخارجية، التي كشفتها الأجهزة الأمنية. وبينما يبدو الاضطراب الناتج عن الجدل المحيط بالانتخابات الرئاسية مستمرا، يبقى الاحتمال الأكبر أن يتمسك النظام الديني بقبضته على السلطة. كما أنه من المستبعد أن يقرر مجلس صيانة الدستور ما يخالف مصلحة نجاد عندما يتعلق الأمر بالمصادقة على النتائج الانتخابية.
ما يبدو أكيدا هو أن المتشددين في إيران سيعزّزون سيطرتهم على السلطة. أما مستوى القوة اللازم لحل مشكلة مناصري موسوي فليس واضحاً حتى الآن.
إذ يتم تدريجيا اعتقال القادة الأساسيين لـ «الديموقراطية الرقمية» في إيران، من قبل السلطات الحكومية، وذلك عبر التكنولوجيا ذاتها التي استعملها هؤلاء لبناء حركتهم. ويبقى المدى الزمني الذي ستتمكن الحركة الداعمة لموسوي من خلاله من المحافظة على زخمها رهنا بالتكهنات. كما أنه من شبه المؤكد أنهم لن ينتصروا، وأن الحكومة التي ستحكم إيران بعد هذه الدوامة من الاضطرابات ستكون أكثر محافظة، واقل ميلا للتعامل مع الغرب، مما كانت عليه قبل الانتخابات.
عوضاً عن كسر الحواجز بين الغرب و إيران، ستكون مناورة «الديموقراطية الرقمية» من جانب إدارة اوباما، قد نجحت في اقامة حواجز اكبر أمام أي تقارب. وفي غياب أي مخرج دبلوماسي جديد له، سيبقى الجدل الذي يحيط ببرنامج إيران النووي من دون حل، مغذيا تصميم بعض العناصر، في الولايات المتحدة وخارجها (خاصة في إسرائيل) التي تدفع باتجاه تغيير النظام الإيراني، حتى لو تطلب ذلك استخدام القوة.
الحرب مع إيران، خامس اكبر منتج للنفط في العالم، هو آخر ما يحتاج اليه اقتصاد الدول الغربية المرهق، والاقتصاد النامي في الهند والصين. لن تقع هذه الحرب، في حال افترضنا وقوعها، قبل أشهر أو سنوات عديدة. لكن من الأفضل لأسواق الطاقة العالمية أن تعد نفسها للعمل في ظل بيئة تتسم بالعدائية والتوتر بين إيران والغرب ستؤثر سلبا على أمن الطاقة لكل المعنيين.
مرسلة بواسطة filkka israel في السبت, حزيران 20, 2009