زهير
03-20-2009, 09:31 PM
ظهورهم سبق الثورة الإيرانية وعددهم غير محدد
التديّن المحلي ساعد على استيعاب الشيعة من دون حساسيات
الرباط - حسن الأشرف
كشف باحث مغربي أن انتشار المدّ الشيعي في المغرب بدأ قبل قيام الثورة الإيرانية في عام 1979 وأن المنتمين للمذهب هناك يتبعون مرجعيات كويتية أو عراقية أكثر مما يتبعون مراجع إيرانيين، وأضاف أن التشيع المغربي لازال حالة فردية تلتقي مع ممارسات المغاربة الذين يقدرون آل البيت ويحتفون بالأضرحة، ولكنها لا تحمل حتى الآن مشروعاً مناهضاً للدولة أو للحكم السني في البلاد.
وجاءت تعليقات الباحث بعد نحو أسبوعين من توتر في العلاقات بين المغرب وإيران وصلت ذروتها بقطع الرباط علاقاتها الدبلوماسية بطهران على خلفية اتهامات بالإساءة للمغرب والسعي للنيل من المذهب السني في البلاد والتبشير بالمذهب الشيعي.
تشيّع قبل الخميني
وأكد الدكتور محمد الغيلاني أن نمط التدين في المجتمع المغربي ساعد بشكل غير مباشر في تكييف معطيات التدين الشيعي مع الواقع الاجتماعي للتدين المحلي، خاصة مع انتشار الزوايا والأضرحة والأولياء وثقافة النسب الشريف والانتماء لآل البيت. وهو ما ساعد في استيعاب التشيع من دون حساسية اجتماعية، "فالمتشيع في المغرب يمكنه أن يعيش وفق طقوسه التعبدية وسط مريدي الزاوية مثلاً، بشكل طبيعي وسلس".
وأشار إلى ان التشيع في المغرب سابق على الثورة الإسلامية في إيران، بعكس ما يعتقد بعض الباحثين الذين يحلو لهم ربط تأريخ المد الشيعي بانتصار تلك الثورة.
وقال الإخصائي في الحركات الدينية: يمكن تحليل الوجود الشيعي بالتمييز الدقيق بين مستويات التشيع واتجاهاته، فالتشيع في المغرب ليس واحداً، ولا يتسم بالانسجام والتوافق أو التطابق، لأن مصادر التشيع ليست واحدة وخلفياته متعددة ومتناقضة.
وأبرز الغيلاني أن "التشيع المغربي بهذا المعنى يعكس تناقضات الساحة الشيعية على المستوى العالمي، وهو مازال رهين تلك التناقضات والتجاذبات"، لأن التشيع السائد في المجتمع نسخة باهتة من التشيع الخارجي بحيث لايزال مجرد صدى لأنماط التنافس الحاد بين المراجع التي تقود المجتمع الشيعي عالمياً.
واستطرد بالقول: "مقابل ذلك هناك اتجاهات أخرى تحمل رغبة في التأقلم مع محيطها الاجتماعي والديني والسياسي والثقافي، بحيث نجدها تعكس خطاباً أكثر مرونة وانفتاحاً وتدافع عن انتمائها الأول، ويسعى هذا الاتجاه إلى "مغربة التشيع"، غير أنه تعوزه الإمكانات الفكرية لتحقيق ذلك، إذ يجد صعوبة في تبرير اختياراته ويعجز عن استنبات أفكاره لأن خلفيته الثقافية مستوردة ولا يملك نخباً ذات مراس فكري وخبرة سياسية، وفق ما يضيف الغيلاني.
مسألة فردية
وحول قضية طرق وطقوس الشيعة المغاربة، يرى الغيلاني أنه برغم انتشار التشيع على امتداد جغرافية المغرب، وليس فقط في شماله كما يتصور البعض، إلا أن الحديث عن طرق العيش والطقوس مازال أمراً مستبعداً؛ لأنهم لا يعيشون كجماعات ولا يمارسون وجودهم الاجتماعي كطائفة دينية.
وأفاد الباحث المتخصص في تنافس الهويات والمجتمع المدني بأن التشيع في المغرب مازال مسألة فردية إلا في ما ندر من المناسبات، كالزيارات الموسمية لضريح مؤسس دولة الأدارسة.
ويشرح: الشيعة في المغرب ليست لديهم حسينيات مثلاً، ولا يتبعون مراجع محلية، وليس لهم تصور موحد في هذا الشأن. فهم يتوزعون على مرجعيات عراقية وكويتية ولبنانية، في حين أن أضعف المرجعيات التي لها أتباع هي مرجعية الخامنئي التي نعتقد أنها تكاد لا تستقطب أتباعاً لها في المغرب، ربما بسبب الحساسية السياسية والأمنية، ولأن الإيرانيين يحرصون على مصالحهم السياسية، فيفضلون العلاقات الدبلوماسية مقابل مقلدين وأتباع، خصوصاً بعد أن تم التخلي عن استراتيجية تصدير الثورة"، على حد قول الغيلاني.
العلاقة مع الدولة
وبالنسبة لعلاقات الشيعة المغاربة مع الدولة ومكونات المجتمع المغربي، أجاب الغيلاني أنه لا يمكن بأي حال الحديث عن علاقة بين الدولة وبين الحالة الشيعية في المغرب، لكن يمكن توصيف بعض التصورات التي يتبناها جزء كبير منهم بخصوص الموقف من الدولة وإمارة المؤمنين والسياسة الدينية.
وأضاف: هذه التصورات في عمومها تحرص على صوغ روابط مع النظام السياسي بحيث يبدو أنهم لا يتجهون نحو معاداة الاختيارات السياسية لإمارة المؤمنين، فهم يخاطبون الدولة بوصفها كياناً شرعياً له امتداد في التاريخ ومشروعية دينية يتم تكييفهما مع مبان اعتقادية تنتمي لمشروع الحكم السياسي وفق وجهة نظر شيعية، ولذلك يركزون على التاريخ العلوي وعلى نسبه الشريف وانتمائه لآل البيت.
وأكد أن "شيعة المغرب لا يجادلون في شرعية إمارة المؤمنين، كما لا يجادلون في شرعية سلطة الدولة. بهذا المعنى، فبنية التفكير السياسي للحالة الشيعية (أو للجزء المهم منها على الأقل) لا تتميز عن بنية التفكير المهيمنة في الحقل السياسي، من دون أن يعني ذلك أن هذا التوصيف ينطبق على رأيهم في المسألة الدستورية التي لا تتوافر بين أيدينا وثائق يمكن اعتمادها لتحليل موقفهم منها".
رقابة لا إلغاء
وأشار الغيلاني إلى أن أكبر ثغرات الحالة الشيعية بالمغرب هي "يُتمُهَا"، لجهة عدم قدرتها على إنتاج نخبة محلية، وعدم قدرتها على تنظيم نفسها بشكل يجلب لها فوائد استراتيجية في محيط مازال يشكك في خلفياتها ونواياها وهم بذلك لا يساعدون الآخرين على فهمهم.
وأضاف المتحدث: إن كان ممكن لشيعة المغرب أن يجدوا المسوغات الدينية لجهة موضوع التقليد الذي يجعل منهم أتباعا، فإن ارتهانهم السياسي المفترض لهذا المرجع أو ذاك سيكون محدداً لمصيرهم السياسي، على الرغم من أنهم لا يظهرون ولا يعبرون عن أي طموح سياسي ضمن الشروط الحالية.
وقال الغيلاني إن "الدولة تدرك بحكم تجاربها السابقة مع الحركات الدينية والسياسية أن محاولة استئصال تيار ما تنعكس سلباً على موازين القوى، ومن ثَم تحاول الدولة الآن قياس الحجم الحقيقي لا الكمي للتيار الشيعي وتريد منه، من خلال الضغط عليه، ترويضه وتكييف مطالبه مع الحد الأدنى للسقف السياسي مادام لم يقوَ عوده بعد ولم تكبر طموحاته".
واستطرد: الدولة لا تريد أن تلغي التشيع ولكنها تريده أن يكون تحت رقابتها وجزء من قواعد لعبتها الأمنية والاستراتيجية، معزياً ذلك إلى عدة أسباب أهمها: أولاً فلسفة "إمارة المؤمنين" نفسها بالمغرب كما يتم الترويج لها، بحيث إنها إمارة ترعى مختلف أنماط التدين وتقتضي أن تشمل كل المواطنين المغاربة أياً كان دينهم، ثم ثانياً بحكم عدم تنصيص الدستور على مذهبية الدولة في المغرب، وثالثاً بحكم المواثيق الدولية التي تجرم الإكراه الديني".
http://www.alarabiya.net/articles/2009/03/19/68787.html
التديّن المحلي ساعد على استيعاب الشيعة من دون حساسيات
الرباط - حسن الأشرف
كشف باحث مغربي أن انتشار المدّ الشيعي في المغرب بدأ قبل قيام الثورة الإيرانية في عام 1979 وأن المنتمين للمذهب هناك يتبعون مرجعيات كويتية أو عراقية أكثر مما يتبعون مراجع إيرانيين، وأضاف أن التشيع المغربي لازال حالة فردية تلتقي مع ممارسات المغاربة الذين يقدرون آل البيت ويحتفون بالأضرحة، ولكنها لا تحمل حتى الآن مشروعاً مناهضاً للدولة أو للحكم السني في البلاد.
وجاءت تعليقات الباحث بعد نحو أسبوعين من توتر في العلاقات بين المغرب وإيران وصلت ذروتها بقطع الرباط علاقاتها الدبلوماسية بطهران على خلفية اتهامات بالإساءة للمغرب والسعي للنيل من المذهب السني في البلاد والتبشير بالمذهب الشيعي.
تشيّع قبل الخميني
وأكد الدكتور محمد الغيلاني أن نمط التدين في المجتمع المغربي ساعد بشكل غير مباشر في تكييف معطيات التدين الشيعي مع الواقع الاجتماعي للتدين المحلي، خاصة مع انتشار الزوايا والأضرحة والأولياء وثقافة النسب الشريف والانتماء لآل البيت. وهو ما ساعد في استيعاب التشيع من دون حساسية اجتماعية، "فالمتشيع في المغرب يمكنه أن يعيش وفق طقوسه التعبدية وسط مريدي الزاوية مثلاً، بشكل طبيعي وسلس".
وأشار إلى ان التشيع في المغرب سابق على الثورة الإسلامية في إيران، بعكس ما يعتقد بعض الباحثين الذين يحلو لهم ربط تأريخ المد الشيعي بانتصار تلك الثورة.
وقال الإخصائي في الحركات الدينية: يمكن تحليل الوجود الشيعي بالتمييز الدقيق بين مستويات التشيع واتجاهاته، فالتشيع في المغرب ليس واحداً، ولا يتسم بالانسجام والتوافق أو التطابق، لأن مصادر التشيع ليست واحدة وخلفياته متعددة ومتناقضة.
وأبرز الغيلاني أن "التشيع المغربي بهذا المعنى يعكس تناقضات الساحة الشيعية على المستوى العالمي، وهو مازال رهين تلك التناقضات والتجاذبات"، لأن التشيع السائد في المجتمع نسخة باهتة من التشيع الخارجي بحيث لايزال مجرد صدى لأنماط التنافس الحاد بين المراجع التي تقود المجتمع الشيعي عالمياً.
واستطرد بالقول: "مقابل ذلك هناك اتجاهات أخرى تحمل رغبة في التأقلم مع محيطها الاجتماعي والديني والسياسي والثقافي، بحيث نجدها تعكس خطاباً أكثر مرونة وانفتاحاً وتدافع عن انتمائها الأول، ويسعى هذا الاتجاه إلى "مغربة التشيع"، غير أنه تعوزه الإمكانات الفكرية لتحقيق ذلك، إذ يجد صعوبة في تبرير اختياراته ويعجز عن استنبات أفكاره لأن خلفيته الثقافية مستوردة ولا يملك نخباً ذات مراس فكري وخبرة سياسية، وفق ما يضيف الغيلاني.
مسألة فردية
وحول قضية طرق وطقوس الشيعة المغاربة، يرى الغيلاني أنه برغم انتشار التشيع على امتداد جغرافية المغرب، وليس فقط في شماله كما يتصور البعض، إلا أن الحديث عن طرق العيش والطقوس مازال أمراً مستبعداً؛ لأنهم لا يعيشون كجماعات ولا يمارسون وجودهم الاجتماعي كطائفة دينية.
وأفاد الباحث المتخصص في تنافس الهويات والمجتمع المدني بأن التشيع في المغرب مازال مسألة فردية إلا في ما ندر من المناسبات، كالزيارات الموسمية لضريح مؤسس دولة الأدارسة.
ويشرح: الشيعة في المغرب ليست لديهم حسينيات مثلاً، ولا يتبعون مراجع محلية، وليس لهم تصور موحد في هذا الشأن. فهم يتوزعون على مرجعيات عراقية وكويتية ولبنانية، في حين أن أضعف المرجعيات التي لها أتباع هي مرجعية الخامنئي التي نعتقد أنها تكاد لا تستقطب أتباعاً لها في المغرب، ربما بسبب الحساسية السياسية والأمنية، ولأن الإيرانيين يحرصون على مصالحهم السياسية، فيفضلون العلاقات الدبلوماسية مقابل مقلدين وأتباع، خصوصاً بعد أن تم التخلي عن استراتيجية تصدير الثورة"، على حد قول الغيلاني.
العلاقة مع الدولة
وبالنسبة لعلاقات الشيعة المغاربة مع الدولة ومكونات المجتمع المغربي، أجاب الغيلاني أنه لا يمكن بأي حال الحديث عن علاقة بين الدولة وبين الحالة الشيعية في المغرب، لكن يمكن توصيف بعض التصورات التي يتبناها جزء كبير منهم بخصوص الموقف من الدولة وإمارة المؤمنين والسياسة الدينية.
وأضاف: هذه التصورات في عمومها تحرص على صوغ روابط مع النظام السياسي بحيث يبدو أنهم لا يتجهون نحو معاداة الاختيارات السياسية لإمارة المؤمنين، فهم يخاطبون الدولة بوصفها كياناً شرعياً له امتداد في التاريخ ومشروعية دينية يتم تكييفهما مع مبان اعتقادية تنتمي لمشروع الحكم السياسي وفق وجهة نظر شيعية، ولذلك يركزون على التاريخ العلوي وعلى نسبه الشريف وانتمائه لآل البيت.
وأكد أن "شيعة المغرب لا يجادلون في شرعية إمارة المؤمنين، كما لا يجادلون في شرعية سلطة الدولة. بهذا المعنى، فبنية التفكير السياسي للحالة الشيعية (أو للجزء المهم منها على الأقل) لا تتميز عن بنية التفكير المهيمنة في الحقل السياسي، من دون أن يعني ذلك أن هذا التوصيف ينطبق على رأيهم في المسألة الدستورية التي لا تتوافر بين أيدينا وثائق يمكن اعتمادها لتحليل موقفهم منها".
رقابة لا إلغاء
وأشار الغيلاني إلى أن أكبر ثغرات الحالة الشيعية بالمغرب هي "يُتمُهَا"، لجهة عدم قدرتها على إنتاج نخبة محلية، وعدم قدرتها على تنظيم نفسها بشكل يجلب لها فوائد استراتيجية في محيط مازال يشكك في خلفياتها ونواياها وهم بذلك لا يساعدون الآخرين على فهمهم.
وأضاف المتحدث: إن كان ممكن لشيعة المغرب أن يجدوا المسوغات الدينية لجهة موضوع التقليد الذي يجعل منهم أتباعا، فإن ارتهانهم السياسي المفترض لهذا المرجع أو ذاك سيكون محدداً لمصيرهم السياسي، على الرغم من أنهم لا يظهرون ولا يعبرون عن أي طموح سياسي ضمن الشروط الحالية.
وقال الغيلاني إن "الدولة تدرك بحكم تجاربها السابقة مع الحركات الدينية والسياسية أن محاولة استئصال تيار ما تنعكس سلباً على موازين القوى، ومن ثَم تحاول الدولة الآن قياس الحجم الحقيقي لا الكمي للتيار الشيعي وتريد منه، من خلال الضغط عليه، ترويضه وتكييف مطالبه مع الحد الأدنى للسقف السياسي مادام لم يقوَ عوده بعد ولم تكبر طموحاته".
واستطرد: الدولة لا تريد أن تلغي التشيع ولكنها تريده أن يكون تحت رقابتها وجزء من قواعد لعبتها الأمنية والاستراتيجية، معزياً ذلك إلى عدة أسباب أهمها: أولاً فلسفة "إمارة المؤمنين" نفسها بالمغرب كما يتم الترويج لها، بحيث إنها إمارة ترعى مختلف أنماط التدين وتقتضي أن تشمل كل المواطنين المغاربة أياً كان دينهم، ثم ثانياً بحكم عدم تنصيص الدستور على مذهبية الدولة في المغرب، وثالثاً بحكم المواثيق الدولية التي تجرم الإكراه الديني".
http://www.alarabiya.net/articles/2009/03/19/68787.html