Osama
06-05-2009, 02:33 PM
المرض والسلطة 10
http://www.alqabas-kw.com/Temp/Pictures/2009/06/05/0fbf28c9-de1c-44ea-8e2d-13c8bd75e6cf_main.jpg
http://www.alqabas-kw.com/Temp/Pictures/2009/06/05/9be9ad69-edbe-4c53-8baa-0e3cb880e0de_maincategory.jpg
• كنيدي .. قدرته على احتمال الآلام والامراض كبيرة
http://www.alqabas-kw.com/Temp/Pictures/2009/06/05/c9ab2d77-89ce-44ea-a0aa-7d40f1bab9b3_maincategory.jpg
اللورد ديفيد اوين
ترجمة واعداد:
محمد حسن ومحمد امين
تأليف: اللورد ديفيد اوين
يقدم كتاب «المرض والسلطة» لمؤلفه وزير الخارجية البريطاني الأسبق اللورد ديفيد أوين، الذي تنشره «القبس» على حلقات، دراسة للمرض وأثره في رؤساء الدول. وينظر في كيفية تأثير المرض والعلاج البدني والنفسي، في عملية إدارة الحكم وفي اتخاذ القرارات التي قد تقود إلى التصرفات الحمقاء أو الغبية أو الطائشة.
ويهتم الكاتب بصفة خاصة بالزعماء الذين لا يعانون من المرض بالمعنى العادي، ومن تعمل وظائفهم الإدراكية بصورة جيدة، ولكنهم أصيبوا بما يطلق عليه «متلازمة الغطرسة»، التي أثرت في أدائهم وتصرفاتهم. ومثل هؤلاء الزعماء يعانون من فقدان القدرة والوثوق المفرط في النفس، وازدراء النصيحة والمشورة التي تتعارض وما يعتقدونه، بل وحتى رفض أي نصيحة مهما كانت.
ولقد ظل الدكتور ديفيد اوين ومنذ فترة طويلة يهتم بالعلاقة المتبادلة بين السياسة والطب، وهو يستخدم في الكتاب معرفته الواسعة في المجالين للنظر في المرض ضمن حالات مختلفة في حياة السياسيين، وما إذا كان من الممكن حماية المجتمعات من مرض زعمائها!
الرئيس جون كنيدي ومرض أديسون
انتخب جون كنيدي رئيسا للولايات المتحدة في نوفمبر 1960 متغلبا على ريتشارد نيكسون باغلبية 303 مقابل 219 صوتا من اصوات المجمع الكلي، وكان في الثالثة والاربعين من عمره لدى انتخابه كأصغر رئيس للولايات المتحدة. واصبح اسمه يتردد على كل لسان ليس في الولايات المتحدة وحدها بل في شتى اصقاع العالم، وكان امراً مأساويا ان يكون ايضا اصغر رئيس اميركي يتوفى ورابع رئيس اميركي يقضي اغتيالا.
حين تولى السلطة كان الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف يبلغ السادسة والستين، وكذا رئيس الوزراء البريطاني هارولد ماكميلان والفرنسي شارل ديغول في السبعين من عمره، ورئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو في الحادية والسبعين، ورئيس الوزراء الاسرائيلي ديفيد بن غوريون في الرابعة والسبعين، والبابا يوحنا الثالث عشر في التاسعة والسبعين، والمستشار الالماني كونراد ادنيور في الرابعة والثمانين وكلهم جميعا كانوا في حالة صحية افضل من كنيدي ذي الثالثة والاربعين.
اخفاء المرض
لقد اخفى كنيدي عن الشعب الاميركي حقيقة وضعه الصحي الذي كان اسوأ بكثير مما يعرفه العامة، فقد كان يعاني من مرض اديسون الذي جعله يعتمد على علاج استبدال الهرمونات من اجل البقاء حيا، فاثناء حملته الانتخابية فقدت حقيبة خاصة تحتوي على ادويته، فأعلن كنيدي الاستنفار لعمله ان كشف سر هذه الحقيبة سيجعله يخسر السباق على البيت الابيض.
ومما اثار القلق اكثر ان الرئيس كنيدي لم يفكر ابدا في تغيير نمط حياته، فلم يعين طبيبا خاصا له، ولم يحاول ضبط تناول الادوية، او انه فشل في ذلك وبدلا من ذلك ركز كنيدي على استخدام قوة الرئاسة للحفاظ على سرية مرضه والترويج لصورة الشاب الحيوي والمعافى والطبيعي والسعيد ورجل العائلة، وهي صورة ابعد ما تكون عن الحقيقة.
اخطاء السنة الاولى
وفي بداية رئاسة كنيدي، كنت لا ازال طالبا في كلية الطب في لندن، وكانت لدي مثل بقية الشباب حول العالم، امال عريضة بالرئيس كنيدي لا سيما في ظل الظروف الخطيرة التي كان الجميع يستشعرها في اوج الحرب الباردة والتهديد الشيوعي والاخطار النووية وسباق التسلح، وكانت ازمة الصواريخ الكوبية من ضمن هذه المشكلات.
لقد وقع الرئيس كنيدي خلال السنة الاولى من ولايته بعدة اخطاء حيال التعامل مع كوبا، وخاصة خلال ازمة خليج الخنازير حين دعم في السابع من ابريل 1961 مجموعة كوبية مناوئة لكاسترو خططت لشن هجوم على كوبا، ثم تلا ذلك فشل اللقاء الذي عقد بين كنيدي وخروتشوف في فيينا لبحث الازمة وهو الفشل الذي يتحمل كنيدي وحده المسؤولية عنه، وفي اعتقادي ان نقص الخبرة ليس وحده ما يفسر هذه الاخفاقات، بل كان لذلك جذور تعود إلى الحالة الصحية لكنيدي، وعلى الرغم من نفي طاقم الموظفين الذين عملوا معه، إلا أنه اصبح معروفا من رواية كاتب السيرة الذاتية للرئيس الشاب، ريتشارد ريغز، ان غالبية التقارير التي كشفت عن معاناة الرئيس من المرض، كانت صحيحة.
المريض والمعافى
وأظن ان التغير في الحالة الصحية للرئيس كنيدي من عام 61 حيث كان في صحة متردية وعام 62 حين تحسنت، كان له تأثيره في قدرة الرئيس على اتخاذ القرار في حالتي أزمة خليج الخنازير وأزمة الصواريخ الكوبية.
ففي أزمة خليج الخنازير، وعلى الرغم من كل الآراء والنصائح للإدارة بعدم الإقدام على خطوة غزو كوبا لدعم معارضي كاسترو، قرر كنيدي المضي قدما في هذه العملية لاعتبارات سياسية داخلية، ولرغبته في إظهار موقف متشدد وحتى لا يظهر ضعيفا مقارنة بايزنهاور. وكان شقيقه روبرت كذلك، يحثه على اظهار التصميم والقسوة تجاه كوبا. وكان روبرت مدفوعا بعداء شخصي ضد كاسترو لدرجة التورط لاحقا في محاولة اغتياله.
غزو «لا أساس له»!
وفي الساعة الثامنة من صباح يوم السبت 15 أبريل 61 قصفت ثماني طائرات من طراز بي 52 انطلقت من نيكاراغوا، المطارات العسكرية الكوبية ودمرت خمس طائرات فقط من أصل ست وثلاثين طائرة مقاتلة، كما انطلقت طائرة أخرى تحمل العلامات الكوبية من نيكاراغوا إلى ميامي لاعطاء الانطباع بأن طيارا كوبيا يفر بطائرته إلى الولايات المتحدة وهبطت الطائرة في ميامي. وفي الأمم المتحدة، نفى المندوب الأميركي أنباء الغزو لكوبا، واصفا المزاعم بأنها لا أساس لها من الصحة، وقال ان الطائرات التي قصفت المطارات الكوبية هي طائرات كاسترو. وتبيّن أن المندوب لم يكن على علم بما حدث وكاد يقدم استقالته لولا اتصال الرئيس كنيدي به شخصيا ليهدئ من غضبه.
وفي النهاية، فشلت عملية خليج الخنازير واستسلم ألف ومائة من القوات المناوئة لكاسترو ولم تتمكن القوات الأميركية من اخلاء أكثر من 14 مقاتلا من مناهضي كاسترو.
وحاول كنيدي إلقاء اللائمة على الآخرين، لكن كان بذلك يخدع نفسه. وقد وصف أحد المحللين قرار كنيدي الدخول في هذه المغامرة بأنه «حسابات خاطئة».
لقد وصف أحد المقربين من البيت الأبيض، الرئيس كنيدي بأنه لم يكن حازما ولا قويا كما كانت الصورة المروّجة عنه دائما، وكان مزاجه يتغير بتغيّر الدواء أو مجموعة الأدوية التي كان يتعاطاها. وينطبق ذلك تحديدا على أزمة خليج الخنازير.
عظمه طري
أدت هذه الأزمة بالزعيم السوفيتي نيكيتا فروتشوف للسخرية من كنيدي كرئيس شاب غض العظام وقليل الخبرة ولا يصمد أمام التحدي، ولكن حين جاء التحدي بعد ثمانية عشر شهرا على شكل أزمة الصواريخ الكوبية، تصرف كنيدي بشكل مختلف تماما، لا سيما حين شكل لجنة استشارية لتساعده في التعاطي مع الأزمة.
ولم يكن التغيير في ادارة الأزمة فحسب، كما لم يكن نتيجة لتعلم الرئيس من ازمة خليج الخنازير، بل كان التغيير الأعمق يتصل بالحالة الصحية للرئيس والعلاج الذي كان يتعاطاه، ولا يمكن فهم التعاطي القاصر والمليء بالنقائص في حالة ازمة خليج الخنازير، والمعالجة الناضجة والكفؤة لأزمة الصواريخ الكوبية، الا اذا اخذنا بعين الاعتبار الحالة الصحية للرئيس كنيدي المختلفة في الحالتين.
ــ السجلات الطبية لآل كنيدي ليست كلها موجودة، لكنني درست تلك المتوافرة منها في مكتبة كنيدي، وخاصة الذي يعود منها الى فترة 1962/1961، وربما كانت السرية التي احاطت بصحة الرئيس الأكثر ضررا على رئاسته.
فالحقائق تشير الى ان صحة كنيدي لم تكن مستقرة منذ سنوات طفولته الاولى، فقد ادخل المستشفى عام 1920 ولم يكن قد بلغ الثالثة من عمره، مصابا بالحمى القرمزية.
وفي الثالثة عشرة فقد كثيرا من وزنه واصبح بطيء النمو، وفي عام 1934 وحين كان في السابعة عشرة ادخل الى مستشفى مايو كلينيك لمدة شهر وتبينت اصابته بالتهاب بالقولون، وظن آخرون انه مرض باطني آخر، وفي عام 1937 كان يتعاطى الكورتيزون لتخفيف آلام القولون، وربما ظهرت عليه آنذاك اعراض الاصابة بمرض ضعف النشاط الكظري HYPOADRINALISM.
وظل كنيدي يعاني من آلام الظهر التي قيل انها نشأت بعد حادث سيارة طوال معظم سنوات حياته بعد الشباب، واشار البعض الى ان المرض يعود الى دواء STEROID الذي كان يتعاطه، وربما للسببين معا.
قرحة في الأثني عشر
وفي الثالث والعشرين من نوفمبر 1943 اظهر الكشف الطبي اصابته بقرحة في الاثني عشر، ولكن ذلك ربما كان تأثيرا جانبيا لدواء الستيرويد، واستمرت آلام الظهر لديه وبعد اجراء الفحوص في عدة مستشفيات اجريت لكنيدي عملية في مستشفى نيو انغلاند في الثالث والعشرين من يونيو 1944 ولم يتضح للجراح ان كنيدي مصاب بالديسك كما كان متوقعاً، بيد ان الفحص المخبري الدقيق أظهر اصابته بضعف في الغضروف الليفي، والذي يعتقد انه اثر جانبي لدواء الستيرويد، وفي اكتوبر 1944، تم حقن كنيدي بدواء البروكاني في اعصاب فقرات الظهر اليسرى، وظل يحقن بهذا الدواء لفترة من الزمن لتخفيف آلام الظهر التي كانت يعاني منها كثيراً.
وعلى الرغم من ان أحد الاطباء في سلاح البحرية كان يعتقد ــ صائبا ــ ان الكثير من الاعراض التي ظهرت على كنيدي تعود إلى مرض اصيب به منذ زمن طويل، أعلن مجلس طبي تابع لسلاح البحرية في 27 ديسمبر 1944 ان آلام البطن ربما كانت نتيجة لبقاء كنيدي في الماء لاكثر من خمسين ساعة ولانه امضى اكثر من اسبوع دون ان يشرب الماء، ولذلك تم ادراج اسم كنيدي ضمن قائمة الذين يتقاعدون اعتباراً من الاول من مارس 1945 بسبب حالته الصحية.
وظل كنيدي يعاني من آلام المعدة والظهر خلال الفترة من 45 - 1947، وعاودته الملاريا التي اصيب بها عام 1944. وقد تم اكتشاف اصابة كنيدي بمرض اديسون لاول مرة في عام 1947 من قبل الدكتور السير دانيال ديفيس، وكان حينها عضواً في الكونغرس عن ولاية ماساتيوشيش. وربما كان يعاني من شكل معتدل من اشكال المرض لمدة عشر سنوات قبل ادخاله الى مستشفى «لندن كلينيك» وبدأ يتعاطى دواء كوريتسول منذ عام 1937. وفي عام 47 بدأت تظهر عليه كل اعراض المرض كالدوار والتقيؤ والحمى والاجهاد وعدم القدرة على استعادة الوزن واصفرار الجلد، وربما توقف - لسبب ما - عن تعاطي دواء كوريتسول.
لن يعيش عاماً!
وبعد اكتشاف المرض لديه في لندن، قدّر الاطباء انه لن يعيش لاكثر من عام واحد. وكان شديد التوعك اثناء الرحلة البحرية من لندن الى الولايات المتحدة في اكتوبر 1947، واستمرت لديه آلام الصداع والتهابات الصدر والمعدة والمسالك البولية. وفي عام 1951، واثناء زيارة كان يقوم بها لليابان تعرض لازمة صحية مرتبطة بمرض اديسون. وفي يوليو 1953، ادخل الى مستشفى جامعة واشنطن بسبب معاودة آلام الظهر له.
في الثاني عشر من سبتمبر 1953 تزوج كنيدي من جاكلين بوفير ولكن في ابريل 54، اظهرت صور الاشعة في ليهي كلينيك ان الفقرة الخامسة في اسفل الظهر متآكلة وفي الثاني والعشرين من اكتوبر 54 اجريت له عملية جراحية استغرقت ثلاث ساعات، وتم زرع قطعة معدنية في ظهره لاسناد عموده الفقري. وسار كل شيء على ما يرام في البداية، ولكن اصيب بالتهاب شديد في اليوم الثالث ولم يكن ليستجيب للعلاج بالمضادات الحيوية، فدخل في غيبوبة، واجريت له عملية جراحية اخرى في فبراير 1955، لازالة القطعة المعدنية والبرغي المزروعين في اسفل الظهر لانهما كانا يسببان له الالتهابات الدائمة. وكان الجمهور في ماساتيوشيش يعلم بالعمليات التي اجريت لكنيدي في ظهره، ولكن لم يبلّغوا ابداً بمرض اديسون.
اختبار الشجاعة
لقد كانت العمليتان في الظهر عامي 54 و55 اختباراً كبيراً لشجاعة كنيدي وقدرته على الاحتمال واستغل التجربة لتأليف كتاب حول الشخصيات التاريخية التي اظهرت شجاعة منقطعة النظير. وكلما عرف الشخص عن سجل كنيدي الطبي، زاد اعجابه به.
لم يكن معظم الاميركيين لدى انتخابهم جون كنيدي رئيساً، يعرفون عنه سوى انه ذلك الشاب الحيوي الذي يتمتع بصحة ممتازة.
ففي مناظراته التلفزيونية التي اجراها مع منافسه ريتشارد نيكسون، بدا كنيدي بكامل لياقته وصحته وطاقته، مقابل نيكسون المتعب الذي يتصبب عرقاً وذي الذقن الحليق جزئياً.
وطوال الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي وانتخابات الرئاسة عام 1960، نفى أنصار كنيدي انه مصاب بمرض اديسون، والسبب في ذلك معروف. فقد كان السيناتور كنيدي نفسه ينفي الإصابة بالمرض.
وبعد انتخابات الرئاسة في نوفمبر 1960 فقط، وافق روبرت كنيدي على اعطاء القليل من المعلومات عن صحة الرئيس المنتخب. وفي عدد شهر نوفمبر من مجلة TODAYS HEALTH نشرت مقالة لجانيت ترافيل ويوجين كوهين حول مرض اديسون، الأمر الذي سلط بعض الضوء على صحة الرئيس، ولكن كان عليهم الانتظار لأربعة عقود أخرى لتتكشف الحقائق شيئا فشيئا عن صحة كنيدي.
ولم يكن الشعب الأميركي وحده الذي حُجب عنه سر صحة الرئيس كنيدي. وقد بلغت درجة السرية حدا ان أقرب مساعديه لم يكن يعلم عن ذلك شيئا، وكانت دائرة ضيقة جدا هي التي تعلم ما كان يعلمه اطباؤه عن حالته الصحية وتشمل زوجته وشقيقه روبرت ووالده.
وقد ذكرت ترافيل التي اصبحت طبيبة الرئيس الخاصة بعد دخوله البيت الأبيض في مذكراتها، ان الرئيس قال لها ذات يوم ان تيد سورنسين المقرب منه وكاتب خطاباته هو الوحيد الذي يعرف كل شيء عن مرضه. وطلب منها ان نناقش اي شيء يتعلق بمرضه مع هذا الشخص وحده ولا أحد غيره.
وتؤكد ترافيل ان السرية حيال صحة الرئيس كنيدي ظلت مستمرة حتى بعد وفاته.
وكان البروكين PROCAINE من الأدوية التي كانت طبيبته تصفه له. ومن الآثار الجانبية لهذا الدواء انعدام التركيز وضعف الانتباه والتعب وتغير المزاج ومزيج من التردد والضعف والقلق والاجهاد.. وكلها من الاعراض التي لوحظت على الرئيس في أيام رئاسته الأولى.
وللتخفيف من آلام الظهر، كان الرئيس يستحم بالماء الساخن خمس مرات يومياً. ويسبح في بركة من الماء الساخن ويستخدم كرسياً خاصاً، وذلك فضلاً عن حقن PROCAINE ثلاث إلى ست مرات يوميا في أسفل الظهر.
وتُظهر سجلات ترافيل المكتوبة أن الرئيس كان يعاني من مشكلات في المعدة والقولون والبروستاتا والحمى الشديدة والجفاف و«الخراجات» Abscesses والارق وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، اضافة إلى متاعب آلام الظهر.
فإذا كان تأثير كل هذه الآلام والأدوية المعطاة لعلاجها على القرارات التي كان على الرئيس كنيدي اتخاذها لدى اندلاع أزمة خليج الخنازير؟ كجزء من العلاج الضروري لمرض اديسون، كان يتعين على كنيدي ان يتعاطى دواء تستوسترون TESTOSTERONC الأمر الذي كان يدفع الرئيس الى التصرف الشديد، والعدواني أحياناً.
فمع اقتراب موعد الغزو، كان كنيدي يعاني من الاجهاد الشديد، وحين كانت درجة الاجهاد تزيد يصبح من الصعب على الأطباء الجزم بشأن الجرعة المناسبة من الستيرويد والتستوسترون الواجب اعطائها للمريض. وكان كنيدي يعالج أيضا من مجموعة من الأمراض التناسلية منذ عام 1940.
ماذا كانت ردة فعل كنيدي الصحية على غزو كوبا خلال يومي 17 و18 ابريل 61؟
تمزق كامل
الإجابة هي انه عانى باستمرار من التقيؤ الشديد وعاودته التهابات المسالك البولية، وقد تم اعطاء الرئيس الكثير من الأدوية غداة يوم الغزو.
ويصف الوزير شيستر باولز، الرئيس كنيدي في جلسة الحكومة في اليوم التالي بأنه «كان في حالة تمزق كامل»، وكان يقاطع المتحدثين بملاحظات خارج السياق، وأحيانا يحدث نفسه، لقد حرمته تلك الأزمة من النوم ويصف الأزمة بأنها الأسوأ في حياته. وكان دائم الحديث مع والده بالهاتف، ولم يكن ذلك بالسلوك اللائق بالقائد العام للقوات المسلحة.
وتظهر وثائق البنتاغون ان الرئيس كنيدي وافق أثناء اجتماع مجلس الأمن القومي على اتخاذ خطوات سرية في فيتنام. وقد غادرت القوات الخاصة بعد عدة أسابيع فيتنام الجنوبية. ويعتقد البعض ان تلك كانت لحظة حاسمة في توسيع نطاق الحرب وتصعيدها في فيتنام. وكان الرئيس قد مارس الجنس في اليوم السابق مع إحدى عشيقاته في شيكاغو، ولذلك لم يكن مؤهلا جسديا ولا عاطفيا لاتخاذ مثل هذه القرارات المهمة.
الحلقة 11 :
كنيدي عولج بالمهدئات عند طبيب سُحبت رخصته
- تولى منصب وزير الخارجية في حكومة رئيس الوزراء البريطاني جيمس كالاهان في سبعينات القرن الماضي.
- شارك في تأسيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي وتولى زعامته في وقت لاحق. وهو الآن عضو في مجلس اللوردات.
- ظل لفترة طويلة يهتم بأثر الصحة في رؤساء الحكومات.
- لدى اللورد اوين العديد من المؤلفات في المجال السياسي مثل «أوديسا البلقان» و«متلازمة الغطرسة» وغيرهما.
http://www.alqabas-kw.com/Temp/Pictures/2009/06/05/0fbf28c9-de1c-44ea-8e2d-13c8bd75e6cf_main.jpg
http://www.alqabas-kw.com/Temp/Pictures/2009/06/05/9be9ad69-edbe-4c53-8baa-0e3cb880e0de_maincategory.jpg
• كنيدي .. قدرته على احتمال الآلام والامراض كبيرة
http://www.alqabas-kw.com/Temp/Pictures/2009/06/05/c9ab2d77-89ce-44ea-a0aa-7d40f1bab9b3_maincategory.jpg
اللورد ديفيد اوين
ترجمة واعداد:
محمد حسن ومحمد امين
تأليف: اللورد ديفيد اوين
يقدم كتاب «المرض والسلطة» لمؤلفه وزير الخارجية البريطاني الأسبق اللورد ديفيد أوين، الذي تنشره «القبس» على حلقات، دراسة للمرض وأثره في رؤساء الدول. وينظر في كيفية تأثير المرض والعلاج البدني والنفسي، في عملية إدارة الحكم وفي اتخاذ القرارات التي قد تقود إلى التصرفات الحمقاء أو الغبية أو الطائشة.
ويهتم الكاتب بصفة خاصة بالزعماء الذين لا يعانون من المرض بالمعنى العادي، ومن تعمل وظائفهم الإدراكية بصورة جيدة، ولكنهم أصيبوا بما يطلق عليه «متلازمة الغطرسة»، التي أثرت في أدائهم وتصرفاتهم. ومثل هؤلاء الزعماء يعانون من فقدان القدرة والوثوق المفرط في النفس، وازدراء النصيحة والمشورة التي تتعارض وما يعتقدونه، بل وحتى رفض أي نصيحة مهما كانت.
ولقد ظل الدكتور ديفيد اوين ومنذ فترة طويلة يهتم بالعلاقة المتبادلة بين السياسة والطب، وهو يستخدم في الكتاب معرفته الواسعة في المجالين للنظر في المرض ضمن حالات مختلفة في حياة السياسيين، وما إذا كان من الممكن حماية المجتمعات من مرض زعمائها!
الرئيس جون كنيدي ومرض أديسون
انتخب جون كنيدي رئيسا للولايات المتحدة في نوفمبر 1960 متغلبا على ريتشارد نيكسون باغلبية 303 مقابل 219 صوتا من اصوات المجمع الكلي، وكان في الثالثة والاربعين من عمره لدى انتخابه كأصغر رئيس للولايات المتحدة. واصبح اسمه يتردد على كل لسان ليس في الولايات المتحدة وحدها بل في شتى اصقاع العالم، وكان امراً مأساويا ان يكون ايضا اصغر رئيس اميركي يتوفى ورابع رئيس اميركي يقضي اغتيالا.
حين تولى السلطة كان الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف يبلغ السادسة والستين، وكذا رئيس الوزراء البريطاني هارولد ماكميلان والفرنسي شارل ديغول في السبعين من عمره، ورئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو في الحادية والسبعين، ورئيس الوزراء الاسرائيلي ديفيد بن غوريون في الرابعة والسبعين، والبابا يوحنا الثالث عشر في التاسعة والسبعين، والمستشار الالماني كونراد ادنيور في الرابعة والثمانين وكلهم جميعا كانوا في حالة صحية افضل من كنيدي ذي الثالثة والاربعين.
اخفاء المرض
لقد اخفى كنيدي عن الشعب الاميركي حقيقة وضعه الصحي الذي كان اسوأ بكثير مما يعرفه العامة، فقد كان يعاني من مرض اديسون الذي جعله يعتمد على علاج استبدال الهرمونات من اجل البقاء حيا، فاثناء حملته الانتخابية فقدت حقيبة خاصة تحتوي على ادويته، فأعلن كنيدي الاستنفار لعمله ان كشف سر هذه الحقيبة سيجعله يخسر السباق على البيت الابيض.
ومما اثار القلق اكثر ان الرئيس كنيدي لم يفكر ابدا في تغيير نمط حياته، فلم يعين طبيبا خاصا له، ولم يحاول ضبط تناول الادوية، او انه فشل في ذلك وبدلا من ذلك ركز كنيدي على استخدام قوة الرئاسة للحفاظ على سرية مرضه والترويج لصورة الشاب الحيوي والمعافى والطبيعي والسعيد ورجل العائلة، وهي صورة ابعد ما تكون عن الحقيقة.
اخطاء السنة الاولى
وفي بداية رئاسة كنيدي، كنت لا ازال طالبا في كلية الطب في لندن، وكانت لدي مثل بقية الشباب حول العالم، امال عريضة بالرئيس كنيدي لا سيما في ظل الظروف الخطيرة التي كان الجميع يستشعرها في اوج الحرب الباردة والتهديد الشيوعي والاخطار النووية وسباق التسلح، وكانت ازمة الصواريخ الكوبية من ضمن هذه المشكلات.
لقد وقع الرئيس كنيدي خلال السنة الاولى من ولايته بعدة اخطاء حيال التعامل مع كوبا، وخاصة خلال ازمة خليج الخنازير حين دعم في السابع من ابريل 1961 مجموعة كوبية مناوئة لكاسترو خططت لشن هجوم على كوبا، ثم تلا ذلك فشل اللقاء الذي عقد بين كنيدي وخروتشوف في فيينا لبحث الازمة وهو الفشل الذي يتحمل كنيدي وحده المسؤولية عنه، وفي اعتقادي ان نقص الخبرة ليس وحده ما يفسر هذه الاخفاقات، بل كان لذلك جذور تعود إلى الحالة الصحية لكنيدي، وعلى الرغم من نفي طاقم الموظفين الذين عملوا معه، إلا أنه اصبح معروفا من رواية كاتب السيرة الذاتية للرئيس الشاب، ريتشارد ريغز، ان غالبية التقارير التي كشفت عن معاناة الرئيس من المرض، كانت صحيحة.
المريض والمعافى
وأظن ان التغير في الحالة الصحية للرئيس كنيدي من عام 61 حيث كان في صحة متردية وعام 62 حين تحسنت، كان له تأثيره في قدرة الرئيس على اتخاذ القرار في حالتي أزمة خليج الخنازير وأزمة الصواريخ الكوبية.
ففي أزمة خليج الخنازير، وعلى الرغم من كل الآراء والنصائح للإدارة بعدم الإقدام على خطوة غزو كوبا لدعم معارضي كاسترو، قرر كنيدي المضي قدما في هذه العملية لاعتبارات سياسية داخلية، ولرغبته في إظهار موقف متشدد وحتى لا يظهر ضعيفا مقارنة بايزنهاور. وكان شقيقه روبرت كذلك، يحثه على اظهار التصميم والقسوة تجاه كوبا. وكان روبرت مدفوعا بعداء شخصي ضد كاسترو لدرجة التورط لاحقا في محاولة اغتياله.
غزو «لا أساس له»!
وفي الساعة الثامنة من صباح يوم السبت 15 أبريل 61 قصفت ثماني طائرات من طراز بي 52 انطلقت من نيكاراغوا، المطارات العسكرية الكوبية ودمرت خمس طائرات فقط من أصل ست وثلاثين طائرة مقاتلة، كما انطلقت طائرة أخرى تحمل العلامات الكوبية من نيكاراغوا إلى ميامي لاعطاء الانطباع بأن طيارا كوبيا يفر بطائرته إلى الولايات المتحدة وهبطت الطائرة في ميامي. وفي الأمم المتحدة، نفى المندوب الأميركي أنباء الغزو لكوبا، واصفا المزاعم بأنها لا أساس لها من الصحة، وقال ان الطائرات التي قصفت المطارات الكوبية هي طائرات كاسترو. وتبيّن أن المندوب لم يكن على علم بما حدث وكاد يقدم استقالته لولا اتصال الرئيس كنيدي به شخصيا ليهدئ من غضبه.
وفي النهاية، فشلت عملية خليج الخنازير واستسلم ألف ومائة من القوات المناوئة لكاسترو ولم تتمكن القوات الأميركية من اخلاء أكثر من 14 مقاتلا من مناهضي كاسترو.
وحاول كنيدي إلقاء اللائمة على الآخرين، لكن كان بذلك يخدع نفسه. وقد وصف أحد المحللين قرار كنيدي الدخول في هذه المغامرة بأنه «حسابات خاطئة».
لقد وصف أحد المقربين من البيت الأبيض، الرئيس كنيدي بأنه لم يكن حازما ولا قويا كما كانت الصورة المروّجة عنه دائما، وكان مزاجه يتغير بتغيّر الدواء أو مجموعة الأدوية التي كان يتعاطاها. وينطبق ذلك تحديدا على أزمة خليج الخنازير.
عظمه طري
أدت هذه الأزمة بالزعيم السوفيتي نيكيتا فروتشوف للسخرية من كنيدي كرئيس شاب غض العظام وقليل الخبرة ولا يصمد أمام التحدي، ولكن حين جاء التحدي بعد ثمانية عشر شهرا على شكل أزمة الصواريخ الكوبية، تصرف كنيدي بشكل مختلف تماما، لا سيما حين شكل لجنة استشارية لتساعده في التعاطي مع الأزمة.
ولم يكن التغيير في ادارة الأزمة فحسب، كما لم يكن نتيجة لتعلم الرئيس من ازمة خليج الخنازير، بل كان التغيير الأعمق يتصل بالحالة الصحية للرئيس والعلاج الذي كان يتعاطاه، ولا يمكن فهم التعاطي القاصر والمليء بالنقائص في حالة ازمة خليج الخنازير، والمعالجة الناضجة والكفؤة لأزمة الصواريخ الكوبية، الا اذا اخذنا بعين الاعتبار الحالة الصحية للرئيس كنيدي المختلفة في الحالتين.
ــ السجلات الطبية لآل كنيدي ليست كلها موجودة، لكنني درست تلك المتوافرة منها في مكتبة كنيدي، وخاصة الذي يعود منها الى فترة 1962/1961، وربما كانت السرية التي احاطت بصحة الرئيس الأكثر ضررا على رئاسته.
فالحقائق تشير الى ان صحة كنيدي لم تكن مستقرة منذ سنوات طفولته الاولى، فقد ادخل المستشفى عام 1920 ولم يكن قد بلغ الثالثة من عمره، مصابا بالحمى القرمزية.
وفي الثالثة عشرة فقد كثيرا من وزنه واصبح بطيء النمو، وفي عام 1934 وحين كان في السابعة عشرة ادخل الى مستشفى مايو كلينيك لمدة شهر وتبينت اصابته بالتهاب بالقولون، وظن آخرون انه مرض باطني آخر، وفي عام 1937 كان يتعاطى الكورتيزون لتخفيف آلام القولون، وربما ظهرت عليه آنذاك اعراض الاصابة بمرض ضعف النشاط الكظري HYPOADRINALISM.
وظل كنيدي يعاني من آلام الظهر التي قيل انها نشأت بعد حادث سيارة طوال معظم سنوات حياته بعد الشباب، واشار البعض الى ان المرض يعود الى دواء STEROID الذي كان يتعاطه، وربما للسببين معا.
قرحة في الأثني عشر
وفي الثالث والعشرين من نوفمبر 1943 اظهر الكشف الطبي اصابته بقرحة في الاثني عشر، ولكن ذلك ربما كان تأثيرا جانبيا لدواء الستيرويد، واستمرت آلام الظهر لديه وبعد اجراء الفحوص في عدة مستشفيات اجريت لكنيدي عملية في مستشفى نيو انغلاند في الثالث والعشرين من يونيو 1944 ولم يتضح للجراح ان كنيدي مصاب بالديسك كما كان متوقعاً، بيد ان الفحص المخبري الدقيق أظهر اصابته بضعف في الغضروف الليفي، والذي يعتقد انه اثر جانبي لدواء الستيرويد، وفي اكتوبر 1944، تم حقن كنيدي بدواء البروكاني في اعصاب فقرات الظهر اليسرى، وظل يحقن بهذا الدواء لفترة من الزمن لتخفيف آلام الظهر التي كانت يعاني منها كثيراً.
وعلى الرغم من ان أحد الاطباء في سلاح البحرية كان يعتقد ــ صائبا ــ ان الكثير من الاعراض التي ظهرت على كنيدي تعود إلى مرض اصيب به منذ زمن طويل، أعلن مجلس طبي تابع لسلاح البحرية في 27 ديسمبر 1944 ان آلام البطن ربما كانت نتيجة لبقاء كنيدي في الماء لاكثر من خمسين ساعة ولانه امضى اكثر من اسبوع دون ان يشرب الماء، ولذلك تم ادراج اسم كنيدي ضمن قائمة الذين يتقاعدون اعتباراً من الاول من مارس 1945 بسبب حالته الصحية.
وظل كنيدي يعاني من آلام المعدة والظهر خلال الفترة من 45 - 1947، وعاودته الملاريا التي اصيب بها عام 1944. وقد تم اكتشاف اصابة كنيدي بمرض اديسون لاول مرة في عام 1947 من قبل الدكتور السير دانيال ديفيس، وكان حينها عضواً في الكونغرس عن ولاية ماساتيوشيش. وربما كان يعاني من شكل معتدل من اشكال المرض لمدة عشر سنوات قبل ادخاله الى مستشفى «لندن كلينيك» وبدأ يتعاطى دواء كوريتسول منذ عام 1937. وفي عام 47 بدأت تظهر عليه كل اعراض المرض كالدوار والتقيؤ والحمى والاجهاد وعدم القدرة على استعادة الوزن واصفرار الجلد، وربما توقف - لسبب ما - عن تعاطي دواء كوريتسول.
لن يعيش عاماً!
وبعد اكتشاف المرض لديه في لندن، قدّر الاطباء انه لن يعيش لاكثر من عام واحد. وكان شديد التوعك اثناء الرحلة البحرية من لندن الى الولايات المتحدة في اكتوبر 1947، واستمرت لديه آلام الصداع والتهابات الصدر والمعدة والمسالك البولية. وفي عام 1951، واثناء زيارة كان يقوم بها لليابان تعرض لازمة صحية مرتبطة بمرض اديسون. وفي يوليو 1953، ادخل الى مستشفى جامعة واشنطن بسبب معاودة آلام الظهر له.
في الثاني عشر من سبتمبر 1953 تزوج كنيدي من جاكلين بوفير ولكن في ابريل 54، اظهرت صور الاشعة في ليهي كلينيك ان الفقرة الخامسة في اسفل الظهر متآكلة وفي الثاني والعشرين من اكتوبر 54 اجريت له عملية جراحية استغرقت ثلاث ساعات، وتم زرع قطعة معدنية في ظهره لاسناد عموده الفقري. وسار كل شيء على ما يرام في البداية، ولكن اصيب بالتهاب شديد في اليوم الثالث ولم يكن ليستجيب للعلاج بالمضادات الحيوية، فدخل في غيبوبة، واجريت له عملية جراحية اخرى في فبراير 1955، لازالة القطعة المعدنية والبرغي المزروعين في اسفل الظهر لانهما كانا يسببان له الالتهابات الدائمة. وكان الجمهور في ماساتيوشيش يعلم بالعمليات التي اجريت لكنيدي في ظهره، ولكن لم يبلّغوا ابداً بمرض اديسون.
اختبار الشجاعة
لقد كانت العمليتان في الظهر عامي 54 و55 اختباراً كبيراً لشجاعة كنيدي وقدرته على الاحتمال واستغل التجربة لتأليف كتاب حول الشخصيات التاريخية التي اظهرت شجاعة منقطعة النظير. وكلما عرف الشخص عن سجل كنيدي الطبي، زاد اعجابه به.
لم يكن معظم الاميركيين لدى انتخابهم جون كنيدي رئيساً، يعرفون عنه سوى انه ذلك الشاب الحيوي الذي يتمتع بصحة ممتازة.
ففي مناظراته التلفزيونية التي اجراها مع منافسه ريتشارد نيكسون، بدا كنيدي بكامل لياقته وصحته وطاقته، مقابل نيكسون المتعب الذي يتصبب عرقاً وذي الذقن الحليق جزئياً.
وطوال الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي وانتخابات الرئاسة عام 1960، نفى أنصار كنيدي انه مصاب بمرض اديسون، والسبب في ذلك معروف. فقد كان السيناتور كنيدي نفسه ينفي الإصابة بالمرض.
وبعد انتخابات الرئاسة في نوفمبر 1960 فقط، وافق روبرت كنيدي على اعطاء القليل من المعلومات عن صحة الرئيس المنتخب. وفي عدد شهر نوفمبر من مجلة TODAYS HEALTH نشرت مقالة لجانيت ترافيل ويوجين كوهين حول مرض اديسون، الأمر الذي سلط بعض الضوء على صحة الرئيس، ولكن كان عليهم الانتظار لأربعة عقود أخرى لتتكشف الحقائق شيئا فشيئا عن صحة كنيدي.
ولم يكن الشعب الأميركي وحده الذي حُجب عنه سر صحة الرئيس كنيدي. وقد بلغت درجة السرية حدا ان أقرب مساعديه لم يكن يعلم عن ذلك شيئا، وكانت دائرة ضيقة جدا هي التي تعلم ما كان يعلمه اطباؤه عن حالته الصحية وتشمل زوجته وشقيقه روبرت ووالده.
وقد ذكرت ترافيل التي اصبحت طبيبة الرئيس الخاصة بعد دخوله البيت الأبيض في مذكراتها، ان الرئيس قال لها ذات يوم ان تيد سورنسين المقرب منه وكاتب خطاباته هو الوحيد الذي يعرف كل شيء عن مرضه. وطلب منها ان نناقش اي شيء يتعلق بمرضه مع هذا الشخص وحده ولا أحد غيره.
وتؤكد ترافيل ان السرية حيال صحة الرئيس كنيدي ظلت مستمرة حتى بعد وفاته.
وكان البروكين PROCAINE من الأدوية التي كانت طبيبته تصفه له. ومن الآثار الجانبية لهذا الدواء انعدام التركيز وضعف الانتباه والتعب وتغير المزاج ومزيج من التردد والضعف والقلق والاجهاد.. وكلها من الاعراض التي لوحظت على الرئيس في أيام رئاسته الأولى.
وللتخفيف من آلام الظهر، كان الرئيس يستحم بالماء الساخن خمس مرات يومياً. ويسبح في بركة من الماء الساخن ويستخدم كرسياً خاصاً، وذلك فضلاً عن حقن PROCAINE ثلاث إلى ست مرات يوميا في أسفل الظهر.
وتُظهر سجلات ترافيل المكتوبة أن الرئيس كان يعاني من مشكلات في المعدة والقولون والبروستاتا والحمى الشديدة والجفاف و«الخراجات» Abscesses والارق وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، اضافة إلى متاعب آلام الظهر.
فإذا كان تأثير كل هذه الآلام والأدوية المعطاة لعلاجها على القرارات التي كان على الرئيس كنيدي اتخاذها لدى اندلاع أزمة خليج الخنازير؟ كجزء من العلاج الضروري لمرض اديسون، كان يتعين على كنيدي ان يتعاطى دواء تستوسترون TESTOSTERONC الأمر الذي كان يدفع الرئيس الى التصرف الشديد، والعدواني أحياناً.
فمع اقتراب موعد الغزو، كان كنيدي يعاني من الاجهاد الشديد، وحين كانت درجة الاجهاد تزيد يصبح من الصعب على الأطباء الجزم بشأن الجرعة المناسبة من الستيرويد والتستوسترون الواجب اعطائها للمريض. وكان كنيدي يعالج أيضا من مجموعة من الأمراض التناسلية منذ عام 1940.
ماذا كانت ردة فعل كنيدي الصحية على غزو كوبا خلال يومي 17 و18 ابريل 61؟
تمزق كامل
الإجابة هي انه عانى باستمرار من التقيؤ الشديد وعاودته التهابات المسالك البولية، وقد تم اعطاء الرئيس الكثير من الأدوية غداة يوم الغزو.
ويصف الوزير شيستر باولز، الرئيس كنيدي في جلسة الحكومة في اليوم التالي بأنه «كان في حالة تمزق كامل»، وكان يقاطع المتحدثين بملاحظات خارج السياق، وأحيانا يحدث نفسه، لقد حرمته تلك الأزمة من النوم ويصف الأزمة بأنها الأسوأ في حياته. وكان دائم الحديث مع والده بالهاتف، ولم يكن ذلك بالسلوك اللائق بالقائد العام للقوات المسلحة.
وتظهر وثائق البنتاغون ان الرئيس كنيدي وافق أثناء اجتماع مجلس الأمن القومي على اتخاذ خطوات سرية في فيتنام. وقد غادرت القوات الخاصة بعد عدة أسابيع فيتنام الجنوبية. ويعتقد البعض ان تلك كانت لحظة حاسمة في توسيع نطاق الحرب وتصعيدها في فيتنام. وكان الرئيس قد مارس الجنس في اليوم السابق مع إحدى عشيقاته في شيكاغو، ولذلك لم يكن مؤهلا جسديا ولا عاطفيا لاتخاذ مثل هذه القرارات المهمة.
الحلقة 11 :
كنيدي عولج بالمهدئات عند طبيب سُحبت رخصته
- تولى منصب وزير الخارجية في حكومة رئيس الوزراء البريطاني جيمس كالاهان في سبعينات القرن الماضي.
- شارك في تأسيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي وتولى زعامته في وقت لاحق. وهو الآن عضو في مجلس اللوردات.
- ظل لفترة طويلة يهتم بأثر الصحة في رؤساء الحكومات.
- لدى اللورد اوين العديد من المؤلفات في المجال السياسي مثل «أوديسا البلقان» و«متلازمة الغطرسة» وغيرهما.