على
08-19-2004, 01:14 PM
صلاح منتصر
في سلسلة الاحاديث الاسبوعية التي عاد بها الاستاذ محمد حسنين هيكل الى الظهور مرة اخرى على القارئ العربي، بعد اقل من عام واحد «استأذن» فيه، على حد التعبير الذي استخدمه، في الانصراف، ولكن وكما اثبت هو انه لم يتحمل البعاد طويلا عن الاضواء، فعاد بصورة اكثر تركيزا عن قبل، وبعد ان كان يلتقي بالقارئ العربي مرة واحدة كل شهر من خلال المقال الذي يكتبه، اصبح يلتقي بالمواطن العربي مرة كل اسبوع ولمدة ساعة زمنية ينفرد فيها بالحديث اليه في تدفق وحماس.
من بين ما رواه هيكل انه التقى في العاصمة الاردنية عمان بطارق عزيز بعد الحرب، وانه امضى معه عدة ساعات، امتدت من الحادية عشرة مساء الى الرابعة صباحا، وقد كان هدف هيكل ان يعرف من طارق عزيز، وهو من مسؤولي القمة في حكم صدام حسين، الأساس الذي أجروا عليه حساباتهم في غزو الكويت.
وقبل ان يشير هيكل الى رد طارق عزيز، قال: «انا عارف انه عيان، وانه في السجن، وعلى اي حال - هكذا اضاف هيكل - انا اعتقد انه من اكفأ الساسة العرب في هذه المرحلة»، وبعد هذا التأكيد نقل هيكل الحسابات التي بنوا عليها غزو الكويت، وكانت كما قال عزيز: الشيء الاول انه لن يجرؤ بلد عربي على ان يسمح لقوات اميركية بالتواجد في اراضيه، ولم يقل طارق عزيز لرئيسه صدام انه في حالات الاضطرار يبيح الله لعباده - وهو الله سبحانه - المحظورات التي نهاهم عنها، وقد كان احتلال الكويت ليس بالنسبة للكويت فقط، وانما بالنسبة لكل العرب المخلصين نقطة تحول لا يمكن السكوت عليها، وتباح من اجلها المحظورات التي تجعل بلدا مخطوفا بهذه الطريقة الغادرة التي تمت يتعلق بالآخرين لإنقاذه، لم يقل طارق عزيز ذلك لصدام، ومع ذلك فهو - كما ذكر الاستاذ هيكل - يعتبر من اكفأ الساسة العرب.
الاساس الثاني الذي بنوا عليه حساباتهم في غزو الكويت، كما ذكر طارق عزيز «ان الجماهير العربية سوف تمنع اي شر يحيق بالعراق»، لكن الذي لم يقله طارق عزيز لصدام ان الجماهير العربية لكي تفعل ذلك، لا بد ان يكون التصرف او العمل الذي قام به العراق في الاصل عملا مشروعا، واظن ان غزو دولة عربية لجارتها بالصورة التي جرت لا يدخل ابدا في اطار الاعمال المشروعة، بالاضافة الى ان طريقة الغدر التي تمت بها عملية الغزو في اعقاب اتصالات واجتماعات بين ممثلي الدولتين للتوصل الى اتفاق، هذه الطريقة الغادرة تطعن بالتأكيد الشعور العربي الذي لا يقع تحت القيود التي يعانيها الشعب العراقي، ويجعله يصوت لرئيسه بنسبة مائة في المائة، لم يقل طارق عزيز ذلك، وهو على اي حال يعتبر من اكفأ الساسة العرب.
ثم يضيف طارق عزيز في حديثه الى هيكل ان الاتحاد السوفيتي لن يسمح بحرب على حدوده الى هذه الدرجة. ولم يقل طارق عزيز - وهو الذي على كل حال يعتبر من اكفأ الساسة العرب - ان الاتحاد السوفيتي كان قد تغير، وان تغييره لم يكن سرا، بل اكثر من ذلك كان مكشوفا واضحا، وان بريماكوف الذي جاء مبعوثا من موسكو لم يخف على صدام نصيحته بالانسحاب، لأن موسكو اصبحت لديها الحسابات الخاصة التي تضع مصالحها اولا، وانه لم يكن ممكنا لها، وقد عرفت بتأييدها لتحرير الشعوب ان تقر احتلال دولة، او ان تقف موقفا مناوئا للولايات المتحدة على اساس ان القاعدة المعمول بها معارضة كل ما يؤيده الغرب، لم يقل طارق عزيز ذلك لرئيسه، ومع ذلك، فهو على كل حال يعتبر من اكفأ الساسة العرب.
http://www.alqabas.com.kw/writersarticlesdetails.php?aid=2429
في سلسلة الاحاديث الاسبوعية التي عاد بها الاستاذ محمد حسنين هيكل الى الظهور مرة اخرى على القارئ العربي، بعد اقل من عام واحد «استأذن» فيه، على حد التعبير الذي استخدمه، في الانصراف، ولكن وكما اثبت هو انه لم يتحمل البعاد طويلا عن الاضواء، فعاد بصورة اكثر تركيزا عن قبل، وبعد ان كان يلتقي بالقارئ العربي مرة واحدة كل شهر من خلال المقال الذي يكتبه، اصبح يلتقي بالمواطن العربي مرة كل اسبوع ولمدة ساعة زمنية ينفرد فيها بالحديث اليه في تدفق وحماس.
من بين ما رواه هيكل انه التقى في العاصمة الاردنية عمان بطارق عزيز بعد الحرب، وانه امضى معه عدة ساعات، امتدت من الحادية عشرة مساء الى الرابعة صباحا، وقد كان هدف هيكل ان يعرف من طارق عزيز، وهو من مسؤولي القمة في حكم صدام حسين، الأساس الذي أجروا عليه حساباتهم في غزو الكويت.
وقبل ان يشير هيكل الى رد طارق عزيز، قال: «انا عارف انه عيان، وانه في السجن، وعلى اي حال - هكذا اضاف هيكل - انا اعتقد انه من اكفأ الساسة العرب في هذه المرحلة»، وبعد هذا التأكيد نقل هيكل الحسابات التي بنوا عليها غزو الكويت، وكانت كما قال عزيز: الشيء الاول انه لن يجرؤ بلد عربي على ان يسمح لقوات اميركية بالتواجد في اراضيه، ولم يقل طارق عزيز لرئيسه صدام انه في حالات الاضطرار يبيح الله لعباده - وهو الله سبحانه - المحظورات التي نهاهم عنها، وقد كان احتلال الكويت ليس بالنسبة للكويت فقط، وانما بالنسبة لكل العرب المخلصين نقطة تحول لا يمكن السكوت عليها، وتباح من اجلها المحظورات التي تجعل بلدا مخطوفا بهذه الطريقة الغادرة التي تمت يتعلق بالآخرين لإنقاذه، لم يقل طارق عزيز ذلك لصدام، ومع ذلك فهو - كما ذكر الاستاذ هيكل - يعتبر من اكفأ الساسة العرب.
الاساس الثاني الذي بنوا عليه حساباتهم في غزو الكويت، كما ذكر طارق عزيز «ان الجماهير العربية سوف تمنع اي شر يحيق بالعراق»، لكن الذي لم يقله طارق عزيز لصدام ان الجماهير العربية لكي تفعل ذلك، لا بد ان يكون التصرف او العمل الذي قام به العراق في الاصل عملا مشروعا، واظن ان غزو دولة عربية لجارتها بالصورة التي جرت لا يدخل ابدا في اطار الاعمال المشروعة، بالاضافة الى ان طريقة الغدر التي تمت بها عملية الغزو في اعقاب اتصالات واجتماعات بين ممثلي الدولتين للتوصل الى اتفاق، هذه الطريقة الغادرة تطعن بالتأكيد الشعور العربي الذي لا يقع تحت القيود التي يعانيها الشعب العراقي، ويجعله يصوت لرئيسه بنسبة مائة في المائة، لم يقل طارق عزيز ذلك، وهو على اي حال يعتبر من اكفأ الساسة العرب.
ثم يضيف طارق عزيز في حديثه الى هيكل ان الاتحاد السوفيتي لن يسمح بحرب على حدوده الى هذه الدرجة. ولم يقل طارق عزيز - وهو الذي على كل حال يعتبر من اكفأ الساسة العرب - ان الاتحاد السوفيتي كان قد تغير، وان تغييره لم يكن سرا، بل اكثر من ذلك كان مكشوفا واضحا، وان بريماكوف الذي جاء مبعوثا من موسكو لم يخف على صدام نصيحته بالانسحاب، لأن موسكو اصبحت لديها الحسابات الخاصة التي تضع مصالحها اولا، وانه لم يكن ممكنا لها، وقد عرفت بتأييدها لتحرير الشعوب ان تقر احتلال دولة، او ان تقف موقفا مناوئا للولايات المتحدة على اساس ان القاعدة المعمول بها معارضة كل ما يؤيده الغرب، لم يقل طارق عزيز ذلك لرئيسه، ومع ذلك، فهو على كل حال يعتبر من اكفأ الساسة العرب.
http://www.alqabas.com.kw/writersarticlesdetails.php?aid=2429