المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من كتب السيد الحسني دام ظله



جاسم البصري
04-19-2009, 08:23 PM
تقليد المعصوم وغير المعصوم
ظهرت حالة غريبة وهي ان الأعلم لا يعرف إلا بعد وفاته وبماذا يفيد ذلك لانه قد فارق الحياة وغادر الدنيا والقاعدة تنص على اتباع اعلم الاحياء لوجود المصلحة في ذلك وانه يرى المصلحة لتطور الزمن ويقدر الظرف فبماذا يفيد تقليد الأعلم المتوفي والزمن في تطور سريع ولو كان جائز تقليد المتوفي لكان الاصح والافضل مطلقاً البقاء على تقليد المعصوم (عليه السلام) وليس من هو اقل منه بكثير جداً وهو الغير معصوم , اذن التقليد يجب لأعلم الاحياء حتى وان لم يكن اعلم من الميت وذلك لاتحاد رأي الأمة خلف رجل واحد ولاتفاق على رأي واحد والتسديد الإلهي لا يكون إلا للأعلم الحي فيما يدور والله العالم به .



ملكة الاستنباط
قام الفقهاء في المذهب الجعفري الشريف بسن كبرى للوصول إلى مرتبة الاجتهاد وهي ان الاجتهاد: هو ملكة استنباط الأحكام الشرعية من ادلتها التفصيلية وهي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة من أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) واجماع المسلمين والعقل فمن بلغ رتبة الاجتهاد أصبح ذا ملكة لاستنباط الحكم الشرعي يتعامل بها مع المستحدثات والأحكام التي لا يوجد فيها نص خاص يرجع بهذه الملكة ويوظفها فيما هو موجود من آيات شريفة وروايات عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وآل بيته(عليهم السلام) تخص هذا المورد يستطيع من خلالها ان يضع حكماً مناسباً وحسب ما يراه مبرئ للذمة لمن يعتقد باجتهاده واعلميته ومن لا يملك هذه الملكة لا يمكن ان يكون مجتهداً اطلاقاً إذن الكبرى في الاجتهاد هي وجود ملكة الاستنباط .


معرفة المجتهد
تعرف ملكة الاستنباط ويعرف من خلالها المجتهد وذلك من خلال بحث استدلالي فقهي يقوم بإصداره طالب العلم الذي شعر بامتلاكه الملكة يبين فيه رأيه في حكم احد المسائل الشرعية التي لا يوجد بها نص خاص , قد اختلف فيه بطريقة الاستدلال عليه عن باقي المراجع السابقين والمعاصرين له في هذا الحكم الذي اختص به البحث فيكون واجب من هو موجود من العلماء المتصدين للمرجعية المجتهدين اخذ هذا البحث وتدقيقه فان كان تاماً سلم به وثبت ان صاحبه مجتهد ودليله ذلك البحث الذي اصدره وقد سلم به من قبل باقي المجتهدين الموجودين , وان كان البحث غير تام يقوم المجتهدون بالطعن فيه فيثبت ان صاحبه غير مجتهد ولا يملك دليله على الاجتهاد أي انه لا يملك ملكة الاستنباط لان بحثه غير تام ومطعون به علمياً فعليه ان يجد ويثابر في درسه واخلاصه لله سبحانه وتعالى كي يصل مرتبة الاجتهاد ويصدر بحث فقهي استدلالي جديد يكون تاماً وغير مطعون به وإلا فهو ليس مجتهد .



معرفة الأعلم
عندما يصل المجتهد إلى مرحلة يشعر بها انه الأعلم بالفقه والأصول من غيره من الأحياء تكون حجة بينه وبين الله سبحانه يقوم بإصدار رسالة عملية يتصدى بها للفتوى بقصد عمل غيره بها ويكون واجب الأعلم الحي المتصدي لدعواه ومناظرته علمياً لان المتصدي لو كان غير اعلم تكون هذه شبهة وواجب الحي الأعلم دفع هذه الشبهة عن الإسلام والمسلمين لان الجميع يفتون وهذا مدون في رسائلهم العملية وكتبهم الإستفتائية بان من ليس أهلا للمرجعية يحرم عليه الفتوى بقصد عمل غيره بها , أي ان من كان مجتهداً لكنه ليس باعلم الاحياء لا يجوز له اصدار أي فتوى لعمل العوام بها فضلاً عن اصدار رسالة وتصدي لمرجعية , وان لم يتمكن الأعلم من مناظرته وثبت ان المدعي للاعلمية هو اعلم منه فيجب عليه اتباع الأخير وان كان اقل منه سناً أو مركزاً أو جاهاً وليس الطعن بعلمه والسب والشتم وعلى اقل تقدير السكوت وترك الحرية للمكلف لاختيار مرجع التقليد.
ان الطعن والسب غير لائق اخلاقياً باهل العلم ولا بأي انسان عاقل فكيف الحال إذا صدر من يمثل اكبر الواجهات الإسلامية ويعتبرون مراجع التقليد وآباء روحانيين للمسلمين من ابناء المذهب الشريف والمفروض ان يكونون قمة في الاخلاق والورع والزهد والنصيحة والتضحية وإنهم لا ينطقون إلا بالحق ومن اجل عدم الاطالة عزيزي القارئ الكريم اقول :
ظهرت في السنوات المتاخرة من القرن العشرين مدرستان اصوليتان هن أعلى قمة في علم الأصول في العالم الاسلامي والمدرستان هن :

الأولى : المدرسة الأصولية القديمة والتي قام بتطويرها سماحة السيد الخوئي (قدس سره) وأصبح على قمتها وتتلمذ على يده العديد من الفقهاء شهدتهم الساحة الحوزوية في النجف الاشرف رحم الله منهم الاموات ودام عز الاحياء .

الثانية : وهي مدرسة علم التعميق والتجديد في علم الأصول التي اسسها وقام باعمارها سماحة السيد الشهيد الصدر (قدس سره) فكانت بالحقيقة هي اعلى مرتبة في العلم من المدرسة الأصولية التي جاء بها السيد الخوئي وذلك لاعتراف السيد الخوئي بذلك من خلال اجازته للمكلفين بتقليد السيد الشهيد الصدر في حياته فكان هذا تلويحاً واضحاً من السيد الخوئي بان مدرسة السيد الصدر (قدس سره) اعلى مرتبة بالعلم الاصولي من المدرسة الأصولية التي يدرسها وقام بتطويرها ولقد استمرت المنافسات العلمية بالفقه والأصول بين المدرستين الاصوليتين لطول تلك الفترة سجلت فيها عدة اشكالات مدونة في بحوثهم وكتبهم الاصولية فكانت الساحة الحوزوية في النجف الاشرف ساحة علمية حافلة بالمباريات العلمية وفي حياة السيد الشهيد الصدر الأول (قدس سره) وللاسف الشديد ضاع تحديد الأعلم وسلب حقه وبعد وفاته قالوا انه الأعلم وانه (عبقري العصر) وانه كان بالعلم كالجبل الشامخ والسيد الخوئي سهل منبسط أمام علمه الوافر وماذا يفيد ذلك ؟
المهم ان المنافسات العلمية بين الاصوليين لم تنهِ لكن بعد رحيل السيد الخوئي اختلفت هذه المنافسة لأنها في زمن حياته كانت منافسة بين مجتهدين كل منهم يمتلك الكبرى وهو البحث الاستدلالي الفقهي الخاص به التام الذي يؤيد امتلاكه ملكة الاستنباط فالتنافس بينهم مشروع لاعتقاد كل منهم برأيه لانه مجتهد واعتقد انه الأعلم , بعد وفاة السيد الخوئي ادعى الكثير الاجتهاد بدون حجة فهم اكثرهم لا يمتلكون الكبرى التي تدل على الاجتهاد كما ذكرنا لك ويدعي انه مجتهد والامر من ذلك يدعي انه الأعلم .