المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القذافي يتهم دولته بالفشل .. من الذي يحكم ليبيا إذاً؟



jameela
03-21-2009, 02:41 PM
أوان الكويتية

مايكل سلاكمان

في العاصمة الليبية طرابلس، يندر وجود شارع معبد بشكل كامل، أو يخلو من العيوب الكبيرة. وهناك خلل في المدارس والنظام الصحي وبيروقراطية في الدولة التي يعصف بها الفساد والعجز. وحتى مياه الصرف الصحي تصبّ مباشرة في البحر من دون معالجة.

ومع أن ليبيا دولة بوليسية، لاتزال القطارات عاجزة عن التقيّد بمواعيدها. يقول العقيد معمر القذافي «لقد فشلت الإدارة وفشلت الدولة، وانتهى الأمر»، متناسيا ذكر دوره كمسؤول عن هذه الدولة على مدى أربعين سنة مضت.

يبدو أن ليبيا بدأت تدرك مشكلاتها، وهي تحاول أن تتصرف. ولكن مهما فعلت، عليها أن تبقى ضمن الحدود التي وضعها العقيد القذافي، أو «الأخ القائد»، كما ينادونه هناك. وذاك هو «عقب أخيل»، حيث خَذَل هذا النظام الليبيين بكل المقاييس العمليّة تقريبا، ومع ذلك يبقى هو نظام الزعيم الذي يظل فوق النقد.

بقدر ما يتوق القذافي والليبيون للانضمام مرة أخرى إلى العالم المعاصر، وأن تكون ليبيا بلدا طبيعيا، فإن المرجح هو أن يظلوا محكومين بالخيبة، ما دام من المستحيل إحداث إصلاح جذري في هذا النظام الذي فرضه حاكم ليبيا المطلق. «هو كل شيء لعدم وجود مؤسسات في ليبيا كي تشاركه السلطة أو تتحدى سلوكه»، كما يقول عطية عيسوي، الكاتب المصري المتخصص بالشؤون الليبية.

من نواح كثيرة، يمكن اعتبار ليبيا نموذجا جديرا بالدراسة لمعرفة كم في السلطة من ميل إلى الفساد. ففي الشهر الماضي، قدم العقيد القذافي صيغة لكيفية إصلاح دولته المتعثرة. والفكرة التي طرحها تقول بإلغاء الدولة كليّا، وتوزيع عائدات النفط بشكل مباشر على العائلات الليبية. ويقول عبدالمجيد الدورسي مسؤول وزارة الإعلام الخارجي الليبية: «سيتم إلغاء الدولة، سوف تختفي. سوف تأخذون حصتكم من الثروة ويصبح بإمكانكم الذهاب إلى المدارس والجامعات الخاصة. وسيصبح بمقدور الجميع تأمين كل شيء اعتمادا على أنفسهم».

طرح هذه الفكرة أخاف الليبيين الذين يقولون إنهم يريدون حكومة أكثر استقرارا وحرفية، وإنهم غير جاهزين للاستغناء عن الحكومة الحالية. مع ذلك ليس هناك ما يشير إلى أن هذا التحول سيحصل في وقت قريب.

لقد كان وزير الاقتصاد علي عبدالعزيز عيساوي الأكثر تفاؤلا. فقد قال إن الطريقة الوحيدة لتكوين حكومة فاعلة ومسؤولة هي البدء من جديد، حتى ولو اقتضى ذلك وجود فترة من الفوضى. لكنه أُقيل من منصبه بعد أسبوع من هذا التصريح.

صحيفة نيويورك تايمز أمضت أسبوعين في ليبيا بناء على دعوة من الحكومة للتعرف على ما يسميه المسؤولون الليبيون «الديمقراطية المباشرة». فكرة القذافي تستند إلى فكرة تقول إن الديمقراطية التمثيلية ناقصة، لأنها تعني أن المواطنين يسلّمون زمام حقوقهم ومسؤولياتهم إلى شخص آخر. أما في ليبيا، فكل شخص شريك في أي قرار. والناس يجتمعون في لجان ويصوتون على كل شيء من المعاهدات الخارجية وحتى بناء المدارس. في ليبيا، يشترك عشرات الآلاف في لجان تناقش القضايا التي تتخذ فيها قرارات من قبل مجموعة صغيرة في القمة، ثم تأتي كل التوجيهات من الأخ القائد. يقول دبلوماسي كبير في العاصمة طرابلس: «هو الذي يتخذ القرارات. وهو الوحيد الذي يعرف».

مراسلو صحيفة التايمز الذين راقبوا اللجان في طرابلس وهي تناقش خطة القذافي لإلغاء الحكومة، قالوا إن أكثر من نصف المتحدثين رفضوا فكرة توزيع الأموال، وفضلوا وجود حكومة قادرة على العمل. وعبروا عن غضبهم واستيائهم من أن تكون دولة غنية بالموارد وعضو في الأوبك، مثل ليبيا، على هذه الدرجة من الفقر.

إحدى المشاركات قالت «لا نريد المال. نريد الطرقات، والرعاية الصحية والتعليم. نريد اقتصادا». لكن أحدا من المشاركين لم يتعرض إلى الحاجة لإصلاح النظام.

حتى حين يجري تنفيذ أمر ما، غالبا ما يكون من دون تخطيط. ويكفي ظهور عدد من المباني العالية على الواجهة البحرية في طرابلس لتكون مؤشرا كافيا على وجود التقدم، ولكن من دون التفكير بمواقف السيارات أو الطرقات والصرف الصحي، كما يقول أحد مسؤولي التنمية. هناك كثير من الليبيين يقولون إن الوزارات قلّما تتعاون مع بعضها بعضاً. والمواطنون غير مكترثين بما يقال عن خطط الدولة في أجهزة الإعلام. وهو ما يعبر عنه أحد الشباب الليبيين وهو يتابع عمل اللجان على شاشة التلفاز في محله التجاري «إذا ما صدر عنهم أي شيء، لن يتم تنفيذه. هذا ما تعودنا عليه». ويضيف شاب آخر يقف إلى جانبه «إذا كانوا يريدون توزيع الثروة، يمكنهم القيام بذلك من دون الحاجة إلى كل هذه الضجة».

الهدف المعلن لاجتماعات اللجان هو الوصول إلى إجماع وطني. ففي كل سنة يلتقي مندوبون يمثلون أكثر من 700 لجنة عدة مرات في مدينة سرت لإصدار القوانين المستندة إلى ما أقره المجتمعون في اللجان المحلية. وكلما ذكر اسم العقيد القذافي، يصفق الحضور. في لقاء هذه السنة قرر المجتمعون التصديق على طلب القائد توزيع ثروة النفط مع تأجيل التنفيذ إلى أن يتم وضع إستراتيجية عملية قابلة للتنفيذ. وخلال ذلك تمت زيادة نفقات الدولة بحدود 30 %.

لكن هذا كله قد لا يقدم الإجابة المطلوبة على سؤال ممثل لجنة مدينة مصراته الذي عرف لمن يوجه اللوم، مبتعدا عن القائد الذي لم يوجه البلاد إلا في الاتجاه الصحيح، كما يقول، والسؤال هو: لمَ هذا التردي في مجالي التعليم والصحة على الرغم من المليارات التي أُنفقت منذ انطلاقة الثورة وحتى الآن؟

اعداد - محمد جمول

عن «نيويورك تايمز»