المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سكان النجف يريدون السلام ولا يعبأون بمن يكسب معركة استنزافهم



المهدى
08-18-2004, 06:47 AM
مواطن: في عهد صدام كان البعثيون يؤذون الناس في المدينة والآن حولها جيش المهدي والأميركيون الى ساحة حرب

عندما كان صدام حسين يحكم النجف بقبضة حديدية كان سمير غالب يجلس في بيته في أوقات الاضطرابات. أما الان فان رصاص القناصة وقذائف المورتر والدبابات تبقيه وكثيرين غيره في منازلهم في حين تقاتل ميليشيا شيعية الجنود الأميركيين المتوترين في الحارات المتربة الضيقة حول منازلهم. هناك جثة ملقاة في الشارع ملفوفة بغطاء متسخ لكن من الخطر للغاية محاولة نقلها وغالب يدرك ذلك.

يقول غالب، 24 عاما، وهو تاجر خضروات عاطل «قناص قتله بالامس في الساعة الثانية. كان يعبر الشارع. لا أعتقد أنه كان مقاتلا بل هو عراقي عادي». وكان غالب يرتدي سترة واقية من الرصاص أعطاه صحافي اياها وبدت غريبة فوق جلبابه العراقي التقليدي. تحول الحي القديم في النجف الى منطقة غير مأهولة قبيل هجوم متوقع من جانب القوات التي تقودها الولايات المتحدة على ميليشيا جيش المهدي الموالية للزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

وأصبح غالب وكثيرون غيره من الذين يقيمون في شوارع مكدسة في المنازل الاسمنتية ذات الابواب الخشبية القديمة شديدي الحساسية تجاه أصوات الانفجارات ويمضون أغلب يومهم في متابعة حركة القناصة. قال جاره هاني حسن، 40 عاما، وهو أب لطفلين «هناك دبابة أميركية على رأس الشارع وقناصة يطلقون النار على أي شيء يتحرك مثل هذا الرجل الميت».

وقال، وقد اغرورقت عيناه بالدموع، «سقطت 15 قذيفة مورتر في شارعنا بالامس. الكل يشعر بالرعب. أرسلت زوجتي وابنتي الى منزل والدتها بعيدا عن هنا. ولا يمكنني الاتصال بهم». ويقول سكان الحي انهم لا يعبأون حقيقة بمن يكسب حرب الاستنزاف الدائرة في المدينة والتي انتهكت الهدنة وتركتهم حائرين بشأن ما اذا كانت هذه المدينة المقدسة يمكن أن تتجنب المزيد من الدمار واراقة الدماء.

وقال حسن «حاولنا الخروج لزيارة أسرنا. لكنا لم نتمكن من عبور الشوارع التي يسيطر عليها الأميركيون والمقاتلون الذين يطلقون النار على أي شخص». ويشكو الرجال من ان العراق من نواح معينة لم يتغير بالنسبة للاغلبية الشيعية منذ سقوط نظام صدام. وأضاف حسن «النجف شيعية. في عهد صدام كان جيش القدس التابع له والبعثيون يؤذون الناس ويمارسون الضغوط علينا. والان حولها جيش المهدي والأميركيون الى منطقة حرب».

توقف لحظة ليري صحافيا ركبة جاره التي أصيبت بشدة عندما أجبره صدام مع مئات الالوف غيره على محاربة ايران في الثمانينيات. لكنه لم يسهب أحد في وصف معاناة الماضي عندما سمع أزيز مقاتلة أميركية في الجو وأصوات طلقات نارية تركت الناس يتساءلون من أين جاء الرصاص. وقد لا ينتهي الحصار قريبا. فرجال ميليشيا جيش المهدي الذين يطلقون قذائف صاروخية في كل اتجاه مختبئون ايضا في مرقد الامام علي. واجتياح أحد اقدس المزارات الشيعية لن يكون خيارا حكيما بالنسبة للقوات الأميركية والقوات الحكومية العراقية التي تريد احتواء المشاعر وليس اثارتها. وبعد ساعات في الظلام بدون كهرباء أو ماء لا يجد سكان الحي القديم ما يفعلون سوى جمع أجزاء ضخمة من الشظايا القاتلة.

ويقول غالب بينما تمر حافلتان صغيرتان ببطء في شارعه مهدئتين من سرعتهما لمعرفة ما اذا كانت دبابات أو قناصة أميركيون متمركزين على رأس الشارع «نحن نجلس فقط منتظرين صوت الانفجار التالي».

وعندما هزت قذيفة مورتر المنطقة نظر حسن حوله وقال «اعتدنا ذلك. انه يحدث كل يوم. الشوارع المحيطة بنا مستهدفة من القناصة. ليس أمامنا ما نفعله سوى الانتظار». وبالنسبة لعلي غانم الساكن في الشرع نفسه فهو يتذكر أحلاما مر عليها وقت طويل. يقول وهو ينظر الى الشوارع المهجورة «عندما سقط صدام راودتني أحلام كثيرة بشأن النجف الاشرف.. عن سياح كثيرين وحجاج يتوافدون».