الدكتور عادل رضا
06-20-2009, 10:45 PM
الرئيس الفنزويلي يطلق مبادرة " اقرأ كتابا تصبح إنسانا جديدا ! "
عبداللطيف السعدون *
في مشهد نادر امتلأت ساحة " بوليفار " اكبر ساحات العاصمة الفنزويلية كاراكاس بأكداس من الكتب والمطبوعات التي وضعت على طاولات عريضة أو صفت ضمن عارضات خشبية لتكون في متناول يد أي مواطن مجانا ، كما شهدت الساحات المماثلة في المدن الفنزويلية الأخرى مبادرات مماثلة ، في إطار بدء مرحلة جديدة من " الثورة الثقافية " التي دعا إليها مواطنيه الرئيس هوغو تشافيز ، القصد منها دفع الناس إلى اعتماد عادة القراءة كسبيل لزيادة الوعي والتثقيف بما يخدم أهداف الثورة الاشتراكية ، و" لتنشيط الذاكرة الفنزويلية " ، بحسب تعبير وزير الثقافة اكتور سوتو . وتدافعت جموع الشباب والطلبة والنساء بالمناكب ، كل يحاول أن يسبق صاحبه ، للحصول على نسخ من الكتب المتاحة .
ومن بين العناوين الرئيسية التي ظهرت " الحركات الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين" و "إمبراطورية الشبكة العنكبوتية " و " نقد السياسة الخارجية الأميركية " وكذلك كتاب " الشرايين المفتوحة لأميركا اللاتينية " للمفكر الأورغويني أدواردو عاليانو الذي أهدى تشافيز نسخة منه إلى الرئيس الأميركي بارك أوباما عندما التقاه في القمة الأخيرة للدول الأميركية ، إلى جانب كتب أخرى لكارل ماركس ولينين وتشي جيفارا وكاسترو وتشافيز نفسه ، وكتب في الشعر والموسيقى والفنون وعشرات العناوين للأطفال والشباب ، ومؤلفات الشاعر والمفكرالفنزويلي أندريس بيلو (1781-1865 ) المعروف بنزعته الإنسانية وبريادته الفكرية في عصره ، وكذلك روايات ارنست همنغواي وغابرييل غارسيا ماركيز ، وكتاب ( دون كيشوت ) لسرفانتس .
" إنها مبادرة رائعة حقا .. أن تضع الكتاب في يد القارئ مجانا " ، يقول هوستو ريكو (38) وهو يقبض على نسخة الكتاب الذي التقطه من العارضة ، حمى الإقبال على المنتج الثقافي تغمر الجميع في كل الساحات الرئيسية ، الحكومة وضعت أربعة ملايين كتاب أمام الجمهور ، أطلق المبادرة تشافيز نفسه حين أعلن في برنامجه التلفزيوني الأسبوعي الذائع الصيت " آلو.. حضرة الرئيس " بدء مرحلة جديدة في الثورة الثقافية : " الكتاب مجانا في يد كل مواطن ..وكتاب للقراءة وليس للاقتناء فقط ! واقرأ كتابا تصبح إنسانا جديدا .. "
قال تشاقيز إن القراءة تخلق الإنسان الاشتراكي الذي نريده .. هذا هو حلم جيفارا . . "
في أحياء الفقراء " الباريو" أنشأت الحكومة نوادي الكتاب ووفرت الكتب مجانا ، يقول آبيل برييتو وزير الثقافة الكوبي الذي كان ضيف الشرف في حفل إطلاق مبادرة " كتاب للقراءة " إن الثورة الثقافية ضرورية في عملية توحيد شعوب أميركا اللاتينية وتعميق توجهاتها المناهضة للكولونيالية .
المعارضة الفنزويلية انتقدت المبادرة واتهمت تشافيز بالسعي " لتضليل الجماهير وتبديد المال العام على مشاريع دعائية .. " ، لكن باحثا اجتماعيا في جامعة كاروبوبو هو أندريه مونيه يشير إلى أن المبادرة مفيدة في إطار سعيها لخلق نمط جديد من العادات لم يألفها المجتمع الفنزويلي وبخاصة طبقاته الفقيرة التي يسودها الجهل ، فضلا عن أن النمط التقليدي للعادات الاجتماعية والذي سعت الحكومات " الديمقراطية " السابقة على حكومة تشافيز على الحفاظ عليه وترسيخه لا يوفر المكانة اللازمة للقراءة وللكتاب كالتي تتوفر في المجتمعات الناهضة ، وجدير بالإشارة إلى أن الصورة النمطية للفرد الفنزويلي والتي يتهم تشافيز " الاولغاركية " بترسيخها هي أن الفرد هنا لا يهمه سوى الأكل والشراب واللهو، ومشاهدة المسلسلات التلفزيونية ولعبة البيسبول " فيما تسعى " الثورة البوليفارية " لتغيير هذا النمط بإجراءات عملية وفكرية مثل انشاء قاعات الانترنيت ومحطات الراديو المحلية وصحف التجمعات الريفية إلى جانب نوادي الكتاب ومراكز الفنون والمتاحف الشعبية .
وفي مبادرة مماثلة كان تشافيزقد أمر قبل عام بتوزيع مليون نسخة من كتاب " دون كيشوت " لسرفانتس .
كما سبق للحكومة أن قررت إنشاء ستة متاحف جديدة، وذلك ل " إنهاء نخبوية المؤسسات الثقافية ووضعها في خدمة الشعب " ، ولتشجيع أبناء الطبقات الفقيرة على ارتيادها ، وزيادة الوعي على أهمية الثقافة وضرورتها ، وأقامت " مدينة السينما " قبل ثلاث سنوات ضمت استوديوهات وقاعات ومرافق لإنتاج الأفلام تحت شعار " ضوء وكاميرا وثورة " ، وأنتجت المدينة 12 فيلما هادفا طويلا ومئات الأفلام الوثائقية والقصيرة ، وافتتحت سلسلة من القاعات والمعارض الفنية في أكثر من مدينة فنزويلية ، وقد وضعت كل تلك النشاطات والفعاليات تحت إدارة شبكة خاضعة لوزارة الثقافة التي أنشأت منذ العام 2003 تحت شعار " تراث , ذاكرة , هوية ، حقوق ، ومواطنة " .
وكجزء من حملة إعادة القارة اللاتينية إلى أصالتها وتراثها الوطني لم تعد الإشارة ترد في الأدبيات والمراجع الثقافية المطبوعة حديثا في فنزويلا إلى " كريستوفر كولومبس " كمكتشف للعالم الجديد ، وإنما يشار إليه على أنه قاد حملة " الغزو الأوروبي " ضد الهنود سكان القارة الاصليين ، وكانت حكومة الرئيس تشافيز قد اتخذت قرارا برفع ما يسمى ب " سفينة كولومبس " من مكانها في أحدى ساحات العاصمة على أن يقام مكانها نصب تذكاري لفرانسيسكو دي ميراندا (1750-1860) المحارب الذي سبق سيمون بوليفار في السعي لاستقلال فنزويلا ، كما بدأت تظهر في وسائل الاعلام الرسمية وأدبيات الحزب الاشتراكي الموحد الذي يقوده تشافيز أسماء الرموز الوطنية التي يحفظ لها التاريخ دورها في تحرير القارة وتوحيدها مثل سيمون بوليفار(1783-1830) الذي قاد عملية تحرير بوليفيا وبنما وكولومبيا والإكوادور وبيرو وفنزويلا وأقام دولة موحدة ، وكذلك رموز النهوض الوطني الجديد في القارة اللاتينية مثل جيفارا وسلفادور الليندي وكاسترو وموراليس وتشافيز نفسه .
---------------
* كاتب من العراق مقيم في فنزويلا
عبداللطيف السعدون *
في مشهد نادر امتلأت ساحة " بوليفار " اكبر ساحات العاصمة الفنزويلية كاراكاس بأكداس من الكتب والمطبوعات التي وضعت على طاولات عريضة أو صفت ضمن عارضات خشبية لتكون في متناول يد أي مواطن مجانا ، كما شهدت الساحات المماثلة في المدن الفنزويلية الأخرى مبادرات مماثلة ، في إطار بدء مرحلة جديدة من " الثورة الثقافية " التي دعا إليها مواطنيه الرئيس هوغو تشافيز ، القصد منها دفع الناس إلى اعتماد عادة القراءة كسبيل لزيادة الوعي والتثقيف بما يخدم أهداف الثورة الاشتراكية ، و" لتنشيط الذاكرة الفنزويلية " ، بحسب تعبير وزير الثقافة اكتور سوتو . وتدافعت جموع الشباب والطلبة والنساء بالمناكب ، كل يحاول أن يسبق صاحبه ، للحصول على نسخ من الكتب المتاحة .
ومن بين العناوين الرئيسية التي ظهرت " الحركات الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين" و "إمبراطورية الشبكة العنكبوتية " و " نقد السياسة الخارجية الأميركية " وكذلك كتاب " الشرايين المفتوحة لأميركا اللاتينية " للمفكر الأورغويني أدواردو عاليانو الذي أهدى تشافيز نسخة منه إلى الرئيس الأميركي بارك أوباما عندما التقاه في القمة الأخيرة للدول الأميركية ، إلى جانب كتب أخرى لكارل ماركس ولينين وتشي جيفارا وكاسترو وتشافيز نفسه ، وكتب في الشعر والموسيقى والفنون وعشرات العناوين للأطفال والشباب ، ومؤلفات الشاعر والمفكرالفنزويلي أندريس بيلو (1781-1865 ) المعروف بنزعته الإنسانية وبريادته الفكرية في عصره ، وكذلك روايات ارنست همنغواي وغابرييل غارسيا ماركيز ، وكتاب ( دون كيشوت ) لسرفانتس .
" إنها مبادرة رائعة حقا .. أن تضع الكتاب في يد القارئ مجانا " ، يقول هوستو ريكو (38) وهو يقبض على نسخة الكتاب الذي التقطه من العارضة ، حمى الإقبال على المنتج الثقافي تغمر الجميع في كل الساحات الرئيسية ، الحكومة وضعت أربعة ملايين كتاب أمام الجمهور ، أطلق المبادرة تشافيز نفسه حين أعلن في برنامجه التلفزيوني الأسبوعي الذائع الصيت " آلو.. حضرة الرئيس " بدء مرحلة جديدة في الثورة الثقافية : " الكتاب مجانا في يد كل مواطن ..وكتاب للقراءة وليس للاقتناء فقط ! واقرأ كتابا تصبح إنسانا جديدا .. "
قال تشاقيز إن القراءة تخلق الإنسان الاشتراكي الذي نريده .. هذا هو حلم جيفارا . . "
في أحياء الفقراء " الباريو" أنشأت الحكومة نوادي الكتاب ووفرت الكتب مجانا ، يقول آبيل برييتو وزير الثقافة الكوبي الذي كان ضيف الشرف في حفل إطلاق مبادرة " كتاب للقراءة " إن الثورة الثقافية ضرورية في عملية توحيد شعوب أميركا اللاتينية وتعميق توجهاتها المناهضة للكولونيالية .
المعارضة الفنزويلية انتقدت المبادرة واتهمت تشافيز بالسعي " لتضليل الجماهير وتبديد المال العام على مشاريع دعائية .. " ، لكن باحثا اجتماعيا في جامعة كاروبوبو هو أندريه مونيه يشير إلى أن المبادرة مفيدة في إطار سعيها لخلق نمط جديد من العادات لم يألفها المجتمع الفنزويلي وبخاصة طبقاته الفقيرة التي يسودها الجهل ، فضلا عن أن النمط التقليدي للعادات الاجتماعية والذي سعت الحكومات " الديمقراطية " السابقة على حكومة تشافيز على الحفاظ عليه وترسيخه لا يوفر المكانة اللازمة للقراءة وللكتاب كالتي تتوفر في المجتمعات الناهضة ، وجدير بالإشارة إلى أن الصورة النمطية للفرد الفنزويلي والتي يتهم تشافيز " الاولغاركية " بترسيخها هي أن الفرد هنا لا يهمه سوى الأكل والشراب واللهو، ومشاهدة المسلسلات التلفزيونية ولعبة البيسبول " فيما تسعى " الثورة البوليفارية " لتغيير هذا النمط بإجراءات عملية وفكرية مثل انشاء قاعات الانترنيت ومحطات الراديو المحلية وصحف التجمعات الريفية إلى جانب نوادي الكتاب ومراكز الفنون والمتاحف الشعبية .
وفي مبادرة مماثلة كان تشافيزقد أمر قبل عام بتوزيع مليون نسخة من كتاب " دون كيشوت " لسرفانتس .
كما سبق للحكومة أن قررت إنشاء ستة متاحف جديدة، وذلك ل " إنهاء نخبوية المؤسسات الثقافية ووضعها في خدمة الشعب " ، ولتشجيع أبناء الطبقات الفقيرة على ارتيادها ، وزيادة الوعي على أهمية الثقافة وضرورتها ، وأقامت " مدينة السينما " قبل ثلاث سنوات ضمت استوديوهات وقاعات ومرافق لإنتاج الأفلام تحت شعار " ضوء وكاميرا وثورة " ، وأنتجت المدينة 12 فيلما هادفا طويلا ومئات الأفلام الوثائقية والقصيرة ، وافتتحت سلسلة من القاعات والمعارض الفنية في أكثر من مدينة فنزويلية ، وقد وضعت كل تلك النشاطات والفعاليات تحت إدارة شبكة خاضعة لوزارة الثقافة التي أنشأت منذ العام 2003 تحت شعار " تراث , ذاكرة , هوية ، حقوق ، ومواطنة " .
وكجزء من حملة إعادة القارة اللاتينية إلى أصالتها وتراثها الوطني لم تعد الإشارة ترد في الأدبيات والمراجع الثقافية المطبوعة حديثا في فنزويلا إلى " كريستوفر كولومبس " كمكتشف للعالم الجديد ، وإنما يشار إليه على أنه قاد حملة " الغزو الأوروبي " ضد الهنود سكان القارة الاصليين ، وكانت حكومة الرئيس تشافيز قد اتخذت قرارا برفع ما يسمى ب " سفينة كولومبس " من مكانها في أحدى ساحات العاصمة على أن يقام مكانها نصب تذكاري لفرانسيسكو دي ميراندا (1750-1860) المحارب الذي سبق سيمون بوليفار في السعي لاستقلال فنزويلا ، كما بدأت تظهر في وسائل الاعلام الرسمية وأدبيات الحزب الاشتراكي الموحد الذي يقوده تشافيز أسماء الرموز الوطنية التي يحفظ لها التاريخ دورها في تحرير القارة وتوحيدها مثل سيمون بوليفار(1783-1830) الذي قاد عملية تحرير بوليفيا وبنما وكولومبيا والإكوادور وبيرو وفنزويلا وأقام دولة موحدة ، وكذلك رموز النهوض الوطني الجديد في القارة اللاتينية مثل جيفارا وسلفادور الليندي وكاسترو وموراليس وتشافيز نفسه .
---------------
* كاتب من العراق مقيم في فنزويلا