سيد مرحوم
08-25-2004, 09:17 AM
http://www.assabeel.net/images/3915_1.jpg
هل ينتصر مقتدى؟ هل انتصر؟ .............................. د. أمينة أبو شهاب
سؤال يحوم حول النجف والكوفة مثل طائر كبير وهو: هل ينتصر مقتدى الصدر على اكبر قوة في العالم؟ هل انتصر عليها فعلا؟
هذه القوة، باتفاق معظم المحللين، تقوم (وبقليل من العقل) باستخدام قوتها العسكرية في مواجهة ما يقابلها من مشكلات على الارض (العراقية)، وبالفعل فإن هذا الحشد العسكري الهائل الذي حشر في النجف المدينة الدينية والتعليمية التي كانت من قبل رمزاً للأمان والسلام هو في المكان الخطأ او في موقع الخط الاحمر. هل النجف هي المدينة التي تسد شوارعها وأزقتها الضيقة دبابات ال”أبرام” ومركبات ال”برادلي” او التي تملأ سماءها الطائرات والمروحيات تقصف وتتسبب في المذابح اليومية؟ هل هي المدينة التي يصح او يسهل تدنيسها وتدميرها؟ يبدو هذا الحشد العسكري في مواجهة من نوع غريب على اصحابه الامريكان، الا وهي مواجهة التاريخ ومنطقه ومنطق الدين وثقافات آلاف السنين.
الجيش الامريكي هو الذي اختار نفسه، ودونما علم كاف ربما، هذه المواجهة في موقع الدين والتاريخ والعاطفة الشيعية. تقول “نيويورك تايمز” ان الازمة في النجف بدأت عندما قررت قيادات المارينز ومن دون موافقة عليا على “سحق” جيش المهدي وشنت حربها عليه لمدة ثمانية ايام كاملة حتى استبدلت بقوات اخرى من الجيش الامريكي.
مقتدى الصدر الذي يخوض الجيش الامريكي ضده هذه الحرب الرهيبة التي دخلت اسبوعها الثالث بغرض شطبه من العملية السياسية ليس بالرجل العسكري بل هو رجل دين بعمامة لم يكن يؤمن بالمقاومة بعيد دخول القوات الامريكية الى العراق كما سجلت له وسائل الاعلام، تطور الرجل، كما تطورت ايديولوجية المقاومة وتجاوز صفه في التراتبية الشيعية بسبب نهجه الجديد.
لمقتدى الصدر خطاب واضح يقصف لأجله اليوم في النجف وهو يتلخص في أن ما بني على باطل الاحتلال فهو باطل، وأصل قوة خطابه هو في رموزه الشيعية وحضورها في أزمة الحاضر في وقت تغييبها من قبل رجال الدين الشيعة الآخرين الاعلى مرتبة ومكانة. سياسيا، رفض مقتدى الصدر واقع الاحتلال وتبعاته رفضا حسينيا واختار الصفاء السياسي المكلف، والذي تبين انه اكثر اكلافا حين تكون القوة المهيمنة هي امريكا داعية الديمقراطية وغازية العراق باسمها.
روجت المراجع الشيعية في المراتب العليا ان مقتدى الصدر هو غر سياسيا وهي تخلت عنه بمثل هذا الحكم، فهل هذا صحيح، وهل هو شخصية عاطفية تفتقد الى العقلانية؟ هل موقفه وسلوكه السياسي خلال الاسابيع الاخيرة يسندان هذا الحكم؟ لا شك ان مواجهة النجف هي اصعب ما يمكن تجربته بالنسبة لسياسي في العمر الثلاثيني لمقتدى الصدر، ولكنه خرج وفي مواقف عدة بانطباع لدى المراقبين المحايدين انه اكثر حصافة وذكاء من القيادة الامريكية التي ظهرت من دون استراتيجية واضحة ومن دون سياسة سوى “السحق” وخرج كذلك اكثر حصافة بكثير من الحكومة المؤقتة التي أنابت عن غيرها في الاسراف في كلام العنف والتهديد.
في مواجهة النجف كان الصدر سيد المبادرة والمناورة السياسية، لقد كان هو من أعطى الاشارات الى المؤتمر الوطني العراقي ليشكل وفده ويذهب الى النجف، وكان في هذه الخطوة كما في خطوات اخرى يعطي المقاتلين في النجف ويعطي نفسه فرصة أخذ نفس من القصف الامريكي الوحشي. لا ننسى كذلك النتاج السياسي والعسكري للجموع التي زحفت على النجف واعتصمت بالصحن الحيدري. أما مقترحه بتسليم مفاتيح الصحن الحيدري للمرجعية فقد توجه كفاعل اكبر في المواجهة. ولقد رمى بالكرة في ملعب القيادات الشيعية فهل كان ذلك ليزيد من حرج موقفها أمام تابعيها ام ليورطها (من حيث تكره وتتهرب) في الأزمة في النجف؟
اثبت الصدر وجيش المهدي ان المصداقية كانت الى جانبهم في ما يتعلق بالبيانات حول الوضع العسكري على الارض، وان بيانات الطرف الآخر هي اكثر ما يشك بها وانها لا تصمد لدقائق في صدقها.. هذا الى جانب ان تعامل الصدر ورجاله مع الصحافيين قد حظي بالتقدير والاشادة، خاصة مع التوسط في اطلاق اثنين من الصحافيين الاجانب اللذين كانا مختطفين في جنوب العراق، جاء هذا في الوقت الذي تقمع فيه الحكومة المؤقتة الصحافيين ويهددون باطلاق النار عليهم في فنادق النجف من قبل ضباط الشرطة.
صمد جيش المهدي المفتقر كل الافتقار للتجهيز العسكري كل هذه الايام التي مرت امام أعتى قوة نيران في العالم، أفلا يعني هذا انتصارا؟ بالطبع هو انتصار ضرب لأجله الصحن الحيدري وخدش من اجل جرح نفوس المقاتلين دفاعا عن حرمته، ضرب الصحن الحيدري هو اسلوب مستجد في الحرب الامريكية وهو ينبئ عن شكل الحرب “الاسرائيلية” الامريكية ضد العرب مستقبلياً، اما الصدر وجيشه، كما يحمون مرقد علي فهم في الوقت نفسه يستندون بظهورهم اليه، وهذا هو شكل المواجهة مع الآلة العسكرية الامريكية.
http://www.alkhaleej.ae/articles/show_article.cfm?val=102302
هل ينتصر مقتدى؟ هل انتصر؟ .............................. د. أمينة أبو شهاب
سؤال يحوم حول النجف والكوفة مثل طائر كبير وهو: هل ينتصر مقتدى الصدر على اكبر قوة في العالم؟ هل انتصر عليها فعلا؟
هذه القوة، باتفاق معظم المحللين، تقوم (وبقليل من العقل) باستخدام قوتها العسكرية في مواجهة ما يقابلها من مشكلات على الارض (العراقية)، وبالفعل فإن هذا الحشد العسكري الهائل الذي حشر في النجف المدينة الدينية والتعليمية التي كانت من قبل رمزاً للأمان والسلام هو في المكان الخطأ او في موقع الخط الاحمر. هل النجف هي المدينة التي تسد شوارعها وأزقتها الضيقة دبابات ال”أبرام” ومركبات ال”برادلي” او التي تملأ سماءها الطائرات والمروحيات تقصف وتتسبب في المذابح اليومية؟ هل هي المدينة التي يصح او يسهل تدنيسها وتدميرها؟ يبدو هذا الحشد العسكري في مواجهة من نوع غريب على اصحابه الامريكان، الا وهي مواجهة التاريخ ومنطقه ومنطق الدين وثقافات آلاف السنين.
الجيش الامريكي هو الذي اختار نفسه، ودونما علم كاف ربما، هذه المواجهة في موقع الدين والتاريخ والعاطفة الشيعية. تقول “نيويورك تايمز” ان الازمة في النجف بدأت عندما قررت قيادات المارينز ومن دون موافقة عليا على “سحق” جيش المهدي وشنت حربها عليه لمدة ثمانية ايام كاملة حتى استبدلت بقوات اخرى من الجيش الامريكي.
مقتدى الصدر الذي يخوض الجيش الامريكي ضده هذه الحرب الرهيبة التي دخلت اسبوعها الثالث بغرض شطبه من العملية السياسية ليس بالرجل العسكري بل هو رجل دين بعمامة لم يكن يؤمن بالمقاومة بعيد دخول القوات الامريكية الى العراق كما سجلت له وسائل الاعلام، تطور الرجل، كما تطورت ايديولوجية المقاومة وتجاوز صفه في التراتبية الشيعية بسبب نهجه الجديد.
لمقتدى الصدر خطاب واضح يقصف لأجله اليوم في النجف وهو يتلخص في أن ما بني على باطل الاحتلال فهو باطل، وأصل قوة خطابه هو في رموزه الشيعية وحضورها في أزمة الحاضر في وقت تغييبها من قبل رجال الدين الشيعة الآخرين الاعلى مرتبة ومكانة. سياسيا، رفض مقتدى الصدر واقع الاحتلال وتبعاته رفضا حسينيا واختار الصفاء السياسي المكلف، والذي تبين انه اكثر اكلافا حين تكون القوة المهيمنة هي امريكا داعية الديمقراطية وغازية العراق باسمها.
روجت المراجع الشيعية في المراتب العليا ان مقتدى الصدر هو غر سياسيا وهي تخلت عنه بمثل هذا الحكم، فهل هذا صحيح، وهل هو شخصية عاطفية تفتقد الى العقلانية؟ هل موقفه وسلوكه السياسي خلال الاسابيع الاخيرة يسندان هذا الحكم؟ لا شك ان مواجهة النجف هي اصعب ما يمكن تجربته بالنسبة لسياسي في العمر الثلاثيني لمقتدى الصدر، ولكنه خرج وفي مواقف عدة بانطباع لدى المراقبين المحايدين انه اكثر حصافة وذكاء من القيادة الامريكية التي ظهرت من دون استراتيجية واضحة ومن دون سياسة سوى “السحق” وخرج كذلك اكثر حصافة بكثير من الحكومة المؤقتة التي أنابت عن غيرها في الاسراف في كلام العنف والتهديد.
في مواجهة النجف كان الصدر سيد المبادرة والمناورة السياسية، لقد كان هو من أعطى الاشارات الى المؤتمر الوطني العراقي ليشكل وفده ويذهب الى النجف، وكان في هذه الخطوة كما في خطوات اخرى يعطي المقاتلين في النجف ويعطي نفسه فرصة أخذ نفس من القصف الامريكي الوحشي. لا ننسى كذلك النتاج السياسي والعسكري للجموع التي زحفت على النجف واعتصمت بالصحن الحيدري. أما مقترحه بتسليم مفاتيح الصحن الحيدري للمرجعية فقد توجه كفاعل اكبر في المواجهة. ولقد رمى بالكرة في ملعب القيادات الشيعية فهل كان ذلك ليزيد من حرج موقفها أمام تابعيها ام ليورطها (من حيث تكره وتتهرب) في الأزمة في النجف؟
اثبت الصدر وجيش المهدي ان المصداقية كانت الى جانبهم في ما يتعلق بالبيانات حول الوضع العسكري على الارض، وان بيانات الطرف الآخر هي اكثر ما يشك بها وانها لا تصمد لدقائق في صدقها.. هذا الى جانب ان تعامل الصدر ورجاله مع الصحافيين قد حظي بالتقدير والاشادة، خاصة مع التوسط في اطلاق اثنين من الصحافيين الاجانب اللذين كانا مختطفين في جنوب العراق، جاء هذا في الوقت الذي تقمع فيه الحكومة المؤقتة الصحافيين ويهددون باطلاق النار عليهم في فنادق النجف من قبل ضباط الشرطة.
صمد جيش المهدي المفتقر كل الافتقار للتجهيز العسكري كل هذه الايام التي مرت امام أعتى قوة نيران في العالم، أفلا يعني هذا انتصارا؟ بالطبع هو انتصار ضرب لأجله الصحن الحيدري وخدش من اجل جرح نفوس المقاتلين دفاعا عن حرمته، ضرب الصحن الحيدري هو اسلوب مستجد في الحرب الامريكية وهو ينبئ عن شكل الحرب “الاسرائيلية” الامريكية ضد العرب مستقبلياً، اما الصدر وجيشه، كما يحمون مرقد علي فهم في الوقت نفسه يستندون بظهورهم اليه، وهذا هو شكل المواجهة مع الآلة العسكرية الامريكية.
http://www.alkhaleej.ae/articles/show_article.cfm?val=102302