المهدى
08-18-2004, 06:24 AM
صالح القلاب
أخطر ما في ظاهرة «جيش المهدي» بقيادة الشيخ الشاب مقتدى الصدر أنها تتخذ الطابع المذهبي من جهة، وأنها من جهة اخرى تشكل الثغرة الاساسية للنفوذ الايراني المتعاظم في العراق. ولهذا فإن الحماس الذي أبدته وتبديه بعض القوى والاحزاب العربية، وبعض الدول وبعض الهيئات الاسلامية، سينقلب ذات يوم قـريب الى ندم وفي وقت، ربما، يصبح فيه الندم غير نافع ولا قيمة له.
لم يتوقف البعض عند تصريحات خطيرة جداً أطلقها بعض مساعدي مقتدى الصدر، عشية انفجار حرب النجف الأخيرة، ولوحوا من خلالها بإمكانية فصل بعض محافظات الجنوب عن الدولة العراقية، وهذه هي أول مرة تصدر فيها مثل هذه التصريحات الخطيرة منذ الاحتلال الأميركي للعراق في التاسع من إبريل (نيسان) عام 2003.
فهل هذه التصريحات مجرد زلة لسان «وفشة خلق» تحت ضغط التصعيد المتلاحق الذي شهدته الايام القليلة التي سبقت «حرب النجف» الاخيرة، أم أنها جاءت انعكاساً لما في العقل الباطني، إن بالنسبة لجيش المهدي والشيخ مقتدى الصدر وجماعته، وإن بالنسبة لإيران وبعض التيارات المذهبية الإيرانية المتشددة..؟!
تستدعي الإجابة عن هذا التساؤل المحقِّ والمهم العودة الى أساسيات نهج الثورة الخمينية. فعندما كان النقاش محتدماً، بعد انتصار هذه الثورة، للتعريف بهوية الدولة الجديدة، أصر المحافظون المتنفذون، في ذلك الحين، وفي هذا الحين، على النص بأن إيران دولة مسلمة على المذهب الجعفري الإثني عشري، وبذلك فإنهم أحبطوا تطلعات فئة من القيادات السياسية، غير المذهبية والقيادات الدينية غير المتـزمتة، لعدم إلصاق أي صفة مذهبية بالدولة الإيرانية لتكون دولة إسلامية جامعة، وغير مفرقة، وليشعر المسلمون كلهم بكل مذاهبهم بأنها دولتهم.
ولهذا، واستناداً الى هذا النص الذي يعكس حقيقة ما في قلوب بعض مراكز القوى الإيرانية، فقد بدأت إيران الجديدة تتعامل مع الشيعة في العراق ولبنان والبحرين والكويت، وبعض الدول العربية والاسلامية الأخرى، على انهم جاليات إيرانية، وعلى أنهم مجرد إمتداد ديموغرافي وسياسي لإيران في هذه الدول، وهذا هو سبب الكثير من المصاعب الداخلية التي واجهتها الدول المشار إليها، وبخاصة قبل ان يبرز الإتجاه الإيراني المعتدل والعقلاني بقيادة رئيس الجمهورية السيد محمد خاتمي.
لا شك في أن انتصار الثورة الخمينية في فبراير (شباط) عام 1979 قد أشعر المسلمين في كل أرجاء الأرض بالقوة والإقتدار، وأشعر الشيعة، على وجه الخصوص، بأن عصور وعهود الاستضعاف والمسكنة قد ولَّت بدون رجعة. لكن مما لا شك فيه أيضاً، ان اتخاذ بعض مراكز القوى في هذه الثورة، وفي الدول الإيرانية أيضاً الطابع المذهبي، قد وضع الأقليات الشيعية في العديد من الدول العربية في دوائر الشبهات، وأظهرها وكأنها جزر تابعة لإيران، وليس جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، الوطني والقومي والديني لهذه الدول، والتي يشكل أتباع المذهب الجعفري الإثني عشري جزءاً صميماً من شعوبها.
ولذلك فقد ساهمت دول عربية كثيرة، من التي كانت ولا تزال تخشى تمدد الثورة الخمينية والنفوذ الإيراني في اتجاهها، في إحباط تمرد الجنوب العراقي في عام 1991، رغم كرهها لنظام صدام حسين وعدائها له، وذلك لخشيتها من أن ينتهي ذلك التمرد بإقامة دولة شيعية مذهبية في هذا الجزء من العراق تكون تابعة لإيران، ورأس حربة للأطماع الإيرانية في هذه المنطقة الحساسة من العالم.
قد لا يوافق الذين لا ينطلقون من منطلقات مذهبية على هذه النظرة، لا لإيران ولا للثورة الإيرانية، لكن مقابل هؤلاء هناك كثيرون، وبينهم من هم في مواقع القرار في بلدانهم، من استبدت بهم هذه المخاوف بعد انتصار الثورة الإيرانية، ولا تزال تستبد بهم، وهؤلاء يشيرون الى ان هناك هلالاً شيعياً يبدأ طرفه الاول بالجنوب اللبناني وينتهي طرفه الآخر باليمن، حيث بدأ المذهب الجعفري الإثنا عشري بغزو المذهب الزيدي المتسامح الذي هو مذهب الأغلبية السكانية. والدليل على هذا هو حركة حسين بدرالدين الحوثي التي تشير بعض المعلومات الى أنها تحظى بمساندة بعض مراكز القوى المذهبية الإيرانية.
ويقول الذين يتوجسون خيفة من هذا الهلال الشيعي، ان هذا الهلال، الذي يبدأ بالجنوب اللبناني وينتهي بالشمال اليمني، يمر بدول عربية رئيسية ونفطية، وان أي خلل في الحسابات والتقديرات سيؤدي الى زلازل مذهبية وسياسية عنيفة في هذه المنطقة، وسيستدرح كل قوى الأرض المستبدة والطامعة الى هذه المنطقة، كما استدرج صدام حسين بغبائه وعنجهيته، وربما بارتباطات ستكشفها الأيام القادمة، الاحتلال الاميركي الى العراق. إذن، ومهما غلَّبنا حسن النوايا على سوئها، فإنه لا بد من أخذ هذه التصورات بعين الاعتبار ونحن نتابع ما يجري في العراق بصورة يومية. ولذلك وعندما يهدد بعض أنصار الشيخ مقتدى الصدر باحتمال لجوئهم الى فصل بعض محافظات الجنوب ذات الأغلبية الشيعية عن العراق، فإنه على كل الدول العربية وبخاصة المجاورة ألا تنام على أرائك من ريش النعام، وأنه عليها ألا تبقى مختطفة سياسياً وإعلامياً للمزايدين وأصحاب الأصوات المرتفعة، فالحرب أولها الكلام كما يقال، والنيران التي تأكل الأخضر واليابس تبدأ بشرارة.
لا يدافع عن الاحتلال الأميركي للعراق ولا يبرره إلا مغفل وجاهل أو مشكوك في وطنيته، لكن علينا، ونحن بصدد هذه المسألة المعقدة، والتي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، ألا نصاب بعمى الألوان وعلينا ألا نخلط بين مقاومة الاميركيين وإخراجهم من العراق في أقرب فرصة ممكنة، وبين تهيئة الظروف لإنطلاق وحش المذهبية والذي إذا إنطلق، فإننا لا نملك وقتها إلا ان نتمسك بأيدينا وأسناننا بالمحتلين وقواتهم، وذلك لأن الفتنة أشد من القتل، ولأن الاحتلال مهما طالت إقامته راحل لا محالة، أما الحرب المذهبية فإنها قد تمتد الى أضعاف أضعاف ما استغرقته الحرب العراقية ـ الإيرانية.
لقد غدا الشيخ مقتدى الصدر ومعه جيش المهدي بالطبع «باروميتر» حرارة العلاقات الإيرانية ـ الإميركية. ولهذا فإن ما يجب ألا يغيب عن البال هو تلك المقدمات التي سبقت حرب النجف الأخيرة، حيث رفع الأميركيون درجة استهدافهم لإمكانيات إيران النووية الواعدة، وحيث وصف بعض وزراء الحكومة المؤقتة طهران بأنها غدت عدو العراق الأول، فرد من البصرة ممثل مقتدى الصدر هناك بالتهديد بفصل بعض محافظات الجنوب عن الدولة العراقية، وحيث تم اختطاف القنصل الإيراني في كربلاء، وحيث، وقبل ذلك طال مسلسل التصفيات والاغتيالات عدداً من القيادات الشيعية، ومن هؤلاء عبد المجيد الخوئي ومحمد باقر الحكيم.
لا شك في أن هناك مقاومة حقيقية للإحتلال الاميركي رغم إختلاط الحابل بالنابل، ورغم إستفحال ظاهرة الزعران وعصابات الخطف والسلب والنهب والقتل. لكن وفي كل هذه الأحوال، فإن الذي من غير الممكن إنكاره هو ان الجزء الأكبر مما يجري في العراق سببه الصراع الأميركي ـ الإيراني المحتدم، وهو أن حرب النجف هي في حقيقة الأمر، حرب إيرانية ـ أميركية وان الارض العراقية، والاسباب كثيرة ومتداخلة، أصبحت ميداناً لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.
والمفارقة هنا هي أن أي إنتصار لمقتدى الصدر، والواضح انه على المدى الأقرب لن ينتصر، سيُـفهم على أنه ليس انتصاراً لإيران على الولايات المتحدة، وإنما انتصار لشيعة العراق الذين تغلب غالبيتهم، مثلهم مثل معظم الشيعة العرب في العديد من الدول العربية الأخرى، انتمائها القومي على انتمائها المذهبي، وهذا سيدفع السنة في الاتجاه المعاكس، وستصبح الحرب الأهلية المدمرة تحصيل حاصل. لا مجال، والعراق يتجه هذا الإتجاه الصعب والخطير، للاستمرار بالاستغراق في المزايدات حتى على المراجع العظمى من القيادات الروحية الشيعية مثل آية الله السيستاني وآية الله مدرسي، وحتى على العروبيين من أبناء هذه الطائفة، الذين يقدمون التـزامهم القومي على انتسابهم المذهبي. والمطلوب من عرب الالتـزام القومي البعيد عن صخب الشعارات ان يرموا بثقلهم في اتجاه حكومة إياد علاوي غير المذهبية وغير الطائفية. فهذه الحكومة هي خشبة الخلاص الوحيدة ولذلك فإن فشلها سيكون الكارثة المحققة للعراق وللمنطقة.
أخطر ما في ظاهرة «جيش المهدي» بقيادة الشيخ الشاب مقتدى الصدر أنها تتخذ الطابع المذهبي من جهة، وأنها من جهة اخرى تشكل الثغرة الاساسية للنفوذ الايراني المتعاظم في العراق. ولهذا فإن الحماس الذي أبدته وتبديه بعض القوى والاحزاب العربية، وبعض الدول وبعض الهيئات الاسلامية، سينقلب ذات يوم قـريب الى ندم وفي وقت، ربما، يصبح فيه الندم غير نافع ولا قيمة له.
لم يتوقف البعض عند تصريحات خطيرة جداً أطلقها بعض مساعدي مقتدى الصدر، عشية انفجار حرب النجف الأخيرة، ولوحوا من خلالها بإمكانية فصل بعض محافظات الجنوب عن الدولة العراقية، وهذه هي أول مرة تصدر فيها مثل هذه التصريحات الخطيرة منذ الاحتلال الأميركي للعراق في التاسع من إبريل (نيسان) عام 2003.
فهل هذه التصريحات مجرد زلة لسان «وفشة خلق» تحت ضغط التصعيد المتلاحق الذي شهدته الايام القليلة التي سبقت «حرب النجف» الاخيرة، أم أنها جاءت انعكاساً لما في العقل الباطني، إن بالنسبة لجيش المهدي والشيخ مقتدى الصدر وجماعته، وإن بالنسبة لإيران وبعض التيارات المذهبية الإيرانية المتشددة..؟!
تستدعي الإجابة عن هذا التساؤل المحقِّ والمهم العودة الى أساسيات نهج الثورة الخمينية. فعندما كان النقاش محتدماً، بعد انتصار هذه الثورة، للتعريف بهوية الدولة الجديدة، أصر المحافظون المتنفذون، في ذلك الحين، وفي هذا الحين، على النص بأن إيران دولة مسلمة على المذهب الجعفري الإثني عشري، وبذلك فإنهم أحبطوا تطلعات فئة من القيادات السياسية، غير المذهبية والقيادات الدينية غير المتـزمتة، لعدم إلصاق أي صفة مذهبية بالدولة الإيرانية لتكون دولة إسلامية جامعة، وغير مفرقة، وليشعر المسلمون كلهم بكل مذاهبهم بأنها دولتهم.
ولهذا، واستناداً الى هذا النص الذي يعكس حقيقة ما في قلوب بعض مراكز القوى الإيرانية، فقد بدأت إيران الجديدة تتعامل مع الشيعة في العراق ولبنان والبحرين والكويت، وبعض الدول العربية والاسلامية الأخرى، على انهم جاليات إيرانية، وعلى أنهم مجرد إمتداد ديموغرافي وسياسي لإيران في هذه الدول، وهذا هو سبب الكثير من المصاعب الداخلية التي واجهتها الدول المشار إليها، وبخاصة قبل ان يبرز الإتجاه الإيراني المعتدل والعقلاني بقيادة رئيس الجمهورية السيد محمد خاتمي.
لا شك في أن انتصار الثورة الخمينية في فبراير (شباط) عام 1979 قد أشعر المسلمين في كل أرجاء الأرض بالقوة والإقتدار، وأشعر الشيعة، على وجه الخصوص، بأن عصور وعهود الاستضعاف والمسكنة قد ولَّت بدون رجعة. لكن مما لا شك فيه أيضاً، ان اتخاذ بعض مراكز القوى في هذه الثورة، وفي الدول الإيرانية أيضاً الطابع المذهبي، قد وضع الأقليات الشيعية في العديد من الدول العربية في دوائر الشبهات، وأظهرها وكأنها جزر تابعة لإيران، وليس جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، الوطني والقومي والديني لهذه الدول، والتي يشكل أتباع المذهب الجعفري الإثني عشري جزءاً صميماً من شعوبها.
ولذلك فقد ساهمت دول عربية كثيرة، من التي كانت ولا تزال تخشى تمدد الثورة الخمينية والنفوذ الإيراني في اتجاهها، في إحباط تمرد الجنوب العراقي في عام 1991، رغم كرهها لنظام صدام حسين وعدائها له، وذلك لخشيتها من أن ينتهي ذلك التمرد بإقامة دولة شيعية مذهبية في هذا الجزء من العراق تكون تابعة لإيران، ورأس حربة للأطماع الإيرانية في هذه المنطقة الحساسة من العالم.
قد لا يوافق الذين لا ينطلقون من منطلقات مذهبية على هذه النظرة، لا لإيران ولا للثورة الإيرانية، لكن مقابل هؤلاء هناك كثيرون، وبينهم من هم في مواقع القرار في بلدانهم، من استبدت بهم هذه المخاوف بعد انتصار الثورة الإيرانية، ولا تزال تستبد بهم، وهؤلاء يشيرون الى ان هناك هلالاً شيعياً يبدأ طرفه الاول بالجنوب اللبناني وينتهي طرفه الآخر باليمن، حيث بدأ المذهب الجعفري الإثنا عشري بغزو المذهب الزيدي المتسامح الذي هو مذهب الأغلبية السكانية. والدليل على هذا هو حركة حسين بدرالدين الحوثي التي تشير بعض المعلومات الى أنها تحظى بمساندة بعض مراكز القوى المذهبية الإيرانية.
ويقول الذين يتوجسون خيفة من هذا الهلال الشيعي، ان هذا الهلال، الذي يبدأ بالجنوب اللبناني وينتهي بالشمال اليمني، يمر بدول عربية رئيسية ونفطية، وان أي خلل في الحسابات والتقديرات سيؤدي الى زلازل مذهبية وسياسية عنيفة في هذه المنطقة، وسيستدرح كل قوى الأرض المستبدة والطامعة الى هذه المنطقة، كما استدرج صدام حسين بغبائه وعنجهيته، وربما بارتباطات ستكشفها الأيام القادمة، الاحتلال الاميركي الى العراق. إذن، ومهما غلَّبنا حسن النوايا على سوئها، فإنه لا بد من أخذ هذه التصورات بعين الاعتبار ونحن نتابع ما يجري في العراق بصورة يومية. ولذلك وعندما يهدد بعض أنصار الشيخ مقتدى الصدر باحتمال لجوئهم الى فصل بعض محافظات الجنوب ذات الأغلبية الشيعية عن العراق، فإنه على كل الدول العربية وبخاصة المجاورة ألا تنام على أرائك من ريش النعام، وأنه عليها ألا تبقى مختطفة سياسياً وإعلامياً للمزايدين وأصحاب الأصوات المرتفعة، فالحرب أولها الكلام كما يقال، والنيران التي تأكل الأخضر واليابس تبدأ بشرارة.
لا يدافع عن الاحتلال الأميركي للعراق ولا يبرره إلا مغفل وجاهل أو مشكوك في وطنيته، لكن علينا، ونحن بصدد هذه المسألة المعقدة، والتي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، ألا نصاب بعمى الألوان وعلينا ألا نخلط بين مقاومة الاميركيين وإخراجهم من العراق في أقرب فرصة ممكنة، وبين تهيئة الظروف لإنطلاق وحش المذهبية والذي إذا إنطلق، فإننا لا نملك وقتها إلا ان نتمسك بأيدينا وأسناننا بالمحتلين وقواتهم، وذلك لأن الفتنة أشد من القتل، ولأن الاحتلال مهما طالت إقامته راحل لا محالة، أما الحرب المذهبية فإنها قد تمتد الى أضعاف أضعاف ما استغرقته الحرب العراقية ـ الإيرانية.
لقد غدا الشيخ مقتدى الصدر ومعه جيش المهدي بالطبع «باروميتر» حرارة العلاقات الإيرانية ـ الإميركية. ولهذا فإن ما يجب ألا يغيب عن البال هو تلك المقدمات التي سبقت حرب النجف الأخيرة، حيث رفع الأميركيون درجة استهدافهم لإمكانيات إيران النووية الواعدة، وحيث وصف بعض وزراء الحكومة المؤقتة طهران بأنها غدت عدو العراق الأول، فرد من البصرة ممثل مقتدى الصدر هناك بالتهديد بفصل بعض محافظات الجنوب عن الدولة العراقية، وحيث تم اختطاف القنصل الإيراني في كربلاء، وحيث، وقبل ذلك طال مسلسل التصفيات والاغتيالات عدداً من القيادات الشيعية، ومن هؤلاء عبد المجيد الخوئي ومحمد باقر الحكيم.
لا شك في أن هناك مقاومة حقيقية للإحتلال الاميركي رغم إختلاط الحابل بالنابل، ورغم إستفحال ظاهرة الزعران وعصابات الخطف والسلب والنهب والقتل. لكن وفي كل هذه الأحوال، فإن الذي من غير الممكن إنكاره هو ان الجزء الأكبر مما يجري في العراق سببه الصراع الأميركي ـ الإيراني المحتدم، وهو أن حرب النجف هي في حقيقة الأمر، حرب إيرانية ـ أميركية وان الارض العراقية، والاسباب كثيرة ومتداخلة، أصبحت ميداناً لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.
والمفارقة هنا هي أن أي إنتصار لمقتدى الصدر، والواضح انه على المدى الأقرب لن ينتصر، سيُـفهم على أنه ليس انتصاراً لإيران على الولايات المتحدة، وإنما انتصار لشيعة العراق الذين تغلب غالبيتهم، مثلهم مثل معظم الشيعة العرب في العديد من الدول العربية الأخرى، انتمائها القومي على انتمائها المذهبي، وهذا سيدفع السنة في الاتجاه المعاكس، وستصبح الحرب الأهلية المدمرة تحصيل حاصل. لا مجال، والعراق يتجه هذا الإتجاه الصعب والخطير، للاستمرار بالاستغراق في المزايدات حتى على المراجع العظمى من القيادات الروحية الشيعية مثل آية الله السيستاني وآية الله مدرسي، وحتى على العروبيين من أبناء هذه الطائفة، الذين يقدمون التـزامهم القومي على انتسابهم المذهبي. والمطلوب من عرب الالتـزام القومي البعيد عن صخب الشعارات ان يرموا بثقلهم في اتجاه حكومة إياد علاوي غير المذهبية وغير الطائفية. فهذه الحكومة هي خشبة الخلاص الوحيدة ولذلك فإن فشلها سيكون الكارثة المحققة للعراق وللمنطقة.