على
08-19-2004, 01:07 PM
د. إقبال العثيمين
عادت بي الذاكرة وانا اقرأ مقال «افكار نجفية» للدكتور عبدالمحسن جمال، إلى مقال كتبه قبل ثلاثة اعوام زوجي (رحمه الله) د. سيف عباس في صحيفة «القبس» بعنوان «عبدالمحسن جمال ونصف الحقيقة». ترحمت على روح سيف متندرة بمقولتنا في هذه المواقف «الله لا يغير علينا»، فإحنا لا طبنا ولا غدا الشر!
تناول د. جمال في مقاله الاخير عدة نقاط تستحق الوقوف عندها والرد عليها. أولا: كتب معللا اختباء المقتدى بالصحن الحيدري، «باللجوء الى اضرحة اهل البيت عليهم السلام والاحتماء بها والدعاء تحت قباب مساجدهم، وما هو الا تقليد اسلامي عريق يقوم به الموالون لأهل البيت عليهم السلام والمحبون لهم اعتقادا منهم بأنهم اهل النخوة واهل الشهامة» د. جمال لم ير فداحة هذا العمل وبالتالي لم يدنه. ان اختباء المقتدى في الصحن الحيدري وهو الذي تحت تصرفه اكثر من مخبأ في الحسينيات، ما هو الا دعوة للقوات الاجنبية الى تدمير هذه الاماكن المقدسة التي من واجبه الديني والاخلاقي ان يبعدها عن ساحات القتال.
ثانيا: كتب د. جمال كذلك انه اصدرت هيئة علماء المسلمين السنة في العراق بيانا تضامنيا مع اهل النجف الاشرف حرمت فيه على العراقيين من قوات شرطة وحرس وطني مشاركة القوات الاميركية قتالها الشعب العراقي. وبتحليل الدكتور فان «قوم تعاونوا ما ذلوا»! هنا يكون قد غض الطرف عن مسألة الصراع الازلي بين «المتشددين» من السنة والشيعة ونعت كل منهم للآخر بالكفر. فما هذه المساعدات من اهالي الفلوجة من السنة لأهالي النجف من الشيعة الا لمعرفتهم حق المعرفة بأنهم سيأكلون وقت يؤكل الثور الابيض. وللسبب نفسه نرى ايران العدو الاول للتجربة الديموقراطية في العراق.. فنجاح الاميركان في اجتثاث الارهاب من العراق سيشجعهم بالتالي على مواجهة ايران.
ثالثا: ذهب الدكتور الى ابعد من ليِّ الحقائق مهددا محافظ النجف على تصريحاته التي اكد فيها أن القوات الاميركية لن تنسحب الا بعد استسلام جيش المهدي وخروجه من المدينة، بأن لدى محافظ النجف الآن خيارين فهو اما ان يختبئ بمنزله لأنه لن يجرؤ الآن على التجول في احياء النجف خوفا على نفسه، او ان يقدم استقالته ويغادر للعيش في اميركا ناجيا بنفسه من اثر هذا التصريح؟
رابعا: تندر د. جمال بأن العراقيين الآن يرددون فيما بينهم ان هم ارادوا الموت فعليهم الخيار بين القصف الاميركي والسيارات المفخخة؟ فيا عزيزي د. جمال، من يتندر بالسيارات المفخخة ما هم الا فدائيو صدام وارهابيو الفلوجة ومن يتندر بالقصف الاميركي هم جماعة الجيش المهدي؟ لأن من يلعب بالنار لا بد ان يحترق بها! والغالبية العظمى من هؤلاء هم من الشباب الفاشل في حياته العملية والدراسية، والعاطل عن العمل والمتشرد في الشوارع والذي رأى فرصته بالاسترزاق عن طريق الاموال الايرانية التي امتلأت بها جيوب بعض ملالي العراق وملالي ايران، بينما تعاني غالبية الشعب الايراني من الفقر والبطالة والعوز.
خامسا: لم يستطع د. جمال ان يخفي حقده الدفين على بوش فهو يحسده لجلوسه في منتجعه الصيفي وبلباس الرياضة، يضع رجلا على رجل ومصطحبا ابنته معه ومبتسما لابتسامة «ناكره» كما افاد. وان الدكتور جمال يعيش مترقبا الآن ومنتظرا من الشعب الاميركي أن يبعد ادارة بوش عن المسرح السياسي؟ وكأنه لا يعلم بأن جوهر السياسة الخارجية للولايات المتحدة وموقفها من الارهاب سيبقيان كما هما سواء استمر الجمهوريون ام وصل الديموقراطيون الى سدة الرئاسة.
واخيرا: وهو الاخطر من جميع ما جاء اعلاه، وهو حثه على الانتحار بحجة مواصلة القتال بقوله انه «ثبت أن الاسلحة الاميركية المتطورة من طائرات ودبابات واسلحة «نووية» لا تستطيع مواجهتها بأسلحة تقليدية، ولكن تستطيع ان تواجهها بصدور «عارية + الايمان». ان هذه الدعوة ما هي الا ترجمة لنداء مقتدى الصدر الذي طالب جيشه بالصمود وانه سيقاتل الى آخر قطرة من دمه وهو المختبئ بالصحن الحيدري، وبالتالي فنحن لم نر في واقع الامر الا دماء تسيل من صدور النساء، والاطفال والابرياء الذين يدفعون ثمن جنونه وغروره وعناده وعدم توازنه.
وفي الحقيقة، تقف الحكومة الموقتة اليوم امام وضع معقد ومركب ولا يجوز النظر اليه بدون روية، والسلاح وحده لم يكن ولا يمكن ان يكون كافيا، بل يفترض التعامل مع الواقع لمعالجته. فالخراب الاقتصادي وتأخر اعمار المنشآت المخربة والبطالة والفقر المدقع في اوساط الغالبية العظمى من العراقيين جعلت الوضع اشبه ببرميل ديناميت قابل للانفجار. ونحن هنا لا نستثني القوى السياسية من احزاب وتنظيمات، من المشاركة في تحسين الوضع الداخلي ووضع خطط للاعمار ومن اهمها دعوة المثقفين بالخارج وتحسين الظروف لاستقطابهم من اجل المشاركة في بناء عراق المستقبل.
http://www.alqabas.com.kw/writersarticlesdetails.php?aid=2423
عادت بي الذاكرة وانا اقرأ مقال «افكار نجفية» للدكتور عبدالمحسن جمال، إلى مقال كتبه قبل ثلاثة اعوام زوجي (رحمه الله) د. سيف عباس في صحيفة «القبس» بعنوان «عبدالمحسن جمال ونصف الحقيقة». ترحمت على روح سيف متندرة بمقولتنا في هذه المواقف «الله لا يغير علينا»، فإحنا لا طبنا ولا غدا الشر!
تناول د. جمال في مقاله الاخير عدة نقاط تستحق الوقوف عندها والرد عليها. أولا: كتب معللا اختباء المقتدى بالصحن الحيدري، «باللجوء الى اضرحة اهل البيت عليهم السلام والاحتماء بها والدعاء تحت قباب مساجدهم، وما هو الا تقليد اسلامي عريق يقوم به الموالون لأهل البيت عليهم السلام والمحبون لهم اعتقادا منهم بأنهم اهل النخوة واهل الشهامة» د. جمال لم ير فداحة هذا العمل وبالتالي لم يدنه. ان اختباء المقتدى في الصحن الحيدري وهو الذي تحت تصرفه اكثر من مخبأ في الحسينيات، ما هو الا دعوة للقوات الاجنبية الى تدمير هذه الاماكن المقدسة التي من واجبه الديني والاخلاقي ان يبعدها عن ساحات القتال.
ثانيا: كتب د. جمال كذلك انه اصدرت هيئة علماء المسلمين السنة في العراق بيانا تضامنيا مع اهل النجف الاشرف حرمت فيه على العراقيين من قوات شرطة وحرس وطني مشاركة القوات الاميركية قتالها الشعب العراقي. وبتحليل الدكتور فان «قوم تعاونوا ما ذلوا»! هنا يكون قد غض الطرف عن مسألة الصراع الازلي بين «المتشددين» من السنة والشيعة ونعت كل منهم للآخر بالكفر. فما هذه المساعدات من اهالي الفلوجة من السنة لأهالي النجف من الشيعة الا لمعرفتهم حق المعرفة بأنهم سيأكلون وقت يؤكل الثور الابيض. وللسبب نفسه نرى ايران العدو الاول للتجربة الديموقراطية في العراق.. فنجاح الاميركان في اجتثاث الارهاب من العراق سيشجعهم بالتالي على مواجهة ايران.
ثالثا: ذهب الدكتور الى ابعد من ليِّ الحقائق مهددا محافظ النجف على تصريحاته التي اكد فيها أن القوات الاميركية لن تنسحب الا بعد استسلام جيش المهدي وخروجه من المدينة، بأن لدى محافظ النجف الآن خيارين فهو اما ان يختبئ بمنزله لأنه لن يجرؤ الآن على التجول في احياء النجف خوفا على نفسه، او ان يقدم استقالته ويغادر للعيش في اميركا ناجيا بنفسه من اثر هذا التصريح؟
رابعا: تندر د. جمال بأن العراقيين الآن يرددون فيما بينهم ان هم ارادوا الموت فعليهم الخيار بين القصف الاميركي والسيارات المفخخة؟ فيا عزيزي د. جمال، من يتندر بالسيارات المفخخة ما هم الا فدائيو صدام وارهابيو الفلوجة ومن يتندر بالقصف الاميركي هم جماعة الجيش المهدي؟ لأن من يلعب بالنار لا بد ان يحترق بها! والغالبية العظمى من هؤلاء هم من الشباب الفاشل في حياته العملية والدراسية، والعاطل عن العمل والمتشرد في الشوارع والذي رأى فرصته بالاسترزاق عن طريق الاموال الايرانية التي امتلأت بها جيوب بعض ملالي العراق وملالي ايران، بينما تعاني غالبية الشعب الايراني من الفقر والبطالة والعوز.
خامسا: لم يستطع د. جمال ان يخفي حقده الدفين على بوش فهو يحسده لجلوسه في منتجعه الصيفي وبلباس الرياضة، يضع رجلا على رجل ومصطحبا ابنته معه ومبتسما لابتسامة «ناكره» كما افاد. وان الدكتور جمال يعيش مترقبا الآن ومنتظرا من الشعب الاميركي أن يبعد ادارة بوش عن المسرح السياسي؟ وكأنه لا يعلم بأن جوهر السياسة الخارجية للولايات المتحدة وموقفها من الارهاب سيبقيان كما هما سواء استمر الجمهوريون ام وصل الديموقراطيون الى سدة الرئاسة.
واخيرا: وهو الاخطر من جميع ما جاء اعلاه، وهو حثه على الانتحار بحجة مواصلة القتال بقوله انه «ثبت أن الاسلحة الاميركية المتطورة من طائرات ودبابات واسلحة «نووية» لا تستطيع مواجهتها بأسلحة تقليدية، ولكن تستطيع ان تواجهها بصدور «عارية + الايمان». ان هذه الدعوة ما هي الا ترجمة لنداء مقتدى الصدر الذي طالب جيشه بالصمود وانه سيقاتل الى آخر قطرة من دمه وهو المختبئ بالصحن الحيدري، وبالتالي فنحن لم نر في واقع الامر الا دماء تسيل من صدور النساء، والاطفال والابرياء الذين يدفعون ثمن جنونه وغروره وعناده وعدم توازنه.
وفي الحقيقة، تقف الحكومة الموقتة اليوم امام وضع معقد ومركب ولا يجوز النظر اليه بدون روية، والسلاح وحده لم يكن ولا يمكن ان يكون كافيا، بل يفترض التعامل مع الواقع لمعالجته. فالخراب الاقتصادي وتأخر اعمار المنشآت المخربة والبطالة والفقر المدقع في اوساط الغالبية العظمى من العراقيين جعلت الوضع اشبه ببرميل ديناميت قابل للانفجار. ونحن هنا لا نستثني القوى السياسية من احزاب وتنظيمات، من المشاركة في تحسين الوضع الداخلي ووضع خطط للاعمار ومن اهمها دعوة المثقفين بالخارج وتحسين الظروف لاستقطابهم من اجل المشاركة في بناء عراق المستقبل.
http://www.alqabas.com.kw/writersarticlesdetails.php?aid=2423