المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الضغط النفسي... تعرّف إليه واهزمه



جون
04-22-2009, 04:01 PM
العوامل المسببة للضغط النفسي كثيرة ومتنوّعة، ومشاكل الحياة تكون غالباً صعبة الاحتمال. لكن ما هو تحديداً مصدر الضغط النفسي؟ وكيف يمكن إيجاد الأسلحة المناسبة للحماية من «مرض العصر»؟

ليس الضغط النفسي داءً بل رداً جسديّاً ونفسيّاً نتعرّض له كلما سعينا إلى التأقلم مع الظروف المستجدة.

متلازمة التكيّف

أول من تحدث عن الضغط النفسي باحث هنغاري يدعى هانس سيلي، بعد قيامه بأبحاث عن متلازمة التكيّف أو التأقلم. ولاحظ سيلي أن الحيوان والإنسان، عند التعرّض لضغط نفسي، يمران بثلاث مراحل:

- مرحلة التنبّه.

- مرحلة الاعتياد أو التحمّل.

- مرحلة الانهيار.

وكما كتب العالم شارل داروين «الأجناس التي ستتمكن من البقاء لن تكون لا الأقوى ولا الأذكى، بل تلك التي تكون قد تمكنت من التكيف مع محيطها».

أسبابه

جدال، عطل في السيارة، ازدحام السير، علاقات أسرية وعاطفية متوترة، خلافات في العمل، سباق إلى الفوز... في هذه الحال لا نتحدث عن الضغط النفسي بل عن مسبباته. الضغط النفسي أو رد الفعل هذا عبارة عن مجموعة عوارض جسدية ونفسية تحصل داخلنا نتيجة لسبب معين. من المنطلق نفسه، فإن عدم القدرة على النوم جيداً، القلق، التوتر، المشاكل الهضمية، التدخين المفرط... وغيرها عواقب الضغط النفسي.

وجوهه

تغطي عبارة «الضغط النفسي» أموراً متعددة:

- مصادر الضغط النفسي.

- رد الفعل على الأمور التي تسببه.

- عواقبه على المدى الطويل.

عدم السيطرة على الضغط النفسي بشكل جيد، تمثل لاحقاً عامل خطر كبير ومصدراً لعدد من المشاكل الجسدية والنفسية، تنعكس من خلال مجموعة من الإشارات:

- إشارات فيزيولوجية: شعور مزعج بالتوتر ثم بالتعب؛ تسارع وتيرة نبضات القلب، ارتفاع ضغط الدم، زيادة توتر العضلات، تباطؤ الوظائف الهضمية...

- ... سلوكية: يؤدي الضغط النفسي إلى القيام بتصرفات «عفوية تلقائية» تدل على العدوانية والغضب. بحسب شخصية المرء ووضعه، يمكن للضغط النفسي أن يشل التصرفات الفردية، يسرعها أو يجعلها غير منظمة. إذ تشعر بأنك متوتر، وبحسب مزاجك تعكس ما تعاني منه إلى الخارج أو تحاول كبته.

- ... نفسيّة: يشعر المصاب بضغط نفسي بالانزعاج من البيئة التي تحيط به. فيميل عموماً إلى تفسير الأحداث، التركيز على المشكلة وتضخيم العواقب التي تتأتى عنها.

- ... عاطفية: يترافق الضغط النفسي غالباً مع ظهور بعض المشاعر العدوانية: غضب، كره، حقد، نفور، وقلق.

مراحله

تتطور الاشارات المذكورة سابقاً على ثلاث مراحل:

- مرحلة التنبه: يحشد المرء قدراته لمواجهة الضغط النفسي.

- المقاومة: إذا استمرت مسببات الضغط النفسي بوتيرة أشد ولوقت طويل.

- الانهيار: تنهار قدرات المرء ولا يعود قادراً على المقاومة بشكل فاعل، فتظهر عندئذٍ عواقب الضغط النفسي.

على رغم من وجود أفكار كثيرة مسبقة، يمكننا القول إن الضغط النفسي ليس عبارة عن شعور بالانزعاج فحسب، بل رد فعل بيولوجي حقيقي يبدأ في مواجهة حدث جسدي أو نفسي. والواقع أنه في المرحلة الأولى لدى التعرّض لمسبب الضغط النفسي، يرد جسدنا من خلال إفراز هرمون الأدرينالين الذي سيساعده على التأقلم، كذلك تزيد وتيرة ضربات القلب للتمكن من إيصال الأوكسيجين بشكل أفضل إلى العضلات والأنسجة، ويفرز الكبد السكر للتأقلم مع الكمية التي استنفدت من الأخير. في بعض الحالات يمكن للضغط النفسي أن يكون عاملاً محفزاً، كل شيء يعتمد على الطريقة التي نتحكم فيها به.

مواجهته

من بين عوارض الضغط النفسي الأبرز: الإرهاق، الغضب، النعاس، وحتى الاكتئاب. ومن هنا ضرورة عدم غض الطرف عن هذا الأمر واتخاذ الخطوات اللازمة فوراً لمعالجة المشكلة. ما من وصفة سحريّة، إليكم بعض الأساليب التي ثبتت فاعليتها:

- ضعوا مسافة بينكم وبين الأحداث التي تشغل بالكم بغية ايجاد حل لمشاكلكم.

- تعلموا كيفية تحليل النزاعات: كي تستخلصوا منها كل ما هو إيجابي، كونوا منطقيين، ثقوا بأنفسكم، اختاروا ما يلائمكم إلى أقصى حد، واستخلصوا العبر من فشلكم، فبهذه الطريقة فحسب تتقدمون.

- الجأوا إلى الاسترخاء: استلقوا أو اجلسوا، أريحوا عضلاتكم قوموا بعمليتي الشهيق والزفير ببطء وعمق، أغمضوا أعينكم، واتركوا أفكاركم تسبح في مكان بعيد. حاولوا تخيل صور ممتعة: حقل من الخزامى، شاطئ، جبل... ركزوا على هذه الصورة وتخلصوا من أي تفكير آخر.

- مارسوا الرياضة: تساعدكم الرياضة في التفريج عن الضغوط التي تتعرضون لها والمشاعر السلبية التي تراودكم وتكبتونها. بالإضافة إلى أن للنشاط الجسدي دور مهدئ بفضل مركبات ينتجها الدماغ تدعى «الأندورفين». ويُشار إلى أن الرياضة بجميع أنواعها مفيدة، خصوصاً في ما يتعلق بالتخفيف من الضغط النفسي.

- احرصوا على عدم كبت الضغوط داخلكم. لا تسمحوا للمشاعر السلبية بأن تتملككم. رفهوا عن أنفسكم من الناحية الجسديّة والنفسيّة واستمتعوا من دون أن تنسوا الضحك. فلا شيء أفضل منه لمساعدتكم في نسيان مشاغلكم ومشاكلكم.

بالأرقام

يخضع أكثر من 25 % من العمال الفرنسيين لضغط نفسي كبير في العمل. والأكثر عرضة لهذا الشعور العمال الأكبر سناً: 22 % فقط من الشباب يجدون أن عملهم يفرض عليهم بعض الضغط النفسي، فيما يشعر 32 % من الذين تخطوا الـ45 والـ 40 أنهم يرزحون تحت عبء توتر يومي، خصوصاً الذين يعملون منذ سنوات كثيرة، والذين يعملون في مجال المبيعات أو قسم خدمة المستهلك (ويرى 36 % من الذين شملتهم الاحصاءات أنهم يتعرضون لضغط نفسي كبير).

معدل الضغط النفسي في مراكز العمل في فرنسا يتماشى مع المعدل المتوسط في أوروبا أي 27 %. في المقابل، يظهر الضغط النفسي في العمل إلى أقصى حد في سويسرا والسويد (33 %) تليهما النروج (31 %). وسجلت المستويات الدنيا من الضغط النفسي في هولندا (16 %) وأسبانيا (19 %) وبريطانيا (20 %).

اكتئاب

تستعمل كلمة «اكتئاب» بشكل خاطئ غالباً لوصف أي نوع من الحزن والتعاسة أو السوداوية. غير أن الاكتئاب يعني مرضاً حقيقياً ينبغي ألا يُهمل وليس نوعاً من ضعف الشخصية.

يُعرف الطب الاكتئاب بدقة، ويأخذ بعين الاعتبار عامل المدة: ينبغي أن تستمر العوارض أكثر من 15 يوماً، وأن تترافق مع عوارض محددة:

• شعور عميق بالتعاسة من دون مبرر أو سبب واضح أو حتى عدم تماشي حجم التعاسة مع الأسباب المذكورة، ما يؤدي إلى البكاء، وربما إلى الانتحار أحياناً.

• تباطؤ في الوظائف الفكرية والجسدية: شعور بفتور الهمّة، فقدان القدرة على التركيز، إرهاق كبير...

• فقدان الثقة بالنفس.

• تترافق مع هذه العوارض اضطرابات متعددة، عصبية، توتر، قلق كبير، تغيرات كثيرة في الوزن.