سمير
04-16-2009, 11:36 AM
2009 الأربعاء 15 أبريل
القدس العربي اللندنية
امريكا وبريطانيا لم تكونا مستعدتين لنتائج الحرب
ضمن تقييمها للتجربة البريطانية في جنوب العراق، واصلت صحيفة 'الغارديان' استطلاعاتها مع الجنود الذين شاركوا في الحرب ضمن تغطية مطولة مع تجاربهم وقراءة في تقييمات الاعلاميين والخبراء في علاقة بريطانيا التاريخية بالعراق.
وتشير تجارب الجنود الى ان رحلتهم وعملهم في صفوف الجيش لم تكن كما يحاول الجانب السياسي تصويرها وتشير تجارب الجنود ان المعارك التي اضطروا لمواجهتها مع ميليشيا جيش المهدي لم تكن تستحق كل هذه التضحيات.
وفي مشاركة رئيس تحرير 'القدس العربي' عبدالباري عطوان تحت عنوان ان 'الاطاحة بصدام حسين' كانت ممكنة بدون غزو العراق.
وناقش عطوان قائلا: ان غزو العراق كان خطأ كبيرا، فقد كانت هناك طرق لتغيير النظام في العراق دون اللجوء للحرب لان نتائجها كانت كارثية. وقدم قائمة بعدد الضحايا، مليون عراقي قتلوا بسببها وتدمير كامل البلاد فيما تم تغيير ميزان القوى في البلاد ادى لظهور ايران منتصرة من الحرب.
وقال عطوان ان صدام كان بالامكان الاطاحة به عبر انقلاب لانه كان في وضع ضعف فيما كان الشعب العراقي يعاني من الاجهاد بسبب الحصار ولهذا فمسألة غياب صدام عن الحكم كانت مسألة وقت. وتحدث عن تجربة البريطانيين في العراق واصفا اياها بالمخيبة للامل. ووجه الخيبة ان البريطانيين ذهبوا للعراق تحت ذريعة معرفتهم بالعراق وشعبه ولكن المناطق التي سيطروا عليها شهدت حالة من الفوضى نجمت عن غياب التخطيط. ووجه الكارثة البريطانية في العراق تنبع من ان البريطانيين لم يفهموا تعقيدات الوضع العراقي، القبلي والطائفي، وعوضا عن تشجيع القوى العلمانية سمحوا للقوى الطائفية تسنم السلطة.
وادى هذا الى حالة من الفساد التي دمرت الطبقة المتوسطة مما ادى الى اختفاء الاطباء والخبراء. ويتساءل قائلا ان البريطانيين والامريكيين معهم زعموا انهم ادخلوا الديمقراطية ولكن لمن؟ للميليشيات.
وبسبب المشاركة البريطانية في العراق تشوهت سمعة بريطانيا في العالمين العربي والاسلامي فيما تعرض امنها القومي للتهديد كما اظهرت تفجيرات 7/7. وختم قائلا ان الضرر كان عظيما، فمع ان الكثيرين نسوا الدور البريطاني في الكارثة الفلسطينية الا ان المشاركة البريطانية في غزو العراق اعادت للاذهان الامبريالية البريطانية وذكرياتها المرة.
وبنفس السياق قدم سير هيلاري سينوت، المنسق الاقليمي في جنوب العراق لما عرف سلطة التحالف الانتقالية. وخدم سينوت في الفترة ما بين 2003 - 2004 قراءة للتجربة قائلا: ان كلا من بريطانيا وامريكا لم تكونا جاهزتين لنتائج الحرب التي ادت الى انهيار نظام الحكم في العراق.
وقال انه بعد 12 عاما من الحصار كان على بريطانيا ان تتوقع الاسوأ. ويرى سينوت ان بريطانيا لم تقم بانشاء الية فاعلة للحكم في لندن كي تقوم بتوجيه وتنسيق الاحتياجات في جنوب العراق. وهذا الغياب اثر على حاجيات القوى المدنية العاملة في الميدان التي لم يكن لديها الا ما يكفي حاجتها اليومية، وحتى ما كان لديها لم يكن كافيا لتحقيق الاهداف مما ادى الى تدخل الجيش للقيام بمهام لم يكن مهيأ اصلا للقيام بها. ويلاحظ سينوت ان سوء تنسيق حصل بين الجيش والعاملين المدنيين والمصادر الانسانية.
وقال انه بسبب اعتماد البريطانيين ماليا ولوجيستيا على الامريكيين لم يكن من الحكمة ان يقترح القادة في الايام الاولى من الغزو انهم يحققون نتائج احسن في الجنوب مما حققه الامريكيون في العاصمة، بغداد.
وانتقد الاجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال في بغداد من ناحية عمليات الخصخصة والغاء كوبونات الطعام خاصة ان المجتمع كان يعتمد على دعم الدولة.
اما الباحث في العلوم السياسية في كلية كوين / جامعة لندن توبي دودج والباحث في الشأن العراقي فقد كتب قائلا ان كارثة العراق ودرسها قابل للتكرار.
وقال ان ما حدث في البصرة يجب ان يكون درسا لكل من يفكر في الغرب ان القوة قادرة على حل المشاكل السياسية طويلة المدى. وذكر دودج قراءه انه قام مع ستة من زملائه الباحثين بلقاء رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير في مقر الحكومة وفي محاولة عبثية لشرح الوضع وحجم المهمة التي كان يخطط القيام بها في العراق. وقال انه ناشد رئيس الوزراء في حينه قائلا ' هل انت جاهز لكي تلزم نفسك وحكومتك لمشروع بناء بلد يحتاج جيل كامل لانجازه' فاجاب بلير في حينه 'نعم' وبدون اي تردد
وكان هذا اللقاء في تشرين الثاني (نوفمبر). لكن بلير وقبل شهر من اعلان الغزو وقف في غلاسجو، في اليوم الذي خرج فيه مليون شخص للتظاهر احتجاجا على الحرب، وحاول بلير تبرير قراره غير الشعبي. وركز دودج على ما جاء في خطاب بلير ان حكومته يجب ان تكون ملتزمة بالمهمة الانسانية وهي اعمار العراق للعراقيين كما هي ملتزمة بالاطاحة بصدام حسين'. كما وذكر الكاتب بالاجتماع الثلاثي بين بلير وجورج بوش، الرئيس الامريكي، وخوسيه ماريا اثنار، رئيس الوزراء الاسباني، كلهم اصبحوا سابقين.
في ذلك المؤتمر اكد الثلاثة على التزامهم الطويل بدعم الشعب العراقي. ومن الساخر كما يقول الكاتب ان البريطانيين سلموا مهمامهم في جنوب العراق للامريكيين في اليوم الاول من شهر نيسان (ابريل) (يوم كذبة ابريل) على الرغم من التأكيدات المتكررة من بلير قبل الحرب. ويرى ان البريطانيين بنهاية الشهر القادم ايار(مايو) سيغادر الجنوب والبصرة تحديدا تاركا وراءه مدينة عاث فيها المسلحون تحت سمع وبصر الجيش البريطاني. وقال ان وضع البصرة الحالي حدث ليس بسبب البريطانيين ولكن بعملية لم يتم اخبارهم عنها.
ويعتبر الكاتب أن ادعاء الحكومة البريطانية أن البصرة أصبحت تنعم 'بمستقبل اقتصادي زاهر' لا علاقة له بالواقع إذ إن اقتصاد المدينة وحكومتها المحلية ونظام صرفها الصحي لا يزالان في حالة يرثى لها. ويضيف الكاتب أن ضعف القوات البريطانية واعتمادها على القوات الأمريكية جعلها تتبنى مقاربة ناعمة وتنخرط في محاولة التوسط بين أحزاب وميليشيات مختلفة، مستخدمة العنف والترهيب لإحكام قبضتها على السكان المحليين.
ويضيف أن القوات البريطانية كانت منذ بداية الغزو تفتقر إلى العدد المطلوب، إضافة إلى الموارد والدعم السياسي من الحكومة البريطانية لتنفيذ تعهدات بلير المتمثلة في مساعدة الدولة العراقية على تطبيق القانون وتلبية الحاجات الإنسانية للسكان. وكان وضع البصرة هو ما دعا الحكومة العراقية والامريكيين ارسال قوات عسكرية إلى هناك لإزالة الفوضى التي أدت إليها سياسة بلير، مضيفا أن الحكومة العراقية لم تكن راضية عن قرار البريطانيين التنازل عن المهمات الأمنية والسماح لأفراد الميليشيا والعصابات الإجرامية بالسيطرة على الوضع.
ويرى في نهاية مقاله ان الدرس المستفاد من مدينة البصرة هو أن القوات الأجنبية لا تستطيع أن تضطلع بدور بناء الأمم الأخرى، موضحا أن بناء قدرات الدولة والمؤسسات الحكومية القادرة على إنفاذ القانون وفرض النظام والانخراط في مشروعات تنموية وتحسين حياة الناس مهمة تحتاج إلى أجيال.
ويقول إن رؤية بلير عشية غزو العراق اتسمت بالتبسيط والغرور وذلك بسبب جهله بطبيعة البلد، مضيفا أن ما لم تستخلص النتائج من مدينة البصرة، فيمكن أن تتكرر المأساة خاصة ان البريطانيين لقبهم الامريكيون بـ 'المقترضون' لاعتمادهم الشديد على الامريكيين.
القدس العربي اللندنية
امريكا وبريطانيا لم تكونا مستعدتين لنتائج الحرب
ضمن تقييمها للتجربة البريطانية في جنوب العراق، واصلت صحيفة 'الغارديان' استطلاعاتها مع الجنود الذين شاركوا في الحرب ضمن تغطية مطولة مع تجاربهم وقراءة في تقييمات الاعلاميين والخبراء في علاقة بريطانيا التاريخية بالعراق.
وتشير تجارب الجنود الى ان رحلتهم وعملهم في صفوف الجيش لم تكن كما يحاول الجانب السياسي تصويرها وتشير تجارب الجنود ان المعارك التي اضطروا لمواجهتها مع ميليشيا جيش المهدي لم تكن تستحق كل هذه التضحيات.
وفي مشاركة رئيس تحرير 'القدس العربي' عبدالباري عطوان تحت عنوان ان 'الاطاحة بصدام حسين' كانت ممكنة بدون غزو العراق.
وناقش عطوان قائلا: ان غزو العراق كان خطأ كبيرا، فقد كانت هناك طرق لتغيير النظام في العراق دون اللجوء للحرب لان نتائجها كانت كارثية. وقدم قائمة بعدد الضحايا، مليون عراقي قتلوا بسببها وتدمير كامل البلاد فيما تم تغيير ميزان القوى في البلاد ادى لظهور ايران منتصرة من الحرب.
وقال عطوان ان صدام كان بالامكان الاطاحة به عبر انقلاب لانه كان في وضع ضعف فيما كان الشعب العراقي يعاني من الاجهاد بسبب الحصار ولهذا فمسألة غياب صدام عن الحكم كانت مسألة وقت. وتحدث عن تجربة البريطانيين في العراق واصفا اياها بالمخيبة للامل. ووجه الخيبة ان البريطانيين ذهبوا للعراق تحت ذريعة معرفتهم بالعراق وشعبه ولكن المناطق التي سيطروا عليها شهدت حالة من الفوضى نجمت عن غياب التخطيط. ووجه الكارثة البريطانية في العراق تنبع من ان البريطانيين لم يفهموا تعقيدات الوضع العراقي، القبلي والطائفي، وعوضا عن تشجيع القوى العلمانية سمحوا للقوى الطائفية تسنم السلطة.
وادى هذا الى حالة من الفساد التي دمرت الطبقة المتوسطة مما ادى الى اختفاء الاطباء والخبراء. ويتساءل قائلا ان البريطانيين والامريكيين معهم زعموا انهم ادخلوا الديمقراطية ولكن لمن؟ للميليشيات.
وبسبب المشاركة البريطانية في العراق تشوهت سمعة بريطانيا في العالمين العربي والاسلامي فيما تعرض امنها القومي للتهديد كما اظهرت تفجيرات 7/7. وختم قائلا ان الضرر كان عظيما، فمع ان الكثيرين نسوا الدور البريطاني في الكارثة الفلسطينية الا ان المشاركة البريطانية في غزو العراق اعادت للاذهان الامبريالية البريطانية وذكرياتها المرة.
وبنفس السياق قدم سير هيلاري سينوت، المنسق الاقليمي في جنوب العراق لما عرف سلطة التحالف الانتقالية. وخدم سينوت في الفترة ما بين 2003 - 2004 قراءة للتجربة قائلا: ان كلا من بريطانيا وامريكا لم تكونا جاهزتين لنتائج الحرب التي ادت الى انهيار نظام الحكم في العراق.
وقال انه بعد 12 عاما من الحصار كان على بريطانيا ان تتوقع الاسوأ. ويرى سينوت ان بريطانيا لم تقم بانشاء الية فاعلة للحكم في لندن كي تقوم بتوجيه وتنسيق الاحتياجات في جنوب العراق. وهذا الغياب اثر على حاجيات القوى المدنية العاملة في الميدان التي لم يكن لديها الا ما يكفي حاجتها اليومية، وحتى ما كان لديها لم يكن كافيا لتحقيق الاهداف مما ادى الى تدخل الجيش للقيام بمهام لم يكن مهيأ اصلا للقيام بها. ويلاحظ سينوت ان سوء تنسيق حصل بين الجيش والعاملين المدنيين والمصادر الانسانية.
وقال انه بسبب اعتماد البريطانيين ماليا ولوجيستيا على الامريكيين لم يكن من الحكمة ان يقترح القادة في الايام الاولى من الغزو انهم يحققون نتائج احسن في الجنوب مما حققه الامريكيون في العاصمة، بغداد.
وانتقد الاجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال في بغداد من ناحية عمليات الخصخصة والغاء كوبونات الطعام خاصة ان المجتمع كان يعتمد على دعم الدولة.
اما الباحث في العلوم السياسية في كلية كوين / جامعة لندن توبي دودج والباحث في الشأن العراقي فقد كتب قائلا ان كارثة العراق ودرسها قابل للتكرار.
وقال ان ما حدث في البصرة يجب ان يكون درسا لكل من يفكر في الغرب ان القوة قادرة على حل المشاكل السياسية طويلة المدى. وذكر دودج قراءه انه قام مع ستة من زملائه الباحثين بلقاء رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير في مقر الحكومة وفي محاولة عبثية لشرح الوضع وحجم المهمة التي كان يخطط القيام بها في العراق. وقال انه ناشد رئيس الوزراء في حينه قائلا ' هل انت جاهز لكي تلزم نفسك وحكومتك لمشروع بناء بلد يحتاج جيل كامل لانجازه' فاجاب بلير في حينه 'نعم' وبدون اي تردد
وكان هذا اللقاء في تشرين الثاني (نوفمبر). لكن بلير وقبل شهر من اعلان الغزو وقف في غلاسجو، في اليوم الذي خرج فيه مليون شخص للتظاهر احتجاجا على الحرب، وحاول بلير تبرير قراره غير الشعبي. وركز دودج على ما جاء في خطاب بلير ان حكومته يجب ان تكون ملتزمة بالمهمة الانسانية وهي اعمار العراق للعراقيين كما هي ملتزمة بالاطاحة بصدام حسين'. كما وذكر الكاتب بالاجتماع الثلاثي بين بلير وجورج بوش، الرئيس الامريكي، وخوسيه ماريا اثنار، رئيس الوزراء الاسباني، كلهم اصبحوا سابقين.
في ذلك المؤتمر اكد الثلاثة على التزامهم الطويل بدعم الشعب العراقي. ومن الساخر كما يقول الكاتب ان البريطانيين سلموا مهمامهم في جنوب العراق للامريكيين في اليوم الاول من شهر نيسان (ابريل) (يوم كذبة ابريل) على الرغم من التأكيدات المتكررة من بلير قبل الحرب. ويرى ان البريطانيين بنهاية الشهر القادم ايار(مايو) سيغادر الجنوب والبصرة تحديدا تاركا وراءه مدينة عاث فيها المسلحون تحت سمع وبصر الجيش البريطاني. وقال ان وضع البصرة الحالي حدث ليس بسبب البريطانيين ولكن بعملية لم يتم اخبارهم عنها.
ويعتبر الكاتب أن ادعاء الحكومة البريطانية أن البصرة أصبحت تنعم 'بمستقبل اقتصادي زاهر' لا علاقة له بالواقع إذ إن اقتصاد المدينة وحكومتها المحلية ونظام صرفها الصحي لا يزالان في حالة يرثى لها. ويضيف الكاتب أن ضعف القوات البريطانية واعتمادها على القوات الأمريكية جعلها تتبنى مقاربة ناعمة وتنخرط في محاولة التوسط بين أحزاب وميليشيات مختلفة، مستخدمة العنف والترهيب لإحكام قبضتها على السكان المحليين.
ويضيف أن القوات البريطانية كانت منذ بداية الغزو تفتقر إلى العدد المطلوب، إضافة إلى الموارد والدعم السياسي من الحكومة البريطانية لتنفيذ تعهدات بلير المتمثلة في مساعدة الدولة العراقية على تطبيق القانون وتلبية الحاجات الإنسانية للسكان. وكان وضع البصرة هو ما دعا الحكومة العراقية والامريكيين ارسال قوات عسكرية إلى هناك لإزالة الفوضى التي أدت إليها سياسة بلير، مضيفا أن الحكومة العراقية لم تكن راضية عن قرار البريطانيين التنازل عن المهمات الأمنية والسماح لأفراد الميليشيا والعصابات الإجرامية بالسيطرة على الوضع.
ويرى في نهاية مقاله ان الدرس المستفاد من مدينة البصرة هو أن القوات الأجنبية لا تستطيع أن تضطلع بدور بناء الأمم الأخرى، موضحا أن بناء قدرات الدولة والمؤسسات الحكومية القادرة على إنفاذ القانون وفرض النظام والانخراط في مشروعات تنموية وتحسين حياة الناس مهمة تحتاج إلى أجيال.
ويقول إن رؤية بلير عشية غزو العراق اتسمت بالتبسيط والغرور وذلك بسبب جهله بطبيعة البلد، مضيفا أن ما لم تستخلص النتائج من مدينة البصرة، فيمكن أن تتكرر المأساة خاصة ان البريطانيين لقبهم الامريكيون بـ 'المقترضون' لاعتمادهم الشديد على الامريكيين.