الدكتور عادل رضا
08-22-2004, 02:42 PM
5 : اعلن السيد تاييده لما عرف بالحكومة المؤقته وهي حكومة منصبة من قبل رئيس سلطة الاحتلال الذي لاجدال في انه لن يختار ماهو خبير ، او وطني حريص على المصلحة الوطنية العراقية بل من يبدي استعداد اكثر لخدمة سلطة الاحتلال . والسيد هنا اما انه لايعرف الفرق بين الادارة المحلية ، التي تستخدم فيها سلطة الاحتلال وجوها محلية من عملائها لتسير بعض الشؤون الادارية بهدف التقليل من خسائرها وتهدئة قطاعات واسعة من الشعب وابعادهم عن الانضواء والالتحاق بالمقاومة ، وبين الحكومة الوطنية الممثلة للشعب ، والعاملة باتجاه خدمة مصالحه الوطنية . ولايدري الانسان كيف يمكن لسلطة محلية معينة من قبل سلطات الاحتلال ان تتحرك "لاستحصال قرار من مجلس الامن باستعادة السيادة على بلدهم كاملة غير منقوصة " كما اشترط السيد على ما سمي بالحكومة الوطنية .
هل تمتلك هذه السلطة الجديدة القدرة على المطالبة بما هو ضد قناعات من اوصلها ونصبها في المواقع التي هي بها . ان اعلان السيد يوم 3 / 6 / 2004 تاييده للسلطة المنُصبة من قبل بريمر، كان نفس اليوم الذي شارك فيه هوشيار الزيباري في جلسة مجلس الامن للمطالبة ببقاء القوات الاميركية في العراق وللجم المطالبة الروسية – الفرنسية بانسحاب القوات الاميركية من العراق . وقبل اعلان السيد تاييده للسلطة المؤقته بيومين كان الزيباري في طريقه لنيويورك لهذا الغرض ، معلنا اسباب سفره بشكل مكشوف كمندوب عن الحكومة الجديدة لايصال الرسالة للمجلس ليغدو الاحتلال وكأنه مطلب عراقي ، الا يستطيع السيد استنباط الرأي الذي يقول ان بقاء قوات الاحتلال حتى اذا افترضنا انها سوف لن تتدخل في الشؤون الداخلية ، يشكل حالة مساس بمطالبته " باستعادة السيادة كاملة غير منقوصة " . وبالعودة لما قدمه ابو ولاء الوارد ذكره في تعريفه للاسباب التي منعت السستاني عن الافتاء بالجهاد ضد الاحتلال ، وبعد ان يستعرض مساؤي الجهاد يقول : " طيب ما السئ في الخيار السياسي ؟
اشد ما فيه من سوء هو ان الوطن يكون تحت الاحتلال وتواجد العدد الكبير من القوات داخل العراق وهذا الاحتلال رغم سوءه الا انه سوف ينتهي بقرار من الامم المتحدة وامريكا نفسها وتسلم السلطة الى حكومة عراقية ، والعدد الكبير من القوات سوف يتم ممارسة الضغوط السياسية الواحدة تلو الاخرى في سبيل اخراجها بعد بناء جيش عراقي وطني يمكن الاعتماد عليه في ضبط الامن والحدود العراقية "
لسنا بصدد مناقشة مثل هذه الافكار السطحية التي لاتقنع حتى الرجل البسيط القليل الخبرة . الا اننا نود ان نذكر بان الحديث يجري عن الاسباب التي تمنع المرجع من الافتاء بالجهاد ، ولكي نقتنع باقوال السيد ابو ولاء ،ونتاكد من صحة ما قلناه عن تطوع السستاني لخدمة قوى الاحتلال املا في ان يحقق من خلالها اشباع الرغبة بالانتقام من السيد محمد صادق الصدر ممثلا بابنه ، نسال الاخوة القراء هل سيثير هذا القول اية غرابة لو نسبناه لبريمر او كولن باول او اي من عملائهم ..!؟ ،
العناصر الغيبية ، التي يعني بها السيد ابو ولاء شروط المرجعية وخلق ومثل الائمة المعصومين اختفت هنا ، وارتقت المرجعية لعصر العولمة ، فالحل ليس بالافتاء بالفرائض ، ولا باحكام الشرع ، بل بانتظار قرار ات الامم المتحدة ، وقناعة اميركا بضرورة الانسحاب ، وغفل او تغافل الكاتب ، لماذا جاءت اميركا حتى تنسحب .. ! ؟ ذلك ما لايعلمه الا ابو ولاء ومرجعه والغارقون بالعلم .
لايدري الانسان هل ان مطالبة الزيباري تشكل استهانة مقصودة او غير مقصودة بمطالبة السيد ، او انها حالة او شكل من اشكال تبادل الادوار لتهدئة الشعب واقناعه بالقبول الخانع لسلطات الاحتلال .
على كل حال أُستُخدم تاييده للحكومة الجديدة ، كنوع من الدعاية لها وشرعنة وجودها واضفاء صفة الوطنية عليها ، ولم يأخذ احدا بالشروط التي طرحها . مما يؤكد رجحان الفرضية الثانية ، كون السيد بدأ يلعب لعبة تبادل الادوار ليشرعن الاحتلال ويوحي باستفلالية وشرعية الادارة الجديدة ، والدليل ان السيد سكت ولم يستنكر مطالبة الادارة المحلية المنصبة من قبل قوات الاحتلال ، بديمومة الاحتلال وبقاءه ، ليبدو وكانه مطلب وطني عراقي . كما لم يطالب بتنفيذ شروطه ، وهو بهذه المناورة الجديدة كسب ايضا رضى الاطراف المختلفة ، أيد الحكومة ، ودغدغ عواطف المطالبين بالاستقلال ، ولم يزعج او يغضب احدا الا ابناء الشعب العراقي الذين اصابتهم الخيبة من مثل هذه المواقف التي لايمكن ان توصف حتى بالوسطية .
ان كل هذه المواقف التي قدمت للاحتلال خدمات ما كان يحلم بها ، تقدم التفسير الحقيقي لسفره المفاجئ الى لندن تحت غطاء العلاج ، ولا يستبعد الانسان حصول امراض مفاجئة لرجل بعمر السستاني ، لكن ان يحصل هذا بنفس التوقيت مع الهجمة العدوانية لقوات الاحتلال على مدينة النجف وسامراء وانتهاك قدسية المدينتين – او ما يسميه السستاني بالخطوط الحمراء – يغدو هروبا منظم ومقصود ومنسجم مع عموم سلوكياته ، ويمارس السيد اسلوب المناورة هذا الذي يبدو كأنه غير مقصود للتخلي عن دوره كفقيه ، وحتى كرجل مسلم مطالب باتخاذ موقفاً محدداً من هذا العدوان ، كشيعي تنتهك مقدساته .مع ان السيد يحرم هذا النوع من الهجرات في مايعرف ب " المسائل المنتخبة " ، يقول في " المسائلة 24 : من اهم المحرمات في الشريعة الاسلامية : " ويورد تحت بند 3 من 43 من المحرمات ما يلي : " 3- التعرب بعد الهجرة ، والمقصود به الانتقال الى بلد ينتقص فيه الدين اي يضعف فيه ايمان المسلم بالعقائد الحقة او لايستطيع ان يؤدي فيه ما وجب عليه في الشريعة المقدسة او يتجنب ما حرم عليه فيها "
ولايدري الانسان القليل الخبرة في الفقه مثل الكاتب ، الا ينطبق الشرط الثاني "لايستطيع ان يؤدي ما وجب عليه في الشريعة المقدسة " على سفر السستاني نفسه . اعرف ان منافقا ما سينبري ليقول : ان الوجوب هنا يعني اداء العبادات والفرائض . وهذا صحيح لاي انسان اخر الا ان وضع السستاني يختلف عن بقية المسلمين كفقيه ، او زعيم روحي لطائفة دينية ، من الفرائض المطلوبة منه ان يقف مع ابناء طائفته يمنع عنهم عمليات القتل والابادة ، وهو يستطيع اداء مثل هذا الدور ، كقوة ضغط على سلطة الاحتلال والسلطة المحلية التابعة لها . خاصة وان التقارير الطبية تقول انه لايحتاج لعمل جراحي ، اي مجرد مجموعة من الفحوصات ، التي كان بالامكان استدعاء نفس الاطباء لاجرائها له وهو في منزله او اي مستشفى عراقي ، كما كان يمكن اجراؤها في بيروت ليومين او ثلاث ثم العودة للبلد الذي يتعرض لعدوان ظالم ، واول ما يقع هذا الظلم على ابناء طائفته ، الا اذا كان السستاني يعتقد ان المسلمين والشيعة هم فقط مقلديه اما الاخرين فهم كفرة لايعنيه امرهم . وهذا خروج على شرط العدالة المطلوب توفره في الفقيه ، لانه حتى في مثل هذا الموقف ، يدرك السستاني ان ليس هناك من مناطق عازلة تحمي مقلديه وتبعدهم عن القصف بالقنابل العنقودية والمدفعية الثقيلة اذا افترضنا ان الاسلحة الخفيفة يمكن السيطرة عليها او تغذية عقولها الالكترونية وتوصيتها بتجاوز من هو من مقلدي السستاني ، والتوجه نحو الاخرين فقط .
ان احد التفسيرات التي يمكن ان تتبادر للذهن ان السيد لم يستطيع ان يتخلى عن حقده على الشهيد المرحوم السيد محمد صادق الصدر ، ذلك الحقد الذي امتد على ابنه من بعده ، نحن هنا امام شحنة من الحقد تنكرها الاخلاق لو برزت عند اي انسان اخر من عامة الناس ، فكيف عندما تاتي ممن يعتقد ان مرضاة الله – رب الرحمة والخير والتسامح – تتوقف على رضاه وارادته ، وهو حقد ليس له ما يبرره من الاسباب غير المنافسة التي حصلت على مكانة المرجعية بينه وبين الشهيد الصدر ، ويسجل عليه سابقاً عدم مبالاته بقضية اغتيال الشهيد الصدر ورفضه الصلاة على جنازته ، قد ينسجم هذا مع مبدأ التقية ، هذا المبدأ الذي ابتدعه بعض الفقهاء ، واسندوه بروايات واحاديث نبويه او منقولة عن الائمة ليبرروا به على ما يبدو بعض سلوكياتهم غير المقنعه ، او تلك الشبيهة بما يقفه السستاني وغيره من المراجع ورجال الدين من السيد مقتدى ، بسبب الحسد الذي تشكل في نفوس لم تنقيها العمامة او المرتبة الدينية التي ينسبونها لانفسهم .
تضمن التقية لاولئك المتعلقين بملذات الدنيا او الذين اتخذوا من الدين مهنة السلامة من الاذى من خلال تهدئة الحاكم وتطمينه على انهم سيساعدوه على لجم الناس وكبت استيائهم على الظلم والقمع ، ما دام هذا الكبت اصبح شكل اخر من اشكال العبادة .والملاحظ ان السستاني لجأ ، طيلة الثمان اشهر التالية للاحتلال ، للصمت المطلق ولم يسمع منه صوتا ، واول تقرب له ، والشعب في عز الصراع مع قوات الاحتلال ، دفع السستاني بانصاره لافتعال بعض الحوادث غير المنطقية مع جماعات الصدريين ، ومواجهتهم بالسلاح لاثبات احقية المرجعية في ادارة العتبات المقدسة .كأنه اراد بذلك ان يقدم كشف براءة لسلطات الاحتلال من مطالبة السيد مقتدى الصدر بانسحابها .كما يمكن ان تحسب سياسيا بحسابات من يريد ان يقول ها انا جاهز استطيع ان اخدم وأُأدي دورا مفيدا للجم ومشاغلة بعض اطراف المقاومة .
يورد السستاني في مسائله المنتخبة ، وتحت عنوان المحرمات ، مايلي : "43- كتمان الشهادة ممن اشهد على امر ثم طلب منه اداؤها بل وان شهده من غير اشهاد اذا ميز المظلوم من الظالم فانه يحرم عليه حجب شهادته في نصرة المظلوم "
فهل تقع هذه الحرمة على سائر المسلمين ويعفى منها الفقهاء ..!؟
ام ان السيد لم يتوصل بعد لتشخيص من هو الظالم ، ومن هو المظلوم فيما يجري من قتل وذبح لمئات الشيعة يوميا في العراق ، واذا كان يتعسر عليه فهم الامر الى هذا الحد ، ورغم كل مظاهر اللعبة المكشوفة التي تلعبها سلطة الاحتلال وتوابعها من الاداريين المحليين ، فكيف يتحمل مسؤولية ان يقف في صف الفقاهة العادلة ليحدد للناس ما هو صحيح وما هو خطأ من سلوكيات دينية ..!؟
ان الملاحظ من تدخلات السستاني ، التي اقتصرت على مجرد دعوة الاطراف المتنازعة على التخلي من ممارسة العنف واللجوء للحلول السلمية ، وهو يساوي في هذه الدعوات بين ابن البلد الذي يقاوم الاحتلال ، وقوة الاحتلال ، وكانهما يمتلكان نفس الحق في التواجد على ارض العراق . ففي نداءاته تختفي صورة الظالم والمظلوم ، وتتساوى اطراف النزاع . ولا يدري الانسان كيف يمكن ان يغفل المرجع ، وهو يمتلك ادوات المعرفة التي تمكنه من استنباط الاحكام السليمة التي تمكنه من الاقتراب من الحكم العقلاني ، او الموضوعي في مختلف مناحي المعرفة وفي مختلف الشؤون الدنيوية . كيف اذا يعجز عن ادراك من هو الظالم ومن هو المظلوم في الصراع الدائر بين مختلف قطاعات الشعب وقوى الاحتلال في العراق . انه لاشك موقف مقصود ، ومدرك تماما من قبله .
هل تمتلك هذه السلطة الجديدة القدرة على المطالبة بما هو ضد قناعات من اوصلها ونصبها في المواقع التي هي بها . ان اعلان السيد يوم 3 / 6 / 2004 تاييده للسلطة المنُصبة من قبل بريمر، كان نفس اليوم الذي شارك فيه هوشيار الزيباري في جلسة مجلس الامن للمطالبة ببقاء القوات الاميركية في العراق وللجم المطالبة الروسية – الفرنسية بانسحاب القوات الاميركية من العراق . وقبل اعلان السيد تاييده للسلطة المؤقته بيومين كان الزيباري في طريقه لنيويورك لهذا الغرض ، معلنا اسباب سفره بشكل مكشوف كمندوب عن الحكومة الجديدة لايصال الرسالة للمجلس ليغدو الاحتلال وكأنه مطلب عراقي ، الا يستطيع السيد استنباط الرأي الذي يقول ان بقاء قوات الاحتلال حتى اذا افترضنا انها سوف لن تتدخل في الشؤون الداخلية ، يشكل حالة مساس بمطالبته " باستعادة السيادة كاملة غير منقوصة " . وبالعودة لما قدمه ابو ولاء الوارد ذكره في تعريفه للاسباب التي منعت السستاني عن الافتاء بالجهاد ضد الاحتلال ، وبعد ان يستعرض مساؤي الجهاد يقول : " طيب ما السئ في الخيار السياسي ؟
اشد ما فيه من سوء هو ان الوطن يكون تحت الاحتلال وتواجد العدد الكبير من القوات داخل العراق وهذا الاحتلال رغم سوءه الا انه سوف ينتهي بقرار من الامم المتحدة وامريكا نفسها وتسلم السلطة الى حكومة عراقية ، والعدد الكبير من القوات سوف يتم ممارسة الضغوط السياسية الواحدة تلو الاخرى في سبيل اخراجها بعد بناء جيش عراقي وطني يمكن الاعتماد عليه في ضبط الامن والحدود العراقية "
لسنا بصدد مناقشة مثل هذه الافكار السطحية التي لاتقنع حتى الرجل البسيط القليل الخبرة . الا اننا نود ان نذكر بان الحديث يجري عن الاسباب التي تمنع المرجع من الافتاء بالجهاد ، ولكي نقتنع باقوال السيد ابو ولاء ،ونتاكد من صحة ما قلناه عن تطوع السستاني لخدمة قوى الاحتلال املا في ان يحقق من خلالها اشباع الرغبة بالانتقام من السيد محمد صادق الصدر ممثلا بابنه ، نسال الاخوة القراء هل سيثير هذا القول اية غرابة لو نسبناه لبريمر او كولن باول او اي من عملائهم ..!؟ ،
العناصر الغيبية ، التي يعني بها السيد ابو ولاء شروط المرجعية وخلق ومثل الائمة المعصومين اختفت هنا ، وارتقت المرجعية لعصر العولمة ، فالحل ليس بالافتاء بالفرائض ، ولا باحكام الشرع ، بل بانتظار قرار ات الامم المتحدة ، وقناعة اميركا بضرورة الانسحاب ، وغفل او تغافل الكاتب ، لماذا جاءت اميركا حتى تنسحب .. ! ؟ ذلك ما لايعلمه الا ابو ولاء ومرجعه والغارقون بالعلم .
لايدري الانسان هل ان مطالبة الزيباري تشكل استهانة مقصودة او غير مقصودة بمطالبة السيد ، او انها حالة او شكل من اشكال تبادل الادوار لتهدئة الشعب واقناعه بالقبول الخانع لسلطات الاحتلال .
على كل حال أُستُخدم تاييده للحكومة الجديدة ، كنوع من الدعاية لها وشرعنة وجودها واضفاء صفة الوطنية عليها ، ولم يأخذ احدا بالشروط التي طرحها . مما يؤكد رجحان الفرضية الثانية ، كون السيد بدأ يلعب لعبة تبادل الادوار ليشرعن الاحتلال ويوحي باستفلالية وشرعية الادارة الجديدة ، والدليل ان السيد سكت ولم يستنكر مطالبة الادارة المحلية المنصبة من قبل قوات الاحتلال ، بديمومة الاحتلال وبقاءه ، ليبدو وكانه مطلب وطني عراقي . كما لم يطالب بتنفيذ شروطه ، وهو بهذه المناورة الجديدة كسب ايضا رضى الاطراف المختلفة ، أيد الحكومة ، ودغدغ عواطف المطالبين بالاستقلال ، ولم يزعج او يغضب احدا الا ابناء الشعب العراقي الذين اصابتهم الخيبة من مثل هذه المواقف التي لايمكن ان توصف حتى بالوسطية .
ان كل هذه المواقف التي قدمت للاحتلال خدمات ما كان يحلم بها ، تقدم التفسير الحقيقي لسفره المفاجئ الى لندن تحت غطاء العلاج ، ولا يستبعد الانسان حصول امراض مفاجئة لرجل بعمر السستاني ، لكن ان يحصل هذا بنفس التوقيت مع الهجمة العدوانية لقوات الاحتلال على مدينة النجف وسامراء وانتهاك قدسية المدينتين – او ما يسميه السستاني بالخطوط الحمراء – يغدو هروبا منظم ومقصود ومنسجم مع عموم سلوكياته ، ويمارس السيد اسلوب المناورة هذا الذي يبدو كأنه غير مقصود للتخلي عن دوره كفقيه ، وحتى كرجل مسلم مطالب باتخاذ موقفاً محدداً من هذا العدوان ، كشيعي تنتهك مقدساته .مع ان السيد يحرم هذا النوع من الهجرات في مايعرف ب " المسائل المنتخبة " ، يقول في " المسائلة 24 : من اهم المحرمات في الشريعة الاسلامية : " ويورد تحت بند 3 من 43 من المحرمات ما يلي : " 3- التعرب بعد الهجرة ، والمقصود به الانتقال الى بلد ينتقص فيه الدين اي يضعف فيه ايمان المسلم بالعقائد الحقة او لايستطيع ان يؤدي فيه ما وجب عليه في الشريعة المقدسة او يتجنب ما حرم عليه فيها "
ولايدري الانسان القليل الخبرة في الفقه مثل الكاتب ، الا ينطبق الشرط الثاني "لايستطيع ان يؤدي ما وجب عليه في الشريعة المقدسة " على سفر السستاني نفسه . اعرف ان منافقا ما سينبري ليقول : ان الوجوب هنا يعني اداء العبادات والفرائض . وهذا صحيح لاي انسان اخر الا ان وضع السستاني يختلف عن بقية المسلمين كفقيه ، او زعيم روحي لطائفة دينية ، من الفرائض المطلوبة منه ان يقف مع ابناء طائفته يمنع عنهم عمليات القتل والابادة ، وهو يستطيع اداء مثل هذا الدور ، كقوة ضغط على سلطة الاحتلال والسلطة المحلية التابعة لها . خاصة وان التقارير الطبية تقول انه لايحتاج لعمل جراحي ، اي مجرد مجموعة من الفحوصات ، التي كان بالامكان استدعاء نفس الاطباء لاجرائها له وهو في منزله او اي مستشفى عراقي ، كما كان يمكن اجراؤها في بيروت ليومين او ثلاث ثم العودة للبلد الذي يتعرض لعدوان ظالم ، واول ما يقع هذا الظلم على ابناء طائفته ، الا اذا كان السستاني يعتقد ان المسلمين والشيعة هم فقط مقلديه اما الاخرين فهم كفرة لايعنيه امرهم . وهذا خروج على شرط العدالة المطلوب توفره في الفقيه ، لانه حتى في مثل هذا الموقف ، يدرك السستاني ان ليس هناك من مناطق عازلة تحمي مقلديه وتبعدهم عن القصف بالقنابل العنقودية والمدفعية الثقيلة اذا افترضنا ان الاسلحة الخفيفة يمكن السيطرة عليها او تغذية عقولها الالكترونية وتوصيتها بتجاوز من هو من مقلدي السستاني ، والتوجه نحو الاخرين فقط .
ان احد التفسيرات التي يمكن ان تتبادر للذهن ان السيد لم يستطيع ان يتخلى عن حقده على الشهيد المرحوم السيد محمد صادق الصدر ، ذلك الحقد الذي امتد على ابنه من بعده ، نحن هنا امام شحنة من الحقد تنكرها الاخلاق لو برزت عند اي انسان اخر من عامة الناس ، فكيف عندما تاتي ممن يعتقد ان مرضاة الله – رب الرحمة والخير والتسامح – تتوقف على رضاه وارادته ، وهو حقد ليس له ما يبرره من الاسباب غير المنافسة التي حصلت على مكانة المرجعية بينه وبين الشهيد الصدر ، ويسجل عليه سابقاً عدم مبالاته بقضية اغتيال الشهيد الصدر ورفضه الصلاة على جنازته ، قد ينسجم هذا مع مبدأ التقية ، هذا المبدأ الذي ابتدعه بعض الفقهاء ، واسندوه بروايات واحاديث نبويه او منقولة عن الائمة ليبرروا به على ما يبدو بعض سلوكياتهم غير المقنعه ، او تلك الشبيهة بما يقفه السستاني وغيره من المراجع ورجال الدين من السيد مقتدى ، بسبب الحسد الذي تشكل في نفوس لم تنقيها العمامة او المرتبة الدينية التي ينسبونها لانفسهم .
تضمن التقية لاولئك المتعلقين بملذات الدنيا او الذين اتخذوا من الدين مهنة السلامة من الاذى من خلال تهدئة الحاكم وتطمينه على انهم سيساعدوه على لجم الناس وكبت استيائهم على الظلم والقمع ، ما دام هذا الكبت اصبح شكل اخر من اشكال العبادة .والملاحظ ان السستاني لجأ ، طيلة الثمان اشهر التالية للاحتلال ، للصمت المطلق ولم يسمع منه صوتا ، واول تقرب له ، والشعب في عز الصراع مع قوات الاحتلال ، دفع السستاني بانصاره لافتعال بعض الحوادث غير المنطقية مع جماعات الصدريين ، ومواجهتهم بالسلاح لاثبات احقية المرجعية في ادارة العتبات المقدسة .كأنه اراد بذلك ان يقدم كشف براءة لسلطات الاحتلال من مطالبة السيد مقتدى الصدر بانسحابها .كما يمكن ان تحسب سياسيا بحسابات من يريد ان يقول ها انا جاهز استطيع ان اخدم وأُأدي دورا مفيدا للجم ومشاغلة بعض اطراف المقاومة .
يورد السستاني في مسائله المنتخبة ، وتحت عنوان المحرمات ، مايلي : "43- كتمان الشهادة ممن اشهد على امر ثم طلب منه اداؤها بل وان شهده من غير اشهاد اذا ميز المظلوم من الظالم فانه يحرم عليه حجب شهادته في نصرة المظلوم "
فهل تقع هذه الحرمة على سائر المسلمين ويعفى منها الفقهاء ..!؟
ام ان السيد لم يتوصل بعد لتشخيص من هو الظالم ، ومن هو المظلوم فيما يجري من قتل وذبح لمئات الشيعة يوميا في العراق ، واذا كان يتعسر عليه فهم الامر الى هذا الحد ، ورغم كل مظاهر اللعبة المكشوفة التي تلعبها سلطة الاحتلال وتوابعها من الاداريين المحليين ، فكيف يتحمل مسؤولية ان يقف في صف الفقاهة العادلة ليحدد للناس ما هو صحيح وما هو خطأ من سلوكيات دينية ..!؟
ان الملاحظ من تدخلات السستاني ، التي اقتصرت على مجرد دعوة الاطراف المتنازعة على التخلي من ممارسة العنف واللجوء للحلول السلمية ، وهو يساوي في هذه الدعوات بين ابن البلد الذي يقاوم الاحتلال ، وقوة الاحتلال ، وكانهما يمتلكان نفس الحق في التواجد على ارض العراق . ففي نداءاته تختفي صورة الظالم والمظلوم ، وتتساوى اطراف النزاع . ولا يدري الانسان كيف يمكن ان يغفل المرجع ، وهو يمتلك ادوات المعرفة التي تمكنه من استنباط الاحكام السليمة التي تمكنه من الاقتراب من الحكم العقلاني ، او الموضوعي في مختلف مناحي المعرفة وفي مختلف الشؤون الدنيوية . كيف اذا يعجز عن ادراك من هو الظالم ومن هو المظلوم في الصراع الدائر بين مختلف قطاعات الشعب وقوى الاحتلال في العراق . انه لاشك موقف مقصود ، ومدرك تماما من قبله .