المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرجعية الشيعية و السياسة في العراق (دراسة للدكتور موسي الحسيني (الجزء الثاني)



الدكتور عادل رضا
08-22-2004, 02:41 PM
اذا كان فقهائنا لايعرفون معنى ما يجري لحد الان فهم اعجز من ان يكونوا مراجعا قادرة على استنباط الحكم السليم على الامور عامة ، اما اذا كانوا يعرفون ويدركون معنى ما يجري ، ومع ذلك يلوذوا بالصمت بحجة التقية او الالتزام بعدم التدخل بالسياسة ، سيصل الانسان في مثل هذا الحالة لاحكام قاسية عليهم ، فالموقف السليم من الاحتلال والمجازر التي يرتكبها بحق العراقيين ، ليس فقط واجبا دينيا او وطنيا بل هو موقف تفرضه الخصائص والقيم الانسانية الاخلاقية التي علمنا عليها نبينا وآل بيته . بعد ان حصل في العراق كل ما يستفز المشاعر الانسانية ، من نهب للبلد – وتلك اموال عامة للمسلمين - ، اعتداء على مقدساته ، دوس لكرامة الانسان المسلم ، اغتصاب لنساء المسلمين واعتداءات جنسية على رجالهم . واخرها انتهاك المدن المقدسة ، كل ذلك والمرجع السستاني يهدد بانه سوف لن يسكت اذا تجاوزت قوات الاحتلال الخطوط الحمر . انتهك الاميركان كل الحرمات في المدينة المقدسة النجف كما في كربلاء ، ولا نريد ان نتكلم عن سامراء التي الغت التقية وغياب العدل ومغالبة الهوى قدسيتها . ان قدسية كربلاء او النجف لم تاتي من اقامة المرجع كما هي الفاتيكان بل من خلال وجود مراقد الائمة فيها ، ونفس المعيار ينطبق على سامراء ، وسكانها مسلمين ايضا وان اختلفوا بالمذهب . وتتميز سامراء كما هي الكاظمية بان فيها مرقدين وليس واحد ، اضافة لاخر مسكن اقام به الامام الثاني عشر ، وسجل غيابه ، وهو عند الشيعة يساوي في قدسيته مراقد الائمة . مع ذلك ظلت كل هذه المقدسات المنتهكة دون حد الخطوط الحمر ، التي تفهم على انها منزل السستاني واموله الخاصة التي يبدو انها اقدس ما لديه في الدنيا . نحن هنا امام حالة مرضية من " الانا المضخمة " التي تختزل كل القيم الاخلاقية والدينية من خلال رغبات الذات المبتلاة باناها المريضة .
ان التدقيق في سلوكيات المرجع السستاني تشير بوضوح او بمعانيها السياسية ، والكاتب مختص بالسياسة كما السستاني مختص بالفقه ، انه لم يلتزم فعلا بمبدا البعد عن الساسة ، بل تدخل كثيرا ولكن تدخلاته تصب جميعها في المحصلة النهائية لصالح قوات الاحتلال وفي خدمتها :
1: بدءً بدعوته للانتخابات التي الغاها بنفس الديباجة التي طرحها للمطالبة بأجرائها عندما ربطها بارادة الامم المتحدة وليس بارادته كمرجع ولا بارادة الشعب وغالبيته من المسلمين . وكما ذكرنا في الجزء الاول اصبح المطلب اداة بيد قوى الاحتلال لتبرر به هروبها من الخضوع لمطالبة الشعب باجراء الانتخابات ، وعملت مناورة السيد هذه على امتصاص النقمة الشعبية ضد تهرب سلطة الاحتلال من العمل على اجراء الانتخابات . تكررت اللعبة نفسها في الموقف من ما عرف ب " قانون الولة العراقية للمرحلة الانتقالية " فبدلا من ان يتخذ السيد السستاني موقف الفقيه ويفتي ببطلان القانون الذي كشف عن معارضته له ، اكتفى بارسال برقية استنكار وشكوى للامين العام للامم المتحدة يطالب بعدم تاييد القانون والامتناع عن تشريع القرارات التي تثيت العمل به . وكان السيد لايعرف ان ادوار الامم المتحدة تحولت من منظمة دولية للتحكيم بين الدول وضبط سلوك الدول تجاه بعضها من خلال الطرق السلمية وبالخضوع للقوانين والاعراف الدولية الى مجرد منظمة لتبرير وشرعنة الهيمنة الاميركية على العالم ، أولم يعرف السيد ان نفس مجلس الامن الذي رفض العدوان على العراق شرعن هذا العدوان باقرار الاحتلال ، وان استعمال مصطلح الاحتلال كان التفافا على القوانين الدولية التي تحرم الاستعمار ، فتم التلاعب بالمصطلحات لشرعنة استعمار همجي . ومع ذلك تم اقرار القانون وعمل به ، وبدى اعتراض السيد وكان الغاية منه امتصاص النقمة . تحاشا السستاني ، هنا ، دور الفقيه حيال القانون واعتمد دور السياسي المناور الطامح لكسب رضى جميع الفرقاء على اختلاف توجهاتهم ومواقفهم .فهو يظهر امام الشعب بمظهر المدافع عن حقه الرافض للظلم الواقع عليه ، وهو يرضي سلطة الاحتلال لانه يعرض رائياً ولا يرفض ، او يحرم ، وهو بالتالي يعرض انضباطاً ينقله للتعايش لعصر العولمة بعد ان ظل الاخرين يتشبثون بقيم ما قبل الحداثة والعولمة . أي أنه مارس بذلك حقه وفقا للقيم الديمقراطية لا الدينية التي تفرضها واجبات المرجعية ، وهو يكسب ايضا جميع المتأسلمين المشاركين بما يسمى بمجلس الحكم ممن يظهرون له الولاء ، الذين كان يمكن ومن خلال الفتوى ان يجبروا على الاستقالة او ان يصروا على فرض رايهم بتغير القانون الذي اقر السيد عبد العزيز الحكيم – عضو مجلس الحكم – كما هو الجلبي ايضا ، بأنه فُرض عليهم فرضا وانهم استلموه صيغة جاهزة وردتهم من اميركا دون ان يكون لعراقيا دورفي كتابته او اقتراح بعض من فقراته .
انه ، بلا بما لايقبل الشك ، موقف سياسي مناور متآمر وليس فقيه يحسب حسابات تقوى الله والخوف منه ، فيغالب هواه ..!؟
لانعتقد ان ذاكرة السستاني ضعيفة او ضيقة الحدود بهذا الشكل . كان بامكانه ان لم يجد في رسالة الخوئي _ وهو كما قلنا كان مقلداً له واجتهاده كان يتوقف اساساً على شهادة الخوئي له بالاجتهاد - يمكنه ان يتذكر موقف الميرزا محمد حسن الشيرازي من قضية التنباك ، الذي لم يتدخل بالسياسة ويحرم الاتفاقية بل حرم تدخين التنباك ، ليسقط بذلك اتفاقية اعطاء امتياز زراعة التنباك وتوزيعه لشركة بريطانية . او موقف فقهاء ومراجع النجف من موضوع المشروطة ، ولغتهم الصريحة في تاييد قوانين مجلس الشورى . ولانعتقد ان السستاني لايدرك ، وهو يدعي القدرة على استنباطالاحكام الشرعية ، ان دوره ووظيفته او التكليف الشرعي المناط به ، هو ان يفتي بتحريم التعامل مع حكومة او ادارة تتعامل بهذا القانون ، وذلك يكفي لعزل سلطة الاحتلال ويحرج المتعاملين معها .، اما الشكوى للامم المتحدة فهذا من مهمات السياسين وليس الفقهاء ..

.
2: بعد التفجيرات الاجرامية التي حصلت في 10 عاشوراء في كل من كربلاء والكاظمية ، ورغم وضوح بصمات قوات الاحتلال وعملاء الصهيونية عليها ، التي حاولت ان تغطي جريمتها بنسبتها لشخصية وهمية قادمة من خارج العراق ، تلك الشخصية التي اذا كانت موجودة فعلا لابد انها تعمل بالتنسيق والاتفاق الكلي مع الصهيونية والاحتلال ، مع ذلك يسارع السيد لتبرأت الفاعل الحقيقي ويصدر فتوى بتحريم الدخول الغير شرعي للعراق من المنافذ التي لاتخضع لسيطرة قوات الاحتلال ، مرددا بذلك ما تقوله وسائل الاعلام الغربية وقوى الاحتلال وعملاءها ، واعطاء قوات الاحتلال شرعية مسك الحدود العراقية لمنع المقاتلين العرب من المجئ للوقوف بجانب اخوانهم العراقيين .
3 :افتعلت قوات الاحتلال الاعذار لتصعيد المعركة مع التيار الصدري ، أغلقت جريدة الحوزة ، وتطلق النار على المظاهرات السلمية التي انطلقت من مدينة الصدر ، وحالما أعلن السيد مقتدى الصدر تاييده لحماس وحزب الله يوم الجمعة / / فاجئت سلطة الاحتلال العالم في ظهر اليوم التالي لتعلن صدور قرار اتهام باطل بحق السيد مقتدى الصدر وتطالبه بتسليم نفسه او المبادرة بقتله بحجة مساعدة القضاء العراقي على تطبيق القانون ، والامر صادر من نفس القاضي الذي تتهمه سلطة الاحتلال الان بالقتل واستغلال موقعه لتحقيق ارباح تجارية واقتصادية . وهاجمت القوات الاميركية مدينة النجف وتتعرض احدى منائر حضرة الامام لاطلاق النار ، والسيد ساكت يهدد بعدم تجاوز الخطوط الحمراء ، ثم يفاجئ العالم بمطلبه الغريب بدعوة المقاتلين للخروج من المدينة ، اي انه يريد من ابناء المدينة ان يتركوا منازلهم ليدخلها المحتل بامان وسلام . بحجة الحفاظ على حرمة المدينة .
لايدري الانسان ما الذي بقي من الخطوط الحمر ما لم تدوسه جزمات تحالف الصهيونية العالمية مع اليمين المتطرف ، سوى منزل السيد السستاني نفسه . كما لايدري الانسان هل هذه العدالة والتقوى المفروض توفرها في المرجع ، ان يختزل كل الحرمات بمنزله هو وبوجوده هو ..!؟
4 : صمت السيد السستاني عن المطالبة باقامة الحد على مرتكبي جرائم ابو غريب ، مع انها وقعت على ارض اسلامية ضد نساء ورجال من المسلمين بدون حق او جريمة تذكر بدليل اطلاق سراح المعتدى عليهم . والصمت بالنسبة لمن هو بموقع السيد السستاني يعني اما القبول او الاستهانة بالامر ، وفي كلتا الحالتين يمثل ذلك مساس بدور المرجعية ، ووظيفة الفقيه .
يبرر أحد عناصر حاشية السستاني ، الذي كتب تحت اسم ابو ولاء مقالا على شبكة اخبار النجف الاشرف تحت عنوان" فتوى الاجتهاد " ، يوضح بها الاسباب التي تمنع السيد السستاني من الافتاء بالجهاد ضد الاحتلال ، وهو يدرك جيدا ان جريمة ابو غريب وحدها كافية لان تدفع الفقيه الملتزم بخط الائمة المعصومين لان ينتفض ويثور ، ولا يكتفي بالافتاء فقط . لذلك يضطر الكاتب التلاعب بالعبارات ليبرر للاميركان ممارستهم التعذيب في سجن ابو غريب ، ليصل بالتالي لايجاد المخارج لهذا الصمت الذي تتعمده المرجعية ، ننقل هنا بعض الاجزاء المطولة لهذه التبريرات ، ليكتشف القارئ كيف ان مرجعية عصر العولمة تحسب حساباتها على اسس لادخل لها بالشرع والشريعة التي يسميها الكاتب " عناصر غيبية " حيث يقول مبررا امتناع السستاني عن الجهاد " بعيداً عن العناصر الغيبية بل أنطلاقاً من الواقع الميدانية ، القائد يجب ان ينظر بواقع ميداني لابعنصر غيبي "
ثم يناقش الكاتب مساؤي الاحتلال ، ومأساة ابو غريب منها فيقول : " وأقول لكم ما يعرفه العراقيون في الداخل ان الصورة التي تنقلها وسائل الاعلام العربية عن صورة الحال داخل العراق ووضع الشعب في ظل الاحتلال هي خلاف الصورة الواقعية ، وهذا لا يعني ان المحتل لم يمارس التعذيب المستنكر والمستهجن في حق المعتقلين في سجن ابو غريب بل مارس ومرفوض ولايمكن تقبله باي صورة من الصور ولكن ان تقدم الصورة الى العالم على ان ممارسات المحتل الاميركي هي ابشع من الممارسات الصدامية فهذا مرفوض تماما ولايقبل به كل من سالتهم من الاهل والاصدقاء من ابناء الشعب العراقي ...
زاسال سؤال واحد اتمنى ان اجد الاجابة عليه :
هل يستطيع احد صادق ان يقسم ان ما جرى في سجن ابو غريب من ممارسات لاتجري في الدول العربية او الشرق اوسطية بل الاسلامية بشكل متكرر . "
وهكذا يتم تزييف الحقائق لكي تقترب المرجعية في تقاعسها عن اداء دورها مقتربةً مما اعتبره الكاتب " الواقع الميداني " ، هروبا من الاحكام الشرعية التي اصبحت عند مرجعيات عصر العولمة تمثل " العناصر الغيبية " ، وفات اية الله ابو ولاء وسيده السستاني ان يشير الى شرط الاجماع كأحد مصادر التشريع عند الشيعة ، وشيوع التعذيب في الدول العربية والاسلامية والشرق اوسطيه يحقق هذا الشرط ، ويبرر للفقيه ان يجوزه من خلال السكوت عليه . اما تقديم الكاتب لشرط القول بان ما جرى من الممارسات الصدامية هو ابشع من الممارسات الاميركية كي تقر المرجعية ببشاعة ممارسات قوة الاحتلال . ولايدري الانسان لماذا لم تتصدى المرجعية لممارسات صدام ولماذا لزمت الصمت ، اليس في هذا ما يدينها على التقاعس عن اداء دورها مرتين ، مرة في زمن الدكتاتورية واخرى في زمن الاحتلال ، اي انها مرجعية فاشلة في اداء ادوارها في كل العصور والعهود ، ولاتجيد الا جباية الاموال ، تحقيقا لزينتي الحياةالدنيا " المال والبنون "
اين شراءط المرجع العادل ، المغالب لهواه ، الحريص على مرضاة مولاه ، ونذكره ان المولى المقصود هنا هو الله عز وجل ، وليس قوى الاحتلال .