المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهجمة المصرية وذنب نصرالله



زهير
04-21-2009, 12:01 PM
خضر سلامة - باريس


إتسمت العلاقات المصرية الرسمية مع حزب الله قبل العام 2000 بالكثير من البرود الحيادي على قاعدة " ألله يسعدو ويبعدو " في تلك الفترة كانت الصحافة القومية المصرية أي الرسمية تشير إلى الأعمال الحربية للمقاومة فقط في المناسبات الهامة لناحية تنفيذ عملية نوعية مثلا. ولم تتعرض حينها المقاومة اللبنانية أو حزب الله لأي هجمات أو إنتقادات مصرية بشكل مباشر ومحدد. لا على المستوى الإعلامي، ولا على مستوى المسؤولين السياسيين اللهم إلا في سياق التصريحات المصرية العامة " عن الجهات المتطرفة التي تعمل على ضرب العملية السلمية " .

في تلك الفترة (1990- 2000) لم يكن الوضع اللبناني يسمح لأي نفوذ مصري مباشر بالتواجد في بلاد الأرز، فالتواجد السوري المباشر كان طاغيا والعلاقات المصرية السورية كانت جيدة لدرجة تمنع القاهرة من محاولة لبناء مواقع نفوذ لبنانية .

ذلك التواضع المصري في التعامل مع حزب الله ومع لبنان المقاوم لم يمنع الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل من الإستفادة المستترة من التواجد التاريخي للإستخبارات المصرية في بلد التناقضات والمفارقات.

ليس هناك سياسي لبناني من الصف الأول يجهل بأن المخابرات المصرية كان لها شبكات مخابراتية في لبنان (ولا يزال) يعود تاريخ تعاون بعض رؤوسها مع المصريين إلى العهد الناصري، وذلك أمر مفهوم ومقبول ربما . فمصر دولة كبيرة لها مصالحها ولها إهتمامتها الأمنية ولها جالية في لبنان لا يستهان بأعدادها ومن حق نظامها نظريا متابعة شؤون مواطنيه ولو لناحية جمع المعلومات عنهم وحولهم (غير محدد لأنه غالبيتهم غير مسجلين في دوائر الأمن العام اللبناني لأنهم متسللون ولكن التقديرات المتواضعة للمصريين العاملين في لبنان تتحدث عن أنهم يشكلون الجالية العربية الأكبر بعد العمال السوريين )

على أن العام 1993 شهد تطورا في النظرة المصرية الأمنية إلى لبنان، في تلك السنة تحدثت مصادر سياسية وصحافية لبنانية رسمية ومصرية (ديبلوماسية ) وأخرى مقربة من المقاومة عن توسع في العمل الأمني المصري وهو أمر تزامن مع العدوان الإسرائيلي على لبنان في ذلك العام .
في تلك السنة أكدت مصادر صحافية وشعبية داعمة للمقاومة بأن بعض العناصر المصرية إعتقلت من قبل المقاومة وهي تتجسس لمصلحة الجهد الحربي الصهيوني وقيل بأن تلك العناصر المصرية أدلت بإعترافات كاملة عن مشغليها الرسميين من ضباط المخابرات العامة المصرية المقيمين في لبنان بصفة عمال أحيانا وبصفة ديبلوماسيين في أحيان أخرى .

السادة في المقاومة وحزب الله لم يسارعوا إلى الإعلان عن الأمر وفضلوا التستر على الفضائح المصرية معللين السكوت بأن الإعلان مضر بمعنويات الشعب المصري ولن يهز النظام الذي يفاخر بعلاقاته مع إسرائيل .

في العام 1996 تكرر الأمر وتكرر السكوت وفي العام 1998 أذهل أحد الديبلوماسيين المصريين الشرفاء أحد أصدقائه اللبنانيين حين طلب منه نقل معلومات خطيرة عن نشاط الإستخبارات المصرية للمقاومة اللبنانية وفيها :

إن الإستخبارات المصرية تدير أعمالا أمنية موجهة ضد قيادة حزب الله وضد مسؤولي المقاومة العسكريين والأمنيين عبر مسؤولها العام في لبنان و الذي كان يشغل منصب علنيا هو القنصل العام في السفارة (يومها ) وأن المخابرات المصرية تجري مسحا شاملا عبر عملائها وبالتعاون مع المخابرات الأميركية والإسرائيلية والأردنية والسعودية لكل المناطق التي للمقاومة تواجد فيها . الرجل حدد بالإسم والصفة بعضا من ضباط الإستخبارات المصرية العاملين ضد المقاومة في بيروت وأعلن لصديقه اللبناني عن غرفة عمليات مشتركة بين المصريين والإسرائيليين والأميركيين

والسعوديين والأردنيين إقيمت بغرض تنسيق التعاون الأمني بين تلك الأجهزة في لبنان والمحدد الهدف بالعمل ضد المقاومة ولصالح إسرائيل ( وهل لمصر مثلا مصلحة مباشرة في التجسس على حزب الله وضرب أهدافه السرية أو هل لها مصلحة في إغتيال مسؤوليه ؟ )

المسؤول الديبلوماسي المصري كان يشغل منصب المستشار لإحدى هيئات السفارة ولم يكن الرجل خائنا لسلطات بلاده بل كان خائفا على مقاومة عربية تعمل أجهزة عربية على ضربها لمصلحة إسرائيل . واحدة من أساليب نقل المعلومات وتبادلها بين المصريين وغرفة العمليات الأميركية الإسرائيلية في عوكر حيث مقر السفارة الأميركية وبين عملائهم على الأرض والتي كشفها الديبلوماسي المصري لصديقه كانت رجل أمن مصري برتبة مقدم مقيم في الضاحية الجنوبية على مقربة من مقر مجلس شورى الحزب في حارة حريك . وقد شارك الرجل في عمليات رصد كادت تودي بحياة قادة في حزب الله وإكتشف الحزب تلك النشاطات وإعتقل رجل الأمن المصري وحقق معه ثم تركه حرا على أبواب مطار بيروت حتى لا يثير أزمة مع المصريين.

بعد العام الفين وخمسة وغداة الخروج السوري من لبنان لعبت المخابرات المصرية دورا رائدا في دعم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وكذلك أرست دعائم تعاون أمني كبير بين المخابرات المصرية وبين تيار المستقبل الذي يرأسه الشيخ سعد الدين الحريري.

معظم أعمال المراقبة الأمنية لطرقات لبنان وبين سوريا والبقاع وبيروت وبين بيروت والضاحية الجنوبية والجنوب ، معظم أعمال المراقبة لرصد تحركات الشاحنات التابعة لحزب الله والتي تمده بالسلاح في جبهات الجنوب قبل حرب تموز كانت أعمال مراقبتها ورصدها وملاحقتها لكشف المخازن السرية لأسلحة المقاومة قامت بها سيارات مموهة ومزودة بأجهزة كشف الكتروني عن المعادن والمتفجرات يقودها رجال المخابرات المصرية الذي أرسلهم النظام لدعم نظام السنيورة – حريري الموالي للأميركيين في لبنان.

التحضيرات الأمنية الرسمية التي جهز لها تيار الحريري – السنيورة لضرب المعارضة وحزب الله طوال فترة الحرب الإسرائيلية على لبنان في العام 2006 بإنتظار هزيمة حزب الله أمام إسرائيل جرت بتخطيط وتنفيذ وإدارة ضباط المخابرات المصرية .

في العام 2008 وفي السابع من أيار بالتحديد دخلت قوى ميليشاوية من المعارضة اللبنانية إلى مكاتب الإستخبارات المصرية في بيروت وفي مناطق سيطرة الحريري – سنيورة وإعتقلت المقاومة اللبنانية عددا من الضباط المصريين في تلك الأحداث التي أدت إلى سيطرة المعارضة على كافة أحياء بيروت الغربية (الأحياء الإسلامية) .

ذنب حزب الله الذي لا يغتفر هو أنه لم يعاقب النظام المصري على تدخله في لبنان (ونفس الأمر حدث مع المخابرات الأردنية ) إذ أن حزب الله إكتفى بطرد المخابراتيين المصريين والأردنيين بكل لباقة وعبر المنافذ الحدودية وبدون أي تحقيق معهم اللهم إلا مصادرة المعدات والأجهزة والملفات التي كانت بحوزتهم .

المعلومات الصحافية تحدثت بعد السابع من أيار 2008 عن مئات المواطنين المصريين والأردنيين الذين عبروا بحافلات وبسيارات الحدود اللبنانية السورية في طريقهم إلى الأردن وبطريقة منسقة مع سفارات بلادهم . ليعود الأمر ويتبين للصحافيين الذين تمنعوا عن النشر بطلب وتمني معارض لكي لا تحرج المعارضة اللبنانية الدولتين . لقد نسقت سفارات مصر والأردن ترحيل ضباط الأمن من بيروت لا المواطنين.

على شاشة الأل بي سي كان يمر فيلم دعائي لرجل خسر كل أسنانه الأمامية ليعلق على كلم فتاة حسناء تحدثه عن فوائد مضمضمة الفم بمطهر لسترين الذي يحمي الِأسنان . الرجل يضحك في نهاية الفيلم فتبان واجهة فمه التي بلا أسنان وفيها بعض البقاية المسوسة والسوداء اللون ويقول : أيه هلق جايي تحكيني عن لسترين ؟

حزب الله في أزمته الحالية مع مصر يحق عليه القول : بعد أن إعتقلتم المخابراتيين المصريين المتدخلين في الشؤون اللبنانية ولم تعلنوا عنهم وتسترتم على أفعالهم ....أيه هلق جايين تردوا على إعتقال رجلكم في مصر ؟

منقول عن صحيفة الراي الكويتية