المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجهاز الذي غزا العالم



مرتاح
04-03-2009, 11:18 PM
القاهرة: محمد عبده حسنين*

(«الشرق الأوسط»)

البلاكبيري جهاز اتصال حديث أنتجته شركة «ريسرتش إن موشون» (Research In Motion (RIM الكندية، عام 1999 وتطور على مدار السنوات اللاحقة وحتى اليوم. بحيث أصبح ليس فقط مجرد هاتف لاسلكي محمول، بل إنه بالإضافة إلى إمكانية إجراء مكالمات عادية وإرسال رسائل SMS القصيرة، يمكنك أيضا من خلال هذا الجهاز صغير الحجم خفيف الوزن، تصفح الإنترنت بسهولة وبسرعة فائقة، والدردشة مع الآخرين وتبادل الملفات والاستماع إلى الموسيقى ومشاهدة الصور وعروض الأفلام وتحرير النصوص، وإرسال رسائل البريد الإلكتروني وتسلمها وقت إرسالها، في أي وقت وفي أي مكان.

بالإضافة إلى إعداد جدول المواعيد اليومية ودفتر الملاحظات والعناوين، مع إمكانية دمج حتى 10 عناوين بريد إلكتروني ليتم إرسال محتواها لجهازك، وذلك يشمل أكثر مقدمي خدمات البريد الإلكتروني استخداما في العالم مثل الـ«هوت ميل» Hotmail والـ«جي ميل» Gmail، والـ«ياهو ميل» Yahoo Mail. وغيرها من خدمات المعلومات اللاسلكية، التي تجعل هذا الجهاز يطلق عليه حقا «المكتب المتحرك».

كما يتميز هذا الجهاز بأنه يتمتع بدرجة عالية من الأمان، بحيث أصبح الخيار الأول للجهات الحساسة التي تتطلب حماية عالية لبياناتها، خاصة إذا علمنا أن الشركة الكندية رفضت طلبا من الحكومة الهندية من أجل مساعدتهم في فك شفرة الرسائل الإلكترونية التي تشتبه فيها السلطات الهندية، وقالت إن التكنولوجيا التي تستخدمها لا تسمح باستخدام طرف ثالث بما فيها الشركة نفسها، لقراءة المعلومات التي تنقل عبر شبكة الاتصالات الهاتفية المتنقلة.

ونظرا لأن جهاز البلاكبيري يستخدم على معظم الشبكات العالمية (GPRS. GSM, EDGE)، فإنه يتيح للمستخدمين التمتع بخدمة التجوال الدولي في معظم أنحاء العالم، وهو الأمر الذي أدى إلى زيادة عدد المشتركين في هذه الخدمة، حتى وصل إلى حوالي 19 مليونا، في 25 سبتمبر (أيلول) 2008، يتركزون في الولايات المتحدة ودول أوروبا وآسيا، وأكثر من ثلاثة ملايين منهم في أميركا فقط، وفقا لما أعلنته الشركة ذاتها، التي تأسست عام 1984. علما بأن هذا العدد في ازدياد مستمر.

الأمر الذي أكسب هذا الجهاز أسماء حركية ومستعارة للدلالة على تهافت الأفراد عليها، منها «كراك بيري» دلالة على إدمانها، و«بلاكبيري ثامب» الذي يدل على الإفراط في استخدامها.

انتشار أجهزة بلاكبيري لم يقتصر على قطاعات الإعلام والمال والأعمال فقط، فهناك أيضا ظاهرة استخدام السياسيين له، بحيث أصبح مفضلا لدى الرؤساء، فقد أثار الرئيس الأميركي باراك أوباما جدلا كبيرا عندما تسلم مقاليد الحكم في البيت الأبيض وأصبح عليه أن يتخلى عنه كإجراء أمني، حيث قال في حوار له «لا أعرف كيف يمكنني أن أبقى على اتصال مع إيقاع الحياة اليومية من دون بلاكبيري».

كما اشتهر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بأنه يحب الإكسسوارات ومنها جهاز البلاكبيري، لكنه اضطر للتخفيف من استخدامه ضمن محاولة لتغيير صورته العامة.

علما أن الوزراء في فرنسا وعددا من كبار الموظفين في حكومة ساركوزي يواجهون قانونا بعدم استخدام جهاز البلاكبيري لأسباب أمنية.

البرلمان البريطاني من جهته أصدر قرارا بأن يصرف لأعضائه أجهزة بلاكبيري، كما تم تخصيص 5000 آلاف جهاز بلاكبيري لأعضاء الكونغرس في الولايات المتحدة.

وفي بريطانيا تشتهر في الأوساط الصحافية قصة آليستر كامبل مسؤول العلاقات العامة في حكومة توني بلير السابقة، الذي أرسل بالخطأ رسالة عبر جهازه تحمل عبارات خارجة لمقدم أحد البرامج التلفزيونية الشهير على قناة الـ«بي بي سي 2»، إلا أن البعض أرجع الخطأ إلى عدم خبرة كامبل بتقنيات الجهاز! ولم يفت على الإرهابيين أيضا الاستفادة من هذه التقنية، فقد اتضح أن الإرهابيين الذي نفذوا تفجيرات مومباي في الهند في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 وخلفت 195 قتيلا، استخدموا أجهزة جوال من طراز بلاكبيري لمتابعة الأخبار وردود الفعل في الصحافة البريطانية والمواقع الأصولية القريبة من «القاعدة».

وعلى الرغم من كل هذا النجاح، بدأت الشركة، التي تحقق 70% من عائداتها من مبيعات الـ«بلاكبيري» والباقي من بيع برمجيات أخرى، تواجه منافسة محمومة في سوق هذه الأجهزة، ولكي توسع دائرة انتشارها منحت تراخيص إنتاج برمجية بلاكبيري لشركات صناعة أجهزة الهاتف المحمول الكبرى مثل: «نوكيا» و«موتورولا» و«سامسونغ». كما قامت بتصنيع تصميمات أنيقة تعطي شعورا بالراحة عند استخدامه، حيث قدمت في الفترة الأخيرة منتجات مزودة بشاشة تعمل باللمس (تاتش سكرين).

وفي النهاية، فمن الواضح أن تكنولوجيا البلاكبيري الجديدة ساهمت وستساهم في تسهيل حياة الإعلاميين بشكل كبير والتغلب على صعوبات تصوير وإرسال الأخبار إلى المراكز الرئيسية في الوقت المناسب.

(وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»)